تسببت الاحتجاجات المرتبطة بحرب غزة في الجامعات الأميريكة في ردود فعل متفاوتة من رؤساء الجامعات وأعضاء هيئات التدريس والطلبة، ما أحدث اضطرابا داخل الجامعات وانقساما لدى الرأي العام الأميريكي.
وبحسب ما نشرت رويترز فإن عناصر كثيرة تؤثر في المشهد إلا أن أبرز اللاعبين الرئيسيين في تلك الاحتجاجات المستمرة حتى الآن هم:
المجموعات الطلابية
“نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا”
الاحتجاجات في جامعة كولومبيا نظمتها مجموعة “نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا” والتي تصف نفسها بأنها تحالف يضم أكثر من 100 مجموعة طلابية.
تأسست هذه المجموعة في عام 2016 وسعت دون جدوى إلى إنهاء استثمارات جامعة كولومبيا في شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تدعم احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
قام هؤلاء الطلبة، ومنهم يهود ومسلمون وفلسطينيون، “بإعادة تنشيط” التحالف ومطالباته بسحب الاستثمارات بعد أحداث السابع من أكتوبر ورد إسرائيل العنيف في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
وأقام طلاب المجموعة الصلوات الإسلامية واليهودية في المخيم، وألقى بعضهم خطابات تندد بإسرائيل والصهيونية وتشيد بالمقاومة الفلسطينية المسلحة.
والمفاوض الرئيسي لتحالف “نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا”، محمود خليل، وهو طالب دراسات عليا فلسطيني في السنة الثانية بكلية كولومبيا للشؤون الدولية والعامة، ورغم أنه يتوقف في كثير من الأحيان للتحدث إلى الناس في المخيم الاحتجاجي وإلى الصحفيين، إلا أنه لا يقيم داخل المخيم.
“طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام”
ومن بين المجموعات الطلابية الرائدة في هذا التحالف فرعا مجموعتي “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام” في جامعة كولومبيا.
تأسست المجموعتان المناهضتان للصهيونية والاحتلال العسكري الإسرائيلي قبل عقدين من الزمن ولهما فروع بأنحاء الولايات المتحدة شكلت العنصر الرئيسي في تنظيم احتجاجات بالجامعات الأخرى.
وأوقفت جامعة كولومبيا المجموعتين في نوفمبر قائلة إنهما ساعدتا في تنظيم احتجاج ينتهك قواعد إقامة الفعاليات الجامعية.
ويقاضي الطلبة، بمساعدة اتحاد الحريات المدنية في نيويورك غير الربحي، إدارة الجامعة قائلين إن الجامعة لم تلتزم باتخاذ إجراءاتها التأديبية وإن العقوبة غير متناسبة.
نعمت مينوش شفيق
تتولى أستاذة الشؤون الدولية والعامة رئاسة جامعة كولومبيا منذ يوليو الماضي وهي من أصل مصري.
وتلقت نعمت استدعاء للإدلاء بشهادتها أمام لجنة التعليم والقوى العاملة في مجلس النواب الأميريكي حول مزاعم معاداة السامية في الحرم الجامعي في 17 أبريل.
وقالت للمشرعين: “من المحزن أن يتصرف البعض في مجتمعنا بطريقة لا تتفق مع قيمنا”.
وفي اليوم التالي سمحت نعمت مينوش شفيق، لشرطة نيويورك بدخول الحرم الجامعي لإخلاء مخيم الاحتجاج.
وتقدمت مجموعة أمريكية مؤيدة للفلسطينيين بشكوى تتعلق بالحقوق المدنية ضد الجامعة بسبب تصرفاتها.
لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب
عقدت اللجنة ولجان فرعية أخرى بالمجلس ما لا يقل عن أربع جلسات فضلا عن أنشطة أخرى ركزت على النشاط الطلابي الناشئ من الصراع في غزة، لعبت خلالها النائبة الجمهورية البارزة إليز ستيفانيك دورا رئيسيا.
واستقالت كلودين جاي من منصب رئيس جامعة هارفارد، وليز ماجيل، من منصب رئيس جامعة بنسلفانيا بعد تعرضهما لانتقادات بسبب شهادتهما أواخر العام الماضي أمام اللجنة.
وامتنعتا عن الإجابة “بنعم” أو “لا” عن سؤال من ستيفانيك حولما إذا كانت الدعوة إلى الإبادة الجماعية لليهود تنتهك قواعد السلوك المتعلقة بالتنمر والتحرش في جامعتيهما، وقالتا إنه يتعين عليهما الموازنة بين ذلك وبين حماية حرية التعبير.
ورافقت رئيسة لجنة التعليم والقوى العاملة فيرجينيا فوكس رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، في زيارة لجامعة كولومبيا في 24 أبريل، وقالت في تصريحات لها بالحرم الجامعي “جامعة كولومبيا فيحالة سقوط حر”.
أسنا تبسُّم
اختارت جامعة جنوب كاليفورنيا أسنا تبسُّم، وهي طالبة بالهندسة الطبية الحيوية ولديها تخصص ثانوي في مقاومة الإبادة الجماعية، لتكون الطالبة المتفوقة التي تلقي الخطاب التقليدي في حفل التخرج.
وكانت تبسُّم، وهي مسلمة من عائلة جنوب آسيوية، قد نشرت رابط الصفحة مؤيدة للفلسطينيين على حسابها على إنستجرام.
وأعلنت الجامعة في 15 أبريل نيسان أنها لن تسمح لها بإلقاء الخطاب مشيرة إلى مخاطر أمنية.
وقالت تبسّم في بيان: “أصابني هذا القرار بصدمة وخيبة أمل شديدتين لأن الجامعة تخضع لحملة كراهية تهدف إلى إسكات صوتي”.
وأعلنت جامعة جنوب كاليفورنيا في 25 أبريل أنها قررت بشكل نهائي إلغاء حفل التخرج الرئيسي بعد احتجاجات للطلبة داخل الحرم الجامعي.
كيف تتعامل أميركا مع أحداث الجامعات؟
تسعى السلطات الأميركية إلى احتواء الاحتجاجات التي اندلعت في عدد من الجامعات الأميركية، سواء كان ذلك بالتفاوض مع الطلاب المتظاهرين أو باللجوء إلى الشرطة.
وواصل طلاب يحتشدون في مخيم بجامعة كولومبيا، ألهموا موجة من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد، اعتصامهم لليوم العاشر، الجمعة، بينما يتصارع الإداريون والشرطة في حرم الجامعات، من كاليفورنيا إلى كونيتيكت، مع كيفية التعامل مع الاحتجاجات التي شهدت مشاجرات مع الشرطة واعتقال المئات.
ويتفاوض المسؤولون في كولومبيا وبعض الجامعات الأخرى مع الطلاب المتظاهرين الذين رفضوا الشرطة وضاعفوا احتجاجاتهم.
وبعد نصب خيمة يوم الخميس في جامعة إنديانا بلومنغتون، اقتحمت الشرطة بالدروع والهراوات المتظاهرين واعتقلت 33 شخصا، وبعد ساعات في جامعة كونيتيكت مزقت الشرطة خياما واعتقلت شخصا واحدا.
وتدق الساعة مع اقتراب احتفالات التخرج في شهر مايو، مما يزيد الضغط على الجامعات لإخلاء المظاهرات، ففي كولومبيا أقام المتظاهرون بتحد معسكرا من الخيام، حيث من المقرر أن يتخرج الكثيرون أمام عائلاتهم في غضون أسابيع.
وقال مسؤولون في جامعة كولومبيا إن المفاوضات أظهرت تقدما مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الجامعة في وقت مبكر، الجمعة، للتوصل إلى اتفاق بشأن تفكيك المخيم.
ومع ذلك، كانت هناك حافلتان للشرطة متوقفتين في مكان قريب، مع تواجد ملحوظ لقوات الأمن الخاصة والشرطة عند مداخل الحرم الجامعي.
وقال المتحدث باسم جامعة كولومبيا بن تشانغ: “لدينا مطالبنا ولديهم مطالبهم”، مضيفا أنه “إذا فشلت المحادثات فسيتعين على الجامعة أن تفكر في خيارات أخرى”.
وتجري جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية (هومبولت) مفاوضات مع طلاب متحصنين داخل مبنى الحرم الجامعي منذ يوم الإثنين، رفضوا محاولة الشرطة إخراجهم.
والتقى أعضاء هيئة التدريس مع المتظاهرين يوم الخميس لمحاولة التفاوض على حل، بينما يظل الحرم الجامعي مغلقا على الأقل خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ويطالب المتظاهرون، الذين يقيمون مخيمات في الجامعات في أنحاء البلاد، الجامعات بقطع العلاقات المالية مع إسرائيل وسحب استثماراتها من الشركات التي يقولون إنها تساعد في الصراع.
ويقول بعض الطلاب اليهود إن الاحتجاجات انحرفت إلى “معاداة السامية”، وجعلتهم خائفين من دخول الحرم الجامعي، الأمر الذي أدى جزئيا إلى دعوات لتدخل الشرطة.
واقترح جيف كرين عميد جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية خلال الاجتماع مع المتظاهرين، أن تشكل الجامعة لجنة تضم طلابا للتفاوض مع المحتجين، وأن يواصل أعضاء هيئة التدريس والطلاب الاجتماع كل 24 ساعة للحفاظ على خط اتصال مفتوح، بينما لم يعلن الجانبان بعد عن اتفاق.
وعلى الطرف الآخر من الولاية، أعلنت جامعة جنوب كاليفورنيا إلغاء حفل تخرج الجامعة المقرر في 10 مايو، بعد يوم من اعتقال أكثر من 90 متظاهرا في الحرم الجامعي.
وقالت الجامعة إنها ستظل تستضيف العشرات من فعاليات التخرج، بما في ذلك جميع احتفالات التخرج الفردية التقليدية.
وكانت التوترات مرتفعة بالفعل بعد أن ألغت جامعة جنوب كاليفورنيا خطاب التخرج الذي كان من المقرر أن تلقيه طالبة متفوقة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعة، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
وفي جامعة ” سيتي كوليدج أوف نيويورك” الخميس، هتف بقوة مئات الطلاب الذين تجمعوا في حديقة أسفل المباني القوطية الشهيرة في حرم هارلم الجامعي، بعد انسحاب فرقة صغيرة من ضباط الشرطة من المكان. وفي أحد أركان الساحة تم إجراء “تدريب أمني” بين الطلاب.
بسبب دعمه لفلسطين | اعتقال الروائي العراقي “سنان أنطون”