تعقد القمة العربية في دورتها الـ 32 على مستوى القادة والزعماء العرب يوم الجمعة المقبل، الـ 19 من مايو (أيار) الجاري بمدينة جدة السعودية، في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة العربية والعالم من أزمات وصراعات إقليمية ودولية. وتتزاحم الملفات الشائكة في الوطن العربي بدءاً بما يجرى في السودان من صراعات ونزاعات ومروراً بحال عدم الاستقرار التي تشهدها ليبيا والتوتر الذي يسود العلاقات الجزائرية – المغربية والنزاعات حول الصحراء الكبرى، إضافة إلى الملف اليمني الشائك.
وتشهد الدورة استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية وحضور الرئيس بشار الأسد الذي تلقى دعوة رسمية من الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد غياب دام 12 عاماً، إلا أن قضية اللاجئين السوريين في لبنان تعد أحد الملفات البارزة على الساحة العربية والتي من المتوقع مناقشتها على طاولة المحادثات، إضافة إلى قضية الصراع العربي – الإسرائيلي.
وبعيداً من السياسية يبرز إشكال الأمن الغذائي الذي تعانيه بعض دول المنطقة، خصوصاً مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على العالم العربي، لا سيما في ما يتعلق بإمدادات الحبوب والقمح وارتفاع أسعار الطاقة، وكذلك إشكال الأمن المائي لكل من السودان بعدما تقدمت القاهرة بمشروع قرار لجامعة الدول العربية لمناقشة ومفاوضات إثيوبيا في شأن سد النهضة.
وتضع تلك الملفات على عاتق القمة العربية إيجاد آليات تستطيع من خلالها مواجهة التحديات المشتركة ودعم الأمن والاستقرار الإقليمي بما يحقق الرفاه لدولها وشعوبها، وكذلك تطوير آليات التنسيق السياسي تحت مظلة الجامعة، وتعزيز التعاون الاقتصادي لدفع عجلة التنمية في مختلف المجالات التي تمس المواطن العربي بشكل مباشر.
الحسم والتنسيق
من جانبه أوضح الأمين العام لمنظمة التعاون الخليجي جاسم البديوي في تصريحات إعلامية “أن التوقيت الزماني والمكاني للقمة العربية يشكل عاملًا حاسماً في المخرجات المرتقبة للقمة بالنظر إلى ثقل السعودية في العمل الدبلوماسي العربي، فضلاً عن طبيعة الملفات المطروحة التي تتطلب تنسيقاً عربياً على مستوى عال، تبذل لأجله الرياض جهوداً مشهودة على أكثر من صعيد”.
أذ و تلقى الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد دعوة رسمية من السعودية، للمشاركة في القمة العربية بدورتها الثانية والثلاثين التي ستعقد في المملكة العربية السعودية ، خلال أيام.
جاء ذلك خلال استقبال رشيد لعبد العزيز الشمري للسفير السعودي لدى العراق , بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وأكد رشيد على “ضرورة انعقاد القمة العربية في الوقت الراهن لمناقشة العديد من المسائل المهمة والعمل على حلّها وتعزيز التعاون المشترك بين دول المنطقة”.
وشدد البديوي على أن النشاط الدبلوماسي المكثف الذي تشهده السعودية دلالة واضحة على المكانة المرموقة التي تحظى بها إقليمياً ودولياً، باعتبارها شريكاً إستراتيجياً مهماً لكل الدول، وعنصراً أساساً في أية معادلة إقليمية أو دولية تهدف إلى استتباب الأمن وإرساء دعائم الاستقرار.
تحولات إقليمية
ولفت البديوي إلى أن “المنطقة شهدت تحولات عدة خلال الفترة الماضية، أبرزها عودة العلاقات بين الرياض وطهران، وهو الاتفاق الذي سيدخل المنطقة العربية مرحلة جديدة من مراحل التعاون العربي – الإيراني الذي ألقى بظلال إيجابية على عدد من الملفات الشائكة في المنطقة”.
وأعرب المسؤول الخليجي عن تطلعاته الواثقة بأن تمثل قمة جدة انطلاقة جديدة في شكل ومضمون وكثافة وسرعة العمل العربي المشترك، بما يحقق آمال الشعوب للبدء بعهد جديد يرتكز على مقومات التنسيق المشترك للتعامل مع تحديات الأمن والاستقرار، إضافة إلى العمل العربي الجماعي لتحقيق عناوين المرحلة التنموية التي تنشدها الشعوب العربية في كنف السلام والاستقرار، وبما يضمن فرص التكامل العربي ويعزز القدرة على كسب رهانات الأمن الغذائي ومكافحة الإرهاب والتنمية الشاملة والمستدامة المستندة إلى ما يزخر به الوطن العربي من إمكانات مادية وبشرية.
ومن المقرر أن تعقد القمة في المملكة العربية السعودية، يوم التاسع عشر من الشهر الجاري.
ومن المرتقب أن تشارك سوريا في أشغال قمة السعودية، بعد موافقة مجلس جامعة الدول العربية خلال اجتماع استثنائي عقده يوم الأحد الماضي، على مستوى وزراء الخارجية، على استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في كافة اجتماعات مجلس الجامعة اعتبارا من7 مايو/ أيار الجاري، وذلك بعد تعليق عضوية سوريا منذ أكثر من 12 عاما.
تتصدر هذه المشاريعَ:
القضية الفلسطينية والتطوراتُ في قطاع غزة والضفة الغربية، على اعتبارها قضيةَ العرب الممتدة.
كما تفرض أزمة السودان نفسها، في سياق استمرار الجهود العربية للوصول إلى وقف دائم وفوري لإطلاق النار في الخرطوم، والتأكيد على أن الأزمة شأن داخلي، لا يحتمل التدويل.
ومع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، يحظى ملف الأزمة الممتدة في البلاد على مدى أكثرَ من عقد، بحيّز من مشاريعِ القرارات العربية المرتقبة، إلى جانب ملف إعادة الإعمار.
وبطبيعة الحال، لن تغيب الأزمتان الليبية واليمنية عن طاولة القمة العربية.
كما ستحظى بالبحث الأوضاع في لبنان، وتحديدا ملفَ الفراغ الرئاسي والأوضاعَ الاقتصادية في البلاد، إضافة إلى أوضاعِ اللاجئين السوريين والفلسطينيين.
ويتضمن جدول أعمال القمة العربية:
تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب و تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، وصيانة الأمن القومي العربي.
على الجانب الاقتصادي:
التركيز على ملف الأمن الغذائي العربي.
مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن أزمة كورونا والأزمة الأوكرانية.
تبدو الإرادة السياسية العربية أقوى هذه المرة لإيجاد حلول عربية للأزمات التي عصفت ببعض دول الجامعة. ورغم تشكيك البعض بالنتائج المنتظرة، تعطي المؤشرات والتحركات التي سبقت القمة آمالا كبيرة.
رشيد يؤكد أهمية القمة العربية لمناقشة المسائل المهمة وتعزيز التعاون
أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، الأحد، أهمية انعقاد القمة العربية في الوقت الراهن؛ لمناقشة العديد من المسائل المهمة والعمل على حلّها وتعزيز التعاون المشترك بين دول المنطقة.
وأشار الرئاسة العراقية إلى أن اللقاء بحث سير العلاقات الثنائيَّة وسبل تعزيزها وبما يحقق مصالح البلدين.
الرئيس الفلسطيني يصل إلى جدة للمشاركة في القمة عربية
الرئيس الفلسطيني محمود عباس(أبو مازن) للمشاركة في قمة جدة العربية
وكان في استقبال الرئيس الفلسطيني بمطار الملك عبد العزيز الدولي، نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وتستضيف مدينة جدة السعودية غدا أعمال قمة مجلس جامعة الدول العربية في دورتها الـ 32 ، حيث تبحث القمة العربية العديد من الملفات والتطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم وتطورات الأزمة السودانية وجهود محاربة الإرهاب ومستجدات القضية الفلسطينية.
الأنظار تتوجه لمشاركة الأسد في قمة السعودية
تعد عودة نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحفل العربي إشارة على انتهاء عزلة بلاده التي مزقتها الحرب، بعد أن ظلت معظم الدول العربية تنأى بنفسها عنه إثر قمعه للاحتجاجات على حكمه في 2011 والحرب الأهلية التي نشبت بعد ذلك.
بعودة نظامه إلى حضن الجامعة العربية، يبدو أن العزلة التي فرضتها معظم الدول العربية على الرئيس بشار الأسد، بعد قمعه للاحتجاجات على حكمه قبل أكثر من 10 سنوات، قد انتهت.
ودعمت السعودية وقطر وغيرهما المعارضة المسلحة المناهضة للأسد لسنوات. لكن الجيش السوري استعاد السيطرة على معظم البلاد بدعم من إيران وروسيا وجماعات مسلحة شبه عسكرية.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الدول العربية أخرجت الأسد من عزلته، فإنها تطالبه أيضا بالحد من تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا وتمكين لاجئي الحرب من العودة.
مع ذلك يمثل هذا التطور تحسنا مذهلا في حظوظ الرئيس السوري.
“لحظة انتصار للأسد”
ويقول ديفيد ليش أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ترينيتي في تكساس “هذه بالتأكيد لحظة انتصار لبشار الأسد، حيث يتم قبول (عودته) مرة أخرى في جامعة الدول العربية، وفي العالم العربي، بعد النأي عنه وفرض العزلة عليه لأكثر من عقد”.
وعبرت عدة دول منها قطر والكويت عن معارضتها لعودة الأسد. لكن القمة ستبرز على الأرجح حقيقة أن قطر قلصت طموحاتها في أن تكون لاعبا دبلوماسيا رئيسيا في المنطقة وقبلت بدور سعودي مهيمن.
ولا يمثل الأسد القضية الخلافية الوحيدة بين العرب، فالجامعة منقسمة حول مسائل عدة منها التطبيع مع إسرائيل وسبل دعم القضية الفلسطينية والأدوار الإقليمية لتركيا وإيران وإلى أي جانب تنحاز في السياسة العالمية التي تشهد حالة استقطاب.
كما يحضر القمة في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر مبعوثون من طرفي الصراع في السودان. ومن المتوقع أن يهيمن هذا الصراع على المناقشات. وتستضيف السعودية محادثات بشأن وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية في السودان منذ أسابيع.
“دور سعودي مهيمن”
تسعى السعودية لإرسال رسالة مفادها أن العرب سيعملون معا، هذا وفقا لما يراه عبد الله با عبود مدير كرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية والأستاذ الزائر في جامعة واسيدا في طوكيو.
ويقول با عبود “هذا يساعدها (الرياض) ليس فقط من حيث مكانتها في الشرق الأوسط، ولكن أيضا فيما هو أبعد من ذلك فيما يتعلق بالتعامل مع القوى الدولية سواء كانت الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين”.
وواشنطن متشككة فيما يتعلق بعودة الأسد إلى الجمع العربي. وقدمت مجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون في الأسبوع الماضي يهدف إلى منع اعتراف الولايات المتحدة بالأسد كرئيس لسوريا وإلى تعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات.
ومن المرجح أن تؤدي عودته إلى جامعة الدول العربية إلى إحياء التساؤلات حول سجله في مجال حقوق الإنسان. وقال محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة إن القوات الحكومية استخدمت الأسلحة الكيماوية أكثر من عشرين مرة خلال الحرب الأهلية السورية. ونفت سوريا مرارا استخدام أسلحة كيماوية. لكن الأسد أثبت قدرته على الصمود رغم ضغوط قوى غربية ودول عربية دعمت أعداءه في الحرب.
“العودة لوضع مشابه لما كان عليه قبل الربيع العربي”
وتشكل الأزمة السورية وصراعات إقليمية أخرى منها اليمن وليبيا مزيدا من التحديات لجامعة الدول العربية التي غالبا ما تتسبب الانقسامات الداخلية في تقويض دورها. ويقول القادة العرب إن الأمن أهم من الديمقراطية.
قال جوزيف ضاهر الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا “هناك بالفعل استعداد في السنوات القليلة الماضية من قبل السعودية وجهات إقليمية فاعلة أخرى لتعزيز شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي في المنطقة”.
وأضاف “على الرغم من الخلاف المستمر بين مختلف الدول… فإن لديها موقفا مشتركا يتمثل في الرغبة في العودة إلى وضع مشابه لما كان عليه قبل انتفاضات 2011″، أو ما عرف بالربيع العربي.
تأتي قمة هذا العام أيضا في الوقت الذي تعاني فيه مصر وتونس ولبنان من تفاقم التضخم والبطالة والغضب الشعبي.
لكن السعودية والإمارات وضعتا نهجا جديدا للتعامل في أوقات الأزمات، مفاده أن زمن المساعدات دون قيود أو التزامات قد ولى.
يشارك الرئيس السوري بشار الأسد غدا الجمعة 19/05/2023 في القمة العربية التي ستنعقد في جدة، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2010، بعد جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي، وبعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عامًا على خلفية النزاع المدمّر في سوريا.
وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي شارك الأربعاء في اجتماع تحضيري للقمة عقده وزارء خارجية الدول العربية في جدة، رداً على سؤال لقناة “الجديد” التلفزيونية اللبنانية، إن الأسد “سيأتي لحضور هذه القمة، إن شاء الله”.