8 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 هل سيُجرّ العراق إلى حرب بالوكالة؟
محمد عاكف جمال
البيان الاماراتية
أزمة إيران إقليمياً ودولياً متعددة الأوجه، وإن بدت لإدارة الرئيس أوباما في حينه أزمة حول شرعية برنامجها النووي، في حين أن هذا البرنامج ليس غير أداة من أدوات كثيرة لتحقيق الحلم الأكبر لإيران، وهو الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط واسترجاع أمجاد الإمبراطورية الفارسية، وهو الوجه الأكثر خطورة لهذه الأزمة، لأنه مصدر صراع دائم مع دول وشعوب المنطقة، صراع غير طارئ بل دائم ديمومة حضور الأحلام الإمبراطورية في أذهان حكام طهران.

دخلت الأزمة بين واشنطن وطهران منعطفاً جديداً مع التفجيرات الغامضة التي طالت أكداس السلاح في أربع قواعد عسكرية يستخدمها الحشد الشعبي في العراق، الذي لا تخفي بعض قياداته ميلها بل ولائها التام لإيران. وقد حرصت جميع الجهات ذات العلاقة على توخي الحذر في الإشارة إلى الجهة التي تقف وراء هذه التفجيرات لعدم توافر الأدلة أو مراعاة لوضع سياسي غير مهيأة لمواجهته.

وقد صدرت عن قيادات هذا الحشد تصريحات متعارضة حول من يتحمل مسؤولية هذه التفجيرات، تطورت لاحقاً لترجّح تورط إسرائيل ووراءها الولايات المتحدة في ذلك. في سياق هذه الأجواء المشحونة بالترقب، واستباقاً لما هو متوقّع من تحركات لبعض فصائل الحشد الشعبي، عقدت الرئاسات الثلاث في العراق اجتماعاً استثنائياً في قصر السلام في الثاني والعشرين من أغسطس المنصرم لتدارس الوضع الأمني الذي ينذر بالتدهور.

البيان الذي صدر عن الاجتماع أكد ضرورة الالتزام بوثيقة «السياسة الوطنية الموحدة بشأن المستجدات الأمنية الإقليمية»، وعلى النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، ورفض أي تصريح أمني أو عسكري خارج إرادة القائد العام للقوات المسلحة، فالرئاسات الثلاث تصر على عدم انجرار العراق إلى صراعات لا مصلحة له فيه.

الاجتماع لم يأت بجديد، فعلى المستوى الرسمي، العراق في حالة ضعف شديد وفي موقف غير القادر على التأثير على معادلات التوازن الإقليمية، فهو لا يستطيع وربما لا يجرؤ أن يُقارب هذا الموضوع الشائك بمواقف تنسجم مع ما تتطلبه السيادة الوطنية للدولة التي تشهد المئات من الاستهانات بها وبهيبتها يومياً على أيدي الميليشيات، فهو من هذا المنظور يعمل على إرضاء إيران دون إغضاب الولايات المتحدة. لم تمضِ سوى بضع ساعات على صدور بيان اجتماع قصر السلام، حتى أصدر نائب رئيس الحشد في تحد واضح بياناً ينذر فيه باللجوء إلى قصف القواعد الأمريكية في العراق في حالة الاستمرار بتفجير أكداس العتاد الحشدي في اتهام صريح للولايات المتحدة بالمسؤولية عن ذلك.

من جهته، سارع رئيس هيئة الحشد الشعبي سارع للتنصل من بيان نائبه، معلناً أنه يعبر عن رأي شخصي، ليشعل بذلك شرارة خلاف في صفوف الحشد. الولايات المتحدة من جانبها رفضت بشدة الاتهامات الموجهة إليها في البيان الذي صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاغون» في السابع والعشرين من أغسطس المنصرم.

مؤكدة احترامها سيادة واستقلال العراق. الموضوع لم يتوقف عند ذاك، فليس هناك نهاية قريبة لسيناريوهات الصراعات في المنطقة، فقد دخلت إيران على الخط منحازة لموقف نائب رئيس الحشد الأكثر انسجاماً مع استراتيجيتها في المواجهة مع الولايات المتحدة التي ترى في العراق المصد الأول في هذه المواجهة.

ودخلت بعض المرجعيات الدينية المقيمة في مدينة قم الإيرانية إلى حلبة المواجهة لتضفي بعداً شرعياً على التحرك المتوقّع ضد الوجود الأمريكي، مفتية بجواز استهداف قواعده، معتبرة بقاءها في العراق «حرام شرعاً» في سياق جر العراق للتورط في الصراع الأمريكي الإيراني، وهو موقف يتعارض مع موقف المرجعية الدينية في النجف التي تنادي بإبعاد العراق عن هذا الصراع.

طهران لا ترى ضيراً في مناوشات عسكرية مع الولايات المتحدة بل ترحب بذلك، ولكن ليس انطلاقاً من أراضيها ولا بقواتها وإنما من أراضي دول أخرى وبوساطة قوات هذه الدول.

ما تمتلكه إيران في العراق من ميليشيات طوع إرادتها وما لديها من نفوذ على الدولة العراقية عبر اختراقاتها لجسد هذه الدولة على أعلى المستويات يوفر لها هكذا قدرات تنتظر فرصة مناسبة للاستفادة منها بغض النظر عما لذلك من أضرار تلحق بالعراق.

ليست هناك إجابة واضحة عن مدى النجاح الذي يمكن أن تحققه محاولات جر العراق رغم أنفه، للدخول في حرب نيابة عن آخرين، فذلك ليس منوطاً بإرادة الشعب العراقي المشتتة بين هؤلاء وهؤلاء، بل بمقدار ما للتوازنات الإقليمية من تأثير قوي وفاعل تتراجع في ضوئه المواقف السلبية غير الحاسمة لحكومة عادل عبد المهدي.
2 أي طريق تختار حكومة الكويت؟
محمد خلف الجنفاوي
الجريدة الكويتية
بدأت الكويت، منذ خروجها من محنة الغزو العراقي، تستعيد دورها الطبيعي، ولعل أهم المراحل هي ترؤسها مجلس الأمن، فلا شك أن لها عدة إنجازات، ولكن سنسلط الضوء على جوانب الضعف والتقصير والإهمال، ومن أهمها الفشل الحكومي في تسويق الكويت فكرا وثقافة وتعددا سياسيا، وإن جريمة الغزو كلفت المنطقة كوارث كبيرة وما زلنا نعيش تبعاتها بسبب حاكم فاسد اتخذ قرارا كارثيا على الأمة.

والكويت دفعت ثمن سياسة إيمانها بالفكر العروبي والشعارات، فكانت قبل جريمة الغزو العراقي ترفض أي وجود لقواعد أجنبية، حتى جاء الغزو، ورغم ذلك كبرت على جراحها، وأعطت درسا في التسامح والنظر للمستقبل والتعاون وتبادل المصالح خارجيا، لكن حكوماتها للأسف فشلت داخليا رغم بعض الإنجازات كي نكون منصفين.

فهي تملك مجتمعا حيا متعددا ومتنوعا، وهذا عامل قوة لا ضعف، وإن ارتفاع صوت بعض العنصريين لأهداف خاصة يجب أن نعيد النظر فيه من خلال مراجعة شاملة للفوضى السياسية وتراجع التنمية وارتفاع مؤشرات الفساد والانتخابات العنصرية المجرمة قانونا، وحتى مؤسسات التعليم والمجتمع المدني، التي تشجع الأفكار البعيدة عن أبسط أسس العدالة والديمقراطية ودولة المواطنة.

فالعنصرية لغة تدمر الأوطان وتعزز الكراهية والفساد وثقافة الإحباط للعمل والإبداع والإنجاز، فهل تعي السلطة أو الحكومة ذلك؟

هناك مجتمعات كانت أكثر تشددا وتنتشر فيها لغة القبلية والعائلية والطائفية اختارت المواجهة وغيرت، وهذا إنحاز يحسب لها، فلماذا نستورد مخلفات عنصرية هي أخطر من المخلفات النووية؟ فأي طريق تختار حكومة الكويت، فالقطار لا ينتظر، وكما قيل إذا هبت رياحك فاغتنمها؟!
3 الاحتفال
سمير عطا الله الشرق الاوسط
يتذكّر العالم العربي، فيما عنده من ذكريات، مرور نصف قرن بأكمله على انقلاب الملازمين في ليبيا، الذي سُمّي الفاتح من سبتمبر (أيلول). عاش ذلك الفاتح 42 عاماً من أصل الخمسين. أربعة عقود أُمضيَت في صرف الأموال على حروب الغير، من آيرلندا إلى الفلبين. وكان شركاء الفاتح رجالاً مثل أبو نضال وكارلوس. وقامت فلسفته على خطف الطائرات وخطف الزعماء الوطنيين وإعلان الوحدات التي لا تعيش أكثر من أسابيع، وتعليق مشانق الطلّاب في حرم الجامعات، ومناكفة الأنظمة العربية، ومعها منظمة «أوبك».
نصف قرن من حياة الأمّة أُمضي في التعابير الثورية المنقولة من التجارب الفاشلة حول العالم. تحت لحاف الثورات والشعارات، لم يرَ العرب سوى الخراب والظلم والسجون. تحوّل العِلم إلى محسوبيات، وتحوّلت الجيوش إلى هزائم ومعنويات مدمَّرة. تدهورت الزراعة ولم تقم للصناعة قيامة. التجربة الصناعية الكبرى الوحيدة، قامت في العراق، فإذا صدّام حسين يفيق يوماً ليزحف على إيران، ويفيق في اليوم التالي ليزحف على الكويت. ولم يتردّد الثوريون الجمهوريون في إقامة نظام العائلة، من سوريا إلى العراق إلى مصر إلى السودان إلى الجزائر إلى اليَمن، إلى كل البلدان التي انقلبوا عليها بداعي إقامة الجمهوريات. وانضمّت الثورة الفلسطينية إلى شقيقاتها الثورات الأخرى، فرأت أن خلاص فلسطين واستعادتها وتحريرها، يبدأ مرة في عمّان، ومرة في بيروت، ومرة في الكويت.
نصف قرن ونحن في حالة من الفوران، حروب أهلية وحروب حدودية وشوارع تمتلئ بالعاطلين عن العمل الذين لا يجدون ما يفعلونه سوى الانضمام إلى مواكب الهتاف. وفي نهاية الأمر، اكتشف العرب أن ربيعهم يبدأ في عربة فواكه لا يملك صاحبها ما يبيعه عليها. وإذا الربيع في ليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن يزهر دماءً وركاماً وموتاً كثيراً. يتساءل المرء: ماذا لو أننا أمضينا خمسين عاماً من دون بطولات. لو أن الجماهيرية العظمى اهتمَّت بشعبها وأرضها وثرواتها التي لا حدود لها. ولو أن دمشق قرَّرت الانصراف إلى تطوير ثروات سوريا بدل أن تصبح مشغولة في يوميات لبنان؟ وماذا لو أن صدام حسين لم يصدّق الخرافة التي زُرعت في عقله بأنه المنقذ القادم على حصان أبيض؟ وماذا لو أن الجزائر قلَّلت من حجم الفساد ولم يصبح بوتفليقة الحاكم الحقيقي للبلاد، فيما بقي الرئيس نفسه نافذاً أمام شعبه على كرسي متحرّك، غير قادر على الكلام، مصرّاً على خوض انتخابات التجديد وهو لا يستطيع أن يقرأ بيان الترشّح؟
ألم يبالغ الثوريون العرب قليلاً في استغفال شعوبهم؟ ألم يبالغوا في ازدراء الحقوق والاستهتار بالنتائج وفي رعاية الفساد واحتقار المعوزين ودفن أي شعور بالمحاسبة وإرضاء الضمير؟ خمسون عاماً، لا ربيع واحداً فيها.
4 نتنياهو يراهن على صفقة ترامب وقراراته ويستغيث به للمساهمة بانجاحه في الانتخابات
بسام ابو شريف راي اليوم بريطانيا

يتحرك نتنياهو ويتصرف تصرف من فقد أعصابه ، وأضاع القدرة على التفكير بحكمة أو بمنهج مترابط ، فبعد توجيه ضربات عسكرية للحشد ( وماسببت من ارباك لأتباع واشنطن في العراق ) ، وضرب هدف قرب مطار دمشق ، وارسال المسيرتين لتفشلا في الضاحية الجنوبية انتقل نتنياهو الى الأرض الفلسطينية المحتلة ليظهر للناخبين شجاعة ورقية هي غير موجودة لديه فعليا في محاولته لاستدرار أصوات المستوطنين الذين تحولوا ” الآن ” ، الى خشبة النجاة الوحيدة لنتنياهو .
فرتب على عجل اعادة احتلال مدينة الخليل لساعات حتى يتمكن من زيارتها في ظل منع التجول على أهلها وحراب جنوده والمستوطنين الذين رافقوه ( يقول أحد المسؤولين رفض الافصاح عن اسمه أن زيارة نتنياهو للخليل وزوجته كلفت الخزينة الاسرائيلية 23 مليون دولار ) .
وألقى نتنياهو في الخليل خطابا منعت الرقابة بث أجزاء كبيرة منه ، وسرب أحدهم أن معظم الخطاب انصب على بسط السيادة الاسرائيلية على الحرم الابراهيمي والأقصى وكامل الضفة التي أسماها يهودا والسامرة ، وأصدر أمرا بمهاجمة الأقصى ودفع بالأجهزة الأمنية والشرطة المسلحة والمستوطنين المسلحين لساحات الأقصى ، واعتقل العشرات بعد الاعتداء عليهم بالضرب وبأعقاب البنادق ، واستهدفوا في باحات الأقصى ليخلوه من المصلين ، وفي الوقت ذاته وزعت بيانات تطالب بالسيطرة مناصفة على الحرم القدسي .
وانهال جنود الاحتلال بالضرب على مشايخ الدروز عند معبر الشيخ حسين ، وذلك لارهاب الدروز قبل الانتخابات وابتزازهم ، وربما لدعم بعض العملاء قبل الانتخابات .
سجل نتنياهو هذه النقاط … لكنه لم يسترد ثقته باسرائيل وقدراتها ، فتوجه الى ترامب طالبا منه الوقوف بحزم في وجه ايران ، وتوقع نتنياهو أن يلتقي ترامب روحاني في الأمم المتحدة أثناء اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، لذلك طلب نتنياهو من ترامب أن يفصح عن صفقة القرن قبل هذا اللقاء ، وقرر ترامب ارسال غرينبلات للشرق الأوسط بعد الاعلان عن الصفقة .
بعد طباعة هذا المقال بدقائق استقال غرينبلات ، المستشار الخاص للرئيس ترامب حول الشرق الأوسط ، والذي كان من المفترض أن يزور المنطقة لطرح مشروع الحل ، أي صفقة القرن على الفلسطينيين ، استقال كما يبدو لخلاف كبير حول ماطرحه ترامب ، وماتقتضيه قرارات الشرعية الدولية .
يخشى نتنياهو أن يجبر صمود ايران ومحور المقاومة ترامب على فتح حوار مع طهران مما سيعطل قدرته ورغبته في شن الاعتداءات ( ولو لفترة ) .
لكن لنضع مراهنات نتنياهو جانبا ، ماذا نحن فاعلون ازاء تسجيل نتنياهو لهذه النقاط ورفع مستوى الجنون العنصري في اسرائيل وفي وسط المستوطنين المجرمين والمدعوين من الجيش الاحتلالي والحكومة والقضاء !! ان جاز تسميته قضاء .
المسؤولية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية والمنظمات الفلسطينية ، لماذا يصمت الجميع في وجه مايجري ومايقترفه نتنياهو وقواته ، والمطلوب هنا ليس معجزة وليس تعجيزا المطلوب تنظيم التحرك الشعبي الرافض لاجراءات نتنياهو ، تحرك شعبي سلمي ونحن نعلم أن جنود البطش الاستعماريين سيعتدون على التحرك الشعبي المسالم ، لكن تراكم الاعتداءات واستمرار الحراك الشعبي في كل المدن والبلدات ، وفي كل الأوقات سوف يخلق بالضرورة ورغم أنف كل أموال الصهيونية التي اشترت صمت أجهزة الاعلام الغربية رأيا عاما دوليا مناهضا لاسرائيل وعنصريتها تماما كما حصل مع الحكم العنصري في جنوب افريقيا .
لقد حقق الحراك الشعبي المستمر في جنوب افريقيا تغيرا في موقف الرأي العام فرض على حكومات الغرب تغيير مواقفها ، وأخضع العالم الغربي مندوبه في جنوب افريقيا ” ديكلارك ” للواقع ، وخرج مانديلا من السجن وأصبح أول رئيس للدولة الجديدة .
ليس مطلوبا أن تشن السلطة حربا بل حراكا ، ونقول بكل وضوح ان المطلوب هو تنفيذ ما أعلنه الرئيس محمود عباس وهذا يعني :
رفض صفقة القرن والتصدي لها ، وهذا يتطلب :
1- العمل الحثيث والسريع مع روسيا والصين واوروبا لعقد مؤتمر دولي طارئ لتثبيت قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بدلا من أحادية صفقة القرن ، وهذه الحركة مطلوبة من الرئيس ابو مازن تحديدا ، فان مؤتمرا كهذا سوف يوقف انفراد ترامب بشؤون الشرق الأوسط ونشير الى أهمية ماقاله بوتين اليوم : ” من أن سيطرة وانفراد الغرب بالقرارات ذات التأثير على وشك الانهيار ” .
أين رئيسنا من ضرورة هذا التحرك ؟ اذا لم يكن قادرا لأسباب صحية فليكلف رئيس الوزراء بالتحرك الفوري .
2- الغاء الاتفاقات المعقودة بين السلطة واسرائيل
أين التنفيذ ؟ أين اللجان ؟
نحن نفهم أن هنالك صعوبات عملية ، لكن استبدال ذلك يتم بالبدء بجملة مقاطعة عامة يحاسب عليها لكل البضائع والمنتوجات الاسرائيلية في فلسطين ، وكذلك في كل مكان يستطيع الفلسطينيون ومؤيدوهم أن ينشطوا خاصة انجلترا .
3- تفعيل العمل مع أنصارنا وأنصار الحرية ، والمناهضين للعنصرية في كل أنحاء العالم وتحويل بعثاتنا وسفاراتنا الى مراكز عمل ، وليس الى صالونات للتحنيط .
مراكز عمل لمناهضة صفقة القرن ، ومقاطعة اسرائيل وزوال الاحتلال ، وتحريك الرأي العام بدأ منذ فترة ولابد من بث الروح الوقادة فيه .
وعلى الصعيد الداخلي أن يقوم الرئيس ابو مازن ، ولأول مرة منذ أن تسلم المسؤولية بزيارة 1- نابلس
2- الخليل
3- بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور .
4- رام الله ، فهو لم يزرها لأنه ينتقل من المقاطعة الى بيته وبالعكس ، على الرئيس ابو مازن أن يزور كل قرية تتعرض للاعتداء أو مصادرة الأراضي ، وكذلك مخيمات اللاجئين في الشمال والجنوب والوسط ، عليه زيارة كافة محافظات الضفة الغربية وألا يكتفي ببعض الزيارات العائلية أو قبول دعوات من عائلات عليه أن يرى الناس ، وأن يجيبهم على أسئلتهم وأن يعبئهم ان أراد لما قاله هو .
لايوجد متسع من الوقت أمام ابو مازن أو السلطة أو المنظمات .
استراتيجيا التصدي يأتي عبر مؤتمردولي ( اوروبا – الصين – روسيا وكل الدول التي اعترفت بدولتنا ) ، يرفض فيه الحل الصهيوني ويلتزم بقرارات الشرغية الدولية ، والتحرك الشعبي ، ومقاطعة اسرائيل ، وتحريك الرأي العام ، وزيارة المحافظات .
اذا لم ينفذ هذا ، فلنا الحق بالقول ان السلطة تكذب علينا وتضللنا ، وانها ضالعة سرا وعبر السعودية في صفقة العهر .
5 مايك بومبيو وخرافة إيران دولة طبيعية مرح البقاعي
العرب بريطانيا

فور وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدّة الحكم في المكتب البيضوي للبيت الأبيض في العام 2016 وقع اختياره على مايك بومبيو ليوكل له واحدة من أهم الوكالات الحكومية في واشنطن، والتي تحمل عبء الأمن القومي الأميركي مباشرة، وهي وكالة الاستخبارات المركزية “سي.آي.أي”.

بومبيو الذي كان عضوا في الكونغرس عن ولايته كنساس منذ العام 2017 حتى تسلّمه منصبه في الوكالة، كان قياديا في حركة “حزب الشاي” التي تمثّل أقصى اليمين في الحزب الجمهوري، إلى جانب عضويته في اللجنة الوطنية للحزب ذاته.

وفي 13 مارس أعلن ترامب عن رغبته في ترشيح بومبيو لشغل منصب وزير الخارجية، خلفا للوزير ريكس تيلرسن الذي قام بعزله عندما كان في مهمة رسمية خارج البلاد، وذلك بتغريدة على حسابه في تويتر يطلب منه فيها مغادرة الموقع مع تقديره للخدمات التي قام بها خلال تسلّمه أعلى منصب في الدبلوماسية الأميركية. قبل ذلك كان بومبيو قد التحق، حال تخرّجه من الثانوية، بالأكاديمية العسكرية الأميركية في ولاية نيويورك، حيث درس الهندسة الميكانيكية ليتخرج أولا على دفعته. وخدم في الجيش حتى العام 1991.

بومبيو يحمل درجة الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد، وعمل محررا في مجلة هارفارد القانونية ومن ثم محامٍ في مجموعة وليامز وكونولي القانونية؛ إحدى أشهر مؤسسات المحاماة في واشنطن.

خبرته في مجال المخابرات والتي جعلت منه مرشح ترامب الأول لاستلام منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية تأتي من شغله عضوية لجنة الاستخبارات في الكونغرس، ثم اللجنة الفرعية المعنية بوكالة المخابرات المركزية، وقد تم تعيينه في لجنة بنغازي المعنية بالتحقيق في الأحداث المأساوية التي حدثت في ليبيا.
الوزير المتديّن وشروطه

عهد الصقور الجمهوري تنقلب فيه السياسة الأميركية التي أرساها أوباما تجاه إيران رأسا على عقب. بحيث تشدد واشنطن العقوبات الاقتصادية إلى درجة إحكام الطوق على عنق طهرانعهد الصقور الجمهوري تنقلب فيه السياسة الأميركية التي أرساها أوباما تجاه إيران رأسا على عقب. بحيث تشدد واشنطن العقوبات الاقتصادية إلى درجة إحكام الطوق على عنق طهران

بومبيو رجل متديّن، مثل نائب الرئيس مايك بنس، وهو متأثر جدا بمراجعه الإنجيليه والتوراتية. وفور استلامه لمنصب وزير الخارجية الأميركي حاملا ترتيب الوزير 70 في هذا الموقع، قام بزيارة إسرائيل وأعلن من هناك عن الدعم المتواصل لها.

وقد اغتنمت إسرائيل هذه الفرصة لاستغلال وجود شخص كبومبيو في أعلى منصب دبلوماسي في واشنطن، فعمدت إلى الدفع بأجندتها في أروقة البيت الأبيض بقوة، وبتجاهل تام لإرادة الشعب الفلسطيني والاتفاقات الدولية قامت الولايات المتحدة خلال أشهر من تسلّم بومبيو زمام السياسة الخارجية الأميركية، بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس ودمجت القنصلية الأميركية العامة في القدس مع السفارة، وأغلقت مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن، وأخيرا اعترفت بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل في سابقة تاريخية بتجاوز الأعراف والقيم الدولية والأصول القانونية.

انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة النووية التي عقدتها دول 5+1 في العام 2015، ومن بينها أميركا، وذلك في العهد الديمقراطي الأسبق للرئيس باراك أوباما. وكان وزير الخارجية حينذاك هو جون كيري الذي مثل الولايات المتحدة في التوقيع على الاتفاق. أما في عهد الصقور الجمهوري للرئيس ترامب فالأمور انقلبت رأسا على عقب عما كانت عليه؛ إذ شدّدت واشنطن العقوبات الاقتصادية إلى درجة إحكام الطوق تماما على عنق طهران وخاصة في مجال تصدير نفطها وهو موردها القومي الأول لميزانية الدولة التي هي أقرب إلى الانهيار الاقتصادي بتأثير العقوبات الأميركية وخروج واشنطن المدوي من الاتفاق النووي.

ترافقت هذه العقوبات الاقتصادية مع ضغوط سياسية عالية؛ فلأول مرة تصنف وزارة الخارجية الأميركية الحرس الثوري الإيراني، وهو جهة عسكرية تابعة للدولة الإيرانية، بأنه جماعة إرهابية مسلحة؛ ولم تكتف بذلك، بل جمدت أموال نظير بومبيو، وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، على أراضيها.

منهج بومبيو السياسي يعتمد على رفض تركة الإدارة السابقة لأوباما في ما يتعلق بالملف الإيراني، ومحاولته تقويض كل ما قامت طهران ببنائه نتيجة الاتفاق النووي من ترسانة أسلحة نووية ومواقع تطوير الصواريخ البالستية البعيدة المدى والتي يريد الإيرانيون أن يجعلوها قادرة على حمل رؤوس نووية؛ كما أن الأموال التي تدفقت عليهم بعيد الاتفاق سمحت لهم أن يكونوا أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم من خلال استعمال العوائد النفطية في تمويل الميليشيات الطائفية العابرة للحدود.

بومبيو يريد تجميد الأموال التي تسمح للإيرانيين بالانخراط في أعمال تجارية في الاستيراد والتصدير تمنحهم الموارد والأموال اللازمة لتسليح أذرعهم الميليشيوية ووكلائهم في المنطقة، من حزب الله في لبنان وسوريا، إلى الميليشيات الشيعية في العراق، وصولا إلى الحوثيين في اليمن.
خارطة الطريق

شروط بومبيو على إيران تشمل وقف “دعم الإرهاب” بواسطة قوات “فيلق القدس”، والتخلي عن لغة التهديد في التعامل مع دول مجاورة، الكثير منها حليفة لواشنطن شروط بومبيو على إيران تشمل وقف “دعم الإرهاب” بواسطة قوات “فيلق القدس”، والتخلي عن لغة التهديد في التعامل مع دول مجاورة، الكثير منها حليفة لواشنطن

في الوقت الذي يرفع بومبيو العصا بيده لردع الملالي الحاكمين في طهران عن خططهم في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ونشر الإرهاب في العالم، يمسك غصن السلام بيده الأخرى بشروط أميركية صارمة، عددها اثنا عشر شرطا، وضعها كأساس لعودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي. فعلى إيران كما يردد ترامب باستمرار “أن تتصرّف كدولة طبيعية” وعندها يمكن للإدارة الأميركية أن تبحث في موضوع رفع العقوبات وإنجاز اتفاق نووي أفضل من السابق.

خارطة الطريق الاثنا عشرية ترتكز على 12 مبدأ تشكل الاستراتيجية الأميركية القريبة والبعيدة المدى من أجل تطبيع العلاقات مع إيران، ولن يتخلى عنها بومبيو ولا إدارته لأنها تركّز على إزاحة كل الوسائط التخريبية التي انتهجتها إيران وأدت إلى عزلها دوليا.

وهنا نورد هذه الشروط لأنها وثيقة أميركية ثابتة أعلنها الوزير بومبيو ويسعى إلى تنفيذها؛ وقف تخصيب اليورانيوم وعدم القيام بتكرير البلوتونيوم، بما في ذلك إغلاق مفاعلها العامل على الماء الثقيل، تقديم تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البعد العسكري لبرنامجها النووي والتخلي بشكل كامل عن القيام بمثل هذه الأنشطة، منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية الوصول إلى كل المواقع في البلاد، وقف نشر الصواريخ البالستية والتطوير اللاحق للصواريخ القادرة على حمل الأسلحة النووية، وإخلاء سبيل كل المحتجزين من الولايات المتحدة والدول الحليفة والشريكة لها، والذين تم توقيفهم بناء على اتهامات مفبركة أو فقدوا في أراض إيران، والتعامل باحترام مع الحكومة العراقية وعدم

عرقلة حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها. إضافة إلى سحب جميع القوات، التي تخضع للقيادة الإيرانية، من سوريا، ووقف تقديم الدعم لـ”التنظيمات الإرهابية”، الناشطة في الشرق الأوسط، بما في ذلك “حزب الله” اللبناني، وحركة “حماس”، وحركة “الجهاد الإسلامي”، ووقف الدعم العسكري للحوثيين في اليمن، ولحركة “طالبان” و”الإرهابيين” الآخرين في أفغانستان، وعدم إيواء مسلحي “القاعدة”. ووقف “دعم الإرهاب” بواسطة قوات “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، والتخلي عن لغة التهديد في التعامل مع دول مجاورة لها، الكثير منها حلفاء للولايات المتحدة، بما في ذلك الكف عن التهديدات بالقضاء على إسرائيل والهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات، والتوقف عن تهديد عمليات النقل البحرية الدولية، ووقف الهجمات السيبرانية.

ويشير بومبيو في تصريحات صحافية له ما مفاده أنه حتى تلتزم إيران بحزمة هذه الشروط مجتمعة دون إنقاص أي بند منها “ستستمر الولايات المتحدة في فرض عقوبات على طهران لم يشهدها التاريخ”.
حرب الناقلات

التدخل الروسي في سوريا يرى بومبيو أنه جاء بسبب غض الطرف من أوباما، وأن ما تتمناه واشنطن اليوم، هو العمل مع موسكو من أجل إنهاء الصراعالتدخل الروسي في سوريا يرى بومبيو أنه جاء بسبب غض الطرف من أوباما، وأن ما تتمناه واشنطن اليوم، هو العمل مع موسكو من أجل إنهاء الصراع

ويرى بومبيو أن التدخل الروسي في سوريا جاء بسبب سماح أوباما بهذا الوضع، وأن ما تتمناه واشنطن هو العمل مع موسكو من أجل إنهاء الصراع في سوريا ودفع الأطراف المعنية من المعارضة والنظام في الدخول إلى العملية السياسية لتطبيق القرار الأممي 2254

وتحقيق الانتقال السياسي الحقيقي في سوريا وتأمين عودة النازحين واللاجئين الذين بلغ عددهم 6 ملايين سوري، شرط أن تكون عودة إرادية لا قسرية وآمنة وكريمة. فالولايات المتحدة لن تسمح بإرغام السوريين على العودة من مواقع اللجوء بالترهيب كما حدث عند خروجهم من بلدهم هاربين من آلة النظام العسكرية ومن التطرف الإرهابي وسيطرة ميليشيات حزب الله التابعة لإيران على الوضع الميداني والقرار السياسي هناك.

ولم يكن تصنيف وزارة الخارجية الأميركية لحزب الله كمجموعة إرهابية وفرض العقوبات على المسؤولين في الحزب ومن يرتبطون مع هؤلاء المسؤولين إلا جزءا من استراتيجية بومبيو تجاه إيران، بحرمانها من الموارد التي تستعملها في دفع رواتب عناصر حزب الله، ومدّه بالعتاد والسلاح، حتى تحكم سيطرتها على المفاصل السياسية في سوريا. فمن خلال تجفيف هذه الموارد وتصفير صادرات النفط الإيراني سيتم بشكل مباشر ليّ أذرع وكلاء إيران في سوريا وعلى رأسهم ميليشيا حزب الله، ما سيساعد على خروج تدريجي لإيران والعودة إلى المسار السياسي، بعيدا عن مطامع طهران في المنطقة ككل.

ويبقى للملف الإيراني الأولية بين الملفات الخارجية على مكتب مايك بومبيو نظرا للتطورات المتلاحقة في هذا الملف، ابتداء من الاختراقات المتكررة لطهران لما توافقت عليه من واجباتها ضمن الاتفاق النووي في فيينا، مرورا بتمويلها المتواصل لوكلائها في العراق واليمن وسوريا ولبنان، وصولا إلى حرب الناقلات التي افتعلتها في الخليج وبالقرب من مضيق هرمز الحيوي، وانتهاء بالقصف الذي قام به حزب الله من الأراضي اللبنانية -وبقرار انفرادي بعيد عن قرار دولته- بضرب شمال إسرائيل ردا على الاعتداء الإسرائيلي على مكاتب الحزب في ضاحية بيروت بطائرات الدرون المسيّرة.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سينجح الوزير بومبيو بلجم تحركات إيران الإقليمية، وكبح أطماعها التوسعية، والسيطرة على انتهاكاتها للاتفاق الذي وافقت عليه بنفسها قبل أن يقع الصدام الحقيقي بينهما، أم أن الحصار الأميركي لطهران قد وضعها على مقربة من الصواب السياسي للعدول عن سياساتها المقلقة والاستفزازية والعودة إلى الحظيرة الدولية من خلال الشروط الأميركية الحازمة؟ نتساءل وننتظر لنرى تطور الأحداث على المدى القريب الذي سيفرض حربا شاملة، أو سيطلق حمائم السلام في المنطقة والعالم.

6 كذبة آسنة اسمها حرية الإعلام في العراق
كرم نعمة
العرب بريطانيا

ثمة كذبة كبيرة بهيئة مزحة اسمها “حرية الإعلام” بصفتها بندا مضمونا في تقاليد الدولة وجزءا من ديمقراطيتها. فإذا كانت الصحافة بالعالم تعيش زمنا ليس عادلا بحقها فإنها في العراق تتحول إلى مجرد اسم بمضمون هش.

يصعب أن نجد مفهوم دولة في العراق كي نتحدث بعدها عن صحافة وفق حكمة الرجال الأقوياء الذين كتبوا الدستور الأميركي وفضلوا دولة بلا حكومة على دولة بلا صحافة، فحتى الذين يدافعون عن فكرة الدولة بشكل رسمي أمام وسائل الإعلام والضيوف الزائرين للعراق، يعجزون عن إيجاد مسوغ واحد أمام أنفسهم يجعلهم يصدقون وجود دولة منذ احتلال العراق عام 2003، يبدو أن هذا العجز سيبقى متصاعدا ومستمرا.

تجسدت كذبة حرية الإعلام في العراق مع التقرير الذي مس الفساد المتفاقم في البلاد بإدارة رجال دين ومرجعيات تُضْفَى عليها هالة المقدس، واشتغل عليه بجرأة وبراعة فريق صحافي من قناة الحرة يستحق الثناء والمؤازرة من الكادر الإعلامي في العراق قبل الجمهور، وليس التنكيل به والسقوط في فخ المقدس الغارق بحقيقة الفساد التي لا لبس بها.

التقرير الذي أثار ردود فعل وضجيجا حكوميّا ودينيّا أوقف عمل القناة في العراق لمدة ثلاثة أشهر، يجسد بامتياز موت المسوغ الهزيل -إن وجد- عن حرية الإعلام في العراق. فالصحافة هي الطريقة الوحيدة المتاحة للمناقشة الحرة، والتي يعلم الجميع أهميتها الآن، ولكن رجال القرون المظلمة والحكومات التي تدعمهم لن يشجعوها ولن يرحبوا بها أبدا.

الصحافيون العراقيون جزء من واقع مرير، هذا أمر صحيح، لكن لا يقبل منهم أن يصابوا بالعجز عن ربط المجتمع بديمقراطية حرة من الأفكار والمعلومات، وليس كما يحدث اليوم بقبولهم دور الهامش للطبقة السياسية المريضة

ليس مهما هنا التعرض لردود الفعل التي تلت عرض التقرير، لأنها جزء من العبث السياسي والديني المتواصل في البلاد، الأهمية بالنسبة إليّ تكمن في حماية الفريق الصحافي الذي أنجز هذه المادة الاستقصائية البارعة واتخاذها مثالا بالنسبة إلى جيل صحافي يتوق إلى أن يمثل الفكرة التاريخية للصحافة المقاومة لتوغل الحكومات وفسادها وهدر المال العام تحت بند المقدس.

لقد أصيب الإعلام العراقي بالوهن والارتخاء في لجة دورة القتل والترهيب المتواصلة، وكان من الصعوبة أن يجازف أي صحافي بحياته من أجل الحقيقة. ذلك ما مر به الصحافيون العراقيون أسوة ببقية العراقيين أثناء سنوات القتل على الهوية وسطوة الميليشيات الطائفية، وهم في ذلك لا يستحقون التوبيخ أو التجريح أو الملامة بقسوة، إنهم يستحقون -وفق التقويم المفرط في التفاؤل- التعاطف، لأنهم يعبرون عن عجزهم أسوة بطبقات فقيرة ومحرومة ومهمشة سائرة في طريق الخرافة في المجتمع العراقي، أليس الصحافيون جزءا من هذا المجتمع؟

هذا يفسر لنا لماذا تستمر عملية إهانة جوهر الصحافة في العراق بجعلها مجرد صدى للمايكروفونات الصارخة في المساجد والعتبات والمناسبات الدينية، وهذا يفسر لنا أيضا ماذا يعني أن يصنع فريق إعلامي عراقي برنامجا بمستوى ما عرضته قناة الحرة عن “أقانيم الفساد المقدس في العراق” لمجرد أنه مارس دورا مناطا به رافضا إدارة ظهره للمجتمع، عندما كشف للرأي العام “مؤسسات دينية لا يجرؤ على مراقبتها أحد، تتحصن خلف عقائد الناس، وتتسلح بالقباب والعمائم”.

عندما كتبت قبل سنوات عن “مقبرة الصحافي العراقي” استعنت بشهادة ممن يعيش وسط الرثاثة الإعلامية في البلاد وهو يتهكم بقوله “لا تعتقد أن وابل الرصاص الذي يطلق علينا اليوم سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر حمم الفضائيات يمكن أن يؤثر على ما يجري”. قال دعني (أطمئنك) بأن أي محطة تلفزيونية تنتقد الحكومة والأحزاب الحاكمة وتزعم أنها ضد الفساد، لا تقوم إلا بعرض بضاعتها للبيع على الحكومة العراقية، كل هذا النقد الزائف مجرد عرض خدمات صحافية مدفوعة الأجر، وقد فهمت الحكومة الرسالة التلفزيونية التي مفادها “نقوم بمهاجمتكم كي تقوموا بعد ذلك بالإعلان لدينا لكي نبيض صفحتكم”. كان يتحدث عن دكاكين تجارية باسم محطات فضائية افتتحت في العراق منذ عام 2003 تابعة لأحزاب طائفية وميليشيات وتجار سياسة.

اليوم تبدو تلك الشهادة لا أهمية لها حيال برنامج قناة الحرة وهي تعري أقانيم الفساد المقدس. لكن كلمتي عن حاجة الصحافيين العراقيين إلى التعاطف لا التوبيخ ما زالت ماثلة من أجل ألا يفقدوا حياتهم عبثا في بلد يتخذ فيه العبث سلطة قانونية ودينية مقدسة.

الإعلام العراقي أصيب بالوهن والارتخاء في لجة دورة القتل والترهيب المتواصلةالإعلام العراقي أصيب بالوهن والارتخاء في لجة دورة القتل والترهيب المتواصلة

الصحافيون العراقيون جزء من واقع مرير، هذا أمر صحيح، لكن لا يقبل منهم أن يصابوا بالعجز عن ربط المجتمع بديمقراطية حرة من الأفكار والمعلومات، وليس كما يحدث اليوم بقبولهم دور الهامش للطبقة السياسية المريضة وسطوة رجال الدين الفاسدين.

يمكن أن نفهم صلافة ووضاعة رجال الإسلام السياسي في العراق اليوم، لكن يصعب تَقَبّل أن يصبح الصحافيون هامشا لهم، ولسوء حظ العراقيين الدائم، أن الصوت المفترض أن يعلو لمنع الفساد صار شريكا في صناعة الفساد. ذلك ما تعبر عنه أصوات صحافية وقفت خاضعة للمؤسسة الدينية ضد الجهد الاستقصائي الرائع الذي بذله الفريق الإعلامي بقناة الحرة في إنتاج برنامج “الفساد المقدس في العراق”.

ليس عصيا على الفهم في العراق اليوم لماذا يتم التنكيل بفريق صحافي همه تعرية الواقع الآسن المتحصن بالمراقد المقدسة، بدلا من جعله مثالا بارعا يشجع الآخرين على إنتاج برامج أكثر جرأة.

الصحافيون العراقيون مدعوون برمتهم إلى حماية فريق قناة الحرة الشجاع والاحتفاء به بوصفه مثالا متميزا في زمن إعلامي يعيش الوهن والارتخاء حيال واقع سياسي وديني آسن ومترهل.

لطالما كنت أعيد ما يشبه الوصية المثالية التي أعلنها رئيس تحرير صحيفة الغارديان السابق آلن روسبيردجر بوصفها درسا يجب أن نعود إليه كلما اهتزت ثقة الجمهور بوسائل الإعلام كما يحدث في العراق اليوم “عندما يدير الصحافي ظهره للأفكار النيرة والمبتكرة والدافعة نحو رقي المجتمع، من أجل أنانية طائفية أو شخصية ضيّقة، والاكتفاء بفكرة ليس ثمة ما يمكن أن نتعلمه، فإنه سيجعل من هذا الفضاء الإعلامي الحر، مقبرة لنفسه لا يزوره فيها إلا الموتى على شاكلته”.
7 تحديات أمام العمامة العراقية وحشدها
د. باهرة الشيخلي
العرب

تزامناً مع قصف الطائرات المسيرة الملتبس، إلى الآن، قصفت القناة الفضائية الأميركية “الحرة عراق” معممي العراق، مبرزة تقارير وتحقيقات تلفزيونية حملت عنوان “أقانيم الفساد المقدس في العراق”، تناولت فيها الفساد المستشري في المؤسسات الدينية، سنية وشيعية.

وحدث رد الفعل العراقي المتوقع وهو أن جدلا واسعا أثير في الأوساط الحكومية العراقية وتحديدا الشيعية، التي عدّت أن محتوى تلك التقارير والتحقيقات تستهدف “الحشد الشعبي والأحزاب الشيعية”، وأغلقت الحكومة العراقية مكاتب قناة “الحرة” في بغداد، فيما امتنع إقليم كردستان عن اتخاذ خطوة مماثلة لخطوة المركز، معتبراً أن ذلك يدخل في حرية الرأي.

وبعد يوم واحد على بث “الحرة عراق”، علقت السفارة الأميركية في بغداد الأحد الماضي على محتوى قناة “الحرة” التي تبث للعراق تحت مسمى “الحرة عراق”، بأن وزارة الخارجية والسفارات الأميركية حول العالم “لا تملكان سلطة رقابية على محتوى قناة ‘الحرة’ التي تتناول بشفافية وحيادية، القضايا المهمة في المنطقة والسياسات الأميركية، مع الحرص على عرض وجهات النظر كافة بشأن القضايا التي تهم المتابعين”.

مكتب رئيس ديوان الوقف السني وصف تقرير قناة “الحرة”، الذي تضمن إساءة لرئيسه عبداللطيف الهميم، وإلى المرجعية الدينية في النجف الأشرف والمؤسسات الدينية في البلاد، بأنه “سيناريو مفضوح يُراد من ورائه التوظيف السياسي وسوء القصد”، وانبرى يرد على محتوى التحقيق نقطة فنقطة وبتفصيل ممل.

من جانبه، اعتبر الباحث د. محمد أبوالنواعير، وهو حاصل على شهادة دكتوراه في النظرية السياسية- المدرسة الأميركية المعاصرة في السياسة، التقرير، الذي طرحته قناة “الحرة” في 31 أغسطس، نمطاً واضحا وجليا من أنماط التضليل السياسي والإعلامي، حيث “تجلت خباثة القائمين على البرنامج بشكل واضح ومنذ بداية البرنامج، عندما أظهروا مسيرة لمعممين شيعة، خارجين في تظاهرة سلمية، ومعها صوت لرجل دين سني يقول فيه (انتشر الفساد في كل مفاصل الدولة) وهي محاولة واضحة وجلية في خبثها وقصديتها لتسقيط العمامة الشيعية، حيث اعتمد أصحابها على مبدأ تداعي المعاني الذي سيصاب به المتلقي للرسالة الإعلامية”.

في خضم ذلك لم يلتفت أحد إلى رد الفعل الشعبي المتسق مع ما جاء في تحقيق الفضائية الأميركية، فالوعي الشعبي العراقي سبق الجميع في فضح الفساد في المؤسسة الدينية وفساد بعض المعممين الذين نهبوا أموال البلاد والعباد، عبر تغريدات الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر التظاهرات المستمرة التي رفعت شعارات تدين المؤسسة الدينية بالسرقة والفساد والتضليل ودعم الفاسدين الحكوميين وممثلي المرجعيات الدينية.

بدأت تنتشر، في الآونة الأخيرة، مقاطع فيديو لشباب ولدوا مع احتلال العراق في العام 2003، تعلن غضبها على رجال الدين من الطوائف كافة، وتتوعدهم بالعقاب القاسي، وبلهجة خطاب غير مسبوقة، مع أناس، كانوا، إلى وقت قريب، يحظون باحترام شرائح واسعة من العراقيين، ما ينذر بأن شهري محرم وصفر هذا العام، والذي يحيي فيه الشيعة مقتل الإمام الحسين وأسرته وأصحابه في كربلاء، سيكونان شهرين ساخنين على الطبقة السياسية والدينية في آن معا.

ألا يشعر السياسيون ورجال الدين الذين تسببوا بهذا الخراب كله في العراق، بحجم الغضب الشعبي الذي يحيق بهم والخطر الذي يتهددهم، وما هي خطواتهم لإطفاء نار النقمة هذه، أم أنهم سيواصلون الغرق في “عسل الفساد” الذي أدمنوه؟

8 قواعد اشتباك أم قواعد تعايش؟

ماجد كيالي العرب

أثيرت في السنوات السابقة وفي إطار الصراع ضد إسرائيل، مصطلحات مثل “قواعد الاشتباك”، أو “توازن الرعب”، أو “الردع المتبادل”، والقصد هنا أن الأطراف المعنية، وهي حزب الله في لبنان وحركتا حماس والجهاد الإسلامي في غزة، استطاعت أن تصل إلى مستوى مكافئ، ولو نسبياً، لإسرائيل، ما يمكنها من فرض شروطها عليها، ويجعلها تفكّر مليا قبل القيام بأي هجمة على قواعد حزب الله أو المقاومة في غزة.

وفي الحقيقة فإن طرح هذه المصطلحات وتسويقها، ينم عن تسرّع ومبالغة وسذاجة بكل المقاييس، كما ينم عن روح رغبوية، لا صلة لها بالواقع ولا بالإمكانيات الحقيقية، ناهيك عن أن طرحها هو للاستهلاك ونيل الشرعية والتغطية على الأثمان الفادحة التي تُدفع في الصراع مع إسرائيل دون التمكن من استثمار التضحيات المبذولة.

وكنا تعودنا في الخطابات السياسية العربية على المواربة والتلاعب وإثارة العواطف، وضمن ذلك المصطلحات المراوغة، كمصطلح “التوازن الاستراتيجي”، الذي صكّه حافظ الأسد بعد حرب أكتوبر 1973، التي غدت آخر الحروب العربية مع إسرائيل، علما أنه ضيّع الجولان عام 1967، وأضحى بعدها رئيسا لسوريا لثلاثة عقود، وأورثها لابنه من بعده منذ عقدين، في وقت عرّفت فيه إسرائيل حدودها مع سوريا باعتبارها أهدأ حدود لها مع أية دولة عربية أخرى، وقد تبين بعدها أن ذلك التوازن الاستراتيجي يعد للحفاظ على النظام فقط، ووأد أي تحرك شعبي للتغيير السياسي استجابة لتوق السوريين إلى الحرية والكرامة والديمقراطية.

وإذا تفحصنا المصطلحات المذكورة بصورة موضوعية وعقلانية، بعيدا عن الروح العاطفية والرغبوية والدعائية، فسنجد أنه لا يوجد أي تناسب بين قدرات القوى المذكورة وإسرائيل، على صعيد التسلح والإدارة والتخطيط والإمكانيات التكنولوجية والاقتصادية والدعم الخارجي وتماسك المجتمع، هذا أولا.

ثانياً، في الوقت الذي يجري فيه الحديث على هذا النحو، سنجد أن أوضاع المشرق العربي، لاسيما العراق وسوريا، في حال مريع من الانهيار وتصدع الدولة والمجتمع، وفي هذه الحال يبدو الحديث عن مواجهة إسرائيل ضربا من الادعاء أو الزيف أو الخيال المرضي، وكأن ميليشيات مثل حزب الله وفاطميون وزينبيون وعصائب أهل الحق وكتائب أبوالفضل العباس وبقية ما يسمى الحشد الشعبي هي بديل عن شعبي العراق وسوريا.

ثالثا، للأسف لا يوجد في الواقع من استطاع استثمار التضحيات المقدمة في إطار مصارعة إسرائيل، إذ أن حزب الله، مثلا، بعد الانسحاب الأحادي من جنوبي لبنان عام 2000 استدار 180 درجة وغرق في الصراع في الداخل اللبناني لفرض هيمنته، ولم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، من يومها. باستثناء لحظة خطف جنديين إسرائيليين في يوليو 2006، والتي أدت إلى هجمة إسرائيلية مدمرة على لبنان، اضطرت حسن نصرالله إلى الاعتذار للشعب اللبناني باعتبار أنه لو كان يعرف أن ردة الفعل الإسرائيلية ستكون بتلك الدرجة لما تمت العملية المذكورة، علما أن تلك العملية أتت للتغطية حينها على اغتيال رفيق الحريري وعلى خروج الجيش السوري من لبنان. أيضا، في غزة، لم تنجح حركة حماس، رغم عدة حروب إسرائيلية، في فرض شروطها على إسرائيل، ولا حتى في فتح معبر رفح أو في تخفيف الحصار.

رابعا، تبدو قصة “توازن الرعب”، أو “الردع المتبادل” أو “قواعد الاشتباك” مجرد أسماء حركية لمصطلح “قواعد التعايش أو التكيف”، حيث أن إسرائيل تتعايش أو تتكيف مع وجود قوى مسلحة، تنشغل بالصراعات الأهلية أو الداخلية ما شاءت طالما لا تمس بأمن إسرائيل، في حين تتكيف تلك القوى مع وجود إسرائيل بحيث تتمكن من فرض هيمنتها في مجتمعاتها، وتعزيز أوراقها في الصراعات الداخلية.

خامساً، شهدنا أن حزب الله، كما حصل في مواجهات الأحد الماضي، التزم قمة العقلانية والانضباط في الرد على الاعتداء الإسرائيلي على معاقله في بيروت، في حين أنه شديد الانفلات والوحشية في هجمته على السوريين. والأهم، نلاحظ أن رد حزب الله أتى متأخرا جدا إذ أن إسرائيل قامت بشن حوالي مئتي غارة جوية وصاروخية على قوافل حزب الله ومستودعاته في سوريا، بل إنها مؤخرا وسعت هجماتها إلى العراق ضد قواعد ومستودعات الحشد الشعبي، أي أنها باتت تشتغل على ثلاث جبهات (سوريا والعراق ولبنان)، في حين أنها لم تواجه بأي رد لا من إيران ولا من حزب الله، إلا مؤخرا، فقط بسبب التصعيد الأميركي والإسرائيلي ضد إيران، وهذه هي القطبة المخفية التي تفسر رد حزب الله، على ضعفه، كما جرى مؤخرا، مع كل الحديث عن تدخل أطراف عديدة مع إسرائيل لاستيعاب ضربة حزب الله، التي لن تكون قوية، وأن الطرفين غير معنيين بتصعيد الأمر إلى حد مواجهة عسكرية كبيرة، على غرار عام 2006، التي ذهب ضحيتها 1200 من اللبنانيين، وخراب مناطق كثيرة من لبنان، ناهيك عن دمار بنيته التحتية، بحيث بتنا إزاء معادلة أن لبنان يضعف وحزب الله يقوى.