3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 عالم ما بعد كورونا وهبوط النفط

خير الله العرب

لا حديث في العالم وبين الناس، بغض النظر عن الفئة الاجتماعية التي ينتمون اليها، سوى عن وباء كورونا وكم ستدوم ازمة كورونا ومعها القيود التي فرضت على مئات ملايين البشر. سيتغيّر العالم بعد الانتهاء من وباء كورونا. هذا اكيد. ستتغيّر مفاهيم كثيرة، بما في ذلك العلاقة بين الناس الذين يعملون في المؤسسة ذاتها. سيزداد حتما العمل من البيت. ستزدهر شركات وتفلس شركات. ليس معروفا بعد من سيفلس، لكنّ الطلب سيزداد على الشراء والبيع عن طريق الانترنت وايصال الاغراض الى المنزل. من الصعب التكهنّ بما سيكون عليه العالم الجديد، لكنّ هذا العالم سيلد من رحم وباء اجتاح العالم انطلاقا من الصين.

لكنّ اللافت ان ما تسبب به كورونا من هبوط في سعر النفط، في ضوء تراجع الطلب عليه والجمود الاقتصادي، ستكون له نتائج اخطر بكثير من تلك التي ستترتب على كورونا. سيكون هناك عصر ما بعد كورونا وعصر ما بعد هبوط سعر النفط والغاز.

عاجلا ام آجلا، سيكون هناك دواء يعالج كورونا. المرجح العثور على لقاح يجعل الانسان محصنا في وجه الوباء. ولكن ماذا عن النتائج التي ستترتب على الهبوط المريع لسعر برميل النفط، وهو هبوط مرشح لان يستمرّ طويلا؟

الأكيد ان دولا عدّة ستجد نفسها مهدّدة. بين هذه الدول ايران والعراق وسوريا. لن تجد سوريا من يعيد الاستثمار في إعادة بناء ما هدمته الحرب المستمرّة منذ تسع سنوات فيها. تراوح هذه التكاليف بين مئتي مليار دولار وما يزيد على 500 مليار دولار. لا وجود لارقام محدّدة في ظلّ حرب مستمرة والعجز عن مسح للاضرار. هناك مدن سورية تغيّرت معالمها. البلد كلّه تفتت. حتّى لو وجد من يستطيع فرض حلّ سياسي، ستبقى المشكلة الأكبر تلك المرتبطة بإعادة اعمار سوريا والاستثمار في عملية الاعمار هذه.

من هذا المنطلق، لا تقدّم الزيارة التي قام بها لدمشق أخيرا وزير الخارجية الايراني محمّد جواد ظريف في شيء. انّها زيارة من النوع الاستعراضي لمسؤول إيراني جاء الى دمشق ليستقبله بشّار الأسد وكي يقول ان “الجمهورية الإسلامية” ما زالت حاضرة في سوريا. في وجه من هي حاضرة، هل هي حاضرة في الحرب التي تشنّ على الشعب السوري؟ كانت الزيارة إعادة اعتبار لإيران في وقت بدأت تظهر فيه شكوك روسية حقيقية في قدرة بشّار الأسد على البقاء في السلطة… بل هي ردّ اعتبار لظريف نفسه الذي لا يكن ودّا لرئيس النظام في سوريا؟

ما لا بدّ من الإشارة اليه انّ ظريف قدم استقالته في أواخر شباط – فبراير من العام 2019 عندما زار بشّار الأسد طهران من دون علمه، لكنّه ما لبث ان تراجع عن هذه الاستقالة تلبية لرغبة الرئيس الايراني حسن روحاني. ذهب بشّار الأسد الى طهران قبل اكثر من سنة بمعية قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الايراني الذي اغتاله الاميركيون مطلع السنة بعيد وصوله الى مطار بغداد من دمشق.

هل انتقل ملفّ سوريا من “فيلق القدس” الى الخارجية الايرانية؟ السؤال يطرح نفسه. لكنّ ما يطرح نفسه اكثر من السؤال ما الذي تستطيع ايران عمله لسوريا في ظلّ هبوط سعر برميل النفط والغاز وفي ظلّ العقوبات الاميركية التي اثرت في الاقتصاد الايراني اكثر بكثير مما يعتقد.

هناك دولة اقلّ من عادية يعيش نصف شعبها تحت خط الفقر تريد لعب دور القوّة الإقليمية المهيمنة. لا تستطيع ايران المرفوضة من الشعب السوري تقديم شيء لبشّار الأسد في مرحلة ما بعد هبوط سعر برميل النفط. روسيا نفسها في صدد إعادة النظر في استراتيجيتها السورية، هذا اذا كانت تمتلك اصلا ايّ استراتيجية من ايّ نوع. روسيا تعرف ان عالم ما بعد كورونا وهبوط سعر النفط لا يشبه العالم الذي كان قائما في الامس القريب، في السنة 2019 تحديدا. تجد روسيا نفسها مضطرة الى التفكير في ما تستطيع عمله في سوريا والى إيجاد قواسم مشتركة مع تركيا التي باتت تحتلّ جزءا من الشمال السوري…

ايران مهدّدة وسوريا مهدّدة. يترافق ذلك مع الازمة العميقة التي يجد العراق نفسه غارقا فيها. هناك مئات مليارات الدولارات دخلت خزينة الدولة العراقية بعد العام 2003. تبخرت هذه الاموال في ظلّ نظام قائم على الفساد والمحسوبية… والمحاصصة المذهبية. اصبح العراق بلدا مفلسا. ما لم ينهبه زعماء الأحزاب المذهبية العراقية والتابعون لهم وواجهاتهم المعلنة وغير المعلنة، نهبته ايران. تحوّل العراق الى بلد مفلس في غياب العائدات النفطية التي تمثل نسبة 90 في المئة من دخل العراق. شكّل مصطفى الكاظمي حكومة ام لم يشكّل مثل هذه الحكومة. المهم في العراق من اين سيأتي بالمال لتغطية رواتب نحو سبعة ملايين عراقيي يعملون في القطاع العام؟ هناك فشل عراقي على كل صعيد لنظام ما بعد 2003 الذي يتبيّن كلّ يوم انّه ليس نظاما قابلا للحياة، خصوصا في ظل الهيمنة الايرانية وإصرار الاحزاب الطائفية على تناتش ما بقي من البلد… هذا اذا بقي منه شيء.

في ظلّ هبوط سعر النفط، لا امل باي مستقبل من أي نوع لبلد مثل لبنان وضع نفسه في “محور الممانعة” وصار بلدا مفلسا مثله مثل هذا المحور الذي ليس لديه ما يقدمه ويتباهى به سوى ميليشيات مذهبية وشعارات فارغة. من سيساعد لبنان الذي عزل نفسه عن العرب وليس فيه رجل يمتلك ما يكفي من الشجاعة للقول انّ لا خيار آخر امام الالد سوى صندوق النقد الدولي؟

في عالم ما بعد كورونا وهبوط سعر النفط، لا مفرّ من توقّع انهيارات كبيرة في الشرق الاوسط. من الواضح ان إسرائيل التي تراقب ما يدور حولها اخذت علما بذلك. وهذا يفسّر اتفاق بنيامين نتانياهو ومنافسه زعيم حزب ازرق وابيض بني غانتس فجأة على تشكيل ما سمي حكومة طوارئ في بلد شهد ثلاث انتخابات نيابية في غضون سنة.

ايّ شرق أوسط بعد كورونا وبعد هبوط سعر برميل النفط. هل في العالم من لا يزال مهتما بالاستقرار في تلك المنطقة؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها في غياب المؤسسات الفعالة للدولة في ايران او العراق او سوريا او لبنان… وفي غياب المال خصوصا.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2
أيها الكاظمي.. وزارة الثقافة تناشدك استعادة هيبتها!
حامد شهاب
العرب

فقدت النخب الصحفية والثقافية وحتى الفنية، وبالاخص نقابة الصحفيين العراقيين ونقيبها الأستاذ مؤيد اللامي الأمل، بكل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 وحتى الان، بعد إن تم تغييب صاحبة الجلالة وسلطتها الرابعة، وتعرضت في فترات حكمهم، الى تغاض خطير عن دورهم ومكانتهم، وهم النخيل والقامات الباسقة التي يعتمد عليهم تطور أي مجتمع ونهضة شعبه، وكانوا على الدوام الشموع التي تحترق لتنير طريق الاجيال، الى حيث التطلعات والأماني المشروعة، وهم، أي رجال الاعلام، ونخبهم المثقفة، قدموا على درب المسيرة قوافل من مئات الشهداء في مواجهة الارهاب، حتى عطرت دماءهم أرض العراق، وسقت ترابه الطاهر.

الغريب العجيب أن كل الزعامات العراقية والرئاسات الثلاث، كانوا ما يتركون مناسبة الا وإستنجدوا بالاعلام ورجالات السلطة الرابعة، وترى تصريحاتهم توزع علامات الاشادة بدور الصحفيين، وما أن يكون هناك إستحقاق للأسرة الصحفية بأن تكون وزارة الثقافة من حصة تلك النخب الثقافية، أو المطالبة بمكاسب بسيطة، الا وترى هؤلاء المسؤولون يديرون لهم ظهورهم، ولا يذكرونهم بأي منصب، وهو إستحقاقهم وفقا للاختصاص، وهو أن يكون من بينهم وزيرا للثقافة والاعلام، وكان أملنا في حكومة عادل عبدالمهدي أن يتولى السيد مؤيد اللامي نقيب الصحفيين مهام وزارة الثقافة، لكن محاصصة الأحزاب تنكرت لدور الأسرة الصحفية، ولم يعد يذكرها أحد بتلك الادوار الرائدة التي كانت محل إشادة تلك القيادات أكثر من مرة، وما أن يصل الأمر الى توزيع غنائم السلطة حتى يتم تحويل وزارة الثقافة لأناس ممن لا علاقة لهم بالصحافة من قريب أو بعيد.

لا أدري كيف يتوافق القلم مع حملة السلاح، لتنتصر الكتلة التي تعلن أنها مكرسة من أجل ان تحمل السلاح وتواجه أعداء البلد، وينزوي حملة الأقلام الشريفة قهقريا الى الوراء، ويعيش القلم والفكر حالات إنكسار بعد ان تم حرمانه من أن يتقلد منصب وزارة الثقافة، حتى إنتصر أصحاب حملة السلاح، بإرهابهم، على حملة القلم، بالرغم من أن الوزارة لا علاقة لها بالبنادق من قريب أو بعيد، وسلاحها الوحيد الذي تحمله ولا يحتاج الى رخصة هو القلم، وهو الذي أول ما علم الله به الانسان، “الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم”..(سورة العلق).

وهل يعقل أن تدخل وزارة الثقافة سوق المزايدات والمناقصات وسوق المحاصصة المقيتة وكواليسها النتنة التي كبلت العراقيين بقيود القهر والاذلال والمهانة، وما زال ساسة البلد لا يعيرون للنخب الصحفية والثقافية والفنية ومبدعيهم أي اهتمام، وكأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة، اللهم الا اذا ظهروا في الفضائيات وترى لسان الواحد منهم وكأنه من العشرة المبشرة بالجنة، وان البرلمان ورجال الساسة وضعوا للاعلام والاعلاميين ما يستحقون من المنازل، وما أن تنتهي مهمتهم مع الإعلام ينسون كل شيء، على طريقة كلام الليل يمحوه النهار.

المعيب والمخجل، بل والمقرف أن تمارس قيادات الرئاسات الثلاث الكذب، بدءا من فترة الدكتور حيدر العبادي حتى فترة عادل عبدالمهدي، وبضمنهم رؤساء البرلمان سليم الجبوري ومحمد الحلبوسي ورؤساء الجمهورية من فؤاد معصوم الى برهم صالح، عندما يقومون بزيارات الى نقابة الصحفيين ويلتقون بمجلس النقابة، ويدلون بتصربحات مثيرة عن اهتمامهم بتلك الشريحة ودورها الريادي، بتحقيق مكاسب لهم، الا انهم ومنذ أكثر من ست سنوات يمارسون الكذب المفضوح على الاسرة الصحفية، ولم يعيروا لها اهتماما ولا لنقابتهم بأن يكون لها منصب وزاري مثل وزارة الثقافة، لعلنا نقول أنهم انصفونا طيلة سبعة عشر عاما ولو لمرة واحدة. ولم تحصد الاسرة الصحفية من وعود كل هؤلاء الا الكلام المنمق المعسول الذي يخفي ما بين مضامينه الكذب والرياء والنفاق والدجل..ولا غرابة في ذلك كما يبدو، وعلى شاكلة القول المأثور: اذا كان رب البيت بالدف ناقر، فشيمة أهل البيت نقر.

والمرشح الحالي لرئاسة الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، هو إبن الأسرة الصحفية، وترعرع بين أحضان ربوعها، قبل ان يكون رئيسا لجهاز المخابرات، وأمل الأسرة الصحفية قبل اعلان تشكيلة حكومته، أن يتذكر هذه الشريحة الواعية المثقفة، وينصفها بما تستحق، لا أن يكون الكاظمي على شاكلة من سبقوه، ومن كذبوا عليهم، مرات عدة، وذهبت وعودهم أدراج الرياح، وإذا كان الكاظمي يريد فعلا إنصاف النخب الثقافية والصحفية والفنية هذه المرة، فما عليه الا أن يخرج وزارة الثقافة من دائرة قعقعة السلاح، ويحولها الى أصحاب الكلمة ومن يعلق عليهم الشعب الآمال في أن ينتصروا له، بعد أن خذلهم حكامهم، والقوا بهذا الشعب المسكين المثقف الواعي الغيور على قارعة الطريق.

كفانا أن تكون المهمة الاساسية المكلفة لوزارة الثقافة هي الاهتمام بالمقابر والكهوف، فحياة هذا الشعب المغلوب على أمره أهم من المقابر والكهوف، والاطلال الدارسة، وذكرياتها المرة، حتى وإن كان من باب الاهتمام بحضارة وادي الرافدين. فتوفير رغيف خبز مغمس بالكرامة للعراقيين يعادل كل حضارات الدنيا، وما قيمة الحضارة اذا كان الشعب جائعا وعريانا ويعيش حالات إذلال ومهانة كل يوم، ولا أحد يحاول انقاذه من حالة الفوضى والضياع والتخبط وفشل السياسات العقيمة، التي أدت الى ما ادت اليه، وأصبح حال العراق يبكي عليه الحجر قبل البشر.

إنها فرصة ثمينة أن يعيد السيد مصطفى الكاظمي للسلطة الرابعة هيبتها، بعد إن تحولت الى سلطة عاشرة، وتدحرجت مكانتها كثيرا الى الوراء ومرغت أنوف الاسرة الصحفية بوحل القهر والاذلال والمرارات الاليمة، وفيهم عشرات الكوادر والقيادات القادرة على إدارة مؤسستهم وهي وزارة الثقافة بما يستحقون من مكانة.. ويكون من الافضل تلبية مطامح الأسرة الصحفية بان يكون السيد مؤيد اللامي وزيرا للثقافة، ويجعل هذه الوزارة خارج دائرة المتاريس وقعقعة السلاح، وهي الأولى بأن تطالب بحصر السلاح بيد الدولة لا أن تتحول وزارة الثقافة الى جماعات تفرض عليها وصايتها، والا فمصيرها سيصبح في خبر كان.

العراقيون لا يريدون أن يتباروا مرة أخرى بالسلاح، الابيض كان أم الأسود، بل بالفكر النير المبصر والارادة المقتدرة التي تخلصهم من وباء أمراء الحروب، وبأقلام هذه النخب التي تجرعت كؤوس الحنظل، وهي تبحث لها عن دور أو مكانة دون جدوى، وكلها أمل بأن تنتقل بهذا الشعب الى حال أفضل ويكون بمقدورهم صنع مستقبله بنفسه، بلا خوف ولا إرهاب.. وهو بإمكانه إن ترك له الخيار أن يكون من أفضل وأرقى شعوب العالم على الإطلاق.

أيها الكاظمي.. إن اردت التغيير فعلإ، واردت ان تعيد مكانة الأسرة الصحفية بما تستحق، فابدأ بوزارة الثقافة..فهي بإمكانها ان تعيد نشر قيم الخير والفضيلة والسلام والاستقرار والمحبة، وتودع زمن الاحتراب والاقتتال الطائفي والمذهبي..وإلا إن بقيت أحوال البلد على هذا المنوال، من بناء المتاريس وكل يريد أن يصفي الآخر، على طريقته، فلنقرأ على العراق السلام.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 مَن قتل “سيرجيو”؟ -قصة فيلم- إبراهيم جابر
الغد

فيلم من ساعتين إلا دقيقتين بالضبط، بعنوان “سيرجيو”، بدأت عرضه “نيتفليكس” منذ أيام قليلة، ويروي قصة حياة رجل سلام، ديبلوماسي وعاشق وفيلسوف هو البرازيلي سيرجيو دي ميلو.
وهي أيضاً قصة التفجير الذي دمّر مبنى بعثة الأمم المتحدة في العراق عام 2003، وأودى بحياة عديدين منهم زميلتنا في صحيفة “العرب اليوم” في ذلك الوقت رهام الفرا، وعلى رأسهم سيرجيو، الذي كان قد نجح لتوّه في إنهاء الحرب في تيمور الشرقية وإعلانها دولة حرة. وجاء في مهمة سلام للعراق.
كان سيرجيو ديبلومسياً من طراز رفيع، تنقَّل في أغلب دول العالم غير المستقرة، كالسودان وبنغلاديش وقبرص وموزمبيق ولبنان والبوسنة وآخرها العراق؛ حيث قتل تحت الأنقاض فيما كان بول برايمر واقفاً بربطة عنقه الزاهية على بعد أمتار يتحدث للصحفيين عن “صديقه العزيز” الذي لم تنجح معدات أعتى دولة في العالم في انتشاله من تحت جدار جثم على ساقيه، رغم أنه ظل حياً لحوالي الساعة بانتظار حضور هذه المعدّات!
هو مجرد فيلم سينما، لكنه فيلم ذكي، يضع الأحداث أمامك كما هي، أو كما جرت حرفياً، لكنه في نهاية الفيلم يضع ملاحظة على الشاشة بأن تنظيم “القاعدة” هو الذي كان وراء الانفجار.
بعيداً عن السياسة، أنا هنا أتحدث عن فيلم جريء، يحمل رسالة واضحة وضوح السماء، لكنه لا يطرحها بشكل فج، بل يتركها لك لتقرأها بلغتك بعيداً عن لغة الفيلم.
سيرجيو رجل درس الفلسفة، كان يتصرف في حياته كشاعر، وكان يهرب من الحراس المكلفين بحمايته ليجلس مع المواطنين الفقراء والمسحوقين في الدول التي عمل فيها، ويسمع قصصهم ويبكي. وكان عاشقاً متيماً مات وهو يخبئ في جيب قميصه خاتمي الخطوبة.
لكنه لحظه العاثر دخل في مشادات ساخنة حول دور الأمم المتحدة وأنها ليست تابعة لأحد، ولن تكون غطاء للاحتلال فغضب منه الحاكم بأمره بول برايمر، وهدّده. وهنا يذهب سيرجيو لمكتب البعثة ويعدّ مع مساعديه تقريراً ضخماً من آلاف الصفحات عن انتهاكات الاحتلال في العراق، وقبيل إعلان سيرجيو التقرير بساعات في مؤتمر صحفي، تنفجر البناية بموظفيها ويحدث ما حدث.
بعد التفجير بوقت طويل يصل برايمر إلى مكان الانفجار متمهلاً، ويسأل أحد جنوده بصوت منخفض: هل ما زال حياً؟
هي في النهاية قصة فيلم سينمائي، قد تكون مختلقة تماماً. وقد لا يكون هذا الرجل سيرجيو غادر نيويورك أصلاً، ربما اقتنع برجاءات صديقته كارولينا التي توسّلته وهما يتناولان العشاء:
أرجوك لا تُطع “بوش” أو “كوفي” إن طلبا منك أن تذهب للعراق. أرجوك قل لا. ثم أضافت سأعلّمك أن تقول “لا”. سأقولها وردِّدها ورائي: لا. لا. لا.
وكان يردّد وهو يبتسم.