أكدت الفحوص الجينية وفاة قائد مجموعة “فاغنر” الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين، حسبما أعلنت، الأحد، لجنة التحقيق الروسية المكلفة النظر في حادث تحطم الطائرة التي كان على متنها الأربعاء.
وأوضحت اللجنة في بيان أن “الفحوص الجينية أثبتت أن هويات القتلى العشرة الذين تم انتشال جثثهم من موقع الحطام تتطابق مع قائمة الركاب وأفراد الطاقم”.
وكان مع بريغوجين على متن الرحلة 6 من مرافقيه، بمن فيهم مساعده دميتري أوتكين، وطاقم الطائرة المؤلف من 3 أشخاص هم الطيار ومساعده ومضيفة.
وكانت الطائرة متجهة من موسكو إلى سان بطرسبورغ عندما تحطمت في سماء منطقة تفير.
وتفاصيل ما حدث بالضبط لا تزال غامضة، وتثير تساؤلات ما إذا كان الحادث عرضيا أم عملا انتقاميا وذكرت وسائل إعلام روسية، الخميس، أن السلطات الأمنية تحقق في فرضية وجود عبوة ناسفة على متن الطائرة.
ويثير مقتل بريغوجين حاليا جملة من التساؤلات بشأن مصير المجموعة “العابرة للقارات” في الفترة المقبلة.
فراغ القيادة.. مقتل بريغوجين يضع فاغنر أمام هذه السيناريوهات
يثير مقتل قائد “فاغنر” يفيغيني بريغوجين حاليا جملة من التساؤلات بشأن مصير المجموعة “العابرة للقارات” في الفترة المقبلة.
وبحسب تقرير نشرته “سي إن إن”، فإن الخبراء يتوقعون سعي الكرملين لاستيعاب فاغنر في الجيش الروسي على أن يتم تعيين قائد “حليف” لها، إلا أن ذلك لن يلقى ردود فعل إيجابية بين صفوف المجموعة.
وقالت ناتاشا ليندشتيدت، الأستاذة في جامعة “إسيكس”: “أعتقد أن فاغنر سوف تنهار بدون بريغوجين لأنه قاد المجموعة بطريقة شخصية للغاية، بطريقة يكون فيها الولاء له أكثر من أي كيان أو شخص آخر”.
ويصبح “فراغ القيادة” أكثر صعوبة بالنظر إلى أن اثنين من مساعدي بريغوجين الموثوقين، القائد الميداني لفاغنر ديمتري أوتكين ورئيس الخدمات اللوجستية فاليري تشيكالوف، كانا على متن الطائرة أيضا.
وقد تعزز نفوذ فاغنر أكثر خلال الحرب الأوكرانية، لاسيما بعد أن لعبت المجموعة دورا قياديا في الهجمات على سوليدار وباخموت، إلا أن ذلك ارتد فيما بعد على علاقة المجموعة بالكرملين، حيث أن تنامي قوتها شكل عامل خطر لا يمكن صرف النظر عنه.
الاستيلاء العسكري
والآن بعد خروج بريغوجين من المشهد، أصبح لزاما على الكرملين أن يقرر مستقبل المجموعة، سواء من خلال إضفاء الشرعية عليها وجعلها جزءاً من القوات المسلحة الروسية، أو السماح لها بالاستمرار في شكل آخر.
وفي أعقاب الانقلاب القصير، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لصحيفة الأعمال الروسية اليومية “كوميرسانت” إنه عرض على قادة فاغنر خيار مواصلة القتال من أجل روسيا.
فوضى وعدم استقرار
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديثها الاستخباري، الجمعة، إن وفاة بريغوجين سيكون لها “بشكل شبه مؤكد تأثير مزعزع بشدة لاستقرار مجموعة فاغنر”.
وأضافت: “إن سماته الشخصية المتمثلة في النشاط المفرط والجرأة الاستثنائية والرغبة في تحقيق النتائج تغلغلت في فاغنر ومن غير المرجح أن يضاهيه أي خليفة”.
قالت ليندشتات إنه “من غير المرجح أن تتمكن روسيا من السيطرة الكاملة على المجموعة، ما أراه على الأرجح هو الانقسام، ولن يكون لروسيا سيطرة كاملة على هذا وأعتقد أننا سنشهد قدرا كبيرا من الفوضى وهذا أمر خطير للغاية لأن هذه الأنواع من الجماعات بمجرد انشقاقها تصبح أكثر جرأة وتشكل تهديدا للأمن الإقليمي”.
تداعيات تتجاوز روسيا
تأثير فاغنر يتجاوز حدود روسيا، حيث قاتلت المجموعة إلى جانب القوات الروسية في سوريا وشاركت في مجموعة واسعة من الأنشطة في إفريقيا، ويقدر بعض الخبراء أنها تعمل في أكثر من 12 دولة.
أدى مقطع مدته 40 ثانية من مقابلة قديمة قال فيها رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجن إنه يفضل أن يُقتل على أن يكذب على بلاده، وتحدث عن طائرة تتفكك في السماء، إلى إطلاق العنان لموجة من الافتراضات على الإنترنت، الأحد، بشأن وفاته المفترضة.
وقالت هيئة الطيران الروسية إن قائد فاغنر كان على متن طائرة خاصة تحطمت شمال غربي موسكو، الأربعاء، دون ناجين وذلك بعد شهرين من قيادته لتمرد فاشل ضد قيادات الجيش.
ووصف الكرملين تلميحات الغرب بأنه قُتل بناء على أوامر منه بأنها “كذبة محضة”.
وفي المقطع المأخوذ من مقابلة نشرت في الأصل في 29 أبريل أجراها معه المدون العسكري الروسي سيميون بيغوف، قال بريغوجن إن روسيا على شفا كارثة لأن المؤسسة العسكرية تطرد تدريجيا رواة الحقيقة الذين يرفضون الانصياع للإدارة العليا.
وقال في المقطع الذي نشر على قناة غراي زون التابعة لفاغنر على تيليغرام “لقد وصلنا اليوم إلى نقطة الغليان.. لماذا أتحدث بهذه الصراحة؟ لأنه ليس لدي الحق، أمام هؤلاء الأشخاص الذين سيعيشون في هذا البلد. لقد تم الكذب عليهم الآن. من الأفضل أن تقتلني”.
وأضاف: “لكنني لن أكذب. يجب أن أقول بصراحة أن روسيا على شفا كارثة وإذا لم يتم تعديل هذه التروس اليوم فسوف تتحطم الطائرة في الهواء”.
ونُشرت مئات التعليقات على غراي زون في غضون ساعات قليلة.
وتكهنت بعض المنشورات بأن بريغوجن على قيد الحياة. وجاء في تعليق لأحد الأشخاص: “قريبا سيقفز من صندوق السقوط ويجعل الشياطين يتغوطون على أنفسهم”.
ووجهت بعض المنشورات أصابع الاتهام إلى الكرملين في حين ألقت بعض المشاركات باللائمة على فرنسا والبعض الآخر على أوكرانيا.
وذكرت إحدى المنشورات أن أوكرانيا قتلت بريغوجن بأمر من الأجهزة الخاصة الأميركية و”الأنغلوساكسونيين”.
وأضاف: “من غير الملائم لنا أن نفقد مثل هذا البطل”.
بعد مقتل يفغيني بريغوجين .. ما مصير إمبراطورية فاغنر؟
إمبراطورية ضخمة وثروة تقدر بمليارات الدولارات، تركها يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر الروسية، بعد مقتله في حادث تحطم طائرته، الأربعاء الماضي، قرب موسكو برفقة 9 أشخاص آخرين على رأسهم أحد مؤسس المجموعة ديمتري أوتكين.
وعقب سقوط الطائرة اعتبر متابعون أن الحادث “ثأرا للرئيس فلاديمير بوتين لنفسه” بعد التمرد، الذي قاده بريغوجين نهاية يونيو الماضي، والذي أحرج الزعيم الروسي الذي كان يحاول إحكام قبضته على الجيش، خاصة بعد بدء الحرب بأوكرانيا، وفق” فرانس برس”.
وأثارت ملابسات حادث تحطم طائرة بريغوجين وبعض مقرَّبيه تكهنات حول احتمال اغتياله، كما تعددت الروايات بشأن الحادث.
آخر رحلة لإفريقيا
وتقول صحيفة “وول ستريت جورنال” إن آخر رحلة لبريغوجين في إفريقيا، شهدت تنسيق بين مجموعته والميليشيات المرتبطة بها.
إمبراطورية فاغنر في إفريقيا تضم حوالي خمسة آلاف رجل في أنحاء القارة.
تحركاته الأخيرة أشارت إلى أنه كان يخطط لمستقبله وتوسيع شبكته في إفريقيا.
زار بريغوجين جمهورية أفريقيا الوسطى يوم الجمعة قبل الماضي، وأخبر رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى فاوستين آركانج، أن تمرده المجهض في روسيا في يونيو لن يمنعه من جلب مقاتلين جدد واستثمارات لشركائه التجاريين في هذا البلد.
في أيامه الأخيرة التقى 5 قادة من قوات الدعم السريع السودانية، حلموا معهم هدايا من سبائك الذهب بعد تزويدهم بصواريخ أرض جو من قبل فاغنر.
كم تبلغ ثروة يفغيني بريغوجين؟
تشير تقديرات صحف غربية إلى أن يفغيني بريغوجين، يمتلك يختًا ضخمًا، وطائرة خاصة وثروة صافية تقدر بأكثر من 1.2 مليار دولار.
يفغيني بريغوجين حصل على عقود من الحكومة الروسية بقيمة 2 مليار دولار لصالح شركته العسكرية.
استفاد من الموارد الطبيعية للدول الإفريقية وشركاته هناك حققت 250 مليون دولار قبل حرب أوكرانيا بأربع سنوات، وفق صحيفة “الفايننشال تايمز”.
الثروة الشخصية لبريغوجين تصل لملياري جنيه إسترليني وأكثر من المليار دولار.
قيمة العقود التي أبرمها مع الجهات الحكومية الروسية مثل المدارس ورياض الأطفال والجيش وصلت إلى أكثر من 3 مليارات دولار، بحسب “مؤسسة مكافحة الفساد” الروسية.
من يرث ثروة قائد فاغنر؟
ولدى يفغيني بريغوجين، نجله بافيل، الذي حارب بصفوف فاغنر في سوريا، وبناته بولينا وفيرونيكا وزوجته ليوبوف، وجميعهم يلعبون أدواراً مختلفة في تكوين ثروة بريغوجين، وفق تقارير أميركية.
عائلته تشارك بمسابقات الخيول في ألمانيا وفرنسا والبرتغال وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا.
يشتهر بامتلاكه لشركات تموين ومطاعم وتوفير الطعام والشراب للمناسبات الرسمية في الكرملين.
عقب تمرده القصير على الكرملين في يونيو الماضي، عثرت القوات الروسية خلال تفتيش قصره على ما يقرب من 600 مليون روبل أو 6.58 مليون دولار وسبائك ذهب وأسلحة.
وفي هذا الصدد، يقول ماتيوشين فيكتور، الباحث بجامعة تافريسكي الأوكرانية، إن التقدير الصحيح لثروات فاغنر “أمر صعب”، مضيفا أن “مبدأ السيطرة على منابع ثروات فاغنر لن يكون سهلا بالنسبة لروسيا”.
وتابع: “مجموعة “أل أيز أون فاغنر” البحثية، فحصت سجلات 30 شركة لفاغنر في مالي والسودان وإفريقيا الوسطى منذ تمرد بريغوجين، دون تغييرات في الملكية.
شاهد عيان يروي ما حدث لطائرة قائد مجموعة فاغنر ! ومامصير المجموعة