أجلي مئات الأشخاص وأوقف العمل في محطة لتوليد الطاقة الكهربائية جنوب غربي ألمانيا، من جراء فيضانات وأمطار غزيرة، حسبما أعلنت السلطات ووسائل إعلام ليل الجمعة.
وارتفع منسوب الفيضانات بشكل سريع في ولاية زارلاند الحدودية مع فرنسا، حيث تواجه مقاطعة موسيل بدورها فيضانات بعد تساقط أمطار غزيرة.
ودعا مكتب الدفاع المدني في زارلاند السكان الى أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر وتفادي النزول الى أقبية المنازل، خصوصا بعد انهيار جزء من حاجز مائي في بلدة كفيرشيد.
ووفق صحيفة “بيلد” الألمانية، أدى هذا الانهيار الى وقف العمل بمحطة لإنتاج الطاقة الكهربائية في المنطقة.
وتحدثت الصحيفة واسعة الانتشار عن “فيضانات لم يشهد لها مثيل خلال قرن”، مع استمرار ارتفاع منسوب المياه.
ومن المتوقع أن يتفقد المستشار الألماني أولاف شولتس المنطقة، السبت.
وفي ولاية راينلاند بالاتينات المجاورة حيث يجري أيضا نهر زار، دعا عناصر الإطفاء نحو 200 من سكان بلدة شودن الى مغادرة منازلهم في ظل ارتفاع منسوب المياه، على أن يتم توفير مأوى مؤقت لهم في قاعة للتمارين الرياضية.
وتدخل هؤلاء العناصر في عدد من بلدات جنوب غرب ألمانيا لإجلاء السكان، تحسبا لوقوع انزلاقات أرضية بسبب الكمية الضخمة من المياه.
وأصدرت هيئة الأرصاد المناخية تحذيرا من فيضانات “هائلة” في مناطق جنوب غرب البلاد، لا سيما ولايات زارلاند، وجزء من بادن فورتمبرغ، وراينلاند بالاتينات، وهسن، وشمال الراين فستفاليا.
ودعت بلدية مدينة زاربروك، عاصمة ولاية زارلاند، السكان إلى البقاء في منازلهم، وحذرت من احتمال حصول انقطاعات في التيار الكهربائي، كما تم تعليق حركة السير على إحدى الطرق السريعة، بينما استنفر مئات من رجال الاطفاء لمساعدة المتضررين.
وفي فرنسا، أصدرت السلطات أعلى مستوى من الإنذار من خطر الأمطار والفيضانات في موسيل، وتدخل رجاء الإطفاء لمساعدة المئات في مناطق ارتفع منسوب المياه في بعضها إلى 40 سنتيمترا.
وعبر منصة “إكس”، دعا جيرالد دارمانان وزير الداخلية السكان لاتخاذ “أقصى درجات الحذر واحترام تعليمات السلطات”، التي طلبت منهم البقاء في منازلهم.
ووفق بيان لدائرة الإطفاء والإسعاف، طالت الفيضانات والأمطار الغزيرة “ما يناهز 117 بلدية” في المنطقة.
فيضانات تاريخية في البرازيل
ستكلف الأمطار الغزيرة التي هطلت على جنوب البرازيل القطاع الزراعي، محرك الاقتصاد المحلي والوطني، ثمنا باهظا، وهو المتأثر أصلا بأحوال جوية قصوى ساهمت في غرق الحقول والآلات الزراعية وقطع الطرقات وتعذر الوصول إلى مزارع المواشي والمستودعات.
تستمد البرازيل، العملاق الزراعي، قوتها بشكل خاص من فول الصويا بوصفها أكبر منتج ومصدر له في العالم. وتعتبر ولاية ريو غراندي دو سول التي ضربتها فيضانات تاريخية الأسبوع الماضي، إحدى المناطق البرازيلية الرئيسية التي تنتج هذه البذور الزيتية الأساسية للماشية.
وصرح لويز فرناندو غوتيريز المحلل في مؤسسة سافراس إي ميركادو لوكالة فرانس برس إن ريو غراندي دو سول كانت تراهن هذا العام على حصاد قياسي يزيد على 22 مليون طن من فول الصويا، لكن سوء الأحوال الجوية قد يؤثر على ما يصل إلى خمسة ملايين طن من البذور.
وحذر من أنه قبل هطول الأمطار “كان لا يزال يتعين حصاد ربع حقول فول الصويا” و”سيتعفن جزء من المحاصيل وستكون غلال الجزء الآخر أقل مما كان متوقعا”. واضاف “من المحتمل أيضا أن تكون مناطق التخزين قد تضررت”.
وإذا كانت البرازيل تأمل في الحفاظ على تصنيفها العالمي لفول الصويا هذا الموسم، يتوقع أن تساهم الفيضانات في خفض نتائجها. وهو تراجع في الأداء مقارنة بعام 2023 بسبب الأمطار الغزيرة السابقة في جنوب البلاد وأيضا بسبب الجفاف في الغرب الوسط مطلع العام.
يعد الأرز جزءا أساسيا من أطباق البرازيليين وهي زراعة تثير أيضا القلق. تعد ريو غراندي دو سول المنطقة الإنتاجية الرائدة في البلاد، مع إنتاج 6.9 ملايين طن العام الماضي.
وكان يفترض حصاد حوالي 15 بالمئة من المحاصيل قبل الكارثة، وفقا للمعهد الإقليمي للمساعدة الفنية والإرشاد الريفي “إيماتر”.
ولمعالجة أي نقص ولمكافحة المضاربة على الأسعار، أعلنت برازيليا استيراد الأرز الأجنبي.
“مستوى غير مسبوق”
من منزله الواقع على تلة في نوفا سانتا ريتا في منطقة بورتو أليغري يراقب نيلفو بوسا رئيس تعاونية صغار المزارعين، حجم الأضرار عاجزا.
قال “ليس لدينا أي وسيلة للوصول إلى حقولنا التي باتت تحت أربعة أو خمسة أمتار من المياه”. وتابع “خلال عام واجهنا جفافا وثلاثة فيضانات منها هذه الفيضانات التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق”.
وتشهد مدينة ريو غراندي دو سول اضطرابات في مصانع معالجة اللحوم. وأعلنت جمعية البروتين الحيواني البرازيلية أن معظم المواقع العشرة المتضررة استأنفت أنشطتها جزئيا أو كليا، باستثناء موقعين.
تؤمن المنطقة 11 بالمئة من إنتاج لحوم الدجاج البرازيلية ونحو 20 بالمئة من إنتاج لحوم الخنزير، وهي أغذية تعد البرازيل المصدر الأول والرابع لها في العالم.
يقول جيديو بيريرا رئيس الاتحاد الزراعي الإقليمي “لاستعادة عافية القطاع (الزراعي) نحتاج إلى صندوق ضمان تدعمه الحكومة”.
بحسب الخبراء فإن هذه الأمطار الغزيرة على غرار غيرها من الظروف المناخية القصوى التي تعاقبت في الأشهر الأخيرة في البرازيل، سببها ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض يضاف إليها منذ العام الماضي تأثير ظاهرة ال نينيو الجوية الطبيعية.
ويرى المهندس الزراعي إدواردو أسد أن البرازيل “ستبدأ بتكبد خسائر فادحة في المحاصيل” وقد يتعرض إنتاجها “للخطر” إذا لم يتخذ القطاع التدابير اللازمة من خلال حماية أفضل للتربة والتنوع البيولوجي.
وفقا للتقرير الذي نشره العام الماضي “ماب بيوماس” الكونسورسيوم الذي يضم منظمات غير حكومية وجامعات برازيلية، كانت الأنشطة الزراعية العامل الرئيسي لإزالة الغابات في البرازيل في عام 2022 بنسبة 95.7 بالمئة.
يمكن لحكومة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن تفاخر بأنها خفضت بشكل كبير إزالة الغابات العام الماضي في الأمازون، أكبر غابة استوائية في العالم تلعب دورا حيويا في مكافحة تغير المناخ من خلال امتصاص انبعاثات الكربون.
أكثر من ذلك يجب جعل النموذج الزراعي البرازيلي أكثر استدامة وتطوير تقنيات للتكيف مع ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض عالميا.
وتقول باولا باكر مديرة وكالة البحوث الزراعية العامة “استثمرنا الكثير في أنظمة تكامل المحاصيل والماشية والغابات والنهوض بالمراعي المتدهورة واستخدام المدخلات الحيوية والزراعة بدون حرث”.
وتتدارك “لكن القطاع محافظ للغاية وما زال هناك الكثير يتعين القيام به”.
فيضانات البرازيل تقتل أكثر من 29 شخصا