رد أحمد الصافي، على سؤال وجهه له أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ، بشأن الاتهامات التي نسبت له عقب إنفكاك ألوية العتبات من هيئة الحشد الشعبي، قائلا : “أعتقد أن بعض من ذكرتم قد تنقصهم المعلومة الدقيقة عن مجريات الامور وهذا مما يؤسف له إذ كان ينبغي عليهم أن يتحروا عن المعلومة من مصدرها ونحن أبوابنا مفتوحة للجميع لا أن يعتمد البعض على تخيلات تحليلية تمليها عليه مواقف متشنجة ابتداءً”.
وأضاف ان ” الموضوع له أوليات لمن أراد ان يفهم الواقع، وبعض الإخوة الأعزاء ممن ذكرت قد شط بهم القلم الى أمور قد تطيل الوقوف بين يدي الله تعالى لأنها مبنية على ظنون لاتسمن ولا تغني بقدر ما هي مشوهة للحقيقة ونحن في شهر كريم لايسعنا إلا أن ندعو لهم بالمغفرة ومعرفة الحقيقة رحم الله شهدائنا وأسبغ عليهم شأبيب الرحمة والرضوان”.
بعد أسابيع على اغتيال أبو مهدي المهندس، خرج إلى الضوء ما كان مستوراً. لم يعد «الحشد الشعبي» واحداً، بل «حشدين»، وربما أكثر. خطوة انفصال ألوية «العتبات» الأربعة تُعدّ أول فصول مشروع التفكيك، وتذويب «الحشد» لاحقاً، كما تكشف التطوّرات الأخيرة
في واجهة هذا الحراك، يقف قائد «فرقة العباس القتاليّة» (تتبع «العتبة العبّاسية»)، ميثم الزيدي، المتسلّح بقربه من «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، إذ يُتّهم بأنه يستكمل مساراً اتخذه منذ إعلان فتوى «الدفاع الكفائي» في حزيران/يونيو 2014، وفحواه: نرفض «حشداً» قريباً من طهران. بعد اغتيال المهندس، أجمعت قيادة «الحشد» على اختيار «أبو فدك» لمنصب رئيس أركان الهيئة. خيار لم يستسغه الزيدي ومن معه من قادة الألوية المحسوبة على «المرجعية»: «لواء علي الأكبر» (يتبع «العتبة الحسينية») و«فرقة الإمام علي» (تتبع «العتبة العلوية») و«لواء أنصار المرجعية». ويقال أن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سبق أن وعد الزيدي صيف 2018 بهذا المنصب إن نجح في إقالة المهندس.
الزيدي وداعموه وافقوا على تعيين «أبو فدك» شرط الحصول على أهم ثمانية مناصب في قيادة «الحشد»، أبرزها: العمليات والإدارة المركزية والمالية والتوجيه العقائدي والدعم اللوجستي، مع إبقاء المناصب الأخرى الخاصّة بـ«العتبات» كقيادة الأنبار والفرات الأوسط وشرق دجلة. هذه الشروط استبقت لقاءات جمعت وفداً رفيعاً يمثّل قيادة «الحشد» بوكيلي «المرجعية» في كربلاء: عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي. الأوّل دعا إلى ضرورة إشراك الزيدي ومن معه في أي قرار مفصلي، مؤكّداً دعمه لهم. أما الثاني، فشدّد على أن المرجعية هي من تضع «المعايير… الحشد حشد المرجعية، ولنا حق الفيتو على من لا نراه مناسباً». في المقابل، تمسّك وفد «الحشد» بوضعه معايير قائد أي منصب «ومن تنطبق عليه المعايير يتولّاه». ويُنقل عمّن حضر اللقاء مع الصافي أنّه شهد «نقاشاً أقسى في المضمون… لم يسفر عن أيّ اتفاق، فعدنا إلى بغداد من دون أي نتيجة».
عديد «الحشد» البالغ 164 ألف منتسب قد ينخفض إلى 70 ألفاً
أُجّل الحديث عن تعيين «أبو فدك» رسمياً، لكنّ الرجل باشر عمله فوراً وبعيداً من الأضواء. لم يرق ذلك الزيدي، فتحرّك ومن معه باتجاه وزارة وزير الدفاع، نجاح الشمري، لكن الأخير وجد حرجاً في تقديم الدعم، قائلاً إن «ذهابكم إلى الوزارة مخالفٌ للقانون… أنتم حشد عالجوا مشكلاتكم بينكم». الخيار الثاني والأخير كان رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي. أراد الزيدي «فكّ ارتباط الألوية برئيس الهيئة (فالح الفيّاض) على أن تكون تابعة مباشرة لرئيس الوزراء». ويبدو أن عبد المهدي أراد باستجابته لمطالب الزيدي إرضاء «المرجعيّة»، ضارباً «عصفورين بحجر واحد»: الأوّل تأكيد أنّه لا يحيد عن رغبة النجف، والثاني ثمن قبول النجف عودته عن الاستقالة، والبقاء رئيساً في ظل الإخفاقات المتتالية لتأليف حكومة انتقاليّة. فسّر البعض رسالة عبد المهدي، المفتوحة والأخيرة، بأنّها ضغط على الأحزاب والقوى لتسهيل مهمّة المكلف الحالي مصطفى الكاظمي، أمّا آخرون، فرأوا أنّها «إعلان لجاهزيّة العودة عن الاستقالة». في اليوم التالي، صدر كتاب «فك الارتباط»، فذهب البعض إلى أن «ثمن العودة هو الخضوع لرغبة النجف». وسريعاً أعلن الزيدي، في بيان قبل يومين، شكره لمن سهّل «فكّ الارتباط»، من صالح إلى عبد المهدي وصولاً إلى النجف.
في حيثيات الخلاف، ثمّة من يشير إلى أن الزيدي يسعى إلى استرداد مبلغ كبير من «مالية الحشد» الرافضة لذلك. لكن عنده وعند فريقه تفسير أشمل لـ«المشروع الانفصالي»، يتمثّل في تأكيد تبنّي «المرجعيّة» هذا الخيار، وهو ما يواجهه خصومه بأسئلة مشككة: الأول أن الأمر يتناقض مع سلوك «المرجعيّة»، فهي رفضت التدخّل أو التعليق على استحقاق تسمية رئيس الوزراء، في ظل الأزمة السياسيّة المفتوحة التي ترزح البلاد تحتها منذ 1 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، فكيف لها أن تتدخّل في تفاصيل مماثلة؟ وإن كانت «المرجعيّة» مع خيار «فك الارتباط»، فهذا يعني رفضها الهيكلية الموجودة، لكنّها لم يسبق أن عبّرت عن ذلك، بل أكّدت مراراً التزامها بالقانون الخاص الصادر عن البرلمان عام 2016. هذه الأسئلة وغيرها تقود إلى مخاوف لدى خصوم الزيدي من «تهديم الحشد» الذي أسهم في القضاء على «داعش».
وفق تفسير البعض، دفع القصف الأميركي الذي استهدف مطار كربلاء الزيدي وداعميه إلى التبرّؤ من الصيغ الحاليّة لـ«الحشد» والبحث عن صيغة جديدة تضمن تحييدهم عن أي استهداف. وبيان الزيدي كان محرجاً لعبد المهدي، خصوصاً أنّه يشرعن «فرط الحشد». وما زاد تعقيد المشهد أن الرجل أطلق حراكاً باتجاه الألوية الأخرى ودعوتها إلى «فكّ الارتباط»، على قاعدة أن «هذا الحشد الذي نريده». حراك «دغدغ» توجّهات «سرايا السلام»، الذراع العسكرية لـ«التيّار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، التي سارعت إلى إطلاق «مفاوضات» مع الزيدي للوصول إلى تفاهم ما. ووفق المعلومات، عديد «الحشد» البالغ 164 ألفاً منتسباً قد ينخفض إلى 70 ألفاً إن نجح جناح الزيدي في إقناع قادة الألوية والسرايا باللحاق بركبه.
هذا التوجّه أدركه عبد المهدي، الجمعة الماضي، فأعلن في بيان أنّه «لم يشاور أو يوافق على البيان الصادر عن ألوية الحشد… عملية ارتباط هذه الفصائل بالقائد العام ارتباط إداري وعملياتي فقط، ولا يتناول الكثير من الأمور التي ذكرها البيان المذكور»، مشدّداً على «أهمية الحفاظ على وحدة الحشد وخضوع جميع ألويته للسياقات الانضباطية والعسكرية وأوامر القيادات العليا، شأنها شأن بقية القوات المسلحة». وتبع البيان، وفق مصادر سياسيّة، اتصالات بين مطّلعين على مناخات النجف وعبد المهدي تسعى لرفض «أي حراك من شأنه أن يشقّ عصا الحشد».
أطلق إعلام الحشد الشعبي وسماً (هاشتاك) جديداً وذلك بعد ساعات على تصدر وسم آخر موقع التغريد العالمي في العراق.
ونشر الحساب الرسمي لإعلام الحشد الشعبي الوسم الجديد، فيما غردت حسابات مقربة من الحشد مستخدمة صور القائدين الذين اغتيلا على يد القوات الاميركية في مطار بغداد قاسم سليماني وجمال جعفر (ابو مهدي المهندس).
واستخدم إعلام الحشد وسماً، كان قد استخدمه متظاهرو تشرين في بداية التظاهرات وهو #لن_يسقط_العلم، حيث نشرت الحسابات المساندة للمتظاهرين في حينها الوسم مع صور استهداف المتظاهرين الذين كانوا يحملون أعلام العراق.
ونشر مغردون الوسم مع صور لجدارية تُظهر صورة المهندس وهو يحمل علم العراق، فيما غرد آخرون باللغة الفارسية على الوسم الذي انتشرت معه صور لسليماني.
وشهدت منصة تويتر خلال الساعات الماضية تنافساً، بعد أن تصدر وسم #من_يوالي_غير_وطنه_لادين_له موقع التغريد منذ صباح اليوم، حيث اقتبس مغردون عبارة وردت في رسالة قائد لواء أنصار المرجعية حميد الياسري، خلال تعليقه على تداعيات انسحاب القوات التابعة للمرجعية الدينية العليا، من هيئة الحشد الشعبي.
إقرأ/ي أيضاً: حسابات الفصائل ترد على رسالة الياسري بمقطع قديم لمعتمد المرجع السيستاني
وقال عبد المهدي انه لم يشاور او يوافق على البيان الصادر بتاريخ ٢٩ شعبان ١٤٤١ المصادف في ٢٣ نيسان ٢٠٢٠ عن ألوية الحشد الشعبي (٤٤، ٢٦، ١١، ٢) والذي تداولته وسائل الاعلام”.
وأضاف أن “عملية ارتباط هذه الفصائل بالقائد العام هو ارتباط اداري وعملياتي فقط، ولا يتناول الكثير من الامور التي ذكرها البيان المذكور”.
وشدد على “أهمية الحفاظ على وحدة الحشد وخضوع جميع ألويته للسياقات الانضباطية والعسكرية وأوامر القيادات العليا، شأنها شأن بقية القوات المسلحة”.
كما بينت الأولية الأربعة في بيان مشترك “انها تدرس انضمام بقية القوات والألوية الراغبة بذلك على وفق: المعايير الوطنية، والضوابط القانونية، والالتزامات الدستورية، كما انها ستتواصل مع قيادة الحشد ومديرياته لتنسيق الانتقال”.
من جانبها أكّدت القيادة انها ستستمر في دعم وإسناد المتطوعين الملبّين لنداء المرجعية والوطن على مستوى التدريب والدورات، أوعلى مستوى الخدمات الطبية والإنسانية وغيره.
وبيّنت أنّ هذا الانتقال لن يؤثر في مستوى التنسيق مع ألوية الحشد العزيزة، مؤكدة أنّها تسير وفق الرؤى الوطنية وما تقتضيه طبيعة الأوضاع في العراق، ولا تحمل أي توجهات او مشاعر سلبية تجاه أي طرف او جهة مهمها بلغت تصرفاته، لكنها تسعى لتصحيح بعض المسارات، والمحافظة على المشروع المبارك الذي حمل حسام الدفاع عن العراقيين {أرضًا وشعبا ومقدسات}، مستجيبين لنداء الحق والحكمة والإنسانية الذي أطلقه المرجع الدينيّ الأعلى السيد على السيستانيّ دام ظله الوارف.
كما أكّدت أنّ “كلّ إجراءاتها تمت برعاية ومتابعة من رئيس الجمهورية برهم صالح، والقائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، وبعض القيادات الأمنية والرسمية، فضلًا عن وكيلَيْ المرجعيّة الدينيّة العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي و السيد أحمد الصافي، متعهدةً لشعبنا وقواه الفاعلة على بناء مؤسسة امنية وخدمية تنهض بأعباء الأمانة التاريخية والمسؤولية الوطنية والعهدة الشرعية تجاه البلد لتقديم انموذج صالح للخدمة والدفاع”.
وقدمت “شكرها كلّ الجهات الدينية والحكومية والمنظمات المختلفة الداعمة لهذا المشروع المبارك، والرحمة والرضوان لشهداء هذا البلد العزيز، والدعاء بالشفاء والسلامة لجرحاه الأبطال، والابتهال للباري عز شأنه أن يسلّم بلدنا وسائر البلاد من هذا الوباء وشرّ الجائحة الضارة (كورونا) انه نعم المولى ونعم النصير”.