7 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 كُردستان العراق في مَهبّ.. «الانقسام»! محمد خروب الراي الاردنية

لم يُسهِم انتخاب نيجيرفان بارزاني رئيساً جديداً لإقليم كردستان العراق خلفاً لـِ «عمَِّه» مسعود، في تبريد الأجواء المُحْتَقِنَة في الإقليم، وبخاصة بين الحزبين الكبيرين اللذين اقّتسما كعكة الحُكم, منذ توافقا قبل ستة عشر عاماً (بعد الغزو الأميركي/البريطاني عام 2003) على توحيد «الادارتين»، اذ كان الحزب الديمقراطي بزعامة كاك مسعود يحكم إدارة إربيل/دهوك، فيما واصل الاتحاد الوطني برئاسة جلال طالباني إدارة معقله في السليمانية وحلبجة، إلى أن جاء الغزو فمضيا الى اقتسام المناصب على نحو يُكرِّس «عُرّْفاً»، يكون منصب رئيس جمهورية العراق من حصة الاتحاد الوطني وكان للرئيس الراحل جلال طالباني، فيما أُوكلت رئاسة الإقليم لزعيم «الديمقراطي» مسعود بارزاني، وكانت الحال ذاتها في رئاسة برلمان كردستان وحكومة الاقليم.

مياه كثيرة تدفقت في مياه أنهار الإقليم، الزَّاب الكبير وشقيقه الصغير كما نهر دجلة، وتواصَلت الخلافات بين الحزبين اللذين خاضا حرباً أهلية كارثية، أفضت ضمن أمور أخرى إلى تقسيم فعلي للإقليم.. سليمانية/ اربيل لم يُخرِج كُرد الإقليم من تداعياته سوى الغزو الأميركي/ البريطاني.

لكن الثقة بينهما بقيت مفقودة ومُهتزّة، عكستها تحالفاتهما الإقليمية وعلاقاتهما مع بغداد، وأيضاً في مسألة الرواتب والمخصصات وخصوصاً الإدارة المنفصلة لقواتهما المُسلحة (البيشمركة) المُنقسمة بين ثُنائية..سليمانية/اربيل.

وكان أن «نضَجَت» فكرة الاستفتاء في ذهن كاك مسعود الذي حدّد يوم 25 أيلول 2017 لإجرائه، رغم المحاولات والنصائح التي بُذلت لثنيه عن الخطوة غير المحسوبة جيداً، إلا أنه اصر عليها مُراهِناً على وعود لم يلتزمها أصحابها الإقليميون والدوليّون، فكانت عقابيلها مثابة القشة التي قصمَت علاقة مهتزّة وصلت حدود التخوين والتواطؤ بعد سيطرة الجيش العراقي على كركوك وهزيمة بيشمركة بارزاني، وتنصّل الاتحاد الوطني من دعم الاستفتاء وتحميله رئيس الإقليم مسؤولية ما لحق بالمشروع الوطني الكردي.

انتخابات برلمانية (في الاقليم) جرت في 30 أيلول الماضي، اسفرت عن فوز باهر للديمقراطي (45 من 111) اسهمت في رفع معنويات جمهور الحزب ورئيسه مسعود، وكانت اقرب الى الهزيمة بالنسبة للاتحاد الوطني، الذي حصل على (21 مقعداً) فيما حل حزب كوران «التغيير» ثالثاً بـ«12» مقعدا وحركة الجيل الجديد » 8 مقاعد».

تركيبة افضت مؤخرا وبعد ثمانية أشهر الى انتخاب نيجيرفان بارزاني رئيسا جديدا للاقليم, رغم مقاطعة الاتحاد الوطني وحركة الجيل الجديد لجلسة برلمان الاقليم, لوّح بعدها «الاتحاد» بفض الشراكة مع الديمقراطي مُتّهِما إياه بنقض الاتفاق «الاستراتيجي» لتقاسُم المناصب والمسؤوليات.

راج أن الرئيس السابق كاك مسعود دخل على خط الوساطة، الا ان اصرار حزبه على ترشيح إبنه مسرور لرئاسة الحكومة، وايضا سعيه تسلّم رئاسة برلمان الاقليم، تدفع للاعتقاد بأن الهوّة بينهما آخذة في الإتساع ليغدو الاقليم برأسين، احدهما في اربيل والآخر في السليمانية، وهذا أمر مؤسف وشديد الخطورة على الكرد والمنطقة.
2 النأي بالنفس بين لبنان والعراق
بول شاؤول الاتحاد الاماراتية

كأن التاريخ يتكرر هذه المرة بين لبنان والعراق بطريقة وظروفٍ مماثلة، والمسألة المشتركة الجامعة بالنأي بالنفس بين الأميركي الإيراني الراهن.
رئيس الجمهورية اللبنانية السابق، ميشيل سليمان، وبعد اندلاع الحرب بين الثورة السورية والنظام الأسدي، دعا إلى اجتماعٍ في القصر الجمهوري ضمَّ مُختلف المكونات اللبنانية (ومنها حزب الله) ليصدرَ بعدها بيانٌ إجماعي تحت عنوان، «إعلان بعبدا»، يدعو الجميع إلى التزام عدم التدخل في الصراعات الخارجية وخصوصاً العربية وبالأخص السورية.
وافق حزب إيران معلناً أنه يؤيد هذه الخطوة، لكن بعدما استدعى خامنئي حسن نصرالله إلى طهران وطلب منه التدخل العسكري الميليشياوي لإنقاذ الأسد الذي كان على شفير السقوط. لبى الوكيل الفتوى الملالية، وساق الآلاف من الشباب اللبناني إلى سوريا بزعم شعار مذهبي «حماية مقام السيدة زينب»، لحس الحزب توقيعه عن الإعلان من دون أي تبرير كعادته، وهكذا ألغيت مفاعيل الاجتماع.
وبعد احتدام الصراع الأميركي الإيراني في العراق خاف المسؤولون في ذلك البلد أن يدفعوا ثمن ضريبة هذه الحرب وتتحول ساحته إلى تبادل رسائل بين المتصارعين. على هذا الأساس عُقد اجتماع بدعوى من رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، في مقر الرئاسة ضمّ مختلف المكونات السياسية حيث برزت تناقضات واختلافات بين السياديين (ممثلي مقتدى الصدر وسواه) وبين المرتهنين بإيران (الحشد الشعبي ووزير الحكومة السابق نوري المالكي) إضافةً إلى رئيسي البرلمان والوزراء.
ويبدو وبرغم كل شيء أن الكفة مالت إلى الاستقلاليين برغم إطلاق صاروخي كاتيوشا على المنطقة الخضراء بالتزامن من عقد الاجتماع بالقرب من السفارة الأميركية في العراق: تهديد مباشر لكل من تسوّل له نفسه تحييد البلد العربي، أو الخروج على الوصاية الإيرانية. لكن الصاروخين لم يؤثرا على معظم المجتمعين وغلب موقف النأي بالنفس لزجّ العراق في معارك إيران. بل أكثر: أعلن رئيس الوزراء أن العراق يحاول القيام بوساطة بين المتصارعين، أي ليس كطرفٍ بل كحامل رسائل، أي نوع من الإفلات من القبضة الفارسية. وهذا ما توصل إليه المجتمعون في قصر بعبدا في لبنان بالإجماع، لكنه لم ينفع.
السؤال هل سيلتزم عملاء إيران من السياسيين والميليشيات الاتفاق؟
بل أكثر فللإيرانيون نوابهم في البرلمان ووزراءهم في الحكومة. فهل سيعزز ذلك النأي بالنفس أم يضع حداً له؟ والميليشيات الملالية في العراق لا يبدو أنها تمتثل لقرارات الحكومة ولا لإرادة السياديين ويمكن أن تنفلت من عقالها وتورط البلد في ذلك الصراع.
فسلاح «الحشد الشعبي» مرتبط بالحرس الثوري و«فيلق القدس»، ومن المستحيل ألا يأتمر بهؤلاء وكما قيل: «الشيطان يكمن في التفاصيل»، والتفاصيل هنا، قوة إيران العسكرية والسياسية في العراق، ومن الصعب قبول موقف رئيس الوزراء.
لكن مقتدى الصدر- التفافاً على كل احتمال لخرق النأي بالنفس- نظّم مظاهرة مليونية تُطالب باتخاذ موقف حيادي من الأزمة الراهنة بين أميركا وإيران. إنه موقف شعبي وسياسي تحذيري. وكأن مصير «إعلان بعبدا» وخرقه من حزب إيران ماثلٌ أمام الزعيم الشيعي السيادي.
فإذا كان «الحزب الإلهي» في لبنان لم يجد في طائفته ولا في حلفائه ولا في خصومه من يردعه عن الذهاب إلى سوريا، فإن العراق متقدم عليه بشعبه ومؤسساته الرسمية وأحزابه. فالتطوع الذي جُوّز في اجتماع بُرهم تؤكده الجموع الشعبية لتظهر أن هذه الإرادة مضافة إلى القرار السياسي ومحصنة له.
فالعراقيون متعبون من حروب الآخرين على بلدهم ولن يسمحوا لأن تتكرر لعبة تهشيم الدولة والاقتصاد وانقسام الجيش والحرب الأهلية.
كل هذا صحيح وذلك يذكر بأكثرية اللبنانيين الذين عارضوا انخراط الحزب في حربه ضد الشعب السوري، لكن هل سيؤكد الشعب العراقي أكثر فأكثر حياده ونأيه بالنفس أم أن العملاء، وإن قلةً سينجحون في جعل الساحة العراقية مسرحاً دموياً لا يخدم سوى إيران.

3 العراق وإيران… أكلاف التحالف المر إميل أمين الشرق الاوسط السعودية

مثل آلهة الإغريق القديمة، لا سيما الشريرة منها، تلك التي تصيب كل ما تلمسه أياديها بلعنات قاتلة، أضحت إيران في منطقة الخليج «ميدوزا الإغريقية»، بشعة المنظر، يتحول إلى حجر كل من ينظر إلى عينيها.
الذين قدر لهم متابعة أعمال القمة العربية التي انعقدت في مكة قبل بضعة أيام، أيقنوا أن العراق قد بات أسير تحالف مر، بل الأسوأ هو أن إيران تكاد تتسبب في خسائر استراتيجية لبلد الرشيد العروبي منذ أزمنة بعيدة، مبعدة بينه وبين محيطه الطبيعي وعلاقته التاريخية مع أشقائه العرب.
بدا العراق ضحية بصورة أو بأخرى، كما بان جلياً أن قراره السيادي لم يعد له، الأمر الذي ترجمه اعتراض الوفد العراقي على البيان الختامي للقمة، الذي ندد بسلوك إيران واعتداءاتها في المنطقة، رافضاً المشاركة في صياغته.
أفضل من وصف وضع العراق المؤلم مؤخراً جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، الذي اعتبر السيطرة الأميركية على بغداد مثل هيمنة الاتحاد السوفياتي السابق على دول أوروبا الشرقية خلال الأربعينيات من القرن الفائت.
سعت إيران، ولا تزال، لمد أذرعها الأخطبوطية داخل العراق عبر الاقتصاد تارة، ومن خلال السياسة وأعمالها تارة أخرى، فعلى أساس تبادل تجاري سنوي يصل إلى 12 مليار دولار، استطاع النفوذ الإيراني في الانتخابات التشريعية 2018 أن يضمن لـ«تحالف الفتح» المدعوم من الملالي في طهران 48 مقعداً، أي نحو 15 في المائة من مقاعد البرلمان العراقي، لتصبح ثاني أكبر كتلة نيابية.
«ميدوزا الإيرانية» داخل العراق هي التي تسلح الميليشيات الشيعية، والتي تقتطع حصة من الاقتصاد العراقي، وتتولى الأمن في بعض المناطق حتى بعد هزيمة تنظيم «داعش» فيها.
أدركت بعض الأصوات العراقية أبعاد الكارثة التي تكاد إيران تتسبب فيها للعراق والعراقيين، سواء اتفقنا أو افترقنا مع مواقف سابقة لها، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى تحذيراتها وموضوعية تلك الأصوات المنذرة.
في مقدمة هؤلاء يجيء الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر، الذي كتب تغريدة على حسابه الرسمي في «تويتر» قال فيها «إن الحرب بين إيران وأميركا ستكون نهاية للعراق، وأي طرف يزج بالعراق في الحرب، ويجعله ساحة للمعركة، سيكون عدواً للشعب العراقي، والعراق بحاجة إلى وقفة جادة (مع كبار القوم)، لإبعاد العراق عن تلكم الحرب الضروس التي ستأكل الأخضر واليابس فتجعله ركاماً».
كثيرون آخرون غير السيد مقتدى الصدر يدركون الضريبة الغالية والعالية التي سيتكبدها العراق، من جراء إقحامه في صراع ليس له، لكنها إيران الملالي و«الحرس الثوري»، تلك التي لا تنتهج نهج الدولة «الويستفالية»، أو تعير المفهوم نفسه أي اهتمام ولا قيمة، ولا تبالي بالعراق أو العراقيين، وإنما تنظر إليهم بفوقية عرقية تاريخية، كبيادق على رقعة شطرنج في صراعهم مع العم سام.
ليس سراً أن خطط قاسم سليماني عبر «الحشد الشعبي»، ومن لف لفه، كفيلة بتحويل العراق إلى ساحة حرب بالوكالة مع الأميركيين، لا سيما وأن أوامر الرجل قد صدرت بالفعل، وخططه قد رسمت، ولعل هذا ما جعل رحلة وزير الخارجية الأميركي بومبيو إلى العراق مؤخراً، حاسمة وحازمة، وبنوع خاص إذا تعرضت حياة الجنود الأميركيين هناك للخطر.
هل يعني ذلك أن العراق قد سقط في الفخ الإيراني مرة وإلى الأبد؟
بالقطع لا، فعلى الرغم من الحصار الذي يشعر به العراق، لا تزال هناك كتل وأحزاب سنية وكردية، وأقليات عرقية ودينية داخل العراق، ترفض الركوع لـ«الملالي»، ولا تأبه لخطط سليماني، وقد تمكنت من رفض طلب أنصار طهران في البرلمان العراقي الخاص بسحب الجنود الأميركيين الذين يصلون إلى خمسة آلاف جندي من الداخل العراقي، بعد الجدل الذي حدث إثر زيارة الرئيس ترمب المفاجئة أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي لقاعدة عين الأسد الجوية.
تدرك المملكة العربية السعودية، بنوع خاص، أهداف إيران في العراق، ولهذا شرعت ولا تزال أبوابها للعراق والعراقيين، حكومة وشعباً، وعاودت فتح قنصليتها في بغداد للمرة الأولى بعد 30 سنة.
العراق يا سادة في حاجة إلى احتضان ودعم ومساندة عربية مكثفة، لانتزاعه من بين فكي الكماشة الإيرانية والأميركية معاً.
حقيق بالعراق أن يعود لعروبته كاملة غير منقوصة.
4 العراق: دولة الظل العميقة؟
جورج منصور
الحياة السعودية

يعتقد البعض أن استخدام مصطلح “الدولة العميقة” لا يقل تأثيرا عن حجم مؤامرة تحاك للنيل من الحكومات المستقرة وإدانة الموروث الوطني، لكن في حقيقة الأمر، تتشكل عناصر “الدولة العميقة”، من حيث المبدأ، في الدول التي تقوم بعسكرة الحكومة وتمنع عمل التنظيمات السياسية الحرة، وتجري فيها انتخابات شكلية واستعراضية بطرق غير نزيهة، تستخدمها الأنظمة التوتاليتارية كبدعة في محاولتها تضليل الناس وخداع الرأي العام.

ويعاد بناء “الدولة العميقة”، في أعقاب انهيار النظم السياسية وبالاعتماد على الفاعل الخارجي، أحيانا بتراتبية مغايرة، من أسفل إلى أعلى، أو من القاعدة إلى القمة، في محاولة للحفاظ على هيكلية الدولة العميقة وتوطيد أركانها وتحديد معايير عملها والمحافظة على المسارات المرسومة لها. وهي في حقيقتها، دولة داخل دولة، سواء في نظام عملها أم في مشاركتها في رسم السياسات والقرارات المهمة.

يعود تاريخ “الدولة العميقة” في العراق، إلى حقبة الانتداب البريطاني، حينما شكلت قواته المتواجدة هناك عام 1918 ما سمي بـ “الإدارة المدنية البريطانية” في العراق، وكانت بمثابة دولة ظل موازية للدولة الرسمية. وبعد أن استولى “حزب البعث العربي الاشتراكي” على مقاليد الحكم (1968 – 2003)، أقام دولة قمعية تألفت من المؤسسات العسكرية والمخابراتية والرئاسية، سارت بنهج الحزب وبحكم إرادته، من حيث الشكل والطبيعة وقوام الدولة، ثم تحولت الى قيادة فردية لشخص صدام حسين والحلقة الصغيرة المقربة منه.

بعد العام 2003، سعت أحزاب الإسلام السياسي، إلى تشكيل “دولة عميقة” في الظل (دولة موازية) ومنظومة متكاملة من شبكات المصالح، تمثلها قوى خفية متسلحة بالنفوذ السياسي والمالي ولديها ميليشياتها وإعلامها، شعارها: السلطة والثروة والنفوذ، قامت بتوظيف الفئات الرثة في المجتمع لديها علاقات ومصالح مشتركة مع دول الجوار، واعتمدت البيروقراطية الإدارية والفساد المنظم للاستحواذ على الموارد المالية وتعزيز مشاركتها في رسم سياسة الدولة، وفق مبتغاها.

تجذرت هذه الأحزاب في مفاصل الدولة المختلفة وأجهزتها، وسيطرت على وسائل الإعلام، كقوة إضافية لتعزيز مواقعها ومواقفها على السواء، وفرضت أجنداتها وفق مرامها ونهجها وأهدافها. وهي التي تتحكم اليوم بالموارد المالية والبشرية، وتعتمد على شبكات الفساد المعشعشة في قلب الدولة ومؤسساتها، التشريعية والقضائية، التي تم إنشاؤها أو السيطرة عليها والتغلغل فيها من خلال استخدام الموارد الطفيلية وغير القانونية، وهي تمتلك سلطة مدججة بالمال والسلاح، تستخدمها من أجل بسط نفوذها لقمع المعارضين والحفاظ على النظام العام.

إن وجود أذرع “الدولة العميقة”، التي تشكل شبكة معقدة من العلاقات والمصالح داخل كيان الدولة العراقية، أدى الى فشل الحكومات السابقة في تنفيذ وعودها التي قطعتها للشعب، في إصلاح النظام السياسي والإداري والتنمية الاقتصادية المستدامة، وتغليب الهوية الوطنية وقبر المحاصصة الطائفية، ومحاربة الجريمة المنظمة، والنهوض بالخدمات وإصلاح البنية التحتية وتوفير الخدمات والسكن. وما تزال الحكومة الحالية تراوح في مكانها، في ما يخص تحسين الظروف المعيشية للناس ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة.

من الصعوبة بمكان تحجيم تأثير عوامل “الدولة العميقة” أو الحد من دورها في جسد الدولة الهشة والفاشلة، وهي دولة الظل التي تزداد فيها القوى المؤثرة في عملية صنع القرار، وتتوزع بين القادة السياسيين ورجال الدين، إضافة إلى عناصر إقليمية ودولية لها الكلمة الفصل والتأثير الفاعل.

الكثير من المسؤولين والشخصيات النافذة في المشهد السياسي العراقي، يتحدثون عن “الدولة العميقة” ويعترفون بوجودها، ففي تصريح أدلى به القيادي في “تحالف الإصلاح والإعمار” أحمد المساري إلى عدد من القنوات الفضائية يوم 15 نيسان (إبريل) 2019، قال: “إن الدولة العميقة تدير الدولة، والبرلمان جزء منها، كما تقود القرار الحكومي مراعاة لمصالحها… وتوزع اللجان البرلمانية على أساس المساومات والعروض”. وفي السياق، اعترف القيادي في “حزب الدعوة الإسلامية” ووزير التعليم العالي السابق علي الأديب، في لقاء تلفزيوني على قناة “الاتجاه الفضائية” بأن “محاربة الفساد قد تؤدي إلى انهيار العملية السياسية في العراق وسقوط رموزها”. وقال: “هناك خشية من أن مكافحة الفساد قد تعني إلقاء القبض على قمم سياسية”، لافتاً إلى أن “التأني في محاربة الفساد مرده الخشية من انهيار كل شيء في البلد”. وزاد: “إن الذي لديه رصيد في هذه الحكومة، لن يفرط بها”.

وقال الرئيس العراقي برهم صالح، في “ملتقى السليمانية السادس” الذي عقد في “الجامعة الأميركية” في 6 آذار (مارس) الماضي إن “الفساد في العراق تحول الى ما يشبه الدولة العميقة، ولا يمكن القضاء عليه بالشعارات، وإنما بالإجراءات المؤسساتية”.

إن “الدولة العميقة” تقود العراق الى المجهول، وتتلاعب أياديها الخفية والقوى التي تتبناها بمصيره، وتتآمر على مستقبل شعبه. بينما تعمل الفيالق الموازية والتابعة لها، للسيطرة على مرافق الدولة وشل مؤسساتها الشرعية والحد من الحراك الشعبي، ونشاط منظمات المجتمع المدني، وامتصاص نقمة الشارع. ترسخت عناصر “الدولة العميقة” داخل الحكومة ومؤسسات الدولة العراقية، وبقي النظام “الديموقراطي” عائماً لا حول له ولا قوة.
5 إيران ليست طرفاً في المشكلة… إنها المشكلة
داود الفرحان

الشرق الاوسط السعودية

لدى الأشقاء المصريين مثل شعبي يقول: «تجيبها كده… تجيلها كده… هي كده!»، والتقط النجم الكوميدي المصري سمير غانم هذا المثل وحوّله إلى فيلم من الأفلام التي أطلق عليها النقاد تسمية خاطئة هي «الأفلام التجارية»، لأن كل الأفلام السينمائية «تجارية» وليست أفلاماً «خيرية».
والآن إلى الكلام المفيد. جغرافياً: إيران إحدى دول المنطقة الممتدة من أواسط آسيا إلى غربها. وهي إحدى دول الخليج العربي، وهي على تماسٍّ مع دول الإقليم الذي يضم دول وإمارات الساحل الغربي للخليج العربي والحدود البرية المشتركة مع العراق وتركيا. وهي الدولة الوحيدة التي تسللت إلى العراق وسوريا ولبنان غرباً وإلى اليمن جنوباً. وفي هذا يقول رئيس الحكومة الإيرانية حسن روحاني في خطاب متلفز في مجلس النواب العراقي: «نحن نفتخر بعملنا في العراق وسوريا ولبنان. لماذا تفاجأتم بنفوذنا فيها؟ نفوذنا لا ينحصر في هذه الدول فقط، نحن متنفذون في كل المنطقة. عمقنا الاستراتيجي يمتد حتى شبه القارة الهندية شرقاً وعمقنا غرباً يمتد حتى البحر الأبيض المتوسط».
بهذه العجرفة والتغول والسرطنة تتعامل إيران الملالي ليس مع دول المنطقة فقط، وإنما مع العالم كله. وليس في زمن خامنئي وروحاني فقط، وإنما منذ تنصيب الخميني «إمبراطوراً» على إيران خلفاً للإمبراطور الراحل «الشاهنشاه» محمد رضا بهلوي. فقد خان الملالي عهدهم مع المعارضة الإيرانية ونكّلوا وطاردوا وأعدموا كل معارضيهم الذين تعاونوا معهم لإسقاط الحكم الملكي في طهران. بل إنهم «شرعنوا» حكم الملالي تحت لافتة: لماذا تقبلون حكم الطبقة العاملة «البروليتاريا» ولا تقبلون بحكم الملالي «المُلاتاريا»؟ على حد تعبير أول رئيس لجمهورية إيران أبو الحسن بني صدر. وأهمية هذا الكلام أن بني صدر كان على الطائرة الفرنسية نفسها التي أقلّت الخميني في عام 1979 من باريس إلى طهران.
ولا تقتصر مشكلات النظام الإيراني الحالي على الدول العربية فقط، فدول آسيا الوسطى (السوفياتية سابقاً) مثل كازاخستان وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان كلها تعاني من مشكلات النفوذ الإيراني تحت راية «الطائفية» الأمر الذي انعكس على اقتصاد هذه الدول وأمنها الداخلي ووحدة مجتمعاتها. كما أن لإيران مشكلات متزايدة مع تركيا، وخصوصاً النشاط الاقتصادي، بعد أن أصبحت جمهوريات آسيا الوسطى سوقاً مهمة للسلع التركية الأفضل والأرخص من السلع الإيرانية.
المعنى؟ المعنى أن النظام الإيراني في حرب مفتوحة مع كل جيرانه، وإن اختلفت مستوياتها ووسائلها ولغاتها. فالخليجيون، والعرب عموماً، والمسلمون وَحَّدَتهم قمم مكة المكرمة الثلاث ضد تدخلات إيران الأمنية والعسكرية والسياسية في دول هذه المنظومات الخليجية والعربية والإسلامية. لا دولة في منأى عن الخطر الإيراني والتهور العدواني براً وبحراً وجواً. إيران ينطبق عليها المثل المصري الذي بدأنا المقال به. لذلك كان من الضروري أن تتحدث هذه الدول بلغة واحدة لا تستهدف إيران كدولة، ولكنها تحذر النظام الإيراني من مغبة تحدي الإرادة الدولية وتخطي الحدود الجغرافية وتغول القدرات العسكرية المنفلتة، وفي مقدمتها الميليشيات المسلحة الضالة سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن، التي ترتبط مباشرة بفيلق القدس الإيراني وقائده قاسم سليماني. وإذا كان تحفظ دولتين أو ثلاث على البيان الختامي قد وجه رسالة خاطئة إلى طهران، فإنه لا يعني أن وحدة العالمين العربي والإسلامي التي شهدها الملأ في مكة قد تعرضت لاختراق أو ضعف. فالنفوذ الإيراني في كلٍّ من العراق ولبنان منذ أكثر من خمسة عشر عاماً صادر القرارين العراقي واللبناني، لكنه لم يستطع التأثير على القرار اليمني الذي تمثله الحكومة الشرعية في وجه المتمردين الحوثيين. ومع ذلك فإن القرار العراقي أو اللبناني الشاذ لا يمثل الشعبين العراقي واللبناني بأي شكل من الأشكال. بل يمثل النفوذ الفارسي الذي تجسده ميليشيات فيلق القدس الموالية لحكم الملالي في إيران، أما الشعبان العراقي واللبناني، ومعهما الشعبان اليمني والسوري فهم مع وحدة الموقف العربي والإسلامي ضد التمدد العدواني الإيراني، سواء عبر النفوذ السياسي أو النفوذ الميليشياوي اللذين صادرا الإرادة السياسية في العراق ولبنان وسوريا، وقسّما اليمن. ولذلك لم يكن مفاجئاً لأحد أن يسمع ما قاله رئيس جمهورية العراق الحالي عن اعتراض العراق على البيان الختامي للقمة. لكنه كان سيوقّع بأصابعه العشرة على أي بيان يشيد بـ«حكمة وعقلانية ورصانة ورقة ودماثة أخلاق وإنسانية» النظام الإيراني. فكل الحكومة العراقية والحكومات السابقة لها بعد الاحتلال الأميركي تحمل ختم «صُنع في إيران». ولا يجرؤ أي مسؤول عراقي على نفي هذه الحقيقة المطلقة التي لم يخفها رئيس حكومة النظام الإيراني روحاني بحديثه العصبي عن نفوذ بلاده في العراق وغير العراق.
وحتى نصل إلى بيت القصيد، فإن البيان الختامي للقمة كان رسالة سلام إلى إيران ولم يكن رسالة تهديد. تعهد البيان باستمرار «دعم الجهود كافة للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وتجنيبها ويلات الحرب».
ونحن نصدق ما تقوله إيران من أنها ليست طرفاً في المشكلة. فهي المشكلة كلها.
6 هل تهيئ أمريكا ملفات ابتزاز حلفائها؟
هيفاء زنكنة القدس العربي

تختمر في أجواء استعدادات الادارة الأمريكية لشن حرب أخرى بعيدا عن أراضيها، أسئلة ملحة حول مدى وحجم التعاون أو الشراكة التي غالبا ما يتم ادعاؤها من قبل الادارة الأمريكية من جهة والحكام العرب من جهة أخرى. ولعل أكثر التساؤلات أهمية، هو مدى ودرجة التعاون الاستخباراتي بين وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية واجهزة الاستخبارات العربية، وبالتحديد عما اذا كانت وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) تتقاسم آلية استخدام المعطيات والبيانات الحديثة المسماة « آر تي – آر جي» مع الدول العربية؟ ثم ما هي هذه الآلية التي باتت تربط الاستخبارات الأمريكية بمعظم الدول الغربية بلا استثناء؟ وما هي أهميتها بالنسبة الى الدول العربية؟ وهل تستخدمها أمريكا للحرب ضد الإرهاب فقط أم لإعداد الملفات لابتزاز حلفائها أيضا؟
ليس سرا قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على مراقبة المكالمات الهاتفية للاشخاص وتجميع المعلومات عنهم ومن ثم اتخاذ اجراء رادع بحقهم تحت ذرائع مختلفة، لعل اكثرها استخداما، منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول هو « الحرب على الإرهاب». ويعود الفضل، بشكل خاص، لاثبات ما كان يعتبر نظرية مؤامرة يتداولها الموسومون بكراهية أمريكا الى أدوارد سنودن، موظف وكالة الاستخبارات الأمريكية ( سي آي أي) السابق الذي سرب تفاصيل برنامج مراقبة الولايات المتحدة للهواتف والإنترنت، والعسكري مانينغ واسانغ مدير ويكيليكس. كل واحد منهم يدفع، منذ سنوات، ثمن إظهار الحقيقة سجنا ونفيا، وفي حالة أسانج مواجهة ما لا يقل عن عشرين تهمة سيحاكم جراءها، اذا ما قامت السلطات البريطانية بتسليمه الى أمريكا.
كان لتسريبات سنودن وقع كبير على الادارة الأمريكية لأنها فضحت وأثبتت دورها في المراقبة اليومية المستمرة للمواطنين الأمريكيين بالإضافة الى المراقبة في فرنسا وايطاليا والمانيا. وتشير اعادة قراءة الوثائق المسربة من قبل موقع « انترسيبت» الاستقصائي المعروف بباحثيه، الى ان أمريكا ليست البلد الوحيد الذي استفاد من هذه الامكانية بل ان ما اهملته القراءة الاولية للوثائق، ويعاد تقييمه الآن، هو جانب التعاون المتبادل بين دول لم يكن معروفا عنها استخدام ذات الآلية مثل النرويج.

أكثر التساؤلات أهمية، هو مدى ودرجة التعاون الاستخباراتي بين وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية وأجهزة الاستخبارات العربية

فضح سنودن قوة رقمنة تقاسم الاستخبارات، ووجود مركزين افتتحا بقاعدة بوغرام بافغانستان في تشرين الثاني/نوفمبر 2005. حيث بدأت هناك مهمة تطوير ما يعرف بـ « آر تي – آر جي» أي نظام معالجة البيانات التي أدخلت في عام 2007، من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA)، خلال احتلال العراق وأفغانستان، ومع تزايد قوة المقاومة العراقية. هذا النظام قادر على تخزين البيانات من مصادر عديدة، مثل الهواتف المحمولة والغارات والاستجوابات والإشارات التي يتم جمعها من أجهزة الاستشعار الأرضية، وكذلك بواسطة المنصات المحمولة جواً والطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية. بواسطته أصبح لمحللي الاستخبارات، لأول مرة، القدرة على الوصول مباشرة إلى قواعد بيانات وكالة الامن القومي، ودمجها مع المعلومات الجديدة والبحث فيها وتحليلها. ومن ثم، وهذا هو الاهم، تبادلها مع القادة العسكريين المحليين في ذات الوقت الذي يتم فيه حدث ما ( الوقت الفعلي)، ويتطلب اتخاذ اجراء سريع، كالقصف أو قائمة بالأهداف المستهدفة بدون اللجوء الى بيروقراطية الأخذ والرد وانتظار الاوامر المكتوبة. واذا كانت افغانستان هي المختبر الاول لتجربة النظام المستحدث، حيث تفتخر القيادة الأمريكية بانها قتلت 6534 « عدو» في عام واحد، متجاهلة أعداد الضحايا المدنيين، فان العراق هو المكان الذي تم فيه التطبيق الاحدث لما وصفه الجنرال دافيد بترايوس، القائد العسكري للعراق سابقا، ورئيس السي آي أي السابق، بانه « اهم انجاز عسكري تم استخدامه حتى الآن.. وعامل رئيسي في نجاح عمليات « مكافحة التمرد»، متجاهلا هو الآخر مئات الآلاف من الضحايا المدنيين. وجاء النجاح، حسب بترايوس، بعد ان مكّن النظام وكالة الامن القومي ليس على مراقبة الاتصالات من العراق فحسب، ولكن أيضًا للهيمنة على أجهزة الهاتف والكمبيوتر العراقية، لفتح بوابة الوقت الحقيقي لتصبح كل المعلومات المتعلقة بالعراق متوفرة للمحللين والعسكر.
من أجل تغطية بغداد، حسب تقرير « انترسيبت»، كان يجب أن يكون النظام قادرًا على استيعاب 100 مليون «حدث مكالمة» أو سجلات بيانات وصفية، ومليون « صوت» أو تسجيلات للمكالمات الهاتفية، و 100 مليون سجل بيانات وصفية أخرى عبر الإنترنت – يوميًا. كما اقتضى تحولا تدريجيا في تجميع الاشارات التقليدية من جمع وتخزين فقط ما هو مطلوب للعثور على «الإبرة في كومة قش» إلى « تجميع كومة قش». أي جمع كل شيء وخزنه. وحسب الصحافي الاستقصائي غلين غرينوالد (15 تموز/يوليو 2013): « أن وكالة الأمن القومي تحاول جمع ومراقبة وتخزين جميع أشكال التواصل البشري». مما يعني انها تقوم بتحليل « نمط حياة» الاشخاص لا للاستهداف الآني فحسب بل لحين الحاجة. لذلك بلغ عدد المحللين بالعراق خمسة آلاف، يتم تمريرهم كمستشارين وفي افغانستان ثمانية آلاف.
استوقفني، كمثال على العمل الاستخباري، ما جاء ذكره في احد التقارير التي سربها سنودن والمتوفرة الآن على الانترنت، حيث فشل أحد المحللين في تحديد مكان تواجد عراقي « مشكوك بأمره»، لإلقاء القبض عليه، لأنه كان يتعمد تفكيك هاتفه الجوال حالما يقترب من مكان سكنه بحي الشعلة ببغداد، فقام المحلل بمتابعة اشارات هاتف زوجته وتكوين صورة عن تحركاتها وروتين ايامها ومن ثم ربطها بتحركات زوجها، الى ان تم القاء القبض عليه.
يعيدنا المثال الى التساؤل حول استعداد أمريكا لتوفير هذه الانظمة الاستخبارية المتقدمة لأجهزة استخبارات الدول العربية؟ وما هو دور الكيان الصهيوني وموقفه ازاء ذلك؟ وماذا عن الحكام والمسؤولين العرب الذين يرون في أمريكا حليفا لا يمكن الاستغناء عنه، إزاء نظام الهيمنة الجديد نسبيا إزاء مفهوم السيادة الوطنية؟ ما هي الاسرار التي سجلتها انظمة الاستخبارات الذكية عن نمط حياتهم وحياة افراد عوائلهم ربما ليس للتخلص منهم الآن ولكن… ما هي ضمانات عدم استخدام البيانات والمعطيات المحفوظة عنهم ككومة القش مستقبلا؟ وهل نحن هنا أمام مفهوم اوسع للابتزاز الامبريالي السهل بالجملة لكل من هو في موقع سلطة؟
7 الصراع الإيراني الأمريكي يكتسب القوة سردر ميستو راي اليوم بريطانيا

في الشرق الأوسط ، نشبت حرب نفسية إيرانية أمريكية ، مشحونة بمرحلة ساخنة من الصدام العسكري. على الفور ، نلاحظ أن السبب الرئيسي لمثل هذا الوضع المتفجر في منطقة الشرق الأوسط هو الولايات المتحدة ، التي قامت بشكل غير قانوني بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية بشأن القضية النووية الإيرانية (خطة العمل الشاملة المشتركة) ، بشن هجوم مالي واقتصادي غير مسبوق على إيران ، مصاحبة لها من خلال تعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
كانت مرحلة هذه الحرب هي الإعلان المتبادل لمكونات القوات المسلحة من قبل المنظمات الإرهابية. الحرس الثوري الإيراني ، من ناحية ، والقيادة المركزية الأمريكية ، من ناحية أخرى ، مدرجان الآن في قائمة المنظمات الإرهابية. في الوقت نفسه ، حذر المقر العام للقوات المسلحة الإيرانية من استعداده لاستخدام جميع الوسائل لمحاربة الإرهابيين الأمريكيين ، الذين تمثلهم الآن القوات الأمريكية في المنطقة.
مرت بعض الوقت ، وقالت المخابرات الأمريكية إنها تستعد للجانب الإيراني لشن عمليات لمهاجمة القوات الأمريكية والموظفين الدبلوماسيين. في هذا الصدد ، غادر العراق موظفو البعثات الدبلوماسية وبعض ممثلي شركات الطاقة.
بدوره ، قال المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن إيران ، براين هوك ، إن الولايات المتحدة مستعدة للرد بقوة عسكرية في حالة وقوع هجوم من إيران. وذكر أيضًا أن الولايات المتحدة قد اتخذت بالفعل عددًا من الإجراءات في الخليج الفارسي وأعادت تجميع قواتها المسلحة ، ظاهريًا لجعل إيران تفكر في تكاليف الهجوم. وأكد هوك أنه في المستقبل لن تمدد الولايات المتحدة استثناءات لعدد من الدول لشراء النفط الإيراني ، متجاوزة العقوبات.
في هذه الأثناء ، قررت إدارة ترامب تقديم هدية لحلفائها العرب في بداية قمة جامعة الدول العربية الاستثنائية في مكة. أمر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو بالموافقة على 22 صفقة تتضمن بيع أسلحة للسعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن بمبلغ 8.1 مليار دولار. من الواضح أن هذه الأسلحة تهدف إلى محاربة إيران. وهذا لا يخفيه. يقول بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية: “هذه المبيعات ستدعم حلفائنا ، وتعزز الاستقرار في الشرق الأوسط وتساعد هذه الدول على الدفاع عن نفسها من جمهورية إيران الإسلامية وكبحها”.
على الرغم من حقيقة أن أعضاء جامعة الدول العربية ، باستثناء العراق ، عارضوا إيران بشكل مشترك في البيان الختامي ، وأدانوا جميع الهجمات الأخيرة في المنطقة ، وأيدوا أي إجراءات من جانب المملكة العربية السعودية للدفاع عن الأراضي ، فإن دول المنطقة سوف حاول تجنب الحرب في منطقة الشرق الأوسط بأي ثمن.