فاز فيلم “جنائن معلقة” للمخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي أسدل الستار عليها، أمس الأربعاء، في السويد.

المهرجان الذي تأسس في 2011 يعد أكبر نافذة للسينما العربية بالدول الاسكندنافية ويستضيف سنوياً مجموعة من صناع ونجوم السينما . كما حصل فيلم “جنائن مُعلقة” على جائزة أفضل سيناريو ونال بطله حسين محمد جليل جائزة أفضل ممثل.

قصة فيلم يحكي واقع حياة من مكب النفايات

عندما تسمع عن فيلم عنوانه «جنائن معلقة» يدور بذهنك أنك سترى فيلماً سينمائياً خيالياً، صوِر في مساحات خضراء تحاكي حدائق بابل المعلقة، أو فيلماً رومانسياً مستوحى من القصة الأسطورية الشهيرة لهذه الحدائق التي بناها الملك نبوخذ نصر الثاني لزوجته. لكن الواقع هو أن الفيلم صوِر في مكب نفايات بالعراق، قصته مستوحاة من أحداث حقيقية تحكي واقعاً مريراً.

حسين محمد في أحد مشاهد فيلم «جنائن معلقة

«جنائن معلقة» قصة فيلم في ظاهرها بسيطة، لكنها تحكي بعمق عن أثر الدمار الذي تسببت فيه الحروب المتتالية في العراق، وما أحدثته من مشكلات اجتماعية واقتصادية. أخرجه أحمد ياسين الدراجي، ومثل فيه كل من حسين محمد جليل، وسام ضياء، جواد الشكرجي وأكرم مازن علي.

قصته مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت في عام 2006 عندما كانت الحرب الأهلية تعصف ببغداد، وكانت المدينة تشهد وجوداً كثيفاً للقوات الأميركية. يقول الممثل العراقي وسام ضياء لـ«الشرق الأوسط»: «بالطمر الصحي (مكب النفايات) في العراق تباع المخلفات التي تُجمع من جميع المناطق بأسعار زهيدة، لكن نفايات السفارة الأميركية يفتح عليها مزاد وتباع بأسعار أعلى من البقية، ليعاد تدويرها، والفيلم يتناول كيف لأشياء من ضمن المخلفات الأميركية أن تؤثر سلباً على المجتمع»

وأضاف: «حدثت قصته مع المخرج أحمد ياسين الدراجي، عندما وجد زميله مغلفاً أسود تابعاً لرتل أميركي، وأحضره معه لكلية الفنون الجميلة التي كان يدرس بها، وعندما فتحه هو وأحمد، تفاجأوا أن بداخله دمية مطاطية، ومن هذه الواقعة استوحى المخرج الذي أيضاً شارك في كتابة سيناريو الفيلم».

ويحكي الفيلم عن الشقيقين طه وأسعد اللذين يبحثان عن لقمة العيش من خلال جمع المعادن والبلاستيك من مكب النفايات الأسطوري الشهير باسم «جنائن بابل المعلقة» في بغداد. وفي أحد الأيام يلفت انتباههما مكب نفايات الجيش الأميركي الذي يضم مجلات خليعة ضمن عدد من باقي الأشياء، وفيعه يعثر أسعد على دمية مطاطية مهملة ويقرر إحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجها بقلق ما يهدد صلتهما الأخوية، ضمن تحدَي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة. الفيلم مدعوم من صندوق البحر الأحمر.

واستطرد ضياء: «استغرق تصويره ما يقارب 28 يوماً، فيما كان التجهيز قائماً منذ عام 2016، وبدأ التصوير في 2020، وصوّرنا المشاهد في الطمر الصحي، وعشنا الأجواء بكل قسوتها، ورغم صعوبة التأقلم إلا أننا بعد يومين من وجودنا في الموقع والتصوير اعتدنا على الرائحة السيئة وقسوة الأجواء».

يقول بطل الفيلم حسين محمد: «هذا الفيلم السينمائي الأول الطويل الذي أقدمه، ورغم قسوة ظروف المنطقة التي صورنا فيها، إلا أن التجربة كانت ممتعة وحماسية».

من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط»، أكرم مازن، مشارك في الفيلم، «إن تجربة التصوير كانت بالغة الصعوبة بسبب المكان، ولكن المخرج أحمد يس استطاع أن يجعل من صعوبته تحدياً، ليخرج أجمل ما في الممثلين من إبداع في الأداء».

جوائز الافلام . 

وحصل فيلم (هايفن) للمخرجة رين رزوق على جائزة أفضل فيلم غير روائي، ومنح المشاهدون من خلال التصويت المباشر “جائزة الجمهور” للفيلم السوداني (أجساد بطولية) للمخرجة السودانية سارة سليمان.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم (بطاطا) للمخرجة الكندية من أصول لبنانية وسورية نورا كيفوركيان، كما نوهت اللجنة بالفيلم التونسي (تحت الشجرة) للمخرجة أريج السحيري.

ونالت الجزائرية عديلة بن ديمراد جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم (ملكات) فيما حصل الفلسطيني فراس خوري على جائزة أفضل إخراج عن فيلم (عَلم).

هذا وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز بالجائزة فيلم (ماما) للمخرج المصري ناجي إسماعيل، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم اللبناني (يرقة) للمخرجتين ميشيل ونويل كسرواني، كما نوهت اللجنة بفيلم (ألمظ) للمخرجة ميا بيطار من السودان.

وقال رئيس ومؤسس المهرجان محمد قبلاوي في كلمة الختام: “عشنا وإياكم، وعلى مدار ستة أيام متواصلة، أياماً سينمائية بامتياز، تضاف إلى مسيرة 13 عاماً من عمر المهرجان”.

وأضاف: “لن نسدل الستار، بل نختتم العيد السينمائي الثالث عشر لمهرجان مالمو للسينما العربية بالإعلان عن بدء أعمال الدورة الرابعة عشر، والتي ستقام في الفترة من 22 إلى 28 أبريل 2024”.

فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية . 

وسط حضور كبير من النجوم والمخرجين وصناع السينما العرب والاسكندنافيين أذ وشهد المهرجان تكريم النجم حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، وشهد حفل الافتتاح عرض فيلم افتتاح المهرجان “حُمّى البحر المتوسط” للمخرجة الفلسطينية مها حاج، في عرضه السويدي الأول بعد جولة ناجحة في المهرجانات بدأها بالعرض في مهرجان كان السينمائي العام الماضي ضمن مسابقة نظرة ما، حين حصل الفيلم على جائزة أحسن سيناريو، قبل أن يبدأ رحلة شارك فيها بمهرجانات عديدة من بينها شيكاغو وسراييفو وطوكيو وهونغ كونغ وساو باولو.

وضمت المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة 12 فيلمًا، مسابقة الأفلام القصيرة 17 فيلمًا، بالإضافة لأربعة أفلام في برنامج “ليالي عربية”، فيلمين في برنامج “أفلام تستحق المشاهدة”، فيلم في عروض المدارس، فيلمين للأسرة، ثلاثة أفلام سعودية قصيرة في عرض خاص، وخمسة أفلام ضمن برنامج الأصوات المسموعة (البرنامج الذي ينظمه المهرجان بدعم معهد الفيلم السويدي بالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام لدعم المواهب في الأردن).

وتشكلت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة من المنتج التونسي توفيق قيقة، الممثلة المصرية هنا شيحة، الناقد المقدونية مارينا كوستوفا، الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات، ومهند البكري مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، بينما تكونت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة من الممثل اللبناني نيقولا معوّض، المنتج الفرنسي دانيال زيسكند، والمخرجة السعودية ضياء يوسف الهلال.

ها وقد افتتح مهرجان مالمو للسينما العربية دورته الـ13، الجمعة، والتي تستمر حتى 4 مايو، بمشاركة 45 فيلماً (18 طويلاً و27 قصيراً)، من إنتاج 12دولة عربية.

وتبرز السينما السعودية في برنامج المهرجان عبر 8 أفلام متنوعة في أقسام المهرجان، إذ يعرض فيلمي “أغنية الغراب” للمخرج محمد السلمان، و”رقم هاتف قديم” من إخراج علي سعيد، و”عثمان” من إخراج خالد زيدان، ضمن المسابقة الرسمية.

وسيعرض فيلم “طريق الوادي” من إخراج خالد فهد، وفيلم “الهامور ح.ع” من إخراج عبد الإله القرشي ضمن برنامج ليالٍ عربية، مع برنامج خاص لعرض أفلام قصيرة سعودية هي: “سر برسيم العظيم، إخراج سلطان ربيع، و”كورة” إخراج زياد الزهراني، و”المدرسة القديمة” إخراج عبد الله الخميس”.

وقال مؤسس ورئيس المهرجان محمد قبلاوي في حديث خاص لمنصات التواصل الإجتماعي عن أننا قد “نسعى في مهرجان مالمو دائماً إلى تقديم وجبة سينمائية مميزة من أبرز إنتاجات السينما العربية كل عام، خاصة وأننا ضرنا الملتقى الوحيد للسينمائيين العرب مع أقرانهم من شمال أوروبا ومن الدول الإسكندنافية”.

وأشار قبلاوي إلى التعاون مع مع هيئة الأفلام السعودية في هذا الإطار، سواء من حيث عرض الأفلام الحديثة من السينما السعودية، أو عبر تنظيم ورش عمل على هامش الفعاليات، منها ورشة “اصنع فيلمك خلال 5 أيام”، والثانية بعنوان “مشروع فيلمي” وتدور حول كيفية علاقة المنتج والمخرج بصناديق الدعم.

تكريم حسين فهمي

وأقيم افتتاح المهرجان في مبنى بلدية مالمو التاريخي، بحضو عدد من صناع السينما العربية، منهم النجم المصري حسين فهمي، والذي تلقى تكريماً من المهرجان عن مسيرته الفنية الممتدة لأكثر من نصف قرن، قدم خلالها أكثر من 200 فيلم ومسلسل ومسرحية وعمل إذاعي.

وأبدى حسين فهمي سعادته بالتكريم، متحدثاً في كلمته عن مسيرته الفنية وما تعلمه من خبرات فنية وحياتيه، خاصةً عبر عمله خلال السنوات الأخيرة سفيراً للنوايا الحسنة لذوي الاحتياجات الخاصة، مشيراً إلى أن الأمر شكل بالنسبة له “تجربة إنسانية ثرية”.

واستقبلت نائبة عمدة مالمو أماني لوباني الضيوف في حفل عشاء بالقاعة الملكية، وأشارت في كلمتها إلى الدور الذي لعبه المهرجان في التقريب بين الثقافات وبناء علاقة دائمة بين جمهور مدينة مالمو والسينما العربية.

وشهد الافتتاح عرض فيلم “حُمّى البحر المتوسط” للمخرجة الفلسطينية مها حاج، بعد جولة ناجحة في المهرجانات بدأها بالعرض في مهرجان كان السينمائي العام الماضي ضمن مسابقة نظرة ما، حين حصل على جائزة أحسن سيناريو، قبل أن يبدأ رحلة شارك فيها بمهرجانات عديدة من بينها شيكاغو وسراييفو وطوكيو وهونج كونج وساوباولو.

مشاركة متنوعة

و أما أبرز الأفلام السينمائية المشارِكة في المهرجان، هذا العام، فيتنافس 12 فيلماً، منها “19ب” للمخرج أحمد عبد الله، والفيلم السوري “نزوح” إخراج سؤدد كنعان، والفيلم العراقي “جنائن معلقة” للمخرج أحمد ياسين الدراجي، والفيلم الفلسطيني “علم” للمخرج فراس خوري.

مشاركة متنوعة
مشاركة متنوعة

هذا وتتشكل لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة من: المنتج التونسي توفيق قيقة، الممثلة المصرية هنا شيحة، الناقدة المقدونية مارينا كوستوفا، الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات، ومهند البكري مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.

بينما تتكون لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة من: الممثل اللبناني نيقولا معوّض، المنتج الفرنسي دانيال زيسكند، والمخرجة السعودية ضياء يوسف الهلال.

حكايا الشارع السعودي تدهش جمهور «مالمو»

يشهد مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد، الذي تتواصل فعالياته في هذه الأيام، حضوراً سعودياً كثيفاً بمشاركة 8 أفلام محلية، تركز على قصص الحياة اليومية وتفاصيل الشارع السعودي بكل ما تحمله من آمال وتطلعات وتحديات، وهو ما يجمع النقاد على أنه نقطة قوة لهذه الأفلام التي تظهر نُضج التجارب السينمائية السعودية في فترة وجيزة.

حكايا الشارع السعودي تدهش جمهور «مالمو»
حكايا الشارع السعودي تدهش جمهور «مالمو»

ويبدو من اللافت أن اليوم الذي ينتهي فيه مهرجان مالمو هو اليوم نفسه الذي يبدأ فيه مهرجان أفلام السعودية في دورته التاسعة، مساء الخميس المقبل، مما يعني أن صناع الأفلام السعوديين سينتقلون سريعاً من مهرجان أوروبي إلى مهرجان محلي يحظى باهتمام كبير، ينطلقون بعدها إلى مهرجان كان السينمائي الدولي الذي يعد الأهم عالمياً في 17 من الشهر الجاري، وما بين كل محطة وأخرى تبهر السينما السعودية جمهورها الذي يتابع تطوراتها المتسارعة.

 

حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)

 

للمزيد | الحالة الصحية للفنان توفيق عبد الحميد تُشعل منصات التواصل إلإجتماعي