1 العيد بين خيارين
حمادة فراعنة الدستور الاردنية
على الرغم من تعددية اختيار البلدان الإسلامية ليوم الفطر، فقد عيّدت مالي وحيدة يوم الاثنين، واختارت السعودية ولبنان والكويت وقطر وتركيا والإمارات والوقف السني في العراق يوم الثلاثاء لعيدها، بينما اختارت مصر وسوريا وفلسطين وماليزيا وإندونيسيا والسودان يوم الأربعاء، ونحن معهم، ومع ذلك فقد أخطأ مجلس الأوقاف العتيد خياره، وأعطى إنطباعاً سياسياً خاطئاً أننا اخترنا الأربعاء، لأبعاد سياسية، وهي إنطباعات غير دقيقة ومستعجلة وغير محسوبة، وكان يُفترض فيه النباهة وإدراك الأبعاد السياسية الوطنية والقومية والحساسيات المرافقة وتحاشي الوقوع في القراءة الخاطئة للآخرين، وكأننا لدينا انحيازات مناكفة، وهذا إنطباع لا يتسم لا بالواقعية ولا بالتقديرات الصحيحة، فهو إجتهاد من قبل مجلس الإفتاء لا يعكس عُمق القراءة السياسية، مهما بدا أنه حر ومستقل، وأن قراره مهني شرعي فقهي، ولكن ذلك، رغم ما يحمل من وجاهة، ولكنه يفتقد للقراءة الأكثر صواباً وواقعية ومصلحة.
ما جرى لهذا العام، يحتاج لوقفة ومبادرة شجاعة لعل مجلس الإفتاء ينتبه لها ويعمل من أجلها وتقوم على إحتمالين لا ثالث لهما، حتى لا نبقى في صورة هزلية تفتقد للوحدة أو التوافق، حتى ولو لم يلتزم بها بعضهم ولكنها مع الوقت ستترسخ وتصبح تقليداً مُتبعا، يصعب القفز عنه مع الزمن :
الاحتمال الأول : أن نعطي الاهتمام والأولوية للمسجد الأقصى باعتباره أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى ومعراج سيدنا محمد، وهو المكمل لدور الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن أجل إعطائه القدسية المحققة تاريخياً وإرثاً وواقعية وهو يستحقها، ليكون ما يصدر عن مجلس إفتاء المسجد الأقصى إسلامياً هو صاحب الولاية لإقرار يوم العيد بالتنسيق المسبق مع العربية السعودية باعتبارها صاحبة الرسالة ومنطلقها، إضافة إلى الأزهر الشريف والمغرب العربي ومكانته، ليكون الإجماع الإسلامي حرصاً ومكانة وقناعة ورغبة بدون منافسة ومناكفة نظراً لمكانة الأقصى، ونظراً للأخطار التي يتعرض لها من قبل المشروع الاستعماري الإسرائيلي في محاولات التهويد والأسرلة، وذلك عبر مبادرة مجلس الإفتاء الأردني لتسويق فكرة أن المسجد الأقصى وحرمه له الأولوية في عملية الاختيار، والالتزام بذلك إسلامياً مع الأطراف المذكورة .
والاحتمال الثاني : الالتزام بما يقرره مجلس الإفتاء لدى العربية السعودية لما تتمتع به من مكانة لوجود الحرمين على أرضها .
وجود منطق ووحدة تجعل من الإسلام موضع رهبة معنوية واحترام حقيقي والتزام ديني وأخلاقي بدلاً من التشتت الذي وقعنا فيه هذا العام وتوزع اختيار العيد بين ثلاثة أيام، وهو خيار مربك للجميع، بدون استثناء .
الاحتمال الأول وهو الأقوى والأكثر وجاهة يحتاج لجهد وعمل وتفاني وتسويق من قبل مجلس الإفتاء الأردني لخلق حالة رضى مع مكة المكرمة والمدينة المنورة ومكمل لهما، وهو ثالثهما بكل المعايير والقدسية والمكانة والتاريخ.
2 إم. بي. سي
عبدالستار ناجي النهار الكويتية
مخطئ من يعتقد أن «إم. بي. سي» مجرد قناة فضائية، انها مؤسسة إعلامية ضحمة، شيء ما يعادل العديد من وزارات الإعلام في عدد كبير من البلاد العربية.
احترافية اعلامية عالية المستوى، على صعيد التخطيط والانتاج والبرمجة والتشويق.
و«إم. بي. .سي» لم تعد مجرد قناة واحدة ،بل سلسلة من القنوات، وذهبت الى مناطق تفتح أبواب وتشرع نوافذ، كما حصل مع «إم. بي. سي» مصر وأخيرا «إم. بي. سي» العراق وهذه الأخيرة، استطاعت ان تحرك الكثير من السكون.. وتعيد اكتشاف أسماء ومبدعين كادت تذهب الى النسيان في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الاجتماعية الصعبة في ذلك البلد الحبيب.
«إم. بي. سي» مستودع حقيقي للأفكار التي يتم احتضانها وتطويرها وإنضاجها على نار هادئة ومنحها الدعم المادي والمعنوي للانطلاق بعيدا.
«إم. بي. سي» فضاء خصب للتحليق بالمبدع والإنتاج الفني والاعلامي العربي الى فضاءات أبعد.. وأرحب.
وحتى لا نطيل.. ما أحوجنا ان تظل «إم. بي. سي» دائما محافظة على ذلك البعد العربي.. وهو الأمر الذي تنفرد.. وتتميز به.
على المحبة نلتقي
3 خمس سنوات منذ تدنيس «الجامع النوري» من قبل البغدادي مينا العريبي الشرق الاوسط السعودية
تحل الأسبوع المقبل الذكرى الخامسة على الظهور الغريب لزعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو بكر البغدادي في «الجامع النوري» الأثري في الموصل وإعلانه الباطل عن «الخلافة». كان خطاب البغدادي من على المنبر الأثري للجامع الذي يعود إلى أكثر من 8 قرون هدفه الحصول على شرعية دينية لم ينلها البغدادي إطلاقاً. خمس سنوات مرت على مدن وبلدات عراقية وسورية عانى أبناؤها من ظلم تنظيم «داعش» وفكره الظلامي، ومن تبعات المعارك الضارية لإنهاء وجوده فيها. عند ظهور البغدادي في «الجامع النوري» كانت هناك قناعة لدى غالبية العراقيين، وخاصة أبناء الموصل، بأن عهد البغدادي لن يدوم طويلاً لكنه كان من الصعب عليهم أن يتخيلوا مدى الدمار الذي سيخلفه. وكانت هزيمة «داعش» العسكرية مؤكدة منذ البداية، خاصة بعد أن احتشدت 69 دولة لتشكيل تحالف دولي لهذا الغرض. ولكن على الرغم من سنوات من الاستعدادات والمؤتمرات الدولية والبحوث في المؤسسات الفكرية لم تخرج بالنتائج المرجوة من حيث الإعداد لمرحلة ما بعد «داعش». ما زالت مدن مثل الموصل والرقة والفلوجة وغيرها تعاني من ثلاث ويلات؛ أولها انعدام إعادة إعمار جدي فيها، ثانيها عدم إقرار برنامج ملموس لمحاسبة المسؤولين من «داعش» ومن الجهات التي سمحت لـ«داعش» بالانتشار والسيطرة على تلك المناطق، وثالثها وربما أكثرها خطراً انعدام وجود أية جهود ملموسة لإعادة نسيج المجتمعات التي سعى تنظيم «داعش» إلى تدميرها.
الذكرى الخامسة لخطاب البغدادي المشؤوم ليست مهمة بحد ذاتها، ولكن تأتي للتذكير بجرم ذلك التنظيم الإرهابي وللتذكير بضرورة معالجة مخلفات تلك الحقبة. فيوم أمس، تم الإعلان عن تسليم 12 يتيماً فرنسياً من أبناء مسلحي «داعش» إلى الدولة الفرنسية، وطفلين يتيمين إلى الدولة الهولندية. ما زال المئات من الأيتام والأرامل ينتظرون حلاً من دول غربية تعاني من انعدام آليات أو قوانين للتعامل مع ظاهرة هذا التنظيم الدولي الإرهابي. مسألة أيتام «داعش» ربما تعد المسألة الإنسانية الأكثر إلحاحاً المتعلقة بالمقاتلين أنفسهم، ولكن هناك قضايا أخرى من بينها كيفية محاكمة المسلحين والذين أجرموا في حق العراقيين والسوريين وغيرهم من ضحايا التنظيم الإرهابي. قرار العراق بمحاسبة المعتقلين من أعضاء «داعش» الذين أجرموا على أراضيه بموجب القانون العراقي هو القرار السليم. ولكن هناك ضرورة تحمّل الدول التي عبر من خلالها مجرمو «داعش» مسؤولية أيضاً ومعرفة من سمح لهم بالعبور إلى العراق وسوريا ومن ثم محاسبتهم.
التبعات الدولية لظاهرة «داعش» تبرز من خلال أزمة المحاكمات والأيتام وغيرها. ولكن في الواقع فإن أبناء المدن التي احتلها مقاتلو «داعش» هم المتضررون الأوائل والذين لم ينالوا حقوقهم بعد. أموال طائلة خصصت لإعادة إعمار تلك المدن لكن غالبها لم يتم صرفها. محاولة الحصول على إحصائيات دقيقة من المنظمات الدولية حول الأموال التي صرفت على إعادة الإعمار لا تجلب نتائج دقيقة.
بقاء البغدادي على قيد الحياة، وبثه للتسجيلات التي لم تعد تؤثر في مسار الأحداث في العراق أو سوريا، لم يعد مهماً. فقد فشلت محاولته على «أرض» الخلافة الباطلة. كما أن مقتله لن يغير شيئاً. ولكن أضرار «داعش» ما زالت ملموسة في العراق وسوريا ويجب عدم نسيانها أبداً. من المثير أن بعد 5 سنوات من تفشي «داعش» مثل الوباء في الموصل وبعد ما يقارب سنتين من الإعلان عن تحريرها، تقول الجهة الأممية المسؤولة عن إزالة الألغام إن عملية تخلص ثاني أكبر مدينة في العراق من الألغام التي زرعها مسلحو «داعش» قد تستغرق عشرة أعوام. وقد صرح مسؤول «يونماس» في العراق بير لودهامر لـ«إذاعة صوت أميركا» قبل بضعة أسابيع بأن عودة النازحين للمدينة القديمة في الموصل مستحيلة قبل إزالة جميع المتفجرات. وتقدر الأمم المتحدة أن تنظيم «داعش» خلف عشرات الآلاف من المتفجرات، وخلال العام الماضي فقط تم إزالة 17 ألف متفجر، من عبوات وألغام وغيرها من عبوات ضارة. تلك المفتجرات وأضرارها ترمز لمدى الضرر الذي ما زال يخلفه التنظيم حتى وإن لم يعد يستطيع السيطرة على أراضٍ داخل العراق.
رفضُ أهالي الموصل بشكل خاص، والعراقيون والسوريون بشكل عام، لـ«داعش» أدى بمقاتليه إلى تفجير الجامع النوري ومنارته «الحدباء» قبل الهروب. الهدف من ذلك التفجير كان ضمن أهداف «داعش» لمحو هوية الحضارة العربية الأصيلة في الموصل مثلما فعلوا بتدمير آثار تدمر وغيرها من آثار تدل على الحضارة التي ستبقى عامرة ليس فقط بعد 5 سنوات من خطاب البغدادي ولكن حتى بعد 5 قرون منها، وهذا ما أثبته الكثيرون من العراقيين والسوريين.
وربما أفضل تلخيص لما حدث في الموصل وعزيمة الشباب على العيش جاءت على لسان ابن أم الربيعين المصور والمدون علي البارودي الذي كتب على صفحته في «فيسبوك» قبل خمس سنوات: «هذه ليست وصية.. كما أنها ليست رسالة استسلام أو جرعة يأس.. فأنا محب للحياة حبهم للموت وأكثر وسأعيش الحياة حتى يأخذ الله أمانته». ما زال علي اليوم يعيش في الموصل ويلتقط ما هو جميل فيها. وأمثاله هم أفضل سلاح ضد «داعش».
4 المشهد النفطي! حسين شبكشي الشرق الاوسط السعودية
كان لافتاً جداً تصريح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، الأخير الذي قال فيه إن جميع دول منظمة (أوبك) وحلفائها باستثناء روسيا التي لم تحسم موقفها حتى الآن، موافقة على تمديد اتفاقية الإنتاج حتى نهاية العام الحالي. و(أبو عبد العزيز) دقيق في كلامه، وتصريحاته محسوبة، وعليه فمطلوب التمعن بعمق فيما قاله.
المشهد النفطي بصورة عامة غير مستقر. فالعقوبات غير المسبوقة على إيران قلّصت بشكل هائل من نفطها وحصتها في السوق العالمية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ليبيا، فالاقتتال الداخلي بين الفرقاء الليبيين كان له أثر مباشر على قدرات ليبيا الإنتاجية وبالتالي التصديرية. وهناك القصور المستمر في قدرات العراق الإنتاجية وعدم قدرته حتى الآن على الوصول إلى الوضع المثالي للإنتاج ومن ثم التصدير. وطبعاً لا يمكن إغفال الوضع المضطرب الحاصل في فنزويلا، والذي أثر على ثقة المستهلكين في التعاقدات المستقبلية معها.
اضطراب الأسعار وكسرها لحاجز السبعين دولاراً تصاعداً، ومن بعد ذلك نزولها إلى مستويات الستين دولاراً وضّحه بعد ذلك تصريح لمسؤول روسي عندما قال إن روسيا ترى مصلحتها بوجود النفط عند حاجز الستين دولاراً، بينما «أوبك» تريد سعراً حول السبعين دولاراً للبرميل، وهذا هو سبب وجود الوزير السعودي في العاصمة الروسية، لأن روسيا بالإضافة إلى ذلك كله تريد حجماً أكبر في صحتها الإنتاجية، لقناعتها بأنها وحدها قادرة على تعويض الصين عن حصة إيران الإنتاجية التي لن تتمكن من توريدها بسبب العقوبات المفروضة على الأخيرة.
هناك أصوات مؤثرة مقرّبة من الدائرة المحيطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمحسوبة على صناعة النفط تحذّره من مد الاتفاق مع «أوبك»، تماماً كما قال إيغور سيتشين رئيس شركة «روسنفت» البترولية المعروفة، الذي صرّح بأن تمديد الاتفاقية يشكّل «خطراً استراتيجياً على موسكو» لأنها من الممكن أن «تسمح» للولايات المتحدة بأن تستحوذ على حصة روسيا من السوق.
خالد الفالح بعقلانية ورزانة لم ينفعل إزاء هذا الضغط الإعلامي ولكنه أبقى الباب مفتوحاً لإتمام الاتفاق مع الروس في لقاءات مستقبلية أهمها الذي سيعقد قريباً على هامش اجتماع قمة مجموعة العشرين في اليابان هذا الشهر.
التحدي الأهم في السياسة النفطية السعودية هو توازن مصالحها السياسية مع الولايات المتحدة ومصالحها النفطية مع روسيا، وهي رحلة بحاجة إلى مهارة لأن كلا الطرفين يحاول تسجيل نقاط مع المنتج النفطي الأكبر لمصالح سياسية أكبر. يبقى المشهد النفطي مكوناً من تفاصيل دقيقة منها ما يظهر للعامة ومنها ما يتشكل خلف الكواليس، وفي كل الأحوال لا تزال السلعة حتى الآن مؤثرة، وإن كان بدرجات أقل عما كانت عليه في السابق.
الشهر الحالي مهم وحاسم «لتقرير» المشهد النفطي حتى نهاية العام أو حتى ما بعده. أوراق اللعبة تتغير وقواعدها تتبدل. الصين المستهلك الأكبر «تتّحد» مع المنتج الأشرس (روسيا) وهذا في حد ذاته مدعاة لقياس شكل الصورة الجديدة للمشهد النفطي المتغير.
5 العراق: حكومة تكنوقراط؟
أمجد الدهامات راي اليوم بريطانيا
ذات مرة قال الرئيس (ابراهام لنكولن) عن الديمقراطية انها: “حكومة من الشعب ويديرها الشعب من أجل الشعب”، وبما أن المواطنين بمجموعهم لا يمكن أن يصبحوا حكومة، تم اختراع آلية الأنتخابات التي تقوم على فكرة قيام عموم الناس بتفويض بعض افرادهم للحكم نيابة عنهم، ولكي تتم هذه الأنتخابات لابد أن يُنظم الشعب نفسه على شكل كيانات سياسية تُسمى أحزاب يُشارك من خلالها بالأنتخابات، وعليه فأن وجود الأحزاب ضرورة في أي بلد ديمقراطي لأنها الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة وتداولها.
لكن هناك من يدعو لمنح السلطة إلى حكومات تكنوقراط غير سياسية بغض النظر عن نتائج الأنتخابات والأحزاب الفائزة فيها، فهل هذا ممكن؟ ومتى يتم تشكيل حكومة تكنوقراط في أي بلد؟
نعم، شهدت بعض الدول هذا النوع من الحكومات، وسأذكر ادناه بعض الأمثلة:
بنغلاديش: كان الدستور قبل (2011) ينص على تشكيل حكومة مؤقتة من التكنوقراط قبل إجراء أي انتخابات عامة، تحكم لمدة (3) أشهر تشرف خلالها على الأنتخابات ثم تسلم السلطة إلى الحزب الفائز، ففي (تموز 2001) شكّل الحكومة رئيس مجلس القضاء لطيف الرحمن وفي (كانون الثاني 2007) شكّلها محافظ البنك المركزي فخر الدين أحمد.
إيطاليا: بعد الأزمة المالية وإستقالة حكومة (سيلفيو برلسكوني)، تشكّلت حكومة تكنوقراط (تشرين الأول 2011) برئاسة الخبير الاقتصادي البروفيسور (ماريو مونتي) وتمتعت بدعم الأحزاب الممثلة بالبرلمان، لكن هذا الدعم لم يستمر طويلاً فقدمت استقالتها في (نيسان 2013).
لكن عندما كُلف الخبير المالي البروفيسور (كارلو كوتاريللي) في (آيار 2018) بتشكيل حكومة تكنوقراط فشل في كسب دعم الأحزاب وخاصة حزب الرابطة وحركة خمس نجوم فقدّم اعتذاره عن تأليفها.
اليونان: بعد أزمة اقتصادية وانتخابات غير حاسمة فشلت الأحزاب بتشكيل حكومة توافقية، فكلّف رئيس الجمهورية (آيار 2012) القاضي (بانايوتيس بيكرامينوس) برئاسة حكومة تكنوقراط، ضمّت (16) أستاذاً جامعياً، لحين اجراء انتخابات جديدة.
تونس: بعد الازمة السياسية الناتجة عن اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد اقترح رئيس الوزراء حمادي الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط في (شباط 2013)، لكن الأحزاب رفضت الفكرة وخاصة حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية فقدّم استقالته.
لكن بعد الحوار الوطني تم الاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة (كانون الثاني 2014) تقود البلد لغاية إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
أذن يمكن الاستعانة بحكومة من هذا النوع عندما يمر البلد بظروف استثنائية، اما في الظروف الطبيعية فتكون الحكومة السياسية هي الأنسب والأصلح لقيادة الدول لأنها تمثل الشعب ومنبثقة عنه وتساهم في تراكم العملية الديمقراطية، ثم إذا كان الوزير هو: “الرئيس الأعلى للوزارة ويتولى رسم السياسة العامة لوزارته في ضوء ستراتيجيات عامة تضعها الحكومة في بيانها الوزاري المنبثق من البرنامج الأنتخابي، أي انه قائد فريق عمل الوزارة المسؤول عن وضع خطط عملها لتطوير اختصاصها بما يقدم أفضل خدمة للمواطنين”، فهذه مهمة سياسية بأمتياز ويؤديها السياسيون، وأن كان الأفضل ان يكونوا من المختصين في مجال عمل وزاراتهم.
لكن هل يحق للأحزاب أن تسحب دعمها أو لا تدعم من الأصل حكومة التكنوقراط؟
في اعتقادي أن الجواب هو (نعم)، والسبب هو: أن الأحزاب شاركت بالأنتخابات وفق برامج انتخابية تشمل الموضوعات التي تهم الشعب، وتم انتخابها من قبله لإقتناعه بهذه البرامج، وبذلك تكون هي الممثل الشرعي للمواطنين وتعبّر عن رغبتهم بتنفيذ هذه الخطط، وبذات الوقت تكون الأحزاب ملزمة بتنفيذ تلك البرامج كونها تمثل عهداً قطعته لناخبيها، والطريق الوحيد لتنفيذ وعودها هو الحكومة لأنها الجهة الوحيدة دستورياً القادرة على وضع الخطط على ارض الواقع، بينما لا يستطيع البرلمان فعل ذلك لكونه سلطة رقابة وتشريع.
إذن متى يتم الاستعانة بالتكنوقراط والاستفادة من خبراتهم؟
اعتقد من الممكن الاستفادة منهم في مواقع مهمة كثيرة في الدولة، مثل: وكيل وزارة، رئيس جامعة، رئيس هيأة، مدير عام، مستشار، معاون مدير عام، وغيرها، أن هذه المناصب تُعتبر عماد الدولة وعمودها الفقري، كما يمكن أحياناً تطعيم الحكومات السياسية بوزراء خبراء عند الحاجة، وهذه بعض الأمثلة:
تونس: حكومة علي العريض (آذار 2013) ضمّت وزراء تكنوقراط مثل وزير الخارجية عثمان الجرندي.
إيطاليا: حكومة (انريكو ليتا) في (نيسان 2013) ضمّت (4) وزراء تكنوقراط أهمهم وزير الاقتصاد (فابريتسيو ساكوماني).
اندونيسيا: حكومة الرئيس (جوكو ويدودو) في (تشرين الأول 2014) فيها العديد من الوزراء التكنوقراط أبرزهم الخبيرة الاقتصادية وزيرة المالية (سري مولياني إندراواتي).
اثيوبيا: حكومة (هايلي ديسالين) في (تشرين الثاني 2016) ضمّت أغلبية من التكنوقراط أبرزهم (ورقنا قبيو) وزير الخارجية.
المغرب: حكومة سعد الدين العثماني (نيسان 2017)، ضمّت (9) شخصيات مستقلة مثل عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية.
فرنسا: حكومة الرئيس (إيمانويل ماكرون) الأولى (آيار 2017) ضمّت (7) وزراء مستقلين أبرزهم عالمة الكيمياء ورئيسة جامعة نيس (فريدريك فيدال) بمنصب وزيرة التعليم العالي.
النمسا: حكومة (سيباستيان كورتز) في (كانون الأول 2017) فيها (3) من التكنوقراط أبرزهم الخبيرة الدكتورة (كارين كنايسل) وزيرة للخارجية.
بنغلادش: يجب أن يكون (%10) من الوزراء في كل حكومة هم من التكنوقراط.
ثم ان بعض السياسيين كانوا أصلاً تكنوقراط وخبراء في مجالات متعددة قبل احترافهم السياسية، فمثلاً رئيسة تشيلي (ميشال باشليت) خبيرة ستراتيجية عسكرية وعالمة وبائيات، رئيسة ليبريا (إلين سيرليف) خبيرة في البنك الدولي، رئيس وزراء بريطانيا (جوردون براون) دكتوراه تأريخ وأستاذ في جامعة إدنبرة، مستشارة المانيا (انجيلا ميركل) حاصلة على دكتوراه كيمياء وباحثة في اكاديمية العلوم، رئيس وزراء هولندا (مارك روتي) مؤرخ ومحاضر في كلية (يوهان دي فيت)، رئيس وزراء الهند (مانموهان سينغ) خبير اقتصادي ومسؤول كبير في صندوق النقد الدولي، … ألخ.
كما ان هناك من يطالب بحكومة تكنوقراط على أساس (شيطنة) جميع السياسيين ويعتبرهم سبب الفساد، وهذا رأي غير مقبول أكيداً، فهناك سياسيون نزيهون كما يوجد تكنوقراط فاسدون، فعندما يتفشى الفساد في بلدٍ ما فكلا السياسي والتكنوقراط سواء، فالتكنوقراط ليسوا ملائكة على أية حال!
ثم أن التكنوقراط يُكلف من قبِل السلطة أو الأحزاب فمن الممكن أن يقع في فخ التبعية وفقدان الاستقلالية ولو من الناحية المعنوية ورد الجميل، وربما ينتمي إلى حزب ما ليستقوي به لإحساسه الدائم بالضعف لكونه مستقلاً، وعندها يصح المثل: “وكأنك يا أبو زيد ما غزيت”!
6 فيلم “فايس” السياسي الساخر (2018): التفاصيل الشيطانية لخفايا شخصية “ديك تشيني” الانتهازية! مهند النابلسي راي اليوم بريطانيا
الممثل الظاهرة “كريستيان بايل” يتنفس التحول ويعشق أدواره ويعيشها بشغف نادر، وقد تلاعب بجسمه مرارا من أجل اتقان التقمص ، وهنا بهذه التحفة السياسية المستفزة فلا يوجد استثناء، فقد اكتسب حوالي 20 كغم مع عنق غليظ ليظهر بشكل نائب الرئيس “ديك تشيني”، كما تطلب ذلك ايماءة خاصة خبيثة وحلق شعر الرأس وتبييض الحواجب لتظهر الشخصية الجديدة بلا تزييف.
قدم كمتدرب لأول مرة في البيت الأبيض أثناء عمله في الكونغرس في عهد ادارة نيكسون اولا، ثم انضم لمكتب دونالد رامسيفيلد ليخلفه في النهاية كرئيس لأركان البيت الأبيض في عهد الرئيس فورد، ثم ترقى ليصبح وزيرا للدفاع خلال رئاسة جورج بوش الأب، ثم فاجأ الجمهور عند اختياره لمنصب نائب الرئيس جورج بوش الابن في انتخابات عام 2000.
وخلال عمله في البيت الأبيض أشرف على عملية “عاصفة الصحراء” الاولى وهي الحرب الأمريكية ضد العراق لاخراجه من الكويت فيما يسمى بحرب الخليج الاولى، ثم انجر بالحرب على الارهاب بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وقاد حملة هجوم عالمية على أفغانستان اولا ثم انتهت بالحرب على العراق بالعام 2003:
يبدو هذا الفيلم مسليا ويميل للكوميديا الساخرة المبطنة بالرغم من تناوله لموضوع سياسي مصيري وجدلي، وقد قصد المخرج ربما ذلك بالتبسيط وتخفيف الكثافة السينمائية بكيفية توجيه الضؤ للأعماق المظلمة المعقدة/ محاولا اظهار انسانية “تشيني” الداهية بعد انكشاف مثلية ابنته ماري مراعيا البعد الانساني لهذه الحالة الشخصية، ولكنه نجح قبل ذلك بتعزيز البعد الشيطاني لشخصية تشيني الشريرة، الطافحة بالانتهازية والتآمر الخبيث والخالية من الشفقة والتعاطف…يضحكنا هذا الفيلم غصبا عنا في مشاهد متفرقة/ مظهرا التوازن بين الفكاهة والسخرية والحقائق الواقعية الصادمة: انه باختصار فيلم ممتع متكامل يتابع السيرة الذاتية لتشيني بشكل عميق ومتوازن وساخر، يتعمق بالكوميديا السوداء والنكات الخفية، ولا تستطيع هنا أن تكون حياديا لأنك أصبحت تدريجيا جزءا من الأحداث، وهذه بالحق ميزة فريدة بطريقة الاخراج، كما يوجد تنوع وتحول واستطراد وسخرية داكنة مبطنة ومجاز فائق، مع كم من الاصابات والتداعيات والمنعطفات والهدر والعبثية والفشل الذكي المقنع، ولقد أظهر بيل بواطن شخصية تشيني الطموحة بلا حدود…
نال الفيلم تقييما وسطا في موقع الطماطم الفاسدة (66%) وان كنت اعتقد انه يستحق أن يتجاوز الثمانين، وهو يوضح باختصار كيفية تحول رجل بيروقراطي متوسط الذكاء وبهدؤ تدريجيا الى أقوى رجل في العالم كنائب متغول “موثوق به” للرئيس جورج دبليو بوش، ساعيا لاعادة تشكيل أمريكا والعالم بالطريقة التي ما زلنا نشعر بها اليوم…وربما يختلف هنا ترامب كليا بطريقة ادارته الهوجاء الفردية والمتقلبة الاحادية المتشنجة والمتضاربة والمتصهينة والمباشرة والتي لا تحترم احدا: وكمثال على تخبطه المربك، فقد أوعز قبل فترة لوكالة الفضاء الناسا لتحث الخطى لرحلة جديدة مأهولة لسطح القمر، ولما اخذت الناسا الموضوع بجدية كعادتها واعلنت موعدا قريبا لمثل هذه الرحلة في العام 2024، فاجأ ترامب الجميع بتصريح “تويتري” غامض مفاده أن القمر يتبع للمريخ وبأنه لا معنى لتكرار تجربة ناجحة اجريت منذ خمسين عاما، وأن الهدف الجلي القادم يكمن بارسال رحلة جديدة مأهولة لكوكب المريخ، واعتقد انه بهذا التصريح الجديد قد اربك وكالة الناسا مرة اخرى وجعلها ربما تحتار بمقصده وبطريقة تنفيذها لهذا الالتزام الباهظ التكلفة والكثير المخاطر!
يدعى تشيني ليصبح نائبا للرئيس بوش الابن خلال انتخابات عام 2000، علما بأن هم بوش كان ينحصر بارضاء والده أكثر من مجرد تركيز السلطة بين يديه، يوافق تشيني مترددا بشرط حصر مسؤولياته والتركيز على عناصر استراتيجية مثل الطاقة والسياسة الخارجية كنائب رئيس حقيقي (وليس شكلي)، ثم يعمل مع وزير الدفاع رامسفيلد والمستشار القانوني “ديفيد أدينغتون” ورئيس الأركان”سكوت ليبي” كثلاثي بالغ الخبث والباطنية والدهاء، ليتمكن لاحقا من السيطرة الكاملة على قرارات السياسة الخارجية والدفاع في البيت الأبيض.
في البدايات وبعد خروج فورد من منصبه، أصبح تشيني ممثلا سياسيا عن رايومنغ، وبعد القاءه خطاب فاشل حيث يعاني من النوبة القلبية الاولى، تقوم لين بمساعدته وتنجز حملات انتخابية نيابة عنه، مما ساعده على الفوز بمقعد نيابي خلال ادارة ريغان في الثمانينات، ثم يدعم تشيني مجموعة من السياسات المحافظة بهدف تقليل صناعات الوقود الاحفوري، ويعمل لاحقا كوزير للدفاع خلال عهد جورج بوش الأب خلال حرب الخليج الاولى، فيكتشف بالصدفة موضوع “مثلية” ابنتهما الصغرى”ماري”، وبالرغم من شغفه الكبير بالسياسة الا انه يفضل التقاعد مؤقتا لاعفاء ابنته من الملاحقة القانونية والفضائح، ثم خلال رئاسة بيل كلينتون أصبح تشيني الرئيس التنفيذي لشركة “هاليبيرتون” العملاقة، بينما انغمست زوجته بتأليف الكتب…وتم الادعاء بأن تشيني كان ناجحا وسعيدا وينعم بصحة وسمعة جيدة في القطاع الخاص وهكذا تم تلميعه بقصد لأهداف خفية معروفة…
ثم يشير الفيلم للعام 1969 عندما يجد تشيني عملا كمتدرب في البيت الأبيض خلال فترة ادارة نيكسون، كما يجد فرصته بالعمل مع الداهية “دونالد رامسفيلد” مستشار نيكسون حينها، مما يؤهله تدريجيا لأن يصبح سياسيا محنكا مع المحافظة على التزاماته العائلية تجاه زوجته وبناته، ثم في مشهد خطير “صريح” نراه يستمع خلسة لهنري كيسنغر وهو يناقش مع نيكسون امكانية قصف كامبوديا بلا هوادة لتحقيق الانتصار، كاشفا بذلك الوجه الحقيقي للسلطة التنفيذية الجامحة، وحيث يقود الموقف الحاد لرامسفيلد لابعاده عن ادار نيكسون حينها، ثم بعد استقالة نيكسون يرتقي تشيني لمنصب رئيس أركان البيت الأبيض للرئيس الجديد “جيرالد فورد”، ثم ننتقل لما بعد هجمات 11 سبتنبر، حيث يناقش تشيني ورامسفيلد امكانية غزو كل من أفغانستان والعراق، مما أدى كما نعرف لمقتل عشرات الآلاف من المدنيين وعمليات التعذيب الشهيرة كما بسجن “أبو غريب” العراقي، ومحاولات ما يسمى الحرب على الارهاب…ونلاحظ في الأثناء استمرار معاناته من النوبات القلبية المتتالية: ويتحدث الفيلم عن تولي رامسفيلد منصب وزير الدفاع وعن التوتر المستمر بين ابنتي تشيني حول الزواج المثلي، وعن مسؤولية تشيني باشعال الحروب وبزوغ نجم الارهابيين الدوليين وعلى رأسهم “أبو مصعب الزرقاوي” في العراق …الخ.
يقتل الراوي “كورت” في حادث سيارة مريع أثناء ممارسته لرياضة الركض في مارس 2012، حيث يتم زرع قلبه الصحي لتشيني المريض، ويوافق تشيني على قول ابنته المعارضة لزواج المثليين تاركة شقيقتها ماري غاضبة، لكي تفوز بمقعد برلماني شاغر في وايومنغ (الذي هو نفس مقعد والدها الشاغر)، ثم نشاهد تشيني في مقابلة متلفزة شهيرة وهو يصرح علنا بعصبية بأنه لا يشعر ابدا بالندم على قراراته السياسية الحازمة والمتطرفة طوال حياته المهنية الطويلة…
تتم رواية احداث الفيلم بطريقة افتراضية من قبل نفس الشخص “كورت” الذي يتطرق لتفاصيل حربي افغانستان والعراق، وتبدأ المشاهد الاولى لتشيني لنشاهد تفاعلات تشيني وأركان وموظفي البيت الأبيض مع هجمات 11 سبتنبر 2001، ثم يقودنا الفيلم الى مسقط رأسه “وايومنغ في العام 1963، حيث يجد تشيني بصعوبة عملا يدويا كخطاط بعد ان طرد من جامعة بيل لادمانه على الكحول، بعد ان تم ايقافه من قبل شرطي مرور لأنه كان مخمورا، وحيث يحدث جدل مصيري حاد مع زوجته الشابة المغرمة التي تقنعه بضرورة تنظيف حياته والاستقامة والتخلص من ادمان الكحول لكي تستمر معه!
انطباعات نقدية تحليلية والبعد التوثيقي الحقيقي لقصة حياته:
نلاحظ نمط الاخراج الفوضوي الطموح الحافل بالسخرية السياسية اللاذعة ذات الخصائص المأساوية المتقلبة، ومهارته بتحريك بوش الابن كدمية، متتبعا اصول نشأة داعش وتفاصيل وتداعيات الحرب على العراق، كما نلاحظ منهجيات الخداع والتضليل، لكن بالحق فقد اختلف هنا ترامب عن معظم الرؤساء السابقين بتركه حصريا لأوراق اللعب الاستراتيجية بين يديه وتهميشه المقصود لمعظم مساعديه واركان ادارته!
في الاجمال فقد شيطن الشريط تشيني تماما، وأبدع “بيل” بتقمص الشخصية وكانا نشاهد شيني على الشاشة، وأرهق المشاهدين بكثرة التفاصيل والتداخل المستمر للأحداث، ونتج عن ذلك فوضى ربما مقصودة وتأرجحت المشاهد هنا وهناك وربما التبس الأمرعلى بعض المشاهدين لذا لجات بتحليلي هذا للكثير من التفاصيل التتابعية لمساق الأحداث مما أرهقني ايضا، كما أنه لا يترك مجالا كبيرا للتأمل واستقلالية التفكير ويتبنى نهجا وثائقيا صارما، وتمت الاشادة (سينمائيا) خصوصا باداء كل من “بايل وآدمز” التي لعبت كزوجته دورا محوريا في مسار الأحداث.
أشار الفيلم لموافقة “تشيني” على اسقاط كافة الطائرات المدنية خلال هجوم 11 سبتمبر وكأنه هو صاحب القرار ويدير حالات الطوارىء، كما بلغت ميزانية الفيلم حوالي الستين مليون دولار، وهو من تاليف واخراج “آدم مكاي”، مع كريستيان بايل بدور نائب الرئيس السابق، وايمي آدامز زوجته، وكا من: سام روكويل ، تايلر بيري، أليسون بيل، ليلي راب، جيمس بليمرنر، وجاستين كيرك في الأدوار الداعمة الرئيسية: يتبع الفيلم باختصار مسار تشيني الحياتي والسياسي في طريقه ليصبح نائب الرئيس الأمريكي الأكبر قوة ونفوذا في التاريخ الأمريكي المعاصر: وقد اطلق الفيلم في 25 ديسمبر 2018، حيث أشاد النقاد بذكاء الاخراج والسيناريو المتقن الذي يتعرض بالتفصيل للكراهية والانتهازية السياسية، وقد حصل الفيلم على العديد من الجوائز والترشيحات (ومنها الترشيح لأفضل فيلم للاوسكار وافضل فيلم كوميدي)، وفاز الممثل كريستيان بيل بجائزة الجولدن جلوب كأفضل ممثل وهو يستحقها بالتأكيد…
هناك حوار شكسبيري الطابع يدور في غرفة النوم بين ديك وزوجته، ويركز حول الفلسفة الانسانية ومعايير القوة المطلقة، كما يوجد تداخل واضح ما بين الحقائق التاريخية والبعد الفلسفي الساخر لمجرى الأحداث، ويصور الفيلم تشيني بشخصيته الخبيثة الانتهازية الطاغية وكأنه “راسبوتين عصري” يصغر بذكاء “جورج بوش” الابن لتحقيق رغباته واطماعه السياسية، مستغلا تواضع ذكاء هذا الأخير وربما ضعف شخصيته دون أن يشعره بذلك: حيث عمل كنائب لبوش في الفترة ما بين 2001 و 2003، وكما وصف مساعد الأمن القومي “اريك ايدلمان” خلال نفس الفترة: لم ادرك ان “تشيني” تصرف بشكل مستقل فردي وارتجالي، بعيدا عن توجهات بوش، وخاصة في مجالات: الأمر باسقاط الطائرات المدنية خلال أحداث 9/11، ولا بالسيطرة على البيت الأبيض، ولا بالدفع بحماس باتجاه حرب العراق…واخيرا فهل تحدث الفيلم واقعيا عن دور “ديك تشيني”؟ وهل يستند حقا لرواية وثائقية حقيقية دقيقة، فالشريط يطرح حيثيات ووقائع بيوغرافية عن نائب الرئيس “ديك تشيني” ويحمله بشكل كامل وزر حرب العراق مع كامل الفريق الرئاسي الكاذب والمخادع ومنهم وزير الدفاع في حينه “كولن باول”، ولا ينسى الدور الخبيث لكونداليزا رايس صاحبة فكرة الفوضى الخلاقة التي عصفت لاحقا بدول الشرق الأوسط فيما يسمى اصطلاحا بثورات الربيع العربي التي لم تنتهي بعد، وأخيرا فهذا فيلم فريد من صنفه واسلوبه وطريقة تكامله الدرامية السياسية التوثيقية وبعده الساخر، مما يجعل من الصعب تكراره في مقبل الأيام!
7 العراق على قائمة خيارات «صفقة القرن»؟ وائل الركابي
الاخبار اللبنانية
إعادة إحياء مشروع «الصحوات»، بدعوى مخاطر انبعاث تنظيم «داعش». تحركات تصاحبها مخاوف من أن يكون ثمة دور للمحافظة الغربية في إطار «صفقة القرن» التي تريد واشنطن فرضها على الفلسطينيين والعرب
بغداد | أواخر أيار/ مايو الماضي، تحدث القيادي السابق في «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، وزير المالية الأسبق باقر الزبيدي، عن دور مفترض للعراق في «صفقة القرن» من خلال أراضيه الغربية، التي صارت «مسرحاً» للقوات الأميركية خلال الفترة الماضية. الزبيدي رأى أن منطقة القائم، غرب البلاد، ستكون «نقطة ارتكاز في المستقبل للمجاميع المسلحة القادمة من الرقة وإدلب والحسكة ودير الزور»، معتبراً أن «هذه التطورات دليلٌ على صلة العراق بصفقة القرن»، موضحاً أن غربيّ الفرات سيكون «وطناً بديلاً للفلسطينيين يتصل بالأردن وبالضفة الغربية». وحذر من أنه، على رغم محاولة جهات سياسية وإعلامية طمأنة الشارع، والتأكيد أن بغداد ليست طرفاً في «الصفقة»، إلا أن «الحقيقة غير ذلك… فبلاد الرافدين هي العمود الفقري للمشروع، لعوامل كثيرة، منها دينية وتاريخية واجتماعية، وهو ما تعدّ له إسرائيل وحلفاؤها في المنطقة ليكتمل خلال عامين».
اللافت أن هذا الحديث تزامن مع مساعٍ خلف الكواليس لإعادة إحياء مشاريع «الصحوات»، وإنشاء قوة مسلحة في محافظة الأنبار تكون موالية لواشنطن. تقول مصادر ميدانية مطلعة على تلك المساعي إن الأخيرة «بدأت بعد زيارة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، للعاصمة الأميركية في نيسان/ أبريل الفائت، عندما أطلق تصريحات في شأن الوجود الأميركي معارضة للتوجّه المُعلَن للتحالف النيابي الذي ينتمي إليه (تحالف البناء)»؛ إذ شدد على أهمية الوجود الأميركي كـ«ضمانة لاستقرار العراق»، معتبراً أن «المطالبة بسحب قوات التحالف الدولي في هذه المرحلة تصبّ في مصلحة الإرهاب». مذّاك، كثّفت الولايات المتحدة تحركاتها في المحافظة الغربية، حيث انعقدت ــــ وفق المصادر عينها التي تحدثت إلى «الأخبار» ــــ سلسلة اجتماعات بين زعماء عشائريين وقيادات عسكرية أميركية، بهدف وضع الترتيبات اللازمة لـ«مشروع تسليح العشائر»، خصوصاً تلك التي صمدت في وجه تنظيم «داعش»، بحجّة «حاجتها إلى دعم لوجستي لمواجهة مخاطر انبعاث التنظيم مجدداً، في ظلّ ضعف التسليح الحكومي، وعدم تسلّم عدد كبير من منتسبيها مستحقاتهم المالية».
تتحدث المصادر نفسها عن دور بارز لرئيس البرلمان في تلك التحركات واللقاءات، خصوصاً أن الرجل ــــ بحكم شغله سابقاً منصب محافظ الأنبار وسعيه حالياً إلى تشكيل كيان سياسي خاص به بعيداً من زعيم «حزب الحل» جمال الكربولي ــــ استطاع نسج شبكة واسعة من العلاقات مع زعماء العشائر والقضاة وقيادة الشرطة المحلية، فضلاً عن مجلس المحافظة الذي يواليه بالكامل. في هذا الإطار، تبدو لافتة زيارات الحلبوسي «المفاجئة وغير المعلنة» لكلّ من الأردن والإمارات، ولقاؤه الملك الأردني عبد الله الثاني، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في خطوات قد لا تكون معزولة عما يجري العمل عليه في الأنبار.
يعزّز التقدير المتقدم أن الخطة الأميركية تشمل ــــ إلى جانب التسليح ــــ تأمين الطريق الدولي (بغداد ـــــ الأنبار ـــــــ عمان) بالتنسيق المباشر مع المخابرات الأردنية. وفي هذا السياق، يلفت أحد أعضاء مجلس المحافظة (رفض الكشف عن اسمه) إلى أن المشروع «مدروسٌ منذ أكثر من عامين»، مضيفاً في حديثه إلى «الأخبار» أن «عمّان تسعى إلى إنجاز هذا المشروع منذ سنوات عدة، وكانت فرصة دخول داعش إلى محافظة الأنبار مواتية لتحقيق ذلك، غير أن العشائر العراقية انخرطت في صفوف الحشد سريعاً مع سقوط المدن بيد التنظيم، ما حال دون ربط تلك العشائر أو تنسيقها مع الجانب الأردني».
إزاء ذلك، تسود مخاوف من أن يكون للمشروع الأميركي ارتباط بـ«صفقة القرن»، على اعتبار أن الأنبار يمكن أن تمثل بقعة ملائمةً يُستفاد منها كخيار من خيارات «الصفقة». لكن المحلل السياسي، واثق الهاشمي، يرى أن «الحراك الدائر في الأنبار يأتي في سياق الحرب على داعش، والقوات الأميركية قالت إنها سلّحت العشائر في صلاح الدين ونينوى، لكن الأنبار ربما كان لها وضعها خاص، المتعلق بالاستقرار الأمني، ولا سيما أنها تمتد مع سوريا التي تشهد تفلّتاً لعناصر التنظيم». ويلفت الهاشمي، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أنه «ما من موقف عراقي بشأن صفقة القرن، بل موقفٌ إزاء القضية الفلسطينية أعلنه وزير الخارجية محمد علي الحكيم، بتأكيده مبدأ الدولتين، وهذا القرار ربما هو الحاسم في ما يتعلق بهذه الصفقة». مع ذلك، تنبّه مصادر حكومية مقربة من رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، إلى أن «مناورات البعض»، على هامش الموقف الرسمي العراقي «الرافض لهذه الصفقة»، تفسح في المجال أمام «العبث بالتفاصيل»، من خلال «مدّ جسور» لا تنسجم مع رؤية الحكومة.