5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 في كل أزمة فتشوا عن… إيران هدى الحسيني

الشرق الاوسط

الأسبوع الماضي بثّ «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن مقطع فيديو عن الأضرار التي يمكن أن تسببها إيران للبنى التحتية السعودية، فهي تمتلك الصواريخ والقدرة السيبرية، والسعودية إحدى أهم الدول المميزة المنتجة والمصدرة للنفط. جاء في الفيديو أن استهداف البنى التحتية النفطية للسعودية ستكون له ارتدادات ضخمة على كل العالم، من ارتفاع أسعار النفط والمنتجات التي تخرج من المصافي، كما جاء أن منشأة «ابقيق» هي الكبرى في المعالجة النفطية، وبالتالي فهي مهمة جداً استراتيجياً «إذا جرى استهدافها»؛ ففيها تسهيلات لتخزين الغاز السائل، ولدى إيران في المقابل عدد كبير من الصواريخ القادرة على الوصول إلى منشأة مثل «ابقيق»، وتستطيع الصواريخ أن تربك كل الإجراءات الدفاعية بما فيها أنظمة صواريخ «باتريوت» وصواريخ «ثاد». أما «رأس تنورة» فإنه مجمع كبير يضم كل شيء، من تسهيل تصدير النفط؛ إلى محطات، إلى مرافق للمعالجة، وهو قد يكون عرضة لمختلف أنواع الهجمات الإيرانية كاختراق الكومبيوترات، أو الهجوم على ناقلات تحميل أو تفريغ النفط. إنه من المنشآت النفطية السعودية المعروفة جداً.
جاء في الفيديو أن التحدي الآن هو أن السعودية معرضة، ورغم أهمية الإجراءات الدفاعية، فإنها لن تحل المشكلة أبداً، لذلك فإن ما تحتاج الولايات المتحدة وشركاؤها إلى أن تفعله هو ردع العمليات الإيرانية، بإفهام إيران ماذا تعني تصرفاتها وما عليها فعله للبدء في تخفيف الأزمة.
بعد هذا الفيديو بيومين وقعت هجمات سببت موجات من الصدمات؛ إذ تعرض حقلا «ابقيق» و«خريص» لهجمات بطائرات «درونز» وصواريخ، وتسببت في نقص بنسبة 5 في المائة من استخدام النفط عالمياً.
عن الهجوم؛ لم توجّه السعودية أصابع الاتهام لأحد، لكنها ربطته بما تعرضت له حاملات نفط في الخليج قبل أشهر، والذي عدّ كل الخبراء والعسكريين أن إيران وراءه. إيران بالطبع نفت مسؤوليتها، وقال مسؤولون فيها إن الأميركيين سيحاولون خلق حجة تمهيداً لعملية مستقبلية، وتركت للحوثيين في اليمن تبني العملية.
كان التساؤل الأبرز عن أسعار النفط، لأن هناك نقصاً في العرض. لكن من المؤكد أن السعودية ستحاول استيعاب أي نقص وتضخ من مخزونها الاستراتيجي؛ إذ لديها 3 محطات ضخمة في العالم: اليابان، ومصر، وروتردام في هولندا.
الهجوم مقلق؛ لأنه لا سابق له. ولأن الوضع متوتر في المنطقة، والصراع بين أميركا وإيران تأجج عبر «التغريدات»؛ إذ مع اقتراب انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، كانت هناك تسريبات عن لقاء بين مسؤولي البلدين؛ حتى ولو كان مستبعداً.
هناك أمر يتكرر دائماً، كلما حاول طرف أميركي أو إيراني التلميح إلى احتمال تقارب أو شيء إيجابي، يحدث شيء على الأرض ينسف كل شيء؛ إذ داخل الجبهتين هناك قوى لا تريد التوصل إلى التهدئة. اللافت في بيان الحوثيين عبارة: «إن العملية جاءت بعد عملية أمنية دقيقة ومراقبة مسبقة وتعاون من الأشخاص الشركاء والأحرار في المملكة»!
هذا ما تعمل عليه إيران للإخلال بالأمن القومي السعودي، بأن تزعم أن الطائرات أو الصواريخ أطلقت من داخل السعودية، لأنه من اليمن تحتاج الـ«درونز» لعبور 600 ميل لتصل إلى أهدافها.
يقول مراقب عسكري؛ إذا كانت الطائرات والصواريخ انطلقت من إيران، فهذا يعدّ إعلان حرب. الإيرانيون حذرون بطريقة مدمرة، يحتفظون دائماً بوسيلة النفي، لذلك يحققون هجماتهم الإرهابية عبر عملائهم من الميليشيات الشيعية.
يوم الاثنين الماضي قال السعوديون إن الـ«درونز» من صنع إيراني ولم يتم إطلاقها من اليمن، ودعمت الاستخبارات الأميركية هذا القول. ويؤكد الأميركيون أن يد إيران موجودة في العمليات، وإن كانت بقفازات عملائها، لكن العملية لم تنطلق من اليمن. واتجهت الأنظار إلى الميليشيات العراقية، رغم نفي العراق وتأكيد مايك بومبيو هذا النفي. فالهجمات على «ابقيق» و«خريص» انطلقت من غرب وشمال غربي السعودية، لكن هل يهم من أين أتت هذه الهجمات؟ يقول محدثي المسؤول الأميركي: إنه يؤثر كثيراً… إذا كانت أتت من إيران؛ فهذا تصعيد خطير ويعني أنها عبرت الخط الذي لم يكن أحد يعتقد أنها ستعبره. الكل في انتظار ما سيقوله الكويتيون عمّا يظهر من مراجعاتهم جدول أجوائهم. إذا كانت جاءت من الحوثيين، فتستطيع إيران أن تنفي، ومؤخراً وقعت انقسامات وخلافات داخل الأطراف الحوثية حول أهمية إجراء اتصالات سرية مع أميركا. أما إذا كانت الصواريخ جاءت من العراق فتستطيع إيران رمي المسؤولية على مجموعات «ضالة» من «الحشد الشعبي».
يستبعد محدثي أن يغامر النظام الإيراني بنفسه ويقوم بهذه الخطوة. لكن قد تكون عناصر متمردة من «الحرس الثوري» استغلت الفترة الانتقالية الحساسة؛ إذ لم يعين الرئيس دونالد ترمب بعد مستشاراً للأمن القومي، وهناك قيادة جديدة على رأس وزارة النفط السعودية وعلى رأس «شركة أرامكو». ومع هذا؛ تظل إيران قادرة على القول إنه لا علاقة لها بما حدث بسبب الظرف الذي تعيشه أميركا، فهي لا تستطيع الكشف عن كل التفاصيل الدقيقة والحساسة من دون الكشف عن مصادر وأساليب أجهزتها الاستخباراتية… لذلك {مع كل هذه المحاذير، سيكون من الصعب على أميركا إقناع المجموعة الدولية بأن الهجمات انطلقت من إيران}. ويضيف: تعرف أميركا جيداً مَن وراء هذه الهجمات؛ إذ ظلت إيران ولفترة طويلة تنفي دعمها الحوثيين، والآن صار دعمها معروفاً. لذلك ما لم تكن الإدارة مستعدة للكشف عن بعض المواد السرية فسيصعب إقناع المجموعة الدولية بأن إيران خططت وسمحت بهذه الهجمات.
وكان الرئيس ترمب قال إنه لا يريد حرباً مع أحد. والمعروف أن أميركا في موسم انتخابي، ولجنة الحزب الجمهوري لا تريد من الرئيس أن يذهب إلى الحرب، ثم وبالتأكيد فإن الكونغرس الأميركي ضد نشر قوات أميركية. يقول محدثي: إنني أعرف أن السعودية تدعم الضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني، لكنها لا تريد الحرب. وإيران بدورها لا ترغب في حرب عسكرية؛ تكفيها الحرب الاقتصادية. التحدي الأكبر للسعودية أن تظهر مرونة البنى التحتية للطاقة لديها بإصلاح الأضرار بأسرع وقت ممكن.
وكان الرئيس ترمب قال إنه سيترك الأمر ليرى ماذا تريد السعودية. يقول محدثي: هذه طريقة ذكية، لأنه لا يريد أن يبدأ حرباً حيث حلفاؤه على الجبهة الأمامية، ويعرف أن السعودية لا تريد الحرب. ثم إن الرياض قررت دعوة الأمم المتحدة للتحقيق.
لكن في خلفية كل هذا، أن إيران، رغم تخطيطاتها الإرهابية، تعاني كثيراً من العقوبات الأميركية. لا تريد أن تبقى في الزاوية خوفاً من ثورة شعبية داخلها ضد النظام. لكن أي عمل من قبل المتشددين الإيرانيين قد يستفز أميركا للقيام بردّ تدميري.
على كلٍّ؛ صار الحوثيون هم «حزب الله» الخليج.
2 إيران معضلة أكبر من السعودية
عبد الرحمن الراشد
الشرق الاوسط

غالبية حكومات العالم مقتنعة، حتى قبل الهجمات على منشآت بقيق البترولية بسنوات، أن طهران مشكلة خطيرة على الجميع. إنما ظلَّت ترجو حل هذه المعضلة من دون أن تكون طرفاً في حرب معها؛ إما أن ينهار النظام من الداخل، أو من الخارج، أو يتغير إلى الأفضل. لا شيء تغير. وهذا ينطبق حتى على الولايات المتحدة التي تدير اليوم استراتيجية الحصار، وتسعى لإجبار طهران على تبديل منهجها.
منذ عقود، ونحن ندرك أن إيران خطر على وجود السعودية، وكذلك خطر على دول الخليج والعراق ومصر، وغيرها. وأن خطرها لا يتوقف عند حدود دولة أو قارة.
فقط في عامين؛ بين 2011 و2013، تم توثيق ثلاثين هجوماً إرهابياً مرتبطاً بإيران، في نيروبي ولاغوس والهند وتايلاند والولايات المتحدة، كان بينها مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وتفجير سفارات. لاحِظوا أنهما السنتان اللتان انخرطت فيهما إيران بمحادثات سلام وعلاقة ودية مع الحكومة الأميركية.
هذا السلوك المستمر في عدوانيته لا تمارس مثله أي دولة في العالم، بما في ذلك الأنظمة الموصومة بأنها سيئة، مثل كوريا الشمالية، أو فنزويلا. الأقرب إلى سلوك نظام المرشد الأعلى هما تنظيما «القاعدة» و«داعش». هذه الأنظمة الثلاثة، التي يقودها آية الله خامنئي، والظواهري، والبغدادي، تتشابه في أنها تقوم على الآيديولوجيا الدينية العدوانية، ورفض نظام الواقع العالمي بحدوده ونواميسه. إيران و«القاعدة» و«داعش» تتشابه في أنها تطمح للتمدد ونشر العنف مستخدمة الدين والقوة والفوضى. بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، اجتمع العالم وقضى على دولة «القاعدة»، ثم طارد وهدم دولة الخلافة لـ«داعش»، لكنه لم يجرؤ على ردع دولة الخلافة لتنظيم المرشد في إيران. السبب غالباً في الخشية من المواجهة الخطيرة، وتبعاتها قد تكون أكبر من قدرة دولة واحدة على تحمُّلِها، حتى لو كانت دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة. لهذا لجأت واشنطن إلى السلاح المعقّد والبطيء، وهو حصار إيران اقتصادياً؛ حرمانها من الدولار والنفط. وقد أوجع طهران ما دفعها إلى العدوان على ناقلات أربع دول، وتوظيف ميليشيات داخل العراق بعمليات عدوانية، والتجرؤ على ضرب منشآت النفط السعودية، ولجوئها إلى اعتقال مواطنين أستراليين وبريطانيين وأميركيين داخل إيران، وابتزاز حكوماتهم بتهديدها بإعدامهم بدعاوى تجسس وغيرها.
إيران كابوس عالمي، لم يتم التعامل معها بجدية كافية وردعها مبكراً، ولا يفعل المجتمع الدولي أكثر من التحذير والتأجيل في وقت تستقوي فيه إيران مع مرور الوقت. لقد حاول الرؤساء الأميركيون والأوروبيون مصالحة ومهادنة نظام طهران وفشلوا. رضوا بالتوقيع على اتفاق نووي هش، وقابلته إيران بالمزيد من الانخراط في الحروب والإرهاب، بما في ذلك على الأراضي الأوروبية، بالتخطيط لعمليات اغتيالات وتفجيرات ضدها.
إنه من الصعب على العقل السياسي الغربي أن يفهم إيران، لأنه ينظر إليها كدولة، جمهورية لها مقعد وعَلَم في الأمم المتحدة، وهي في الواقع ليست سوى تنظيم ديني إرهابي مماثل لـ«القاعدة» و«داعش».
ستستمر إيران، إلى سنوات، خطراً على أمن العالم واستقراره حتى يتفق الجميع على مواجهتها.
3 إيران.. ثيوقراطية عُنفية ورهان أيديولوجي خاسر
عبدالله الحسني

الرياض السعودية

النظام الإيراني الفاقد لأدنى مقومات الرُّشد والعقلانية؛ والذي بات مكشوفاً وعارياً أمام العالم أجمع بمراهقاته السياسية وعدوانيته وأطماعه التي لا تتسق مع قدراته الواهنة؛ لم نلمس موقفاً دولياً حازماً ومسؤولاً ينطلق من قناعة بأهمية لجم هذا النظام الأرعن..

لم يشهد عصرنا الحديث حكماً ثيوقراطياً استبدادياً كنظام إيران؛ نظام أيديولوجيته قائمة على العدوان والإيذاء وإشعال وإذكاء جذوة الثورات في البلدان الإسلامية في أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا. أيديولوجية على مدى ما يربو على أربعة عقود وهي تعتمد على تسخير أموالها ومرتزقتها في الترويج المكثّف والاستثمار في مجال الأيديولوجيا المتطرفة ودعم الوكلاء المتشددين دولياً.

إهدار فادح لخيراتها ومقدّراتها في زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى؛ فيما شعبها يرزح تحت نير الفاقة والقمع؛ ولا اعتبار أبداً لإرادة هذا الشعب المغلوب على أمره؛ فتغييب الإرادة الشعبية وتكريس الاستبداد والطغيان باسم الآلهة والدين، ومناقضة روح وجوهر الديموقراطية التي يفترض أنها تخوّل الشعب من إبداء رأيه والمشاركة بالرأي والاختيار.

هذا الاستبداد والصلف والانفراد بالرؤية والقرار والحكم غيّب الشعب الإيراني وألغى وجوده تماماً؛ ولم يقف هذا الصلف والغرور عند حدود نفي الشعب بكامل أطيافه وتنوّعه؛ بل إنه غرور أفضى إلى نزعات شريرة وأطماع وأحقاد وثارات انعكست على سلوك هذا النظام فبات متمرّداً لا يأبه بالأنظمة والأعراف والقوانين الدولية، وبات سلوكاً إجراميّاً غير مبال بالأسرة الدولية، ساعده في استمراره هذا الصمت الدولي المريب والتراخي في ترويضه ووقف عنجهيّته الذي يبدو أشدّ غرابة؛ وكأنّ الأمن والأمان السلميّين لا يعنيان الدول مجتمعة، هذا الصمت والتراخي ساهما في تكريس حالة من اللا ستقرار والفوضى المستفزّة التي بات من العار على المجتمع الدولي بهيئاته ومنظّماته السكوت عنها ومباركتها.

صحيح أن النظام الإيراني الفاقد لأدنى مقومات الرُّشد والعقلانية والحنكة السياسية؛ وكذلك بات مكشوفاً وعارياً أمام العالم أجمع بمراهقاته السياسية وعدوانيته ونزعاته الشريرة وأطماعه التي لا تتسق مع قدراته الواهنة؛ لكن لم نلمس موقفاً دولياً حازماً ومسؤولاً ينطلق من قناعة بأهمية لجم هذا النظام الأرعن؛ خصوصاً وهو يملك إرثاً من العداء والجرائم الدولية خصوصاً مع الولايات المتحدة حيث كان عِداء هذه الأخيرة تجاه إيران قد اكتوى بنار الوعي الجمعي – كما يشير الكاتب والصحفي جاي سولومون- منذ الأيام الأولى للثورة بسبب الهجمات على المستشارين العسكريين الأميركيين وأسر الرهائن الأميركيين؛ وكلنا يذكر سلسلة الجرائم والأعمال الإرهابية التي تبناها هذا النظام سواء تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983 وهو ما شجعها على القيام بأعمال إرهابية أخرى بسبب الافتقار إلى الردود الانتقامية الجادة من الولايات المتحدة الأميركية.

في كتابه “حروب إيران”؛ وهو كتاب يزخر بأسرار وتفاصيل الاتفاق النووي بين أميركا وإيران منذ بداياته حتى تم التوقيع عليه في عهد سيئ الذكر باراك أوباما أحد أسوأ وأفشل من أدار الملفات المصيرية في تاريخ بلاده خصوصاً ملف برنامج إيران النووي حيث شكّل سعي أوباما إلى إيجاد منفذ للتعامل مع إيران خطوة أولى نحو إبرام الاتفاق النووي التاريخي معها، وهذا الاتفاق يُصنّف كواحد من أخطر الرهانات الدبلوماسية التي يُقدم عليها رئيس أميركي على الإطلاق في التاريخ الأميركي المعاصر.

وقد استعرض الكتاب المهم كيف طبّق نظام إيران الأرعن أيديولوجيته حيث أنشأ حكام طهران الثيوقراطيون فيلق القدس عام 1990 كذراع خارجية للحرس الثوري الإيراني، وكلفوه بمهمة تصدير ثورة إيران الصفوية إلى البلدان المجاورة وغيرها من البلدان المسلمة، وقد عمد قادة الفيلق إلى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في سلسلة من البلدان الإسلامية في أنحاء الشرق الأوسط من خلال تسليح وتدريب جماعات هي بمثابة وكلاء لهم في تلك البلدان، إما لتدمير خصومها الاستراتيجيين مثل المملكة العربية السعودية وغيرها أو لدعم مذهبها.

وقد أنشأ قادة الحرس الثوري في أوائل الثمانينات حزب الله السياسي اللبناني كعصا غليظة لتهديد إسرائيل على حدودها الشمالية. يقوم فيلق القدس أيضاً بمهمة المورد الأساسي للسلاح للجيش السوري ومنظمة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين. وفي نقطة أقرب إلى الحدود الإيرانية، واظب فيلق القدس على دعم المجموعة الإثنية الشيعية في اليمن المسماة بالحوثيين، في قتالهم ضد الحكومة في صنعاء، وثابر على مدى عقود على دعم ومساندة الميليشيات الشيعية العراقية. ويرى المسؤولون الأميركيون أن فيلق القدس هو أحد أقوى المنظمات في إيران، حيث يجمع ما بين الاستخبارات والجيش شبه النظامي بمسؤوليات دبلوماسية واقتصادية. إنه بمثابة وكالة استخبارات مركزية ووزارة دفاع ووزارة خارجية في آن معاً.

الأعمال الإرهابية التي شهدتها المملكة العربية السعودية والتي كان آخرها الهجوم التخريبي الذي استهدف معملين لأرامكو السعودية في بقيق وخريص اتضح أنها من صنع إيراني. هذا التخريب شهد إدانات دولية وتضامناً كاملاً مع المملكة، ويؤكد أن الأمن وصون السلام العالمي والطاقة هو لم يعد خياراً وإنما ضرورة ومطلب يتطلب من العالم أجمع تطبيقه والدفاع عنه لا كواجب أخلاقي فحسب وإنما أهمية تفوق كل أهمية وواجب يرقى على كل واجب، كما يستدعي اتخاذ خطوات حقيقية لا مواربة فيها تجاه تأديب النظام الشمولي الفوضوي الذي لا يأبه بالأعراف ولا القواعد والأنظمة والقوانين الدولية التي تكفل صون وحماية الأمن والسلم الدوليين.
4 إيران تنتحر على أبواب بقيق
محمد حسن مفتي

عكاظ

بعد الهجوم العدواني الجبان على منشآت النفط في بقيق، اهتمت جميع وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية بتحليل الأحداث وتحديد الجاني المتسبب في تلك الهجمات، وقد تم طرح ثلاثة احتمالات للمواقع التي انطلقت منها الطائرات المسيرة، الأول: هم الحوثيون الذين سارعوا بتبني الهجوم «وفي اعتقادي الشخصي أن إعلان الحوثيين بهذا الصدد هو لإبعاد الشبهة عن نظام طهران والذي تضيق الدوائر عليه يوما بعد يوم» والثاني: العراق، والثالث: إيران، ولعل الكثير من المحللين السياسيين المحليين لم يهتموا كثيراً بتحديد هوية الجاني؛ نظراً لأن الدوافع الكامنة وراء الهجوم واضحة وضوح الشمس، فالمستفيد الوحيد من تلك الهجمات الإرهابية هم إيران وحلفاؤها بالدرجة الأولى سواء في اليمن أو في العراق.

ترجح الولايات المتحدة أن مصدر موقع انطلاق الطائرات هو الأراضي الإيرانية، وليس اليمن كما يدعي الحوثيون، وبخلاف التصريح الأمريكي الذي يؤكد مسؤولية إيران في ارتكاب الهجمات، دعونا نتتبع خرائط جوجل لعلها تساعد على استنتاج الحقيقة وتحديد الطرف القادر على التحكم في تلك الطائرات المسيرة عن بعد، وبتحديد موقع تلك المصافي يتبين لنا أنها تبعد عن اليمن قرابة 900 كم، بينما تبعد عن العراق قرابة 700 كم، في حين أنها تبعد عن إيران قرابة 300 كم فقط، ولاختراق حدود أي دولة بعيداً عن رصد أجهزة الرادار فهي عادة ما تطير على ارتفاعات منخفضة، وطائرات المراقبة المسيرة تختلف عن الطائرات المسيرة المحملة بالذخائر، حيث إن الأخيرة تحتاج إلى وقود إضافي يساعدها على قطع المسافات البعيدة، وكلما كانت المسافة التي تقتطعها هذه الطائرات بعيدة زادت صعوبة التحكم فيها عن بعد «باستثناء الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وغيرها حيث تستطيع توجيه مثل هذه الطائرات بدقة من خلال الأقمار الصناعية»، وهو ما لا تملكه طهران والحوثيون.

«بالنسبة لما يمتلكه الحوثيون» من أسلحة إيرانية الصنع تختلف الطائرات المسيرة عن الصواريخ بعيدة المدى، فالأخيرة تتم برمجة إحداثيات الهدف المطلوب عليها وإطلاقها، ولكنها تتصف بعدم الدقة إضافة إلى سهولة اكتشافها من خلال أجهزة الرصد ومن ثم إسقاطها قبل وصولها للهدف، على عكس الطائرات المسيرة التي تتصف بقدرة على الطيران المنخفض وإطلاق القذائف بعد التحقق من وصول الطائرة إلى نقطة الهدف، والحقيقة لا يهمنا كثيراً تحديد المكان الذي انطلقت منه هذه الطائرات، بل يهمنا تحديد المكان الذي تم فيه التحكم بها بدقة عن بعد، فهذا المكان هو من سيشي بوضوح وبشكل بديهي عن الموقع الذي انطلقت منه هذه الطائرات.

أي تحليل عسكري أو سياسي لحادثة مصفاة بقيق يعيد تجميع الخيوط مرة أخرى لتلقيها في ملعب النظام الإيراني، والذي غدا أشبه بالفريسة خلال لحظة احتضارها، فشعورها بالاختناق يجعلها تنتفض وتركل هنا وهناك بدون وعي ولا مسؤولية ولا تفكير في العواقب، وقد بات النظام الإيراني مختنقاً موشكاً على الاحتضار، ولا يوجد بجعبته ما يمكِّنه من المناورة أو التفاوض، فلم يجد بداً من القيام بهجمات رعناء غير مسؤولة مهدداً إمدادات النفط الدولية بالتوقف، حاصداً الكثير من الغضب والنقمة من كافة دول العالم.

من الواضح جداً أن إيران لا تستهدف إمدادات النفط السعودية بالداخل، فهي تعلم جيداً أن تلك الإمدادات لن تتأثر بتلك الهجمات، ولكنها تريد تهديد العالم برمته بالتلويح بورقة النفط وتهديد الاقتصاد الدولي، وهو تحد إن نمّ عن شيء فهو ينم عن غباء النظام الإيراني، والذي يضمر هدفاً خفياً بجانب هدفه المعلن، والهدف المعلن هو إجبار المملكة على قبول شروط الحوثي، في حين أنها ترغب في الخفاء في أن تظهر المملكة وكأنها غير قادرة على حماية حدودها ومواردها، وبالتالي تتمكن من جرها لمستنقع المواجهة سواء المباشرة أو غير المباشرة، وهو ما يعني جرها لمستنقع الحرب بويلاته وشروره التي لا تنتهي.

تعلم إيران أن ورقة النفط التي تلوح بها خطيرة جداً، لو عدنا قليلاً للوراء فسنتذكر أنه خلال حرب الخليج الثانية وقف العالم في الشرق والغرب مع السعودية والكويت ضد العراق خوفاً من تحكم النظام العراقي في إمدادات النفط العالمية، والآن تفكر الكثير من دوائر القرار بالعالم في الرد الحاسم على تجاوزات إيران التي بلغت حداً لا يمكن السكوت عنه الآن، وتتسابق الأقلام حالياً في كبريات الصحف الدولية محذرة ترمب من مجرد التفكير في استئناف محادثات السلام مع نظام يصنع الحرب بينما يفاوض في محادثات السلام، فإرهاب إيران لم ولن يتوقف، وتهديدها للسفن التجارية وممارسة القرصنة بات أحد مظاهر احتضارها مؤخراً عقب إحكام الحصار حولها، والرد على إيران لن يكون رداً سعودياً فقط بل سيكون رداً دولياً قاسياً، ومن المرجح أنه سيكون استباقياً ومؤلماً بشدة.
5 تفكيك الإرهاب الإيراني بحرب ظل
افتتاحية
الوطن السعودية

قالت صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية، إن الشرق الأوسط يمر بحالة حرب، ينبغي أن يفهمها العالم؛ لأن نظام طهران يقود حرب ظل باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ ويوهم العالم حول مصدرها.

وبدأت إيران هذه الحرب قبل وقت ماض تجاوبا مع إعاة فرض الرئيس ترمب للعقوبات وإنهاء الصفقة النووية الإيرانية الطاحنة. إنها حرب تم شنها في الظل، من ناحية إيران، ضد المنطقة بالكامل وقد أخذت منحى خطيرا جدا.

دولة راعية للإرهاب

تقول الصحيفة، إن المذنب الحقيقي هو إيران مهما كان مصدر هذه الهجمات سواء من اليمن أو العراق، فهي دولة راعية للإرهاب وتقوم بتمويل وتدريب وتجهيز الحوثيين والميليشيات الشيعية العراقية ومجموعة من الجماعات العنيفة الأخرى في الشرق الأوسط.

هجمات الطائرات بدون طيار المؤخرة الأكثر ضررا على الإطلاق. ولكنها جاءت بعد سلسلة طويلة من هجمات الطائرات والصواريخ الأخرى على الأهداف السعودية. كما تمت الإشارة إليه من قبل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، «طهران وراء 100 هجمة على السعودة بينما روحاني وظريف يتظاهران بأنهما يشاركان في الدبلوماسية»، مشيرا إلى رئيس إيران حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

حرب واسعة دون اعتراف إيران

اتفق خبراء سياسيون واستراتيجيون أن هذه الهجمات جزء من حرب ظل أوسع يتم شنها من قبل نظام طهران. ولقد تضمنت الحرب هجمات الألغام الأرضية على السفن في الخليج العربي، والاستيلاء على السفن التجارية في البحر، ونقل أنظمة الأسلحة المتقدمة إلى سورية والأعمال العدوانية المتزايدة التي تستهدف إسرائيل من لبنان.

وأضاف الخبراء أن إيران ستستمر على هذا الوضع فهي لن تواجه أحدا في معارك مفتوحة، وستستغل قدرات الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية وحزب الله والحوثيين ومجموعة من قوى الحرب بالوكالة التي أنشأتها في أرجاء العالم. وسيضربون المزيد من الأهداف دون تحذير ودون الاعتراف بأنهم المسؤولون.

وأضافوا أن الأهداف ستتوسع من ناقلات النفط إلى المصافي وإلى منشآت الموانئ وسفارات تلك الدول التي تدعم عقوبات الولايات المتحدة. وسيكون الهدف هو إلحاق الألم بهؤلاء وجعل الذين يقفون مع الولايات المتحدة يدفعون ثمن دعمهم.

تفكيك شبكة إيران الإرهابية

تقول «واشنطن تايمز»: «إنه يجب تعزيز قدرة المؤسسات الاستتخباراتية وقدرات العمليات الدبلوماسية والخاصة، والبدء في تفكيك شبكة إيران الإرهابية التي بنتها في أرجاء الشرق الأوسط وحول العالم. سواء استخدم العراق منصة إطلاق للطائرات بدون طيار أم لا، إلا أنه لا يوجد شك في أن الميليشيات الشيعية العراقية تقوم بمساعدة طهران. وذلك يجب أن ينتهي».

وأضافت «إيران هي من بدأت هذه الحرب. توقفوا عن السماح لها بشنها دون رد فعل».

الهجوم على البنى التحتية لإيران

أكد عضو مجلس الشيوخ، كارولاينا الجنوبية، ليندسي جراهام، أن إيران لن توقف سوء سلوكها حتى تصبح العواقب حقيقية أكثر. وحث حكومة بلاده على الهجوم على البنية التحتية النفطية الإيرانية ووضعها رهينة للصواريخ الأميركية في حال كانت هناك هجمات أخرى أكثر من قِبل الحوثيين أو مفوضين آخرين، وستكون هذه بداية جديدة.

وأضاف أن أميركا يجب عليها أن تثبت لإيران والعالم أنها قادرة على شن حرب ظل تماما، كما تفعل إيران، ولا يجب أن ترضخ لأي ضغوط أو تدخل في حرب تقليدية مع النظام الإيراني المتطرف.