لم يعد اللجوء لاستخدام الذكاء الاصطناعي يتوقف على مجال أو قطاع معين، فمع انتشار تقنياته، تتوسع المحاولات البشرية لاستخدام هذا التطور التكنولوجي، خيرا أو شرا.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحًا شاملاً للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو ممارسة لعبة الشطرنج. يُستخدم هذا المصطلح غالبًا بالتبادل مع مجالاته الفرعية، والتي تشمل التعلم الآلي (ML) والتعلم العميق. ومع ذلك، هناك اختلافات.. على سبيل المثال، يُركز التعلم الآلي على إنشاء أنظمة تتعلم أو تحسّن من أدائها استنادًا إلى البيانات التي تستهلكها. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن كل سُبل التعلم الآلي ما هي إلّا ذكاء اصطناعي، فإنه ليس كل ذكاء اصطناعي يُعد تعلمًا آليًا.
كيف بدأت القصة ؟
مؤخرا، لجأ محتال صيني لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الاحتيال، حيث استخدم هذه التقنية لتغيير شكله وانتحال شخصية صديق رجل أعمال شهير انتزع منه حوالي 4.3 ملايين يوان، ما يتجاوز 614 ألف دولار شغل من خلاله منصات السوشيال ميديا .
وأوضح الضحية “غوو” أنه تلقى في نيسان الماضي مكالمة عبر الفيديو من شخص بدا شبيها بأحد أقاربه، مدعيا أن صديقا آخر بحاجة ملحة إلى مبلغ من المال، ونجح بالفعل في إقناع غوو بتحويل نحو 600 ألف يورو أي قرابة 614 ألف دولار من الحساب المصرفي لشركته.
وأدرك رجل الأعمال الخطأ الذي اقترفه عقب رد الفعل الذي أظهره صديقه، فاتصل بالشرطة التي أمرت المصرف بوقف عملية التحويل، وتمكّن من استرداد 614 ألف دولار، لكنه لم يتم تحديد هوية المحتال أو التعرف على مكانه
أسس إيلون ماسك في آذار الفائت شركة جديدة متخصصة في الذكاء الاصطناعي أطلق عليها اسم “إكس. إيه آي” (X.AI) وتتخذ نيفادا مقراً، وفقاً لوثيقة رسمية عن الشركات المسجلة في هذه الولاية الأمريكية اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وأوضح مقال نشرته صحيفة “فايننشل تايمز” أن الشركة الجديدة تهدف إلى منافسة شركة “أوبن إيه آي” الناشئة التي صممت روبوت المحادثة “تشات جي بي تي” القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يتفاعل مع البشر ويستطيع إنتاج كل أنواع النصوص عند الطلب.
وأدى النجاح الذي حققه هذا البرنامج منذ إطلاقه في نهاية تشرين الثاني الفائت إلى تسابق شركات التكنولوجيا على توفير هذه التكنولوجيا ذات القدرات المتقدمة.
وأفادت وسائل إعلام متخصصة عدة منذ نهاية شباط الفائت بأن إيلون ماسك يستثمر في مجال الذكاء الاصطناعي.
ونقلت عن مصادر لم تسمها أن ماسك وظف أخيراً إيغور بابوشكين ومانويل كرويس اللذين سبق أن عملا لحساب مختبر “ديب مايند” للذكاء الاصطناعي ضمن مجموعة “ألفابت”، مالكة “غوغل”.
وأشارت إلى أن ماسك اشترى في الآونة الأخيرة حوالي عشرة آلاف معالج رسوم، وهي حواسيب ضرورية لتدريب البرامج اللغوية التي تقوم عليها نظم الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتزامنت هذه المعلومات مع توقيع ماسك مع مئات الأكاديميين ورؤساء الشركات والشخصيات في نهاية آذار الفائت عريضة دعوا فيها إلى التوقف لمدة ستة أشهر عن إجراء أبحاث ترمي للتوصل إلى تقنيات ذكاء اصطناعي أقوى من “تشات جي بي تي”.
وأبدى هؤلاء تخوفهم مما تحمله هذه التكنولوجيا من “مخاطر كبيرة على البشرية”، وسألوا “هل يراد تطوير” برمجيات “غير بشرية يمكن أن تتفوق علينا في نهاية المطاف من حيث العدد والذكاء وتحل محلنا؟”.
وشارك ماسك في تأسيس “أوبن إيه آي” عام 2015، قبل أن يترك الشركة عام 2018. وباتت “مايكروسوفت” منذ 2019 الممول الرئيسي للشركة الناشئة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً.
وتضمنت وثيقة تسجيل “إكس. إيه آي” الرسمية التي تحمل تاريخ 9 آذار 2023، اسم مدير واحد هو إيلون ماسك وأمين سر هو جاريد بيرتشال، وهو مصرفي سابق في “مورغان ستانلي” يتولى إدارة ثروة الملياردير، بحسب صحيفة “فايننشل تايمز”.
ماسك يوجه دعوة بشأن أنظمة الذكاء الصناعي
دعا الملياردير الأمريكي إيلون ماسك ومجموعة من خبراء الذكاء الصناعي ومديرون تنفيذيون في رسالة مفتوحة إلى التوقف لمدة ستة أشهر عن تطوير أنظمة أقوى من روبوت الدردشة (شات جي.بي.تي-4) الذي أطلقته شركة أوبن إيه.آي في الآونة الأخيرة، مشيرين إلى المخاطر المحتملة لمثل هذه التطبيقات على المجتمع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت شركة أوبن إيه.آي المدعومة من مايكروسوفت النقاب عن الإصدار الرابع من برنامج الذكاء الصناعي (شات جي.بي.تي) الذي حاز على إعجاب المستخدمين عبر إشراكهم في محادثة شبيهة بالمحادثات البشرية ومساعدتهم على تأليف الأغاني وتلخيص الوثائق الطويلة.
وذكرت الرسالة الصادرة عن معهد فيوتشر أوف لايف “يجب تطوير أنظمة الذكاء الصناعي القوية فقط عندما نكون واثقين من أن آثارها ستكون إيجابية وأن مخاطرها ستكون تحت السيطرة”.
وبين سجل الشفافية في الاتحاد الأوروبي إن الممولين الرئيسيين لهذه المنظمة غير الربحية هم مؤسسة ماسك ومجموعة فاوندرز بليدج ومقرها لندن ومؤسسة سيليكون فالي كوميونيتي.
وقال ماسك في وقت سابق من الشهر “الذكاء الاصطناعي يوترني بشدة”. وماسك من مؤسسي شركة أوبن إيه.آي الرائدة وتستخدم شركته تسلا للسيارات الذكاء الصناعي في أنظمة القيادة الذاتية.
ولم ترد شركة أوبن إيه.آي حتى الآن على طلب من رويترز للتعليق على الرسالة المفتوحة، التي طالبت بوقف تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لحين توصل خبراء مستقلين إلى بروتوكولات مشتركة للسلامة.
وتساءلت الرسالة “هل يجب أن نسمح للآلات بإغراق قنواتنا الإعلامية بالدعاية والكذب؟ هل ينبغي أن نطور عقولا غير بشرية قد تفوقنا عددنا وذكاء في النهاية وتتفوق علينا وتحل محلنا؟”
وأضافت “يجب عدم تفويض مثل هذه القرارات لقادة للتكنولوجيا غير منتخبين”.
ووقع أكثر من ألف شخص على الرسالة، من بينهم ماسك.
ولم يكن سام ألتمان وساندر بيتشاي وساتيا ناديلا، الرؤساء التنفيذيون لشركات أوبن إيه.آي وألفابت ومايكروسوفت، من بين الموقعين على الرسالة.
وتأتي هذه المخاوف في وقت جذب فيه روبوت الدردشة (شات جي.بي.تي) انتباه المشرعين الأمريكيين الذين تساءلوا عن تأثيره على الأمن القومي والتعليم.
وحذرت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) يوم الاثنين من خطر استخدام التطبيق في محاولات الخداع الإلكترونية ونشر المعلومات المضللة والجرائم الإلكترونية.
وكشفت الحكومة البريطانية النقاب عن مقترحات لوضع إطار تنظيمي “قابل للتكيف” حول الذكاء الاصطناعي.
مخاطر الذكاء الاصطناعي المحتملة!
قال ، الرئيس التنفيذي لغوغل وAlphabet سوندار بيتشاي، إن الذكاء الاصطناعي (AI) سيؤثر قريبا على “كل منتج من منتجات كل شركة، محذرا من المخاطر التي تشكلها التكنولوجيا على قطاعات التوظيف وتوزيع المعلومات المضللة.
وقال بيتشاي لشبكة التلفزيون الأمريكية CBS: “نحن بحاجة إلى التكيف مع ذلك كمجتمع”. وأضاف أن نمو الوظائف واستدامتها سيتعطلان بالنسبة للصناعات التي تعتمد على ما أشار إليه بـ “عمال المعرفة”، مثل الكتّاب والمحاسبين – وحتى المهندسين الذين صمموا البرمجيات.
وأطلقت غوغل “روبوت الدردشة” للذكاء الاصطناعي، Bard، الشهر الماضي. وجاء ذلك بعد ظهور برنامج ChatGPT عبر الإنترنت من OpenAI في عام 2022، والذي حظي بدعاية كبيرة لقدرته على إعداد أوراق أكاديمية وكتابة مقاطع نثرية معقدة ومفصلة بلغة تشبه لغة الإنسان، من بين أدوات أخرى.
ومع ذلك، فإن روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي – وتحديدا ChatGPT – كان لها منتقدوها. وتم حظره في إيطاليا في وقت سابق من هذا الشهر بسبب مخاوف محتملة تتعلق بالخصوصية، بينما دعا عمالقة التكنولوجيا إيلون موسك وستيف وزنياك، إلى جانب عشرات الأكاديميين، إلى إيقاف تجارب الذكاء الاصطناعي مؤقتا. ويجب “تدقيق التكنولوجيا بدقة والإشراف عليها من قبل خبراء خارجيين مستقلين”، وهي رسالة مفتوحة وقعها موسك ووزنياك.
وحذر بيتشاي أيضا من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي. وقال إن انتشار الأخبار ومقاطع الفيديو والصور المزيفة سيكون “أكبر بكثير”، و”قد يتسبب في ضرر”. وسبق أن نشرت غوغل وثيقة عبر الإنترنت تدعو إلى تنظيم التكنولوجيا للتأكد من أنها “تتماشى مع القيم الإنسانية بما في ذلك الأخلاق”.
وأوضح لشبكة CBS: “ليس للشركة أن تقرر. لهذا السبب أعتقد أن تطوير هذا لا يجب أن يشمل فقط المهندسين ولكن علماء الاجتماع وعلماء الأخلاق والفلاسفة وما إلى ذلك”. ووفقا لبيتشاي، لا يزال هناك “صندوق أسود” في الذكاء الاصطناعي “لا نفهمه تماما”.
ولم يخل كل من ChatGPT وBard من أخطائها. عندما طُلب من Bard شرح التضخم لسكوت بيلي من شبكة CBS، أوصى بقراءة خمسة كتب لفهم الموضوع بشكل أفضل – لم يكن أي منها موجودا. وفشل ChatGPT أيضا في بعض المهام الأساسية، وقد ورد أنه قدم إجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة تماما بالنسبة للاستفسارات.
“وباء قريب”.. العيون على خفافيش البرازيل