تصادف اليوم الذكرى 75 لقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي رفض من قبل قادة العرب على مدى عقود، باستثناء موقف يتيم للزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
نص القرار الأممي على تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أجراء، اثنان تقام عليهما دولتان عربية ويهودية، وثالث للأماكن المقدسة توضع تحت الوصاية الدولية.
يشار إلى أن قرار التقسيم، يعد أول محاولة للأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية في وقت مبكر، وقد صدر القرار رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947، وصوتت لصالحه 33 دولة، وضده 13، فيما امتنعت 10 دول عن التصويت، من مجموع 56 دولة شاركت في التصويت، وهو العدد الكلي لأعضاء الأمم المتحدة آنذاك، ناقص دولة واحدة هي مملكة سيام التي تسمى حاليا تايلاند .
وتوخى قرار التقسيم إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وإقامة 3 كيانات جديدة على أراضيها، على الشكل التالي:
– دولة عربية تقام على مساحة حوالي 11.000 كيلو متر مربع، ما يمثل 42.3% من المساحة الكلية لفلسطين، وهي تقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع قسم من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
– دولة يهودية تبلغ مساحتها 15.000 كيلو متر مربع، تمثل نسبة 57.7% من إجمالي فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش، أو ما يعرف بإيلات حاليا”.
– الكيان الثالث يضم مدينة القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، ويوضع تحت وصاية دولية.
يشار إلى أن مندوبي الدول العربية انسحبوا من اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة حين أعلنت النتيجة، كما أعلنوا في بيان جماعي رفضهم للقرار واستنكارهم له.
ظل هذا القرار مرفوضا من الفلسطينيين ومن قبل الدول العربية على مدى عقود، إلى أن تجاوزه الزمن بالتطورات التي أدت إلى إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية على أجزاء من الضفة الغربية + قطاع غزة.
اللافت أن قرار التقسيم كان مرفوضا من قبل جميع الأطراف العربية والفلسطينية، باستثناء موقف وحيد عبّر عنه الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي يمكن القول إنه في هذه القضية، سبح ضد التيار السائد.
وكان بورقيبة قد أعلن عن مبادرة في 2 يوليو عام 1973، تنص على قبول التقسيم وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 لعام 1947، فيما يتم “ترسيم الحدود بين الدول العربية وإسرائيل من خلال المفاوضات، وإقامة دولة فلسطينية”.
وأوضح الزعيم التونسي مبادرته في خطاب قائلا: “إن هناك شعبين يتقاتلان على أرض واحدة. وإنني أقول لماذا لا نستطيع تصور تقسيم فلسطين بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ بالطبع فإن كل شعب سوف يضحى بشيء. ومن جانبهم فإن الإسرائيليين يتخلون عن الأراضي التي احتلوها بقوة السلاح ويحتفظون بما منحته لهم الأمم المتحدة في عام 1947 بموجب قرار التقسيم رقم 181”.
وفي ذلك الوقت ردت الحكومة الأردنية برفض تصريحات بورقيبة وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع تونس. ولاحقا تساءلت عدة أصوات عربية في خضم التطورات التي شهدتها المنطقة العربية وفي سياق نقد التسويات التي جرت، عما إذا كان الجميع قد أخطـأ وأصاب بورقيبة؟.