1 «مظلومية أهل السنّة»… وطلائع البعث في سوريا والعراق وسام سعادة القدس العربي
بعيد الاحتلال الأمريكي للعراق ثم انفجار الوضع الثوري والاحترابي الأهلي في سوريا تعاظم الشعور بـ«مظلوميّة أهل السنة» في المشرق العربي، وجرت على الشفاه مقولة جديدة هي «العرب السنّة»، كما لو أنّ وحدة الانتماء «التسنّني» بين العرب والكرد والتركمان والشركس في هذا المدى الجغرافي ـ الحضاري قلّما يحسب لها حساب، هذا على الرغم من أنّ فروع المدرسة «الإخوانية» مثلاً كان لهم حضور في البيئات السنية المشرقية غير العربية، ليس أقلّ بكثير من حضورهم بين العرب.
ما جرى اكتشافه عاماً بعد عام هو أنّ «مظلومية أهل السنّة» تعمّقت كشعور جمعيّ ولا تزال، لكنها فشلت في الوقت نفسه من أن تتحول إلى طاقة جذب، نحو التأسيس لطرح إقليمي يعني بلدان المشرق العربي، بل تحوّلت، ما بين سوريا والعراق، إلى قوة طاردة. هذا بالإضافة إلى أن «مظلومية أهل السنّة» المتشكية في الوقت ذاته من «تشييع» المنطقة، كانت إلى حد كبير بمثابة «تشيّع لاواعي» للعرب السنّة أنفسهم، على صعيد المخيال السياسي، بجرّهم إلى تيمة «انتصار الدم على السيف»، ودفعهم إلى استصدار تصوّرهم الكربلائي للأيام الجارية. من دون أن يسهم ذلك في الوقت نفسه في انضاج النظرة إلى المختلف المذهبي، فعلى هذا الصعيد، استفحلت «سرديات النواصب والروافض» من جهات مختلفة.
وإذا كانت «مظلومية أهل السنّة» هي من موقع «العرب السنّة» أي الفئة الوسطى جغرافياً في التركيبة العراقية، الواصلة بين الجنوب العربي الشيعي والشمال السني الكردي، وهي فئة لا تتمتع بالأكثرية الديموغرافية، فإنها انبثقت في سوريا كشعور الأنسجة الأكثرية من المجتمع السوري. مع هذا، في الحالتين، يقتضى الاعتراف، أنّ «مظلومية أهل السنة» بالأشكال التي تصاعدت فيها منذ 2003 إلى اليوم، لم تؤدّ فعلياً إلى وقف التدهور الحاصل بمعاش الأنسجة الأهلية «السنّية» إن في العراق أو في سوريا، وانضمت لهما «مظلومية أهل السنّة» في لبنان، بفعل مزيج من تغلب «حزب الله» الموالي لإيران على البلد، ومن ارتفاع مطالب «المناصفة الكاملة» مسيحياً، ومن وقائع التصدّع الداخلي للظاهرة الحريرية، وطبعاً تحت تأثير مجريات الأمور في سوريا والعراق.
وفي كلّ هذا تتراءى بالمجمل مرارة تجربة تسيّد «حزب البعث العربي الإشتراكي» على بلدان المشرق، حكماً في العراق وسوريا، واستتباعاً للبنان إلى تاريخ الجلاء عنه عام 2005، وانتقال مساعي الهيمنة إلى الحليف الإيراني الهوى للنظام البعثي الأسدي.
إلى حد كبير، لم تستطع سردية «مظلومية أهل السنة» أن تتجاوز في شكلها الأعم، خطوط التلاقح بين الأيديولوجية البعثية وبين طروح الأخوان المسلمين. تحديداً الجمع بين المعطى الإثني «عربي» والمعطى المذهبي «سنة» في مركّب «العرب السنّة» لم ينجح في تأطير الأكثرية المجتمعية حوله، بل العكس، فاقم الانقسامات بين أهل السنة، بل بين العرب السنة بشكل أساسي. بعض «مظلومية أهل السنّة» تغذيها كشعار نوستالجيا لصدام حسين، وبعضها تنطلق بشكل معاكس تماماً من نظرة عدائية لـ«البعث» تجد فيه، إلى جانب الخمينية، متسبباً أساسياً في تدهور أحوال «العرب السنّة».
والبعث لم يكن استهدافيا للعمق الشيعي في المجتمع العراقي وللعمق السني في المجتمع السوري. فعل البعث ذلك في البدء لاعتبارات فوق طائفية وليس طائفية محض، وان كانت تطييفية بامتياز بالنتيجة.
فعل ذلك من موقع «الطليعة»، التي هي في الوقت نفسه تجسيد للأمة وفوق المجتمع، طالما أن المجتمع قطري ومبعثر في داخله، تنخره النزعات الرجعية والطاردة، مجتمع غير سوي قوميا، بل «ميت» ويحتاج لمن يبعثه على رؤوس الأشهاد.
ولأن الطليعة يلزمها إعادة تركيب المجتمع من جديد سرعان ما اصطدمت «بعمقه» الذي تتكثف فيه كل مضادات الفكرة القومية الطليعية..
في العراق، كانت أمور البعث أسهل، حيث ربط التشيع بالشعوبية أسهل، وتكفي استعادة حرب الأخوين، الأمين والمأمون.
في سوريا، كانت أموره أصعب، طالما أن غالبية المسلمين سنة، لكن بما أن غالبية المسلمين السنة في العالم الاسلامي غير عرب اكتشف البعثيون أن «العمق السني» للمجتمع السوري «شعوبي» أيضا، ووجدوا في «الإخوانية» ـ والعثمانوية والسلفية ـ أشكالا أمضى للشعوبية.
الاعتبارات «التاريخانية»، ما فوق الطائفية، إنما المؤدية عمليا إلى تطييف «الطليعة» أكثر فأكثر، سنيا في العراق واقلياتيا في سوريا، هيمنت مطولا على البعثين، العراقي في تحسسه من التشيع، والسوري في تحسسه من التسنن.
مع فارق أيضا هو أن حافظ الأسد فرض نوعاً من «التسنن» على العلويين، واندمج تماما هو بالسردية الأموية، وبتعظيم صلاح الدين الأيوبي، في حين كان على بشار الأسد أن يتحالف مع قوى تقيم كل سرديتها على أن المعركة مع بني امية مستمرة وهي معركة كوزمية.
«مظلومية أهل السنّة» تحتاج إلى تفكيك. ليس لأنها لا تقوم على عناصر حقيقية، موضوعية، معاشة، فعلية. بالعكس، لأنها تستند إلى الكثير من هذا. لكن ما حصل لم يحدث تبعاً لـ«نظرية مؤامرة» بل تبعاً لـ«نظرية حول الطليعة» أتت بهذه الثمار السامة في العراق وسوريا.
لقد قدّم الإسلام السياسي، والإسلام الجهادي، وقدم الليبراليون، أشكالاً مختلفة من «مظلومية أهل السنّة». ما لم يقدّموه هو طرق باب «المسألة السنّية» بمفارقاتها في البلدين، وهذه المسألة تتصل بالمسألة القومية رأساً: ماذا بقي من فكرة «العروبة»؟ ماذا بقي من فكر القومية العربية؟ لأنّ المسألة «العرب سنية» تحيل في أول الأمر ونهايته على هذا.
كي تتوقف «مظلومية أهل السنة» من كونها نزعة طاردة، عليها أن تذوب في إعادة الاعتبار لطرح «قومي ما» من جديد، طرح متصالح تماماً مع كون اللون السنّي هو السمة الأكثرية للعالمين العربي والإسلامي، لكنه متصالح أيضاً مع فكرة التعددية الدينية والإثنية سواء داخل المجمع «السنّي» أو خارجه.
2 نظرة على قرار مجلس الأمن الأخير حول العراق.. العودة للفصل السابع؟
د. رياض السندي راي اليوم بريطانيا
أثيرت الكثير من التفسيرات والأقاويل حول قرار مجلس الأمن الأخير بصدد الحالة في العراق، ومن أجل بيان الرأي القانوني بهذه المسألة بعيداً عن تأثيرات الحكومة وعواطف الشعب، من أجل توضيح الحقائق والملابسات التي إكتنفت هذا الموضوع الحساس والذي يمسُ بحقوق العراقيين جميعا.
فقد أصدر مجلس الأمن قرار الأخير في الحالة في العراق والمرقم 2470 الصادر 21 أيار/مايو 2019 بعد الإحاطة التي قدمتها ممثلة الأمين العام في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت التي أشارت في تقريرها إلى عدد من الحقائق في العراق، وهي:
إن الصراع السياسي المستمر يشكل عقبة أمام التقدم في العراق.
إن الفساد لا يزال متفشياً على جميع المستويات.
أنه وبعد مرور عام كامل على الانتخابات الوطنية لم يتم بعد إستكمال التعيينات الوزارية للمناصب الرئيسية، بما في ذلك الداخلية والدفاع والعدل والتعليم.
إنه وبعد أشهر من المفاوضات، تم التوصل مؤخراً إلى إتفاق بشأن تشكيل حكومة إقليم كردستان الجديدة التي قد تكون قائمة في حزيران/يونيو.
تأخر إختيار الرؤساء والنواب المقررين للجان البرلمانية.
تواصل الجهات الفاعلة المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة في ممارسة النفوذ الاقتصادي والإجتماعي في جميع أنحاء البلاد.
إن المنطقة الخضراء، قريباً جداً لن تكون موجودة.
أما ملاحظاتها فكانت:
أ- إن الفساد يعيق مصداقية العراق.
ب- إن التشكيلة الوزارية تخلو من أي امرأة في منصب وزير.
ت- إن التشكيلة الوزارية تخلو من أي وزير من الأقليات.
ث- إن القوانين لا تزال معلقة بسبب تأخر اللجان البرلمانية.
ج- إن نقص المياه في أنحاء البلاد يضعف سلطة الدولة ويقود على إشعال الإضطرابات الاجتماعية، كما رأينا خلال احتجاجات عام 2018 في الجنوب.
ولا يقدم قرار مجلس الأمن المذكور صورة واضحة عن الأوضاع في العراق، لأن القرار عادة ما يكون مختصرا ومصاغا بطريقة دقيقة من خلال لجنة الصياغة. ويمكن في هذا المجال الإستئناس بمحاضر جلسات مجلس الأمن التي تسلط الضوء بشكل أكبر فتبدو الصورة أوضح من خلال مناقشات وتعليقات مندوبي الدول الأعضاء في المجلس.
وبالرجوع إلى محضر اجتماع مجلس الأمن ليوم 21 أيار/مايو 2019 بالوثيقة (SC/13819) يمكن إستعراض مواقف الدول الأعضاء الدائمة وغير الدائمة في المجلس بإختصار، وكما يلي:
– مندوب الولايات المتحدة: نشدد على أهمية ملء الشواغر في مجلس الوزراء، وإستعادة الخدمات الأساسية.
– مندوب الإتحاد الروسي: نحذر من التحركات الرامية إلى جر العراق إلى صراع مصطنع.
– مندوب فرنسا: يجب أن تستمر الأليات الأيجابية، بما في ذلك مكافحة الحكومة للفساد.
– مندوب بريطانيا: يجب أن يكون التركيز على عدم عودة ظهور الظروف التي أدت إلى داعش. وإن المساءلة مهمة.
– مندوب ألمانيا: يجب أن تظل مكافحة الفساد على رأس جدول أعمال الحكومة، ونواصل التأكيد على الحاجة إلى إشراك المرأة في الحكومة. ونؤكد على الحاجة إلى إصلاح القطاع القضائي.
– مندوب الكويت: نشاطر الأمين العام الأسف لأن المعلومات المتعلقة بمئات المفقودين الكويتيين لا تزال غير كافية. وإنه لم يتم إسترداد أي رفات منذ عام 2004.
– مندوب غينيا الإستوائية: نؤكد أنه لكي تكون عملية تشكيل الحكومة أكثر فاعلية يجب أن تضم النساء وممثلي الأقليات.
– مندوب بولندا: يجب على السلطات تقديم الخدمات العامة والأساسية وتلبية غحتياجات جميع العراقيين. والإكمال السريع لعملية تشكيل الحكومة.
وأخيرا، قال مندوب العراق الذي سمح له بحضور الجلسة بإعتبار العراق دولة معنية بموضوع الإجتماع لكونها دولة غير عضوة بالمجلس: إنه على الرغم من التشكيل غير الكامل للحكومة، إلا إنه يمكن للسلطات تنفيذ برنامجها والحفاظ على المكاسب للشعب العراقي والمضي قدماً في اعادة الإعمار، مؤكداً إن العلاقة بين بغداد وأربيل اليوم هي أفضل ما كانت عليه. وإن قوات الأمن في العاصمة تقترب من فتح جميع الطرق التي كانت مغلقة منذ 2003. وإن عدد النازحين قد إنخفض من 4.5 مليون إلى 1.8 مليون شخص. وعلى الرغم من هزيمة داعش، فإن التهديد الذي تشكله الجماعة لم ينته بعد. وإن رئيس الوزراء سيزور الكويت غداً، وإن العراق ملتزم بحل أي قضايا عالقة.
وفي ختام الجلسة إعتمد مجلس الأمن بالإجماع قراره المرقم 2470 الذي تضمن مايلي:
تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق حتى 31 أيار/مايو 2020.
أن يقوم الممثل الخاص للأمين العام بما يلي:
(أ) اعطاء الأولوية لتقديم المشورة والدعم والمساعدة إلى العراق، حكومة وشعباً، بشأن تعزير الحوار السياسي الشامل.
(ب) تقديم المزيد من المشورة والدعم والمساعدة إلى:
(1) حكومة العراق والمفوضية المستقلة للإنتخابات بشأن وضع الإجراءات اللازمة لعقد الإنتخابات والإستفتاءات. (ربما يقصد بالإستفتاءات الإشارة إلى إستفتاء إقليم كردستان لعام 2017).
(2) حكومة العراق ومجلس النواب بشأن مراجعة الدستور وتنفيذ الأحكام الدستورية، وكذلك بشأن وضع الإجراءات التي تقبل بها حكومة العراق من أجل تسوية مسألة الحدود الداخلية المتنازع عليها. (وهذه إشارة إلى تطبيع الأوضاع في كركوك وفقا للمادة 140 من الدستور).
(3) حكومة العراق من اجل إحراز تقدم في جهود إصلاح قطاع الأمن، بسبل منها منح الأولوية لتخطيط وتمويل وتنفيذ برامج إعادة إدماج الأعضاء السابقين في الجماعات المسلحة حيثما كان ذلك مناسباً.
(4) حكومة العراق بشأن مسائل أمن الحدود والطاقة والبيئة والمياه واللاجئين.
(ج) العمل على تعزيز ودعم ما يلي:
تنسيق المساعدات الإنسانية وإيصالها وعودة اللاجئين والمشردين أو دمجهم محليا.
تحسين قدرات العراق لتوفير خدمات مدنية وإجتماعية بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم.
مساعدة الجهود التي يبذلها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مجال الإصلاح الاقتصادي وبناء القدرات لتحقيق التنمية المستدامة وإعادة الإعمار.
(د) تعزيز المساءلة وحماية حقوق الإنسان والإصلاح القضائي والقانوني.
(ه) كفالة مشاركة النساء وإنخراطهن وتمثيلهن على جميع المستويات.
(و) تعزيز حماية الطفل.
ثم يقرر المجلس في فقرة الختامية للقرار على (أن يبقي المسألة قيد نظره). مما يدل على أن الحالة في العراق ما زالت تحت مراقبة المجلس.
وبهذا الصدد فقد ذهب الكثير من العراقيين في تفسيراتهم لهذا القرار إلى إن ذلك يعيد العراق إلى أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والتي عانى منها منذ دخول القوات العراقية إلى مدينة الكويت في 2 آب/أغسطس 1990. والحقيقة، وإستنادا إلى قرارات مجلس الأمن بصدد الحالة بين العراق والكويت، أو الحالة في العراق، فإن العراق لم يخرج تماما من طائلة الفصل السابع من الميثاق حتى الآن، على الرغم من كل الإدعاءات الحكومية وتصريحات المسؤولين في العراق بذلك، والتي تفتقر إلى الدقة وتحييد عن الصواب وتنم عن جهل بالقانون الدولي، وهي مجرد إدعاءات للإستهلاك المحلي وتدخل في باب الخداع السياسي والمزايدات الحزبية. وعلى الحكومة في العراق العمل بشكل أفضل لإعادة العراق إلى وضعه الدولي ما قبل ذلك التاريخ، وإستعادة سيادته ومكانته في المجتمع الدولي.
وهذا ما نتمناه قريباً.
3 بين اسرائيل والكرد.. علاقات مشبوهة بإطارات استراتيجية
الدكتور حسن مرهج راي اليوم بريطانيا
التعقيدات التي ينطوي عليها المشهد في الشرق الأوسط تُمثل تحولات بنيوية في هيكلية العلاقات السياسية و العسكرية، هي تعقيدات لا تخلو من نظريات سياسية تعتمد على مبدأ ” عدو عدوي صديقي”، ففي غمرة الاضطرابات القائمة في المنطقة، ازدادت الهواجس الأمنية لدى اسرائيل، و باتت تبحث عن علاقات تكون سبباً في حماية العمق الاستراتيجي لـ اسرائيل، خاصة أن دائرة النار الناجمة عن تعدد الصراعات، قد تطال حدود اسرائيل، و انطلاقاً من النظريات الاسرائيلية التي تعتقد بضرورة تأمين محيط اسرائيل، و العمل على بلورة جُملة العلاقات بين اسرائيل و الدول المحيطة بها، بل و العمل على محاولات دائمة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، و دعم كيانات مستقلة و المساعدة على دعم من يريد الانفصال عن محيطة، بزرت الكثير من المعطيات الجيوسياسية التي تتوافق و النظرة الاسرائيلية للوقائع التي فرضتها الحروب في العراق و سوريا، و بالتالي فإن عين الريبة الاسرائيلية التي تنظر بها اسرائيل إلى كل من سوريا و ايران و العراق، و الخوف من تعميق العلاقات بين هذه الدول، كان حرياً بإسرائيل العمل في اتجاه الكرد و محاولة استمالتهم و مساعدتهم على تنفيذ ما يصبون إليه، فالهواجس الاسرائيلية تتمحور حول الخوف من انشاء هلال شيعي، و لابد من مواجهته بطرق غير مباشرة كـ دعم انشاء كيان كردي مستقل في سوريا و العراق و إيران.
بخلاف المواقف التركية و الايرانية و السورية الرافضة لانفصال الكرد، إلا أن هناك دولة واحدة في الإقليم تُعتبر الداعم الاساسي لهذا الانفصال، فقد تعاظمت الدعوات في إسرائيل لتأييد هذه الخطوة، وكان الموقف الإسرائيلي الذي عبر فيه نتنياهو في وقت سابق عن تأييده لفكرة انفصال شمال العراق داعمًا لمشروع الانفصال، حتى أن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عامين حول دعم تطلعات الكرد نحو الاستقلال، اعتبره مراقبون أنه يأتي في سياق حملة إسرائيلية واسعة النطاق، تهدف إلى التأثير على الدعم الأمريكي لتوجهات الكرد لجهة مساعدتهم و توظيف كافة الإمكانيات لدعم انفصالهم.
و من الجدير بالذكر، بأن اسرائيل كانت قد استلمت في حزيران من العام 2014، و للمرة الأولى شحنة من النفط الخام عبر خط أنابيب جديد من كردستان العراق، بعد أن وصلت ميناء عسقلان الإسرائيلي، رغم تحذيرات عراقية بعدم بيع النفط، حينها أخرج إقليم كردستان التفاصيل السرية المتعلقة بعمليات تصدير النفط، ضاربًا بعرض الحائط موافقة الحكومة العراقية من عدمها، حول عملية البيع، ليبرر فعله أنه بحاجة إلى المال لأجل البقاء، وقتال داعش الذي كان متغلغلا في ذاك الوقت ضمن الأراضي العراقية، و عليه فإن الحديث عن إقامة دولة كردية و دعم شخصيات سياسية هامة داخل اسرائيل لهذه التوجهات، قد أثار جُملة واسعة من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين اسرائيل و الأكراد، فحين يُعلن السفير الاسرائيلي في واشنطن “رون درامر” في وقت سابق بأن اسرائيل تؤيد نضال الشعب الكردي من أجل الاستقلال، أعاد الأذهان إلى جذور العلاقة بين البلدين، حتى أن درامر اكد صراحة بوجود علاقات قوية جدا بين اليهود و الاكراد، و بين اسرائيل و كردستان، ما يشير إلى أن العلاقات بين البلدين تأخذ مسارات عديدة من التطور، لا سيما في السنوات القليلة الماضية، والمتزامنة مع حالة العداء ضد الأكراد على خلفيات محاولات الانفصال.
الربط بين الدعم الاسرائيلي و انشاء كيان مستقل للكرد، ينطلق من التهديدات المستجدة في المنطقة، و التي تطال بشكل او بأخر اسرائيل، حيث أن تعاظم قوة محور المقاومة، إضافة إلى ما أنتجه الميدان السوري من نظريات ردع جديدة، يُجبر اسرائيل على البحث عن شريك استراتيجي لتأمين حدودها، بعد الخرائط الجديدة التي أنتجتها سنوات الحرب الطويلة التي شهدتها المنطقة.
في المحصلة، يمكن القول بأن العلاقة الاسرائيلية الكردية قائمة أساسا وفق المصالح الأمنية و السياسية، و يُؤكد هذه العلاقة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس، في رسالةٍ وجهها إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما، بأنه لا يرى توحيد العراق ممكنًا بدون تدخل خارجي كبير، وأن هذا يؤكد انفصال الأكراد عن الأغلبية الشيعية والأقلية العربية السنية، وبالتالي فإن العلاقات بينهما ممتدة لفترات طويلة، وخروج بعضٍ من أسرارها خلال السنوات القليلة الماضية ليست بالجديدة، وإنما ناتجة عن قوة وجذور العلاقة بينهما، رغم محطات الخلاف والاتفاق.
4 مُرتكزات السياسة الامريكية تجاه المنطقة.. حقائق وأكاذيب د. جواد الهنداوي راي اليوم بريطانيا
الحرب و الدبلوماسية هما مِنْ بين اهم أدوات السياسة الخارجية للدولة ، وكلاهما (الحرب و الدبلوماسيّة ) لايستغنيان عن استخدام الكذب والخداع و التضليل .
تتميّز أمريكا عن باقي الدول بأستخدام اداة أخرى بالاضافة الى الكذب و الخداع و التضليل هي اذلال الطرف الاخر ، بغض النظر عن هوية الطرف الاخر (عدو او صديق او حليف ) . هذه حقائق دَرسناها و درّسناها و لمسناها بالممارسة و الخبّرة .و اعتقد بعض سياسي العراق ، وغيرهم ،يشهدون على نزعة الاصدقاء الامريكان نحو اللجوء الى ممارسات اذلال الطرف الاخر .
بعد البحث في أُتنْ السياسة الخارجية لامريكا تجاه منطقتنا ، و متابعة مسارها ، و معرفة مُرتكزاتها ، لا نستخلصُ غير تمسكها بحقيقة واحدة و ثابتة هي ” مصلحة اسرائيل ” .
تكذب ،تُضلل ، تخادع امريكا في كل شئ يخصُ منطقتنا ، وتجاه كل طرف ، الاّ انها صادقة تجاه اسرائيل و من اجل مصلحة وهيمنة اسرائيل .
في السياسة تتُخذْ المواقف بناءاً على الأفعال لا على الأقوال . وعندما يكون فعلْ او اجراء الدولة على نقيض ما يقول رئيسها ، لايمكن وصف ماقاله او ما يقوله غير كذب او خدعة او تضليل ! وشاهدٌ على ما نقول هو دعوات الرئيس الامريكي للتفاوض مع ايران ، و اتصالاته مع سويسرا و المانيا من اجل التوسط للتفاوض مع ايران ، وبعض من تصريحاته الايجابية تجاه ايران ، لدرجة أنَّ العراق اعتقد بجدّية التصريحات و رحّبَ بها رسمياً و أعتبرها تساهم في تقليل التوتر ، ولكن ما أقدمَ عليه الرئيس الامريكي قبل يوميّن ، بفرض عقوبات على الصناعات البتروكيميائية الايرانية يناقض تماماً فحوى وهدف دعواته للتفاوض و الحوار ، و تصريحاته الايجابية تجاه ايران .
لبدء الحوار والتفاوض وبين طرفين كإيران و امريكا يستلزم الامر خطوات بناء ثقة بينهما ، و كُثُرٌ مَنَ ظنَّ خيراًبالتصريحات الامريكية تجاه ايران واعتبرها خطوة او خطوات بناء ثقة قبل تحرّك الوساطة اليابانية الى ايران لإقناعها الى طاولة الحوار و المفاوضات . العقوبات الجديدة على أيران تُحرِجْ الوسيط و تجعل ايران في موقع فارض شروط على امريكا لقبول المفاوضات .
العقوبات الجديدة على ايران تقود دول العالم الى الاصطفاف اكثر مع ايران ، والاعتقاد بما تدعيه ايران بكذب و خداع حديث ترامب .
مُرتكزْ آخر يُبرّر السياسة الخارجية الامريكية في المنطقة وهو توظيفها الكاذب لمفهوم “أمن و استقرار المنطقة ” . علماً بأنَّ المنطقة تخرج من حرب لتدخل في أخرى ، ولم تشهد ومنذ عقود لا أمن و لا استقرار .
وسبب حروب المنطقة و غياب الامن و الاستقرار فيها ، و انتشار الارهاب ، هو اسرائيل و امريكا و قوى الرجعية .
التدخل الأجنبي العسكري و السياسي السائد في المنطقة هو التدخل الامريكي ، ليس له نظير او مثيل لا بقواعده العسكرية المنتشرة برّاً وبحراً ، و لا بأدواته السياسية و الدبلوماسية و الاقتصادية .
هّمْ أمريكا اليوم و محور سياستها الخارجية في المنطقة ليس حقيقة حرب اليمن ،او حقيقة الاحتلال الاسرائيلي و جرائمه ،او حقيقة احتلال الجولان و أدلب و دعم الارهاب في سوريا ، ا او التدخل الروسي ، او التدخل التركي ، او التدخل الخليجي ، وانما خطر التدخل الايراني . لماذا ؟
لان قوة ايران و نفوذها في المنطقة يقف عائق امام هيمنة اسرائيل .