أظهرت استطلاعات وأبحاث حديثة تراجع عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينشرون بصفة مستمرة على حساباتهم.

مراقبة بدون نشر

قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إن مليارات الأشخاص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، لكن عددا كبيرا منهم بات ينشر بشكل أقل ويفضل “تجربة أكثر سلبية”، مما يجعلهم في وضع “مراقبة بدون نشر”.

في تقرير صدر في أكتوبر الماضي من شركة “مورنينغ كونسلت” لذكاء البيانات، قال 61 في المئة من المشاركين البالغين في الولايات المتحدة، الذين لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، إنهم أصبحوا أكثر انتقائية بشأن ما ينشرونه.

أسباب هذا التراجع مختلفة، فمنهم من يقول إنهم يشعرون أنهم لا يستطيعون التحكم في المحتوى الذي يرونه، ويشير آخرون إلى أنهم أصبحوا أكثر ترددا بشأن مشاركة حياتهم على الإنترنت، فيما ذكر بعضهم أن متعة وسائل التواصل الاجتماعي تلاشت.
للاستجابة لهذا التراجع، تشير “وول ستريت جورنال” إلى أن الشركات، التي تملك هذه المواقع الاجتماعية، باتت تستثمر أكثر في “التجارب الخاصة” للمستخدمين، من خلال تشجيعهم على مشاركة تفاصيل حياتهم مع الأشخاص المقربين منهم فقط، كما هو الحال مع ميزة “Close Friends” على إنستغرام.
كشف آدم موسيري، رئيس إنستغرام، في يوليو الماضي، أن مستخدمي التطبيق يقضون معظم وقتهم في الرسائل المباشرة.

هل انتهى عصر وسائل التواصل الاجتماعي؟

تقول باميلا روتليدج، مديرة مركز أبحاث علم النفس الإعلامي المستقل، إن الأحداث الأخيرة، مثل الحرب بين إسرائيل وحماس، جعلت المستخدمين يترددون قبل مشاركة آرائهم علنا خوفا من الانتقام والأحكام.
من جهته، ذكر كيفن تران، محلل الوسائط والترفيه في “Morning Consult”، أن عددا من المستخدمين باتوا يعتقدون أن التطبيقات الاجتماعية هي مصادر للترفيه لا غير، مثل يوتيوب ونتفليكس.
في دراسة استقصائية أجريت في الولايات المتحدة الصيف الماضي، وجدت شركة الأبحاث “غارتنر” أن أكثر من نصف المشاركين يعتقدون أن جودة وسائل التواصل الاجتماعي قد تراجعت في السنوات الخمس الماضية. وأشاروا إلى المعلومات الخاطئة وانتشار الروبوتات كأسباب لهذا الانخفاض.
تكشف تقديرات “غارتنر”، المنشورة على موقعها الرسمي، أن 50 في المئة من المستخدمين إما سيتخلون عن تفاعلاتهم مع مواقع التواصل الاجتماعي أو يحدّون منها بشكل كبير خلال العامين المقبلين.

طريقة فعالة لاستعادة الصور المحذوفة على "فيسبوك"
 

تتوقع شركة “Insider Intelligence” انخفاض عدد مستخدمي “إكس” (تويتر سابقا) الشهري في جميع أنحاء العالم بنسبة 5 في المئة في عام 2024، وتقول إن الأسباب ستتجلى في “المشاكل الفنية والمحتوى المسيء”.
هناك مخاوف كبيرة كذلك بشأن تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي المتوقع في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يوافق أكثر من 7 من كل 10 مستخدمين على أن زيادة دمج “GenAI” في المواقع الاجتماعية سيضر بتجربة المستخدم.

كيف أصبحت منصات التواصل طريقا للسجن؟

لون فيسبوك
لون فيسبوك

قادت الرغبة في الشهرة وتحقيق الأرباح من منصات التواصل الاجتماعي إلى جرائم وصلت لحد القتل، بينما أكد متخصصان لموقع “سكاي نيوز عربية” أن السبب فقر الإبداع ومحاولة تحقيق البطولات المفقودة في الواقع، وأن مواجهة هذه الظاهرة نتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات المجتمع.

خلال الأسبوع الحالي، ألقت الشرطة في مصر القبض على سيدة بمنطقة البساتين في القاهرة، بعدما ظهرت في فيديو على منصة “إكس”، “تويتر” سابقا، تدعي فيه تعرضها لمحاولة خطف على يد لاجئين بالبلاد، لكن تبين زيف روايتها واعترفت بأنها فعلت ذلك من أجل الشهرة وتحقيق الأرباح.

وفي باكستان، تبحث الشرطة حاليا عن فتاة أطلقت النار على شقيقتها وقتلتها على الفور، خلال تشاجرهما أثناء تصوير مقطع فيديو على منصة “تيك توك”.

وخلال السنوات الماضية، ألقي القبض على العديد من الأشخاص بسبب ظهورهم في مشاهد أو قيامهم بأفعال على منصات التواصل الاجتماعي يصنفها القانون على أنها جرائم، ولا يزال الكثير منهم يقضي عقوبة السجن.

زوال الفوارق

أستاذة علم الاجتماع في جامعة الزقازيق المصرية هدى زكريا، قالت في حديث سابق إن “الأزمة بدأت أولا بأن الفوارق بين العام والخاص ذابت على منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت أسرار المنازل متاحة ومفضوحة على البث المباشر من أجل التربح المادي”.

وتابعت: “المسألة امتدت لذوبان الفروق بين الفعل الطبيعي والفعل الذي يصنف كجريمة، لذلك نجد الكثيرين يأتون بأفعال على أنها طبيعية ويصورونها وينشرونها على منصات التواصل، ثم يفاجأون بأنها جرائم تصل بهم للسجن”.

وحسب الأكاديمية المصرية، فقد “رأينا خلال السنوات الماضية الكثير من الشباب والفتيات الذين زجت بهم أفعالهم على منصات التواصل الاجتماعي إلى السجن”.

وأكدت أن “هناك عاملا مهما أيضا، هو أن كل من يفتقد البطولة في حياته الطبيعية يسعى لتحقيقها على منصات التواصل، كأن يلجأ لإشهار السلاح أو أي أفعال مجرّمة أخرى”.

ونوهت زكريا إلى أن “كل ذلك يمثل إنذارا بخطورة كبيرة على المجتمع ويجب الاستعداد له في الأسرة والمدرسة والإعلام وشتى الوسائل، عبر خلق مساحات ثقافية واجتماعية وتربوية تشغل حيزا كبيرا من حياة الشباب والمراهقين خصوصا، حتى لا يتم تركهم فريسة لمنصات التواصل وما يحدث فيها”.

وأشارت إلى أن ضرورة تشديد العقوبات على الجرائم التي ترتكب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ “يمثل ذلك سلاحا رادعا أيضا لمواجهة هذه الظاهرة المهددة للمجتمع”.

شهرة مزيفة

وقال خبير الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي محمد فتحي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن التزييف واختلاق القصص والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي يعد نشاطا غير قانوني وغير أخلاقي.

وأكد فتحي أن “التزييف يشمل إنشاء حسابات وهويات وهمية أو نشر معلومات زائفة بهدف إيهام الآخرين، أو تحقيق انتشار واسع وما يتبعه من أرباح مادية أو ما يعرف بـ(ركوب التريند). هذا عمل غير أخلاقي وغير قانوني، مما قد يتسبب عنه أضرار جسيمة للأفراد والمجتمع بشكل عام”.

وتابع: “لمواجهة ارتفاع نسق وموجة التضليل على منصات التواصل الاجتماعي، عملت عدة دول على إنشاء قوانين خاصة لمواجهة جرائم الإنترنت أو التي استخدمت فيها منصات التواصل الاجتماعي مسرحا للجريمة، كنشر معلومات مضللة أو اختلاق أكاذيب أو الابتزاز والتحرش أو تعمد نشر أخبار كاذبة عن جهات بعينها أو أفراد، وخلافه”.

وأوضح أن “الجرائم المختلفة مثل القتل يتم التعامل معها بنفس التشريعات والقوانين الجنائية، وهو ما دفع دول إلى إنشاء أجهزة رقابية خاصة لمتابعة منصات التواصل الاجتماعي والمنشورات التي تعتبر بلاغات ضد جرائم. وفي أغلب الأحيان كانت وسائل التواصل أداة مهمة للكشف عن عدد من الجرائم”.

سبل المواجهة

واستطرد فتحي مؤكدا: “من جهة أخرى تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في مواجهة المعلومات المضللة والأكاذيب، من خلال وضع سياسات صارمة لمنع نشر المعلومات المغلوطة على المنصة، بالإضافة إلى تحديث السياسات بشكل دوري لمواكبة الأمور الطارئة مثل الجرائم التي تتم في البث المباشر، مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للكشف عن نماذج التضليل والأكاذيب، وتحسين الخوارزميات للتعرف على المحتوى الكاذب وتقييم جودة المعلومات”.

فتحي قال إن “من وسائل مواجهة المحتوى الزائف أيضا التعاون مع الخبراء ومنظمات الفحص الصحفي والخبراء لتحليل المعلومات والتحقق من صحتها، مع تشجيع المستخدمين على الاستفسار عن مصدر المعلومات والتحقق منها قبل مشاركتها، وإصدار تحذيرات وإشعارات للمستخدمين حيال المحتوى المشكوك فيه أو الذي يمكن أن يكون غير دقيق، مع العمل على توفير معلومات إضافية حول السياق والمصداقية للحد من انتشار المعلومات الكاذبة”.

وشدد على “ضرورة التعاون مع الحكومات ووسائل الإعلام والمجتمع الأكاديمي لمواجهة التحديات المتعلقة بالمعلومات الكاذبة أو التي تمثل جرائم، وتبادل المعلومات والخبرات لتعزيز استدامة جهود مكافحة المعلومات الكاذبة، ويجب أن يكون التركيز على الحفاظ على حقوق حرية التعبير وتجنب الرقابة المفرطة، مع موازنة ذلك مع الحاجة إلى حماية المستخدمين من المعلومات الخاطئة”.

وختم بالقول إن “نهم المستخدمين في تحقيق المشاهدات والتكسب من الأرباح ناتج عن فقر المحتوى والإبداع، إلا أن حالة أو عشرات الحالات لا يمكن اعتبارها ظاهرة، خاصة أن حوالي نصف سكان الكوكب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وما يقارب من 70 بالمئة من البالغين يستخدمون على الأقل منصة واحدة”.

لماذا لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي «اجتماعية»؟

لماذا لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي «اجتماعية»؟
لماذا لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي «اجتماعية»؟

خصص مارك زوكربيرغ وقتاً خلال فصل الصيف لمشاركة أفكاره حول مستقبل منصات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي أطلق فيه منصة أصبحت أكثر التطبيقات نمواً.

منصة التواصل الاجتماعي الجديدة «ثريدز» من شركة «ميتا»، شهدت تسجيل 100 مليون مستخدم في أول 5 أيام، وهو معدل ليس سيئاً على الإطلاق لمنصة هي نسخة من تويتر. ووفقا لزوكربيرغ، فكرة المنصة هي إنشاء تطبيق ليتناقش المليارات من الناس.

تقول إيليان مور، في مقالها لصحيفة «فايننشيال تايمز»، إن الاستماع إلى مليارات الأشخاص يتحدثون لبعضهم البعض هو أمر كابوسي، وليس هذا ما يقصده زوكربيرغ. «ثريدز» يشبه المسرح، وزوكربيرغ لا يريد أن نكون ضمن «المحادثة» بل أن نكون الجمهور.

شبكات التواصل الاجتماعي لم تعد «اجتماعية» الآن، المحتوى الذي نراه تتحكم فيه الخوارزميات، أي أننا نرى بالضبط ما يريدنا التطبيق أن نراه.

تقول مور: «بعدما انضممت إلى (ثريدز)، لم أعد أعرف ماذا نشر أصدقائي، ولكن يمكنني أن أخبرك ماذا كتبت نجمة برامج الواقع بيثاني فرانكيل عن فيلم (باربي) الجديد».

كان ياما كان، انضم الناس لمنصات التواصل الاجتماعي بهدف التواصل مع بعضهم البعض. أنا انضممت إلى منصة «فيسبوك» في عام 2007 لأرى ماذا يفعل أصدقائي على الإنترنت، ولا أتذكر ما المثير في مشاهدة الكثير الصورة المغبشة للخروجات الليلية، لكني قضيت الكثير من الوقت أشاهدها.

هذا اختفى الآن خلف محتوى من أناس غرباء، ما زلت أحتفظ بحساباتي على منصات التواصل الاجتماعي، لكني نادراً ما أنشر شيئاً.

للعديد منا، أصبح هدف منصات «تيك توك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«تويتر» ليس نشر منشوراتنا الخاصة أو مشاهدة ماذا يفعل أصدقاؤنا، بل لمشاهدة عدد صغير من صناع المحتوى المشهورين. وبدلاً من التواصل بين بعضنا البعض أصبحنا مشاهدين صامتين.

كل هذا بسبب هيمنة «تيك توك» على التواصل الاجتماعي، في «تيك توك» مقاطع الفيديو ليست للتواصل بين الأصدقاء. بل هي محتوى مصمم لاستهلاكه من أكبر جمهور ممكن.

والخوارزميات تظهر محتوى من مجهولين، ويمكن أحياناً أن تشاهد أحد صناع المحتوى يفتتح فيديو قائلاً: «إذا كنت تعرفني… لا أنت لا تعرفني». لقد أصبح الجمهور المستهدف هو الغرباء.

هذا كله يعني أن شركات التواصل الاجتماعي لم تعد تعتمد على تأثير الشبكة على العلاقات في الحياة الواقعية، الأمر الذي جعل «فيسبوك» مثيراً للانتباه في أول الأمر.

من يهتم الآن إذا لم ينضم أصدقاؤك إلى شبكة اجتماعية معينة؟ لم يعد أصدقاؤك من تهتم بمحتواهم على أي حال.

نظرياً، من المفترض أن يفتح هذا الأمر مجالاً للتنافس. وبالفعل ظهر العديد من التطبيقات خلال آخر عامين. لكن لتجذب المستخدمين يجب أن يكون الاسم كبيراً.

لهذا يبدو «ثريدز» مليئاً بالحسابات المعروفة التي تروج لنفسها بشدة، ولهذا قسم إيلون ماسك الخط الزمني في «تويتر» إلى قسمين؛ أحدهما يسمى «من أجلك». ولهذا أضاف «سنابشات» جزءاً خاصاً في التطبيق لصناع المحتوى، ولهذا لم تعد المنشورات تظهر بالترتيب الزمني في «فيسبوك».

هذا التحول أدى لتغير العلاقة بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والشركات المالكة لها. فإذا أردت أن ينتقل «السيد فلان» من قناته على «يوتيوب» التي يتابعها 167 مليون مشترك إلى منصتك فيجب أن يكون الأمر يستحق. أي مع الأخذ في الاعتبار اتساع فكرة مشاركة الأرباح.

ومع ازدياد تأثير صناع المحتوى اتسع نفوذهم لمناطق أخرى. سابقاً حاولت غرف الأخبار تحويل الصحافيين إلى نجوم على السوشيال ميديا وحققت نجاحات متباينة. الآن تحويل صناع المحتوى إلى صحافيين يعني المزيد من المشاهدات.

وسائل التواصل الاجتماعي كانت لديها علاقة شائكة مع الأخبار وتلومها على السلبية والجدل غير المطلوب. شركة «ميتا» أنشأت برنامج «فيسبوك» للصحافة في عام 2017 لكنها قالت مراراً وتكراراً إنها ستزيل الأخبار من المنصة. آدم موسيري الرئيس التنفيذي لتطبيق «ثريدز»، قال إن التطبيق الجديد لن يشجع السياسة أو «الأخبار الجادة».

الشاب الأميركي مايكيا مايلز الذي يتابعه 58 ألف شخص على «تيك توك»، حقق مليون مشاهدة على «سنابشات» لفيديو يتحدث فيه عن اختفاء غواصة تيتان. قد يتفاجأ الصحافيون من هذا الرقم، لكن المعلنين سيكونون سعداء.

العام الماضي، شهدنا تراجعاً في النمو أدى إلى إعلان البعض أننا نشهد انتهاء عصر وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا في الحقيقة نشهد وفاة «التواصل الاجتماعي» نفسه. نحن في عصر صناع المحتوى. دور وسائل التواصل الاجتماعي في عالم الترفيه الرقمي سوف يبدأ.

كيف أصبحت منصات التواصل طريقا للسجن ؟

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد