أعلنت الصين دخولها سباق زرع شرائح في أدمغة البشر لتنافس شركة “نيورالينك” التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسك.

وكشفت بكين عن جدول زمني لتطوير ما أطلقت عليه اسم مشروع “واجهة الدماغ والكمبيوتر”، والذي يهدف إلى إطلاق منتجات تتمحور حول هذه الشرائح الدماغية في وقت مبكر من عام 2025، وفق البيان الصحفي الصادر عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الأسبوع الماضي.

ونقلت صحيفة “ذا صن” تقريرا لموقع “غيزمودو” التقني، أورد بيان الوزارة الصينية والتي قالت إن بكين تسعى في السنوات القادمة لتطوير مجموعة من منتجات “واجهة الدماغ والكمبيوتر” مثل “نيورالينك”.

وأضافت الوزارة: “تهدف الصين إلى تحقيق اختراقات في التقنيات مثل دمج الدماغ والكمبيوتر، والرقائق الشبيهة بالدماغ، والنماذج العصبية الحاسوبية للدماغ”.

وفي العام الماضي، افتتحت الحكومة الصينية مختبرا يضم 60 شخصا يركز بالكامل على واجهات الدماغ والكمبيوتر، وفقا لتقرير “غيزمودو”.

وقدمت جامعة “تيانجين” بالتعاون مع شركة إلكترونيات صينية في عام 2019، شريحة أطلق عليها اسم “براين تاكر”، بمقدورها فك تشفير الإشارات العصبية لتطبيقات مختلفة، مثل التكنولوجيا المساعدة والأطراف الاصطناعية العصبية.

وكان ماسك قد قال أواخر الشهر الماضي إن أول مريض من البشر خضع لزراعة شريحة دماغية من التي تنتجها “نيورالينك”، وإنه يتعافى بشكل جيد.

وأضاف في منشور على منصة التواصل الاجتماعي (إكس): “تظهر النتائج الأولية رصد زيادة الخلايا العصبية على نحو واعد”.

ويصف المعهد الوطني للصحة الخلايا العصبية بأنها خلايا تستخدم الإشارات الكهربائية والكيميائية لإرسال المعلومات عبر الدماغ وإلى الجسم.

وكانت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية قد منحت “نيورالينك” العام الماضي تصريحا لإجراء أول تجربة لها لاختبار زرع الشريحة في دماغ إنسان.

وأفادت “نيورالينك” على موقعها الإلكتروني بأن الشريحة ستمكّن الأشخاص المصابين بالشلل الرباعي من التحكم في الأجهزة بتفكيرهم.

شريحة ماسك.. بين الأمل بـ”إنسان خارق” والمخاوف المتعددة

ماسك
ماسك

دخلت البشرية مرحلة مع التكنولوجيا، بإعلان إيلون ماسك مؤسس شركة “نيورالينك”، خضوع أول مريض لزراعة شريحة دماغية تنتجها شركته الناشئة، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن ما إن كان ذلك يمثل بداية لمساعدة ملايين المرضى حول العالم، أو كونها تمثل “كابوسا” يُهدد الإنسانية.

وسبق أن منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية شركة إيلون ماسك الناشئة موافقة في سبتمبر الماضي لإجراء أول تجربة لزرعها في البشر، لعلاج حالات طبية معينة مثل الشلل والعمى.

ومن أجل تحقيق هدف ربط الدماغ البشري بالذكاء الاصطناعي، أسس ماسك شركة “نيورالينك” عام 2016، والتي تسعى بالأساس إلى إنتاج واجهات عصبية، يمكن زرعها داخل المخ، بحيث تمكنه من الاتصال مع أجهزة الكمبيوتر.

وفي نهاية 2022، سوّق الملياردير الأميركي أن شركته باتت على بعد أشهر قليلة من حصولها على الموافقة لبدء زرع شرائحها في أدمغة البشر لأهداف طبية، قبل أن ترفض إدارة الغذاء والدواء الأميركية الفكرة في بادئ الأمر، واضعة شروطا صعبة لتقبل المضي قدما في التجارب.

وأرجعت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أسباب رفضها للتجربة سابقا لوجود مخاوف تتضمن خطورة بطارية الليثيوم المدمجة، حيث شددت على ضرورة إجراء اختبارات على الحيوانات لإثبات أن البطارية غير معرضة للعطل، ولا يمكن أن تلحق ضررا بأنسجة الدماغ، قبل أن توافق في نهاية المطاف.

وتمثل تلك الشرائح نشاط الخلايا العصبية، والتي يصفها المعهد الوطني للصحة، بأنها خلايا تستخدم الإشارات الكهربائية والكيميائية لإرسال المعلومات عبر الدماغ وإلى الجسم.

وتقول “نيورالينك” إنها ترمي، من خلال الشريحة والتقنية التي تعمل عليها، إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الشلل، من أجل استعادة الحركة في أفضل الأحوال أو التحكم بالكمبيوترات والهواتف المحمولة للعيش باستقلالية.

وواجهت “نيورالينك” دعوات للتدقيق فيما يتعلق ببروتوكولات السلامة الخاصة بها، وكان أربعة مشرعين قد طلبوا في أواخر نوفمبر من لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية التحقيق فيما إذا كان ماسك قد ضلل المستثمرين بشأن سلامة تقنية الشركة بعد أن أظهرت السجلات البيطرية مشكلات في عمليات زرع الشريحة في أدمغة القرود منها الشلل وتورم الدماغ.

ويرى ماسك أن الهدف الاستراتيجي هو الوصول يوما ما إلى علاج اضطرابات الدماغ من خلال الرقاقات، بالإضافة لجروح الدماغ والحبل الشوكي، والتمكن من إعادة البصر إلى الأشخاص حتى ولو ولدوا وهم فاقدين له.

ويأمل ماسك الذي عبّر عن ثقته بالتقنية الثورية بالقول إنه مستعد لزرعها في أطفاله، أن يتنامى دور الشريحة الإلكترونية ليستخدم لدى الأصحاء أيضا، وتساهم في علاج السمنة والتوحد والاكتئاب.

علامة فارقة

اعتبرت أستاذة الأجهزة الطبية النشطة القابلة للزرع في مستشفى كينغز كوليدج بلندن، آن فانهويستنبرغ، أن الإعلان عن نجاح خضوع أول مريض لزراعة شريحة دماغية تمثل “علامة فارقة” نحو الهدف الذي حدده ماسك في بادئ الأمر.

وأضافت في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “بالنسبة لمجتمع الدماغ والكمبيوتر، يجب أن نضع هذا الخبر في سياق أنه في حين أن هناك العديد من الشركات التي تعمل على منتجات مثيرة، لا يوجد سوى عدد قليل من الشركات الأخرى التي زرعت أجهزتها في البشر”.

وتابعت حديثها قائلة: “أتوقع أن ترغب نيورالينك في منح المشارك بالتجربة وقتا للتعافي قبل أن يقوموا بتدريب نظامهم مع المريض الأول. نحن نعلم أن ماسك بارع جدا في الدعاية لشركته، لذلك قد نتوقع إعلانات بمجرد أن تبدأ الاختبار، على الرغم من أن النجاح الحقيقي يجب تقييمه على المدى الطويل، من خلال مدى استقرار الشريحة بمرور الوقت، ومدى استفادة المريض منها”.

المخاوف موجودة

ألان مكاي، الزميل في كلية الحقوق بجامعة سيدني الذي يدرس القضايا الأخلاقية المتعلقة بالتكنولوجيات الناشئة، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هناك أمرا يجب أخذه في الاعتبار، وهو أنه نظرا لأن ماسك مستثمر رفيع المستوى عالميا، فإن شركته الخاصة لدمج الدماغ بالكمبيوتر تجتذب الكثير من الاهتمام، ومع ذلك، فهناك شركات أخرى تسير على الطريق الصحيح للحصول على الموافقة التنظيمية لتجاربها مثل “سينكرون” التابعة لجامعة ملبورن بأستراليا.

وأوضح مكاي أن التقنيات العصبية تثير الكثير من المخاوف، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتهديدات التي تتعلق بالخصوصية والاستخدام المحتمل للأجهزة العصبية للتلاعب بالأشخاص، والقرصنة وغيرها.

وفي السياق العلاجي، تحتاج الأجهزة التكنولوجية العصبية إلى موافقة الجهة التنظيمية ذات الصلة، بحسب مكاي، الذي قال إنه “على سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأميركية، فإن الجهة التنظيمية ذات الصلة هي إدارة الغذاء والدواء. وفي حين أن الأساليب التكنولوجية العصبية لعلاج مرض باركنسون كانت موجودة منذ بعض الوقت، فإن قائمة الحالات التي يوجد الآن تدخل تقني عصبي لها أصبحت أطول”.

وأشار إلى أنه إذا قدمت التكنولوجيا العصبية علاجا فعالا لهذه الحالات وغيرها، فيمكنها بالفعل تخفيف الكثير من المعاناة الإنسانية، وقد لا يعتمد مدى هذا على العلم فحسب، بل على القرارات السياسية حول ما إذا كانت الدولة ستتحمل تكاليف التكنولوجيا العصبية لأولئك الذين لا يستطيعون دفع ثمنها بأنفسهم.

وشدد على أن “ظهور التقنيات العصبية يطرح تحديات فيما يتعلق بكيفية تنظيم استخدام بيانات الدماغ، وهناك حاليا نقاش جارٍ بين الأكاديميين والهيئات الدولية وبعض الهيئات التشريعية الوطنية حول كيفية مواجهة تحديات التكنولوجيا العصبية بما في ذلك تلك المتعلقة بالخصوصية والبيانات”.

المدخنون أكثر عرضة للإصابة بمرض عصبي خطير

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد