4 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 قراءة توراتية في الحرب الأمريكية الإيرانية حسن مضحي القدس العربي بريطانيا

لعل غالبية اليهود الأرثوذوكس يفسرون الواقع السياسي بناء على نصوص التوراة والتلمود.
بالنسبة لهم فإن النبوءات المذكورة في كتبهم المقدسة تؤول دائما إلى التحقق بطريقة أو أخرى.
وهذه مسألة غفل عنها الساسة غير اليهود أو تناسوها لسبب ما رغم أهمية هذه القراءات السياسية.
هذا ما يفعله تماما أحد رجال الدين الذين يدرسون التوراة والتلمود عبر قناته على موقع يوتيوب.
قائد طاقة الدبابة الذي شارك في حرب لبنان عام والذي ولد في سويسرا وقدم إلى أرض فلسطين في التاسعة عشرة من عمره رون شايا ذو الأصول الأوزبكستانية يحاضر في القدس ويلقي دروسه وتعاليمه باللغة الفرنسية وهو يقوم باسقاط الأخبار والنبوءات المذكور ة في التوراة وبعض القراءات التلمودية على الواقع السياسي المعاصر.
وهذا الإسقاط ليس أمرا عبثيا بل هو أمر في غاية الأهمية سيما أن كثيرا من قادة العالم يلجؤون احيانا إلى استشارة رجال الدين. ولقد ذكر شايا ان بوش الابن كان قد تكلم مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قبيل غزو العراق وأنه سيقوم بالتسلية مع يأجوج ومأجوج في العراق بيد أن الرئيس شيراك بدا مندهشا.
لقد تحدث شايا عن عدة مواضيع مهمة تمس الواقع العربي والسياسي بشكل عام. من بين المحاضرات التي تطرق إليها درس بعنوان أمريكا ضد إيران: ماذا تقول التوراة؟
يقدم شايا قي البداية عرضا لأحداث متصاعدة ومتتالية تتعلق بإيران وأمريكا.(مانراه اليوم من تصعيد بين أمريكا وإيران حتى الآن) ثم ليتساءل بعد ذلك لماذا كل هذا.
ثم يتطرق إلى نبوءة لأحد أنبياء بني إسرائيل وهو حزقيا ويقوم بتفسير رؤية لهذا النبي. اذ يروى أن حزقيا النبي رأى رجلا ذا رأس من ذهب وصدرا من فضة وساقين من نحاس وقدمين واحدة من الفخار والأخرى من حديد.
لقد تم تفسير هذا الرجل على أنه مجموع القوى التي تريد القضاء على دولة « إسرائيل». تم تفسير الرأس الذهبي على أنه العراق والصدر الفضي إيران والقدم الطينية هي العرب والقدم الحديدية هي الغرب.
ثم أن رجل الدين شايا تطرق إلى تحقق هذه النبوءة في العصر الحالي. فقد تم القضاء على العراق كما قال وأشار مرورا بتدمير سوريا بسبب «الحرب الأهلية» والآن التصعيد الخطير بين إيران وأمريكا.
لكن شايا رون يذهب إلى أبعد من ذلك فيقوم بطرح قراءة جيو سياسية ويشير إلى المكان الذي ممكن أن تندلع فيه الحرب بين أمريكا وإيران وهو بين البصرة والكويت بما أن الكويت حليفة لأمريكا كما يقول. وقال أن هناك شريطا يمتد على مسافة خمسين كيلو مترا عند التقاء دجلة مع الفرات قد تتم فيه الحرب. ولقد استند إلى نصوص من التوارة قي تعيين هذا الموقع من سفر دانييل. كما أنه قد أشار أن من يحكم العراق الآن هي إيران لذلك قد تحدث الحرب في هذا المكان.
وهذا بنظري يلخص كامل الفلسفة التحليلية السياسية للواقع الحالي في المنطقة والعالم وما تقوم به كل من أمريكا وحلفائها في المنطقة.
من المهم جداً الانتباه إلى هذه القراءات السياسية التي لا تنفصل عن النص التوراتي وذلك من أجل معرفة الميكانيكية التي يسير وفقها أي ايديولوجية مستقبلية في المنطقة العربية والعالم.
2 إيران والحرب المرتجاة صالح الشايجي
الأنباء الكويتية

واضح أن ايران باتت تستجدي الحرب عليها وضربها بالعمق، حتى أصبح ذلك الأمر علنيا وتكاد لا تخفيه وما ينقصها سوى الإعلان عنه مباشرة وبالصوت والصورة.

إن تحرشها بالقوى العظمى كبريطانيا وأميركا من خلال محاولة اعتراضها لباخرة بريطانية وكذلك اسقاطها طائرة أميركية دون طيار خارج أجوائها، هو استدرار لحرب عليها واستفزاز للقوى العظمى من أجل الرد عليها وضربها.

يضاف إلى ذلك مخالفاتها للاتفاقية النووية وخروجها على ما اتفقت عليه سابقا ووقعت عليه مع المجتمع الدولي. كل تلك التصرفات تنم عن الواقع السيئ الذي تعيشه ايران وتعاني منه على الصعيد الداخلي والخارجي أيضا. فهي أنهكت حالها في قضايا وتدخلات خارجية استنزفت طاقاتها المالية والعسكرية والبشرية، وصارت تحقق في ميزان الخسائر مؤشرات عالية جدا، بينما لا شيء في خانة الأرباح.

هذه الخسائر والفشل المتكرر والدائم انعكس سلبا على الوضع الداخلي في ايران، فساءت الأحوال المعيشية للإيرانيين وانعدم الأمن وبطشت يد السلطة وغالت في البطش والتنكيل.

وكان من نتيجة هذه الأوضاع ثورة الناس ضد نظامهم المستبد، لذلك فإن شوارع المدن الإيرانية لم تهدأ منذ سنوات والغليان مستمر والناس تقتل في الشوارع على أيدي رجال الأمن دون شفقة ولا رحمة، وهذا ما جعل النظام الإيراني يسعى للتخفيف من أزمته الداخلية بافتعال أزمة خارجية من خلال التحرش بأميركا وبريطانيا وإثارتهما من أجل الرد عليها لتخفيف الضغط الداخلي، على أمل أن يقف الشعب مع النظام ضد العدو الخارجي، كما حدث في الحرب العراقية ـ الإيرانية.

هذا الأمل الإيراني بجر أرجل الدول الأخرى إلى حرب، أفشله الأميركان والبريطانيون لأنهم يدركون حقيقة الوضع الداخلي الإيراني وخطورته على النظام وباتوا على شبه يقين بأن النظام ساقط لا محالة على أيدي الإيرانيين دون تدخل منهم، وأن ضرب ايران من قبلهم هو عبارة عن حقن منشطة للنظام الإيراني، لذلك هم لا يتسرعون الرد ولا يريدون أن يقدموا خدمة للنظام الآيل للسقوط تدريجيا وبيد شعبه لا بأيد خارجية.

وما علينا سوى الانتظار والتأمل، والمستقبل القريب حافل بالمفاجآت.
3 الأحزاب العراقية ونظرية الخيارات الفائضة أمجد الدهامات

راي اليوم بريطانيا

تحدث المفكر (Alvin Toffler) في كتابه (Future Shock) الصادر عام (1970) عن نظرية الخيارات الفائضة (Over choice)، والتي يمكن توضيحها من خلال التجربة التالية:
تم وضع (6) أنواع من العسل في كشك لمعرفة سلوك الناس، فكانت النتيجة، أن (40%) من المارة توقفوا وسألوا عن الأنواع، وقام (79%) منهم بالشراء.
بعدها تم وضع (24) نوعاً من العسل في نفس الكشك لكن النتيجة كانت أن (60%) من المارة توقفوا وسألوا عن الأنواع، لكن الذين اشتروا فعلياً (5%) منهم فقط!
ان تعدد الخيارات امام الناس تجعل عقولهم تُصاب بحالة من الحيرة والارتباك مما يؤدي الى تعبها وإنهاكها من التفكير، فيكون قرارها النهائي هو الغاء فكرة الشراء من الأساس، وهذا ما يُسمى بنظرية (الخيارات الفائضة)، والتي لها مصاديق كثيرة في حياتنا اليومية.
وأبرز مثال على هذه النظرية هو ما حصل في بلدنا خلال انتخابات البرلمان عام (2018)، فقد سجلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات (204) حزب سياسي أشترك اغلبها، ولو عن طريق التحالفات، في الانتخابات، وهذا العدد كبير جداً حتى بالمقاييس الديمقراطية، فكانت نظرية (الخيارات الفائضة) أهم سبب لعزوف الناخبين من المشاركة بالانتخابات، بالإضافة الى أسباب أخرى طبعاً.
إذ ان هذا العدد الكبير من الأحزاب يجعل الناخب متحيراً، خاصة الناخب غير المنتمي لجهة سياسية معينة أو الذي لم يحسم أمره بعد، هذه الحيرة والتعب الفكري تجعل عدم المشاركة أو ابطال ورقة الناخب هي الخيار المفضل لدى أغلبية الناس.
ان وجود عدد كبير من الأحزاب الصغيرة يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، كما ان حصولها على عدد قليل من المقاعد البرلمانية يعرقل تشكيل الحكومات، إذ انها تفرض شروط مبالغ بها وأكبر من حجمها البرلماني لتسهيل عملية التشكيل.
ومثال على ذلك ما جرى بعد الانتخابات اللبنانية لعام (2009)، إذ حصل تحالف (14) آذار على (60) مقعداً وتحالف (8) آذار على (57) مقعداً بينما حصل اللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط على (11) مقعداً، أي انه الجهة التي ترجح كفة أحد التحالفين في تشكل الحكومة، وفعلاً حصل جنبلاط على الكثير من المكاسب التي لا تتناسب مع حجمه الفعلي.
اما في إيطاليا فقد أدى وجود الأحزاب الصغيرة إلى حالة مزمنة من عدم الاستقرار السياسي، فقد تم تشكيل (58) حكومة منذ عام (1946)، بل ان حكومة (Giovanni Spadolini) التي شكلها عام (1982) لم تعمر سوى (3) أشهر فقط، وسقطت حكومة (Romano Prodi) في البرلمان عام (1998) عندما انسحب منها حزب لديه (3) مقاعد فحسب!
وفي المانيا كان الحزب الديمقراطي الحر يشارك في كافة الحكومات الائتلافية على مدى (50) سنة ويحصل على وزارات سيادية ومهمة على الرغم من حصوله على أقل من (%12) من أصوات الناخبين.
ولتلافي هذا النتيجة تقلص الدول الديمقراطية عدد الأحزاب فيها، فلا تسمح بدخول أي حزب للبرلمان إلا بعد ان يحصل على حد أدنى من أصوات الناخبين، أي انه لا يوجد حزب حاصل على مقعد واحد أو مقعدين في برلماناتها، وتختلف نسبة هذا الحد من بلد الى أخر، اذ ان اقل نسبة هي في هولندا ولا تتجاوز (0.67%) واعلاها في تركيا وتبلغ (10%)، وبينهما إيطاليا (2%)، اسبانيا (3%)، بلغاريا والبانيا والسويد (4%)، وفي بولندا، المانيا، روسيا، التشيك، تونس، استونيا، أوكرانيا وأرمينيا نسبة (5%)، جورجيا (7%)، ليختنشتاين (8%).
ربما يعترض البعض ان هذا يتنافى مع القيم الديمقراطية وحرية الناس في تشكيل الأحزاب، كما يؤدي إلى هيمنة الأحزاب الكبيرة على الحياة السياسية في البلد، وعدم إعطاء الفرصة للأحزاب الصغيرة لكي تنمو وتصبح كبيرة بمرور الزمن، وغيرها من الاعتراضات.
ورغم انها آراء محقة لكن يمكن معالجتها عن طريق اندماج الأحزاب الصغيرة مع بعضها، أو تشكيل تحالفات فيما بينها لخوض الانتخابات، وبالتالي ستكون فرصتها بالفوز أكبر.
ان هذا أفضل حل إذا كانت الدولة امام خيارين: اما تقليص عدد الأحزاب أو عدم الاستقرار السياسي.
ماذا يختار العراق؟