1 إسرائيل.. ضربات وقائية أم حرب جديدة؟
فارس الحباشنة
الدستور الاردنية
اكبر جبهة عسكرية في المنطقة تقودها اسرائيل، من مضيق هرمز ودعوتها الى التدخل في حماية مجال النقل البحري، وتوجيه ضربات عسكرية الى مواقع للحشد الشعبي في العراق، وضربات عسكرية جوية متتالية في سورية ولبنان.
ما الذي يحصل في المنطقة ؟ لربما هي حرب جديدة غير معلنة. توجيه ضربات الى مواقع تابعة لحزب الله في الضاحية الجنوية تلت عمليات عسكرية ضد مواقع في الاراضي السورية راح ضحيتها قتلى من حزب الله وايرانيون.
الضربة العكسرية في الضاحية الجنوبية كانت تستهدف موقعا اعلاميا ولوجستيا هاما تابعا لحزب الله، ولكن كتب للعملية الفشل، واثبت حزب الله امتلاكه امكانات لوجوستية ودفاعية عالية وفائقة الامكانات والقدرات والجاهزية.
توالي الضربات العسكرية الاسرائيلية وعدم انقاطعها بعد خطاب حسن نصر الله بذكرى السنوية تحرير مناطق الجرود من داعش، وتأكيده على قوة حزب الله وامكانات الرد العسكري الرادع، وفي خطابه عاد نصر الله في لبنان الى ما قبل 2006 ونصر تموز التالي، فهل يعني أن تل أبيب تبحث عن حرب جديدة في المنطقة؟
لا يبدو أن الوضع يختلف كثيرا عما قبل 2006، لربما أن نتنياهيو اتخذ قرار المواجهة تحت ضغط سياسي وانتخابي، فهو في مواجهة مصيرين إما الفوز في الانتخابات والعودة رئيسا للوزراء أو الذهاب الى السجن. كجزء من سيناريوهات الصراع السياسي في اسرائيل، وما يرتبط قرار الحرب في الادارة الاسرائيلية مهنيا، بالجوانب السياسية والعسكرية والامنية.
بلا شك أن قرار الحرب على أكثر التقديرات خضع لمراجعة بعد فشل عملية الضاحية الجنوبية واسقاط الطائرتين السيارتين الاسرائيليتين. اضافة الى أن المشهد يشتد تعقيدا في المنطقة من سورية الى العراق، والتطورات المتلاحقة، والتحديات الكبرى، فما يبقى أي قرار من تل أبيب تحت مجهر الاختبار والتوتر المتصاعد لازمات المنطقة على امتدادها.
في الملف الايراني، فان الاوربيين دخلوا في حوار مع طهران حول الاتفاق النووي، والتوتر الزائد عاد الى مربع الاحتواء، ووزير الخارجية الايراني شارك بحضور ترامب في مؤتمر السبع الكبار المنعقد في فرنسا.
في الازمة السورية الامور يبدو أنها تسير الى صالح وحسابات «نظام دمشق «الذي يستعيد السيطرة العسكرية والامنية على مساحات واسعة من الجغرافية السورية الممزقة والمقسمة. واخرها ادلب وخان شيخون في الشمال السوري، وصد التمدد العسكري التركي.
في الداخل الفلسطيني تزداد سخونة المقاومة والمواجهة في قطاع غزة، وقوى المقاومة تتبنى عمليات نوعية في اطار مواجهات مع جيش الاحتلال، والطيران الاسرائيلي لا ينقطع عن توجيه ضربات لمواقع للمقاومة في قطاع غزة.
ظروف صعبة ومعقدة. ولربما أن اسرائيل حقيقة غير قادرة على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة. فهي تريد توجيه ضربات لخلخلة وتفكيك نتائج وواقع ما بعد الحرب السورية، وفرض ارداتها بتغيير موازين القوى واستخدام اسرائيل كعادتها لقوتها المفرطة في المواجهة العكسرية.
يبدو أن حسابات اسرائيل هذه المرة صعبة. كل الاطراف في المنطقة في حالة ترقب وتوتر شديد. فتثبيت حالة ما بعد الحرب السورية في مواجهة تحديات كبيرة , لربما هي أصعب من الحرب نفسها. الكل يفرد امكاناته العسكرية، حزب الله في اسقاط الطائرتين الاسرائليتين قدم امكانيات لقدرة دفاعية جوية غير مسبوق الاعلان عنها.
حروب الضربات الوقائية، ولربما هذا ما يصلح من تسمية على حالة المواجهات المفتوحة في المنطقة. استراتيجيا الضربة الوقائية لا تغير من قواعد اللعبة. مجسات اختبار عسكري وامني، «كر وفر» في اللغة العسكرية القديمة.
الحسم بخيار حرب جديدة في الشرق الاوسط لربما مستعبد. ولكن بلا شك أن قادم الايام مليء بالمفاجآت على الصعيد السياسي والعسكري أيضا. وأكثر ما تعملنا من خبرات صراعات اسرائيل في الشرق الاوسط ان المواجهات العسكرية تليها مفاجأة على صعيد مرتقب، والله هو العليم.
2 المشهد “العراقي- الإيراني”- الإسرائيلي
أحمد جميل
الغد الاردنية
شهدت الأسابيع الفائتة، ما يعتقد أنّه “تصعيد إسرائيلي”، ضد أهداف مرتبطة بإيران، في العراق، وسورية، ولبنان، ورغم أنّ فرص احتواء الموقف مرجّحة، خصوصاً، بعد خطاب رئيس حزب الله، حسن نصرالله، الأحد 25 آب (أغسطس)، إلا أن “قواعد اشتباك” جديدة تتأسس في المنطقة بين إِسرائيل والآخرين، قد لا تكون “بالغة الأهمية” عسكريّاً، ولكنها “ذات دلالة” سياسية.
ميدانياً يمكن تلخيص ما حدث بما يلي: لم تنف إسرائيل، مسؤوليتها عن هجمات حصلت في العراق في شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) 2019، ضد مخازن سلاح، لقوات الحشد الشعبي، المرتبط بإيران، بعضها نفذ بطائرات دون طيار، وبعضها تم تفجيره بطرق غير واضحة تماماً، ومن شبه المؤكد أنّ العمليات تمت من داخل العراق، بمعنى أنّه في حالة تأكد وقوف إسرائيل وراءها، فالحديث عن أذرع إسرائيلية تتحرك داخل العراق. ثم استُهدِفَت أهداف للحشد الشعبي، (يوم 20 آب (أغسطس) قرب الحدود السورية، وأعلن الحشد أنها استهدفت حزب الله العراقي). وأعلنت إسرائيل استهداف منزل قرب دمشق، في سورية، زاعمة أنّ خلية من حزب الله، تعد فيه، لتفجيرات ضد أهدافا إسرائيلية بطائرة بدون طيار، بدعم من فيلق القدس الإيراني، (نفى حزب الله ذلك). ثم سقطت طائرة بدون طيار إسرائيلية، وانفجرت اخرى، فوق الضاحية الجنوبية، في بيروت، معقل حزب الله الأهم إعلامياً وسياسيا وربما سكانياً، في لبنان، ثم قصفت أهداف في لبنان، للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، التابعة لسورية.
هناك طرق عديدة لقراءة هذا المشهد، أهمها، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوجه رسالة للناخبين عشية الانتخابات، أننا جنبناكم طائرات بدون طيّار متفجرة يقف وراءها حزب الله وإيران، من سورية، وأننا “وصلنا حتى العراق”، وفجرنا لكم مستودعات سلاح كانت معدة للذهاب لحزب الله في سورية. والأمر يحمل رسالة أيضاً للمنطقة العربية، ولبعض الدول على الأقل، “نحن ندمر لكم مخطط إيران: الحشد الشعبي في العراق، مليشيا تستهدف المنطقة، تضاف للحوثيين في اليمن، وتتصل بحزب الله وفيلق القدس في سورية؛ ورسالة إسرائيل هنا، أنّه: إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية بطيئة ولا تتحرك، فنحن نتحرك. وهناك رسالة أيضاً لإيران ولروسيا والنظام السوري وحزب الله اللبناني، أنّه يجب التوصل لترتيبات أمنية جديدة، وإلا سنستمر في “إحراجكم”.
لا يوجد في الردود العراقية أو الإيرانية أو من حزب الله في لبنان، ما يشير إلى تصعيد مفتوح متوقع. رد الفعل الذي حذر منه حسن نصر الله، أن يُسقط الطائرات من غير طيار الإسرائيلية، وأن يعيد تفعيل العمل العسكري ضد إسرائيل، الذي توقف بموجب تفاهمات 2006، طالبا تدخل السياسيين اللبنانيين لدى الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من تغيير قواعد الاشتباك، وعدا هذا لا يبدو هناك جديد أو محدد فيما قاله نصرالله. ورد الفعل الرسمي العراقي، المعلن، هو عدم الرغبة بالانجرار للخلاف الإيراني الأميركي، ورد الفعل السوري، هو ذاته كلما استهدف فيها الإسرائيليون أهدافاً في سورية، أي انعدام رد الفعل، وتبدو غزة المكان الوحيد الذي ترسل مجموعات منها، صواريخ منها، يتدخل الوسطاء، وقادة حركة “حماس” سريعاً لاحتواء الموقف فيها، مع بقاء احتمالات عدوان إسرائيلي أوسع قائمة هناك، دائماً.
الجديد في المشهد: أولا، الاستخدام المكثف للطائرات من غير طيّار، ثانياً، أنّ إسرائيل تواصل تصوير نفسها بأنها المتحرك الوحيد ضد إيران وأذرعها، وأن من يريدون مواجهة سياسات طهران يحتاجونها. ثالثاً، رسالة أن العراق بات مثل سورية ولبنان، مستباحاً للتحرشات و”للتنمر” الإسرائيلي. ورابعاً، إحراج إيران وأذرعها، بالاستمرار باستفزازها، ما يجعلها أمام خيارات الانجرار لمواجهة لا تريدها حالياً، على الأقل مع إسرائيل، أو الصمت وخسارة شعبيتها وخسارة صورتها باعتبارها محور المقاومة، أو الموافقة عبر روسيا والأوروبيين وغيرهم على ترسيم حدود العلاقة في لبنان وسورية وغيرها.
المشهد بالغ القتامة، من حيث العبث الإسرائيلي لأغراض تكتيكية، وضعف ردود الفعل العربية والدولية. أكثر ما هو قاتم في المشهد، الفشل الإقليمي والدولي، على ترتيب الملفات المختلفة، داخل دول المنطقة وفيما بينها، وهو ما يشكل الفرصة السانحة للاعتداءات الإٍسرائيلية الهادفة لمكاسب تكتيكية مختلفة، وهي اعتداءات لا تخلو من العبث الموجه لأغراض انتخابية وسياسية إسرائيلية داخلية.
3 الوافدون… جرائم بلا حدود!
محمد العوضي الراي الكويتية
انتشرت خلال فترة ما بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الأثيم منذ نحو ثلاثة عقود، جرائم متعددة الأشكال والأصناف بسبب الهزة الكبيرة في تنوع الوافدين واختلال التركيبة السكانية في بلد صغير المساحة وقليل بعدد مواطنيه.
ولعلّ من أعظم الجرائم المرتبطة بالوافدين تحديداً وأشدها ألماً وخطراً اجتماعياً، جريمة تجارة الإقامات التي ازدهرت خلال الأعوام الثلاثين الماضية، بتقصير حكومي واضح – ولن أقول بتواطؤ – وتعمد ارتكاب الجريمة من مواطنين جشعين تخلّوا عن إنسانيتهم وتحالفوا مع الشيطان لسرقة مدخرات فقراء قادهم حظهم العاثر ليكونوا ضحايا لمواطن مُجرم، أعماه الطمع والجشع عن رؤية حال أولئك البائسين الذين تفترسهم الحاجة، ويحاصر أحلامهم الجوع ويئن واقعهم من قلة ذات اليد وانعدام فرص البحث عن الرزق الحلال في بلدانهم.
يُرسل الإبليس البشري الأكبر شياطينه التي يُطلق عليها لفظ «مناديب»، ليكونوا مرسال الشيطان الذي لا يراعي ذمة ولا يوقظ سبات ضميره النصح أو التوجيه ليحتالوا على البسطاء في دول الفقر، ويوهموا ضحاياهم بأن الكويت هي جنة الأموال الموعودة، حتى بات الحصول على عدم ممانعة وتصريح عمل حلم الآلاف من الطامحين بتغيير واقعهم المر، ومحاولة تأمين مستقبل صغارهم والمساهمة في رد شيء من جميل الأبوين بتوفير حياة كريمة لهم.
وبعد أن يبيع هذا الفقير ما يملك من بقرة أو اثنتين ويبيع ذهب زوجته وأثاث بيته وقطعة أرضٍ ورثها عن أبيه لجمع مبلغ «الجزية» التي سيدفعها لمندوب تاجر الإقامات المجرم، حتى يتنفس الصعداء ويعيش أياماً يتعلق بأحلام وردية بالغنى والثراء والأيام الجميلة المقبلة والمستقبل الآمن، وما أن تطأ قدماه أرض الوطن حتى يُفاجأ أن كل الكلام المعسول مجرد أكاذيب مغلفة بوعود زائفة براقة، فيصحو على واقع مؤلم، فعقد العمل وهمي، والوظيفة الموعودة لا وجود لها، والراتب سراب، وتظلم الدنيا في عينيه، يبحث عن سبيل لاسترداد ما دفع أو جزء منه ولكن دون جدوى، يذهب للشكوى في مؤسسات الدولة فلا يستطيع أحد إنصافه، لأنه لا يملك دليلا يثبت به صحة ادعائه، وقد تكون النصيحة له بالعودة من حيث أتى، ليجد نفسه يصارع الهموم، فكيف يرجع وقد يصبح أضحوكة قريته بعدما أصبح ضحية نصب، وبأي وجه يقابل زوجته التي باع ذهبها وأمه التي أقنعها ببيع ما ورثه من أبيه، بل وكيف يعوّض ما فقده وهو الذي أصبح أسير الديون والهموم والآلام والتفكير القاتل.
يضطر للعمل بأي وظيفة لعله يسترد شيئاً مما أنفق وضاع هباءً منثوراً، ثم يعيش أياماً بلا عمل ولا كسب وقد يضطر للاستدانة مجدّداً لدفع إيجار السكن المتكدس بضحايا آخرين في منظر غير إنساني، وبغرفة لا تليق ببني البشر، أو حتى يأكل ويشرب فضلاً عن شراء الملابس وما يحتاجه للعلاج والدواء والإنفاق على أسرته المنكوبة بعائلها الذي تغرّب وتعذّب كي ينتشلها من بؤسها وفقرها، فإذا به يتحول إلى ثقل جديد يسحبها نحو قاع الفقر والحاجة.
يا مسلمون يا بشر يا (أوادم)
ارحموا الوافدين وراعوا أحوالهم وانتصروا لمظلومهم، وكفوا يد الظالم عنهم واتركوا عنكم التنظير بالوطنية الباردة، وادعاءات حب الوطن المزيّفة!
مَن يحب الكويت حقاً يُساهم في جعلها بلد عدل ورحمة وإنسانية، تأسياً بصاحب السمو أمير البلاد وقائد العمل الإنساني، لا أن يوجه سهام حقده وتعليق أخطائنا، حكومة وشعباً، على مشجب الوافدين البسطاء الذين لا يريدون منا سوى أن نُشعرهم أنهم شركاء معنا في بناء بلدنا، وليس التعامل معهم وكأنهم لصوص جاؤوا لنهب البلد وتدمير مقدراته.
المجرم الحقيقي هو تاجر الإقامات الظالم والقانون العاجز، وليس الوافد البسيط، لِنُسَمِّ الأمور بمسمياتها، ولنقف صفاً واحداً في وجه الظالم ولا نرضى أن نكون شهود زور أو شياطين خُرس بسكوتنا عن قول الحق أو تزييف الواقع.
4 شكوك في الموقف الأميركي من إيران
عبدالمحسن حمادة
الجريدة الكويتية
هناك من يشكك في جدية الموقف الأميركي من إيران، فبالرغم مما نرى ونسمع من التصريحات التي يطلقها مسؤولون إيرانيون ضد أميركا وإسرائيل أو مسؤولون من أميركا وإسرائيل ضد إيران، فإن هناك من يعتقد أن الواقع يثبت أن العلاقة بين هذه الأطراف حميمة وودية.
وهناك إعلاميون عرب ظهروا في السوشيال ميديا يؤكدون وجود سفارة إيرانية في إسرائيل، وأظهروا مبنى السفارة، لكنه كان تحت مسمى جمعية الصداقة الإيرانية الإسرائيلية، ويجتمع فيه خبراء من الجانبين يخططون لتدمير الدول العربية. ومن هؤلاء من يرى أن الحرب الدائرة في المنطقة هدفها تهجير العرب السنّة من سورية واليمن والعراق ولبنان، فالهدف النهائي تفكيك مصر والسعودية بصفتهما من أكبر الدول العربية، ويتم ذلك برعاية أميركية إسرائيلية إيرانية.
قد يكون من الصعوبة تصديق مثل تلك المزاعم حتى لو اجتهد أصحابها في تقديم الأدلة والبراهين للتأكيد على صحة تلك الآراء، وقد يكون هدف من يتبنى مثل هذه الآراء تقديم النصح لأمتهم ليأخذوا الحيطة والحذر، ويرى هؤلاء أن الثورة الإيرانية هي مشروع أميركي إسرائيلي لخلق فوضى وعدم استقرار في المنطقة وسيساهم في إضعافها.
ويروى أن الشاه قال للسادات لا تثق بالأميركيين، فهم من سلّم إيران لنظام الملالي، والخميني لم يكن في الأصل معارضا للشاه بل أصدر فتوى في كتاب له يحرم الخروج على الحاكم، واستدعاه صدام ليقيم في كربلاء وطلب منه كتابة منشورات تحرض على الثورة ضد نظام الشاه، وبعد أن تصالح صدام مع الشاه طرد الخميني فاتجه إلى فرنسا ومن هناك بدأت الدعاية الغربية بالترويج له كبديل لنظام الشاه. وبعد أن أسقط الشعب الإيراني بجميع طوائفه من علمانيين ويسار ورجال دين حكم الشاه، تمكن الخميني وحزبه من الانفراد بحكم إيران، ونكل بمعارضيه وقتل منهم الآلاف، وأقام حكما دينيا يستمد فكره من القرون الوسطى، حيث يتحكم رجال الدين في الدولة، وأبدل التاج بالعمامة، وأعلن عداءه لأميركا والصهيونية، وأنه سيحرر فلسطين ويدمر دولة إسرائيل.
وقال السادات في إحدى خطبه إن النظام الإيراني الذي ينتقدنا لمصالحة إسرائيل لاسترجاع أرضنا معظم أسلحته تأتيه من إسرائيل، وذلك كما عرف بفضيحة إيران غيت، ليثبت أن هناك تعاونا خفيا بين نطام الملالي وإسرائيل. وفي ضوء هذا المنظور يفسر البعض التردد الأميركي في مواجهة إيران خاصة بعد إسقاط الطائرة الأميركية والاعتداءات الإيرانية المتكررة على ناقلات النفط في مياه الخليج، بوجود تعاون وتفاهم أميركي إيراني خفي، ويضربون مثلا على ذلك أن العراق لما حاول صناعة قنبلة ذرية دمر المصنع بغارات إسرائيلية مباغتة، أما إيران فستترك حتى تتمكن من صناعة القنبلة الذرية.
أما عملاء إيران الذين يصفون أنفسهم بجبهة المقاومة والممانعة فيرجعون ذلك لتخوف أميركا من القوة الإيرانية القادرة على تدمير إسرائيل وإلحاق هزيمة منكرة بأميركا، وقد تكون وجهة النظر الأقرب للصحة أن أميركا دولة مؤسسات ولن تدخل حربا يذهب ضحيتها كثير من البشر لأسباب تافهة، خاصة أنها تعتقد أنها تستطيع تحقيق أهدافها بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران، فهدف أميركا عدم تمكين إيران من تصنيع السلاح النووي ووقف تدخلاتها العدائية لجيرانها وتعتقد أن هذا سيتحقق في العقوبات الاقتصادية.
5 حروب الوكالة بين إسرائيل وإيران في الساحة العراقية بشير عبد الفتاح
الحياة السعودية
أرجعت تل أبيب انتهاكها سيادة العراق أخيراً إلى ما اعتبرته إصراراً إيرانياً على تهديد أمن إسرائيل عبر جبهات شتى. فعلاوة على تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان إجهاض مخطط لـ”فيلق القدس لشن هجوم على الأراضي الإسرائيلية، ثم اعتبار مدير معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، عاموس يادلين العراق “شرياناً لوجستياً لإيران”، يسمح لها بتوريد الأسلحة والمقاتلين إلى سورية ولبنان، تتعاظم مخاوف الإسرائيليين من نجاح إيران في توسيع نفوذها الإقليمي بما يخولها فتح جبهات جديدة للمواجهة مع تل أبيب.
ولم يكن العدوان الإسرائيلي ضد العراق منتصف الشهر الجاري الأول من نوعه، إذ حدث احتكاك عسكري بين إسرائيل والعراق مرتين خلال العقود الأربعة الماضية، كان الأول في حزيران (يونيو) 1981، حين دمرت القوات الجوية الإسرائيلية مفاعل “تموز” النووي العراقي. أما الثاني، فكان إبان حرب الخليج الثانية في عام 1991، حينما أطلق الرئيس العراقي السابق صدام حسين ما بين 39 إلى 49 صاروخاً من طراز “سكود” برؤوس حربية تقليدية على إسرائيل في مسعى منه لخلط الأوراق وتحويل مسار الأحداث. علاوة على ما سبق، أفادت تقارير إسرائيلية وغربية بأن إسرائيل كانت وضعت خطة لاغتيال صدام حسين منذ العام 1992، لكن تلك الخطة ألغيت بعد حادث أودى بأفراد المجموعة التي كان يفترض أنها ستنفذها.
وقبل بضعة أشهر، وضع وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان العراق في مرمى النيران الإسرائيلية، عندما ألمح إلى أن قوات بلاده قد تهاجم قِطعاً عسكرية يشتبه في أنها إيرانية داخل العراق، على غرار ما فعلت من قبل فى سورية بشن آلاف الضربات الجوية هناك منذ العام 2013، مؤكداً أن إسرائيل تحتفظ بحرية التصرف كاملة وفي أي مكان لمنع إيران من توسيع حضورها الإقليمي.
وفي منتصف الشهر الجاري، وعلى رغم ادعاء دوائر إسرائيلية وجود اتصالات سرية مع العراق تتضمن تبادل زيارات بين وفود إعلامية وبرلمانية، استهدفت إسرائيل مستودعاً للذخيرة في قاعدة “الصقر” العسكرية جنوب بغداد، والتي تعد معقلاً لـ “معسكر الشهداء” أو اللواء 16 التابع لميليشيات “الحشد الشعبي”، المكونة أساساً مِن تشكيلات شيعية.
وكشف المحلل السياسي والعسكري الإسرائيلي باباك تغافي، عن قيام بلاده بقصف معسكر لـ “الحشد” في محافظة صلاح الدين، مشيراً إلى أن الغارة نفَّذتها طائرات “اف 35″، وأسفرت عن مقتل ستة من “حرس الثورة” وأعضاء من “حزب الله” العراقي وتدمير صواريخ باليستية من طراز “فاتح -110”.
وربط موقع “واللا” الإسرائيلي بين ما أورده موقع أجنبي متخصص في رصد حركة الطائرات الحربية من أن الهجوم نُفِذ بطائرة مقاتلة من طراز “إف 35” إسرائيليّة، وبين تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو أثناء استقبال طياري مقاتلات “إف 35 “في قاعدة “نيفاطيم” العسكرية الإسرائيلية عقب تنفيذ العملية.
بيد أن ما يسترعى الانتباه في أمر العدوان الإسرائيلي على أهداف إيرانية داخل العراق، أنه وقع على رغم محاولة طهران طمأنة تل أبيب بعد تهديدات نتانياهو باستهداف تحركات عسكرية إيرانية في العراق، من خلال تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي مطلع آب (أغسطس) 2018، الذي أعلن أن إيران يمكن أن تخفض أو تنهي وجودها العسكري “الاستشاري” في سورية في حال شعرت باستقرار نسبي هناك، أو تراءى لها الانتهاء من مهمة “القضاء على الإرهاب”، لاسيما وأن انتقال الحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران إلى العراق بعد سورية من شأنه أن يرفع الكلفة الاستراتيجية للعلاقة بين طهران وكل من دمشق وبغداد.
ولما كانت الانتهاكات الإسرائيلية للأجواء السورية بغية تنفيذ عمليات ضد أهداف إيرانية وسورية تتم بناء على تفاهمات عسكرية وتنسيق استراتيجي مع موسكو وواشنطن، فلن يتسنى لإسرائيل القيام بعمليات عسكرية مماثلة داخل العراق بغير تنسيق استراتيجي مسبق مع الولايات المتحدة، التي تربطها بالعراق اتفاقات تعاون أمني وعسكري، فيما تشرف القيادة العسكرية المركزية في واشنطن على العمليات العسكرية الأميركية في العراق. وبينما لم تكن واشنطن ترحب في ما مضى بإقدام إسرائيل على أي عمل عسكري داخل العراق، لم تتردد إدارة ترامب، في اعتبار قيام إيران بنقل صواريخ باليستية إلى العراق انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية ولقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015.
وبينما هددت تل أبيب، قبل أشهر، على لسان وزير دفاعها بشن عمليات ضد أهداف إيرانية داخل العراق، امتنعت القيادة العسكرية المركزية في واشنطن عن إصدار أي تعليق، فيما لم يتورع ترامب عن غض الطرف عن العدوان الإسرائيلي على محافظة صلاح الدين العراقية، في وقت سابق من الشهر الجاري.
من شأن هذه الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة عدد من الدول العربية أن تبرز الحاجة إلى بلورة نظام أمني عربي، يحد من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، مثلما يسد الطريق أمام أية خروقات إسرائيلية تنال من أمن تلك الدول وسيادتها.
6 «الحشد الشعبي» وأزمة السيادة العراقية
د. حسن أبو طالب الشرق الاوسط
لا يخلو التسريب الأميركي شبه الرسمي لصحيفة «نيويورك تايمز» المنشور 22 أغسطس (آب) الجاري، والذي يؤكد أن إسرائيل هي من قامت بالغارات ضد بعض مقار «الحشد الشعبي» في العراق، 21 يونيو (حزيران) الماضي، و20 أغسطس الجاري، لا يخلو من رسائل مباشرة للحكومة العراقية، أبرزها أن واشنطن ليست راضية عن الطريقة التي تتعامل بها حكومة المهدي مع منظمات «الحشد الشعبي» ذات الولاء المباشر لإيران، وترفض أن تدعم هذه المنظمات جماعات أخرى موالية لإيران في سوريا أو لبنان، وتسهيل وصول إمدادات السلاح الإيراني إليها. وثالثاً أن واشنطن لن تمنع أي عمليات عسكرية أو غير عسكرية يقوم بها أي طرف إقليمي – إسرائيل في هذه الحالة – لوضع حد لتمدد الأذرع الإيرانية إقليمياً.
الرسائل على هذا النحو ممتدة أيضاً إلى إيران وحلفائها من التنظيمات التي تعمل في أراضي دول مختلفة، بعيداً عن سيطرة حكوماتها، أبرزها أن الاستراتيجية الأميركية لتقليم أظافر طهران الإقليمية لن تتوقف، وصولاً إلى تحقيق أهدافها المعلنة لمحاصرة النفوذ الإقليمي الإيراني سياسياً وعسكرياً ومذهبياً، وأن واشنطن لا تمانع من التنسيق مع أي طرف لديه القدرة على القيام بأي عمل كان، يستهدف الأذرع الإيرانية في أي مكان.
بالطبع التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في هذا المجال ليس محل نقاش أو مراجعة، لا سيما أن مواجهة النفوذ الإيراني بالنسبة لتل أبيب يمثل الأولوية الاستراتيجية رقم واحد، وكلما كانت هذه المواجهة تتم برضاء أميركي ضمني في العراق، أو برضاء روسي ضمني، ولكنه شبه معلن كما في سوريا، فمن غير المتصور أن تتقاعس تل أبيب عن القيام بما تراه ضرورياً وملزماً لضمان أمنها. وهو ما أعلنه صراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في تعليقه غير المباشر على الهجمات «المجهولة» التي تعرض لها معسكر لـ«الحشد الشعبي» العراقي جنوب بغداد. وهو التعليق الذي أكد أن إسرائيل لها يد مباشرة فيما حدث، وأن الموقف الإسرائيلي الجديد هو اتساع مسرح العمليات التي ستشهد مثل هذه العمليات.
كل هذه الرسائل مجتمعة تمثل معضلة مباشرة للعراق، ولحكومة عادل عبد المهدي ولتنظيمات «الحشد الشعبي»، سواء خضعت تماماً لسيطرة القيادة العليا للقوات المسلحة العراقية، ممثلة في رئيس الوزراء وفقاً للقرار الصادر في الأول من يوليو (تموز) الماضي، أم ظلت على استقلاليتها الفعلية رغم انضوائها شكلياً تحت رئاسة الوزراء.
والحقيقة أن قرار ضم عناصر «الحشد الشعبي» يمثل إشكالية للجيش العراقي ولمفاهيم الانضباط والولاء للوطن، وليس الولاء لخارجه أو لجهة سياسية في الداخل أو لأشخاص ذوي نفوذ أو لمرجعيات دينية، وهي الولاءات التي بنيت عليها منظمات «الحشد الشعبي» منذ ظهورها للحياة في 2014، تطبيقاً لفتوى المرجع الديني الشيعي السيستاني، والمعروفة بفتوى «الجهاد الكفائي» لمواجهة انتصارات «داعش» آنذاك.
وينص قرار عبد المهدي على دمج تنظيمات «الحشد الشعبي» في الجيش العراقي، على أن يحتفظ كلٌّ بهيكليته، ولكن بعد فصم العلاقة مع الأحزاب والمنظمات السياسية الأم، وأن تخضع للقرارات والتعليمات التي يخضع لها الجيش العراقي، ولكنها تظل مجتمعة كقطاع عسكري خاص له رئيسه المباشر. وهي صيغة تعني عملياً وجود هيكلية خاصة بـ«الحشد» وأخرى خاصة بالجيش العراقي. وتبدو وكأنها استنساخ لحالة إيران، التي لديها «الحرس الثوري» والجيش الإيراني، ولكل منهما قيادته الخاصة واستقلاليته المهنية ووظائفه ومهامه، وكلاهما يخضع للسيطرة المباشرة للمرشد الأعلى. وربما من هذا التشابه ترى واشنطن، وهي المسؤولة رقم واحد عن تدريب وتجهيز الجيش العراقي، وفقاً لما تنص عليه اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الأميركية العراقية لعام 2008، أن اندماج منظمات «الحشد الشعبي» في الجيش العراقي وفقاً لتلك المنظومة، من شأنه أن يسمح بامتداد تأثيرات «الحشد» الولائية الإيرانية على الهيكلية الكلية للجيش العراقي. وكثير من الشخصيات العراقية، سنية وشيعية، وبعضها ذو خلفية عسكرية، حذرت من هذا المآل، رغم أنها لا تتوافق مع مضمون السياسة الأميركية تجاه العراق.
المدافعون عن الصيغة التي قررها عادل عبد المهدي لدمج «الحشد الشعبي» يرون أنها البديل الوحيد المتاح، وأنها تراعي حجم النفوذ الكبير الذي تحظى به هذه التنظيمات، وخصوصاً بعض قياداتها في المجال السياسي والعسكري والاقتصادي، وهي صيغة ضرورة تراعي أيضاً دور إيران في الشأن العراقي، فضلاً عن صعوبة – إن لم تكن استحالة – إنهاء دور تلك التنظيمات، أو تحولها تماماً إلى منظمات سياسية وفقاً للضوابط القانونية، رغم أن هناك قيادات بارزة من الشيعة تطالب بهذا المصير، حماية للعراق وتماسكه المجتمعي واستقلاليته السياسية، كالسيد مقتدى الصدر.
في ظل هذه الإشكاليات السياسية والقانونية والعملية، اتخذت حكومة العراق عدة مسارات، أبرزها إنشاء لجان للتحقيق في طبيعة الهجمات التي طالت معسكرات ومواقع «الحشد الشعبي»، ولتحديد الجهة الفاعلة، خارجية أم داخلية. والأمر ما زال رهن التحقيق، وقد لا تصل إلى نتائج محددة، أو تصل إلى نتائج ويصعب نشرها. بينما مصادر رفيعة المستوى في «الحشد الشعبي» انتهت إلى قناعة بأن الهجمات جاءت من الخارج، وأن الولايات المتحدة على علم بالجهة الفاعلة. المسار الثاني تمثل في عدة قرارات أبرزها خروج المقار العسكرية التابعة لـ«الحشد» من قلب المدن إلى مناطق مفتوحة، وتطوير القدرات الدفاعية العراقية.
المسار الثالث، وهو الأهم والأكثر إشكالية معاً، هو دعوة الولايات المتحدة لتطبيق اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والمقصود تطبيق تلك الفقرة الخاصة بالمخاطر الأمنية، وهي في حد ذاتها تحمل كثيراً من التناقض. فعند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق، أو وقوع عدوان عليه من شأنه انتهاك سيادته أو استقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو تهديد نظامه الديمقراطي، يقوم الطرفان بناء على طلب حكومة العراق بالشروع فوراً في مداولات استراتيجية، وفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما. وتتخذ الولايات المتحدة الإجراءات المناسبة التي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية، أو أي إجراءات أخرى للتعامل مع مثل هذا التهديد. والواضح أن المسألة محصورة في بدء مشاورات قد يُتفق خلالها على خطوات معينة، تقوم بها الولايات المتحدة لضمان أمن واستقلال العراق. وبالقطع فإن المشاورات لا تعني إلزام الولايات المتحدة بإجراءات بعينها. وإذا وضعنا في الحسبان التسريب المُشار إليه صدر هذا المقال، فالمتصور أن الأمر لا يخرج عن كونه رسالة تهدئة للداخل، وأخرى لواشنطن، بأن تضبط حركة حليفها الإقليمي، وهو الأمر المستبعد كلياً، ما يجسد إشكالية كبرى للعراق كله.
7 العراق… فرصة للملمة الدولة مصطفى فحص الشرق الاوسط
تمر العملية السياسية العراقية بمنعطف هو الأخطر على المستوى الوطني، يضع شرعيتها وسيادتها على المحك، ويفتح باب الجدل واسعاً حول مصير نظام 2003، حيث تشهد الساحة العراقية تطورات سياسية وعسكرية متسارعة وبعضها مُتسرِّعة، قد تأخذ العراق إلى مرحلة فوضى طويلة الأمد تتسبب في القضاء على ما تبقى من دولة ومؤسسات…
ففي أزمة «الحشد» والطائرات المُسيّرة «مجهولة الهوية» حتى انتهاء التحقيقات الرسمية، لم يعد ممكناً إخفاء صعوبة التعايش بين منطق الدولة والجماعات المسلحة ما دون الدولة، فقد أظهرت الحكومة العراقية الضعيفة حرصها على استقلالية قرارها وتقديرها للمصلحة الوطنية وتحديد الخيارات الاستراتيجية المتصلة بموقع العراق الإقليمي والدولي، حيث يُصرُّ رئيس الوزراء العراقي الدكتور عادل عبد المهدي على التعامل مع الأزمة الأخيرة بمبدأ سيادة الدولة على قرارها بعيداً عن الضغوط الخارجية، وهو يُدرك أن الضغوط لفكّ الارتباط بين هذه الجماعات وأطراف مجاورة للعراق ستؤدي حتماً إلى تفكيك حكومته.
ولذلك؛ فإن الضرورة الوطنية في هذه الأزمة تستدعي مراعاة شروط العراق الجغرافية والديموغرافية التي تفرض الانتباه الدائم للمصالح الإيرانية؛ ولكن ليس على حساب مصالح العراق الوطنية، إلا إن عبد المهدي، الذي يُعدّ واحداً من أبرز الوجوه الثقافية في الطبقة السياسية العراقية، يَعلم جيداً أن قوة الولايات المتحدة وهيمنتها العسكرية والاقتصادية تجعلانها دولة محاذية جغرافياً لكل دول العالم. لذلك؛ فإن الحكومة العراقية مجبرة أيضاً على التعامل مع وقائع جغرافية متعددة؛ واحدة قريبة تعيش عقدة الهيمنة التاريخية، وأخرى بعيدة تملك ما يكفيها من أذرع ووسائل تجعلها حاضرة في مفاصل الدولة وقراراتها، لذلك تلجأ إلى سياسة الاحتواء تجنباً لاحتمال الاشتباك السياسي وحتى العسكري في حال أصرَّ بعض أطراف «الحشد» على موقفه في اتهام واشنطن وتل أبيب بالوقوف وراء عمليات القصف لمراكز «الحشد» ومخازنه واغتيال قادته، والدعوة إلى ضرب مصالح الولايات المتحدة في العراق بوصفها أهدافاً معادية، وهذا ما أثار جدلاً واسعاً بين النخب السياسية وصُنّاع الرأي العام العراقي الذين أجمعوا على رفض تحويل العراق إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية، وقد عزز هذا الموقف بيان الرئاسات العراقية الثلاث (الجمهورية – البرلمان – الحكومة) إضافة إلى تغريدة كتبها زعيم التيار الصدري يرفض فيها الانجرار وراء سياسة المحاور، وتحويل العراق إلى ساحة حرب.
وقد كشف موقع «جنوبية» اللبناني المختص في الشؤون الشيعية عن مباحثات أجراها مدير مكتب عبد المهدي ومستشاره للأمن القومي، في طهران منذ يومين، أبلغا فيها القيادة الإيرانية في طهران بأنّ «أي تهديد للمصالح الأميركية في العراق، سيتسبب في ضرر كبير للعملية السياسية ولعمل الحكومة، التي ستتحرك من أجل الحفاظ على مصالحها، لا سيما أنَّ في العراق ضغطاً شعبياً كبيراً رافضاً لمواقف (الحشد) التي تهدد ما تبقى من استقرار ينعم به العراق».
يُصرُّ عبد المهدي على حصر السلاح بيد الدولة، وحصر عمل «الحشد» في مكافحة الإرهاب داخل العراق فقط، وعدم التورط في صراعات عقائدية عابرة للحدود، وعدم إدخال العراق في سياسات المحاور، وهو يكسب معركته الآن بالنقاط مستفيداً من التباينات داخل «الحشد» التي كشفت عن عدم تماسكه وانقسامه إلى «حشدين» بعد الصراع الذي خرج إلى العلن بين رئيسه الأكثر براغماتية فالح الفياض، ونائب الرئيس المعروف بـ«أبو مهدي المهندس»؛ الشخصية العقائدية المتشددة. وفي هذا الصدد يقول الباحث في الأنثروبولوجيا السياسية الدكتور هشام داود عن الانعكاسات السلبية لانقسامات «الحشد الشعبي» إن «هناك وعياً جديداً يقول إن (الحشد الشعبي) قد يكون أداة مهمة للحفاظ على الأمن الوطني، ولكن هذه المرة تحت إشراف صارم من قبل الدولة، عدا ذلك ربما يتحول (الحشد) إلى خطر، ليس على نفسه (بفعل انقساماته وتعدد ولاءاته) فقط؛ بل على الأمن المجتمعي أيضاً، إذا ما بقي خارج شرعية الدولة أو بموازاتها».
وعليه؛ فإن طهران المرتبكة على مدى مساحة انتشارها الإقليمي تواجه عجزاً فعلياً في إعادة تطويع البيئة الشيعية العراقية، نتيجة رفضها قراءة المتغيرات الاجتماعية العراقية خصوصاً الشيعية التي أعادت تعريف هويتها الوطنية، وقامت بترتيب أولوياتها وانتماءاتها بعيداً عن الحساسيات المذهبية التي كانت تستخدمها طهران لسنوات أداةً لزج العراقيين في مشاريعها الخارجية، فسوء التعاطي الإيراني مع العراق أدى إلى تكوين رأي عام عراقي رافض لهذه الهيمنة، وإلى احتقان في الشارع تصعب السيطرة عليه ولا يتردد في مواجهتها أو مواجهة من يمثّلها أو يتبعها.
8 سياسة أم كلمات متقاطعة؟
داود الفرحان
الشرق الاوسط
أمر جميل أن تكون الكلمات المتقاطعة من بين هوايات الزعيم أو الرئيس أو السياسي إلى جانب هوايته المفضلة في تقديم الوعود للمواطنين بلا تنفيذ. وأجمل من ذلك أن يستعين بزعيم أو رئيس أو سياسي آخر من داخل حدود بلده أو خارجها لحل كلمة مستعصية. فما المانع أن يتصل الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب هاتفياً بالرئيس الإيراني حسن روحاني ليعرف منه ما هو اسم عاصمة إيران؟ أو يتصل الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون بالرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ليسأله عن اسم ممثلة فرنسية معتزلة من 11 حرفاً أولها «باء».
يعشق ملايين في أنحاء العالم هواية حل الكلمات المتقاطعة، لأنها تنشط الذاكرة وتضيف للمرء معلومات جديدة في التاريخ والجغرافيا والآداب والفنون والعلوم والرياضة والسياسة والاقتصاد. وازدادت أهمية هذه اللعبة مع تأكيد الأطباء أنها تساعد المخ في مواجهة انقراضه التدريجي كلما تقدم الإنسان في السن، فهي تساعد في مواجهة فقدان الذاكرة «الزهايمر»، وربما تمنعه أو على الأقل تخفف ثأثيره.
ومنذ سنوات حدث تطور مهم في هذه اللعبة، إذ دخلت مجال التخصص؛ فالصحف الاقتصادية تنشر كلمات متقاطعة متخصصة في القضايا الاقتصادية والتجارية، والصحف الرياضية تنشر كلمات متقاطعة عن الألعاب واللاعبين والمسابقات، بينما تخصص المجلات الفنية كلماتها المتقاطعة لمعلومات عامة عن السينما والموسيقى والمسرح. حتى الصحف والمجلات الساخرة دخلت على الخط فابتدعت كلمات متقاطعة ساخرة. إلا أن هذا النوع الأخير من الشبكات ليس محصوراً في المجلات الساخرة، فقد دخلت على الخط صحيفة «نيويورك تايمز» وبدأت في عام 2007 تنشر شبكة كلمات متقاطعة ساخرة. إلا أن الخبر الأهم هو أن مُعدّها لم يكن بيل شورتز أشهر من يكتب الكلمات المتقاطعة الجادة، لكنه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون! وقدمت الصحيفة لهذه الكلمات في حينه بسطرين كتبهما بيل شورتز قال فيهما: «إن مفاتيح الحل في هذه الشبكة من الكلمات المتقاطعة فيها من التورية اللفظية أكثر مما في الشبكات العادية. ونحن نحذرك!». أمر عادي أن يمضي الرئيس السابق كلينتون بعض أوقات فراغه في حل الكلمات المتقاطعة، ولكنه أمر استثنائي أن يعدّ بنفسه شبكات طريفة وساخرة تنشر في أهم وأكبر صحيفة أميركية؛ مما دعا المذيعة التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري لعرض حلقة خاصة عن كلمات كلينتون المتقاطعة، اتسمت بالترفيه والتفاعل.
ومعروف عن كلينتون أنه يهوى حل الكلمات المتقاطعة منذ أن كان رئيساً للولايات المتحدة، حيث كان يمارسها في البيت الأبيض كلما فكر بقصف العراق قبل أن يتورط في فضيحة مونيكا. ومن المؤكد أن هناك رؤساء وزعماء آخرين في العالم يمارسون هذه الهواية، أقصد الكلمات المتقاطعة، وبين هؤلاء الملكة البريطانية إليزابيث الثانية وزوجها دوق أدنبرة اللذان وجدا في هذه اللعبة قتلاً لوقت فراغهما الطويل. وأشهر رئيس عربي في حل ألغاز هذه اللعبة كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
من المعلومات التي نشرتها الصحف عن هذه اللعبة أنها استخدمت لنقل معلومات سرية خلال الحرب العالمية الثانية. ووزعت وزارة الدفاع الأميركية على جنودها خلال تلك الحرب كتيبات كلمات متقاطعة لرفع معنوياتهم في أوقات الهدنة والاسترخاء. وتصل إلى الجنود الأميركيين في العراق أو أي مكان آخر بانتظام صحف ومجلات تتضمن في صفحاتها شبكات للكلمات المتقاطعة يتسلون بحلها كلما نشرت الصحف تغريدة للرئيس ترمب يهدد فيها إيران بالحرب. وقد يسر الإنترنت المهمة مؤخراً بتصميم تطبيقات لشبكات الكلمات المتقاطعة تجدها الآن على هاتفك الجوال.
نعود إلى التاريخ قليلاً: يعتبر الصحافي البريطاني آرثر وين هو «مخترع» الكلمات المتقاطعة، وأول من أدخلها إلى الصحافة حين نشر أول شبكة في ديسمبر (كانون الأول) 1913 في صحيفة «نيويورك وورلد». وفي بداية نشر اللُعبة قللت الصحف المنافسة من أهميتها وتأثيرها، واعتبرتها مضيعة وقت وغير ثقافية، ورفضت نشرها، حيث اعتبرت «نيوريوك تايمز» الكلمات المتقاطعة أمراً تافهاً وعابراً. كما أطلقت «التايمز» البريطانية عليها صفة «الجنون المؤقت»، زاعمة أن هذا «الجنون» لا يخدم هدفاً مفيداً على الإطلاق، وأنه ظاهرة وصيحة مؤقتة ستنتهي قريباً.
وفي عام 1925 عُرضت على مسرح برودواي الأميركي الشهير مسرحية هزليّة ساخرة ظهر في أحد فصولها هواة الكلمات المتقاطعة مرضى في مصحّة! وفي نفس العام بدأت قطارات الركاب الأميركية بوضع قواميس مجانية في جميع العربات لتسهيل حل المربعات، ثم أصبحت تبيع هذه الخدمة.
عربياً، دخلت الكلمات المتقاطعة إلى صحافتنا في النصف الثاني من القرن العشرين. وكانت مجلة «الشبكة» الفنية التي تصدرها دار الصياد أول مجلة عربية تخصص صفحة كاملة أو أكثر لأكبر شبكة كلمات متقاطعة أسبوعية. لكنها كانت تهتم بالمعلومات الفنية مثل الأغاني والأفلام والمسرحيات ونجوم الفن. وبدأت بعد ذلك الصحف اللبنانية اليومية بنشر المربعات العامة. تلتها الصحافة المصرية والخليجية. لكن السياسة لم تستطع فرض نفسها على الكلمات المتقاطعة لسببين: أولهما أن أكثر المهتمين بحل هذه الكلمات قراء لا علاقة لهم بالسياسة وسياسيين ملّوا من السياسة، وثانيهما أن تصريحات السياسيين من نوع ندد وشجب وأدان وأعرب عن قلقه والضوء في آخر النفق والخط الأحمر وعنق الزجاجة والضرب بيد من حديد وفي الحقيقة والواقع والصمود والتصدي وأذناب الاستعمار وفلول النظام، صارت أسطوانة قديمة ومشروخة ولا أحد يشتريها بفلس واحد. أما تغريدات ترمب فهي كلمات متقاطعة بحد ذاتها تفسرها البلابل كما تشاء. لكن الصحافة العراقية ابتدعت مؤخراً شبكة جديدة غير الكلمات المتقاطعة اسمها «شبكة التصريحات المتقاطعة».
بعد هذه «الدردشة» من المفيد أن نتسلى بهذا النموذج:
اسم سفينة إيرانية احتجزتها بريطانيا. اسم سفينة بريطانية احتجزتها إيران. اسم سفينة إيرانية أطلقتها بريطانيا. اسم سفينة بريطانية ستطلقها إيران. اسم الحرب التي سيشنها ترمب، إذا شنها، على إيران. للعلم: «أم المعارك» هي التي خاضها العراق و«أم الحروب» هي التي تهدد بها إيران الولايات المتحدة و«أم علي» من ألذ الحلويات المصرية.
حين أراد الصحافي الفلسطيني توفيق الحاج وصف ما يحدث في عالم السياسة اليوم قال: «نحن في زمن الكلمات المتقاطعة».
9 العراق أمام تحدّي مواجهة الاعتداءات الصهيونية
وفرض سحب القوات الأميركية
حسن حردان النبأ اللبنانية
الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على قواعد قوات فصائل المقاومة العراقية… الحشد الشعبي… بغطاء وتسهيل من القوات الأميركية وتصدي قوات الحشد الشعبي لطائرة صهيونية مسيّرة… ومن ثم تطوّر هذه الاعتداءات باستهداف قيادات من الحشد الشعبي… كشفت حقيقية أهداف الولايات المتحدة الأميركية التي عادت وأرسلت قوات عسكرية إلى العراق، بعد هزيمتها وهروبها منه عام 2011، بذريعة مساعدة العراق على مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، الذي صنعته ليشكل حصان طروادة أميركي للثأر من فصائل المقاومة العراقية التي كانت وراء هزيمتها، والعمل على إعادة إخضاع العراق بالتوازي مع حربها الإرهابية في سورية بهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية المقاومة وصولاً إلى محاصرة المقاومة في لبنان وقطاع غزة والعمل على القضاء عليها ليسهل بعد ذلك عزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخنقها واستطراداً العمل على إسقاط نظامها الثوري التحرري…
هذه الاعتداءات المتصاعدة تأتي بعد أن نجحت قوات الحشد الشعبي في القضاء على تنظيم داعش وإحباط المخطط الأميركي وشعور واشنطن وتل أبيب أنهما عشية هزيمة جديدة في العراق… الذي أصبح توازن القوى فيه لمصلحة فصائل الحشد الشعبي والقوى الوطنية الرافضة لاستمرار وجود القوات الأميركية التي ليس لها من مبرّر للبقاء بل انّ وجودها بات عامل تخريب للاستقرار وحياكة المؤامرات والفتن بين العراقيين والتحريض على فصائل الحشد الشعبي… وهي تستند في ذلك إلى بعض الأدوات التي زرعتها داخل مؤسسات الدولة العراقية العسكرية والأمنية وكذلك بالاستناد إلى بعض القوى والشخصيات التي نمت وترعرعت خلال الاحتلال الأميركي للعراق بين 2003 و2011…
لماذا تدخل إسرائيل مباشرة على خط الاعتداء على العراق؟ وما هو السبيل لاستعادة سيادة العراق المنتهكة أميركياً وصهيونياً؟
من دون شك أنّ إسرائيل تنظر بقلق بالغ لتطورات الوضع في العراق بعد نجاحه بهزيمة تنظيم داعش الإرهابي وبالتالي فشل الخطة الأميركية الإسرائيلية لمنع العراق من السير في طريق التحرّر من التبعية للولايات المتحدة وبالتالي تحوّله ليصبح جزءاً من محور المقاومة الذي أصبح جبهة موحدة توفر الدعم القوي لحركات المقاومة الفلسطينية في صراعها المستمرّ مع كيان الاحتلال الصهيوني… وبالتالي إحباط المخططات الهادفة إلى تصفية قضية فلسطين عبر صفقة القرن التي ولدت ميتة وباتت إمكانية تنفيذها مستحيلة نتيجة انتصارات محور المقاومة… من هنا فإنّ حكومة العدو الصهيوني تشعر بأنّ العراق إذا ما تحرّر بالكامل من السيطرة الأميركية سيصبح قوة كبيرة ومهمة إلى جانب سورية وإيران ما يعني توجيه ضربة قاصمة لأهداف الغزو الأميركي الغربي للعراق الذي كانت إسرائيل تقف وراء التشجيع عليه في سياق مخططها لتحويل العراق إلى قاعدة أميركية إسرائيلية لإخضاع سورية وعزل إيران… لهذا كله بدأت تل أبيب وبالتنسيق مع واشنطن تنفيذ خطة سياسية أمنية وعسكرية تستهدف شيطنة الحشد الشعبي وتصويره على أنه قوة إيرانية وليست عراقية… على غرار الحملة التي استهدفت المقاومة في لبنان… وطبعاً هدف هذه الخطة ضرب القوة العسكرية للحشد الشعبي عبر عمليات أمنية وهجمات الطائرات المسيّرة التي تتلقى التسهيلات والمعلومات الأمنية عن مواقع الحشد وقيادته من الاستخبارات الأميركية التي باتت متغلغلة في العراق من خلال السفارة الأميركية التي تملك جيشاً أمنياً وكذلك من خلال القواعد العسكرية التي جرى إقامتها بحجة محاربة داعش… كما تستهدف هذه الخطة الأميركية الإسرائيلية تعزيز القوى والفاعليات العراقية التي ترتكز إلى الدعم الأميركي لمحاصرة تنامي النفوذ السياسي للحشد الشعبي بعد أن لعب دوراً رئيسياً في إلحاق الهزيمة بداعش… وطبعاً واشنطن لا تريد أن تظهر في الصورة حتى تتجنّب نقمة العراقيين ضدّها ولهذه اتفقت مع تل أبيب على أن تتولى الأخيرة تنفيذ الاعتداءات على الحشد الشعبي… وهي سارعت إلى نفي علاقتها بذلك بعد اتهام الحشد القوات الأميركية بتسهيل دخول الطائرات الصهيونية المسيّرة وتمكينها من تنفيذ اعتداءاتها…
انطلاقاً من ذلك فإنّ مواجهة هذه الحرب الأميركية الصهيونية على العراق وتحديداً على قوى المقاومة الممثلة بالحشد الشعبي إنما تستدعي خطة مقابلة سياسية وإعلامية وأمنية وعسكرية:
1 ـ سياسياً… توحيد جهود وطاقات كلّ القوى الوطنية الرافضة للهيمنة الأميركية والتي تقف ضدّ العدو الصهيوني وتنصر قضية فلسطين وتعتبرها قضيتها المركزية… وبالتالي تشكيل جبهة وطنية تضع برنامجاً لمواجهة الاعتداءات الصهيونية والردّ عليها ومنع العدو الصهيوني من التمادي في هذه الاعتداءات والعمل على كشف وفضح القوى التي تبرّرها او تقف ضدّ الردّ عليها تحت ذرائع وحجج واهية غايتها جعل العراق مستباحاً لإضعاف مناعته وإعادة إخضاعه للهيمنة الأميركية الصهيونية…
2 ـ إعلامياً: تنظيم حملة إعلامية واسعة لتعبئة الرأي العام حول أهداف الاعتداءات الصهيونية المنسقة مع القوات الأميركية في العراق وكشف الوثائق والاتصالات التي تثبت ذلك وكذلك دور بعض العناصر العراقية الأمنية والعسكرية في التآمر على سيادة واستقلال وأمن العراق والعراقيين…
3 ـ أمنياً: العمل على مواجهة التغلغل الأمني الخطير للاستخبارات الأميركية وكذلك الاختراقات التي أحدثتها في داخل العراق ومؤسسات الدولة لتنفيذ مخططاتها التخريبية والنيل من فصائل الحشد الشعبي…
4 ـ عسكرياً: العمل على خلق موازين قوى تفرض نزع الشرعية عن وجود القوات الأميركية في العراق وإجبارها على الانسحاب، أو مواجهة مقاومة عراقية تجبرها على الرحيل على غرار ما حصل عام 2011، وبالتالي إلغاء الاتفاقية الأمنية الأميركية العراقية التي تشكل تشريعاً للتدخل الأميركي في شؤون العراق والقيام بعمليات تخريبية ضدّ قواه الوطنية المقاومة الرافضة للهيمنة الأميركية… على أنه يجب أن يأخذ بالاعتبار انّ واشنطن لم تعد إلى العراق كي تنسحب منه… وانه قد يكون من الضروري ان يقترن الضغط السياسي لرفع الغطاء عن وجود هذه القوات مع عودة عمليات المقاومة العراقية لجعل استمرار بقائها مكلفاً لواشنطن وبالتالي دفعها إلى تسريع رحيلها عن العراق… فالعراق لن ينعم بالسيادة والاستقلال الحقيقي والأمن والاستقرار وصولاً إلى إعادة بناء اقتصاد تنموي مستقلّ… ما لم يتحرّر من احتلال القوات الأميركية الذي يستتر وجودها على الأرض العراقية بموافقة الحكومة العراقية….
10 التوجهات الاستراتيجية الأميركية في العراق… مخاطر وتحديات
أمجد إسماعيل الآغا النبأ اللبنانية
تنطلق التوجهات الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، من بعدين أساسيين يتمّ من خلالهما دراسة التحوّلات البنيوية والجوهرية الحاصلة في المنطقة، فـ التحليل الأميركي يرتكز ضمن مسارين، أحدهما التحوّلات الأساسية والتي يمكن من خلالها دراسة الفواعل والظواهر السياسية المستجدة في المنطقة، لكن مجمل هذه التحوّلات لا تشكل خطراً استراتيجياً على التوجهات الأميركية حيال عديد الملفات الإقليمية، لأنها تأتي في السياق الطبيعي لجوهر العلاقات الإقليمية والدولية، بينما المسار الآخر والذي يعدّ في جزئياته مهدّداً مباشراً للاستراتيجية الأميركية، فهي التحوّلات الجذرية في منطقة الشرق الأوسط ، هذه التحوّلات تشكل عاملاً مؤثراً في بنية النظامين الإقليمي والدولي، إضافة إلى التحوّلات على مستوى الأحادية القطبية أو تعدّدية الأقطاب، وهذا ما يشكل عامل ضغط على واشنطن لجهة توجهاتها الجيو استراتيجية في المنطقة، وعليه فإنّ الأحداث السورية العراقية التي وسمت مشهد المنطقة لسنوات طويلة، تندرج ضمن التحوّلات الأساسية في المنطقة، لأنها أفرزت مجموعة من المعادلات والإصطفافات التي لا تشكل خطراً على السياسية الأميركية، لكن التحوّلات الجذرية التي رافقت مسار التطورات في سورة والعراق، مدعاة قلق أميركي متنام، فالانكسارات والخيبات التي مُنيت بها واشنطن سواء على صعيد تحالفاتها الإقليمية، أو على صعيد حروبها بالوكالة واعتمادها على أدوات إقليمية محلية، شكل عامل ضغط لجهة تبديل الاستراتيجيات في المنطقة، فالملف لسوري وتداعياته لجهة انتصار دمشق سياسياً وعسكرياً، فرض على واشنطن نمطاً جديداً في توظيف استراتيجيتها في الإقليم، لا سيما عبر استهداف أركان محور المقاومة، تحديداً العراق.
على الرغم من النجاح الأميركي العسكري في العراق إبان احتلاله عام 2003، ومحاولات نزعه من محيطه العربي الإقليمي، إلا أنّ العراق بحسب الرؤى الأميركية يمكن أن يعيد بناء قدراته سياسياً وعسكرياً، الأمر الذي يعدّ خطراً على مصالح واشنطن في أهمّ مجال حيوي لها، نظراً لما يتمتع به العراق من مقومات جيوبولتيكية يمكن أن تعيد به للظهور بقوة من جديد، في ظلّ نظام سياسي يكنّ العداء للولايات لمتحدة والغرب عموماً، من هنا يعدّ منع العراق من الظهور كقوة اقليمية كبرى على المسرح الإقليمي والدولي أولوية استراتيجية أميركية، وتطبيقاً لـ مضمون استراتيجية التخطيط الدفاعي لواشنطن، ولعلّ من أهمّ منظري الاستراتيجيات الأميركية مارتن انديك مستشار الأمن القومي عام 1993 ، الذي يرى بأنّ الخطر على مصالح أميركا في الخليج يأتي من دولتين هما العراق وإيران، وحدّد طريقتين لإبعاد الخطر عن التوجهات الاستراتيجية لأميركا في المنطقة، وذلك عبر تعديل سياسيات كلّ من العراق وإيران اللتين تعدّان خطراً على المصالح الأميركية في المنطقة، مع العمل على استبدال انظمة الحكم فيهما، بغية التعايش والتكامل مع التوجهات الأميركية، لكن المثير للانتباه، أنّ أنديك يرى أنّ الخطر العراقي على التوجهات الأميركية، أكثر من الخطر الإيراني، من هنا سعت مؤسسات صناعة القرار في واشنطن ضمن تخطيطها الاستراتيجي بعيد المدى، إلى تقسيم الجغرافية السياسية في العراق، مع العمل على استحضار تهديدات داخلية وخارجية ترتكز على معادلات الإرهاب، وقدرة توظيفه في السياق السياسي والعسكري الناظم لطبيعة العراق، وتداعيات ذلك على الدور العراقي الإقليمي.
ضمن ذلك لن يكون مستغرباً أنّ المناورات الأميركية في العراق، تتخذ منحى تصاعدياً يعتمد على المستجدات الإقليمية المتسارعة والمهدّدة في مضمونها للمصالح الأميركية، عطفاً على ذلك، يبدو أنّ الكيان الصهيوني أيضاً يعاني من تعقيدات جمة حيال مجمل التطورات في المنطقة، فالتصدّعات التي أصابت الخطط الأميركية الاسرائيلية في سورية مقتلاً في المضمون والأهداف، وكذا إيران التي فشلت محاولات استجدائها وإخضاعها، ونظراً للترابط الجغرافي والمصيري بين دمشق وبغداد وطهران، كان لا بدّ من إعادة توجيه السياسيات وصوغها وفق مقتضيات المرحلة الراهنة، مع العمل على نقل ساحة المواجهة جزئياً من سورية إلى العراق، خاصة أنّ الحرب على الإرهاب مستمرة في أكثر من مفصل جغرافي يربط بين البلدين…
كلّ هذه الوقائع تجعل من استهداف القوى العسكرية في العراق والمتمثلة بفصائل الحشد الشعبي العراقي والجيش العراقي، ضرورة ملحة في تطورات التوقيت السياسي والعسكري، وبات واضحاً انّ استهداف الحشد يعدّ سلسلة من خطة أميركية إسرائيلية ترمي في مضامينها إلى إقصاء دور الحشد العسكري والمؤثر على التوازنات السياسية في العراق، إضافة إلى أنّ الحشد ودوره في محاربة الإرهاب الأميركي المتمثل بداعش، شكل تحوّلاً جوهرياً في مضمون الخطة الأميركية، التي كانت تعتمد على داعش في تطبيق الخطة الموضوعة للعراق وامتداداً إلى سورية.
صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية ومحللون عسكريون صهاينة كانوا قد كشفوا في وقت سابق أنّ إسرائيل هي التي تقف وراء عمليات القصف، وذلك بالتنسيق مع القوات الأميركية المتواجدة في العراق، هذا الأمر أكدته في وقت سابق تسجيلات مسرّبة لقائد عمليات الأنبار محمود الفلاحي، مع أحد عملاء الاستخبارات الأميركية الذي طلب من الفلاحي معلومات عن مواقع الحشد الشعبي والقوات العراقية، نتيجة لذلك بات واضحاً انّ واشنطن ترتكز في حربها الاستراتيجية الجديدة ضدّ العراق على بعدين:
الأول الاستراتيجية الناعمة والتي تعتمد في جزئياتها على استهداف الحشد الشعبي إعلامياً، عبر ضخّ معلومات كاذبة تكون سبباً في ضرب القاعدة الشعبية الكبيرة التي تدعم قوات الحشد في العراق، لكن هذه الاستراتيجية فشلت خاصة بعد التزام قوات الحشد الشعبي بتوجيهات القيادة العراقية، والاندماج ضمن صفوف الجيش العراقي.
الثاني الاستراتيجية الصلبة والتي بدأت عبر استهداف ممنهج لقطعات ومراكز ومستودعات الحشد الشعبي، فضلاً عن تقارير تؤكد بأنّ بعض عناصر داعش المحتجزين لدى القوات الأميركية سيتمّ إطلاق سراحهم، وذلك بعد إدراك واشنطن أن لا قدرة لأدواتها الإقليمية باستثناء إسرائيل ، على الدخول في مواجهات مع قوات الحشد الشعبي المنضوية تحت لواء الجيش العراقي، لذلك عمدت واشنطن و إسرائيل إلى تفعيل هذه الخطوة لجهة استهداف الحشد الشعبي العراقي.
في النتيجة، كثيرة هي الأهداف الأميركية في العراق، فضلاً عن أهداف غربية إقليمية تتوافق بمجملها مع التوجهات الأميركية، لكن وبمنطق ميزان القوى، فإنّ محور المقاومة ككلّ يدرك ماهية التوجهات الأميركية ليس في العراق فحسب، بل في الشرق الأوسط كاملاً، وعليه فإنّ أسس المواجهة ومعادلاتها قد اتخذت ووضعت في الإطار العسكري المناسب، والمعتمد على قدرات محور المقاومة عسكرياً، فضلاً عن إجراءات سياسية عميقة تشكل سداً في وجه الطموحات الأميركية في العراق والمنطقة، لتبقى كافة الاحتمالات والسيناريوات التي يتمّ هندستها، رهناً بالتطورات السياسية والعسكرية في الآتي من الأيام.
11 نتنياهو يستهدف العراق وأهله.. وهذا ردي كعسكري
اللواء الركن حامد مهدي الزهيري راي اليوم بريطانيا
كل ما فوق التراب تراب إلا التأريخ ،فهو لسان ناطق باقِ ينطق بكلمات الصدق دون كذب أو تزوير ،إلا ما رحم ربي، وإن ألواح هذا التاريخ مملؤة بالسيَر والأحداث، منها ما قد كتبته الأمم بماء الذهب، ومنها ما ذهب جفاءاً كما يذهب زبد البحر، إسرائيل اليوم تمتلك كل مقومات القوة من علم وتكنلوجيا وإقتصاد ونحن العرب نسير في أسفل الركب؟
كنت قد نشرت على صفحتي الرسمية بتاريخ ١٤ تموز ٢٠١٩ مقالاً تحت عنوان” السياسة الدفاعية للدولة المفهوم العام والأسس” وقلت: هذا تغير يلفت النظر في مفهوم السياسة الدفاعية الإسرائيلية وجب الأنتباه لها في بناء سياسة دفاعية عربية بنفس القدرة !! واليوم نتنياهو يفعل ما يقول وسيفعل الكثير إ،ن بقينا نلعن حظنا العاثر ونتعذر بالإرهاب ومسبباته، فالأصح هو أن نجمع خبراء وأكفاء قومنا من العسكر والمدنيين أو ننتبه لما يكتب البعض منا ونضع خطة ومنهاج عمل لتسليح القوات المسلحة العراقية بأعتبارها جزءاً من منظومة الدفاع العربي ونعيد إستراتيجية تنظيمها، وبنائها وتجهيزها، وفق عقيدة جديدة تعتمد على الخبرة ،والكفاءة والتكنلوجيا الحديثة، قبل فوات الآوان، إن لم يكن قد فات أصلاً.
التأريخ لا يرحم يا سادة وسيلعنكم ما دمتم هكذا تسيرون فوالله ما خاف قوم من حق يراد إلا جعلهم الله أذلاء في عقر دارهم كونوا كداود النبي خرج بمقلاعه البسيط دون خوف فقتل جالوت، إن لم تكونوا ترغبون بالقوة أو كونوا كنبو خذنصر وجيشه القوي إن كنتم ترغبون بالقوة والهيبة.
كعسكري عراقي ليس لي غير مهنتي وولائي لبلدي العراق أقول:
بالأمس المفاعل النووي العراقي بذريعة إمتلاك صدام لسلاح نووي، واليوم مخازن الحشد الشعبي بذريعة إيران في العراق وغداً دبابات وجنود على نهر الفرات تحت ذريعة حلم اسرائيل من النيل إلى الفرات !! ونظرا للهجمات الجوية المتلاحقة امام منظومات دفاعنا الجوي الضعيف مما يستوجب اعادة النظر فيه وتسليحه وتجهيزه واعداده بالشكل الذي يكون فيه قادرا على مواجهة التحديات الراهنة . ودراسة افاق تسليحه وفق المنظور الحديث والبحث عن بدائل جديدة ومصادر استيراد متنوعة عالية التكنولوجيا تضاهي حجم وقوة العدو وامكانياته الجوية .