1 ضد البحرين والعراق.. وفلسطين
ابن الديرة
الخليج الاماراتية
لا يمكن أبداً قبول الاعتداء السافر على سفارة البحرين في بغداد، فهو عمل مخالف لكل الشرائع والقوانين والتقاليد الدبلوماسية المعنية، وحسناً فعلت السلطات العراقية حين بادرت إلى تطويق المسألة عبر القبض على عشرات الجناة، ما يرجى معه دوام العلاقة الطيبة بين البلدين الشقيقين. اعتذار حكومة بغداد مع هذا الإجراء الأمني والقانوني يضع حداً لهذه الجريمة، لكن لا بد من الإشارة والتأكيد على أمرين:
الأول: ما تعرضت له سفارة مملكة البحرين الشقيقة في بغداد، عاصمة الجمهورية العراقية الشقيقة، هو بعض المشهد الأمني في بغداد والعراق، حيث يقال في ذلك الكلام الكثير، مع أن المأمول، ومن القلب، العمل صفاً عراقياً واحداً نحو إعادة العراق إلى أمنها واستقرارها، ونحو إنجاح مساراتها السياسية الداخلية، التي تبدو أنها تتعثر حتى الآن، أو تتحقق وتسير إلى الأمام بصعوبة، وليس من داعٍ إلى التأكيد على أن أمن العراق من أمن الخليج، والعكس صحيح تماماً.
الثاني: إن من حق كل إنسان أن يعبر عن موقفه من تسويات القضية الفلسطينية بدءاً من الورشة الاقتصادية في المنامة، لكن التعبير المقبول هو الحضاري والمتقدم والذي لا يتطاول أو ينال من مكان ومكانة البحرين باعتبارها مكان اجتماع دولي يجب احترامه بما هو حتى في حالة الاختلاف أو الخلاف مع أسبابه وغاياته ونتائجه. هذا هو المبدأ، وإلا، فهي الفوضى المرفوضة بآثارها المدمرة.
ولعل أحد أسباب تخلف العرب عن ركب التنمية والتقدم والحضارة هذه الممارسات الخاضعة لإرادة الشارع من دون تفكير. الأحوط معالجة كل مستجد في القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية الأولى من دون منازع، بالحكمة والعقل والوعي، وتغليب أسلوب الحوار، ومد أهل فلسطين بأسباب القوة والإصرار.
وأن تحاول زرع الفتنة بين العراق والبحرين، فأنت لا تخدم فلسطين، وإنما تخدم أعداء العراق والبحرين وفلسطين والعرب، في زمن تكشف كل الأوراق، زمن «الفضح» بامتياز.
كما تمت الإشارة إلى طريقة تعامل الحكومة العراقية مع الأزمة الطارئة، فإن رد فعل أهلنا في البحرين مقدر تماماً، لأنه منحوت من ضمير من الوعي والمسؤولية، ودليل سياسة منسوجة بخيوط التجربة، سياسة تتعامل مع كل طارئ بصبر ورباطة جأش، وتكون أميل إلى جانب الاتفاق والتوفيق. أدركت البحرين أن الاعتداء على سفارتها في بغداد اعتداء على البحرين والعراق معاً، فتصرفت في حدود فهم لا ينحو نحو التصعيد، وإنما يذهب إلى تجاوز الموضوع الطارئ في أفق العلاقة المستدامة.
حادثة وقد انتهت، ويرجى أن تكون انتهت بكل آثارها وتداعياتها، لكن إدانتها كما فعلت دولة الإمارات، مسألة واجبة. السفارات يجب أن تكون محترمة ومصونة، وحمايتها أبعد من ضرورة.
وبين هذا وذاك، رجاء أن تنتبه الحكومة العراقية إلى تفاصيل ليست صغيرة: العراق للانتماء العربي، وللمحيط الخليجي والعربي، ولا مكان للعراق الشعوبيين وأعداء العروبة. لا مكان في العراق لأنصار علم إيران وإن حاولوا الاختباء وراء راية فلسطين.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2
الإسلام السياسي السنّي.. انتماؤه لمن؟
المثنى حمزة حجي
الحياة السعودية
منذ نشوء وعيي السياسي لم أتوافق مع آراء جماعات الإسلام السياسي بمختلف تصنيفاتها في أي وقت، بل كنت دائماً بجانب «الوطنية الليبيرالية»، ولم أصدق تنظير جماعة «الإخوان المسلمين» السياسي والديني حول الإخوّة والمصلحة الإسلامية والتكامل الإسلامي، ليس لعدم اعتقادي كمسلم بضرورة تكاتف المسلمين، ولكن لكثرة ما كنت أرى من متناقضات بين القول والفعل، بالتالي كان لدي دائما إحساس أن لديهم مشكلة كامنة في الأعماق.
على رغم كل «الإسلامويات» التي أصدرها «الإخوان» حول فلسطين وضرورة تظافر المسلمين لتحريرها، كان دائما لدي شك وتأكدت شكوكي أكثر بعد قراءة أدبيات «السياسة الإخوانية» التي اعترتها شماتة شديدة ضد جمال عبدالناصر بعد هزيمة حرب 1967 الساحقة، وروح التشفّي الشديدة بتدمير الجيشين المصري والسوري، وعلى رغم فداحة هذه الهزيمة ونتائجها فقد أعلن أحد السابقين منهم أنه «سَجَد» شكراً لله بعد هزيمة مصر، وبرر ذلك لأنه خاف لو انتصر عبدالناصر لافتتن الناس بالعلمانية والوطنية، لذا هو فضل الهزيمة الساحقة، لأن هذا سيعيد الناس للدين من وجهة نظره، ولم يهتموا بالضحايا من أبناء جيوش الأمة العربية ولا اقتصادها أو معنويات أبنائها الذين تعرضوا للانهيار، أما مرشد اللاحقين فقال إنه «مستعد أن يحكم مصر من ماليزيا»، وعندما انتقدوا نقص ولائه لمصر على رغم أنه من أبنائها قال: «طز في مصر»، أما في غزة المحاصرة فخرج علينا أحد قادة «حماس» أخيراً ليقول: إن «غزة بالنسبة لهم هي مجرد سواك أسنان، وأن مشروعهم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير».
لم يكتفِ «الإخوان المسلمين» بهذه الآفة، بل ورّثوها للثورة الايرانية التي أصبحت بدورها ثورة طائفية شيعية زرعت في شيعة المنطقة، سواء داخل إيران أم الدول المحيطة، الثورة الطائفية بطريقة حولت أغلب الطائفة إلى حزب سياسي وعسكَرَتها، بحيث أصبح الدين والوطن لديهم محصوران فقط في الطائفة التي يقودها ملالي طهران، ما جعل شيعة العراق ولبنان واليمن يتحولوا لميليشيات نابَت عن إيران في خوض حروب داخلية دمرت بلادها وحولتها إلى مستعمرات طائفية للمرشد الايراني، مما قتل وشرد الملايين في هذه الدول ودمر كيانها السياسي والاجتماعي، وما حقق ذلك هو «الولائية» العابرة للحدود السياسية والقومية التي وضعتها جماعة «الإخوان المسلمين» السنة وأتبعها وطبقها حزب «الدعوة» العراقي الذي يمثل «الإخوان المسلمين» الشيعة الذين فرّخوا «حزب الله» وأغلب الميليشيات الإرهابية المذهبية، سواء الشيعة الجعفرية أم الشبيه لها والمتحالفة معها كالحوثية والعلوية والجارودية، فهذا الشبل من ذاك الأسد.
في الوقت الدي تعج فيه منصات التواصل الاجتماعي «بالشيعية السياسية» من جميع الدول العربية والخليجية بالتأييد لإيران وتمجيدها وتبرير جرائمها أو التستر عليها، بل هم أكثر انتماءً لإيران من الفرس، تجد «السنية السياسية» من «الإخوان» وأشباههم يحملون عداء مروع للسعودية، ففي كل مرة نسمع بحملة إعلامية غربية ضدنا أو تهديد إيراني أو قصف صاروخي حوثي للسعودية نجد لديهم نبرة شماتة وحقد، فبعد عقود من نفاق للحكومة السعودية، لعلهم يسيطرون على المناصب والأموال فيها، تحولوا إلى فرقة شماتة وتحريض، بل انقلبوا حلفاء لإيران والحوثي، بل إن أحدهم قال إنه يتوقع «تحرير» الحرمين الشريفين من سيطرة السعودية بواسطة جيش من «إخواننا الشيعة»، على حد وصفه، قادم من اليمن، هذا الشخص ليس رجلاً جاهلاً مجهولاً، بل ابن إحدى الشخصيات «الإخوانية» الكبيرة في إحدى الدول العربية، بالتالي أصبحنا نتعرض لهجوم وتقريع وشماتة من أغلب هذه الجماعات، بل إن منصات التواصل الاجتماعي زاخرة بالأفراد الهُلاميين الذين لا يملكون أي قيمة فكرية أو ثقافية نصبوا أنفسهم موجهين وناقدين للسعودية، وإن قلنا أن تأييد جماعات «الشيعية السياسية» لإيران هو لأسباب تتعلق بالمعتقد يظل من غير المفهوم أو المقبول تهجم جماعات «السنية السياسية» علينا وتبنيهم للمواقف الإيرانية الارهابية العدوانية.
السبب لهذا الهوس العدائي ضدنا هو «الصحوة الجديدة» التي نمر بها للتخلص من الركام الفكري الذي جاءت به «الصحوة القديمة»، فتحولت السعودية بقدرة قادر إلى هدف للتخريب من هذه الفئة نفسها، ونسوا أن اقتصاديات واستقرار جميع الدول العربية بل والعالم قائمة بشكل مباشر وغير مباشر على استقرار السعودية والخليج واقتصادهم، ولكن هؤلاء لا يوجد لديهم مشكلة طالما أنهم مُنِعوا من إدارة دفة السياسة في هذه البلاد، فهم جماعة سياسية مهووسة بالسلطة فقط، بالتالي لامجال للاستغراب من تحيّز أغلب الليبيراليين في العالم العربي للحكم العسكري أو حتى مدني علماني مستبد ضد حكم «الإخوان» الإسلامي، إذا ما كانت المقارنة القَدَرية هي الاختيار ما بين الأول أو الثاني فقط، فقد أثبتت التجربة أن «المستبد العلماني» أهون ألف مرة من «المستبد الديني»، فالنتائج الشخصية لأن يعتبرك المستبد العسكري «معارض سياسي» أهون من أن يعتبرك المستبد الديني من «الكفار الخوارج» إذا عارضت سياسته، كذلك أن باب الإصلاح، ولو البطيء، يظل مفتوحاً أكثر في حالة المستبد العلماني أو العسكري من حالة المستبد الديني الذي لن يترك مجالاً للاستماع لآراء من يعتبرهم كفار أو خوارج، هذا إذا سمح المستبد الديني لهؤلاء الكفار بالبقاء على قيد الحياة.
جماعة «الإخوان المسلمين» هو تيار لا ينتمي لا إلى دين ولا إلى وطن، بل إلى مشروع «طوباوي» لا يعرف أحد أين يبدأ ولا أين ينتهي، وقد أفسدوا الحياة الاجتماعية في السعودية أكثر من 30 ثلاثين سنة عبر ما أسموه بـ«الصحوة»، فحرّموا كل شيء على المجتمع، في الوقت الذي كنا -نحن اللبراليون- نريد أن نعيش حياة عائلية طبيعية ضايقونا حتى في الأماكن العامة والمطاعم بحجة «حماية أخلاق المجتمع»، والذي ثبت في النهاية عدم صواب اعتقادهم بفساد المجتمع.
لطالما طالب المثقفون تدريس المنطق والفلسفة والاجتماعيات وتاريخ وتطور أفكار الحضارة الغربية و«الصحوة الحقيقية» التي حدثت في أوروبا في عصور النهضة حيث قادتهم صحوتهم إلى التقدم، أما صحوتنا المزعومة فقادتنا نحو الانغلاق على تراث كان مناسبا لزمانه فقط، وتلقى كل من انتقد الصحوة المزعومة اتهامات بالتغريب والتكفير، وتم اعتبارنا بوقا للثقافة الغربية.
على رغم أن الظاهر من المواجهة في المنطقة هو الجانب العسكري والأمني، لكن تظل المشكلة في أصلها فكرية، فالخطاب الفكري لهذه الجماعات هو خطاب تبشيري تسعى من خلاله إلى بناء طبقات من التحالف والتنظيمات التي سرعان ما تتحول إلى ميليشيات عابرة للحدود السياسية والقومية وقادرة على تدمير الدول وهو ما نشاهده عملياً، بالتالي يجب على المثقفين السعوديين المتابعة الدقيقة للتيارات الفكرية على الساحات الإعلامية والفكرية ومنصات التواصل الاجتماعي في المنطقة والرد عليها لوقاية أبناءنا والأجيال القادمة من هذا الفكر الخطر.
3 ميحانه.. قصة الحب العراقية الخالدة في طرب ما بين النهرين
أحمد المرشد الايام البحرينية
اعتدت في كتاباتي أن أتحدث عن الحب في أغاني أم كلثوم أو عند الشعراء المصريين، ففي مصر تعلمنا لغة الحب الجميل والبسيط، الحب من أجل الحب، ولكنني اليوم سوف أعرج على العراق، هذا البلد الجميل الذي تتسم لهجة أهله بالحلاوة، وكذلك كلمات شعرائه الكبار، حيث تغنوا بالحب والجمال، ونحن في الخليج نعشق هذه اللهجة البسيطة وحبهم وأغاني عشقهم، ومن أشهر من تغنى بهذه الأغاني حضيري بوعزيز وناظم الغزالي وكثيرون غيرهم لا أستطيع حصرهم، ولكن سأورد بعضهم. ولدينا مطربهم الكبير كاظم الساهر الذي أصبح من عشاق الملايين، وفؤاد المهندس وفؤاد سالم.. فكلماتهم تشعرك بأصالة هذا البلد الذي يحبه الجميع وتدخل لهجة أهله القلوب دون مقدمات ونحس معها بنسائم لطيفة. للعراق وأهله محبة خاصة في قلبي، فهو بلد عروبي، شعبه عروبي.. كان لا بد من هذه المقدمة حتى نبتعد عن مناقشة الأمور السياسية في العراق ولنعد الى موضوعنا موضوع قصص الحب الرائعة التي مازالت تحتفظ بحبها من عشاقها.
وينسب العراقيون الى محمد عبدالوهاب نقلاً عن إحدى المقابلات الصحفية في الستينات، قوله إن معظم الأغاني العربية تدور في فلك الأغنية المصرية باستثناء الغناء العراقي؛ لما يتميز به من خصوصية كاملة نابعة من الروح والحنجرة والنغمة المرتبطة بالمكان بما يجعلها خارجة منه وليست آتية إليه من المحيط الجغرافي القريب أو البعيد. وتعود هذه الحقيقة الى أن المطرب العراقي لا يغني لأجل الغناء، وإنما يعبِّر عن حالته الحقيقية، وهو جزء من أسباب التفرد التاريخي في التعبير، ولهذا اتسم الغناء العراقي في الماضي بالتعبير عن الفرح أو الحزن والشجن، وكانت كلمات الأغاني نابعة من الحياة الصعبة، وعبّر الغناء وقتها عن طقس ما بروح الفرح أو الحزن. ولهذا يقول العراقيون إن مطربيهم في الماضي كانوا يعبّرون عن حالة حزن شديدة تماثل غناء فريد الأطرش الذي عبّر بأغانيه عن حالة اغتراب وشقيقته أسهمان ولم يستطع التخلص من حزنه طوال حياته الفنية، كذلك المطرب عبدالحليم حافظ الذي عبّر عن مرضه بأغانيه الحزينة. حتى أن ناظم الغزالي لم يتخلص من حالة الحزن في أغانيه رغم أناقته ولغته الموسيقية الحديثة ورحلاته العربية، إذ بقي وفيًا لحزنه تعبيرًا عن نشأته الصعبة في كنف أم كفيفة ومعاناة معيشية، ثم أصبح بلا أب وأم وهو لا يزال طفلاً، لتخرج أغانيه صورة طبق الأصل من حياته التي عانى فيها الحرمان والعزلة.
ويكفي عالم الغناء العراقي تميزه بفولكلوره الجميل الذي أخرج لنا رائعته «ميحانه ميحانه» التي تعبّر عن فن العراق الذهبي. للأغنية قصة شهيرة يحفظها العراقيون أو على الأقل أجيالهم الماضية، ونحن معهم بالتأكيد. فكلمات الأغنية مستوحاة من قصة حب حقيقية ومؤثرة من التراث العراقي، وكيف أحبت فتاة ريفية شابًا بالقرية لتظل وفية له بعد موته المفاجئ، لتحفظ الأجيال المتعاقبة قصة الحب الخالدة ذائعة الصيت في العراق والوطن العربي ويغنيها معظم مطربي العراق تقريبًا، وأشهرهم بطبيعة الحالي ناظم الغزالي وكاظم الساهر باعتبارها فولكلورًا عراقيًا خالصًا.
وتروي القصة باختصار أن شابًا من مدينة (المسيب) التي يشطرها نهر الفرات نصفين بين مدن بغداد وكربلاء والحلة، كان يملك قاربًا صغيرًا يجوب به النهر وينقل فيه الحيوانات والحبوب وغيرها. واعتاد الشاب في أثناء عمله الغناء بصوته الجميل وانبهر به السكان الذين كانوا ينتظرونه على ضفة النهر ليستمعوا إلى صوته ويستمتعوا به، وكان من ضمن معجبيه فتاة تعلق قلبها به فنشأت قصة حب شديدة بينهما وكانت تنتظره على شاطئ النهر قبل أن تغسل الأواني وتنقل المياه الى منزلها. وقد علمت بقصة الحب هذه صديقة الفتاة واسمها «ميحانه»، وبعد فترة من الزمن مات الشاب في حادثة مفاجئة، فحزنت حبيبته حزنًا شديدًا، وذات يوم ذهبت كعادتها لضفة النهر لتغسل الأواني وتملأ المياه قبل عودتها لمنزلها، فلمحت قارب حبيبها الذي كان قرب جسر المسيب التاريخي، فمرّ القارب دون غناء صاحبه ومن دون صوته الجميل الذي يأسر القلوب، فأحزنها المشهد الصامت لتطفو ذكرياتها وتلتفت الى صديقتها ميحانه وقد اقتربت الشمس من المغيب، وأنشدت الفتاة منادية صديقتها:
ميحانه ميحانه… ميحانه ميحانه
غابت الشمس وللحين ما جانه
حيك.. حيك بابه حيك.. ألف رحمة على بيك
هذوله العذبوني.. هذوله المرمروني
وعلى جسر المسيب سيبوني
عافت عيوني النوم.. عافت عيوني النوم
بعدك حبيبي العين ذبلانه
بلوح القدر مكتوب.. بلوح القدر مكتوب
بهجرك حبيبي الروح ضمآنه
ضليت انا سهران.. ضليت انا سهران
وارعى نجومي ليش ما جانه
واتسامر ويا الليل.. واتسامر ويا الليل
واجمع همومي وروحي تلفانه
خلى الدموع اتسيل.. خلى الدموع تسيل
من عيني دمه الروح ضمانه
واللي فديته الروح..
روحي ظلمه بسكَم خلاّنه
لقد تربى جيلنا ومن سبقنا على غناء المطرب العراقي ناظم الغزالي الذي صال وجال في عالم الغناء وأبدع في نقل قصائد الحب والهوى، وهو أيضًا من أشهر مطربي العرب في زمانه، فتمنى المطرب محمد عبدالوهاب التعاون معه والتلحين له ولكن لم تسمح الظروف بإتمام التعاون بينهما. وكما هو حاصل حاليًا مع كاظم الساهر سفير العراق للعرب جميعًا، كان الوضع ذاته مع الغزالي، إذ احتل لقب سفير الأغنية العراقية للعرب، لتظل أغانيه حاضرة في ذاكرة الأجيال تحكي زمن الفن الجميل كونها نبعت من بيئة ذات طبيعة شديدة الخصوصية، مثل «طالعة من بيت أبوها»، و«ما ريده الغلوبي»، و«أحبك»، و«فوق النخل فوق»، و«يم العيون السود». ويعزو النقاد نجاح أغنيات الغزالي في الوطن العربي إلى أنه أدى أغانيه بعذوبة شديدة وخرج بها عن الأصول المتبعة ليجعل منها أغنية سهلة التداول والحفظ. ومن أشهر أغاني الغزالي الذي اشتهر بإلقاء الموال (ميحانه ميحانه، عيّرتني بالشيب، يا أم العيون السود، ماجوزن أنا) وغيرها من الأغنيات التي حفظها الكبار والصغار عن ظهر قلب.. وننقل هنا كلمات أغنية «أم العيون السود»:
يام العيون السود ماجوزن أنا
خدك القيمر أنا أتريق منه
لابسه الفستان وقالت لي أنا
حلوه مشيتها دتمشي برهدنه
لو تحب خادم خادمها أنا
ولعوف الدوله وأعوف السلطنه
واقفه بالباب تصرخ يا لطيف
لأي مجنونه ولا عقلي خفيف
من ورا التنور تناوشني الرغيف
يا رغيف الحلوه يكفيني سنه
لون خمري لا سمار ولا بياض
مثل بدر تام واشرف ع الرياض
باللما تحي وتقتل باللحاظ
بغنج تحكي وترد بعنونه
طالعه بفستانها الوردي الجميل
وأنزوت حين اسفرت شمس الأصيل
غصن قدها من تهب نسمه يميل
حلوه مشيتها بتأني ورهدنه
اقحوانه ابتلت بقطر الندى
تبسمت بسمه طروبه وفاتنه
ويكتب للعراق والعراقيين أن ناظم الغزالي لم يكن مطربهم الوحيد الذي يتربع في قلوبهم، إذ سمح الوضع وقتها ليظهر أكثر من نجم في زمانه وسطعوا جميعهم في عالم الطرب والغناء، ومن بينهم حسن وحضيري بوعزيز وزهور حسين ومسعود العمارتلي، حتى جاءت حقبة السبعينات لتفرز أصواتًا جديدة مثل حسين نعمة وفؤاد سالم ورياض أحمد وقحطان العطار ومائدة نزهت وسعدون جابر وكمال محمد وأنوار عبدالوهاب وغيرهم، ويكتب لهذا الجيل الجديد تميزه بغناء لون جديد من الأغنية الراقية التي تعتمد على القصيدة الشعرية بعيدًا عن الشكل المعتاد وهو الموال، وقد أبدع في هذا اللون عريان السيد خلف وزامل سعيد فتاح وغيرهما الكثير، ويحضرنا هنا أغنية المطرب المبدع حسين نعمة الشهيرة «ما بيه أعوفن هلي» وتقول أبياتها:
هلي وياكم يلذ العيش ويطيب
نسايمكم تداوي الجرح ويطيب
هلي منكم تعلمت الوفا والطيب
هلي ياهل المضايف والدلال
ما بيه اعوفن هلي ولا بيه اعوف هواي
قلبي نسيته هنا ياهو اليدوره وياي
****
يالواعدتني ورحت لوين حد الصبر
محتار لا اني لهلي ولا يمك اقضي العمر
يا وسفه ضاع الوفى والود تبدل هجر
قلبي نسيته هنا يا هو اليدوره وياي
****
بس ولعونه ومشوا حق العرفناهم
تسعر ولا تنطفي نيران فرقاهم
ليله وهجرها القمر روحي بلياهم
قلبي نسيته هنا ياهو اليدوره وياي
يا هو اليدوره وياي
أما كاظم الساهر نجم العراق والعرب حاليًا، فهو الذي حلق بالأغنية العراقية في آفاق الشهرة التي تخطت حدود الوطن العربي، ليكون مع قصائد نزار قباني وعلى رأسها «في مدرسة الحب» ثنائيًا فنيًا غنائيًا مبدعًا عشقه العرب المحبين للفن والموسيقى وتمايلوا مع آهاته ونغماته، فهو عاشق للحب ولمس بأدائه قلوب العشاق، وكان خياله واسعًا ليداعب به أذان المحبين.
وإذا كان عالم الفن والغناء والعراقي يشتهر برجاله الكبار، فقد تميز أيضًا بمطربات عديدات وصارت أغانيهم حاليًا تراثًا كبيرًا يحتفظ به العراقيون، ومن بينهن صديقة الملاية صاحبة الصوت الرنان الذي يُعد من كنوز الغناء العراقي، زكية جورج التي امتلكت الرقة والجاذبية، زهور حسين ذات الصوت الرخيم، لميعة توفيق صاحبة الصوت القوي ريفي النكهة، مائدة نزهت صاحبة الصوت الجميل والحضور الطاغ.. وكما اخترنا المطرب ناظم الغزالي من بين أقرانه العراقيين لنتحدث عنه، فليس أشهر من بين المطربات العراقيات سوى سليمة مراد إحدى قمم الغناء العراقي منذ أواسط العقد الثاني من القرن المنصرم، إذ احتلت مكانة مرموقة ونالت شهرة فائقة في عالم الغناء، ولا تعد شهرتها نابعة من كونها زوجة ناظم الغزالي الذي غنى العديد من أغانيها القديمة، إلا أنها سبقته في الغناء حتى أن كوكب الشرق أم كلثوم أشادت بصوتها عندما زارت بغداد. ومن أشهر أغنياتها (خدري الجاي خدري، أيها الساقي إليك المشتكى، قلبك صخر جلموديا، نبعة الريحان، الهجر) وغيرها. كما اشتهرت سليمة مراد بسبب صيتها مطربة، فقد نالت من الفن حظًا وافرًا وصيتًا بعيدًا، فكانت كروانة الغناء عصرها.
من المؤكد أن الأغنية العراقية تاريخيًا قد تميزت بميزة مهمة جدًا، إذ تُعد علامة فارقة من علامات الحضارة العراقية القديمة وأحد أعمدتها، وبرزت منه الموسيقى التي تعرف بأنها «موسيقى الرافدين» أو «موسيقى بلاد ما بين النهرين»، ومنها الحضارة السومرية كإحدى علامات توضيح حبّ العراقيين للموسيقى والغناء، حتى إن شكل الحزن والشجن والأنين جزءًا كبيرًا من الأغنية قديمًا وكانت تلك الألوان غالبة على الأغنية وشبه ملازمًا لها، وكان يتطلب في حنجرة المطرب قديمًا القدرة على أداء المقامات الحزينة التي تجذب المستمعين ليتفاعلوا مع ما يؤديه من غناء. ولكن شكل الغناء والموسيقى تطور بصورة كبيرة في القرن العشرين، ليجذب الكثير من المطربين والملحنين الذين أضافوا للأغنية الكثير.
4 إيران تستهدف البحرين.. في العراق!
فيصل الشيخ
الوطن البحرينية
الاعتداء الذي تعرضت له السفارة البحرينية في العراق، عمل آثم ومجرم بحسب الاتفاقيات الدولية، ولا يقبل به المجتمع الدولي إطلاقاً، وهذا أمر لا جدال فيه ولا خلاف عليه.
والدول التي تقوم على أسس إدارية سليمة، هي تلك التي تحافظ على المواثيق والأعراف الدولية، بالتالي هي دول «ملتزمة بالعهود الدولية».
هذا التوصيف يمكن إطلاقه وبجدارة على الدولة التي تستضيف بكل مسؤولية سفارات دول أخرى سعياً لبناء علاقات ثنائية قوية، من ورائها مصالح مشتركة، يمكن قوله عن دولة تتحكم بمقدراتها وأمنها بنفسها، دولة لها سيادتها، وليست دولة مختطفة لا تقوى على قول «حرف» في وجه خاطفيها.
يؤلمني قول هذا عن العراق، شقيقنا الذي ضاع للأسف، لكن يؤلمني أكثر، وهذا هو الأكثر أهمية، أن أرى سفارة بلادي تهاجم من قبل عصابات وأذناب موالية للنظام الإيراني، وعلى مسمع ومشهد من النظام العراقي الذي لا يقوى على تحريك ساكن، لصد هكذا اعتداء وردع مرتكبيه.
أين عظمة العراق التي كنا نفخر بها، أين القوة في التصدي والمواجهة التي جعلت خميني إيران يوزع «مفاتيح جنته» الوهمية على الإيرانيين حتى يحثهم على القتال في الساحات ضد الدولة العربية التي يسندها أشقاؤها الخليجيون والعرب، والتي دعموها في مجابهتها للمد الصفوي المجوسي الطائفي؟! أهذا هو العراق؟! لا والله!
في البحرين يستحيل أن تهاجم سفارة دولة عربية شقيقة فما بالكم بأجنبية صديقة، وتقف قوات الأمن والنظام متفرجة دون أن تحمي أخلاقيا الاتفاقيات الدولية، إضافة لحمايتها قدسية أراضي السفارات! البحرين يستحيل أن تقبل بهكذا فوضى، أو أن تترك فوضويين وغوغاء ومعتدين على السفارات دون تعامل صارم يحكمه القانون.
لكنها للأسف ليست المرة الأولى التي تُهاجم فيها سفارتنا، ومن قبل فئات يشكلون إما عصابات مرتزقة ولاؤهم لإيران وخامنئي وليس للعراق، أو من قبل ميليشيات مسلحة تعمل بأسلوب العصابات التي تفشي الإرهاب وتخويف الأبرياء مثلما حصل بعد شهور قليلة على يد مقتدى الصدر وأتباعه.
أية ذرائع وأية حجج يسوقها مرتكبو الاعتداء الآثم، ومن يحركهم، ومن يدفعهم لذلك، هي حجج مرفوضة وواهية. وإن كان يظن القائمون على هذا العمل المشين بأنهم يحققون شيئاً أو يسجلون موقفاً ما، وهذه بحد ذاتها الكذبة التي يغلفون بها تصرفاتهم، فإن من باب أولى تركيز أفعالهم لطرد الأذرع الإيرانية من العراق، من باب أولى أن يستعيدوا أراضيهم المخطوفة وثرواتهم المنهوبة من قبل إيران التي سلمها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما العراق لتبتلعه بكل سهولة.
أما النظام الإيراني المنبع للإرهاب الإقليمي والدولي، إن كان يظن بتحريك أذرعه للنيل من البحرين، مستغلاً توقيت فعاليات دولية تحتضنها، يسعى لبيان أنه -أي نظام خامنئي- المنتصر الأول لقضيتنا العربية والإسلامية الأولى فلسطين، وأنها -أي إيران- صاحبة القلب المحروق على القضية، فهنا كذب ما بعده كذب، وتزوير في الواقع لا يفوقه تزوير، فإيران لديها ارتباطاتها الصريحة الاقتصادية والتجارية وحتى السياسية مع إسرائيل، بل هناك مكاتب تابعة لها في الأراضي المحتلة تخدم مصالحها مع النظام الإسرائيلي.
ولو كان نظام خامنئي صادقاً فيما يدعيه، فلماذا خط المقاومة الممثل بحزب الله المحتل لجنوب لبنان، معطل لصواريخه تجاه الأراضي المحتلة؟! وموجهها في المقابل لصدور العرب؟! لماذا لا تسلح إيران الفلسطينيين ليواجهوا محتلي أرضهم؟! أوليس هذا من باب أولى بدل تسليح الحوثيين ليقصفوا السعودية بالصواريخ وليحتلوا بلداً عربياً بالوكالة عن إيران؟!
مساعي نظام الملالي وأذيالهم ستظل خائبة بإذن الله، وبحريننا مصانة ومحفوظة بحفظه إن شاء الله.
5 الاعتداء على علم وشعار البحرين في العراق
د. محـمـــــد مـبــــارك
اخبار الخليج البحرينية
ساعات قليلة من بعد الاعتداء المنظم على سفارة مملكة البحرين في العاصمة العراقية بغداد، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الهجمات التي تعرضت لها خطوط نقل البترول في المملكة العربية السعودية مؤخرًا باستخدام طائرات مسيرة لم تكن عبر اليمن وإنما عبر العراق.
وسواءً كان للهجوم على السفارة البحرينية في العراق علاقة بما أفصحت عنه الولايات المتحدة الأمريكية بشأن هجمات الطائرات المسيرة على خطوط البترول، فإن المؤكد هو أن هذا الإعلان يعد رسالة مباشرة إلى الحكومة العراقية مفادها بأنه ينبغي عليها السيطرة على أجوائها وأراضيها، لا أن تكون مرتعًا للمليشيات الإيرانية.
لقد استخدمت إيران مليشياتها في العراق لتنفيذ هجمات في محيط المنطقة الخضراء بقذائف الكاتيوشا، وحدث ذلك مرتين، كما تم تنفيذ هجمات على موقع عمل شركة إكسون موبيل الأمريكية للطاقة، واضطرت الشركة إلى إجلاء الموظفين. وكانت الخارجية الأمريكية قد أجلت قبل ذلك موظفيها من السفارة الأمريكية في بغداد بعد ورود معلومات استخبارية تؤكد أن قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني قد أمر بخطف وقتل الأمريكيين في العراق.
الهجوم على سفارة مملكة البحرين في بغداد لا يخرج أبدًا عن سياق الإيعاز الإيراني لمليشياتها في العراق بالعمل على مضايقة السفارات الخليجية هناك، وخصوصًا في أعقاب التقدم الملحوظ الذي تحقق على مستوى العلاقات الخليجية العراقية. إلا أنه يبقى من الواجب أن تتحمل الحكومة العراقية مسؤوليتها الكاملة في حماية المقرات والبعثات الدبلوماسية، وخصوصًا أن المشهد الذي رأيناه لتلك الحشود المتجمهرة أمام السفارة وبعض العناصر الذين اعتلوا السفارة واعتدوا على علم وشعار مملكة البحرين كان على ما يبدو خارجًا عن سيطرة رجال الأمن «وأقول على ما يبدو»، وهذا أمر خطير للغاية، ومن المؤكد أن بقية البعثات الدبلوماسية سوف تتخوف هي الأخرى أيضًا من أن يحدث معها الأمر نفسه بإيعاز إيراني.
ولذلك، فإن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية يوم أمس عن مصدر الطائرات المسيرة التي نفذت هجومًا على خطوط البترول في المملكة العربية السعودية، هو رسالة مباشرة للحكومة العراقية، ونرجو أن تكون تلك الرسالة قد وصلت بالشكل الصحيح!
6 العراق.. الحكمة ضالة المؤمن
محميد المحميد اخبار الخليج البحرينية
هذه المرة، تعاملت جمهورية العراق الشقيقة مع الاعتداء المرفوض على سفارة مملكة البحرين ببغداد بكل مسؤولية ووضوح، التزاما بموقف عربي، وتنفيذا لاتفاقية فيينا، وحرصا على علاقات أخوية وطيدة، لن يعكر صفوها أناس مخربون، يقف وراءهم محرضون معروفون، يخرجون بين حين وآخر لتنفيذ أجندات الفتنة.
كموقف ثابت لا جدال فيه أعربت مملكة البحرين بكافة مستوياتها رفضها واستنكارها لما وقع من اعتداء مرفوض، وأعلنت الدول الشقيقة والمنظمات الإقليمية موقفها المتضامن مع مملكة البحرين، وجرى اتصال هاتفي بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى -حفظه الله ورعاه- وأخيه فخامة الرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق الشقيقة، تم خلاله تأكيد العلاقات الأخوية، ورفض الاعتداء وعدم السماح أبدًا بالنيل من العلاقات الوثيقة.
وفي خطوة إيجابية أخرى كذلك، قام رئيس مجلس النواب العراقي بإجراء اتصال هاتفي مع رئيسة مجلس النواب البحريني وأكد أن العلاقات الدبلوماسية مع مملكة البحرين خط أحمر، ولا يمكن القبول بالمساس أو الإضرار بها، ناقلا تحياته لمملكة البحرين، ومؤكدا دعم اتخاذ كافة الإجراءات ضد المخربين.
كما أن اتصال وزير الخارجية العراقي بوزير الخارجية البحريني وتنديده باقتحام عدد من المتظاهرين مقر السفارة البحرينية، والتأكيد على التزام العراق بأمن البعثات الدبلوماسية، منها سفارة مملكة البحرين، وتشديده على أن مثل هذه الأحداث لن تؤثر في مستوى العلاقات، أو التمثيل الدبلوماسي بين بغداد والمنامة.. خطوة دبلوماسية وموقف مسؤول.
كذلك فإن زيارة وزير الداخلية العراقي لمبنى السفارة ولقاءه السفير البحريني هناك، وتأكيده رفض ما حصل، والتزام العراق بحماية العاملين بالسفارة واحترام سيادة البحرين، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المعتدين -وقد تم الإعلان عن القبض على من قام بالاعتداء المرفوض وتقديمهم للعدالة والقانون-.. هي خطوة سليمة تعكس الموقف العراقي المسؤول.
بناء عليه، وحيث إن العراق الشقيق أعلن رفضه لما حصل، وقام مشكورا باتخاذ إجراءته التي تؤكد سلطة الدولة وقانونها، واحترام العلاقات مع الدول، فإن هذه الخطوة الحكيمة تحسب للإدارة العراقية الجديدة، وتعكس حرصها على تعزيز علاقاتها العربية المشتركة، وسرعة معالجة أي تجاوز غير مسؤول يمثل من قام به ولا يمثل العراق الشقيق.
هذا الموقف العراقي قابله موقف بحريني حكيم ومسؤول كذلك، تأكيدا لرغبة الدبلوماسية البحرينية في تعزيز العلاقات الأخوية، وتفويت الفرصة أمام كل من يحاول الإساءة للعلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وكان من الممكن أن تتخذ مملكة البحرين إجراءات قانونية أكثر، ولن يلومها أحد، ولكن حكمة جلالة الملك المفدى وأخيه فخامة الرئيس العراقي احتوت الأمر سريعا، مع بيان الموقف الرافض لما حصل.
يعلم الجميع من يقف وراء ما حصل، وتوقيته تحديدا، وليس الأمر متعلقا بالقضية الفلسطينة وجهود السلام، ولكنه سيناريو معروف وممارسات متكررة من نظام وجماعات تريد أن تشعل الفتنة، وتدق إسفين الخلاف بين الدول الشقيقة.
جاء في الأثر: «الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى بها».. والموقف العراقي اليوم يحسب للعراق، ويستلزم ضمان عدم تكراره من تلك الجماعات المعروفة.