قبل ثلاث سنوات وفي غفلةٍ من الزمن وبالاستعانة بالجنرال، قاسم سليماني، وحفنة من أهل الدار، اندسوا خلسةً في مناطق كوردستانية خارج إدارة الإقليم والمُسماة دستورياً بــ”المناطق المتنازع عليها” كما ورد في المادة 140 من الدستور العراقي، الذي وضع لها خارطة طريق لإنهاء ازدواجية علاقتها بين المركز والإقليم.
وبخرقٍ فاضح للدستور الذي يحرم استخدام القوّات المسلحة في النزاعات السياسية بين الحكومة الاتحادية والإقليم والمحافظات، اجتاحت ميليشيات منضوية تحت الحشد الشعبي وبمساعدة القوّات المسلحة العراقية وبإشراف مباشر من، قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني مدن كركوك وسنجار وسهل نينوى وخانقين، وحاولت التقدم باتجاه أربيل عاصمة الإقليم من عدّة محاور في التون كبري ومخمور وأخرى في خاصرة دهوك، إلا أنها باءت بالفشل الذريع، حيث واجهت جداراً صلباً ومقاومة عنيدة من قوّات بيشمركة كوردستان، كلفها خسائر كبيرة في العدة والعدد، اضطرتها إلى وقف هجماتها والتقهقر إلى خطوط دفاعاتها، ووقف زحفها إلى الإقليم وعاصمته أربيل.
واليوم وبعد مرور ثلاث سنوات من تلك العملية، التي أحدثت شرخاً كبيراً في العلاقات بين الإقليم وشعبه من جهة وبين العراق وحكومته من جهةٍ أخرى، بل وكشفت نوايا الكثير من مفاصل الإدارة السياسية والتشريعية المبيتة ضد مكاسب شعب كوردستان وحقوقه الدستورية إلى الحد الذي استخدموا فيه مصطلحات غير دستورية لتقزيم الإقليم وإلغاء هويته السياسية، وفرض الحصار عليه بالتعاون مع كل من تركيا وإيران، مما تسبب في تقهقر شديد في العلاقات مع بغداد وإعادتها إلى المربع الأوّل.
ورغم تداعيات تلك السياسة الخاطئة وتردي أوضاع البلاد بشكل مريع وفي كل النواحي، ما يزال البعض يحاول صناعة قصص وهمية لبطولات فارغة، يحاولون فيها صناعة نمر من ورق حينما يتحدثون عن أحداث كركوك وكأن رئيس الحكومة في حينها بطل من أبطال معارك الحرب العاليمة الثانية، وهم يدركون جيداً وفي مقدمتهم السيد العبادي بأنه لولا الصفقة التي عقدت بين مجموعة من الاتحاد الوطني وبين الجنرال، قاسم سليماني، وقيادات في الحشد الشعبي لما دخل كركوك إطلاقاً، والغريب أنهم يتحدثون عمّا حصل حينها، معتبرين تلك الأحداث المشينة عملية لفرض القانون، بينما هم ومن يعتبرونه “بطلاً” كانوا عاجزين عن فرضه في منطقتهم الخضراء، والأنكى من كل ذلك أنهم يتحدثون عن نصرٍ وهمي، متبجحين بقصصٍ واهية يعرف حقيقتها السيد عبادي، وهي أنه لولا تلك الصفقة، لما تحقق هذا الاجتياح المدّبر خلسة.
إن الإجراءات التي اتُخذت إثر دخولهم المشين إلى كركوك واقحام القوات المسلحة في الخلافات السياسية خرقاً للدستور، ومنعهم لاستخدام اللغة الكوردية وعزل مئات الموظفين والإدارات من مناصبهم لكونهم من الكورد، وتهجير قرابة 180 ألف مواطن، ناهيك عن مقتل المئات من الكورد وحرق بيوتهم ومحلاتهم ومقرات أحزابهم كما حصل قبل عدّة أيّام في حرق مقر واحد من أعرق الأحزاب الكوردستانية والعراقية، وأكبر حزب كوردي عراقي في البرلمان، وإهانة علم الإقليم الدستوري، مما يدلُّ على الكم الهائل من الكراهية والحقد على الكورد وكوردستان، مما أشاع شعوراً مأساوياً لدى الشارع الكوردي، حينما يعجز عن وضع فرق بينهم وبين سلوك علي كيمياوي أبان النظام السابق، حيث أثبتت الأحداث والسلوكيات أنها امتدادٌ لتلك الثقافة التي دمرت البلاد والعباد طيلة أكثر من نصف قرن، ويقيناً ستكون النهايات ذاتها التي ينتهي إليها الشوفينيون في كل زمان ومكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد