1 إيران والحوثي.. الاعتماد المتبادل
د. أيمن سمير
البيان الاماراتية
المعروف للجميع أن ميليشيا الحوثي الإرهابية هي إحدى أذرع إيران في المنطقة العربية مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تهتم إيران بدعم الحوثي بكل ما تملك من أموال وتدريب وصواريخ كروز وطائرات مسيرة في هذا التوقيت؟ وهل من استراتيجية جديدة للتحالف العربي للتعامل مع هذه المستجدات ؟ وكيف للمجتمع الدولي أن يساعد على تحجيم ميليشيا إرهابية أسهمت في عدم الاستقرار وتهديد الملاحة خلال الفترة الماضية ؟
كل من يتابع الأحداث في اليمن يلاحظ زيادة في وتيرة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة العربية السعودية خاصة على مطاري أبها وجازان، وفي ذات الوقت «جمدت» إيران عملياً «جبهة حزب الله مع إسرائيل»، وأبعدت ميلشياتها عن الحدود الإسرائيلية مع سوريا بمسافة وصلت في بعض المناطق إلى أكثر من 130 كلم، كما تراجع الحديث عن تزويد الميليشيات العراقية الموالية لإيران بصواريخ إيرانية قصيرة المدى يمكن أن تستخدمها الميليشيات العراقية ضد أهداف أمريكية أو إسرائيلية حال نشوب حرب بين إيران والولايات المتحدة، وجاء كل ذلك بعد 4 نوفمبر 2018 عندما فرضت الولايات المتحدة أكثر العقوبات الاقتصادية صرامة على إيران، فلماذا تراهن إيران على الحوثي وليس حزب الله أو بقية ميليشياتها للخروج من أزمتها الراهنة مع المجتمع الدولي؟
هناك أكثر من دراسة وتقرير قدمته جهات استخباراتية وبحثية أمريكية للرئيس دونالد ترامب قالت فيه إن إيران تحاول أن «تتجنب إسرائيل» سواء في لبنان واستخدام ورقة حزب الله أو الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، وسبب هذا التفكير الملالي أن إسرائيل قامت بـ250 غارة على أهداف إيرانية في سوريا وحدها خلال العام الماضي دمرت فيها البنية التحتية لمصانع الصواريخ الإيرانية خاصة حول دمشق وحمص وحماة.
وهناك من يرى أن إيران تعتقد «التكلفة السياسية» لقيام الحوثي بتهديد الملاحة أقل بكثير من التكلفة عندما يقوم الحرس الثوري الإيراني بعمليات ضد السفن العالمية، وتقول بعض التقديرات إن الهجوم على 4 ناقلات نفط في مياه الخليج العربي في 12 مايو من العام الحالي تم عن طريق عناصر حوثية تم تدريبها على ذلك في إيران، ويزيد من صدقية هذه التقديرات تزامن هذا الهجوم مع هجوم الحوثي بطائرات مسيرة على مضخات النفط السعودية، ولذلك تعتقد إيران أنها تجني نفس «الثمار السياسية» لعملية إرهابية يقودها الحوثي أفضل بكثير من قيام الحرس الثوري أو إحدى أذرعه الأخرى بنفس العملية.
خريطة طريق
من المؤكد أن ما حققه التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن خلال 4 سنوات يفوق بمراحل ما حققه التحالف الدولي في أفغانستان في 18 عاماً، لكن هناك ما يمكن أن نسميه «خريطة طريق» لدحر الحوثي تبدأ من ضرورة قيام البرلمان اليمني الذي اجتمع مؤخراً في مدينة سيئون من إدراج جماعة الحوثي «كتنظيم إرهابي»، كما أن استهداف الحوثي لمطاري جازان وأبها وهما مطاران مدنيان يعجان بالمسافرين من الأطفال والنساء وكبار السن يعد عملاً إرهابياً متكامل الأركان، لأن استهداف مطارات مدنية «مع سبق الإصرار والترصد» هو جريمة حرب بامتياز بموجب قوانين جنيف، كما أن القانون الدولي الإنساني يجرم استهداف المدنيين حتى في وقت الحروب، لكن جماعة الحوثي تفتخر وهي تعلن استهداف مطارات وأهداف مدنية، ويترتب على إدراج البرلمان اليمني للحوثي كجماعة إرهابية وأن تطلب الحكومة اليمنية من «الجامعة العربية» إدراج الحوثي كتنظيم إرهابي كمقدمة للمجموعة العربية في الأمم المتحدة لتأخذ قرار الجامعة العربية وتقدمه للمنظمة الدولية لإدراج الحوثي ككيان إرهابي.
بالتوازي وليس بالتوالي
المتفق عليه بين مراكز الأبحاث العسكرية الغربية أن جماعة الحوثي تعاني نقصاً كبيراً في الرجال، وهو ما دفعها لتجنيد الأطفال، وليس لدى الحوثي «فائض من القوة» ليحارب في الداخل ويطلق الصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة، لكن «تجميد الجبهات الداخلية» هو ما يعطي الحوثي الفرصة لإطلاق الصواريخ على المملكة، ولذلك الحل هو في «تفعيل كل الجبهات» وأن تعمل جبهات الساحل الغربي والضالع وصعدة ونهم وغيرها «بالتوازي» وليس «بالتوالي» مع بعضها البعض، وأن يترافق كل ذلك مع تشكيل «كتائب إلكترونية» باللغة الإنجليزية توجه للمنظمات الإنسانية الدولية لتعرية الحوثي وكشف أفعاله الإرهابية لحرمانه من أي تعاطف من هذه المنظمات، وتزيد نجاح هذه الخطة بمنع وصول الأسلحة للحوثي من الحديدة ومحافظة المهرة.
2 ماتت داعش.. عاشت داعش
د. شاهر النهاري الرياض السعودية
كنا نسمع في حكايات قرى الجزء الجنوبي من سلسلة السروات أسطورة قديمة متوارثة، فعندما يضحك وجه المولود حديثاً، ثم يعود ويبكي أثناء غفوته، يفسرون ذلك حسب الأسطورة بأن الملائكة تقول للرضيع إن أمه قد ماتت فيبكي، ثم يقولون له إنها حية ترزق، فيعود ويضحك.
وبشكل أو بآخر ومع اختلاف حال الحاكي والمحكي عنه، والمحكي له، تقوم أميركا بإخبارنا نحن سكان الشرق الأوسط أن داعش قد ماتت، وبعد أن نضحك، تعود وتبكينا بأنها قد عاشت مجدداً.
وما داعش إلا مجمل المسميات الإجرامية، التي اقترفت الإرهاب والدموية في عالمنا العربي، فمن جماعة جهيمان، إلى القاعدة، إلى جماعات الإخوان، إلى التكفير والهجرة، إلى بوكو حرام، إلى أبوسياف، إلى جماعة التوحيد، إلى الحرس الثوري الإيراني، إلى حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وميليشيات الحوثي في اليمن، إلى جماعات النصرة، وما تفرع عنها.
كلها ليست إلا داعش الدموية الإرهابية، مهما اختلفت الأسماء، ومهما تباينت المذاهب، وأياً كان داعمها، وموجهها، ومن يسلحها، ومن يميتها فترة من الزمان، ثم يقوم بإنقاذها حينما تضيق عليها الدنيا، فيتم نقلها في حافلات مكيفة، عابرة للحدو إلى تركيا، أو لبنان، أو للعراق، ومن ثم إلى محطتها النهائية في إيران، لتسترد أنفاسها وتستعيد تكامل قوتها، وتعود أشرس وأخبث وأقدر.
من يصرفون على هذه الفرق كُثر، فمنهم إيران، وتركيا، وحكومة قطر، التي لا تتوانى عن نثر المليارات لدعم كل إرهابي، أو عند افتدائهم إذا ما تم اصطيادهم، مع تمرير أموال الفدية لدواعش أكثر إرهاباً وخبثاً.
إيران تُعد الملجأ الأعظم لقيادات هذه الجماعات، بعد أن تحير حيرتهم، وما تزال مبقية على بعض زعامات تنظيم القاعدة لديها، وهي تحتضن حمزة بن لادن، الباحث عن إرث والده، لتستمر عمليات الإبدال والمراوحة.
الدول العظمى أيضاً تزاول من خلال تحريك تلك الجماعات حروباً ضروساً فيما بينها، فروسيا من جهة، وأميركا من جهة، ودول أوروبا من عدة جهات، وكل يسعى لتعطيل مصالح الآخر بديمومة النكبات في أرض الكنوز.
وسيرة داعش تعود هذه الأيام للحياة بعد تحذيرات من الولايات المتحدة، بأنها ستعيد اجتياحها للعراق، مع أن أميركا كانت قد احتفلت قبل عدة أشهر بزوال داعش، تاركة المجال لميليشيات إيران المسلحة في العراق، والتي تمثل الوجه الأبشع من داعش.
ما يتوجب على الدول الخليجية والعربية المتضررة، إدراك ما الذي يدار في الخفاء، وتأكيد التعاون فيما بينها، لحماية حدودهم، وتجريم غاسلي الأمخاخ ومنعهم من الوصول إلى شبابهم، وبناء الإنسان وتسهيل حياته.
الإرهاب، هو نهج التفلت الكامل من الأخلاق والإنسانية والضمير، وهو معتقد البحث عن السلطة، باستغلال المعتقد، ومزاولة الجنس، والمخدرات بلا قيود، لتستمر قدرتهم على استقطاب عناصر العصابات الإرهابية.
3 حقيقة الاستفزازات الإيرانية ودوافعها أكرم البني الشرق الاوسط السعودية
لم يعد التصعيد الإيراني واستفزازاته المهددة لأمن المنطقة والعالم يقتصر على الشعارات التعبوية والتهديدات الحادة التي اعتدنا سماعها من حكام طهران، بل صار يتخذ اندفاعات عدوانية عسكرية متواترة ازدادت طرداً مع تصاعد العقوبات الاقتصادية الأميركية، بدأت في مايو (أيار) الماضي بالتخريب المتعمد لأربع ناقلات نفط في مياه الإمارات الإقليمية، ثم التعرض في يونيو (حزيران) الماضي لناقلتي نفط في خليج عُمان، إحداهما نرويجية والأخرى يابانية، بالتزامن مع تواتر هجمات غامضة في العراق ضد المصالح الأميركية، طال آخرها تجمعاً لمؤسسات نفطية يضم شركتين أميركيتين، تلا ذلك إسقاط طائرة استطلاع أميركية من دون طيار قرب مضيق هرمز، ثم إعلان زعماء إيران عن جاهزيتهم لتفعيل مشروعهم النووي، إنْ بزيادة مخزونهم من اليورانيوم منخفض التخصيب، وإنْ برفع نسبة التخصيب لتتجاوز ما سمح به اتفاقهم النووي مع الدول الكبرى.
ربما لا يخطئ من يفسر تواتر استفزازات قادة طهران وإظهار العزم والقوة على خوض حرب، كمحاولة للتأثير على الخلافات القائمة داخل الإدارة الأميركية في الموقف من سياساتهم، ولمنح مزيد من النقاط لمراكز القوى السياسية والعسكرية التي ترفض الحرب، وتميل لإبداء بعض المرونة في التعاطي معهم، وتطالب بتخفيف العقوبات الاقتصادية وليس تشديدها، لتشجيعهم على العودة إلى طاولة المفاوضات، وأيضاً كمحاولة للتأثير في مسار انطلاق حملة الترشيح والتحشيد لانتخابات الرئاسة الأميركية في رهان على إحراج ترمب، وتوسيع فرص وصول رئيس أميركي جديد إلى البيت الأبيض يتفهم مصالح إيران ونفوذها في المنطقة.
وربما لا يجانب الصواب من يضع ما يحدث في إطار لعبة عض الأصابع أو السير على حافة الهاوية، ويعتقد هؤلاء أن السلطة الإيرانية تتطلع من وراء دفع الضغوط والاستفزازات إلى الحد الأقصى، لتحسين الموقع والأوراق التفاوضية وإكراه البيت الأبيض على تخفيف اشتراطاته في مباحثات يعتقد كثيرون أنها لا بد قادمة، ربطاً باستثمار المخاوف العالمية وقوة الصدمة التي سيحدثها اندلاع حرب في المنطقة على إمدادات الطاقة؛ حيث سيتوقف أكثر من ثلاثين في المائة من صادرات النفط التي تمر من الخليج العربي، وتسبب أضراراً بالغة لكثير من الدول المستوردة له، وربطاً باستثمار التمايز بين المصالح الأوروبية والأميركية، الذي انعكس في عدم مجاراة عواصم أوروبا انسحاب واشنطن المنفرد من الاتفاق النووي، وفي وعود بالمساعدة على تخطي العقوبات الأميركية أو التخفيف من آثارها، إن حافظت طهران على التزامها بالاتفاق النووي، وأيضاً ربطاً بالركون والاطمئنان إلى أن البيت الأبيض لا يسعى إلى الحرب، كما أشار أكثر من مسؤول أميركي، ولا إلى تغيير نظام الحكم في طهران، بل إلى تغيير سياساته، والتفاوض معه على اتفاق جديد، ودليلهم تراجع الرئيس ترمب، في آخر لحظة، عن توجيه ضربة عسكرية إلى الجمهورية الإسلامية رداً على إسقاط طائرة الاستطلاع، والمرونة الأميركية اللافتة في تقبل وساطات التهدئة ووقف التوتر.
صحيح أن ثمة ما يشبه الإجماع على أن التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران لن يقود إلى حرب واسعة، ليس فقط لأن الطرفين يقدران جيداً ما قد يترتب عليها من نتائج كارثية على استقرار المنطقة، وليس أيضاً لانعكاساتها الاقتصادية والمالية السلبية على الإقليم والعالم كله، وصحيح أن التصعيد الإيراني ودفعه حتى حده الأقصى، واتخاذه أشكالاً استفزازية ومحرجة، يحمل فرصة خطيرة لإشعال فتيل حرب في الإقليم، تحدوها أخطاء في الحسابات وإساءة التقدير أو تخترق بتطورات مفاجئة، خاصة أن ثمة مراكز قوى متشددة عند الطرفين تدفع في اتجاه الحرب، لكن الصحيح أيضاً والأكثر خطورة حين تغدو تلك الاستفزازات الإيرانية جزءاً من سياسة الهروب إلى الأمام التي دأبت الأنظمة الاستبدادية على اتباعها للالتفاف على أزماتها المزمنة، في رهان مغامر لزعماء طهران على استدراج الولايات المتحدة إلى حرب محدودة، يسهل توظيفها في البيئة الإيرانية، لرفع شعبيتهم داخليا، وتعزيز موقفهم الاستراتيجي خارجيا، بما يمكنهم من تحميل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية، التي ستتفاقم بسبب العقوبات والفساد والفشل السياسي، للتهديدات والمعارك الخارجية، الأمر الذي يشجع على القول إن القادة وصناع القرار في طهران، والذين يضعون هدف البقاء في سدة السلطة على رأس أولوياتهم، يسيرون ربما بخطوات مقصودة نحو المغامرة بخيار الحرب، خاصة عندما يغدو هذا الخيار أقل ضرراً عليهم من انهيار اقتصادي شامل قد يفكك دعائم سلطتهم ويهدد حكمهم المستمر منذ أربعين عاماً، وينهي، بضربة قاضية، جاذبية مشروعهم الإسلاموي الذي أوصلوه إلى طريق مسدودة على صعيد تنفيذ برامج تنموية تنهض بالإنسان مادياً وحقوقياً، وما يرجح هذا النهج أن حكام طهران أظهروا تشدداً ظاهراً ورفضاً لكل المبادرات التي تدعو إلى التهدئة، ورفعوا شعارهم بأنه لا تفاوض في ظل العقوبات المفروضة، فكيف الحال حين لم يكلفوا أنفسهم عناء الرد الإعلامي لنفي الاندفاعات العدوانية العسكرية التي اتهموا بها، بل سارعوا على العكس، إلى التغني بإسقاط الطائرة الأميركية المسيّرة، على أنه نصر مبين على الصقر العالمي الذي تكسرت أجنحته عند سواحلهم… كذا؟!
واستدراكاً، ربما ينجح مؤقتاً التصعيد الإيراني المغامر في الخروج من الخناق المفروض عليه عبر ابتزاز العالم بخلق أزمة كبيرة تهدد استقراره، وربما تتمكن رعونة قيادة طهران من تحجيم الشروط الأميركية المتعلقة بالحد من بناء قدراتها النووية العسكرية والصاروخية، أو التي تطالب بالتوقف عن توسيع النفوذ الإقليمي ونشر الفوضى والحروب في المنطقة، لكنها لن تغدو استثناءً في التاريخ ولن تتمكن لأمد طويل من قلب الحقائق التي تؤكد أنه ليس من حياة واعدة ومستقرة لدولة تخل بالتوازن بين الطموح والقدرة الذاتية، وتذهب إلى مد نفوذها الخارجي بما يفوق طاقتها على الإدارة وتحمل التكاليف، وعلى حساب حاجات المجتمع ونهضته، بل ما ينتظرها هي حياة مليئة بالأزمات والتردي والمعاناة، لا خلاص منها إلا بتغيير هذا النهج، إما إرادياً جراء تحولات وصراعات داخلية، وإما غصباً وإكراهاً، عبر كسر عسكري خارجي، وكلنا يتذكر الحروب التي أنهت نظام صدام حسين، وقبلها التحولات السياسية التي فرضها تدهور الأوضاع الاقتصادية في الاتحاد السوفياتي وأفضت إلى تفكيكه.
4 العراق: الحكومة بين خطرين المعارضة و الموالاة
نور الدين الخليوي راي اليوم بريطانيا
زيادة التنافر بين التيارات السياسية في العراق، في الفترة الاخيرة وبعد اكمال الكابينة الوزارية لعادل عبد المهدي، باستثناء حقيبة الصراع السني الا وهي التربية، فقسم من الاحزاب اتخذ منحى المعارضة رسميا، والاخر موالي لعبد المهدي وحكومته، اما الثالث فهو اغتنم من عادل الكثير، ولكن يبين لاتباعه عكس ذلك ويهدد الحكومة بالانقلاب دائما.
الخط الاول لهذه الاحزاب الذي اعلن عن معارضته الصريحة، وشكل كتلة معارضة لحكومة عبد المهدي، وهذا القسم بدء يمارس دوره الصحي في ابداء آرائه في كل شيء، وهو شيء رائع ان نرى مثل هذه الخطوة في العراق على مر عقود، لكن لو لم تكن هنالك صراعات داخلية و عداء بين كتل المعارضة والآخرون، لم نكن نشهد هذه الحالة اليوم، ودفع بها نحو الطرف الذي لا تحصل به حتى على مدير عام وليس وزير، بل آلا البعض على انفسهم ان من اعلى المعارضة في هذه الدورة لن يحصل على شي، لكن دورهم لحد الان دور جيد ونأمل منه ان يتسع ويأخذ اكثر من ذلك، كي تأسس هذه الثقافة في كل الحكومات مستقبلا فانت اليوم معارضة وغدا حكومة، هذا يعتمد على عملك وماذا ستحقق كي تفوز بأغلبية الاصوات في الدورة المقبلة.
اما المحور الاخر لهذه الاطراف من كان منهم موالي و داعماً علناً، للحكومة في هذه الدورة بل و يستقتل على شخص رئيس الوزراء، هذه الطرف ثاني اقوى الخطوط في حكومة عادل عبد المهدي، كان سببا في اخرج بعض الكتل نحو المعارضة، حصل على العديد من المناصب والوزارات، والان بعد فتح ملف الدرجات الخاصة ستكون له حصة كبيرة فيها، لكن على عاتقة تقع مسؤولية كبرى، في حفظ وجود هذه الحكومة وانجاز مشاريع تبرز وجه الحكومة، والابتعاد عن التحالفات التي انساقوا ورائها في السر اكثر من العلن، والابتعاد قدر الامكان عن الصفقات و(حصتي وحصتك)، لان هم من سيكون امام الشعب ان أخفقت الحكومة او تعثر برنامجها، لكن لحد هذه الفترة لم نرى منهم ما يشجع انهم مدافعون عن الحكومة كما هم يتبنون شخص رئيسها.
و محورها الثالث صاحب الباع الاكبر و المشارك الابرز في هذه الحكومة، لكن لم يكن داعما ولا متبنيا ولا معارضا لها، لكن هو صاحب حصة الاسد في هذا الدورة، واليوم بعد الوزارات وعدة مناصب حساسة سائر نحو الدرجات الخاصة وامن حصته فيها، لكن لن يساند عبد المهدي بل هو ورقة ضغط عليه دائما، الان هو غارق في بحر تكوين نفسه وكيف يجمع ترسانة مالية تؤمن له مستقبله في الدولة لعدة حكومات مقبلة، ونجح في ذلك نجاحا باهرا فهو يحارب الاخر لكي يكون هو الاقوى والمسيطر على الساحة، وهذا الاسلوب الذي يبهرني دائما فهو الوحيد الذي يعرف كيف يفيد نفسة ومن معه، ويسكت الاخر رغما عنه، فعلية الان اما دعم الحكومة التي شكلها او سحب نفسة وجميع المناصب التي لديه منها، وان لا يبقى الضاغط و المحجم لهذه الحكومة دائما.
النتيجة نصيحة لعبد المهدي شخصيا، عليه ان يرعى الاول ويكسب وده، وان ينصح الثاني بان يترك الحصص و يدعمه بقوة و يأمن له عدم اسقاط الحكومة، وان يجلس مع الثالث ويخرج من تلك الجلسة بموقف رسمي يقوله من يأمرهم اما هم معه او هم عليه، كي تنجح حكومته وتعبر بر الامان.