عجيبة حي اليهود بالموصل لم تحتله داعش الارهابي

على الرغم من تدمير تنظيم داعش أحياء وآثار مدينة الموصل قبل طرده من قبل القوات العراقية المشتركة رفقة التحالف الدولي، إلا أن حياً يهودياً  في الموصل نجا بإعجوبة من أعمال التخريب على أيدي تنظيم داعش.

وكشف تقرير لـ “DW” الألمانية تابعه “ناس”، اليوم (21 نيسان 2019)، عن نجاة آثار يهودية في الموصل من تخريب تنظيم داعش، فيما لا تزال أغلب المنازل قائمة وبحاجة إلى ترميم وطلاء لمحو آثار ثلاث سنوات من الاحتلال”.

ويقول المواطن عماد فتاح، البالغ من العمر 72 عامًا، وهو لم يغادر منزله قط، في حديث لكاتب التقرير، إن “داعش أحرقت أحد المنازل المبنية على الطراز التقليدي، وألحقت به أضراراً جسيمة، بعد أن أمرت السكان بالرحيل”، مضيفاً أن “داعش دمّر كل الأشياء القديمة، كما دمّر كل النصب التذكارية، التي تعارض أفكارة المتشددة، كتماثيل الشعراء والكتاب، وأماكن العبادة الصوفية، والمكتبات، بما فيها من كتب فريدة وقيمة”.

وأكد، أن “داعش لم يترك سوى الأشياء التي كان يستخدمها مقاتلوه، ومن بينها الأنفاق التي حفرها اليهود قديماً، وكان يستخدمها السكان للهروب في حالة الخطر، واستخدمت آخر مرة عام 1948، عند إعلان دولة إسرائيل واندلاع أعمال شغب معادية لليهود”.

بعد ذلك، فر معظم اليهود العراقيين من البلاد، وأفرغت أحياؤهم، التي كانت منازلهم مشهورة بجودة بنائها العالية، لكن في السنوات التالية تعرضت الكثير منها للإهمال وتحولت مناطقهم تدريجيا إلى أحياء فقيرة.

ويسرد ذكرياته بالقول إنه “عاش سعيداً في حي اليهود لسنوات طويلة”، مضيفاً أن “جميع جيرانه يدركون تاريخ اليهود في الموصل، وهم فخورون بالعيش هنا”.

أبنية اليهود “مشاجب” أسلحة لداعش 

ويقول يونس عبد الله البالغ من العمر 62 عامًا، صاحب (سوبر ماركت) في شارع البصرة، إن “والديّ اشتريا منزلنا في عام 1948 من عائلة يهودية”، مبيناً أن “والدته البالغة من العمر 90 عاماً تخبره بأنها تفتقد جيرانها من اليهود”.

بدوره ذكر الأثري العراقي فيصل جبر، مدير مركز جلجامش للآثار وحماية التراث، أن “اليهود يُذكرون في الموصل بشكل أساسي بوصفهم جيراناً صالحين، أما مشاعر الكراهية كلها فتتعلق بدولة إسرائيل”.

وبحسب التقرير فإن “عناصر داعش استخدموا الكنيسة والمدرسة اليهودية القديمة كمخزنين للأسلحة والذخائر، إلا أن ثلاثة من اللوحات العبرية لم تختفِ إلا بعد طرد الإرهابيين، وحدث هذا عندما أعرب مؤرخ من الموصل عبر موقع “تويتر” عن سعادته لأن الكنيس نجا من الدمار، ولهذا السبب لا يحب فيصل جبر التحذير المرئي المكتوب بمنع دخول الكنيس لأنه قد يجتذب صائدي الآثار المحترفين”.

لماذا لم يُدمر داعش الآثار اليهودية

وبشأن نجاة الاثار اليهودية من الدمار عزا فيصل جبر هذا إلى “حالة المنازل المهجورة، ويعتقد أن نجاة معظم اللوحات العبرية وعدم تعرضها للسرقة أو الدمار أثناء وجود داعش سببه أن معظم مقاتلي داعش في الموصل لم يتعرفوا على الألواح العبرية لأنهم أميون”.

في حين يقول سكان الحي إن “داعش طلب منهم مغادرته كونه يهودياً، وهذا حرام بالنسبة وفق معتقداته، وأن عملية انقاذ الآثار اليهودية، تمت بسبب بقاء سكان الحي في منازلهم ورفضهم مغادرتها تحت أي ظرف كان، فقد كانوا يخافون أن يروا منازلهم وهي تحترق”.

تهديدات جديدة للآثار اليهودية

في يومنا هذا وبعد دحر داعش، ظهرت تهديدات جديدة للآثار اليهودية، فمعظم السكان يضطرون إلى بيع منازلهم القديمة لضيق الحال، ويخشى فيصل جبر من أن يقوم من يشتري هذه المنازل بهدمها وبناء منازل جديدة، ما يشكل هدماً للتراث اليهودي .

وتتركز مخاوفه على الكنيس، الذي تم طرحه في السوق مقابل حوالي مليوني دولار (1.8 مليون يورو)،

ويقول جبر، “نريد شراء المبنى، أو حتى استئجاره، لإقامة مقرنا هناك، ونحن نبحث عن تمويل، حتى نتمكن من إعادة المبنى إلى اليهود”، وفي الوقت نفسه، يفكر في بدء إجراءات قانونية في المحاكم، حيث أن الكنيس كان ملكية حكومية ولا ينبغي بيعه لمالك خاص”.

ومع ذلك ، تعرض جبر للاعتقال من قبل الشرطة العراقية، بعد فترة وجيزة من المقابلة، بزعم التجسس لصالح إسرائيل وتم استجوابه لأكثر من شهرين، ومؤخرا أسقطت التهم الموجهة إليه، ليبين بذلك مدى عدم الثقة باليهود داخل المجتمع العراقي، مما جعله يغادر الموصل منذ ذلك الحين.

كلمات المفتاح: