8 مقالات عن العراق في الصحف العربية اليوم الاحد

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 بداية نهاية الإسلام السياسي في المنطقة
د.نجاة السعيد

الاتحاد الاماراتية

ما تشهده المنطقة سواء بفشل «الإخوان» في مصر وتونس وحتى ما يحدث في مظاهرات العراق ولبنان حالياً وقبلها في الجزائر والسودان من غضب ضد أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب الموالية لها، بسبب فسادها وعدم تلبيتها لاحتياجات المواطن، تجعلنا نتساءل: هل الإسلام السياسي سيضمحل تدريجيا في المنطقة؟
فمازال المصريون إلى الآن يعانون من صدمتهم من حكم «الإخوان»، وما شاهدوه من سوء إدارة ومصادمات مسلحة، أسفرت عن مقتل العديد من الأشخاص، هذا عدا سعي «الإخوان» لمسح الهوية المصرية و«أخونة» الدولة من خلال التعدي على القضاء والهجوم حتى على الفن والثقافة المصرية. حكم «الإخوان» بث الغضب والخوف بين المصريين من كل دعاة الإسلام السياسي بمن فيهم الرئيس التركي «الإخواني»، رجب طيب أردوغان، وحزب «العدالة والتنمية».
وكما تصدى الشعب المصري لأتباع حركات الإسلام السياسي في مصر كذلك في الجزائر والسودان. فلم يغب عن ذاكرة الشعب الجزائري ما حدث في التسعينيات من حرب داخلية مع الأحزاب والجماعات والميليشيات الإسلامية. فعدد القتلى كان حوالي مابين 50000 إلى 100000 نتيجة أعمال إرهابية ومذابح جماعية. وفي نهاية المطاف، انتصرت الدولة بعد أن تخلى أكبر فصيل، «جبهة الإنقاذ الإسلامي»، مقابل العفو.
الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو تلاشي الإسلام السياسي في السودان. فقد تمكن المتظاهرون من عزل رئيسهم، الجنرال عمر البشير، بعد 30 عامًا في السلطة والذي كان حليفا مع «الجبهة الإسلامية الوطنية»، وقد فرضت الشريعة على البلاد بناء على ذلك. هذا التحالف أدى إلى التمرد وبلغت الذروة في انفصال جنوب السودان.
حتى في العراق، فبعد أن كان الصراع مع «البعث» واجتثاثه بعد سقوط صدام حسين، وبعد أن سيطر الصراع الديني بين الشيعة والسنة، تجري الاحتجاجات الحالية في المناطق التي يسكنها الشيعة على وجه الحصر ضد حكومة يسيطر عليها الشيعة مدعومة من أحزاب الإسلام السياسي. فأغلب المتظاهرين لم يعيشوا ظلم صدام حسين بل عانوا من حكومة ذات أغلبية شيعية لم توفر لهم الخدمات العامة واستنزفت الموارد العامة الناجمة عن الفساد على نطاق واسع. فالمتظاهرون غير معنيين بالأحزاب الدينية أو العلاقات السُنية الشيعية.
وكذلك في لبنان، فلأول مرة أدرك اللبنانيون أن عدوهم الأول هو عدو الداخل الذي لم يوفر لهم الحياة الكريمة من رغد عيش ورفاهية، وأن بلدهم أنهكها الفساد. وقد أظهر المحتجون قدرا عاليا من الاتحاد بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية. فما جمعهم هو أزمة اقتصادية مستمرة أضرت بالناس من جميع الطوائف والمناطق حتى الشيعة. فلأول مرة منذ تشكيل «حزب الله» في الثمانينيات، انقلب الشيعة اللبنانيون ضده. ففي النبطية، معقل الحزب، أحرق المحتجون الشيعة مكاتب قادة «حزب الله».
كذلك في تونس فقد عكست الانتخابات الأخيرة تراجع الإسلام السياسي. في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حصل المرشح الذي أقرته حركة «النهضة» «الإخوانية»، على المركز الثالث، مما جعله غير مؤهل للجولة الثانية. فالتونسيون غير واثقين بحركة «النهضة» خاصة بعد كشف تورط قيادات في الحركة بتأسيس شبكة تجسس استهدفت مواطنين وسياسيين وأمنيين في البلاد، وبعد الاتهام بضلوع الحركة في اغتيال القياديين بـ«الجبهة الشعبية» و«حركة الشعب»، شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013، واللذين عرفا بمعارضتهما الشرسة لسياسات الحركة. نهاية الإسلام السياسي تعتمد على إقرار مشروع بديل، من قبل قادة وطنيين، يلبي فيه حاجة الناس من توفير الخدمات والوظائف ومحاربة للفساد بكافة أشكاله. أيضاً لابد من تقديم مشروع اقتصادي تنموي يستثمر طاقة المواطنين وخاصة الشباب. فعصر الشعارات قد انتهى.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 الأحزاب السياسية العربية فاشلة عبدالمحسن محمد الحسيني
الأنباء

الثورات الشعبية التي انطلقت في العديد من الدول العربية وآخرها العراق ولبنان أثبتت فشل الأحزاب السياسية في هذه الدول التي تحكمها أحزاب سياسية، ولبنان الذي يشهد هذه الأيام مظاهرات شعبية تطالب بإسقاط الحكومة وتعالت هتافات المتظاهرين «كلن كلن» و«نصرالله واحد منهم»، وهذا دليل على عدم قبول الشعب اللبناني لكل الأحزاب اللبنانية التي تتقاسم المقاعد الوزارية في الحكومة.. الجماهير تطالب بتغيير شامل بعد أن شعرت بالفشل الكبير للحكومة اللبنانية، المواطنون يعانون كثيرا من سوء الخدمات وارتفاع في الأسعار وزيادة الضرائب، لا شك بأنه مؤشر بيّن على فشل الأحزاب اللبنانية التي تتقاسم السلطة في لبنان.

وفي العراق خرجت الجماهير تطالب بإسقاط الحكومة التي أيضا تتقاسم السلطة فيها بين الأحزاب السياسية والدينية ورفعوا شعار «ما نريد ملتحي .. نريد واحد يستحي» والجماهير العراقية لن تتوقف حتى تسقط الحكومة والأقطاب السياسية التي تعبث بمصالح الشعب العراقي، وفي العراق أيضا فشلت الأحزاب السياسية والدينية.

ومن قبل فشلت الأحزاب السياسية في تونس وانتخب الشعب التونسي رئيسا لا ينتمي لأي حزب سياسي وهو المواطن الحر قيس بن سعيد، وفي تونس أيضا فقدت الأحزاب السياسية ثقة الشعب التونسي فلم ينتخبوا أي سياسي يمثل حزبا سياسيا.

وفي الجزائر أيضا ما زالت الجماهير الغاضبة تتظاهر ضد كل الأقطاب السياسية التي تنتمي لأحزاب سياسية جزائرية.

وفي سورية سقطت كل الأحزاب المنافسة لحزب البعث الحاكم ولم ينجح أي سياسي يمثل حزبا سياسيا غير حزب البعث، وفي الأردن لم ينجح أي حزب سياسي في أي انتخابات نيابية.

وفي مصر أكبر دولة عربية وتضم العديد من الأحزاب السياسية فشلت كلها أن تحقق فوزا في دخول المجلس، وحاليا المجلس يمثل بعناصر حزبية بموافقة الحكومة وحاليا السلطة في مصر بيد العسكر، وكان أن تولى السلطة لمدة عام حزب الإخوان الذين فشلوا فشلا ذريعا في تولي السلطة لتفردهم بالسلطة دون السماح بمشاركة أي أحزاب سياسية أخرى.

ودول الخليج العربية ليست فيها أحزاب سياسية رسمية ولكن هناك تجمعات سياسية وهذه التجمعات لا يمكنها أن تعمل دون التعاون مع السلطة الحاكمة وعلى العموم فإن الأوضاع في دول الخليج العربي أكثر استقرارا وهناك تعاون وتفاهم بين الحكومة ومجلس الأمة فيها وهناك قبول شبه أغلبية.

المهم الأحزاب السياسية في الدول العربية كلها فاشلة وأثبتت الأحزاب التي تشهد مظاهرات عدم قبول الشعوب العربية لها فهي لم تتمكن من أن تثبت قدرتها على تولي السلطة بشكل مقبول، وهذا سبب فشلها، ولا نريد أن نخوض تجاربها في إنشاء أحزاب سياسية.

في الكويت كل التجمعات باستثناء الإخوان المسلمين لم تتمكن من ان تزيد في عدد أعضاء هذه التجمعات وحتى مجموعة عادل الزواوي، المهم ديرتنا حلوة وفيها الأمن والاستقرار، والله لا يغير علينا..

قال تعالى: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير). والله الموفق.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 ماذا يحدث؟
حسن العيسى
الجريدة الكويتية
ماذا يحدث في العالم، من لبنان، والعراق، حتى تشيلي في أميركا اللاتينية؟ مظاهرات ضخمة ضد أنظمة الحكم. بعض الكتاب صور، مثلاً، ما يحدث في لبنان بأنه ثورة ضد كل الأوضاع من فساد واستغلال القلة المتنفذة (الدولة العميقة)، وانعكاس ذلك على الطبقة الوسطى في معاناتها اليومية وتجرعها القلق الكبير من غدها. روجر كوهن في “نيويورك تايمز” يقول إن الربيع العربي وصل أخيراً إلى لبنان، وإن اللبنانيين قرفوا من كون بلادهم مكاناً يستأجر لحرب الوكالات لدول الغير.

فريد زكريا في “الواشنغتون بوست” يذكر أن سبب ما يحدث هو تباطؤ النمو في العالم (زادها حروب الرئيس ترامب التجارية)، وأن هذا التباطؤ أصاب الطبقة الوسطى بمقتل، مجرد فرض رسم على “واتساب” يصبح القشة التي تقصم ظهر البعير في لبنان، ورفع سعر تذاكر قطارات الأنفاق في تشيلي أوصل إلى ذات النتيجة. العراق، أصبح مستنقعاً للفساد، وتطبيق الديمقراطية بتلك الصورة شرع أبواب الدمار على مصاريعها.

أيضاً في السنوات الأخيرة، ومع تباطؤ معدلات النمو العالمية، وما يرافقها من صعوبات معيشية لمتوسطي الدخول لابد أن ترفع المشاعر القومية والانغلاق في عدد كبير من دول العالم، وفي الشرق الأوسط سيزداد الوضع هشاشة.

ماذا عن دول الرفاه الخليجية؟ طبعاً، كلها تأثرت من تراجع النمو وتراجع أسعار سلعتهم الوحيدة، لكن الدول التي اجتهدت (أو تحاول) لتعدد مصادر دخلها مثل الإمارات هي في وضع أحسن من غيرها بالمستقبل.

يمكننا هنا في الكويت أن نجلس أمام شاشات التلفزيون، ونتابع ما يحدث في لبنان أو العراق، قد تتزايد دقات نبضات القلب بعض الشيء لمن لهم ملكيات عقارية في الدولة اللبنانية الذين سيقلقون على كيفية قضاء الإجازة القادمة في بلد التفاح، غير هذا، لا شيء، مع أننا نتشارك مع الأشقاء في لبنان والعراق ومعظم بقية دول الغم في عامل الفساد، وعجز المؤسسات العامة في تقديم أبسط الخدمات للبشر (لبنان) أو سوئها ورداءتها مثل حالتنا.

تبقى النهايات مختلفة قليلاً، فما زلنا نعتقد أننا على جبال النفط التي ستعصمنا من الطوفان، نجلس ونتفرج ونبتسم قليلاً على بؤس الغير، وننسى أن جبلنا سيتبدد هباء غداً، وأن ريح الفساد العاتية واحدة هبت على دولنا بصورة واحدة، لكن هنا يمكننا التحمل أكثر منهم، بعون مراهم الرواتب والكوادر والمشروعات الصغيرة وغيرها، لكن ماذا لو أغلقت هذه الصيدلية وتلك العيادة النفطية أبوابها، ما العمل؟!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 العراق «بيتكلم» عربي! خالد السليمان

عكاظ السعودية

قالت وزارة الداخلية العراقية إن مظاهرات المحتجين قد خرجت عن مسارها، لكن الحقيقة الماثلة في العراق أن الدولة العراقية لم تكن يوما في مسار صحيح، فالغزو الأمريكي الذي أسقط نظام صدام حسين أخرجها من سكة الديكتاتورية البعثية ليضعها على سكة الديكتاتورية الطائفية!

كان العراقيون يأملون بأن تشرق عليهم شمس الحرية والديمقراطية فإذا سماؤهم ملبدة بغيوم الفساد وحياتهم محكومة بإرادة المرتهنين لإيران!

والمؤسف أن تضحيات العراقيين في هذه الثورة التي يعبرون فيها عن رفضهم لواقع بلادهم المرير الخاضع للهيمنة الإيرانية، واحتجاجهم على طبقته السياسية الفاسدة لن تجني الكثير، فالمجتمع الدولي الذي يمارس الصمت المريب تجاه أعمال قتل المتظاهرين لا يبدو متحمسا للتغيير في العراق، كما أن إيران لن تتنازل عن نفوذها دون أن تتحول مياه نهر الفرات إلى اللون الأحمر، فهم مغول العصر، وميليشياتهم في العراق التي يقودها عراقيون قاتلوا في صفوف الإيرانيين ضد وطنهم في الحرب العراقية الإيرانية مستعدة للتضحية بكل العراقيين إذا لزم الأمر إكراما للمرشد الإيراني!

لكن هذه الثورة وإن لم تحقق أهداف التغيير التي تهدف إليها اليوم إلا أنها تذكر الجميع بأن نبض العراق عربي، وأن الطائفية ليست طوقا يطوع به ملالي إيران شيعة العراق، وأن العراق عصي على الخضوع حتى وإن امتلك قاسم سليماني وميليشياته المسلحة قوة القتل والقمع، فالظروف تتغير وموازين القوى لا تثبت، والزمن هو سلاح أبناء التراب، ولابد للغيوم أن تنقشع والشمس أن تشرق
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 العراق ولبنان… ثورة الدم
عبدالله بن بجاد العتيبي

الشرق الاوسط
من أهم ما يميز ما يجري اليوم في الدولتين العربيتين اللتين سيطرت عليهما إيران؛ في العراق ولبنان، أن المواطنين الشيعة يثورون ضد الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، فالشيعة المخلصون لأوطانهم وعروبتهم وإنسانيتهم يرفضون بشكل كبير ما تفعله أذناب إيران وذيولها في بلدانهم، وهذه نقطة تحولٍ مهمة في المنطقة.
ما يجري اليوم في العراق ولبنان يؤكد أن المواطنين الشيعة في الدول العربية لا يوالون سوى بلدانهم، ولا علاقة لهم من قريبٍ أو بعيدٍ بالمشروع الفارسي الذي يتخذ من المذهب الشيعي الكريم غطاء يخفي خلفه أطماعه الإمبراطورية وحقده التاريخي على العرب بشتى انتماءاتهم، وعملاء إيران تلتقي مصالحهم معها، سواء كانوا سنة أم شيعة، فجماعة الإخوان المسلمين تابعة لإيران، لأنهما يلتقيان في كل شيء تقريباً، وتنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش»كلها جماعات إرهابية تخدم المشروع الفارسي الإرهابي بكل ما تملك، بالإضافة إلى حركة «حماس»، ومعهم جميعاً دولة قطر.
ثورة المظلومين على الظالمين هو العنوان الأبرز والمحطة التاريخية المهمة، فقد بلغ السيل الزبى من توحش إيران الإرهابي والطائفي، والفساد العريض والإفقار الممنهج للشعوب العربية التي تدعي إيران السيطرة على قرارات الدولة فيها.
الحراك الشيعي الوطني المخلص والرافض للميليشيات والفساد هو العامل الأهم في المظاهرات والاحتجاجات في البلدين، فقسوة الظلم وفظاعة الفساد المفضوح ووقاحة الطائفيين لم تعد مقبولة، وقد أنهت قدرة الشعوب على الاحتمال، وبسبب ذلك فإن الوضع في البلدين مهيّأ أكثر من غيرهما للتحول إلى حربٍ أهلية عنيفة ودموية لا تبقي ولا تذر، وهو على العموم ما تدفع الميليشيات المسلحة الموالية لإيران باتجاهه، لأن ولاءها المعلن هو لخدمة المشروع الإيراني، ولو كان بقتل الشيعة والمواطنين بالآلاف، ونشر الفوضى والإرهاب والقتل بدمٍ باردٍ، ذلك أن قرارها بيد المستعمر الأجنبي والعدو الغاشم الذي لا يعنيه مواطنو الدولتين بأي حالٍ من الأحوال.
مع كل الحرص الذي يبديه المتظاهرون في العراق ولبنان على صبغ احتجاجاتهم بالسلمية التامة، فإن هذا قد لا يستمر طويلاً، وذلك أن هذه الميليشيات المسلحة الطائفية الإرهابية متعطشة للدم، وهي تهدد بالحرب الأهلية، وتظهر استعداداً تاماً للتوجه نحوها، وقادتها يهددون شعوبهم بها، حتى يجبروهم على مواصلة الخضوع لهم، بلغة القوة الغاشمة والجبر والقهر.
يجب أن يكون المتظاهرون المخلصون على بينة من حجم التغيير الذي يفرضونه في بلدانهم وفي المنطقة ككلٍ، حتى يستطيعوا تقدير الموقف بشكل أدق ويتخذوا قراراتهم على بصيرة، فثمن الحرية باهظ على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، وسيكون على المتظاهرين في البلدين أن يتحملوا التضحيات التي سيقدمون عليها، لأنها ستكون تحولاً كبيراً في موازين القوى لا في بلدانهم فحسب، بل في المنطقة بأسرها.
نظام الولي الفقيه في إيران هو نظام نشاز عن مسيرة التطور البشري، فهو نظام مؤدلج دموي قاتل، ولديه خبرة أربعة عقود من الديكتاتورية المطلقة، التي تبنّت قتل شعبها وإفقاره بشكلٍ ممنهجٍ ومستمرٍ طمعاً في مزيدٍ من التوسع وبسط النفوذ الفارسي في المنطقة، وقد ارتكب المجازر تلو المجازر ضد شعبه، ويكفي استحضار تعامله مع ما كان يُعرف بـ«الثورة الخضراء»، التي انطلقت في عام 2009، بقيادة رموزٍ من داخل النظام نفسه، ومع ذلك فقد واجهها النظام بمزيد من القمع والقتل والأجهزة الأمنية والعسكرية القاتلة.
استحضار مثل هذه الحقائق يوضح حجم المعركة التي يخوضها هؤلاء المتظاهرون الأبطال، وحجم التغيير التاريخي الذي ينشدونه ويسعون إليه؛ فالانعتاق من رق التبعية والعبودية للنظام الإيراني المحتل له ضريبة عالية، ولكنها ضريبة يجب أن تُدفع إذا ما أرادت هذه الشعوب الانعتاق الحقيقي والكامل وبناء الدولة المستقلة الحديثة.
العقوبات الأميركية الصارمة وغير المسبوقة بدأت آثارها بالظهور بشكلٍ جلي وواضح، وتحديداً لدى الميليشيات التابعة لإيران في الدول العربية، وعلى رأسها العراق ولبنان، بحيث تجلّت في رفض الحواضن التقليدية الشيعية لهذه الميليشيات، ولدورها وسياساتها وأسلحتها، وهو أمر سيزداد في المستقبل القريب والبعيد، فالعقوبات الصارمة ليست ألعوبة، ولكنها حقيقة لها آثارها الفاعلة على الأرض.
في العراق، اتسمت ردة فعل الميليشيات المتعددة التابعة لإيران بالقسوة المفرطة والدموية الصارخة؛ فالقتلى من المتظاهرين بالعشرات، والمصابون بالآلاف، والقتل يتم بالرصاص الحي من القناصة أو المسلحين التابعين لـ«الحشد الشعبي»، الموالي لإيران في العراق، بينما لم تصل الأمور في لبنان لهذه الدرجة حتى الآن، وهو ما يعني تجهّز وتأهب «حزب الله» و«حركة أمل» للانقضاض على الدولة والشعب والجيش بشكلٍ محكمٍ، وهو ما تشير له كلمات أمين عام «حزب الله»، مرتين؛ الأولى اتسمت بالتهديد الفج، والثانية كانت تهديداً مبطَّناً يرفع العلم اللبناني، والغاية واضحة في الكلمتين، وهي إجبار الشعب اللبناني على أن يخرس ويتخلى عن حقوقه المشروعة ويعود للحظيرة ويخضع للأمر الواقع الذي تفرضه الميليشيات المسلحة.
تجارب الشعوب في الحصول على الحرية والاستقلال لم تكن سهلة، ولا لينة بأي حالٍ من الأحوال، بل إنها قاسية كل القسوة ومليئة بالمجازر والمذابح والمصائب والنكبات، ولكن نتائجها هي التي تغير وجه التاريخ، وتنتزع الحقوق، وتحرر الأوطان.
الالتحام الشعبي العام، وتراصّ الصفوف، والرفض الواسع للطائفية والمذهبية التي تفرّق ولا تجمع، تبدو ظاهرة حية في البلدين، فالشعبان العراقي واللبناني يظهران اتفاقاً كبيراً على تجاوز المرحلة السابقة بكل مواضعاتها وتوازناتها، والأنظمة السياسية التي رسختها ونهبت من خلالها أموال الشعوب ومقدراتها بشكل غير مسبوقٍ في التاريخ، من حيث الحجم والنوعية، وكذلك من حيث الوقاحة والصفاقة في احتقار الشعوب وإذلالها.
الثورات الغاضبة والاحتجاجات الكبرى في التاريخ تحدث بناء على تراكمات تأخذ وقتها الزمني الطبيعي، ثم تتحول شيئاً فشيئاً إلى التعبير عن نفسها بقوة وعزمٍ على عدم التراجع حتى تصل إلى ذروتها التي تقتلع كل شيء وتغير التاريخ، وهي قد تمرّ بمراحل قمعٍ وهدوء، ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، فلا تلبث أن تهب العاصفة لتقتلع كل الشرور المتراكمة.
أخيراً، ثمة شبه إجماعٍ لدى الشعوب العربية التي تتابع تطورات الأحداث في البلدين على أن الشعبين العراقي واللبناني سينتصران على الظلم والجور والديكتاتورية.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 هدية الغرب للعراقيين ستضيع!

سوسن الشاعر
الشرق الاوسط
أتمنى على اللبنانيين والعراقيين ألا ينتظروا ردة فعل الولايات المتحدة أو حتى الأمم المتحدة أو أي جهة غربية من حراكهم، فهذه الدول يسيطر فيها «اليسار» الساذج الذي دمر منطقتنا بجهله وعدم إدراكه اعتقاداً منه أنه إنما يهدينا السعادة على يد الأحزاب الدينية التي دعموها ضدنا نحن الشعوب العربية.
على اللبنانيين والعراقيين ألا يستعينوا بأي من مبعوثي الغرب أو مندوبيه؛ فلم يجلب هؤلاء سوى الخراب، فقد ضاعت بوصلتهم مع الشرق وهم حيارى فينا وفيما نحتاج وما نريد.. هذا أقل وصف ممكن أن نصف به موقف المجتمع الدولي المصدوم برفضنا «هداياهم» الثمينة وديمقراطيتهم المغشوشة هذه.
هم حيارى لماذا ترفض الشعوب العربية الأحزاب الدينية في مصر في البحرين في العراق في لبنان؟ يستغربون من حراكنا المناهض للدولة الدينية التي وضعوا أسسها في العراق بعد إسقاطهم نظام صدام، وسمحوا بقيامها في لبنان بدعمهم «حزب الله»، وكادوا ينجحون في قيامها في مصر والبحرين لولا تصدي الشعبين للأحزاب الدينية المدعومة منهم. توقعوا أن نهلل ونرحب بهذه الأحزاب فإذا بالثورات تعم الدول العربية ضدها وضد من يتحالف معها، سواء كان حليفاً محلياً أو أجنبياً.
تقول الباحثة في معهد واشنطن آنا بورشفسكايا «يمكن قَوْل الكثير عن الأخطاء التي ارتُكبت بعد غزو العراق عام 2003، لكن لا يمكن الإنكار بأنه جلب الحرية. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن 40 في المائة من العراقيين ولدوا بعد عام 2003، ولا يعرفون سوى ديمقراطية العراق غير المستقرة. لكن مع تلاشي (صدام) من الذاكرة، فمن المحتمل أن يصدّقوا الوعود البديلة بصورة أكثر، العراق لم يضِع بعد. لكن لو استمررنا في تجاهله، فسيضيع قريباً» – (انتهي الاقتباس).
تخشى الباحثة الأميركية، وهي من أصل روسي، أن يتمنى العراقيون عودة الأمن على يد قيادة قوية حازمة، فبعد مضي ستة عشر عاماً على سقوط نظام صدام حسين وبعد تغلغل النفوذ الإيراني في العراق وهيمنته على السلطة، وبعد تعزيز نفوذ المراجع الدينية برعاية أميركية بقيت حقائق مهمة لا بد أن تقر بها الولايات المتحدة.
الشعوب العربية لفظت الأحزاب الدينية ذات المرجعيات الإيرانية أو التركية، بل إن شيعة العراق هم الذين ماتوا بالرصاص الإيراني في الاحتجاجات الأخيرة التي جرت في العراق وهم جيل ولد بعد سقوط صدام، والعراق شبه منقطع عن عمقه الاستراتيجي العربي.. جيل ترعرع في ظل امتداد النفوذ الإيراني وهيمنته على العراق، ومع ذلك ثاروا وهم أكثر الذين سقطوا برصاص القناصة الإيرانيين.
النزعة القومية العربية تنامت بسبب دعمكم أحزاباً دينية إيرانية أو تركية، الشعوب العربية تثور الآن ضد الحكومات الضعيفة التي تحالفت مع الأحزاب الدينية لتجمل صورتها وتمثل واجهتها المدنية الكاذبة. مايكل نايتس، باحث في معهد واشنطن، يقدم صورة قاتمة عن ضعف الحكومة العراقية التي جاءت عن طريق «الحرية» الهدية الأعظم التي قدمتها الولايات المتحدة للعراقيين والتي تلاشت أمام تسلط إيران وامتداد نفوذها «تعاونت مجموعة من الميليشيات المدعومة من إيران ومسؤولي الأمن مع مستشارين إيرانيين لتصميم هذه المقاربة الأكثر صرامة، والتي تضمنت اغتيالات ونيران قناصة وهجمات بطائرات من دون طيار وترهيباً واعتقالات غير قانونية وانقطاع الإنترنت. وعندما نشرت بغداد نتائج التحقيقات التي توصلت إليها فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، حددت فقط صغار الضباط، وتجنبت الانتهاكات الرئيسية مثل هجمات القناصة والاعتداءات على محطات التلفزيون، وامتنعت عن تسمية أي من القادة المتورطين من الميليشيات المدعومة من إيران».
لذلك؛ تخشى الولايات المتحدة من عودة الديكتاتوريات تحت ظل النزعة القومية العربية لدى هذا الجيل الذي هو مستعد لأن يتخلى عن المكتسبات التي «أهدتها» أميركا للعراقيين، وأهمها «الديمقراطية الهشة» مقابل أمن يفرضه مستبد عادل!
وبسذاجة منقطعة النظير، تقول آنا بورشفسكايا في معهد واشنطن: بعد مضي ستة عشر عاماً على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح نظام صدام حسين، يواجه العراق تحديات هائلة، إلا أنه لا يزال يتمتع بدرجة من الحرية لا تتمتع بها أي دولة في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل وربما تونس. وإنّ توافر الأمن والفرص الاقتصادية هو أمر مهم. لقد احتج العراقيون هذا الشهر لأنهم سئموا، وبحق، من نقص الخدمات الأساسية وتفشي الفساد والبطالة على نطاق واسع، فضلاً عن النفوذ الإيراني المتزايد في بلادهم.
هذا الشعور بالإحباط لا يأتي فقط من السنّة العراقيين، بل من الشيعة أيضاً. وفي الواقع، تُظهر استطلاعات الرأي أن الطائفية في العراق قد انخفضت في السنوات الأخيرة، لتنمو محلها النزعة القومية؛ الأمر الذي يشكّل تطوراً إيجابياً.
لكن إذا استمرت الولايات المتحدة في تجاهل العراق، فستضيع هذه الحرية الهشّة التي حققتها البلاد بشقّ الأنفس.
لذلك؛ فليعتمد العراقيون على أنفسهم فقط وليحذروا مد اليد الغربية بادعاء المساعدة أياً كانت؛ فكلها ملغومة في ظل طغيان «اليسار الغربي» الساذج الذي سيعيد تعزيز موقع الأحزاب الدينية التي نرفضها.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7 حيدر ملاك بابل إنعام كجه جي

الشرق الاوسط

بالغاز المسيل للدموع ودخان الحرائق، اختنق حيدر القبطان وتحول إلى اسم جديد في قائمة الكواكب الآفلة. خرج الناشط الشاب يتظاهر في بابل ضد حكومة الفساد، ولم يعد إلى بيته. كان يتوشح بعلم العراق وصار العلم كفناً له. قرأت الخبر في الصباح ورأيت الصور وأحزان رفاقه. لا أدري لماذا تذكرت مسرحية «هبط الملاك في بابل» للسويسري فريدريش دورنمات. كم من التواريخ الفذة والنبوءات والأساطير حيكت حولك يا بابل؟
على مدى أجيال، كان طلبة أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد يتمرنون على تقديم تلك المسرحية المدهشة. قد تغريهم شهرة مؤلفها، أو اسم بابل التي هي أرضهم وملكهم وقد استعاره الكاتب منهم. يهبط الملاك في المدينة باحثاً عن أفقر شحاذ فيها ليهديه حورية تعيش معه على الأرض. هل كانت حورية أم ملاكاً أنثى؟ مضى الزمن الذي اختلف فيه الفلاسفة حول جنس الملائكة. يغضب ملك بابل ويتصارع مع الشحاذ للفوز بقلب الملاك الهابط من السماء. كأن الصراع ذاته ما زال يدور منذ خمسة آلاف عام. وفي الصيف الماضي أدرجت «اليونيسكو» آثار بابل على لائحة التراث العالمي. ومن المنتظر أن تكون المدينة عاصمة للسياحة العربية عام 2021. هكذا تجتمع المأساة والملهاة.
لا أعرف حيدر القبطان لأكتب عن صفاته وأرثيه بما يليق. لكن الشهداء يعرفوننا حين ينزلون ليدافعوا عن كرامتنا. وهم دائماً أكبر من النصوص التي تُرتجل عنهم. مع هذا لا يمر الملائكة في سماواتنا مرور الكرام. تمضي الأيام وتتحول تضحياتهم إلى لوحات مرسومة وأناشيد مغناة وقصائد وروايات. ومهما أبدع محترفو القول والتصوير والكتابة فإن مشهد الملاك المختنق في بابل هو الأبلغ. والهواتف تلتقط الصور والمواقع تنقل الأفلام وتوثّق الأحداث.
قبل سنوات، تحولت صورة «عذراء الجزائر» إلى أيقونة طافت العالم. وكذلك صورة الفلسطينية التي تحتضن زيتونتها لمنع جنود الاحتلال من اقتلاعها. وقبل أشهر صارت كنداكة السودان رمزاً للثورة. وأمس تبادلنا صورة بائعة المناديل التي منحت بضاعتها إلى المتظاهرين في بغداد لكي يجففوا عرقهم. ثم جاءت صورة تلك السيدة العراقية التي نزلت مع الفجر لتلتحق بالمظاهرة. كانت ترتدي فوق عباءتها معطفاً واقياً من خراطيم المياه وتتلفع بالعلم وتحمل قناعاً واقياً من الدخان. لا قلم يمكنه وصف التعبير المرتسم على ملامحها. هي الكبرياء حين تمتزج بالاشمئزاز ونفاد الصبر. كأنها سليلة تلك المرأة التي جاء من يبلغها باستشهاد أولادها في ثورة سنة 1920 ضد الإنجليز. قال لها إن تعبها في تربيتهم ذهب سدى. ردّت: بل ربيتهم لهذا اليوم.
لا نريد أن نربي أبناءنا للموت. لا في العراق ولا سوريا ولا فلسطين ولا اليمن. تخرج الأمهات للدفاع عن الحق في الحياة. تتركز العدسات على نساء تونس ومصر ولبنان وهن في المعمعة. لا يعترف حب الوطن بالتمييز الجنسي. ثم تصبح كل تلك الصور لوحات وملصقات ولافتات وقصصاً ومقالات ولا شيء يضاهي الأصل. يكتب المنتفضون حكاياتهم بأرواحهم. لا ينتظرون الخلود في النصوص. لا أحد ينتظر السلحفاة وحمام الزاجل في زمن الومضة والإلكترون.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8 تموضع القوات الأميركية في العراق.. استراتيجية ضدّ إيران

د. حسن مرهج
البناء اللبنانية

لا تزال تداعيات الانسحاب الأميركي من سورية، تتفاعل إقليمياً ودولياً، فما بين مؤيد للانسحاب ورافض له، تبدو التموضعات الأميركية الجديدة، وسلسلة الانسحابات المستمرة من سورية، وكأنها تهيئة لمناخ عسكري ذو طبيعة خاصة، فالمراقب يُدرك أنّ تفاصيل هذا الانسحاب، وإعادة تموضعه في العراق، وكذا في إقليم كردستان العراق، أشبه بترتيب الخطوط العسكرية القريبة من إيران، وهذا مدعاة إقليمية ودولية لإحداث جُملة واسعة من التوترات، وقد يبدو للوهلة الأولى، أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المُتعلق بنقل جنود بلاده إلى العراق، وإبقاء عدد منهم في سورية، اشبه بمعادلة ذات أوجه متعددة، فما بين التموضع الرمزي في سورية، بُغية التأثير على القرار السياسي المُفضي لحلول نهائية للحرب على سورية، ومن جهة أخرى مراقبة إيران عن كثب، وما بين التموضع الأميركي الاستراتيجي في العراق، تكمن الغايات الأميركية الحقيقة لجهة إنشاء مسار عسكري ضدّ إيران ونفوذها في المنطقة.

التصريحات والتحركات الأميركية عقب الانسحابات الأخيرة من سورية، والتوجه نحو العراق، تصبّ مباشرة في سياق عسكري، فحين يصل وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر إلى السعودية في زيارة غير معلنة مسبقاً، ويلتقي بالقادة السعوديين والقوات الأميركية أثناء وجوده في المملكة، ومن ثم سيتوجه إلى اجتماع «الناتو» الوزاري في بروكسل، حيث يلتقي مع نظيره التركي، هذا الأمر حكماً هو تهيئة مناخ عسكري ضدّ إيران، خاصة أنه وبالتزامن مع زيارة إسبر إلى السعودية، صدرت تصريحات إعلامية من وسائل الإعلام السعودية تتمحور حول اجتماع رؤساء أركان دول خليجية وعربية وأجنبية بالعاصمة الرياض لبحث «تهديدات إيران». ويقرّرون مناقشة وسائل «ردع التهديدات» ضدّ السعودية بمؤتمر في 4 تشرين الثاني المقبل.

ضمن هذه الصورة، من الواضح أنّ جُلّ التحركات الأميركية وأدواتها في المنقطة، تتقاطع مع هدف واحد، ألا وهو كيفية مواجهة إيران. لكن يبقى التواجد الأميركي في العراق مثار بحث وجدال، ففي الفترة الماضية كثرت الهجمات الإسرائيلية وبتنسيق أميركي، لاستهداف مقار الحشد الشعبي في العراق، وحُكماً هي رسالة لإيران بغية ردعها وإجبارها على الانسحاب من المنطقة. لكن الوجود الإيراني في العراق هو أمر واضح وأقرت به حتى الولايات المتحدة، كما أنّ هناك اتفاقيات تعاون مع إيران من الصعب على الحكومة العراقية الإخلال بها، من هنا يحاول العراق التوصل إلى حلّ دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران وذلك بحكم علاقته المتشعّبة، بيد أنه لن يغامر في السماح للقوات الأميركية باستخدام أراضيه لمهاجمة إيران وذلك للتحالف الوثيق بين البلدين.

القوات الأميركية قد بدأت بالفعل بإعادة تمركزها في العراق، تحقيقاً للغايات التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويتحدّث المواطنون العراقيون عن ظهور أكثر وضوحاً للقوات الأميركية في عدد من المناطق، إلا انّ هذا الظهور وفقاً لما يرويه الناس هو ظهور هادئ لا يحمل طابعاً هجومياً، ومع ذلك فقد أطلق بعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي العنان لمخيّلاتهم متوقعين حدثاً كبيراً قد يغيّر من الخريطة السياسية العراقية، ومع ذلك يظلّ هذا الحدث بلا سند واقعي أو أيّ مؤشرات دالة، ولكنه بالتأكيد يدخل ضمن دوامة الجدل الدائر حول التواجد الأميركي في العراق والعلاقات مع ايران، ولا يبدو انّ هذا الجدل في طرقه الى النهاية قريباً.

ذكر دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة «سي بي أس» الأميركية في وقت سابق، أنه يخطط لإبقاء القوات الأميركية في العراق بحيث تكون قادرة على الردّ بشكل سريع على أية أحداث في المنطقة وكذلك لمراقبة إيران، هذا التصريح قابله ردّ فعل رافض من قبل عدد من القياديين والسياسيين العراقيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية برهم صالح الذي أكد رفض العراق ان يكون طرفاً في أيّ محور او أيّ صراع بين الدول، كما رفض رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي تصريحات ترامب، وطلب من الولايات المتحدة إعادة النظر في هذه التعليقات المثيرة للجدل، والتي وصفها بأنها تصريحات تؤدي الى «زعزعة للاستقرار».

في المحصلة، أميركا قادرة على إشعال حرب ضدّ إيران بكبسة زر، إلا أنها لن تكون قادرة على ضبط الأمور بعدها، فردّة الفعل الإيرانية ستكون أكبر من القدرة الأميركية على الحسم، وستصبح قواتها في العراق والخليج مهدّدة، وبالتالي وضمن العديد من السيناريوات، فإنه لا يمكن التكهّن بسلوك ترامب الأحمق، لكن من المؤكد أنّ إيران ومحورها المقاوم، سيكون له سيناريو خاص به، وهو بالتأكيد إشغال واشنطن ووكلائها في المنطقة، فهل يُدرك ترامب ذلك؟