بينما يكافح العراق بشكل كبير ليكون بلدا جاذبا للسائحين وبالتالي المستثمرين، تشكل التصنيفات العالمية التي تضع العراق غالبا ضمن مراتب متقدمة في قوائم المخاطر او التصنيفات السلبية في مختلف القطاعات،
امرا “مزعجا” وغير مقنع سواء للجهات الحكومية المعنية او للاوساط الشعبية، التي غالبا ما ترى ان هذه التصنيفات لاتتطابق مع ما يشاهدونه من تطور نسبي في الأمان والعمران في بغداد وبعض المحافظات.
ويوم الاحد الماضي تم الإبلاغ عن اختفاء سائحين كوتيين، بين صحراء الانبار وصلاح الدين، قبل ان يتبين ان السائحين احدهما كويتي والأخر سعودي ومقيم في الكويت، قبل ان تعلن السلطات الأمنية في العراق يوم امس الثلاثاء أي بعد يومين على اختفائهما، عن العثور على جثتي السائحين، فيما اشارت الرواية الرسمية الى ان عجلة السائحين تعرضت لانفجار عبوة ناسفة من مخلفات داعش.
جاءت هذه الرواية بعد ان تم تداول رواية أخرى تفيد بخطف السائحين وتعرض عجلتهما لاطلاق نار كثيف قبل حرقها، الامر الذي جعل الرواية الأمنية الأخيرة مثيرة للجدل والحيرة.
لكن ماحدث للسائحين السعودي والكويتي، الذين لقيا مصرعهما وتحولا الى جثث متفحمة في صحراء الانبار، يعيد فتح النقاش عن مدى استعداد العراق وامتلاكه للامكانيات والمتطلبات التي تجعله بلدا سياحيا، فضلا عن كونه يعيد الأنظار صوب التصنيف الأخير لشركة انترناشونال المعنية بمجال خدمات الامن والمخاطر.
حيث وضع تقرير الشركة الخاص بالمخاطر لعام 2024، وضع العراق في المرتبة الثالثة بقائمة البلدان او وجهات السفر الأكثر خطورة، حيث جاء العراق في المنطقة الحمراء ضمن عدة بلدان من بينها أفغانستان، جمهورية افريقيا الوسطى، ليبيا، جنوب السودان، سوريا، أوكرانيا، اليمن.
بينما يعد هذا التصنيف “غريبا” بالنسبة للاوساط الشعبية التي تشاهد السائحين من مختلف البلدان وهم يجوبون العراق ولاسيما مناطق الاهوار في ميسان والاثار في محافظة ذي قار، لكن ماحصل للسائحين الخليجيين يفتح التساؤلات عن نقاط ضعف محددة في الجانب الأمني والسياحي، حيث يرى مراقبون ان مقتل السائحين كونهم ذهبوا الى أماكن خطيرة، او ان موتهم جاء كقضاء وقدر، لايمكن ان يستقيم او يعفي الساحة العراقية من المتطلبات الأمنية.
وبينما يقف الموقف العراقي حاليا بين خيارين، الأول هو ان القوات الأمنية “لم تكن تعلم” باماكن تنقل السائحين، والدخول الى الصحراء لغرض الصيد، وتمكنهم من عبور العديد من نقاط التفتيش العسكرية دون التيقن او الحرص على معرفة الوجهة التي يتوجهون اليها، وهو مايجعل الموقف الأمني العراقي ضعيف.
اما الخيار الثاني، هو ان القوات الأمنية العراقية كانت على علم بالسائحين ولكنها لم تبذل الجهد الكافي لتحديد المناطق الخطيرة التي يمنع الدخول اليها، وتعاملت مع الموضوع بإهمال، وهي مؤاخذة من نوع اخر على الموقف العراقي الأمني من القصة، بحسب مراقبين.
وبالرغم من البيان العراقي الذي حمل السائحين الكويتي والسعودي المسؤولية لذهابهما الى المناطق الخطيرة وانهما توفيا بانفجار عبوة من مخلفات داعش، الا ان الجانب الكويتي أكد في بيان انه لايزال بانتظار معرفة ملابسات الحادثة ونتائج التحقيقات.
كما ان احد القانونيين الكويتيين، استعرض عدة نقاط تجعل الرواية العراقية حول طريقة وفاة السائحين “مشكوكا بها”، معتبرا ان المشاهد المحيطة بالعجلة والصور الموثقة للحادثة تدل على ان ماحدث ليس انفجارا بل احراق متعمد للعجلة.
ذكر مسؤولون أمنيون اليوم (25 كانون الأول 2023) أن مواطنين كويتيين اختطفا أثناء رحلة صيد في منطقة صحراوية بالعراق، وذلك حسبما أفادت وكالة الأنباء رويترز. نقلت الوكالة عن ضابط كبير بالشرطة قوله إن الاختطاف وقع في منطقة صحراوية بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن مركبة الصيادين تعرضت لهجوم من قبل مسلحين، مما أدى إلى انقطاع الاتصال مع المواطنين الكويتيين. وأوضح مصدران أمنيان أن المنطقة الصحراوية المترامية الأطراف معروفة بأنها مكان اختباء لجماعات لا تزال نشطة من داعش الإرهابي.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور عن الحادث، وتقوم الصيادون بشكل متكرر من دول الخليج برحلات صيد إلى صحراء العراق الجنوبية والغربية بحثاً عن الصقور. وقال أحد ضباط الشرطة “كان الصيادان الكويتيان يتحركان في منطقة صحراوية مترامية الأطراف وهو أمر خطير للغاية لأن داعش لا يزال ينشط هناك، نريد أن نعرف أولاً ما إذا كانا لا يزالان على قيد الحياة”.
وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية أن وزير خارجية العراق “أبدى اهتماماً وحرصاً كبيرين لمعرفة مصير المواطن”، مشيرةً إلى أن السلطات العراقية تقوم حالياً بالتحقيق للكشف عن ملابسات الاختفاء. وأكد وزير الخارجية الكويتي أن “الوزارة تتابع بشكل مستمر مع سفارة الكويت في العراق ومع الجهات العراقية المعنية للكشف عن مصير المواطنين وضمان سلامتهم”.