قالت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية انه بمثل هذا اليوم في عام 2004 ، أعلن الرئيس جورج دبليو بوش استقالة مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت وسط جدل حول ثغرات المخابرات حول أسلحة الدمار الشامل المشتبه بها في العراق وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
وفي شباط 2004 اتهم سكوت ريتر رئيس مفتشي الاسلحة السابق من الامم المتحدة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) جورج تينيت بالخداع في تصريحاته حول العراق.
وقال سكوت ريتر الذي كان ضابطا سابقا في مشاة البحرية الاميركية (مارينز) ثم مفتشا دوليا، متحدثا الى شبكة سي ان ان الاميركية ان “جورج تينيت كان مخادعا مرة جديدة في كل ما قال”.
واوضح ريتر الذي ينتقد بشدة السياسة الاميركية في العراق ان تينيت “لم يعرض اي وقائع لدعم مزاعمه. يمكنني القول انه لو كانت هذه محاكمة وكان يمثل فيها كشاهد وكان في وسعي استجوابه، لكان تبين نظرا لما انا مطلع عليه ان كل مزاعمه مجرد شائعات وافتراضات”.
وقام تينيت الخميس بالدفاع عن اجهزة الاستخبارات المتهمة بارتكاب اخطاء بشأن الملف العراقي، فاكد ان صدام حسين كان يسعى لاستئناف برنامج للاسلحة النووية ونفى ان تكون اجهزة الاستخبارات تعرضت لاي ضغوط سياسية.
واستقال سكوت ريتر عام 1998 من لجنة الامم المتحدة المكلفة نزع اسلحة العراق، منتقدا سياسة البيت الابيض حيال هذا البلد.
وندد عام 2002 بالاستعدادات الجارية لشن الحرب على العراق، مشيرا الى ان تأكيدات الادارة بشأن حيازة هذا البلد اسلحة دمار شامل غير مدعومة بادلة كافية.
ولم يعارض ريتر جورج تينيت سوى بشأن نقطة محددة، فاكد ان المفتشين الدوليين اكتشفوا برنامج الاسلحة البيولوجية العراقي منذ نيسان/ابريل 1995 وليس بفضل معلومات اعطاها حسين كامل صهر صدام حسين لدى فراره في اب/اغسطس 1995 كما قال تينيت.
وتساءل ريتر “ان كان جورج تينيت مخطئا حول مسألة بهذه البساطة، فكيف يمكن ان نصدق اي شيء يقوله”. واكد انه “لا يمكن دعم اي عنصر ورد في خطابه بالوقائع”.
وطلب ستة مسؤولين سابقين في CIA -بينهم مسؤولون بارزون في قسم مكافحة الإرهاب- من تينيت إعادة ميدالية الحرية الرئاسية بسبب “سكوته عن غزو العراق عندما كانت الإدارة الأميركية الحالية تخطط لها عامي 2002 و2003”.
وقال المسؤولون في رسالة وجهوها إلى تينيت “نطلب منك تخصيص نسبة كبيرة من ريع كتابك إلى عائلات الجنود الأميركيين الذين قتلوا أو أصيبوا خلال الحرب في العراق”. وأضافت الرسالة “إن صمتك ساعد الإدارة الأميركية على شن الحرب”.
كما أن محلل الـCIA السابق مايكل شوار الذي كان يرأس وحدة الاستخبارات المكلفة بالبحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن, انتقد تينيت وحمله مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سبقت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وغزو العراق. وقال في مقال نشر في صحيفة واشنطن بوست “علينا ألا نصدق محاولاته للتنصل من المسؤولية”.
وتزامنت انتقادات المسؤولين السابقين في وكالة الاستخبارات لتينيت مع صدور مذكراته عن عمله في الـCIA التي حملت عنوان “في مركز العاصفة.. سنوات خدمتي في الـCIA” يوم أمس الاثنين.
وقد استقال تينيت من منصبه عام 2004, واعتبر حينها المدير الأطول خدمة بوكالة الاستخبارات. وقد منحه الرئيس جورج بوش ميدالية الحرية -أعلى ميدالية مدنية أميركية- تقديرا لجهوده في خدمة الولايات المتحدة.
لكن ما لفت انتباه منتقدي تينيت هو أنه الآن فقط وبعد إعلان استقالته وجه انتقادات لأسلوب عمل إدارة بوش، ودورها الذي لعبته في تهيئة الأجواء الدولية لتقبل فكرة غزو العراق.
كما أن منتقديه حملوه مسؤولية تضليل الإدارة الأميركية بشأن العثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية, وقالوا إنه أبلغ بوش بأن اكتشاف هذه الأسلحة “أمر مؤكد”.
ووصف العملاء السابقون تينيت بأنه “ألبرتو غونزاليس المجتمع الاستخباري” ووصفوا كتابه بأنه “اعتراف بقيادة فاشلة” مشيرين إلى أنه كان عليه الاستقالة للاحتجاج عوضا عن المساهمة مع الإدارة في التحضير لشن الحرب.
ووقع الرسالة العملاء السابقون لاري جونسون وفيل جيرالدي وراي ماكغوفرن وجيم مارسينكوفسكي وفينس كانيسترارو ودافيد ماكمايكل.
من جهته قال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو إن الإدارة الأميركية صدقت تينيت عندما أبلغ مجلس الشيوخ عام 2003 بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين منح اللجوء لأحد القاعدة البارزين المقربين من أسامة بن لادن, وصادق على تقرير صدر عام 2002 أكد وجود أسلحة تدمير شامل بحوزة الحكومة العراقية.
ومن المعروف أن مزاعم ارتباط الحكومة العراقية بتنظيم القاعدة وملف أسلحة الدمار الشامل نجحا في تسويق حملة الحرب الأميركية على العراق، ومنحا الإدارة الأميركية المبررات لشنها.
وبهذا الشأن قال سنو لشبكة NBC الأميركية للأنباء “إن تينيت يقول الآن إنه لا توجد صلة بين صدام والقاعدة وأسلحة الدمار الشامل لم نعثر عليها, ولم يكن هناك أصلا أي منها”.
واستجاب تينيت لهذه الانتقادات بالقول لشبكة NBC إنه كان يعمل في تلك الفترة ضمن النظام السياسي الأميركي “كنت أؤدي عملي, أمامنا حرب على الإرهاب وصراع في العراق, وكنت أعتقد بأنني سأخدم وطني على أفضل وجه من خلال الاستمرار بأداء عملي بشكل يومي”.
وأضاف أن “الناس ينتقدونني الآن, ويقولون لماذا تكشف عن هذا الأمر الآن بعد أن كنت قد سكت عنه, لماذا صمت عن قول الحق كل تلك الفترة. أقول لهم, إنني لم أسكت عن الحرب أبدا عندما كنت على رأس عملي حتى أنني كنت أبلغ الإدارة برأيي أثناء الجلسات الاستشارية”.
المصدر : وكالات