ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 سيناريوهات الأردن 2020
ماهر أبو طير
الغد الاردنية
آن الأوان أن يتصرف الأردن بطريقة مختلفة، امام المشهد الإقليمي، وهو مشهد لا يمكن تبسيطه ابدا، ولا التهوين من تفاعلاته المقبلة.
الأردن ما يزال قويا وصلبا برغم كل الازمات التي فيه، وابرزها الازمة الاقتصادية، وبنيته الاجتماعية بكل سماتها الإيجابية والسلبية، ما تزال متماسكة، ومتفقة ضمنيا، على أن الأردن يجب ان يبقى سالما مهما كانت عناوين التذمر.
ثقل الظرف الإقليمي يزداد، والسؤال يرتبط حول قدرتنا على مواصلة تجنيب البلد كلف هذه الازمات التي تشتعل في كل الإقليم، خصوصا ان بعضها ترك أثرا مباشرا، وبعضها يترك أثرا غير مباشر، لكن الحريق الإقليمي يكبر ويمتد يوما بعد يوم.
العراق خرج لتوه من مظاهرات دموية، والدعوات للتحشيد يوم الجمعة المقبلة، عادت بشدة، من تيارات سياسية مختلفة، والنار تشتعل في سورية وان كانت اقل حدة مما سبق، والوضع في لبنان على صفيح ساخن، وهو مؤهل للانزلاق نحو الهاوية، وفلسطين تحت الاحتلال، والتهديدات في القدس والضفة الغربية لا تتوقف، والأتراك على تماس مع الاكراد والملف السوري، والايرانيون يؤججون مواجهات في كل مكان، بما فيها الخليج العربي، وتأثير ذلك على أمن المنطقة، عموما، وعلى العالم بشكل عام، والتقلبات السياسية في كينونة الاحتلال تلقي بظلالها على المنطقة، وعلى الأردن، والتهديدات التي يجابهها الاشقاء المصريون متعددة، بل وترتبط الحلقة المصرية بالسودان، وبأمن البحر الأحمر، ومع كل هذا الجماعات المتشددة، والعناوين الطائفية والمذهبية، والتراجعات الاقتصادية في كل المنطقة، وتأثير ذلك من دولة على دولة، كأننا امام عدوى أمنية وسياسية واقتصادية.
حتى الآن لم يتضرر الأردن إلا جزئيا، خصوصا على صعيد ملف اللاجئين، والملف الاقتصادي، وحالة الإغلاقات التي نعاني منها على صعيد الدولة، والقطاع الخاص، لكن السؤال يرتبط بالقراءات الاستراتيجية لهذا الوضع، واذا ما كنا في العام 2020 على قدرة للتكيف مع كل هذه الانهيارات الإقليمية بذات الطريقة التي مررنا بها، أم إننا أمام أخطار سوف تتضاعف، ولا تكفي معها الإدارة اليومية، او مشاعر الطمأنينة التي تسيطر علينا، في حالات كثيرة، ربما لكون الأردن عبر ظروفا اصعب في أوقات سابقة.
هذا يعني أن الأصل وضع سيناريوهات للفترة المقبلة، وعدم التصرف على أساس ان هذه الحرائق لن تؤثر علينا، فهي تمتد بهذه الطريقة التي نراها من بلد الى بلد، وتأثيرات ذلك الكلية على الإقليم، امنيا وسياسيا واقتصاديا، وبالضرورة هنا، وضع خطة جديدة للتعامل مع الداخل الأردني، عبر انهاء اي أزمات ظاهرة او كامنة، إضافة الى ضرورة سعي الأردن لتشكيل تحالف عربي جديد، في ظل التحولات الجارية التي لم يعد مناسبا معها الاتكاء على جامعة الدول العربية، او أي مجالس اقل درجة من الجامعة، ومن هذه الزاوية وحصرا الأردن مدعو لمراجعة سياسته الخارجية أيضا، وحض الأطراف التي سلمت من كل هذه الحرائق أيضا، الى صياغة معسكر جديد، امام هذه التحولات المتسارعة، التي لا يصح التفرج عليها، مع حسابات الاعراض الجانبية لها.
سيناريوهات الأردن 2020 لا بد ان تقرأ بكل عمق، التحولات في المنطقة، وأثرها علينا، والاستعداد لها عبر الملفين الداخلي والخارجي، والحاجة الى شركاء عرب هنا، حاجة ملحة، في ظل ما نراه من مؤشرات على أن الأزمات تلد أزمات اكبر.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 الرصاص الحي لا يخترق الاحتباس السياسي داود الفرحان
الشرق الاوسط
بين فترة وأخرى يفاجأ الناس في مختلف الدول بمصطلحات علمية جديدة تدخل القاموس اليومي من دون مقدمات وبتفسيرات محدودة لا تفهمها إلا النخب العلمية.
ففي عائلة: «لوجيا» هناك «ليكسيكولوجيا» أي علم القواميس، و«مورولوجيا» أي علم الجنون، و«كرتولوجيا» أي علم الخرائط، و«خرونولوجيا» أي علم توالي السنين، و«غسترولوجيا» أي علم الطبيخ، و«تخنولوجيا» أي علم الفنون العملية، و«هيرولوجيا» أي علم المقدسات، و«ترمنولوجيا» أي علم استعمال الكلمات، و«تاناتولوجيا» أي علم الموت، و«كالولوجيا» أي علم الجمال، و«جورنولوجيا» وهو علم الصحافة التي نكتب فيها ونموت بسببها بالسكتة الدماغية!
ومرّت بنا منذ سنوات لم أعد أتذكرها مصطلحات طربنا لها، واستخدمناها في كتاباتنا اليومية بسبب أو من غير سبب لإثبات «ثقافتنا» الموسوعية! ومن تلك المصطلحات البراغماتية والبيرونية والاستقراء والاستنباط والصيرورة والكينونة والتكنوقراطية والسريالية والشخصانية والطوباوية والطوطمية والميتافيزيقية. وكان أحد زملاء المهنة في بغداد يكثر من استخدام هذه التعابير في مقالاته السياسية التي تُربك المذيع وهو يقرأها في برنامج «أقوال الصحف».
ومنذ سنوات قليلة وصلنا إلى مرحلة «الاحتباس الحراري» وهو مصطلح إنجليزي Global Warming، وبتنا نسمع هذا المصطلح في محاضرات عن هندسة المدن الجديدة أو البيئة أو المناخ أو الطيران أو السكان أو الفضاء. وباستخدام علم «اللوذعية» صار متاحاً اللجوء إلى تعبير «الاحتباس» في حديث عن أزمة ازدحام الشوارع «الاحتباس المروري»، أو «الاحتباس الخليجي» في مقال عن التهديدات العدوانية الإيرانية في مضيق هرمز، أو «الاحتباس الوزاري» في مقال آخر عن أزمة وزارية، أو «الاحتباس المالي» عن أزمة مالية، أو «الاحتباس الأخلاقي» عن أزمة سلوكيات عامة.
ومن الأخلاق أدلف إلى السياسة فوراً. أصدق تعبير عما يجري في العراق اليوم هو «احتباس سياسي». وهو وصف دقيق لعجز الحكومة والشباب عن حل «ثورة الاحتجاجات» التي أطلق عليها الشباب المتظاهر لقب «ثورة أكتوبر». وهو وصف دقيق أيضاً لعجز القوى الأمنية والعسكرية والميليشياوية عن القضاء على الهيجان الشعبي العراقي ضد الفساد والفقر والتدخلات الإيرانية المسلحة وغير المسلحة في الشأن العراقي من مناهج الكتب إلى تصدير النفط إلى القواعد الأميركية. حتى رجال الدين أصيبوا باحتباس سياسي كشف استخدامهم للعمائم لإجهاض أحلام الشباب بوطن حر آمن وحياة كريمة بدلاً من الجوع والحرمان والجهل واللطم والمسيرات الجنائزية على الطريقة الفارسية الدموية. فهؤلاء الفتيان والشباب لم يطالبوا بتعيينهم في السفارات العراقية في الخارج كما هو الحال مع أولاد المسؤولين وأقاربهم، ولا طالبوا ببناء منتجعات سياحية لهم بدلاً من أكواخهم المتداعية.
لو كان رئيس الوزراء اتخذ قبل بدء الاحتجاجات قراراته الأخيرة بتوزيع أراضٍ وتقديم قروض وتوفير فرص عمل، على ندرتها، كان يمكن ألا يحدث ما رأيناه ونراه من عنف ودماء من جانب القوات الأمنية والميليشيات ضد المتظاهرين السلميين وغالبيتهم من الطبقة الفقيرة الشيعية التي لم تجد في السنوات الماضية بارقة أمل واحدة لتحسين أحوالها الحياتية. كان يمكن لرئيس الوزراء أن يُحدث خرقاً حقيقياً في «الاحتباس السياسي» الذي استمر منذ عام 2003 حتى اليوم. وهو ما زال يقول إنه قادر على احتواء ما يحدث على الرغم من الانتقادات التي وُجهت إليه حول «باقة الوعود» التي جاءت متأخرة جداً. لكن كما يقول المثل «أن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي». وهي وعود متواضعة ليس هناك ما يمنع أن تصادرها حيتان الفساد والأحزاب. وهناك سوابق كثيرة من أهمها اللاجئون العراقيون في الداخل من سكان المحافظات الشمالية والغربية الذين ما زالوا بعد أكثر من عامين على دحر «داعش» يسكنون البراري والمخيمات وضاعت كل أموال المنح الدولية في بطون الحيتان، ولم يتسلم منها اللاجئون وجبة غذائية واحدة!
«الاحتباس السياسي» في العراق أصل وصورة. الأصل هو الحكومة، والدولة بشكل أعمّ، وعجزهما المزمن عن إصلاح الخدمات والتعليم والصحة والإسكان والماء والكهرباء، وانشغالهما طوال العام بالطقوس المستوردة التي لا تنتهي أبداً، من مناسبة إلى أخرى، ومن مسيرة إلى ثانية، ومن عطلة إلى عطلات. وذكر لي خبير اقتصادي في أحد البنوك الرسمية العراقية أن إنفاق الحكومة على المناسبات والزيارات الدينية لا يقل عن ملياري دولار سنوياً! وهو مبلغ قادر على تحقيق اختراقات كثيرة في «الاحتباس السياسي» الذي اختنقت به الحكومة والشعب معاً.
أما الصورة فإن السيدين عادل عبد المهدي وحيدر العبادي تسلما ركاماً من المشكلات التي خَلّفها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في دورتيه الوزاريتين، لكن هذا عذر لا يُقنع المحتجين الهائجين بالعودة إلى بيوتهم، خصوصاً أن الرصاص الحي لا يُنهي الاحتجاج السلمي بل يساعد على تصاعده.
كل الفيديوهات التي تلقيتها خلال الأيام الماضية تلعن النظام الإيراني؛ فهو سبب كل مشكلات العراق منذ حرب السنوات الثماني حتى اليوم. لم ينل العراقيون من إيران إلا الطقوس الخرافية والفتنة الطائفية والميليشيات وقاسم سليماني وهذا «الاحتباس السياسي» الدامي.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 من سوريا والعراق إلى لبنان: جدران الملالي المنهارة
يوسف الديني
الشرق الاوسط
لا يمكن عزل الإجراءات العقابية التي وقعها الرئيس ترمب على طهران عن واقع جديد يتكشف الآن، وتظهر انعكاساته العميقة بوتيرة متسارعة: اندلاع احتجاجات العراق، والاجتياح التركي لسوريا وسط تململ الملالي وسخطهم، وصولاً إلى ما يحدث في لبنان اليوم، من التصعيد في الشارع اللبناني بكل مكوناته، دون اكتراث بصيحات نصر الله وتهديداته التي أكدت عمق «أزمة» دولة الميليشيا التي يحاول حمايتها، ولو على حساب لبنان الدولة التي لم يعد أهلها يحتملون تلك الازدواجية، وحالة العسكرة المديدة التي ساهمت في تردي الاقتصاد، وهروب رؤوس الأموال والمستثمرين والسياح.
ورغم الانتقادات الواسعة المبرّرة تجاه حالة الارتباك في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، من داخل الولايات المتحدة وخارجها، فإن ترمب لا يزال مصراً على أن سياسات واستراتيجية الإرغام عبر العقوبات والانسحاب العسكري ستؤتي أكلها، وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتثبت فعاليتها. هذه الاستراتيجية لم تكن وليدة لحظة ترمبية متعجلة، وإن كان سلوكه في التعبير عنها عبر منصة «تويتر» يوحي بذلك، فما يفعله هو جزء من روزنامة طويلة تعود خلفياتها إلى طروحات فكرية وفلسفية لتيار المحافظين لتأسيس «المصلحة الوطنية» التي نظّر لها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود إريفينغ كريستول، والتي من بين مرتكزاتها الالتفات إلى الداخل، والتحلّي بالواقعية والبراغماتية فيما يخص الشؤون الخارجية. وقد ازدادت لاحقاً الطروحات الداعمة لتلك الاستراتيجية، مع شخصيات ورجال دولة مؤثرين كديسيلي وبسمارك وكيسنجر، وغيرهم من الذين ساهموا بالتمهيد لصعود الذاتية السياسية التي كان لها دور كبير في تعزيز شعبوية ترمب السجالية وصعودها. تلك الرؤية الواقعية كانت تؤكد عدم فاعلية استخدام القوة الأميركية خارج الولايات المتحدة، وأن المثالية والتفرّد والعصر الأميركي لم تكن سوى شعارات مهّدت لفشل كبير في الشرق الأوسط، لا سيما بعد ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق، الذي كان بداية لتطوير سردية فشل استراتيجية العسكرة، ونهاية عصر السيادة.
وفقاً لذلك، فإن كل ما يدور حول استفادة إيران من الانسحاب الأميركي، وصعود مشاريع رغبوية في السيطرة على المنطقة، كالمشروع التركي، واحتمالية عودة انبعاث الإرهاب من قبل تنظيم داعش، هو وجهات نظر لا تقدم سوى نصف الحقيقة المتصل بدوافع تلك الأطراف التي تحاول أن تملأ الفراغ الأميركي ما بعد الانسحاب، لكنها تتجاهل النصف الآخر الأكثر تأثيراً، وهو أن تلك القوى مهما حاولت جاهدة لن تستطيع سوى خلق المزيد من دوامة الفوضى، والغرق في دوامة من الفشل في إدارة الأوضاع، كما رأينا في سوريا التي استباحها الملالي لتثبيت نظام الأسد، لكن ذلك، بعد مضي كل هذه السنوات، وتراجع حضور «داعش»، لم يكن إلا شعاراً براقاً وغير واقعي على المدى القريب المنظور. فكل ما يملكه النظام اليوم هو محاولة التفاوض مع الأكراد، والحد من توسع تركيا، وإيجاد حالة من التوازن داخل مساحة الأراضي التي يسيطر عليها، دون التفكير في توسيع دائرة الحرب للحصول على ما يزيد على 40 في المائة من البلاد، في ظل شحّ الموارد واختناق الاقتصاد الإيراني. وهو ما أطلق نذر الهلع في الداخل الإيراني، الذي ربما كثفته عبارة أحمد خاتمي في واحدة من خطبه، حين حذر روحاني من التعثر في الفخّ الأميركي، وهو ما يعني أن ليس أمام إيران الكثير لتفعله في ردع شره إردوغان الذي يشعر بكثير من جنون العظمة، المتمثل في تصريحاته اللفظية التي يحاول عبرها خلق شعور قومي في الداخل الذي خذله منذ وقت ليس ببعيد في أهم المدن التركية.
الهيمنة الإيرانية المتخيّلة لا تجد ما يشفع لها على الأرض والواقع في العراق واليمن وسوريا ولبنان، لذلك تعمل على محاولة نقل الصراع إلى مدى أوسع عبر إشعال المنطقة، وهو ما يفسر الدوافع الأساسية لتهور الملالي باستهداف خطوط الملاحة الدولية، ومنشآت النفط في السعودية، كمحاولة لتغطية الفشل في تسيير الأوضاع رغم تجليات الهيمنة السياسية التي تقودها في العراق، والتي آلت إلى حكومة فساد انتفض عليها بالأمس القريب الشارع العراقي، وفي مقدمته المكوّن الشيعي غير المسيّس. وهي النتيجة ذاتها في احتجاجات لبنان اليوم، الذي يحاول الخروج من تبعات تلك الهيمنة الإيرانية، لكن عبر ترحيل المشكلة، وإلقاء الاتهامات الصبيانية على السعودية وحلفاء الولايات المتحدة، أو من خلال إطلاق الشعارات التي لم تعد تخدع أحداً.
وفي الشأن اللبناني، تتكرر القصة بشكل أكثر مأساوية منذ أن هيمن «حزب الله»، وكيل طهران، على الحالة السياسية، أو ما سمّي بـ«العهد القوي» الذي بلغ مداه في اللامبالاة بالسيادة الوطنية، بفرض تشريحاته السياسية، وعرقلة تشكيل الحكومة، وصياغة القانون الانتخابي بهدف السيطرة على الأصوات الشيعية، والتحالف مع الكتل المسيحية، في مقابل إضعاف وتهميش كل القوى اللبنانية التي لم تزل تعاني منذ أن تسبب «حزب الله» في تحويل لبنان من مشروع إنمائي واعد في 2005، قبل اغتيال الرئيس الحريري، اللحظة الفارقة في تاريخ لبنان المستقل، إلى عاصمة يخرج أهلها للتظاهر من أجل «النفايات»، كنتيجة حتمية لمسلسل طويل من العبث الإيراني الذي لم تمتد أصابعه إلى أي من البلدان العربية إلا وكانت النتيجة صعود منطق الميليشيا والعسكرة، وتدريب وتسليح ورعاية توائمه الآيديولوجية كالحوثيين، على أي أصوات للاعتدال والرفاه والبناء والمستقبل.
ومهما بدا أن دورات اقتصاديات الميليشيا تسعى إلى استقلال ذاتي، ومحاولة الخروج من دورة الحياة الطبيعية للاقتصاد، فإن فشلها وانكساراتها سريعة وكارثية مع أي اختبار حقيقي، كالعقوبات التي فرضتها إدارة ترمب، وفق استراتيجية الإرغام التي تظهر آثارها. فهيكلية بناء الميليشيات على المستوى الاقتصادي ليست بأقل فشلاً من رؤيتها السياسية، حيث تقوم على الصفقات المشبوهة والفساد وعرقلة كل مشروعات لا يمكن السيطرة عليها، لا سيما بعد تعثر مداخيلها المباشرة من قبل داعميها من طهران.
وبحسب إحصاءات التقارير الدولية، فقد «حزب الله» جزءاً كبيراً من منح الملالي التي كانت تبلغ مليار دولار سنوياً، تقدم بشكل مباشر، ومن خلال التبادل والاستثمارات الدولية الملتوية، وشبكة واسعة من المانحين السريين، وأنشطة تبييض الأموال. وتلك المسارات باتت اليوم، مع الإجراءات الصارمة تجاه الدول المتساهلة مع إيران بشكل انتفاعي، أكثر عسراً، حتى من محاولة إقناع الجماهير الغاضبة بالكلمات!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 ثورة العراق انطلقت.. إيران تراهن على «فرِّق تَسُد»
افتتاحية
النبأ البحرينية
تواصل إيران الفارسية الحرب لتدمير دول العرب والمسلمين في العراق وسوريا واليمن ولبنان، إلى جانب احتلالها وقمعها الدائم للأحواز العربية؛ لإعادة بناء إمبراطورية كسرى التي حطَّمها المسلمون بقيادة الصحابي الجليل القائد سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه.
قائد ما يسمى فيلق القدس الإيراني – والقدس منهم براء – المدعو قاسم سليماني يعلن حقده على العرب في فيديو قديم له عبر ما يذكره – على حد تعبيره – من عدم قبول سيطرة البدو العرب عليهم بعد معركة القادسية، فهل هذا انتماء إلى الإسلام فعلاَ؟! أم هو حقد إثني يستغل الدين لتحقيق أهدافهم الجهنمية؟
الثورة الشعبية العراقية انطلقت بمكونات العراق جميعها للتخلص والانفكاك من سطوة إيران وأذرعها المجرمة، الذين استغلوا المذهب الشيعي بغرض تحقيق مآربهم الدنيئة والمتمثلة في بث روح الفُرقة بين أبناء الشعب العراقي الأبي، ونهب خيرات وثروات هذا البلد وفي مقدمتها ثروة النفط الغزيرة.
مجرم الحرب قاسم سليماني بدأ حربه التدميرية الجديدة بانتهاج سياسة (فرِّق تَسُد)؛ لوأْد الثورة وإثارة أحداث طائفية كي يتقاتل الثوار فيما بينهم، وذلك عبر تفجير مساجد في كربلاء واتهام السُّنَّة أو صنيعة إيران (داعش)، وفي المقابل تفجير مساجد في بغداد واتهام الشيعة أو مليشيات الاٍرهاب، وفي أعقاب ذلك القيام بمذابح بحق كلا الطرفين وإسنادها لكل طرف، وهكذا حتى يتقاتلا لكي تبقى إيران هي المسيطرة على الوضع والمهيمنة على ثروات العراق.
لقد سبق للاستعمار الغربي انتهاج هذه السياسة لنفس الأغراض والأهداف ولأجل إضفاء شرعية لاحتلاله لبلاد العرب والعالم. ولعل سياسة (فرِّق تَسُد) عادة ما تعقب مرحلة (فرِّق ثم اغزُ) الذي تحدث عنها موقع (ويكيبيديا) في شرح سياسة (فرِّق تَسُد)، موضحاً سبب استخدام الاستعمار لهذه السياسة، وفي ذلك يقول: “لأن استعباد شعب ما والاستيلاء على أراضيه وثرواته يتطلب أولاً إنهاك قواه العسكرية والاقتصادية لغرض تسهيل العملية وتقليص تكاليفها. وهذا يتم عادة من خلال إثارة الفتنة الطائفية والتحريض على العنصرية ونشر روح الانتقام بين الطوائف والطبقات المكوِّنة لهذا الشعب، وإشعال حروب داخلية وخارجية تنتهي بإنهاك قوى كافة الأطراف”. تلك هي سياسة الثالوث المدمِّر (الاحتلال الصهيوني، الأميريكي، الإيراني).
اللهم حرِّر العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين من هؤلاء المجرمين، واحفظ دول الخليج والعرب والمسلمين من شرهم وفِتَنهم.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 شعوبنا تنتفض للخروج من عباءة الطائفية الإيرانية (2 – 2)
فوزية رشيد
اخبار الخليج البحرينية
انتفاضة العراق ولبنان، أزالت الحجب عن كل العيون، لتفضح ما حاول «نظام الملالي» الإيراني تكريسه عبر «الطائفية البغيضة» التي جاء بها إلى البلاد العربية، منذ تولي «الخميني» الحكم، تحت شعار زائف وأصبح اليوم مفضوحا، وهو شعار «المظلومية» ونصرة المظلومين! فإذا بمرتزقته وعملائه وأذرعه، المتحكمين في السلطة السياسية في البلدين، أوصلوهما إلى الحضيض بممارسة أقصى درجات الظلم والفساد حتى ضد «الطائفة الشيعية» التي هم منها!
سقطت ورقة التوت في وعي الشعوب العربية عن حقيقة هذا النظام الدموي الظالم باسم المذهبية والولي الفقيه! مثلما سقطت ورقة التوت عن كل «وكلائه» في حكم العراق ولبنان واليمن وسوريا، وانكشف أن مشروعه الأصلي والأول والأخير هو «التوسع واحتلال البلدان العربية ببدء الهيمنة عليها على يد المليشيات التابعة لها»! ولذلك تردّت الأوضاع حتى وصلت إلى «الحالة الصفرية» في كل بلد دخلت فيه، وبلغت معاناة شعوبها حدا لا يُطاق، ولم يكن أمامها إلا التمرّد على هذا الطغيان الذي جاء بأجندة «الطائفية السياسية والهيمنة» حتى تحولت المحاصصة السياسية إلى «مغانمة» أي نهب وتقسيم الغنائم بسرقات مليارية لأموال الشعب، كما وصف ذلك أحد المحللين العراقيين!
انكشف حتى «للطائفة الشيعية» نفسها ليس فقط في العراق أو لبنان، وإنما في كل مكان، أن «التشيّع الإيراني» أو الصفوي، لا صلة له «بالتشيُّع العربي»، لأن التشيّع الإيراني يريد أن يجعل من الشيعة العرب، وليس فقط الأطياف الأخرى «عبيدا وخدما للإيرانيين»! أمَّا في لبنان فإن مليشيا «حزب اللات» عملت على استعباد لبنان كله وشعبه، لصالح المشروع الإيراني!
لقد تمّ تحريف «المذهب الشيعي» باحتكاره بالمرجعية الإيرانية و«تهميش المرجعية العربية»! ليتبعها الشيعة العرب، لكي تتوسع إيران، وتهيمن عبر الولاء للولي الفقيه في البلدان العربية! وعملقة وكلائه في كل بلد عربي! لا لشيء إلاّ بالترويج «المسفّ للعقل» بأن الولي الفقيه (الإيراني) هو نائب صاحب الزمان! رغم أن «ولاية الفقيه» فكرة مبتكرة ومتأخرة وجاءت مع الخميني، بل و(غير متفق عليها شيعيا) حتى في إيران نفسها!
اكتشف المتظاهرون في العراق وفي لبنان، أن إيران قد احتلت العراق في حقيقة الأمر، وأنها هيمنت على لبنان وعطّلت حياة كل شعبه، وأن المعممّين المتسلطين ليسوا في النهاية إلا «دُمى» لتنفيذ أجندة الاحتلال الإيراني لبلدهم كما في العراق، أو هيمنة عملائها على الحياة السياسية كما في لبنان! وأن هؤلاء هم من يضطهدون الشعب كله ويضطهدون حتى الشيعة أنفسهم!
إنه ذات النظام الإيراني الذي أفسد أيضا حياة الشعب السوري وعمل على «التغيير الديموغرافي» و«تشييع القرى السورية»، ونشر المراكز الطائفية في سوريا قلب «الحكم الأموي»! وهو ذات النظام الذي أفسد دولة اليمن على يد عملائه «الحوثيين»! وهو ذاته الذي صنع وكلاء وعملاء ومرتزقة في البحرين وشرق السعودية وفي الكويت! ومنذ أن جاء هذا النظام لم تستقر دول هذه البلدان، ولو بتراتب زمني مختلف، لتدرك الشعوب اليوم أن ليس وراء هذا النظام الإيراني إلا الخراب والدمار وإفقار الشعوب، وأن ليس بيد هذه الشعوب إلا الانتفاض على الفكر الدموي الذي نشره في البلدان العربية، لينتشر معه الإرهاب والظلم والتخلف، بعد أن كانت هذه البلدان ذات الحضارات والتاريخ منارات للبشرية كلها!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 العراق ولبنان.. وبينهما إيران
علي شاهين الجزاف
الوطن البحرينية
ما يجري في لبنان من تظاهرات شعبية عارمة ليس سببها التوجه لرفع الضرائب فقط، بل هي نتيجة تراكمات عاشها الشعب اللبناني الشقيق بسبب سوء أحواله المعيشية، وأدى ذلك إلى انفجار هذا الشعب في وجه حكومته، وهو لا يختلف عن ما يحدث الآن من الشعب العراقي الذي ثار في وجه حكومته قبل نحو أسبوعين أو أكثر، فكلا الشعبين الشقيقين يعانيان من سوء الأحوال المعيشية، وسببها حكومة البلدين اللتين تسيطران عليهما إيران.
هذا هو المصير الحتمي لمن ارتضى أن تسيطر إيران على بلاده، العراق يعاني لسنوات ومثله لبنان من سوء الأحوال المعيشية، ففي لبنان، «حزب الله» اللبناني المحسوب على إيران ودولة الولي الفقيه هو من يسيطر على لبنان وعلى أغلب الوزارات، والوزراء يتبعون توجيهات أمين عام حزب الله حسن نصر الله وينفذون تعليماته، وهذا الأخير ينفذ التعليمات القادمة إليه من إيران، بمعنى آخر أن هؤلاء الوزراء المحسوبين على «حزب الله» هم أدوات لتنفيذ ما يملي عليهم نصر الله الذي ينفذ بدوره ما تأمره به إيران، وبالتأكيد فإن التعليمات والتوجيهات والأوامر الإيرانية لـ «حزب الله» لن تخدم الشعب اللبناني، بل مصالح إيران في لبنان.
وفي العراق فالأمر سيان، ومشابه للبنان، حيث إن تلك الحكومة العراقية محسوبة على إيران، تابعة لها ومسيطرة عليها، وعملاؤها هم أغلب المسؤولين والوزراء الذين يتلقون الأوامر والتوجيهات من إيران، لتنفيذ وتحقيق المصالح الإيرانية في العراق، حتى ولو كانت ضد رغبات الشعب، أو على حساب الشعب، فهذا لا يهم، فما يهم هؤلاء هو إيران التي طالما هي راضية عنهم فإنهم باقون في مناصبهم في الحكومة العراقية، والنتيجة هي ما نراه الآن في العراق، وهو انفجار شعبي في وجه حكومته نتيجة تردي أوضاعه المعيشية.
لذلك لن نستغرب أن الاتهامات التي وجهتها شخصيات لبنانية معروفة إلى «حزب الله» وتحميله نتيجة ما يحدث في لبنان الآن، ومنها رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة الذي أكد في تصريحاته لـ «سكاي نيوز» أن «الاقتصاد اللبناني شهد تدهوراً كبيراً منذ 2011 بسبب زيادة في نفوذ «حزب الله» في مفاصل الدولة اللبنانية»، وهذا ما ذهب إليه أيضاً سمير جعجع رئيس حزب «قوات لبنان» الذي حمل في تصريحات لـ»العربية»، «حزب الله» مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، مؤكداً أن «الحزب متخوف الآن وقسم منه خرج من قاعدته في التظاهرات التي وصفها بـ «الثورة الشعبية الحقيقية»، إلى جانب ما تداوله البعض في وسائل التواصل الاجتماعي من فيديو يشير إلى اقتحام بعض المتظاهرين الغاضبين لمقر النائب محمد رعد، رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» الممثلة لـ «حزب الله» في مجلس النواب اللبناني.
إن ما يحدث في لبنان والعراق من تظاهرات شعبية سببها الأول سوء الأحوال المعيشية للشعبين الشقيقين، وذلك نتيجة سوء إدارة الحكومتين العراقية واللبنانية، فالأولى تسيطر عليها إيران تماماً، والثانية سيطرة «حزب الله» على أغلبها خاصة مفاصل الدولة التي منها الشؤون الخدمية، ولا أعتقد أن الحل يكمن في استقالة الحكومتين، فلا فائدة من ذهاب أشخاص وقدوم آخرين يحملون ذات التوجه وهو خدمة المصالح الإيرانية، وإنما الحل هو الانسلاخ التام من ذلك الجلد الإيراني الذي لم يحمل الخير لا للعراق ولا للبنان بل العكس.
الشعبان اللبناني والعراقي في موقفين لا يحسدان عليهما، فإما تنجح ثورتهما فيلجمان إيران ومن يواليها وبالتالي يعودان إلى جذورهما العربية، فتعود بلادهما إلى سابق عهدهما من العيش بعزة وكرامة، وإما أن ينجح عملاء إيران في السيطرة مجدداً على بلادهما، وامساك زمام الأمور فيها، وهو ما يعني الاستمرار في خدمة إيران ومصالحها، وبالتالي استمرار البؤس والشقاء للشعبين الشقيقين، وذهاب كل ما قاما به من ثورة وما قدماه من شهداء وجرحى مع الريح.