حلل رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA” سابقا، الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس، أحدث التحركات في الهجوم المضاد الأوكراني، لافتا إلى أنه حتى أمريكا ستواجه ما تواجهه أوكرانيا بساحة المعركة.
وقال بتريوس في لقاء متلفز: “ما يحدث هنا هو أن الأوكرانيين حاولوا إجراء عملية مركبة بأسلحة مشتركة لاختراق حقول الألغام العميقة جدًا هذه مع خنادق الدبابات وأسنان التنين ثم الخنادق المليئة بالجنود مع طائرات بدون طيار روسية فوقهم تستدعي المدفعية مع مراقبين وهكذا إلى الأمام، ووجدوا أن ذلك لم يكن ممكنا”.
وتابع قائلا: “الحقيقة هي أننا (أمريكا) ما كنا لنتمكن من القيام بذلك. في الواقع، المرتان الوحيدتان اللتان قمنا فيهما بشيء كهذا عن بعد، ولم نواجه نوع الدفاعات التي أنشأها الروس، كانتا في حرب الخليج حيث قصفنا العراقيين لمدة 39 يومًا من السماء دون أي معارضة ثم هاجمناهم خلال 100 ساعة”.
وأضاف: “أنا متفائل بحذر، إذا صح التعبير، ويتعلق الكثير من هذه الأمور بمدى نجاح الروس عندما يتمكن الأوكرانيون من كسر الخطوط في مكانين، وهو ما أعتقد أنهم سيكونون قادرين على القيام به”.
أمريكا تؤكد أن الهجوم المضاد يسير عكس التوقعات وأن “موانع قوية” أبطأته
وصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، الهجوم الأوكراني المضاد بالبطيء، على الرغم من تزويدهم بكل ما طلبوه من أسلحة.
وقال ميلي، في مقابلة مع قناة “المملكة” الأردنية، إن العملية الهجومية التي تنفذها أوكرانيا منذ 8 أسابيع تقريبا، تجري بطريقة “دموية وبطيئة وتخلف ضحايا بأعداد كبيرة وصعبة جدا”، مشيرا إلى أن “فكرة طرد مئتين أو ثلاثمئة ألف جندي عسكري ستكون صعبة للغاية”.
وأوضح ميلي أن “سرعة الهجوم أبطأ مما ظن من خطط للهجوم، ولكن هذا ليس بالأمر النادر في الحرب، إذ أن الحرب على الورق تختلف عن الحرب على الواقع”.
“وول ستريت جورنال”: خلاف أميركي – أوكراني حول استراتيجية الهجوم المضاد
تحدث تقرير في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، اليوم الخميس، عن “نقاش حاد” انخرط فيه المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون، وراء الكواليس، استمرّ أسابيع، بشأن استراتيجية وتكتيكات إحياء هجوم كييف المضاد، والذي يمضي بوتيرة بطيئة جداً.
ويشير التقرير إلى أنّ المسؤولين العسكريين الأميركيين يحثون الأوكرانيين على العودة إلى التدريب المشترك على الأسلحة، الذي تلقوه في قواعد الحلفاء في أوروبا، من خلال تركيز قواتهم لمحاولة اختراق الدفاعات الروسية، والدفع بها نحو بحر آزوف.
وقد أجرت كييف بعض التعديلات في الأسابيع الأخيرة على تكتيكاتها الهجومية، لكن الجانبين “لا يزالان على خلاف حول كيفية قلب الطاولة على الروس في الوقت المحدود المتاح لهم قبل حلول فصل الشتاء”، تضيف الصحيفة.
ومع ذلك، لا تزال هناك انقسامات عميقة حول استراتيجية الولايات المتحدة.
فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، حثّت القوات الأوكرانية على حشد قواتها والتركيز في منطقة شمال توكماك في الجنوب، لاختراق الخط الأول من الدفاعات الروسية، والذي يُعرف عموماً بأنه “الخط الأصعب”.
اقرأ أيضاً: تقرير: بعد فشل هجوم أوكرانيا.. مسؤولون غربيون “نادمون” على تضييع فرصة التفاوض مع روسيا
“أنت لا تفهم طبيعة هذا الصراع”
وكشف التقرير أنّ الجنرال فاليري زالوجني، قائد القوات المسلحة الأوكرانية، ردّ في أحد التفاعلات على أحد المسؤولين الأميركيين، حسبما روى مسؤول أميركي، قائلاً: “أنت لا تفهم طبيعة هذا الصراع”.
وأضاف في ردّه أنّ “هذه ليست عملية مكافحة تمرد.. هذا كورسك”، في إشارة إلى المعركة الكبرى في الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي.
ومن جهة أخرى، تستند الرواية الأميركية إلى حسابات مفادها أن زيادة المعدات التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا كافية لهذا الهجوم، ومن غير المرجح أن تتكرر في أي وقت بالقرب من نفس المستوى.
إذ قال مسؤول أميركي سابق خلال الاجتماعات مع الأوكرانيين: “لقد بنينا هذا الجبل الفولاذي للهجوم المضاد. لا يمكننا فعل ذلك مرة أخرى”، تؤكد الصحيفة.
وفي حين أن هناك وجهات نظر مختلفة داخل الحكومة الأميركية، قال أحد المسؤولين إنّ واشنطن “نقلت إحباطاً خطيراً” من استراتيجية أوكرانيا، وخاصة تركيز الرئيس فولوديمير زيلينسكي على باخموت، والذي يراه بعض الضباط الأوكرانيين مفيداً لبناء الروح المعنوية وإنشاء منطقة عازلة في الشرق.
ضرورة الحدّ من الخسائر الأوكرانية
ويقول الأوكرانيون إنّ “الحدّ الأدنى من الخسائر البشرية ضروري للحفاظ على إمكاناتهم القتالية على المدى الطويل”، لكنّ مسؤولين أميركيين يقولون إنّ “هجمات الوحدات الصغيرة الأوكرانية على جبهات ضيقة تبطئ الهجوم، وتمنح الروس فرصة أكبر للردّ، بما في ذلك عبر الألغام التي يتمّ نشرها من خلال الضربات المدفعية والوحدات المسلحة بالقذائف الصاروخية”.
وفي حين يحذر مسؤولون غربيون من تبديد جهودهم، قام الأوكرانيون بتعديل في استراتيجيتهم، واتخذوا موقفاً دفاعياً في الجزء الشرقي من زاباروجيا، ما مكّنهم من الحفاظ على قواتهم للهجوم الرئيسي في أماكن أخرى، والحدّ من إنفاقهم على المدفعية.
لكن واشنطن ترى أنّ الأوكرانيين ما زالوا منتشرين بشكل ضعيف للغاية، بحيث لا يمكنهم التقدّم جنوباً مع انتشار ألوية عديدة في الشرق، وما زالوا لا يجمعون بين استخدام المدفعية والوحدات الآلية وجهود إزالة الألغام.
وبحسب تقرير “وول ستريت جورنال”، أثار الوضع الحالي مخاوف من أن معركة أوكرانيا ضدّ روسيا قد تدخل في طريق مسدود.
وأضاف رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف، في مقابلة مع راديو “ليبرتي”: “لا يوجد تكافؤ في الجو، وهذا يعقد العديد من القضايا الموجودة على الجبهة اليوم. بمجرد ظهور طائرات F-16 واستخدامها من قبل قواتنا المسلحة إلى أقصى حد ممكن، صدقوني، سيتغير الوضع تغييرا جذريا أمام أعيننا”.
وتعهدت النرويج، إلى جانب الدنمارك وهولندا، بتقديم طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى أوكرانيا، لكن من غير المرجح أن تكون في الخدمة مع القوات الجوية الأوكرانية حتى وقت ما من العام المقبل، وفقا لمسؤولين في أمريكا وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأعلنت الولايات المتحدة، الخميس، أنها ستبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات المتقدمة في أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال دانيلوف إن “أوكرانيا تواصل في الوقت الحالي عمليتها المعقدة على الأرض، وتحافظ على نهجها لإبقاء الضحايا عند أدنى حد ممكن”.
وأضاف: “إذا اعتقد أي شخص أن الأمر كان سهلاً وأننا نستطيع تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا مثل تحرير جميع أراضينا بسرعة كبيرة، فليتذكر أن العدو قوي، ولديه نظام معين من الدفاعات”.
رغم تبرير أوكرانيا والدعم العسكري الغربي المتواصِل لكييف، فشل الهجوم الأوكراني المضاد، حتى الآن، في تحقيق أهدافه، ما يعني إحكام روسيا سيطرتها على الأراضي التي استولت عليها شرقي وجنوبي البلاد.
لعب الطقس و3 تكتيكات عسكرية روسية دورا كبيرا في إفشال الهجوم الذي يعوّل عليه الغرب في انتصار أوكرانيا واستنزاف روسيا، مقابل تحقيق التكتيك العسكري الأوكراني “تقدّم البعوض” بعض النتائج الإيجابية بالمعارك.
وفق تقدير خبير روسي لموقع “سكاي نيوز عربية” فإن الجيش الأوكراني لم يصل إلى الخط الرئيسي للدفاعات الهندسية الروسية، بينما تتوافر لنظيره الروسي فرصة أكبر للمناورة والمرونة بفعل عمليات الاستطلاع الناجحة والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة.
خسائر فادحة
قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، السبت، إن الجيش الأوكراني خسر نحو 20% من عتاده العسكري خلال الأسبوعين الأولين من الهجوم المضاد الذي شنّه في 4 يونيو الماضي ضد نظيره الروسي.
وأضافت:
معدل الخسائر انخفض مع تباطؤ الهجوم وقيام القادة الأوكرانيين بتغيير تكتيكاتهم العسكرية.
في الأسبوعين الأولين من الهجوم المضاد، تعرّض ما يصل إلى 20% من الأسلحة الأوكرانية للتلف أو الدمار.
تشمل الخسائر بعض آلات القتال الغربية الهائلة والدبابات وناقلات الجند المدرعة.
الخسائر انخفضت إلى نحو 10% خلال الأسابيع الماضية.
انخفاض الخسائر جاء بعد أن غيّرت أوكرانيا تكتيكاتها وركّزت على استخدام المدفعية والصواريخ بعيدة المدى، بدلا من الهجوم على حقول الألغام وإطلاق النار.
قطع الأوكرانيون حتى الآن 5 أميال فقط من أصل 60 ميلا يأملون في تغطيتها للوصول إلى بحر آزوف في الجنوب وتقسيم القوات الروسية إلى قسمين.
الحقول الزراعية في جنوب أوكرانيا تشكّل عائقا حيث يتم خوض الكثير من الهجمات المضادة.
أضافت الوكالة أن الأسابيع الثلاثة الأولى من القتال كانت محبطة للغاية، ما دفع القيادة الأوكرانية إلى تغيير تكتيكات الهجمات الكلاسيكية وفقًا للوائحها القتالية إلى ما يسمى “تقدّم البعوض”.
فسّرت هذا التكتيك، على أنه هجوم مستمر على المواقع الروسية من قبل مجموعات تكتيكية صغيرة من المشاة بعدد محدود من العربات المدرّعة للدعم الناري، مشيرة إلى أنه “يسمح للعدو بالاحتفاظ بالمدرعات على حساب خسارة الجنود، وحقق بعض النتائج الإيجابية لأوكرانيا”.
نقلت انباء على إن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة من المروحيات القتالية الروسية لحظة انتقالها إلى خطوط القتال من سراياها على شكل أرتال على عمق 2 إلى 8 كيلومترات من خط التماس.
من جهته، قال سكرتير مجلس الأمن والدفاع القومي الأوكراني، أليكسي دانيلوف، على خلفية عدم نجاح القوات الأوكرانية في هجومها المضاد، يوم السبت، إن النتائج ستظهر في أغسطس وسبتمبر، مبررا ذلك بالطقس.
وأضاف في مقابلة مع صحيفة “الغارديان” البريطانية: “الطقس في أوكرانيا أحد الأسباب التي تعيق تقدّمنا، ومعظم الثمار تنضج في أغسطس وسبتمبر”.
تشن أوكرانيا هجوما مضادا لاستعادة مساحات من الأراضي في شرق وجنوب أوكرانيا، استولت عليها القوات الروسية في عمليتها التي بدأت فبراير 2022.
تركّز كييف على السيطرة على قرى في الجنوب الشرقي في حملة باتجاه بحر آزوف ومناطق قريبة من مدينة باخموت الشرقية التي استولت عليها القوات الروسية في مايو بعد معارك استمرت لعدة أشهر.
بوتين:نحتفظ بحق الرد إذا استخدمت القنابل العنقودية ضد قواتنا
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأحد أن القوات الروسية تحتفظ بمخزون كاف من القنابل العنقودية.
وأضاف الرئيس الروسي أن روسيا تحتفظ بحق الرد في حال استخدام القنابل العنقودية ضد قواتها.
وقال بوتين: “حتى الآن، لم نقم بذلك، ولم نستخدمها (الذخائر العنقودية)، ولم تكن لدينا مثل هذه الحاجة، على الرغم من النقص في الذخيرة في وقت ما، لكن لدينا أيضًا ذخيرة، لكننا لم نفعل ذلك”، وفقا لموقع “سبوتنيك” الروسي الإخباري.
وحول إرسال الولايات المتحدة شحنات الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا قال الرئيس الروسي: “إنهم يفعلون ذلك بسبب نقص الذخيرة بشكل عام”.
وكشف بوتين، في مقابلة مع الصحفي بافيل زاروبين، أن “الولايات المتحدة نفسها وصفت في السابق استخدام الذخائر العنقودية بأنه جريمة”، مضيفا “أعتقد أن هذا هو ما ينبغي أن يكون”.
وأضاف: “أود أن أقول إن روسيا لديها مخزون كاف من أنواع مختلفة من الذخائر العنقودية، من مختلف الأنواع”.
وتأتي تصريحات بوتين بعد أيام على تصريحات مماثلة صادرة عن الرئاسة الروسية ووزير الدفاع الروسي.
ففي الثاني عشر من يوليو الجاري، أعلن الكرملين أن روسيا ستضطر لاتخاذ إجراءات وتدابير مضادة إن استخدمت كييف الذخائر العنقودية التي وعدتها بها واشنطن مؤخرا.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف: “احتمال استخدام هذا النوع من الذخيرة من قبل كييف يغير الوضع، وبالطبع سنضطر لاتخاذ إجراءات جوابية مضادة”.
وقبل ذلك بيوم، حذر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، من أن تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بذخائر عنقودية، سيضطر القوات الروسية إلى استخدام أسلحة مماثلة ضد القوات الأوكرانية.
وقال شويغو: “إذا زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بذخائر عنقودية، فستضطر القوات المسلحة الروسية إلى استخدام أسلحة مماثلة ضد القوات الأوكرانية كرد فعل”، مشيرا إلى أن الذخائر العنقودية الروسية أكثر فاعلية من الأميركية، فضلا عن أن مداها أوسع وأكثر تنوعا.
وأكد وزير الدفاع الروسي أن بلاده مسلحة بذخائر عنقودية “لجميع المناسبات”، مشددا على أن روسيا امتنعت وتمتنع عن استخدام مثل هذه الذخائر في العملية الخاصة، إدراكا منها للتهديد الذي تشكله على السكان المدنيين.
هجوم أوكرانيا على لوغانسك بالذخائر العنقودية
واليوم الأحد، أفادت تقارير إعلامية روسية أن القوات المسلحة الأوكرانية هاجمت الجزء الجنوبي الغربي من مدينة لوغانسك، باستخدام الذخائر العنقودية طويلة المدى.
وقال المقدم المتقاعد أندري ماروتشكو في قوات لوغانسك الموالية لروسيا إلى تاس إنه “في حوالي الساعة 10:00 بتوقيت موسكو في جنوب غرب مدينة لوغانسك، سمع السكان عمل الدفاع الجوي، ثم كانت هناك انفجارات متدحرجة تشبه إلى حد بعيد انفجارات الذخائر العنقودية، أي أنه كان هناك ليس انفجارًا واحدًا، ولكن كان هناك عدد كبير منهم وفي وقت واحد تقريبًا”.
وأضاف “يمكنني أن أفترض أنه صاروخ بعيد المدى، ولكن بجزء عنقودي. ولكن ما هو نوع الصاروخ الذي استخدمه المسلحون الأوكرانيون، لا أستطيع أن أقول بالتأكيد حتى الآن”.