5 مقالات عن العراق يوم الاحد في الصحف العربية

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 أخلاقيات وقيم ساحات التظاهر تمتد الى أجيال قادمة
خالد شهاب
العرب

لو تعمقنا في مدلولات ما تتركه ممارسات وقيم وسلوكيات ومطالب ساحات التظاهر في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، لوجدنا أن هناك أخلاقيات وقيما ومثلا عليا وسلوكيات رفيعة سوف تكون متداولة لدى الأجيال القادمة، تنهل من عبق ومبادئ وأسس وسلوكيات تلك الثورة الشبابية الشعبية، التي يعيشها عراق اليوم، يمكن تلخيصها كالآتي:

1. ما ان تنظر الى أطفال العراق وممارسات شبابه ويافعيه بتلك الصورة الجمالية السارة والمشرقة، وما أرسته ثورة الشباب من قيم وممارسات غاية في الأهمية والدلالات الكبيرة، حتى يتوصل الكثيرون الى إن تلك الثورة وممارساتها وقيمها وأخلاقياتها، أصبحت لهم مثلا أعلى وقيما مقدسة، وهي محل فخرهم ومآلهم الى حيث المكانة التي يستحقون عندما يكبرون، فلا خوف على أجيال العرق المقبلة التي تعلمت من ساحات التظاهر كيف تكون الشجاعة وكيف تكون صور التضحية والاقدام والفداء وتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن وحفظ كرامة شعبه عندما تتعرض الى الإمتهان، وكانت ساحات التظاهر مدرسة وأكاديمية تغترف منها الاجيال المقبلة معينها الشامخ لكي تتقدم الخطى وترسم معالم الطريق الجديد، وهي التي لديها أرث شبابي وقيمي وسلوكي وحضاري واجه أقسى حروب السلطة واجهزتها، واوقفها عند حدها، وهم أي أجيال العراق الحالية من سيكونون المثال الذي يحتذى للاجيال المقبلة في ان يتعلموا منهم الحكمة والشجاعة والاقدام وكل صور الرجال الميامين، الذين تفتخر أمهاتهم بهم وانهن من أنجبنهم من أجل ان يبقى صرح العراق شامخا بالعز والكبرياء، ولتبقى راية العراق ترفرف في الأفاق شامخة على مر الزمان.

2. إن اطفال العراق وناشئته ويافعيه سيكونون عنوان الثورة المقبلة، وهم من سينقلون شرارة وحرارة تلك القيم الى المجتمع العراقي الى عقود قادمة، وستكون مدخلا لتغيير وطني شعبي عراقي، أرسى أول أسس لنظريات أخلاقية ووطنية عليا، بنت إستراتيجية السلوك المستقبلي التحرري المقدام الذي لا يعرف لغة الجبن والخوف، وكأنه يزرع لدى الكبار الأمل والتطلع بأن شباب اليوم هم أجيال المستقبل الواعد الذي لايعرف المستحيل، وهو لن يكون في موائمة مع أية سلطة حاكمة إن لم تكن عادلة مع شعبها وتوفر له الأمن الأمان والحرية والكرامة والعيش الرغيد.

3. لقد ترسخت لدى اطفال العراق وشبابه اليافعين فكرة التمرد على الحاكم الطاغية وعلى قوى البغي والتسلط إن خرجت عن الطريق القويم ومارست التسلط والدكتاتورية أو أشاعت الفساد والرذيلة، وله من ساحات التظاهر بكل دمويتها وما واجهاته من آلة القتل وممارسات الترويخ والاختطاف والتغييب وعدم احترام قيم الديمقراطية في أبسط أشكالها، أن هذا الجيل الجديد أعاد لهم فكرة الثورة لتغوص في أعماق وعيهم وتفكيرهم، ولكي يكون بمقدور الاجيال المقبلة اذا ما واجهت إنحرافا كالذي يشهده العراق منذ 16 عاما أو يزيد ان يكون بمقدوره إزاحته من على واجهة السلطة، ولديه من المجتمع الدولي مايدعم توجهاته، وبخاصة أن الاجيال المقبلة لن ترضى بالذل والمهانة، ولن تقبل برغيف خبز مغمس بالمذلة، وهي التي رفعت رأسها من خلال ممارسات ثورة عميقة الأثر واجهت السلطة فيها بكل كبروتها واحزابها وبطشها والعصابات التي تدعمها وتقف وراءها كونها المستفيدة من واجهة الدكتاتورية وهي من أمدتها بوسائل الإستمرار لفترة أطول، ولولا أخطبوط الفساد ما بقيت تتمترس كل تلك الفترة وترتكب الموبقات واعمال القتل والترويع والاجرام بحق شعبها، وقد جرعته مرارة كل تلك السنوات العجاف، كؤوس الحنظل.

4. وما يسر الخواطر أنه ليس أجيال العراق فقط هي المستفيدة، بل هم رسموا خارطة طريق لأجيال المنطقة والعالم ربما، ليكونوا مثلهم الأعلى في مواجهة جبروت السلطة ودكتاتوريتها، عندما تمارس الإستبداد والطغيان وإذلال الشعب وكيف يثور الشعب ويثأر لكرامته، وكان أطفال العراق وشبابه المدرسة السلوكية النموذجية الايجابية المتقدمة في الوعي والسلوك، وهم من يتطلع اليهم العالم ليكونوا أنموذجهم المفضل، حيث ما أن يذكر العراق حتى تذكر بطولات ثوار ساحات التظاهر وكيف قدموا للعالم صورا رائعة في التضحية والفداء، والاصرار على انتزاع الحقوق وارغام السلطة على الاعتراف بحقوق شعبهم، وكيف أعادوا الوطن المسلوب من أيدي السلطة الغاشمة وأعادوه للشعب، بفضل صمودهم الإسطوري وعقولهم المبدعة التي تحملت أشد صنوف العذاب والضيم، الى أن تحقق لها الانتصار، في أنها هي من تفرض مطالبها على الحاكم، وما على الحاكم الا ان ينفذ مطالبهم المشروعة ويرضخ لإرادتهم، والا سيكون مصيره السقوط المريع، وأسقطوا حكومات ومتاريس سلطة، بإرادتهم الفولاذية التي صنعت المستحيل، وها هم ابطال العراق وشبابه أصبحوا مثلا أعلى لشباب العالم، وهو فخر للعراقيين جميعا أن من الله عليهم بمثل تلك الاجيال الشبابية المتفتحة صانعة البطولات والانتصارات والملاحم،وكان لها في سوح المواجهة مايرفع رأس كل عراقي الى السماء.

5. إن ساحات التظاهر لن يتوقف جريان نهرها المتدفق، وهي ستبقى مثل الشلالات التي يتدفق ماؤها العذب الهادر، وستبقى شمسها مضيئة، وزرعها يملأ الافاق بهجة وحبورا، فهم من رسموا خارطة طريق العراق نحو الخلاص من أنظمة العبودية والمذلة والمهانة الى حيث يشعر العراقيون بانهم أصحاب كرامة وغيرة قلما تجد لهم في الدنيا مثيلا.

6. إن تلك الممارسات القيمية البالغة الأثر التي يراها أطفال العراق في ساحات التظاهر، ستكون نبراسهم وسلوكهم اليومي في المستقبل عندما يكبرون، بعد إن تعلموا فنون الممارسات الديمقراطية وكيف يرسمون طريق مستقبل النهوض العراقي، وترى أطفال العراق ويافعوه يرددون أهازيج ساحات التظاهر ويقلدون ممارساتهم السلوكية الرجولية الاصيلة ليمنحونهم في المستقبل طاقة إضافية،بعد إن نهلوا من تلك السلوكيات الايجابية الفاعلة والمحببة الى نفوسهم، وكأنهم فرسان المرحلة وهم وسام عزها وشرفها، ومن يتفاخرون بها مع أهليهم ومع حبيباتهم على إنها المثل الطيب الذي زرعه شباب ساحات التظاهر، حيث سيكون معينا لا ينضب لهم لتمثل قيمهم وانماطهم السلوكية في البطولة والاقدام، وفي الاستفادة من عقولهم المتفتحة في رسم طريق مستقبلهم، وهم يتكئون على ماض عريق وحضارات زاهية وبطولات شعب عريق له جذور ضاربة في أعماق التاريخ، وثورة الشباب الحالية كرست لديهم الامل والحلم والبناء الاصيل، وهم من يتفاخرون بين أوسط مجتمعهم بأنهم الشبان الميامين القادرين على أن يعيدوا للوطن هيبته وللدولة مكانتها وأساسها المتين لكي يبقى بلدهم مصانا مهابا، لايخشى في الله لومة لائم.

7. لقد رفض هؤلاء الشباب أية شكل من أشكال الوصاية والتبعية للآخر، ورفضوا ان يكون العراق ذيلا تابعا لهذه الدولة او تلك، واستهجنوا صور العمالة التي غرق بها الساسة حتى آذانهم، وأكدوا أن العراق للعراقيين ولن يكون بلدهم من حصة أحد، او ذليلا تابعا لاحد يريد ان يتآمر على شعبه أو يهيمن على مقدراته، لا من ايران ولا من أميركا او دول الجوار الاخرى، فهم عراقيون أولا وأخيرا، ويرفضون ان يكونوا عبيدا لا سمح الله للآخر المتحكم في رقاب العراقيين ومن تسلطوا عليهم وحرمومهم من فرصة ان يبنوا وطنا كريما يرفل بالعز، وأصبح الولاء للعراق ولشعبه، ومن يريد ان يكون تابعا للآخر فليس له مكان في العراق الجديد.

8. إن مآثر ساحات التظاهروما أفرزته من سلوكيات متنورة وأصيلة أعادت بناء شعب بأكمله، فهي من اوقدت بين الكبار والوجهاء والنخب الثقافية بانهم أصبحوا منارة فخر بهذه الاجيال التي هبت واسهمت في رسم صورة هذا العنفوان الشامخ، لكي يهب الجميع لمساندتهم ودعمهم، واصبح لديهم قناعة أن شعبا يمتلك هكذا جيل وطني غيور على وطنه وشعبه، هو من يكون الأمل المرتجى في بناء العراق الشامخ الحر الكريم، لكي لاينام الظلم وعندما تغيب العدالة ويستشري الفساد الى حدود مرعبة ويتوقف نزيف الدم العراقي وسرقة ثروات الشعب، ويزيحوا تلك الغمامة التي جثمت على صدور العراقيين واعادتهم الى ظلام القرون الوسطى، لكن شباب العراق أاجياله الأبية رفضت كل تلك الممارسات غير الأخلاقية، بعد ان شعرت أن الظلم وغياب العدالة والعوز والفاقة إمتد بين العراقيين الى حدود مرعبة، وضاقت بهم سبل الحياة بعد إن بلغت القلوب الحناجر، ولم يعد للصبر من منزع كما يقال، إلا أن يثأر شباب العراق ويعيدوا رسم خارطة طريقهم الى حيث بلوغ الذرى، وهم يستحقون منا كل إجلال وتقدير، في انهم كانوا في مستوى الحلم العراقي الكبير، وهم من رسخوا إسطورة بطولة فريدة، أصبحت مفخرة العالم كله، الذي يحفظ لأجيال العراق أنهم البررة الأوفياء الذين حفظوا الارض والكرامة وصانوا الوطن وحافظوا على شرف العراقيات والعراقيت من الامتهان!

9. ويحفظ العراقيون لساحة الحبوبي في ذي قار وساحة التحرير في بغداد أنها كانت عنصر التوازن في معادلة البطولة العراقية، وهي من رفدت ساحات التظاهر في النجف وكربلاء والكوت والمثنى وبابل والديوانية والبصرة وميسان، بعناوين الشموخ والكبرياء، وقدمت كل الساحات شهداء بالمئات وجرحى ومصابين بعشرات الالوف، لتسجل عنوان مفخرة عراقية أصبحت محل فخر وتقدير عال، ولولا الناصرية ما صمدت ساحات التظاهر الاخرى، فهم القدح المعلى ابطال ساحة الحبوبي الذين كان لهم الفضل أن يثبت شباب بغداد بعد إن تعرضوا لمختلف صنوف القتل والترويع والاختطاف، كما حال أهل ذي قار وشبابها الأشاوس، وهم من أسهموا في ابقاء جذوة التظاهر مشتعلة، بعد إن أراد غربان السلطة والجماعات الخارجة عن القانون إطفاء نورها وجذوتها المتقدة الى أن حفظ الله شباب ذي قار والنجف وكربلاء وبغداد، التي تعد مصدر الثورة وشعلتها الوهاجة، فلهم من شعبهم العراقي الأبي كل الثناء والتقدير والعرفان بالجميل.

10. إن ثورة شبابية تمتلك كل تلك المواصفات، يحق لها أن تكون الصوت الهادر وهي مثل أعلى لشعوب العالم والمنطقة، فهي محل فخرهم وثنائهم، وهم أي شباب العراق، من أعادوا الأمل لشعوب العالم أجمع التأكيد أن من يريد أن يواجه الطغيان وجبروته، فما عليه الا أن يتمثل بقيم ثوار العراق الأشاوس وبطولاتهم وممارساتهم السلمية طيلة أكثر من أربعة اشهر، فقد صنعوا فجرا عراقيا مكللا بالغار، وهم من تنحني لهم دول العالم إكراما لوقفتهم..وهم مثلها الأعلى على كل حال.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 العراق بحاجة إلى محمد توفيق علاوي
البروفيسور كمال مجيد

راي اليوم

انه اشترك في حزب الدعوة والمجلس الاعلى لباقر الحكيم ودخل العراق معهم على الدبابات الامريكية واصبح وزيرا ً في حكومة المالكي بموافقة امريكا المحتلة للعراق. لقد تعرفت عليه عبر صفحات رأي اليوم الغراء حين بدأ يكتب المقالات المنطقية حول واقع العراق، واعتقد انه اخذ يكتب بعد استقالته من الحكومة. بالطبع انني هاجمته في تعليقاتي على مقالاته الاولى واتهمته بأنه من انتاج امريكا واستلم وزارته بموافقة امريكا. الا انني ادركت بأنه ، وبالرغم من انحيازه السابق للمنظمات الامريكية المذكورة اعلاه، انه رجل علماني ثقافيا ً. واعتقد بأن ثقافته وسيرته الذاتية هي التي جعلته ان يصطدم مع تلك الاحزاب العميلة ولهذا انسحب منهم وقرر اللجوء الى الصحافة ليبين حقيقته النزيهة. ناقشته في كل مقالة كتبه في رأي اليوم وخاصة تلك التي كتبه ضد اسرائيل وطلبت منه ، عبر رأي اليوم ، ان ينتقد امريكا لكي نتأكد بأنه حقا ً ادرك جرائم الاحتلال. وللانصاف انه هاجم امريكا فيما بعد باسلوب واقعي حين كشف المناسبة التي تستحق شرح حقيقة امريكا لمن يقرأ مقالاته. بعد التحقيق عنه من معارفي الذين يعرفونه اكثر مني اقتنعت بأن الرجل نزيه ومثقف ومن الممكن انه تطور وتغير، حسب قوانين الدياليكتيك، نحو الاحسن بعد أن عاش بين الفاسدين وادرك المصائب العديدة التي جلبها المحتل الامريكي قصد تحطيم العراق وتفتيته الى السنة والشيعة والاكراد. لهذا قررت ان اكتب هذه الاسطر.
هناك الضرورة ان ندرك بأن عراقنا يمر بحالة حرجة ومؤلمة بشكل غريب جدا ً عن تأريخه ، وذلك منذ تشكيل الدولة العراقية وحتى الأن. وعلينا ان ندرك بأن الشعب العراقي قد فقد الالوف من كوادره ومثقفيه، الذين هاجروه، منذ مقتل الزعيم النزيه عبد الكريم قاسم سنة 1963 وحتى الان. جرى ذلك نتيجة للحرب التي اعلنها شاه ايران سنة 1961، مستخدما ً الحزب الكردي لمصطفي البارزاني، وما تلى من الحروب المستمرة حتى الآن.
فلنعترف بالولقع: ليس هناك داخل العراق الكثيرون ممن لهم الخبرة والقابلية على السيطرة على ظروف المظاهرات والاعتصامات الجارية منذ 1/10/2019. انني اعتقد بأن محمد توفيق علاوي يستحق ان يعطى له الفرصة ليعمل ما يستطيع نحو اخراج العراق من ازمته العميقة.
بدأت الدعاية الامريكية، في تلفزيون الحرة والعربية والحدث، ومن قبل عملائها في ساحات المظاهرات، ضد الدكتور علاوي لحظة ترشيحه من قبل برهم صالح. وذلك لتحيق ثلاثة اغراض على الاقل: اولا ً لكونه لم يتم ترشيحه من قبل امريكا التي تفضل عبد الوهاب الساعدي او الكاظمي، مثلا ً. وثانيا ً لأجباره على الخضوع للضغط الامريكي ويقدم التنازلات لها، لكي لا يطالب بخروج القوات الامريكية من العراق، مثلا ً، او يلغي الاتفاقية العراقية الصينية التي دخلت حيز التنفيذ. واخيرا ً، وهذا هو الاهم، لأن امريكا تخطط لاستمرار الفوضى الخلاقة الى ان يخضع العراق لحكمها بصورة كلية. هناك ، بالطبع، المجال لتنجح امريكا في خططها بالاعتماد على الكثيرين من عملائها الفاسدين في البرلمان وفي دوائر الدولة. ولهذا هناك الضرورة الماسة لدور الجماهير العراقية المخلصة لتقف سدا ً منيعا ً ضد تدخل المحتل الامريكي والتأكد من طرده من البلاد.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 المليشيات الموالية لإيران قتلت من العراقيين أكثر من وباء «كورونا»
عبدالمنعم ابراهيم

اخبار الخليج

لو انتشر وباء «كورونا» في العراق لما تمكَّن من قتل المصابين به بقدر ما تقتل المليشيات المسلحة الطائفية الموالية لإيران المتظاهرين العراقيين في الساحات الاجتماعية، وكان آخر مجزرة تعرضوا لها في النجف مؤخرًا على أيدي عناصر مليشياوية مسلحة تابعة لمقتدى «الصدر» الذي كان في زيارة لإيران ومن هناك أصدر أوامر لأتباعه بتفكيك التظاهرات بناءً على توجيهات إيرانية.

وتقول المصادر إن عدد القتلى في مظاهرات المدن العراقية بلغ 543 شخصًا منذ انطلاق التظاهرات «بينما وفيات كورونا 490». في بغداد وحدها قُتل 276 شخصا، وقالت مصادر طبية إن عدد المصابين «الجرحى» بلغ 30 ألف إصابة، بينهم آلاف أصيبوا بطلقات نارية، وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تتهم مسلحين مجهولين بالوقوف وراء عمليات إطلاق النار، إلا أن الكثيرين يعرفون أن جميع الأحزاب الطائفية التي تتشكل منها «الطبقة السياسية» التي تحكم العراق منذ 2003 كلها تملك مليشيات مسلحة تأتمر بأوامر إيران في الساحة العراقية.

وما دامت التظاهرات التي تعم المدن العراقية ترفع شعار إسقاط «الطبقة السياسية» الحاكمة، فإنها ستكون مُستهدَفة دائما من قبل هذه المليشيات، وقد نشرت قنوات فضائية إخبارية كثيرة مؤخرًا شريطَ فيديو يكشف عن احتفال وابتهاج عناصر «القبعات الزرق» الموالية لمقتدى الصدر بعد المجزرة التي ارتكبوها مؤخرًا في النجف وقُتل فيها عشرات المتظاهرين هناك.

وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت جماعات مسلحة بالوقوف خلف حملات الاغتيال والخطف والتهديد ضد الناشطين، وأنها طالت اغتيال 22 ناشطًا، بينما فُقد أثر 71 آخرين.

ما تقتله المليشيات الطائفية العراقية الموالية لإيران بين أبناء الشعب العراقي في الحركات الاحتجاجية الأخيرة، هو في حصيلته أكثر بكثير مما يفتك به وباء «كورونا» في الصين والعالم.. إنها حقًا مأساة، والعالم والدول الكبرى تحديدًا تقف صامتة دون تحرك جاد لردع المليشيات الإيرانية في العراق عن قتل المتظاهرين.. لو حدث هذا القتل لمتظاهرين في البحرين أو السعودية أو مصر لأقاموا الدنيا وأقعدوها في المحافل الدولية!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 صراع النفوذ والصراعات في العراق!
عبد المحسن ‬سلامة
البيان
منذ عامين تقريباً، وبالتحديد في ديسمبر2017، سافرت إلى بغداد في أول زيارة لي للعراق، كانت الحكومة العراقية في ذلك الوقت يرأسها د. حيدر العبادي الذي استطاع إعادة الهدوء والاستقرار إلى حد ما، بعد أن انتهج لغة محايدة في خطابه السياسي بعكس سلفه نور المالكي.

مما أضفى حالة من الهدوء والاستقرار في الشارع العراقي، انعكس في الترحيب الواسع من كل الفئات والطوائف العراقية بهذه التطورات الإيجابية التي ترفض الطائفية.

والابتعاد عن النفوذ الإيراني بقدر الإمكان، وعودة العراق إلى محيطه العربي.رغم هذا التحسّن النسبي في الأوضاع العراقية، فقد كانت الأزمة لا تزال مكتومة بين السنة والشيعة والأكراد، تظهر أحياناً وتختفي أحياناً أخرى.

بعد ذلك أجريت الانتخابات البرلمانية في شهر مايو عام 2018، وأسفرت عن تراجع قائمة الأحزاب التي يرأسها د. حيدر العبادي، فلم يتمكن من تشكيل الحكومة، ونجح عادل عبد المهدي رئيس الحكومة المستقيل في تشكيلها بعد مفاوضات طويلة مع القوى السياسية العراقية والقبول الأمريكي والإيراني الضمني به كشخصية توافقية.

إلا أن الأوضاع لم تستقر طويلاً لحكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.

حيث اندلعت التظاهرات الحاشدة منذ أكثر من 3 أشهر، وهي التظاهرات الشعبية التي ترفض الطائفية والمحاصصة.

وتنادي بتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط من غير الفئة السياسية الحالية، ونتيجة ضغوط الشارع العراقي، والتظاهرات العنيفة استجاب رئيس الوزراء لمطالب الشارع، وقدم استقالته لكنه لايزال يقوم بتسيير الأعمال نتيجة عدم التوافق على الحكومة الجديدة.

الشارع العراقي سئم الطائفية، والمحاصصة، ويرفض أن تتحول الأراضي العراقية إلى مناطق لاقتسام النفوذ بين أمريكا من جهة، وإيران من جهة أخرى.

تحول العراق إلى منطقة نفوذ مشتركة بين الأمريكان الذين احتفظوا بقواعد عسكرية ضخمة هناك، وبأكبر سفارة أمريكية في العالم، وبين النفوذ الإيراني الذي سمحت له أمريكا بالتمدد والانتشار وتفاعلت معه وصمتت عليه.

تحول العراق إلى كيانات ومناطق نفوذ مذهبية وطائفية ما بين الشيعة والسنة والأكراد، وحاول الأكراد الانفصال عن العراق، وتنظيم استفتاء شعبي داخل كردستان العراق، إلا أن الحكومة المركزية تدخلت في اللحظات الأخيرة، وأجهضت ذلك الاستفتاء.

منذ نحو 3 أشهر اندلعت التظاهرات في شوارع بغداد تطالب برحيل الفاسدين، وترفض المحاصصة والطائفية، ومع سقوط القتلى والضحايا، تحول الحراك الشعبي إلى مواجهات غاضبة.

وانتهى الأمر بإجبار الحكومة العراقية التي يرأسها عبد المهدي على الاستقالة، إلا أنه حتى الآن لم يتم تعيين حكومة جديدة بسبب الخلافات والانقسامات التي دفعت رئيس الدولة إلى التهديد بالاستقالة هو الآخر، ما لم تتوافق القوى السياسية والحزبية هناك على تلبية مطالب المتظاهرين.

الأمر المؤكد أن التدخلات الأجنبية السافرة هي السبب في تدهور أحوال العراق، فقد تحول العراق منذ عام 2003 إلى منطقة حروب بالوكالة، أو نفوذ بالوكالة.

مصلحة إيران تمثلت في تمدد نفوذها حتى أصبحت طهران تحكم بنفوذها أربع عواصم عربية، والبداية كانت من بغداد ثم تمددت إلى الدول الثلاث الأخرى لبنان وسوريا واليمن.

انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عقوبات أمريكية على طهران كان البداية لانتهاء شهر العسل الأمريكي الإيراني، وتحول منطقة النفوذ المشتركة إلى منطقة للحروب والصراعات بالوكالة.

مناطق النفوذ المشتركة تحولت إلى مناطق للصراع وتصفية الحسابات بغض النظر عن مصلحة الشعب العراقي، وسيادة أراضيه.

العراقيون خرجوا في مدن عراقية عدة منددين بأمريكا وإيران معاً، وهتفوا مطالبين بإبعاد وطنهم عن الصراع الأمريكي الإيراني، خشية التصعيد الذي قد يؤدي إلى وقوع المزيد من الضحايا من أبناء الشعب العراقي.

استمرار التظاهرات العراقية، يؤكد أن العراقيين مصرون على إنهاء عصر النفوذ على الأراضي العراقية، وترك العراق لشعبه، لكن هذا السيناريو محفوف بالمعادلات الصعبة.

وأعتقد أن الشعب العراقي سوف يكون صاحب القول الفصل في هذا السيناريو، إذا استمر في ضغوطه رافضاً أن تتحول أرضه إلى ساحة حرب بالوكالة أو تقسيم للنفوذ مرة أخرى، حتى يعود العراق لشعبه كما كان قبل عام 2003، بعيداً عن الطائفية والمحاصصة والتدخلات الأجنبية… أمريكية كانت أم إيرانية.