يسرد خبيران في التكنولوجيا وأمن المعلومات لموقع “سكاي نيوز عربية”، ما إن كانت بكين تمتلك بالفعل ما يؤهلها لتحقيق هذا التحدي بحلول ذلك الوقت القريب أم لا، خاصة مع ما تواجهه من ضغوط اقتصادية داخلية وحصار تكنولوجي أميركي.
طموح خلال عامين
الإثنين، أكدت الصين أنها ستدعم شركات تصنيع المركبات الذكية، من خلال تعزيز الابتكار، في وقت تسارع فيه نحو وضع معايير لخاصية القيادة المساعدة وخاصية القيادة الذاتية بحلول عام 2025، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء “شينخوا” الصينية الرسمية.
جاء في تقرير الوكالة أن بكين لديها عدة أهداف من دعم شركات تصنيع المركبات الذكية، منها:
إتقان التقنيات الأساسية للقيادة الذاتية المتقدّمة، وتحقيق هدف تسيير المركبات ذاتية القيادة على الطرق في البلاد، في محاولة لتصبح الرائدة في هذا المجال على مستوى العالم.
دعم الشركات في تشكيل “اتحادات للابتكار”، تمكّنها من التعلّم من نقاط قوة بعضها البعض لتحقيق إنجازات تكنولوجية، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
تحدّي التكنولوجيا العملاق
يؤكّد خبير أمن المعلومات والتكنولوجيا، إسلام غانم، أن الصين “ستُصبح بلا شك رائدة في مجال المركبات الذكية على مستوى العالم”.
ويستند في ذلك إلى أن الصين باتت حاليا “دولة عملاقة ومتنوّعة في هذا المجال، وقادرة على خوض هذا التحدّي التكنولوجي العملاق أمام العالم”.
تعتمد المركبات الذاتية في الصين على التكامُل، وعلى الإنترنت القادم من القمر الصناعي، حسب حديث غانم.
يتفق معه خبير أمن المعلومات والتكنولوجيا، تامر محمد، في أن الصين “ستنجح في أن تُصبح رائدة في مجال المركبات الذاتية بحلول عام 2025″، مشيرا في ذلك إلى ما اعتبرها نقاطَ تميّزٍ لها:
شركة “تسلا” الأميركية وشركة “تويوتا” اليابانية تستعينان بتكنولوجيا الصين في تصنيع السيارات الكهربائية الذكية.
كل العقبات السياسية التي تواجهها الصين تتغلب عليها وتأتي لها بحلول.
خطوات للتطوير
في مايو 2020، نشرت وكالة “شينخوا” صورا لسيارات ذاتية القيادة تسير في شوارع مدينة تسانغتشو شمالي الصين، ضمن تجربة سير هذه السيارات على الطرق من منطقة التنمية الاقتصادية إلى المناطق الحضرية في المدينة.
في سبتمبر 2023، أعلن شين قوه بين، نائب وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، أن سيارات الركاب بمساعدة السائق المشترك، أو القيادة الذاتية من المستوى 2، شكلت 42.4 بالمئة من إجمالي مبيعات سيارات الركاب في الصين خلال النصف الأول من العام.
أضاف شين خلال المؤتمر العالمي للمركبات الذكية المتصلة لعام 2023 الذي انعقد في بكين: “بعد سنوات من الجهود المتواصلة، حقّق تطوير صناعة المركبات الذكية المتصلة في الصين نتائج إيجابية، وتعززت حيوية الابتكار التكنولوجي”، كما نقلت عنه “شينخوا”.
يأتي هذا فيما تواجه شركات صينية مثل “بايدو” تحديات؛ إذ تفرض الولايات المتحدة قيودا على تصدير التكنولوجيا المتطوّرة في مثل هذه الصناعات إلى الصين، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة من شركات أميركية مثل “تسلا“.
السيارات الكهربائية الأوروبية أمام تحدي المنافسة الصينية
يواجه صنّاع القرار والصناعيون في أوروبا، تعقيدات تعترض مشاريع إنتاج سيارات كهربائية أوروبية الصنع بالكامل وبأسعار مقبولة، ما قد تستفيد منه الشركات الصينية، التي تعتمد استراتيجيات جريئة للإطاحة بالماركات التقليدية المسيطرة على هذه السوق.
وعلى عكس صناعة النسيج أو الهواتف الذكية، لا تزال صناعة السيارات الأوروبية قادرة على الإفلات من منافسة المنتجات الصينية الرخيصة.
لكنّ المراقبين يتفقون على أن هذا الوضع لن يستمر، إذ تعمل مجموعة علامات تجارية على إعداد طرازات موجهة للأسواق الأوروبية، كما يتضح من الحضور القوي للصين في معرض ميونيخ للسيارات الذي يقام هذا الأسبوع.
وتجمع الشركات الوافدة الجديدة هذه بين التقدم التكنولوجي، بفضل استثمارات الصين في صناعة المركبات الكهربائية، على مدى الأعوام العشرة الماضية، وتكاليف العمالة المنخفضة.
وتحثّ الحكومات الأوروبية الشركات المصنعة في القارة على جعل التنقل بالمركبات الكهربائية متاحاً بصورة أكبر، تمهيداً لحظر المركبات الحرارية أو الهجينة الجديدة في عام 2035.
وفي الصين، تباع السيارات الكهربائية بأسعار “أقل بنسبة تصل إلى 60 بالمئة من تلك المعتمدة في ألمانيا”، وفق ما يشير خبير صناعة السيارات فرديناند دودنهوفر.
وتحدث المدير العام لشركة “ستيلانتيس” الفرنسية، كارلوس تافاريس، في نهاية يوليو عن “غزو” تقوم به شركات مصنّعة تتكبد “تكلفة أقل بنسبة 25 بالمئة”.
وتقدّم العلامة التجارية الصينية الأكثر مبيعاً في القارة العجوز، “MG”، مركبات تباع بحوالى 30 ألف يورو، من دون احتساب الحوافز البيئية، تبعاً للطرازات في الفئات الأولية.
وتأسست شركة “MG” في بريطانيا عام 1924، لكن أعيد إطلاقها بعد إفلاسها في عام 2005 وذلك بعد استحواذ شركة السيارات الصينية العملاقة “سايك” عليها، وتستفيد “MG” من “شهرتها كعلامة تجارية غربية قديمة فضلاً عن القدرة التنافسية للسوق الصينية”، حسب تصريحات لفيليبي مونيوز، من شركة “جاتو دايناميكس”.
وفي النصف الأول من هذا العام، استحوذت العلامات التجارية الصينية على 8 بالمئة من سوق المركبات الكهربائية في أوروبا الغربية، بينما كانت حصتها قريبة من الصفر في عام 2019.
ومن المتوقع أن تبدأ شركة “BYD” الصينية الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، في إغراق السوق الأوروبية بمنتجاتها اعتباراً من النصف الثاني من عام 2023
وقد تربع أحد طرازات الشركة على صدارة مبيعات السيارات الكهربائية في يوليو بالسويد، حيث استحوذ على نسبة تفوق الربع من إجمالي السيارات الكهربائية المسجلة في البلاد.
في المقابل، يبذل المصنعون الأوروبيون قصارى جهدهم لتقليل تكاليف الإنتاج وتقديم نماذج أرخص.
وحتى مرسيدس، التي أعادت تركيز استراتيجيتها على الرفاهية، وعدت الأحد بنموذج يهدف إلى جعل السيارات الكهربائية “متاحة” لفئات أوسع.
وفي مارس، قدمت العلامة التجارية الألمانية فولكس فاغن سيارة ID2 المستقبلية بسعر يقل عن 25 ألف يورو، والمتوقع طرحها في عام 2025.
كما تخطط لتطوير طراز بأقل من 20 ألف يورو، وهو السعر الذي لم يصل إليه سوى عدد قليل من الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية.
وتركز “ستيلانتيس” بشكل أساسي على سيارة “سيتروين سي 3” الكهربائية، والتي سيتم الكشف عنها في منتصف أكتوبر.
وستطلق رينو سيارة مخصصة للتنقلات في المدن من طراز “ار 5″، بسعر يقل عن 30 ألف يورو.
كما تخطط العلامة التجارية أوبل التابعة للمجموعة أيضاً لتقديم نموذج “بسعر يقرب من 25 ألف يورو”، بعد وقت قصير من عام 2025، وفق ما أعلن رئيسها فلوريان هويتل الاثنين.
من جانبه أوضح رئيس شركة فولكس فاغن، أوليفر بلوم، الأحد في ميونيخ، أنه “كلما زاد عدد الطرازات الكهربائية لدينا، كلما استفدنا أكثر من وفورات الحجم”، معوّلاً على زيادة الكميات لخفض الأسعار.
وحتى ذلك الحين، وعلى خلفية التباطؤ الاقتصادي، فإن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية، التي لا تزال باهظة الثمن، من المتوقع أن تنخفض بنسبة 12 بالمئة في سبتمبر.
وفي فرنسا، وعدت الحكومة بتقديم عرض لتأجير السيارات الكهربائية “بأسعار معقولة”، وتحدّث الرئيس إيمانويل ماكرون، عن مبلغ 100 يورو شهرياً لهذا التأجير.
وتدرس فرنسا أيضاً جعل إعانات الدعم للسيارات الكهربائية مشروطة بمنحها “علامة بيئية”، ما يُرجح أن يحد من الواردات الصينية.
في ألمانيا، بلد فولكس فاغن وبي إم دبليو ومرسيدس، لا تُعتبر مكافآت الشراء حلاً مستداماً.
ولدفع الشركات المصنعة إلى تسويق المزيد من السيارات الكهربائية بأسعار معقولة، خفضت الحكومة المكافأة البيئية هذا العام، وتعتزم إلغاءها تدريجياً بحلول عام 2025.
هذا الوضع يمكن أن يؤثر على الهوامش المريحة التي حققتها المجموعات الأوروبية من خلال الاستفادة من التضخم لرفع الأسعار.