1 العراق دولة تدار بالوكالة
حميد الكفائي
الحياة السعودية
منذ العام 2006 والمؤسسات العراقية تدار بالوكالة، والسبب هو أن الحكومة غير قادرة على تعيين رؤساء هيئات وقادة جيش وشرطة واستخبارات ووكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين بصورة رسمية، بسبب الخلافات بين الأحزاب على حجم حصصها في المناصب. هذه الخلافات أتاحت فرصة نادرة لرئيس الوزراء والوزراء ليعينوا من شاءوا من أتباعهم وأقاربهم في إدارة المواقع المهمة في الدولة خلافا للضوابط ومن دون أي قيود تتعلق بالكفاءة والخبرة. لم يُثبَّت أي مسؤول إداري دون الوزير في موقعه منذ العام 2006 باستثناء السفراء وبعض المديرين العامين الذين لا يتطلب تعيينهم موافقة البرلمان. كان التثبيت ليجعل هؤلاء الموظفين الكبار يعملون بثقة واطمئنان، معتمدين على قدراتهم وخبراتهم، ومتمتعين بحماية القانون. لكنهم ظلوا يعملون بالوكالة، ضعفاء أمام المسؤول الأعلى، يخيم عليهم شبح الإقالة إن هم رفضوا تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم، وإن كانت مخالفة للقانون والإنصاف، فإقالة الموظف المعين بالوكالة سهلة جدا، إذ ليس له حقوق قانونية ولا يمكنه الاعتراض.
عاش هؤلاء المسؤولون الكبار، والمستقلون منهم تحديداً، أجواء تشبه ما كان سائدا أيام النظام السابق، فبالإمكان إقالة غير الموالي في أي وقت، بل وتلفيق أي تهمة جاهزة له، كتعاطي الرشوة أو إهمال الواجب أو التسبب في إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني وما شابه. كان المسؤول يُقتاد من كرسيه إلى ساحات الإعدام إن ظن رأس النظام (أو أحد أبنائه أو أقاربه أو معتمديه) بأنه غير موال. اتُّهِم وزير الصحة، رياض إبراهيم حسين، الذي يشهد له خصومُه قبل أصدقائه، بالكفاءة والنزاهة والمهنية وسمو الأخلاق، باستيراد أدوية منتهية الصلاحية وأعدم بعد أن (ثبُتَتْ) التهمة عليه في محكمة! وكيف لا تثبت وقد وجهها له رئيس الدولة!
في النظام الجديد يحصل الشيء ذاته تقريباً، مع تحسن طفيف هو استبدال حكم الإعدام بالسجن. على سبيل المثال، رؤساء هيئة النزاهة، التي يفترض أنها تلاحق الفاسدين، أقيلوا أو استقالوا بين ليلة وضحاها لأسباب مجهولة، ولكن يمكن تخمينها بأنهم رفضوا تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم من جهات عليا لأنها مخالفة للقانون. وكانوا جميعا، خلا واحد، معينين بالوكالة.
يقدِّر مطلعون عدد المسؤولين الكبار المعينين بالوكالة في الدولة العراقية بالآلاف، وهذا يشمل معظم وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات المستقلة ومديري البنوك والمستشارين والمفتشين العامين والمديرين العامين وقادة الجيش ومديري الشرطة والاستخبارات والأجهزة الأمنية، بل إن أهم مؤسسات الدولة، كالأمانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة النزاهة، والبنك المركزي العراقي، وجهاز الاستخبارات، تدار بالوكالة منذ العام 2006 للأولى، و2007 للثانية و2008 للثالثة و2012 للرابعة. وكذلك هو حال ديوان الرقابة المالية، وشبكة الإعلام العراقي وهيئة الاتصالات والإعلام وهيئة دعاوى الملكية (إلى أن حُلّت قبل أربع سنوات) وعدد من البنوك التابعة للدولة. والطريف في إدارة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهي أهم مؤسسة في الدولة على الإطلاق، لأنها تنظم عمل الوزارات والمؤسسات كافة، أن شقيقين أداراها بالوكالة، الأول لثماني سنوات في عهد نوري المالكي ثم خلفه شقيقه في المنصب لأربع سنوات في عهد حيدر العبادي!
وفي الفترة الممتدة بين الأعوام 2006 و2014 كان رئيس الوزراء وحده (بتفويض من مجلس الوزراء) يتخذ قرارات تعيين رؤساء الهيئات، وهم بدرجة وزير، ووكلاء الوزارات والمستشارين وذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين. ومنذ الحكومة المؤقتة في عام 2004، فإن أولى مهام الوزير الجديد إقالة كبار المسؤولين أو مضايقتهم، أو تهميشهم، حتى يستقيلوا أو يطلبوا التقاعد، خصوصاً أن كانوا مستقلين وغير موالين له، وتعيين بدلاء لهم بالوكالة، من أتباعه أو أقاربه.
أصبح هؤلاء الموظفون، الذين عادة ما يديرون الدولة بحسب كفاءاتهم وخبراتهم المتراكمة ووفق القانون، ضعفاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا إلا بأمر المسؤول الأعلى وهو رئيس الوزراء أو الوزير بالنسبة لمن هم دون درجة وكيل وزارة، بل أصبح معظمهم أدوات طيعة بأيدي الوزراء وقادة الأحزاب والميليشيات لأنهم أن رفضوا الأوامر، فإن الإقالة تنتظرهم، بل قد تُلفق لهم التُهم ويحكمون بالسجن لفترات طويلة كما حصل لكثيرين، ومنهم رئيس هيئة معين بالوكالة، لُفِّقت له تهم عديدة بينها تبذير المال العام لأغراض سياسية وسرقة كومبيوتر محمول كان معه يوم إقالته المفاجئة، أعاده في اليوم التالي.
الآن، يحاول السيد عادل عبد المهدي كما وعد في (المنهاج الحكومي) أن يُنهي ما سمي “دولة الوكالة” تارة و”الدولة العميقة” تارة أخرى، لكن السؤال الذي يدور في أذهان كثيرين هو ماذا يحصل لآلاف المسؤولين الحاليين أن هو فعلا أقدم على إنهاء العمل بالوكالة؟ ومن سيحل في مناصبهم وكيف؟ هل سيعلن السيد عبد المهدي المواقع الجديدة الشاغرة (عبر النافذة الألكترونية) مثلاً، كما فعل أثناء تشكيل حكومته عندما تقدم عشرات الآلاف من العراقيين الطامحين أن يصبحوا وزراء في حكومته؟ أم أنه سيملأ هذه الوظائف بطرق مبتكرة غير متبعة سابقاً؟ أم سيلغي معظمها، خصوصا وأن الدولة تئن من كثرة الموظفين والمديرين والوكلاء والمستشارين والمفتشين الذين لا عمل حقيقياً لهم؟
المتوقع أن رئيس الوزراء سوف يعين بدلاء لهم وفق محاصصة جديدة تأخذ بنظر الاعتبار التوازنات التي خلقتها الانتخابات الماضية وظروف تشكيل الحكومة الحالية الغامضة. قد يُثبَّت بعضهم في مواقعهم، أن كان هناك من يسندهم من الأحزاب، خصوصا المسلحة منها، ولكن كثيرين منهم سيفقدون مناصبهم ليحل محلهم آخرون من أتباع قادة الجماعات السياسية، ليبدأوا التجريب في إدارة الدولة كما فعل أسلافهم من قبل. الحل الأمثل هو استبدال غير الأكفاء بأهل الخبرة عبر إجراءات شفافة عادلة تستهدف توظيف العراقيين المستقلين. لكن مصادر موثوقة أفادت بأن عبد المهدي أجرى مشاورات مع الجماعات السياسية المختلفة في شأن هذا الأمر.
عندما سقط النظام السابق تحت نيران الدبابات الأميركية وعاد القادة الحاليون وأتباعهم إلى العراق، انتشر هؤلاء في بغداد والمحافظات وأخذوا يستولون على المباني والممتلكات العامة التي خلفها المسؤولون السابقون وراءهم بعد هروبهم. حتى أن أحد الأحزاب (الدينية) استولى على مسجد عملاق في بغداد لم يكتمل بناؤه بعد، ومازال يتمركز فيه حتى اليوم. استولى هؤلاء المسؤولون (الديموقراطيون) على ممتلكات الدولة من دون وجه حق ومن دون تبرير قانوني أو أخلاقي مقنع. مئات المسؤولين من وزراء وقادة عسكرين ومحافظين ونواب ووكلاء ومديرين وأعضاء مجالس محافظات، حققوا مكاسب مادية هائلة عبر الاستيلاء على المال العام مباشرة أو عبر فرض العمولات على الشركات أو إحالة المشاريع والصفقات التجارية إلى أتباعهم أو شركاتهم الخاصة المسجلة بأسماء آخرين. ومعظمهم الآن يسكنون القصور الفارهة ولديهم مصالح ومكاسب وأملاك داخل العراق وخارجه، حققوها عبر طرق غير قانونية وغير أخلاقية، ولم يكتفوا بذلك بل وظفوا أتباعهم غير الأكفاء في المناصب العامة. لذلك، من غير المتوقع أن يُنصِف هؤلاء الناس ويتخلوا عن مكاسبهم، وهذا يعني أن مشاكل العراق لن تنتهي أن بقيت هذه الطبقة السياسية المتشدقة بالدين متحكمة بالدولة. لا يمكن السارق وعديم المبادئ أن يتحول إلى وطني ومخلص فجأة. أتوقع أن العراقيين لن يسكتوا أن تكرر توظيف المقربين وأستُثنيَ منه المستقلون، وأن الاحتجاجات سوف تتصاعد خصوصاً مع تدهور الخدمات وتزايد البطالة.
2 التاريخ قبل السياسية.. «الملالي» إلى الزوال (1-2)
عبدالملك المالكي
الحياة السعودية
عبر أسبوعين، استميحكم العذر «قرائي الكرام» في كتابة مـقـالتي هذه على تسلسل (مقالتين)، هذا اليوم والإثنين المقبل، أحدهما يؤصل للآخر تاريخياً وسياسياً، وقراءة لما يحدث في المنطقة وتحديداً ما آلت إليه الأمور من تعدٍّ صارخ للآلة العسكرية الإيرانية الباغية على الملاحة الدولية بشكل مباشر، واستهداف المدنيين في المدن الحدودية بطريق غير مباشر وعبر الوكيل المعتمد لإيران في المنطقة وأذنابها وخونة العرب من حولنا.
على مدى الأزمان، عُرف أن الفرس كانوا وراء كل دعوة سوء تصيب دائرة العرب، أو أخرى تدعو للانشقاق وتفكيك الأمة العربية وتفتيتهم تحت أي دعوة وأي مسمى وعرق وطائفة ومذهب، ولعل بلاغة ودقة وصف من اكتوى بنارهم الحاكم الأموي نصر بن سيار، الذي «أرّخ» منذ أول دولة إسلامية بعد الخلفاء الراشدين أخرجت «العراق من ظلمة استعباد الفرس إلى نور الإسلام» لماهية «الفرس» ومن هم قائلاً: «قوم يدينون ديناً ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتب، وإن يكن سائلي عن أصـل دينهم: هو أن تقتل العـرب».
التاريخ رصد وعبر أحد عشر قرناً من الزمان كيف عامل «الفرس» ذلاً واستعباداً ومهانة جيرانهم العراقيين، تحت أي حضارة وديانة.. آرمن، آشوريين، حتى كادوا يقضون عليهم إنساناً وحضارة.
فبلاد الرافدين منذ أن عُرف تاريخياً وديموغرافياً بـ «الحقبة الظُلمة» الممتدة لأكثر من ستة قرون قبل الميلاد، ووصولاً إلى حقبة «الصحوة والنهوض» منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع، الذي واكب ظهور الإسلام واتساع رقعته في بلاد الرافدين، لم تعرف الحضارات والديانات المتعاقبة منذ سقوط «بابل» آخر عاصمة عراقية في القرن السادس قبل الميلاد في يد الفرس، وحتى استعادة شيء من هيبتهم إلا مع بزوغ شمس الإسلام، حيث عاد معه العراقيون مرة أخرى إلى قيادة «النهضة الحضارية العالمية» وإعادة إحياء «بابل» تحت اسم «بغداد».
وطالما كان الحديث عن التاريخ، فلنذهب للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاهر «الفرس» وهازم عرش كِسرى الذي كتب له تاريخ العظماء «البدء بتحرير العراق» من عبودية كسرى في زمنه الراشد، بعد أن كان عبد الله بن حذافة سفير الرسول- عليه صلوات ربي وسلامه- لكسرى قد لقي من «عنت وصلف» المجوس وحقدهم ما فتح به الله على يد سعد بن أبي وقاص حين «انتفض» عرب العراق مؤيدين ومناصرين لجيش الإسلام ومقاتلين في صفوفه.
الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، ابن خالة رسول الله خامس السابقين للإسلام، قاتل إلى جانب الرسول في غير موقعة، كتب إلى «رستم ملك كسرى» يعرض عليه الإسلام أو الصلح بقوله: «إسلامكم أحب إلينا من غنائمكم، وقتالكم أحب إلينا من صلحكم»، فأجاب رستم بكل حقد وغباء قائلاً: «أنتم كالذباب إذا نظر إلى العسل يقول من يوصلني إليه بدرهمين، فإذا نشب فيه قال: من يخرجني منه بأربعة. وأنت طامع وطمعك سيردك»، ولم يدرك المجوس إلا وقد بلغهم من علم السيف ما لم يبلغه الكلام.
اليوم يتضاعف الحقد على العرب، ويأبى المجوسي إلا أن يحقق مراده بالسيطرة على كل بلدان العرب واحتلالها، وذلك بتفكيك وتفتيت وتشتيت وحدة العرب عبر «الخونة» من بني «الجِلدة» و«الظهر» قبل غيرهم، حقد قاد لإذلال العراق وإهانة سورية واستعباد زبانيته في اليمن ولبنان (الحوثي وحزب الله).
ولأن «المجوس» اليوم أكثر عدائية للأمتين العربية والإسلامية فلا يمكنها أن تُخفي «العداء» و«العدوان» المباشر في ثوب حوثي لئيم أثيم، وغير المباشر في طقم خونة لم ولن يفلتوا من يد العدالة في المملكة العربية السعودية طال الزمن أو قصر.
بعد هذه اللمحة التاريخية لصور «إذلال» المجوس للعراق كانت «عِزة الإسلام» رافداً لأهلها الذين توحدوا تحت راية واحدة تعلوها «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقمعوا المجوس وطردوهم..
سأحدثكم الأسبوع القادم بحول الله تعالى عن البعد السياسي لهذا الامتداد التاريخي وصولاً إلى تعمد الاعتداءات الصارخة التي تتحدى الشرعية الأممية قبل أن يصل العالم إلى طريق «اللاعودة» في قبول هذا الجسم السرطاني الخبيث جاثماً على أمن وأمان وسلامة أغلى وأهم بقاع الأرض «حرمة» و«قدراً» و«مكانة» ليس عند العرب والمسلمين فقط، بل وعند العدو الباغي قبل الصديق الصدوق البعيد الواعي.
3 بريد الليل سمير عطا الله الشرق الاوسط السعودية
ثارت ضجة كبرى حول جائزة «البوكر» العربية التي أُعطيت هذا العام للروائية هدى بركات. موضوع الضجة والصخب الذي استمرّ لعدّة أسابيع، كان حول تسريب نبأ الفوز قبل إعلانه الرسمي. والجزء الآخر من الضجيج، كان على اعتراض الروائية العراقية إنعام كجه جي على منح الجائزة لمنافستها، لقناعة لديها بأنها الأكثر استحقاقاً.
رحت أنتظر لأيام كثيرة أن أقرأ نقداً حول الرواية الفائزة «بريد الليل» أو عرضاً موجزاً لها. لكن النقاد ظلوا مأخوذين بالجدل حول ما أحيط بالحدث، متجاهلين تماماً موضوعه الأساسي، أي الرواية والروائية وعملها الجديد. وأنا من قرّاء بركات وكجه جي معاً ولست مؤهّلاً لإصدار حكم نقدي مجرّد. كلتاهما تجيئان من تراث فكري مختلف وموقف إنساني واحد. الأولى تغرف من وقائع وآلام المنفى الذي نقل العرب شكواهم إليه. والثانية تنهل من غنائيات العراق وأحزانه ومواويله. الأولى بأسلوب حارق وحزين، والثانية بأسلوب غنائي وحزين أيضاً. وكلتاهما تعيشان في الغربة. أو على وجه الضبط، في غربة واحدة هي باريس. ولست أعرف كيف يمكن للإنسان أن يكون غريباً في مدينة مثل باريس وبلد مثل فرنسا ولغة مثل الفرنسية. ولكن الاستحالة الكبرى في هذه الحياة، أن ينفصل الإنسان عن الصرّة التي يولد فيها ويصرّ على إعطاء صفة الوطن للوطن الأم وحده. وقد عبّر عن ذلك في مطالعات استثنائية، الكاتب أمين معلوف الذي تجمعه بالروائيتين غربة باريس وصراع الهويات.
«بريد الليل» سرد في صيغة رسائل، لا يختلف إطلاقاً عن أعمال هدى بركات السابقة، وقد قلت إن أسلوبها حارق، لأنها تتوقّف كثيراً عند وقائع الحياة وضعف البشر. تتجنّب الإثارات المكرّرة التي نحت إليها بعض الروائيات الحديثات، لكنها تصوغ الرواية دوماً على شكل اعتراف ساخر من الذات ومن الآخرين أيضاً. فأبطالها دائماً خاسرون، ولكن من دون أن يثيروا أي نوع من التعاطف أو الحنان. إنهم متروكون للعَوم في عالم شديد القسوة، متسارع، ومتدافع نحو الهرب المعنوي من حالاته المادية والحسّية.
بعكس هدى بركات، تطلب إنعام كجه جي لأبطالها الترفّق والمحبة. إنهم خاسرون أيضاً لكنهم لا يريدون المواجهة. وبدل العَوم فهم يبحرون في حياتهم، يحملهم تيار مختلط من القسوة والرأفة. وإنني أخلص من هذه المقارنة إلى حالة شخصية كنت فيها قبل توزيع جوائز «البوكر» العربية وهي عدم القدرة على المفاضلة بين بركات وكجه جي. وأعرف أن هذا الموقف سوف يغضب السيدتين دون أن يرضي أياً منهما. لكن لا حلّ آخر أمامي.
4 رهان إيران… علينا وعلى العالم إياد أبو شقرا الشرق الاوسط السعودية
الذين يرصدون الشأن الإيراني منذ بعض الوقت توقّعوا تصعيد طهران الذي نشهده هذه الأيام.
كانوا ينتظرون رفع سقف المواجهة بغية توجيه رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر مضمونها أن تكلفة أي مواجهة حربية مع إيران ستكون عالية جداً.
لقد كان «خيار شمشون» دائماً جزءاً أساسياً من تفكير نظام يقوم على شبكة من مختلف أشكال التسلط، أبرزها التسلط الديني عبر الهوية الدينية – المذهبية للنظام، والتسلط العسكري عبر القوات المسلحة و«الحرس الثوري» وباقي الميليشيات، والتسلط الاقتصادي – المافيوي الذي يرتبط ارتباطاً عضوياً بسابقيه.
ثم إن استراتيجية «تصدير الثورة»، في حد ذاتها، تجسّد خارج أراضي إيران ومياهها أشكال التسلط الثلاثة، يضاف إليها الاستعلاء القومي الاستنهاضي لهويّة أمة قَبِلت الإسلام بشروطها ووفق تعريفها المصلحي الخاص. ولذا، يستحيل الفصل بين الهوية السياسية للنظام الإيراني واستراتيجية «تصدير الثورة»… أي الهيمنة على الدول المجاورة، وتفجيرها مذهبياً من الداخل إذا –وحيث- دعت الحاجة.
قد تكون هناك خلافات داخل القيادة الإيرانية، كما نسمع دائماً. نعم، ربما يكون هناك تيار عقلاني وآخر مغامر. قد تكون ثمّة قوى معتدلة تفضّل الصبر على تحقيق أهدافها من دون الحاجة إلى استنفار العالم ضدها… مقابل أولئك الذي يريدون الحسم اليوم قبل الغد. وربما تقف جهات «إصلاحية» تؤمن بأن المقاربات الهادئة مفيدة لفتح ثغرات في جدار العلاقات الدولية، اليوم وبشجاعة، في وجه «عسكريتاريين» اقتنعوا بأن الهجوم دائماً خير وسائل الدفاع.
كل هذا ممكن. لكن علينا، في نهاية المطاف كعرب، لديهم تاريخ عاصف مع حضارة «جيراننا» عبر الخليج وجبال زاغروس، أن نأمل في الأفضل… مع إعداد العدة للأسوأ.
وراهناً، مع تذكّر حلم الشاه محمد رضا بهلوي أن يكون «سيد الخليج»، ندرك أن قادة «الثورة الإسلامية» ذهبوا أبعد منه في هذا المشروع… وبمراحل. وكذلك، من دون تكرار الحقائق – التي بات يعرفها كل عربي عاقل عمّا زرعته طهران في كلٍّ من العراق وسوريا ولبنان واليمن – لا يجوز لنا أن نستخفّ بالتطورات الأخيرة في خليج عُمان وفي جنوب غربي المملكة العربية السعودية، بينما نزن الأمور بميزان العقل والمصلحة والتوقّعات والرهانات.
بدايةً، على المستوى الخليجي، لا بدَّ من الإقرار بأن الجبهة الداخلية الخليجية يمكن أن تكون أكثر متانة وحصانة بكثير مما هي عليه اليوم. وهنا أقول إننا حتى إذا أغفلنا هذا الواقع… فإن مخطِّطي نظام الملالي يفهمونه جيداً ويستغلونه تماماً.
أيضاً على المستوى العربي، لا يبشّر الوضع العام بحالة تضامنية ضرورية لمواجهة خَصم بصلف نظام طهران وعنجهيته وشراسته. فموقف العراق خلال قِمم مكة المكرمة الثلاث لا يحتاج إلى تفسير. وهوية ما تبقَّى من نظام في سوريا صورة معبّرة عن سقوطها في الحضن الإيراني – الروسي. أما لبنان فتشكل سلطته الرسمية ستاراً خفيفاً وشفافاً لنفوذ الجهة الحاكمة فعلاً… كما تبيَّن من ظروف إطلاق الأسير اللبناني نزار زكّا، ناهيك من المواقف الرئاسية والوزارية المؤسفة من اللاجئين السوريين. وبالطبع، هناك الحالة اليمنية التي أضحت عنواناً مقلقاً للتواطؤ الدولي مع القيادة الإيرانية التي يشكِّل الحوثيون امتداداً لها عند البوابة الجنوبية للبحر الأحمر. وأخيراً، حتى بعض الدول العربية، المتحرّرة حتى اللحظة من نِير نفوذ طهران، نراها تتخبّط اليوم في مشكلات سياسية وأمنية تُشرع الأبواب فيها على كل الاحتمالات غير المطمئنة.
ونصل إلى المستوى الدولي. وهنا لا بدَّ من المصارحة ببضع حقائق:
– الحقيقة الأولى، أن الموقف الأميركي المتشدّد ضد العربدة الإيرانية الأخيرة في خليج عُمان، يعطي إشارات متعددّة، منها أنه حازمٌ في تحذيره طهران من الاعتداء على حرية الملاحة في منطقة الخليج، كما أنه مُصرٌّ على تغيير طهران «سلوكها». ولكن في المقابل، بغضّ النظر عن الأسباب الحقيقية، تكرّر واشنطن القول إن تصعيدها ضد إيران لا يهدف إلى تغيير نظامها.
– الحقيقة الثانية، أنه لا وجود لإجماع في واشنطن خلف سياسات الرئيس دونالد ترمب إزاء إيران، بل إن معظم خصومه الديمقراطيين ما زالوا ملتزمين سياسة المحاباة والمداراة التي اعتمدها سلفه الديمقراطي باراك أوباما.
– الحقيقة الثالثة، أن المناخ السياسي العام في أوروبا الغربية، وبالذات في ألمانيا وفرنسا، يعارض أي تصعيد ضد إيران… وهذا ما كان وما زال واضحاً من الموقف من «الاتفاق النووي» أيضاً. أضف إلى ذلك، أن جزءاً لا بأس من الاعتراضات الأوروبية على تصعيد ترمب ضد إيران قائم أصلاً على رفض قوى أوروبية عديدة لشخص الرئيس الأميركي وخطه السياسي اليميني. وبالتالي، وجدت طهران لها حليفاً غير مباشر لا علاقة له بعدوانيتها وسياساتها المدمّرة إقليمياً.
– الحقيقة الرابعة، أن نظام طهران ليس غريباً عن فهم آليات عمل السياستين الأوروبية والأميركية، ناهيك من استقوائه بعلاقاته التكتيكية القوية مع كلٍّ من روسيا والصين. ففي أوروبا يستطيع الإيرانيون الاعتماد على التيارين اليساري والليبرالي المناوئين لسياسات ترمب، وفي الولايات المتحدة لدى طهران «لوبي» ناشط في أروقة القرار والإعلام الأميركية. ثم إن معظم الذين شغلوا منصب وزير الخارجية في نظام الملالي، منذ صادق قطب زاده (ولايتي وخرازي وصالحي وظريف)، عاشوا في أميركا ودرسوا في جامعات أميركية وتفاعلوا مع الثقافة الأميركية، وعليه، فهم يعرفون مواطن القوة والضعف، والمصلحة والمصلحة المضادة، في سياسات أميركا الدولية والشرق أوسطية.
– الحقيقة الخامسة، أن الحصار الاقتصادي الأميركي لإيران -وهو مؤلم بلا شك- حفّز قادتها على التصعيد من أجل إرباك المشهد وتخويف المجتمع الدولي من مغبة الذهاب بعيداً في حرب «سيدفع ثمنها الجميع»، كما لوّح وزير خارجيتها محمد جواد ظريف. وجاء العدوان السافر على مطار أبها (المدني) قبل ساعات معدودات من الاعتداء على ناقلتي خليج عُمان… واستمرار هجمات «الدرون» الحوثية، لتأكيد هوية المسؤول عمَّا حدث ولماذا حدث.
ما شهدناه خلال الأيام الماضية تطوّر تاريخي خطير، فهل يسيء المجتمع الدولي فهمه… مجدّداً؟!
5 الميليشيات قبل الناقلات
سوسن الشاعر الوطن البحرينية
ليست القصة في من ضرب الناقلات؟ حتى نقرر أن إيران دولة إرهابية تتعدى على الآخرين أم لا؟
ولا هي قصة مشاركة دولية لضمان حيادية التقرير لتحديد من ضرب الناقلات؟ وهل هناك دولة كإسرائيل مثلاً تريد أن تجرنا إلى الحرب فتقوم بضرب الناقلات وإلقاء التهمة على إيران حتى تجرنا لفخ الحرب مع إيران.
بل قصتنا الرئيسة أكبر وأبعد من الناقلات، قصتنا في وجود إرهاب إيراني غير مشروع على أراضٍ عربية، قصتنا في تعدي هذه الميليشيات على مواطني الدول العربية، وتعدي تلك الميليشيات على دول الجوار وخلق بيئة لحروب أهلية طائفية، وهذا ما تفعله الميليشيات المسلحة التي تحاربنا بالوكالة نيابة عن إيران.
قصتنا في وجود ميليشيات مصنفة إرهابياً في لبنان والعراق وسوريا واليمن بقيادات إيرانية ميدانية ولا يحتاج الأمر إلى دليل لخضوع هذه الميليشيات لقيادة الحرس الثوري الإيراني، فقيادات هذا الحرس تتحرك علناً من هناك بحجة محاربة داعش والقاعدة!
فالتعدي على الناقلات ما حصل إلا حماية لتلك الميليشيات التي لا تريد إيران أن يجبرها أحد على التخلي عنها، إيران تساومنا على سلامة أمننا بل تساوم العالم على سلامة أمنه مقابل بقاء نفوذها على الأراضي العربية.
بالنسبة لإيران قد كلفتها تلك الميليشيات مليارات اقتطعتها من قوت شعبها لتبني بها جيشاً مرتزقاً يحارب نيابة عنها ويوصل نفوذها للبحر الأبيض والأحمر، واليوم الشروط الـ12 التي وضعها ترامب تجبرها على التخلي عن تلك الميليشيات.
لذلك يجب أن يكون تركيزنا دائماً وجود الإرهاب على أرضنا والعودة دائماً في جميع تصريحاتنا وتفاوضاتنا إلى المشكلة الأساسية وهي وجود هذه الميليشيات وسلاحها.
تسليم السلاح والانخراط في الدولة في لبنان والعراق واليمن أو بوادر السلام مع هذه الدولة المارقة هو الطريق لحماية أمن المنطقة وحرية الملاحة وحماية طرق نقل النفط فلا نسمح لإيران بمساومتنا على حقوقنا.
بدون ذلك فنحن نتحدث في هوامش بما فيها الاتفاق النووي وتعديل بنوده أو حتى الحديث عن سلامة الناقلات وحرية الملاحة.
لا يمكن أن تعيش إيران بسلام وهي ترعى الإرهاب في دول الجوار، ولأول مرة منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تذوق إيران طعم التهديدات ومضايقة الآخرين، وما ذلك إلا لأن المجتمع الدولي غض الطرف عن كل إجرامها طوال الفترة الماضية ولم يقبل تصنيف توسعها وتمددها على أنها أعمال غير مشروعة بل ساعدها وساهم في بناء قدراتها وكافأها مثلما فعلت إدارة أوباما.
إن لم نصر على هذا الشرط وتعمل دبلوماسيتنا على تعزيزه باتفاقية سلام شاملة فإن الأمن الدولي سيظل مهدداً وأية حلول ترقيعية لن تجدي أبداً.
6 العراق: تعددية الاديان.. والتعصب
ادهم ابراهيم
راي اليوم بريطانيا
في الثمانينات من القرن الماضي طلبت الحكومة الهندية من وزارة الخارجية العراقية سحب احد دبلوماسيها في السفارة العراقية في نيودلهي , واعتبرته شخصا غير مرغوب فيه لكونه قد تطاول على احد المعابد واساء لمشاعر طائفة تقدس الاعضاء التناسلية
وفي النيبال تم تصوير احد البوذيين وهو يزحف على يديه وبطنه مدة سنة كاملة ليؤدي مناسك الحج في معبد مقدس
وقبل ايام ارسل لي صديق فديو لجماعة يعبدون البقرة . وهي تدوس على ظهورهم برفق وهم ساجدين لها
وقيل ليهودي ان المسلمين سيدخلون الجنة فاجابهم . ان الجنة ليست خان جغان ! ( احد خانات بغداد في العشرينات ويستخدم كفندق )٠
وهذا يدل على ان العالم كله فيه اديان مختلفة . ولسنا وحدنا من يملك دينا . وكثيرا من الاشخاص يعتقدون ان دينهم افضل من بقية الاديان وهاهم اليهود يعتبرون انفسهم شعب الله المختار
والاكثر من التعددية الدينية في العالم هناك تعددية مذهبية . واندلعت حروب شرسة ذهب ضحيتها ملايين من المسيحيين البروتستانت والكاثوليك . لم تنته الا بعد ان ادرك الجميع ان الدين لله والوطن للجميع . وتم احلال الوطنية محل الولاء الديني او المذهبي
وبالرغم من ان القرآن قد حسم هذا الموضوع عندما قال لكم دينكم ولي دين . و ان الله يحكم بينهم يوم القيامة . فمازلنا نجد بعض المتعصبين يستأثرون بالدين ويكفرون الاخرين سواء كانوا من اديان اخرى او مذاهب لايتفقون معها . وكل حزب بمالديهم فرحون
وعندما جلب الامريكان الديموقراطية المشوهة الى العراق قسموا الشعب العراقي الى طوائف ومكونات . وكان من نتيجتها سفك دماء بعضهم لبعض . ومازالت الدماء تجري في السر والعلن من اجل فرض دين او مذهب معين على الاخرين ، وهذا ناتج عن الاحساس المزيف بقدسية دينهم او مذهبهم وافضليته على بقية الاديان والمذاهب , وبالتالي يجوزون قتل الاخرين باسم حماية المذهب , وهكذا يستمر الصراع الديني والمذهبي
، في كتابه ( في ظلال القرآن ) يختزل سيد قطب تعددية الاديان عندما يقول ان القوى الانسانية نوعان ، قوة مهتدية ، تؤمن بالله وتتبع منهجه . وهذه يجب ان نؤازرها ونتعاون معها على الخير والحق والصلاح . . وقوة ضالة لاتتصل بالله ولاتتبع منهجهه . وهذه يجب ان نحاربها ونكافحها ونغير عليها . . وفي كتابه معالم على الطريق يذكر سيد قطب ان الاسلام لايعرف سوى نوعين من المجتمعات ، مجتمع اسلامي ومجتمع جاهلي . . وان الاسلام يقيم حكم الله والوهيته في العالم وحكم الشريعة الالهية في شؤون الانسان
وبذلك فهو يشرعن استئثار الحاكم بامر الله بكامل السلطات باسم الله . وهذا ماتبنته الاحزاب والحركات الاسلاموية الحالية مثل القاعدة والاخوان وحزب الدعوة وولاية الفقيه ايضا . وقد ظهر الحكم باسم الله جليا في الدولة الداعشية , حيث استباحوا كل شئ , واعملوا السيف في من يخالفهم تحت عنوان الحاكمية لله ، وماعداهم كافر يستحق الموت
ولم يفكر احد من الناس كيف اصبح من هذا الدين او المذهب ولم يكن من دين او مذهب اخر . فنحن لانختار مذهبنا او ديننا ، وانما نولد وفي رقابنا التبعية الدينية والمذهبية . فلماذ نتعصب ونتطرف اذا .. ان هذا يعود الى التربية في الاسرة ومكان العبادة والمجتمع . والتثقيف للتطرف وانكار الاخر وزرع الاوهام بافضلية دينه او مذهبه على بقية الاديان والمذاهب . وهذا ايمان كاذب فلا احد يستطيع ان يثبت ان دينه او مذهبه هو افضل من الاديان والمذاهب الاخرى
وكل يستند الى نصوص مكتوبة او متداولة على اعتبار انها مقدسة . وينفي القدسية عن النصوص الاخرى ، او يدعي انها باطلة
وقد جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتزيد من التحزب والتطرف . وهناك جهات ممولة ، واخرى منفذة . وكثير من الناس يساهمون في نشر التعصب والافكار المتطرفة عن وعي او جهل وسذاجة . وقد ادت هذه الممارسات الى الضرر البالغ في النسيج الاجتماعي ، ومازالت تمثل تهديدا متزايدا للسلم الاهلي ولروح المواطنة ، والعيش المشترك
وبالرغم من ان نشر الافكار الدينية والطائفية المتعصبة يؤدي الى الانقسام وعدم الاستقرار ، الا ان الحكومات في الدول المتخلفة مازالت مصرة على استغلال سذاجة المواطنين لنشر التطرف المذهبي
كوسيلة سهلة لتسييس الناس وضمان ولائهم وغض ابصارهم عن فساد هذه الحكومات وصرفهم عن التفكير بمشاكلهم الاجتماعية والاسرية المشروعة . . وهذه السياسات الضارة هي التي جلبت ويلات عديدة لكثير من الشعوب ، لاسيما اذا احست طائفة ما بتهميش الدولة لها او اعتبارها منبوذة . ويتم ذلك غالبا من خلال سن التشريعات التي تعزز التفرقة بين المواطنين وتقسيمهم على اسس دينية وطائفية وليست وطنية ، والتثقيف بها على نطاق واسع ، مما قد تؤدي في النهاية الى تقسيم البلاد , وترسم خرائط سياسية جديدة ، نتيجة التباس الهوية الوطنية والاغتراب
اننا لانطالب بالتخلي عن الدين والطائفة . فمن حق كل فرد ان يؤمن بمايشاء وعلى حسب قناعته سواء بوراثة المعتقد كما يحصل عادة ، ام بالاختيار المبني على القناعة الفكرية . ولكننا نطالب بعدم مصادرة حرية الاخرين بتبني المعتقدات الوراثية او الاختيارية المختلفة . فليس من حق احد فرض عقيدته على الاخرين . وان حصل التعصب هذا في الماضي فلايمكن قبوله الان في القرن الحادي والعشرين ، لان ذلك سيؤدي الى التناحر . واقتتال ابناء الوطن الواحد . . كما ان عقيدة الاغلبية لاتبرر سلب عقيدة الاقلية او الهيمنة عليها . فالاغلبية لاتعني صواب الرأي
اننا نطالب التربويين والمثقفين واصحاب الرأي والكلمة ، قبل عامة الناس بان يتقوا الله . وينشروا مبادئ حرية الانسان ويعلموا المواطنين روح التسامح وتقبل الاخر , ونبذ التعصب لاي دين او مذهب . فلدينا اديان ومذاهب متعددة ، يتوجب علينا جميعا التعايش معها من دون تمييز او نظرة استعلائية او افضلية ، لتحل روح المواطنة المبنية على الحقوق والواجبات محل التزمت والتعصب الديني او المذهبي الذي عانينا منه كثيرا وذقنا الامرين
7 هل خرج العراق من أحكام الفصل السابع من الميثاق؟ د. رياض السندي راي اليوم بريطانيا
تمهيد
كثيراً ما يطرح العراقيون هذا السؤال الهام والذي يمسُّ حياة العراقيين ومستقبلهم، في حين تأتي إجابة الحكومة على هذا السؤال غير دقيقة وتتضمن خداعاً لأغراض سياسية، ومزايدات حزبية، ودعايات إنتخابية، مما يشوش الصورة على المواطن العراقي الذي عانى من حصار إقتصادي لمدة 13 سنة، أعقبتها 17 سنة من الفشل الإداري، مما زاد من معاناة العراقيين وضياع حقوقهم. وهذا ما دفعنا إلى بحث الموضوع بشكل علمي وموضوعي دقيق ومحايد، لتوضيح الصورة كاملة.
أدخل العراق تحت أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب القرار 660 الصادر عن مجلس الأمن في 2 آب/أغسطس 1990، بعد ساعات من غزوه للكويت، حيث أشار المجلس -ولأول مرة في تاريخ المنظمة الدولية إلى المادة القانونية التي يتصرف بموجبها، بعد أن كان لا يشير إلى الفصل أو المادة القانونية من الميثاق التي يتصرف بموجبها ووفق الصلاحيات المخولة له بموجبها، حيث أشار القرار المذكور في ديباجته إلى إنه ” وإذ يتصرف بموجب المادتين 39 و40 من ميثاق الأمم المتحدة”. وهاتين المادتين تقعان في الفصل السابع من الميثاق الذي يتضمن المواد من (39-51). [1]
ويمكن الإستدلال على ذلك من خلال قرارات مجلس الأمن الدولي حيث يتضمن في الغالب إشارتين إلى ذلك، وهما: -صدور القرار بموجب الفصل السابع من الميثاق، أو إحدى مواده في ديباجة القرار وقبل الفقرات التنفيذية.
وأول قرار فيه إشارة لمواد الفصل السابع من الميثاق هو القرار 598 الصادر بتاريخ 20 تموز/يوليو 1987 في الحالة بين إيران والعراق، حيث أشار المجلس في ديباجة قراره المذكور إلى إنه (إذ يتصرف بموجب المادتين 39 و30 من الميثاق). وقد تكررت هذه الإشارة أيضا بعد ثلاث سنوات لاحقة في القرار 660 لعام 1990 وهو أول قرار يصدر في الحالة بين العراق والكويت.
وقد ظَلّ المجلس يكرر عبارة (وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة) في كل قراراته الصادرة في الحالة بين العراق والكويت، منذ صدور القرار S/RES/664 بتاريخ 18 آب/أغسطس 1990 وحتى القرار S/RES/2335 الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 2016.
إبقاء المسألة قيد نظر المجلس: حيث يختتم المجلس قراراته بعبارة (يقرر إبقاء المسألة قيد نظره الفعلي)، أو أية عبارة أخرى مماثلة، كما أشار في القرار S/RES/660الصادر في 2 آب/أغسطس 1990 وهو أول قرار صدر عن الحالة بين العراق والكويت، قوله (يقرر أن يجتمع ثانية عند الإقتضاء للنظر في خطوات أخرى لضمان الإمتثال لهذا القرار).
أو عبارة (يقرر أن يبقي هذا البند على جدول أعماله وأن يواصل جهوده لوضع حد للإحتلال)، كما ورد في القرار S/RES/662 الصادر في 9 آب/أغسطس 1990.
وأوضح هذه العبارات ما ورد في القرار 687 في 3 نيسان/أبريل 1991 بقولها (يقرر أن يبقي المسألة قيد النظر وأن يتخذ ما قد يلزم من خطوات أخرى لتنفيذ هذا القرار وضمان السلم والأمن في المنطقة). وما زالت هذه العبارة تتكرر في كل قرارات المجلس حول الوضع في العراق حتى في آخر قرار له برقم S/RES/2470 في 21 آيار/مايو 2019.
الحالات المستنفذة ويمكن إستخلاص الحالات التي أخرجت من تحت أحكام الفصل السابع من الميثاق، إستنادا إلى قرارات المجلس، وكما يلي:
-أولا. أشار القرار S/RES/1483 الصادر في 22 آيار/مايو 2003 (أي بعد 45 يوماً من الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق) وهو أول قرار يصدر عن المجلس يقرر رفع إجراءات الحظر الإقتصادي على العراق وفقا للفقرة 10 من القرار المذكور بقولها:
” يقرر (المجلس) ألا تسري بعد الآن جميع تدابير الحظر المتصلة بالتجارة مع العراق وبتقديم الموارد المالية أو الاقتصادية للعراق، والمفروضة بموجب القرار 661 (1990) والقرارات اللاحقة ذات الصلة، بما فيها القرار 778 (1992) المؤرخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 1992، وذلك بإستثناء تدابير الحظر المتصلة ببيع الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة إلى العراق أو تزويده بها، فيما عدا الأسلحة والأعتدة ذات الصلة التي تحتاجها السلطة لخدمة أغراض هذا القرار، والقرارات الأخرى ذات الصلة”.
ثانيا. تضمن القرار 1957 والصادر في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2010 حالات أخرى لم يتم التحقق من وجودها بعد تعذر العثور عليها، وهي أسلحة العراق إذ نصت الفقرة 1 منه على ما يلي: ” يقرر أن ينهي التدابير المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل والقذائف والأنشطة النووية المدنية المفروضة بموجب الفقرات 8 و 9 ﻭ 10 ﻭ 12 ﻭ 13 من القرار 687 (1991) والفقرة 3 (و) من القرار 707 (1991)؛ وعلى نحو ما أعيد تأكيده في القرارات اللاحقة ذات الصلة”.
ثالثا. جاء القرار 1956 والصادر في 15 كانون الأول/ديسمبر 2010 لينص على إنهاء آلية إيداع أموال صادرات العراق النفطية بحلول 30 من حزيران/يونيه 2011، حيث نصت فقرته الأولى على ما يلي:
” يقرر أن ينهي في 30 حزيران/يونيه 2011 الترتيبات المحددة في الفقرة 20 من القرار 1483 (2003) بشأن إيداع العائدات المتأتية من مبيعات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق تنمية العراق…..”.
رابعا. يعتبر القرار S/RES/2107 الصادر في 27 حزيران/يونيه 2013 قرارا مهما بهذا الصدد، حيث نصت الفقرة 3 منه على ما يلي: “يقرر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إنهاء التدابير المنصوص عليها في الفقرات 2 (ﺝ) ﻭ2 (ﺩ) ﻭ3 (ﺝ) من القرار 686 (1991)، والفقرة 30 من ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ687 (1991) والترتيبات المنصوص عليها في الفقرة 14 من القرار 1284 (1999) والتي أعيد تأكيدها في قرارات لاحقة ذات صلة).
وبالرجوع إلى هذه القرارات الثلاث المشار إليها في هذا القرار، نجد إن تلك المواد تتضمن حالات مستنفذة، وهي:
إطلاق سراح جميع الكويتيين ورعايا الدول الثالثة الذين إحتجزهم العراق وأن يعيد أي جثثت للموتى منهم. (الفقرة 2 ج، من القرار 686 لعام 1991، والفقرة 30 من ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ687 لعام 1991).إعادة الممتلكات الكويتية التي إستولى عليها العراق. (الفقرة 2 د، من القرار 686 لعام 1991).
إطلاق سراح جميع أسرى الحرب وإعادة أية جثث للموتى من أفراد قوات الكويت والدول الأعضاء المتعاونة معها. (الفقرة 3 ج، من القرار 686 لعام 1991).
خامسا: جاء القرار S/RES/2390الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر 2017 ليقرر إعتبار العراق والأمم المتحدة قد “نفذا تنفيذا تاما جميع التدابير المفروضة بموجب قراري مجلس الأمن 1958 (2010) و2335 (2016) المتخذين بموجب الفصل السابع من الميثاق” حيث قرر المجلس إخراج بعض إلتزامات العراق من تحت طائلة الفصل السابع من الميثاق، ومعظمها قد جرى تكراره وهي:
-أ- إطلاق سراح جميع الكويتيين ورعايا الدول الثالثة الذين إحتجزهم العراق.
ب- إعادة كافة الممتلكات الكويتية التي إستولى عليها العراق.
ت- إطلاق سراح جميع أسرى الحرب وإعادة إي جثث للموتى من أفراد القوات الكويتية والدول الأعضاء المتعاونة مع الكويت.
ث- تحويل الأموال المتبقية في حساب الضمان المنشأ بالقرار 1958 (2010) إلى حكومة العراق.
وبإختصار شديد، يمكن القول بان الحالات التي تم رفعها وإخراجها من الفصل السابع، هي:
الحظر الاقتصادي، بموجب الفقرة 10 من القرار 1483 لعام (2003).
إنهاء المنطقة المنزوعة السلاح التي تمتد عشرة كيلومترات داخل العراق وخمسة كيلومترات داخل الكويت بدءا من الحدود العراقية – الكويتية وإنهاء بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2003، بموجب القرار 1490 لعام (2003).تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية، بموجب الفقرة 1 من القرار 1957 لعام (2010).
إطلاق سراح جميع الكويتيين ورعايا الدول الثالثة الذين إحتجزهم العراق وأن يعيد أي جثثت للموتى منهم، بموجب الفقرة 3 من القرار 2107 لعام (2013).إعادة الممتلكات الكويتية التي إستولى عليها العراق، بموجب الفقرة 3 من القرار 2107 لعام (2013).إطلاق سراح جميع أسرى الحرب وإعادة أية جثث للموتى من أفراد قوات الكويت والدول الأعضاء المتعاونة معها، بموجب الفقرة 3 من القرار 2107 لعام (2013).غلق حساب الضمان العائد لصندوق تنمية العراق والمرتبط ببرنامج النفط مقابل الغذاء وبالتعويضات ونفقات الأمم المتحدة، بموجب القرار 2390 لعام (2017).
عدا الحالات المذكورة في أعلاه، لا يمكن القول إن العراق قد خرج من تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وإنه ما زال تحت أحكام هذا الفصل حتى يومنا هذا.
إدعاءات حكومية من جانب آخر نرى إن الإعلام الحكومي الرسمي وتصريحات المسؤولين العراقيين تتباهى بخروج العراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في أحيان كثيرة.
إن إدعاءات الحكومات العراقية المتكررة منذ عام 2010 حتى يومنا هذا، هي إدعاءات غير صحيحة وغير دقيقة، وتنم عن جهل قانوني وتدخل ضمن إطار الخداع والتضليل السياسي الذي مارسه العديد من المسؤولين العراقيين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي إدعى بأن خروج القوات الأمريكية عام 2010 هو خروج للعراق من الفصل السابع للميثاق، لا بل ظلَّ يتبجح في حملاته الانتخابية لعامي 2010 و2014 بأن من أهم إنجازاته هو إخراج العراق من الفصل السابع من الميثاق.
وخلال احتفالية مركزية أقيمت بمناسبة خروج العراق من أحكام البند السابع قال رئيس الوزراء نوري المالكي، بتاريخ 29 حزيران 2013، إن خروج العراق من طائلة البند السابع بالخطوة المهمة لاستعادة مكانته الدولية، مؤكدا إن القرارات الدولية “أصبحت من الماضي”، وفيما أشار إلى إن العراق أصبح متحررا من القيود التي فرضت بسبب “حماقات” النظام السابق، وجه نداء لكل دول المنطقة والعالم بـ” مد يد الصداقة”، وشدّد على أن “العراق لا يمكن أن ينخرط في سياسة المحاور والاستقطابات”. [2]
أما المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي فقد اعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا اليوم «يوم وطني يحق لكل العراقيين الخيرين أن يفخروا به خصوصا الأجيال القادمة، لأن خروج العراق من البند السابع الذي كان بسبب سياسات النظام السابق الحمقاء إنما تم من خلال جهود ضخمة بذلتها الحكومة والدبلوماسية العراقية بصبر كبير على الرغم من كل العوائق والشكوك». [3]
وكان وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري قد صرَّح لقناة العربية عام 2013 قائلا: “خروج العراق من تحت الفصل السابع يوم تاريخي”. [4]
وقد تكرر هذا الإدعاء الأجوف على لسان ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم الذي تحدث في 21/9/2013 لإذاعة مونت كارلو الدولية عن الأهمية التي إكتسبها خروج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. [5]
وأعاد المسؤولين في العراق حملة أخرى في هذا السياق عام 2015 أيضا، في حين إن أحداً لم ينتبه إلى إن القرار 2335 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد أكثر من سنة وفي اليوم قبل الأخير من عام 2016 وتحديدا بتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2016 قد أشار في ديباجته إلى إن المجلس إذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة).وفي عام 2017 تكررت مرة أخرى إدعاءات المسؤولين في العراق بخروج العراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ادلى المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد محجوب ببيان صحفي بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2017 بأنه ” تم إنهاء ملفات العراق في مجلس الأمن، والموروثة من حقبة النظام السابق والصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”. [6]
ومما يثير الإستغراب هو قيام رئيس العراق برهم صالح بتاريخ 11/11/2018 بتسليم الكويت دفعة من الممتلكات والأرشيف الكويتية الموجودة في خزائن وزارة الخارجية العراقية، مشيرا إلى أنه سيتم تسليم بقية تلك الممتلكات على دفعات لاحقة ومتتابعة.
وقال صالح في تصريحات لصحيفة “الراي” الكويتية، إن زيارته “ستشهد تسليم دفعة من الممتلكات والأرشيف الكويتية الموجودة في خزائن وزارة الخارجية العراقية، على أن يتم تسليم بقية تلك الممتلكات على دفعات لاحقة ومتتابعة، كجزء من بادرة حسن النية لدى العراق تجاه دولة وشعب الكويت الشقيق. في حين أن الأمم المتحدة قد أغلقت ملف الممتلكات الكويتية، ولا أدري هل هي خطوة تصحيحية لاحقة أم مجاملة مبالغ فيها؟
وعلى ما يبدو أن حكومات العراق المتعاقبة والمسؤولين فيها يفتقرون للثقافة القانونية ويجهلون القانون الدولي تماما، وفي سعيهم للتظاهر بتحقيق إنجاز معين فإنهم يتصورون أن صدور أي قرار من مجلس الأمن يتضمن إشارة إلى إستكمال أحد طلبات الأمم المتحدة فإن ذلك يعني خروج العراق تماما من أحكام الفصل السابع من الميثاق، ويسارعون إلى الإعلان عن ذلك كأحد أهم إنجازات الحكومة في تحقيق الرفاهية والحياة الكريمة لشعبها وفي الحفاظ على سيادة العراق. وشخصياً، وكان الإستغراب يتملكني كل صباح عندما أذهب إلى عملي في وزارة الخارجية ماراً بجسر الجمهورية حيث هناك لافتة طولية معلقة على بناية المطعم التركي تتضمن إنجازات رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وفي مقدمتها إخراج العراق من الفصل السابع من الميثاق. لا بل أقام العراق -كما أسلفنا- في حزيران 2013 إحتفالية كبرى بمناسبة خروج العراق من الفصل السابع من الميثاق، بينما أصدر مجلس الأمن الدولي بعد أكثر من ثلاث سنوات، قراره المرقم 2335 في 30 كانون الأول/ديسمبر 2016، استناداً إلى الفصل السابع من الميثاق.
مما يؤكد إن كل تلك الإدعاءات كانت غير صحيحة. وكما وصف أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة تلك الحالة بقوله: أن المسؤولين في العراق يرقصون قبل بدء الموسيقى.
إن الحالات التي ما زالت تحت أحكام الفصل السابع من الميثاق، هي:
أ- الأسلحة فقد جرى فرض إجراءات الحظر على السلاح إلى العراق بموجب القرار 687 (1991). ورأينا كيف إن مجلس الأمن قد إستثنى تدابير حظر الأسلحة عندما قرر رفع الحظر الاقتصادي عن العراق في 22/5/2003، ويتعين على جميع الدول منع بيع الأسلحة والمعدات ذات الصلة للعراق أو تزويده بها. وقد جرى تأكيد ذلك في الفقرة 22 من القرار 1546 (2004)، وأشار المجلس إلى أنه لا يوجد في الفقرة السابقة ما يمس الحظر المفروض على الدول أو التزاماتها فيما يتعلق بالبنود المحددة في الفقرة 8 (الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقذائف التسيارية التي يفوق مداها 150 كيلومترا) والفقرة 12 (الأسلحة النووية) من القرار 687 (1991) أو الأنشطة الوارد وصفها في الفقرة 3 (و) (الأنشطة النووية) من القرار 707 (1991). وكانت الفقرة 10 من قرار مجلس الأمن 1483 في 22 أيار/مايو 2003 قد نصت على إستثناء حظر السلاح للعراق منه إجراءات رفع الحظر بقولها: إلا تسري بعد ألان جميع تدابير الحظر المتصلة بالتجارة مع العراق وبتقديم الموارد المالية أو الاقتصادية للعراق، والمفروضة بموجب القرار 661 (1990) … وذلك باستثناء تدابير الحظر المتصلة ببيع الأسلحة والأعتدة ذات الصلة أو تزويده بها. ومن المعروف أن إجراءات حظر الأسلحة إلى العراق قد جرى إتخاذها إستناداً للفصل السابع من الميثاق بالقرارات ذات الصلة.
ب- التعويضات الكويتية ما زال ملف التعويضات العراقية للكويت مفتوحا ولم يجري غلقه، على الرغم من إن المبلغ المتبقي من إجمالي التعويضات هو 4.1 مليار دولار أميركي. وما زالت حكومة العراق مستمرة بدفع أقساط التعويض بمعدل 300 مليون دولار كل 3 أشهر، كما جرى تفصيله سابقا. [7]
ج- المفقودون الكويتيون خلال عامي 1990 و1991، وقع 605 من الكويتيين ورعايا الدول الأخرى قيد الأسر لدى القوات العراقية، وبقي مصيرهم مجهولاً حتى عام 2004 حين جرى التعرف على بقايا 236 من جثث هؤلاء، ولم يحصل أي تقدم منذ لك الحين تجاه المفقودين الـ 369 الآخرين. وتتولى لجنة ثلاثية برئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالإضافة على العراق والكويت إجتماعاتها الدورية بصدد هذه المسألة، رغم عدم إحراز أي تقدم يذكر. وقد أشار ممثل الكويت في الإحاطة الأخيرة لممثلة الأمين العام في العراق السيدة بلاسخارت بتاريخ 21/5/2019 بأن المعلومات المتعلقة بمئات المفقودين الكويتيين لا تزال غير كافية.
وإنه لم يتم إسترداد أي رفات منذ عام 2004.ح- تجميد الأصول المالية للنظام السابق شكّلت لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1518 (2003) في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، باعتبارها الهيئة الخلف للجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 661 (1990) بشأن العراق والكويت. وتنفذ الدول عمليات تجميد الأصول وتدابير النقل في ما يتعلق بالأفراد والكيانات من المدرجين في قائمة الأفراد المنشأة عملا بالقرار 1483 (2003) في 30 آيار/مايو 2003 أو قائمة الكيانات المنشأة عملا بالقرار ذاته.
وتحتفظ اللجنة بالقائمتين المذكورتين وتعمل على استكمالهما بشكل منتظم. تتألف اللجنة من جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر وتتخذ قرارتها بتوافق الآراء. والرئيسة الحالية للجنة، للفترة المنتهية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019، هي سعادة السيدة يوانا فرونيتسكا (بولندا). ونائب الرئيسة لعام 2019 هو إندونيسيا. وتعد اللجنة تقارير سنوية عن أنشطتها.
وأنشئت اللجنة من أجل مواصلة تحديد كبار مسؤولي النظام العراقي السابق وأفراد عائلاتهم الأقربين، بما في ذلك الكيانات التي يملكونها أو يسيطرون عليها هم أو أشخاص يعملون نيابة عنهم، من الخاضعين للتدابير المفروضة بموجب الفقرة 23 من القرار 1483 (2003). وتحقيقا لتلك الغاية، تعمل اللجنة على استكمال القوائم التي تضم أفرادا وكيانات ممن سبق أن حددتهم اللجنة المنشأة عملا بالقرار 661 (1990).
وقرر مجلس الأمن أيضا، في القرار 1518 (2003)، إبقاء ولاية اللجنة قيد الاستعراض والنظر في إمكانية الإذن بتكليفها بالمهمة الإضافية المتمثلة في مراقبة مدى وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الفقرة 10 من القرار 1483 (2003).
ومن المعروف أن القرارين 1483 (2003) و1518 (2003) قد صدرا بموجب الفصل السابع من الميثاق. وما زالت قائمة الأفراد والكيانات المشمولة بالقرار الأخير في أعلاه موجودة على موقع الأمم المتحدة، وتحتوي قائمة الجزاءات في الوقت الراهن على أسماء 86 فردا و108 كيانا. وقد تم تنقيح واستكمال قائمة الأفراد في 14 أيار/مايو 2019. ولم تقم الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 على إجراء أي تعديل عليها، على الرغم إنها ما زالت قوائم الأفراد تتضمن أسماء أشخاص متوفين بشكل مؤكد منذ أكثر من 17 عاما، مثل إبنّي الرئيس الراحل صدام حسين (عدي وقصي)، وكذلك تتضمن قائمة الكيانات المحظورة أسماء عدد من الكيانات المنحلة والتي لم يعد لها وجود منذ 17 عاما، وعلى سبيل المثال هيئة التصنيع العسكري.
خاتمة إن المجتمع الدولي ما زال ينظر إلى حكومات العراق بعد عام 2003 على إنها حكومات ضعيفة وغير شرعية وإن سيادة العراق منقوصة في ظل هذه الحكومات غير الحريصة على مصالح العراق، ولو كان المجتمع الدولي والأمم المتحدة مقتنعاً بأداء حكومات العراق المتعاقبة منذ 2003 وحتى 2019 لما كانت الأمم المتحدة تراقبه وتصدر قراراتها المتضمنة توصياتها بحقه حتى اليوم، ولما كانت هناك من حاجة لوجود بعثة الأمم المتحدة في العراق أصلاً.
ومن جانب آخر، فإن الكويت ما زالت تقف موقفاً متصلباً من هذه المسألة تحديداً، فقد “صرح محمد عبد الله أبو الحسن مبعوث أمير الكويت إلى موسكو الذي نقل رسالة من رئيس الوزراء الكويتي إلى نظيره الروسي، إن مضمون الرسالة يتألف من شقين يتعلق أحدهما بالعلاقات الثنائية، في حين يتعلق الثاني برؤية الكويت لطلب العراق من الأمم المتحدة بالخروج من الفصل السابع وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي تحت بند الحالة بين الكويت والعراق.
وأكد أبو الحسن عدم جواز أن تقوم أي دولة صدرت بحقها قرارات دولية أن تنفذ ما تريد وتتجاهل ما تريد موضحاً أن هذه القرارات تشكل حزمة متكاملة. وشدد على أن الخروج من الفصل السابع الذي يسعى العراق إليه لن يجوز أن يأتي إلا بعد الالتزام بالتنفيذ الكامل للقرارات الدولية وبإقرار من قبل منظمة الأمم المتحدة وليس الكويت أو العراق”. [8]
إن خروج العراق من أحكام الفصل السابع بشكل كامل ونهائي إنما هو مرهون بتوفر طبقة سياسية وطنية تمتلك إرادتها بمعزل عن التأثيرات الدولية، وتسترشد بأحكام وقواعد ومبادئ القانون الدولي، وتحتفظ بسيادة العراق ووحدته وإستقلاله.
نتمنى أن نشهد حقا خروج العراق من تحث طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قريبا، ليعود إلى مكانته المتميزة في المجتمع الدولي قبل الثاني من آب/أغسطس 1990.د. رياض السنديدكتوراه في القانون الدولي – دبلوماسي سابقكاليفورنيا في 11 حزيران 2019المصادر/ميثاق الأمم المتحدة.قرارات الأمم المتحدة بصدد الحالة بين العراق والكويت.قائمة جزاءات لجنة 1518، موقع الأمم المتحدة، الرابط: https://www.un.org/securitycouncil/ar/sanctions/1518/materials[1] ميثاق الأمم المتحدة.[2] البطريرك ساكو: نتمنى أن يكون خروج العراق من الفصل السابع فرصة لتحقيق المصالحة الوطنية، موقع البطريركية الكلدانية، في 30 يونيو، 2013، الرابط: https://saint-adday.com/?p=3145[3] العراق.. ما بعد «الفصل السابع»، صحيفة الشرق الأوسط، 3 يوليو 2013 العدد 12636.[4] زيباري: خروج العراق من “الفصل السابع” يوم تاريخي، قناة العربية، في 27 يونيو 2013، الرابط: https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/2013/06/27/زيباري-خروج-العراق-من-تحت-الفصل-السابع-يوم-تاريخي[5] مقابلة مع محمد علي الحكيم سفير العراق في الأمم المتحدة، إذاعة مونت كارلو، في 21/09/2013، الرابط:https://www.mc-doualiya.com/chronicles/interviews-mcd/20130921 -العراق-مقابلة-سفير-العراق-الأمم-المتحدة-الحكيم[6] الخارجية تعلن إصدار مجلس الأمن قرارا بخروج العراق من الفصل السابع، السومرية نيوز، في 2017-12-09، الرابط:https://www.alsumaria.tv/mobile/news/223658/iraq-news?utm_campaign=nabdapp.com&utm_medium=referral&utm_source=nabdapp.com&ocid=Nabd_App[7] لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، موقع الأمم المتحدة، الرابط: https://uncc.ch/[8] الكويت “ضد” خروج العراق من “الفصل السابع” قبل تنفيذ التزاماته، CNN بالعربية، في 19/06/09، الرابط: http://archive.arabic.cnn.com/2009/middle_east/5/26/kuwait.iraq_un/index.html
Print Friendly, PDF & Email