ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 في وداع صباح علي الشاهر
كاظم الموسوي
الوطن العمانية
خبر الفاجعة سريع الانتشار.. وفي زمن جائحة الكورونا وبسببها يتحول إلى بلاغ للجميع. للعراقيين وللعراق كل خبر من هذا النوع فاجعة أخرى. فاجعة تضاف إلى ما يعانيه الوطن/العراق، أبسطها أو أقلها غياب أبنائه الطويل في المنافي.. وبُعد المسافات.. وتداور السنوات.. وتطول الأيام معهم وتصبح أواخر العمر لهم فيها صفحات فجيعة.
جاءت جائحة الكورونا تتهاوى بمشيتها وتخطف الأرواح المنتظرة أملا والمشرئبة لغد أفضل أو أسعد.. تطارد دون أن تفرق بين الناس ولا تمزح مع من تقترب منه أو تحتك به.. لا عمرا ولا جنسا، لا ثروة أو فقرا، لا لونا أو دينا.. الكل أمامها سواسية كأسنان المشط.. ومرت علينا .. أعداد تتوالى وأسماء تتردد.. أصبحت قوائم كل يوم يفوت!
صباح يوم الاثنين 6/4/2020 في لندن فجعنا بخبر رحيل الكاتب والقاص والمناضل الدكتور صباح علي الشاهر.. وصباح صديق عمر، عقود من الزمن بيننا أخبار وأسرار.. ربطتنا المهاجر والمنافي بعد المقاهي و”الحزب” و”الاتحاد” و”طريق الشعب” وأزقة “الفضل” و”القصر الأبيض” ودروب “الكفاح” و”الثورة”..
كانت أياما وساعات ولقاءات وانتظارا وأملا بشمس عراقية ونخيل مثمر بأنواعه التي لا تعد.. هناك على أرض الرافدين، الوطن المبتلى، لا في المنافي البعيدة طبعا.. ولكنها .. دارت بنا الأيام فغرَّبتنا وأبعدتنا وشردتنا وفرَّقتنا فرادى وجماعات .. قاسية هي الأيام، صعبة ومؤلمة وحتى جارحة.. أي دنيا هذه وأي جائحة سابقة.. وبعدها اللاحقة والتي تزورنا الآن؟!
في صوفيا الخضراء، سهولا وجبالا وشوارع ممتدة ومكتظة، التقينا في أكثر من سفرة ولمة تغيير وشمة هواء بارد تحت غيوم الربيع المزخرفة لسمائها الزرقاء الصافية، كلوحة فنية لفنان قدير، رغم المنع الحزبي وسرية العمل والعواقب، في تلك الظروف وصعوبة الأيام والأحكام، حتى أكملنا دراساتنا العليا ونجحنا بتفوق وامتياز..
وسبقها في الجزائر الفيحاء، على سواحلها الغناء وبحيراتها الثرية اشتركنا في جولات ونشاطات.. تبادلنا الحسرات والهموم والرؤى والاجتهادات.. خدمنا شعبنا الشقيق هناك، وظيفة وملجأ ليس اختياريا في كل الأحوال..
صباح الشاهر أديب وسياسي، صحفي وقاص وروائي، جمع بينها بروية وحلم وخيال، وسرد منها ما استطاع، وبقيت عالقة سطور أو صفحات أو فصول لم تنته حكايتها بعد. بدا الأبداع في القصة القصيرة والكتابة الصحفية النقدية، وواصل في الرواية والبحث الأكاديمي، والمقال السياسي. نشر كتبا لمجموعات قصصية وروايات وفي انتظار لغيرها المخطوط والمعد..
له صفاء ذهن ورقة موقف.. يمكنك معه الاختلاف أو الاتفاق، تحترم رأيه أو تنتقده، تتقبل منه ما لا يقبل أو ترفض منه ما لا يرفض.. بساطة وغضب، وسهولة وانحياز لشعب ووطن وصداقة ورفقة محنة ضد الحصار الجائر والقمع المرفوض وشجن السجن وكارثة الغزو والاحتلال طبعا.. بوصلته لا تحيد ولا تعرف الانحراف.. صوت وطني تلتقي معه وتختلف، تجتمع معه وتفترق، يشد إلى ثوابت وقضايا الشعوب والأمة، يطرب لانتصاراتها ويحزن على النكبات والنكسات والخيبات وما أكثرها في زماننا الذي كتبت خطواته علينا. لكن الأهم هو أنه بقي وفيا وحالما لصباح برونق وشوق وأصالة وأصيل. (أسماء بناته وابنه)، مؤمنا بقناعة تامة بالقيم الإنسانية وبضرورة العدالة الاجتماعية والتكافل الاقتصادي والتعاون الجماهيري وخصوصا في بلد كالعراق ريعي يعتمد على مورد واحد في ميزانيته، ويستأثر فيه من يستلم السلطات، وهم في كل الأحوال أقلية الأقلية، وتجوع أو تجوّع الأكثرية، من أبناء الشعب والوطن، من شعيلة اليد والقلم، من الفقراء والمحرومين والمستضعفين. وكان يدعو دائما إلى الحوار واحترام الآخر، مهما كان ومن أين يكون، خصوصا في الوطن الواحد، وينظر بتفاؤل إلى مستقبل أفضل لأبناء الرافدين والأمة العربية.
في زمن الحظر الصحي والابتعاد الاجتماعي لا تعرف كيف ترد على أسئلة عالقة وأجوبة ممنوعة أو محسومة قانونا وإجراء.. رحل صباح في المستشفى البريطاني وتبادلنا الخبر وكلمات عنه في التواصل الإلكتروني ولكن خسرناه..ونخسر كل يوم .. خسرنا رؤية بأبعاد وطنية قومية إنسانية، تمسكت بجذورها وتعايشت مع نسقها وتطورها الأيديولوجي بمنظار حداثي وسعي للمساهمة في التجديد والتطوير والإبداع. في مقالاته الأخيرة عن الوضع السياسي في العراق كان حادا وغاضبا لما آلت إليه الأمور واشتبكت مع أفكاره وقناعاته والتسارع في التغيرات والتحولات. وقف بأمانة مع شعبه وآماله في التغيير والمستقبل المشرق، منفيا في بلاد الخواجات، بعيدا عن السماوات الأولى، والسماوة المدينة، والأقارب ووادي السلام.
أهكذا تمضي السنون؟ في زمن الكورونا غطتنا أخبارها، فاجعة جائحة، كل مرة نخاف من فتح هواتفنا وبريدنا الإلكتروني، لأننا سنواجه بما يزيدنا لوعة وألما وحسرة.
الرحمة والذكر الطيب للفقيد الغالي ولأهله وأصدقائه الصبر والسلوان..
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 إلا في العراق!
كرم نعمة
العرب
لقد قتل فايروس كورونا تلك الخلافات السياسية، بل إن أشدها وقعا عندما تتعلق بالهوية تراجعت ولو مؤقتا، إلا في العراق
تمعّنْ قليلا، تجد أن الانقسامات السياسية والحزبية المألوفة في أغلب نظم العالم السياسية، عادة ما تكون تحت السطح منذ أسابيع.
لقد قتل فايروس كورونا تلك الخلافات السياسية، بل إن أشدها وقعا عندما تتعلق بالهوية تراجعت ولو مؤقتا، إلا في العراق! هناك عناد أبله موغل في العصبية، كل شيء ثانوي إلا الإمساك بسلطة المصالح، وأن تصل خطورته بنظر السياسيين إلى الإبادة كانتشار الوباء، فالاتفاق على توزيع الحصص السياسية يجب أن يكون في مقدمة الاهتمام، كل شيء من أجل المحاصصة “تكرار لجملة قديمة كل شيء من أجل المعركة” قبل وأثناء انتشار كورنا، وإن عمل الفايروس تصدعات في وجه البلاد الواهن أصلا!
بل أن العلاج الطبي بنظرهم ليس له أهمية عندما توفر الخرافة التاريخية حلا دائما، وعليك أن تربطها بأي مشكلة، زيارة المراقد وفق ثقافة إطلاق القطيع السائدة كانت تحلّ أسوأ الانقسامات القاتلة، فكيف لا تكون علاجا مضمونا وحاسما لكورونا.
بذلك يكون العراق السياسي استثناء، على العكس من كل دول العالم. مع تصاعد الضرر البشري والاقتصادي الناتج عن انتشار الوباء بطريقة عشوائية، لا يوجد في جداول سياسيي المنطقة الخضراء منهاج حل أو خطة تتعلق بالوباء، بقدر استمرار فكرة المواجهة مع الخصوم الافتراضيين -وإن بدوا حقيقيين- على توزيع الحصص الحكومية والجدل المرافق لاختيار رئيس الوزراء.
قبل ذلك لا أحد قادر حتى على الزعم بأن النظام الصحي في العراق جدير بتقديم الخدمات اللوجستية للناس، فهو منهار وينخره الفساد ولم يكن من ضمن اهتمامات كل الحكومات منذ عام 2003.
التشبيهات بزمن الحرب الشائعة غير دقيقة هنا. في الحرب يستبدل الأعداء المحليون بأعداء أجانب، ولدى هؤلاء الأعداء وجوه وأسماء. لكن الواقع في حرب المناصب المستمرة في المنطقة الخضراء، كل شيء يبدو افتراضيا، لا يوجد أمر واقعي كي يبيده فايروس كورونا إلا الشعب العراقي، فالحكومة افتراضية، سلطتها لا تتعدى مبانيها في المنطقة الخضراء، القرارات كذلك، عندما يتعلق الأمر بالحجر الصحي مثلا، دعك من الوعود والإنجازات فقد عرف العراقيون الأكاذيب السطحية والعميقة من السياسيين ورجال الدين على حدّ سواء، كلها قادمة من بؤر الأحزاب الطائفية الحاكمة.
وحدهم المنتفضون العراقيون حقيقة تاريخية مذهلة في هذا البلد المخطوف، لذلك تأثروا بانتشار بالوباء وانسحبوا مؤقتا من أجل المستقبل، من دون أن يتخلّوا عن الأمل في استعادة بلادهم المخطوفة من قبل الميليشيات.
هناك رغبة نبيلة تعمّ دول العالم في التوحد بمواجهة حالة الطوارئ الوطنية، الأحزاب السياسية مسحت صفحة الماضي. يمكن سماع دعوات مماثلة إلى التخلي عن الحزبية السياسية في جميع أنحاء العالم، في الوقت الذي تكافح فيه الحكومات، من سيول إلى واشنطن، من أجل الاستجابة. وهناك بالفعل أمثلة قوية على أعداء سياسيين لدودين يتحدون معا. فمن يعطينا مثالا من العراق!
في بريطانيا، حالة الطوارئ الصحية وضعت السياسة العادية في مرتبة متأخرة، حتى الجدل بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبح غير مهما. موجة التعاطف مع بوريس جونسون في أزمته الصحية فاقت كل خلاف سياسي على بريكست ومستقبل البلاد.
إذ كنّا نتفق جميعا على أن بريكست الذي تقاتل عليه السياسيون البريطانيون على مدار سنوات وقسّم البلاد وعطلها لأشهر، لم يعد له أهمية حيال انتشار كورونا، وأن الازدراء المتصاعد بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطبقات سياسية وإعلامية عديدة تراجع بشكل مفاجئ، فإننا جميعا لا نملك مثالا واحدا يأتينا من العراق عن تراجع تقسيم الحصص والتفرّغ لمنع انتشار الوباء.
فبينما البلاد برمّتها تسقط في هوة الوباء القاتل، كان الحاكم الإيراني الفعلي الجديد إسماعيل قآني يتجول في بغداد من أجل إبقاء وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني آخر! لا أحد تحدث آنذاك عن كورونا بقدر التحدث عن رئيس الوزراء البديل، لا يحدث مثل ذلك السقوط إلا في العراق المخطوف من قبل الميليشيات.
يصعب على جدعون راتشمان كبير محرري الشؤون الخارجية في صحيفة فاينانشيال تايمز، أن يرى توحيد دولة لكفاح طويل ضد مرض بوصفه عدوّا غير بشري وغير مرئي، إلا أن الخطر يتجاوز سياسات الطائفية والحزبية والعرقية والمذهبية، ذلك ما لا تفهمه نماذج شنيعة مثل محمد الحلبوسي ونوري المالكي وهادي العامري ومقتدى الصدر وعدنان الزرفي وعادل عبدالمهدي…
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 الذكرى 17 لإحتلال العراق إبراهيم بن تومي
راي اليوم
ماذا تحقق من الوعود الأمريكية بإحلال الديمقراطية وبناء عراق جديد … أطل يوم الفاتح ماي من سنة 2003 ، الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، من على ظهر حاملة الطائرات “إبراهام لنكولن” معلناً انتهاء العمليات الحربية الرئيسية في العراق، ومؤكدا إنتصار الولايات المتحدة وحلفاءها في هذه الحرب، التي وصفها بأنها مجرد “نصر واحد في الحملة على الإرهاب” التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة.
ولم تخلُ خطابات قادة أمريكا من أنهم جاؤوا لتخليص العراقيين من النظام البعثي الديكتاتوري بقيادة الرئيس صدام حسين، وكان كل كلام ساسة أمريكا تبشير العراقيين بعراق جديد ، تسوده فيه الديمقراطية وتحفظ فيه حقوق الإنسان.
لكن بمرور 17 سنة كاملة عن سقوط بغداد بيد المحتل الأمريكي، عاد العراق العظيم إلى العصور الغابرة، فلم يعد عراق العلم والعلماء، ولا عراق مهد الحضارات العريقة الضاربة في التاريخ، وأصبح عراق ما بعد الاحتلال أسوأ بآلاف المرات من عراق ما قبل الاحتلال، بل أصبح العراق أبعد ما يكون عن محيطه العربي والإسلامي وهو الذي كان الحصن الحصين للأمة وحامي بوابتها الشرقية.
ولأنَ عراق ما بعد 2003 يعيش أسوأ فترات تاريخه، فإنه لا تكفي مجلدات لتعديد ما فعله المحتل الأمريكي بهذا العربي العظيم. فأصبح لدى البعض من العراقيين ديكتاتورية صدام أرحم أضعاف مضاعفة من محتل غاشم ارتكب أبشع الجرائم بحق الأبرياء من أبناء الشعب العراقي والأمة العربية.
ويغرق البلد الشقيق في أزمة لها بداية ولا تُعلم لها نهاية. يغرق هذا البلد في فتن مذهبية وطائفية نُشرت لتفتيت وحدته، ويعيش الشعب العراقي تحت الفقر في بلد يرقد على أنهار من النفط ، ويعيش البلد فسادًا غير مسبوق. وأصبح مرهونا لمحتل أمريكي تنتشر قواعده في مختلف أرجائه.
ومن بين ما أنجزه المحتل الأمريكي للعراقيين تشريد وتهجير أزيد من 6 ملايين عراقي، توزعوا على بلدان مختلفة على غرار الأردن، تركيا، لبنان، مصر، الولايات المتحدة الأميريكية، بريطانيا، أستراليا، ألمانيا، فنلندا، كندا، والكثير منهم إلى بلدان أوروبية حصلوا على جنسياتها غادروا بلادهم بين سنتي 2003 و 2014 . ومن بين المهاجرين العراقيين إلى مختلف بقاع العالم أكثر من 20 ألف طبيب.
وكان من أبرز أهداف المحتل الأمريكي ومعه الكيان الصهيوني استهداف العقل العربي والعراقي ومن ورائهم علماء العراق. إذ وبمجرد سقوط بغداد دخل أكثر من 150 جنديا من وحدات الكوماندوس الإسرائيلية دخلوا الأراضي العراقية في مهمة تستهدف اغتيال علماء العراق الذين كانوا وراء برنامج التسلح ، وتفيد أرقام بأن عدد العلماء العراقيين الذين طالتهم يد الموساد بين 600 و 1000 عالم من أصحاب الخبرات العالية بينهم نخبة اشتغلوا في تطوير مختلف الأسلحة. ونقلت أمريكا إليها 70 عالما وضعتهم في معسكرات خاصة لمنع قيامهم بتسريب أي معلومات أو معارف عسكرية إلى جهات تصفها أمريكا بأنها “معادية”.
ومن السياسات التي سعى المحتل الأمريكي على تشجيعها، نشر الفتن لتفتيت الوحدة بين أبناء البلد الواحد الذين تعايشوا مع بعض لآلاف السنين. والعراق كما هو معروف يتألف العراق من تركيبة سكانية متعددة الأعراق والأديان والطوائف. لكن ما بعد الاحتلال لم يكن مثل كان قبله، فقد انتشرت الفتن المذهبية (سنة / شيعة) وتجدد حلم الأكراد في الانفصال عن العراق. لكن المحتل الأمريكي نسف الأُلفة التي كانت موجودة بين العراقيين وخلق المحاصصة الطائفية فتحول العراق إلى بلد يغرق في الفتن والتطاحن والانقسامات الداخلية ولا تقوم له قائمة.
وكان من بين مبررات احتلال العراق محاربة الإرهاب إلى جانب أكذوبة أسلحة الدمار الشامل. لكن أمريكا التي تدعي محاربة هي صانعته وهي راعيته، وهي التي جلبت ما يزيد عن 120 ألفاً من المرتزقة ينتمون لـ 182 شركة. وتمثل دور المرتزقة في القيام بأعمال قتالية (قتل الشعب العراقي) . وبعد أن خرج المحتل الأمريكي في 2011 بموجب اتفاقية، عاد في 2014 في تحالف يحارب ما سمي “داعش” . فراح في معركة الموصل أزيد من 7000 قتيل.وعاد الأمريكان بموجب إتفاق استراتيجي وأقاموا 12 قاعدة تتوزع على مناطق
العراق و بها قوات تقدر بـ 6132 جندي أمريكي بصفة مستشارين ومدربين ودعم وإسناد جوي. وكان البرلمان العراقي صوت على إخراج القوات الأمريكية من العراق على خلفية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني على الأراضي العراقية.
وخسر العراق في عامه الأول من الاحتلال ما قيمته 475 مليار دولار، بقرار سلطات الاحتلال حل الجيش العراقي، وتقطيع الطائرات العراقية بالمناشير وبيعها من قبل سلطات الاحتلال كخردة، وكذلك الشأن للمعدات الحربية التي كانت بحوزة الجيش العراقي الذي حُل وهو أنفقت الدولة مئات ملايير من الدولارات لتكوين كوادره. وتم تدمير كل المنشآت والمصانع الحربية والسلاح و المطارات. وبقي العراق محاصرا بالديون التي ترتفع من عام إلى أخر وزادت عن 122 مليار دولار في 2019. ولم يسترد البلد أمواله المقدرة بـ 87 مليار دولار لدى 55 دولة مجمدة منذ 1990 بموجب قراري مجلس الأمن 660/661 ورفضت تلك الدول إعادتها.
وتحول العراق الغني إلى بلد فقير وفساد مستشري، رغم أن هذا البلد يعد من أغنى بلاد الله بما أنعم عليه من خيرات باطنية، حيث يملك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، حيث يملك ما يقدر بـ 112 مليار برميل والنسبة غير المؤكدة 360 مليار برميل. وتقدر نسبة العراق من الإحتياطي العالمي 10 بالمائة في أكثر من 77 حقلا معروفا . وتعد تكلفة إنتاجه الأقل عالميا بين 0.9و 1.9 دولار للبرميل. وحاليا يعد العراق خامس أكبر منتج عالمياً.
وهناك دراسات أكدت أن العراق يملك مخزون نفطي يتجاوز قرناً ونصف القرن. وتحدثت تقارير اختفاء 450 مليار دولار من الأموال العامة.
ولم تتوقف إراقة دماء الشعب العراقي، منذ اليوم الأول لدخول القوات الغازية، وتواصل القتل والتقتيل تحت مسميات مختلفة، حتى أصبح القتل من يوميات العراقيين ولم يعد في هذا البلد شخص آمن على حياته. وتشير التقديرات إلى أنه عدد القتلى تجاوز 1 مليون قتيل منذ 2003 . بالإضافة إلى 100 ألف مفقود لا أثر لهم، كما أن ما يناهز 1 مليون عراقي توفوا جراء الحصار ،الأمريكي البريطاني الجائر الذي استهدف العراق من أوت 1990 إلى غاية دخول سقوط بغداد في التاسع أفريل 2003 . وكان ذلك الحصار الظالم جريمة بحق الشعب العراقي الذي مورست عليه كل صنوف التقتيل.
لا نقول أن نظام الراحل صدام حسين كان يلقى القبول لدى كل العراقيين لكن ما فعلته أمريكا لم يحصل لأي بلد آخر، وجعل حكم صدام أرحم من محتل لم يكن هدفه سوى تدمير هذا البلد ورهنه وإعادته إلى القرون الوسطى. وما يذكر هو قليل من جرائم المحتل الأمريكي في بلد عظيم مثل العراق حارس البوابة
الشرقية للأمة، ولن ينسى أحد جرائم الأمريكان في ملجأ العامرية ، وسجن أبوغريب والفلوجة وغيرها من أنحاء العراق التي جرب فيها أسلحة محرمة دولياً .ولن ينسى أحد الدور الذي لعبته دول عربية وجارة في تدمير البلد وتشريد شعبه وتفقيره، ولا يزال العراقيون يدفعون ثمناً باهظاً جراء وعود أمريكية بإنهاء الديكتاتورية و إحلال الديمقراطية.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 حكومة مصطفى الكاظمي ميْتة قبل أن تولد
زكي رضا
العرب
أخيرا تمخّض جبل التحالف الطائفي الشيعي ومعه قطبي المحاصصة الكردي السنّي وبعد مخاض عسير ومخالف للدستور عن إسم مرشّح لرئاسة الوزراء، إثر إستقالة السيد عادل عبدالمهدي تحت الضغط الجماهيري الذي تراجع بشكل مؤقت لشيوع جائحة كورونا، وبعد رفض هذا التحالف لشخصيتين شيعيتين لإختلاف وجهات النظر الإيرانيّة حول مدى كفاءتهما في تحقيق أهدافها بالعراق والمنطقة من خلال أذرعها العسكرية، وليس من خلال برنامجهما الحكوميين ومدى قربها من مصالح الناس وتحقيقها. لقد جاء المخاض بعد أشهر من الإحتقان السياسي بشخصية جدلية هي رئيس جهاز المخابرات العراقي السيد مصطفى الكاظمي، الذي رُفض قبل فترة من ميليشيا حزب الله “العراقي” المدعوم من قبل حزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني، بعد توجيه أصابع الإتهام إليه في دور ما بإغتيال سليماني والمهندس من قبل المسؤول الأمني في هذه الميليشيا المدعو أبو علي العسكري!
عملية تمرير ملف الكاظمي لم تنجح الا بعد زيارة قاآني للعراق، وهذا يُثبت من أنّ الجبل لم يتمخّض الا عن شخصية ضعيفة أمام إرادة ولي الفقيه وميليشياته التي تتحكم بمسرح الأراجوزات السياسي بالعراق كما هي العادة، كما وأنّ موافقة إيران عليه تعني تحرّكه أو بالأحرى تحريكه بما يتناغم ومصلحة طهران وليس “العمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في مقدمة أولوياتها” مثلما غرّد بعد تكليفه في التاسع من نيسان الجاري. علاوة على ذلك فأنّه وعلى الرغم من عدم سعة برنامجه الحكومي من حيث التفاصيل، الا أنّه فتح على نفسه أبواب جهنّم وهو يحدد ثلاث أهداف لن يستطيع إنجاز حتّى نسب بسيطة منها، ما سيجعله أمام تساؤلات لا إجابات لها مستقبلا.
السيد الكاظمي يقول من أنّه يعمل على تشكيل حكومة “تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في مقدمة أولوياتها”، الا أنّه لم يتطرق الى تطلّعات المتظاهرين في إنتخابات مبكّرة والتي أوصلته الى ما هو عليه اليوم، متحججّا بالوضع الصحي بالبلاد وإنهيار أسعار النفط. فماذا لو إستمرت اسعار النفط بالهبوط أو بقيت على ما عليها اليوم، فهل سيلغي الكاظمي مبدأ الإنتخابات بالكامل لأنها تكلّف الدولة مليار دولار كما يقول، خصوصا وأن العراق بلد ريعي ولا يمتلك موارد غير بيع النفط!؟ هنا يكون الكاظمي قد فشل في أولى نقاطه الثلاث.
يعود الكاظمي ليقول من أنّه يعمل على تشكيل حكومة “تصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق”، فهل الحكومة التي تشكلها وتفرضها طهران التي قبلت به رئيسا للوزراء، فيها شيء من السيادة العراقية ولا نقول الكرامة!؟ كيف ستحفظ حقوق شعبنا ووطننا وهي لا تمتلك القرار السياسي والعسكري، وهل بإمكانه مواجهة زعماء الميليشيات وتدخلات رجال الدين في الشأن السياسي، وهل يستطيع مواجهة قاآني أو أي مسؤول من حزب الله اللبناني ولو عبر الهاتف ليقول لا لما يطلباه!؟
أخيرا يقول السيد الكاظمي من أنّه يعمل على تشكيل حكومة “تعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام”! هل يعرف السيد رئيس الوزراء المكلّف عمق الأزمات في بلدنا، هل يستطيع جمع السلاح من الميليشيات وحلّها؟ هل يعرف حجم الفساد بالبلد، وهل هو قادر على محاسبة كبار الفاسدين وعدم الإكتفاء بصغارهم، هل بإستطاعته إلغاء المكاتب الإقتصادية للأحزاب السياسية المتنفذّة، هل يستطيع إسترداد الأموال المنهوبة من قبل حيتان الفساد والتي يعرفها جيدا بحكم موقعه؟
السيد الكاظمي لو استطعت أن توقف تفريخ الأزمات وليس علاج ما موجود منها اليوم، ستكون حينها قدّمت لشعبنا الكثير. كما وأنّ حكومتك ميْتة قبل ولادتها القيصرية في مشفى طهران.
العمليّة السياسية بالعراق ستظلّ رهن صراعات حزبيّة داخليّا، وصراعات إقليمية ودولية خارجيا. وفي كلتا الحالتين فأنها ستظل في نفس المستنقع الذي تعيش فيه. فلعبة تنصيب رئيس وزراء بالعراق لا علاقة مباشرة لها بالإنتخابات مطلقا، فسواء جرت إنتخابات أم لا وإن كانت الإنتخابات نزيهة أم لا. فأن ما يترشّح عنها لا يختلف بالمرّة عن التي سبقتها أو التي تليها، لأنّ نظام الدولة السياسي مبنى على أساس إستمرار تحكّم الميليشيات والفساد ونهب ثروات البلد.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 أخيراً ثمة جديد في العراق
عبد الوهاب بدرخان
الاتحاد
المحاولة الثالثة قد تكون الثابتة لتشكيل حكومة جديدة، بعد توافق المكوّنات الثلاثة على ترشيح مصطفى الكاظمي لرئاستها، وإذا تمكّن من العمل بشروطه في اختيار الوزراء، وهذا ممكن، فمن شأن ذلك أن يوسّع هامش استقلالية حكومته، ويؤسس لتجربة أولى من نوعها، منذ سقوط النظام السابق وتقلّبات النظام الجديد بين احتلال أميركي وهيمنة إيرانية. ما يمكن أن يساعده، بالإضافة إلى اقتناعاته، أن السبعة عشر عاماً من التخبّط والصراعات الداخلية ومحاربة الإرهاب واستفحال الفساد، أوصلت الجميع إلى آفاق مسدودة.
يشبه الكاظمي بنظرته إلى العراق، عدداً محدوداً جداً من الذين تولّوا المسؤولية في بدايات النظام الجديد، ولا سيما إياد علاوي، لكنه يختلف عنهم جميعاً، بكونه تولّى رئاسة جهاز المخابرات منذ 2016 ورغم عدم خبرته، استطاع أن يديره بمهنيّة ويحقّق أفضل أداءً خلال الحرب على «داعش» وما بعدها، لكنه حافظ على صداقاته في وسط المثقفين والحقوقيين والإعلاميين، وكان يصارحهم بحنينه للعودة إلى البحث والكتابة بعد مغادرة الجهاز. وحين كان يُسأل كيف يتدبّر أموره بين الأميركيين والإيرانيين ومن يواليهم من أحزاب وميليشيات، كان يجيبهم بواقعية مَن يعمل لدرء أذى التناقضات لا مَن يديرها، وبواقعية مَن يعتقد أن الأوضاع الشاذة لن تدوم لأن ظروفاً داخلية تتراكم ببطء، لكن بثبات، لتتيح تغييرها.
يغادر الكاظمي جهاز المخابرات إلى المعترك الأصعب، كان اسمه مطروحاً منذ اضطرّ عادل عبد المهدي للاستقالة تحت ضغط الانتفاضة الشعبية، ومع أنه لم يسعَ عملياً إلى المنصب، فقد بدا مرشحاً مقبولاً من الشارع، خلافاً لآخرين راغبين، لكنهم رُفضوا. كانت أحزاب «البيت الشيعي» الموالية لإيران تعتبره «رجل أميركا» لتبرر استبعاده، ولما أخفقت في التوافق على مرشح لها، بادر رئيس الجمهورية برهم صالح إلى تكليف عدنان الزرّفي الذي انقسمت مواقف تلك الأحزاب منه، إلى حدّ أن بعضاً من الميليشيات وصفه بـ «مرشح الاستخبارات الأميركية»، أما الأحزاب فتخوّفت من نعرته «العراقية» وإنجازاته المحلية في محافظة النجف، وبالأخص من العصبية الداخلية التي راحت تتبلور حوله، متلاقيةً مع التوجهات المعادية لإيران في الوسط الشيعي نفسه.
عند هذا الحدّ من التشرذم والعبث، اضطرّت طهران لقبول الكاظمي الذي عرفته من خلال العمل معه في الجهاز. واستطراداً، اضطرّت الأحزاب الشيعية لقبوله، وإن بقيت متوجّسةً منه لسببين: أولاً، لأنه سيكون رئيس الوزراء الأول الآتي، بعد علّاوي، من خارج منظومتها السياسية والإيديولوجية. وثانياً، لأنه بحكم علاقاته وكتاباته السابقة يريد العمل بعقلية رجل الدولة، وبشروط لا تخرج عن منطوق الدستور وسيادة الدولة. وهذا في حدّ ذاته مشكلة بالنسبة إلى العقلية الميليشياوية.
ليس سرّاً أن الكاظمي يناوئ أي سلاح خارج سلطة الدولة، لكنه لن يعالج تفلّت «الحشد الشعبي» بالصدام معه، بل بالقانون الذي «شرعن» وجود هذا «الحشد»، ولم يسمح «الحشد» نفسه بتطبيقه. وليس سرّاً أن الكاظمي لا يعادي الوجود الأميركي لأن العراق يحتاج إليه، لكنه لا يعادي إيران كدولة جارة، بل يتطلّع إلى أن يكون نفوذها عامل استقرار للعراق. ومن هذا المنطلق، فإن مسألة بقاء الأميركيين أو انسحابهم تنظّم بمقاربة من دولة إلى دولة، وليس بصواريخ تطلقها ميليشيات على القواعد العسكرية.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 عندما تمايز العراقيون
بلال حسن التل
الراي الاردن
جاءت أزمة فيروس كورونا كفرصة لفرز الناس وبيان معادنهم، ، ليميز الخبيث من الطيب، والمواطن المنتمي من عابر السبيل، والملتزم من المتفلت، والمتحضر من المتخلف، والمعطاء من البخيل، وهذه كانت أوضحها وأكثرها تميزا وتمايزا، ففي الوقت الذي حلق فيه منتسبو القوات المسلحة والأجهزة الأمنية إلى ذرى العطاء والتضحية، تهاوى جل أصحاب المال إلى قيعان سحيقة ولاذوا بشعاب البخل واختفوا في جحور الشح، بل أن بعضهم لم يكتف ببخله وشحه، فصار يندب تدني أرباحه، فعلى نواحه وندبه مطالبا الدولة بتعويضه وإيجاد سبل لذلك، فوق كل الذي قدمته الدولة من تسهيلات، شملت إعفاءات وتخفيضات و جدولة للكثير من الرسوم والضرائب والقروض، إضافة إلى ما قدمه البنك المركزي الأردني من تسهيلات وحوافز، ومع ذلك لم يخجل الكثيرون من الأغنياء، فيهبوا للمساهمة مع الوطن ببعض مالهم الذي حصدوه من خيرات هذا الوطن وأسواقه، وهم يرون موظفين بل فقراء يتدافعون للتبرع، رغم قلة ذات اليد، بل لم يخجل هؤلاء وهم يرون أهلنا وأخوتنا من أبناء العراق الشقيق يتسابقون للتبرع للأردن، فامتاز أبناء العراق المقيمين بين ظهرانينا على الكثيرين ممن احتضنهم هذا البلد فلم نر اونسمع عن تبرعات قدمها أبناء عائلات سيطرت على أسواق الاردن التجارية، ولا أبناء عائلات حصلت على وكالات تجارية عالمية باسم الاردن، الذي مكن لهم وحولهم إلى أصحاب رأس مال، حتى إذا جد الجد أداروا له ظهر المجن، بينما حركت دماء العروبة و نخوتها بوصلة أبناء العراق، فتمايز موقفهم مع أهلهم الأردنيين أثناء هذه الأزمة، التي ساهمت بحماية ظهرنا خلالها الإدارة الحصيفة لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي التي جاءت النسبة الأعظم من التبرعات من الشركات التي يساهم بها الصندوق.
ومثلما كان المال والموقف منه أحد مقاييس التمايز بين الناس أثناء جائحة كورونا، فإن هذه الأزمة فرزت صنفا آخر من الناس، أولئك هم السوداويون الذين أشاحوا أبصارهم، وأصموا آذانهم، عن كل الشهادات الدولية على تفوق وطننا وقيادتنا في التعامل مع هذه الجائحة العالمية، حتى صار بلدنا نموذجا تتحدث عنه كبريات وسائل الإعلام في العالم، وعما اتخذه من إجراءات جعلت منه البقعة الأكتر أمانا على وجه الأرض، كما قال مراقبون غربيون، لكن بعض السوداويين الذين يعيشون بين ظهرانينا استنفروا كل حواسهم للبحث عن خطأ هنا أو عثرة هناك ليتصيدوها، وليضعوها تحت مجهر التكبير لخدمة سوداويتهم، وسعوا لنشرها في وقت كان العالم كله بحاجة إلى شحنة من الإيجابية، التي تساعده على مقاومة هذا الآفة، وتقوية مناعته في مواجهتها، لكنه الطبع اللئيم يغلب صاحبه
وعلى عكس السوداويين، لكن بنفس درجة خطورتهم، كان النرجسيون، الذين صار شغلهم الشاغل نشر صورهم الثابتة والمتحركة مصحوبة بنكات سمجة أو بمواعظ فارغة، وقد تناسى هؤلاء أننا نواجه عدوا شرسا اعيى أهل الاختصاص وأن الوقت ليس وقت استعراضات، وطلبا للشهرة شفاهم الله من عقدتها.
أخطر من هؤلاء جميعا صنف المزودين، الذين تجاوزت مزاودتهم في هذه الإزمة حدود الأرض فزاودوا على السماء ورسلها، عندما لم ينصاعوا إلى تعليمات إغلاق دور العبادة، فاقتحموا المساجد للصلاة معتدين على سنة رسول الله.
خلاصة القول في هذه القضية: هي أن الأحداث الكبرى تصنيف الناس وتمايز بينهم فاحرص على سلامة تصنيفك، بسلامة تصرفك