في الوقت الذي يعتقد أغلب الناس أن مرتكبي الاستغلال أو الاعتداء الجنسي على الأطفال هم من الرجال، كشفت دراسة حديثة عن وجود نسبة مهمة من النساء اللواتي ارتكبن هذا النوع من الجرائم.
وأوضحت الدراسة أن الجاني في أغلب الأحيان يكون صديق العائلة أو الأب وزوج الأم أو أحد الأقارب.
واستندت الدراسة التي أنجزتها كل من جمعية “أمان” المغربية و”المبادرة العالمية للأولاد GBI” بتعاون مع “ECPAT”، على آراء 36 من الأخصائيين الاجتماعيين في الخطوط الأمامية على اتصال بالأطفال ضحايا العنف الجنسي في المغرب الذين كشفوا أن 54 في المائة من ملفاتهم تتكون من الفتيان الذين وقعوا ضحايا للاستغلال أو سوء المعاملة الجنسية، حسبما ذكره موقع “هسبريس” المغربي.
وحسب الدراسة، فإن أكثر المتعرضين للاستغلال أو الاعتداء الجنسي تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 10 سنوات، وفي المتوسط 40 في المائة من الأولاد في هذه الفئة العمرية تعرضوا للإصابة أكثر من الأولاد في الفئات العمرية الأخرى.
وبشأن المستغلين أكد المختصون أن الأمر يتعلق بالذكور بشكل أساسي بنسبة 67 في المائة، مفيدين بوجود مستغلين من النساء أيضا بنسبة 33 في المائة.
وخلصت الدراسة إلى أن غالبية مرتكبي هذا الاستغلال يحملون الجنسية المغربية، 63 في المائة استغلوا ذكورا و70 في المائة استغلوا فتيات، وأنهم غالبا من ذوي القربى إذ 36 في المائة من المستغلين هم أصدقاء للعائلة أو أقارب، ثم الأب أو زوج الأم بنسبة 31 في المائة، أو شخص له سلطة بنسبة 25 في المائة، مؤكدة أنه فيما يرتبط بالفئة العمرية لهؤلاء المستغلين فإنها تفوق 18 سنة بنسبة 47 في المائة.
وأشار الأخصائيون الاجتماعيون إلى أن من بين مختلف أشكال الاستغلال والاعتداء الجنسيين المواد الجنسية التي يتم إنتاجها ذاتيا والتي يتم الاتجار بها هي الأشكال الأكثر شيوعا، سواء كان الضحايا من الأولاد أو الفتيات.
فيما يتعلق بالأولاد، أشار 19 في المائة من إجمالي العاملين في الخطوط الأمامية إلى أنهم اضطروا إلى التعامل مع حالات قام فيها الأولاد بإنشاء صور جنسية أو مقاطع فيديو خاصة بهم وتبادلها، و17 في المائة من هؤلاء تعاملوا مع حالات صبي ضحايا الاتجار بالجنس.
أما بشأن ما يتم تقديمه لهؤلاء الأطفال مقابل الاستغلال الجنسي، أكد المختصون أنه المال بنسبة 47 في المائة، والأمن بنسبة 15 في المائة، أو ضمان مأوى بنسبة 6 في المائة.
وحسب الدراسة، فإن الأولاد المعرضين للاستغلال والاعتداء الجنسيين كانوا كذلك ضحايا التمييز والوصم، يعانون من أمراض جنسية، وفي بعض الحالات يعانون من اضطرابات نفسية وجسدية ومعرفية، فيما بعض الأطفال الضحايا شعروا بالتهديد، ولم يتم فهمهم، وكانوا يجدون صعوبة في تطوير علاقات ثقة أو تخلى عنهم آباؤهم.
وعلى صعيد آخر، طُلب من العاملين في الخطوط الأمامية تحديد العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تزيد من تعرض الأولاد للاستغلال والاعتداء الجنسي في المغرب، فأكد 58 في المائة أن الأمر يعود إلى الفقر، ثم قضاء الوقت في الشارع بنسبة 36 في المائة، ثم الهدر المدرسي بنسبة 31 في المائة، أو هجرة أسرهم بنسبة 28 في المائة، أو هجرة هؤلاء الأطفال للعمل بنسبة 17 في المائة.
وأفاد موقع “اليوم 24” المغربي، أن القضايا المتعلقة بالاعتداءات الجنسية ضد الأطفال عرفت خلال سنة 2021 ارتفاعا ملحوظا، حيث تم تسجيل 2998 قضية مقابل 2261 قضية خلال سنة 2020، بحسب تقرير صادر عن رئاسة النيابة العامة برسم سنة 2021.
ويأتي العنف الجنسي على قائمة الجرائم المرتكبة ضد الأطفال بنسبة تناهز 47%، ما يقتضي تبني مقاربة فعالة تقي الأطفال من هذه الاعتداءات الشنيعة وآثارها المدمرة على حاضرهم ومستقبلهم.
وباستثناء جناية الاغتصاب التي عرفت تراجعا بالمقارنة مع السنتين الأخيرتين (وخاصة سنة 2019، حيث انخفض عدد القضايا من 226 إلى 184 قضية) فإن جل أشكال الاعتداءات الجنسية قد عرفت ارتفاعا.
وأبرز الارتفاعات ما سجلته جناية هتك عرض قاصر بالعنف، إذ انتقلت من 1377 قضية سنة 2020 إلى 1779 قضية برسم سنة 2021 أي بزيادة تفوق 400 قضية (بذلك تشكل أعلى نسبة إذ تصل إلى 28.18% من مجموع الجرائم المرتكبة ضد الأطفال)، تليها جناية هتك عرض قاصر بدون عنف مع ظروف التشديد، التي ارتفع عددها من 373 قضية سنة 2020 إلى 545 قضية سنة 2021، وكذلك الشأن بالنسبة لجنحة هتك عرض قاصر بدون عنف التي ارتفعت بدورها من 316 إلى 486 قضية.
وبلغ عدد الاعتداءات الجسدية المسجلة ما مجموعه 1676 قضية، أي ما يناهز نسبة 27% من مجموع الجرائم المرتكبة في حق الأطفال خلال هذه السنة، مقابل 1179 قضية سجلت سنة 2020 (بنسبة 24,01% من مجموع الجرائم).