المخابرات الامريكية :40 حزبا عراقيا يهربون النفط العراقي ويتقاضون 4 مليارات دولار سنويا

كشف رئيس ديوان الرقابة المالية، صلاح نوري الاحد (14 نيسان 2019)، في تصريح صحفي، إن “مجلس مكافحة الفساد تحرك منذ مدة بالتنسيق مع هيأة النزاهة، لفتح ملف العقارات المزورة التي تحولت واستولت عليها جهات معينة دون وجه حق في عموم البلاد”، منوها بأن “هذا الملف وصل الى نسب انجاز متقدمة وسيحال قريبا الى القضاء للبت به”.

وأضاف ان “الملف الاخر الذي يأخذ حيزا كبيرا ومن المؤمل ان ينجز قريبا، هو تهريب النفط”، منوها بأن “الديوان تبنى هذا الملف من خلال البحث عن آليات تهريب النفط وطرقها، اذ تمت متابعة الجوانب الفنية للشركات في الجنوب والوسط والشمال، لاسيما ان الديوان شخص منذ العام 2010، المشكلة التي تتمحور بموضوع العدادات المخصصة لتسلم وتسليم النفط سواء على المستوى الداخلي او عمليات التصدير، اذ ان عملية التسليم بين جهة واخرى تتم بموجب عدادات قديمة ومتهالكة مع ان عملية التعمد بعدم شراء عدادات جديدة من قبل وزارة النفط مؤشرة منذ العام 2010”.

وبين رئيس ديوان الرقابة المالية ان “احد الامور التي تم رصدها، هو التفاوت الكبير بعمليات تسليم النفط والمشتقات سواء كان للاستخدام الداخلي او للتصدير، بسبب تهالك العدادات”، مؤكدا ان “هذا الامر من مسؤولية وزارة النفط”.

وذكرت صحيفة “الخليج أونلاين” الالكترونية، أن “الخزينة العامة العراقية، التي تعتمد بنسبة 90% في ميزانيتها على النفط الخام، تفقد مليارات الدولارات، بفعل تهريبه من قِبل متنفذين في الوزارات الحكومية والأحزاب، إلى دول أخرى باستخدام قوارب صيد، وشاحنات”.

وأضافت، أن عادل عبد المهدي، طرح ملف تهريب النفط، الذي تسبب في إهدار الموارد وتراجع الخدمات، وهو ما أثار سلسلة احتجاجات شعبية كادت تطيح بالنظام خلال الصيف الماضي”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “من أبرز الوثائق الرسمية التي تحدثت عن هذه القضية، تقرير الشفافية الصادر في 2006 عن مكتب المفتش العام بوزارة النفط العراقية، وحمل عنوان؛ تهريب النفط الخام والمنتجات النفطية”.

وذكرت، أن “عمر الملف لم يستمر طويلاً، إذ أُتلفت الوثائق المرتبطة به في حريق شب بالوزارة مباشرة بعد نشره للرأي العام، ولم يصدر تقرير بعده إلى يومنا هذا”.

وأوضحت، أن “التقرير تحدث بالأرقام عن عمليات التهريب التي تمت في 2005 وتداعياتها الاقتصادية، مقدِّراً الأموال التي تم الاستيلاء عليها بما قيمته مليار دولار”، مشيراً إلى أن “التهريب يجري عن طريق الموانئ الجنوبية في البصرة باتجاه الإمارات، ودول أخرى”.

وبحسب التقرير، فإن “عمليات التهريب تتم باشتراك من بعض الدول المجاورة وبمشاركة مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي، وبتواطؤ من عناصر بالشرطة والجمارك العراقية”.

تمويل مليشيات

وتابعت الصحيفة، أنه “رغم عدم إصدار مكتب المفتش العام العراقي التقرير الذي أتى عليه الحريق، بعد أن خلصت التحقيقات الحكومية إلى أن الحريق قضاء وقدر، فإن المخابرات الأمريكية قدمت للجانب العراقي، نهاية آذار الماضي، تقارير عن تهريب النفط”.

وبحسب ما نقلت الصحيفة الخليجية عن مصدر في وزارة الداخلية، فقد “وصلت المخابرات الأمريكية، إلى أن 56 جهة عراقية تشارك في عمليات التهريب، والأموال المحصّلة تُقدَّر بنحو 4 مليارات دولار سنوياً”.

وأضاف المصدر، أن “الجانب الأمريكي وفَّر معلومات تفصيلية لحكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي، عن حجم عمليات التهريب، والجهات المستفيدة من هذه العمليات”.

وأضاف: “المعلومات تشير إلى أن 10 أحزاب سياسية متورطة بعمليات التهريب، عن طريق موظفين في الدرجات العليا، هي من عيَّنتهم، ويدينون لها بالولاء في وزارات النفط والداخلية والجمارك، ويُهرِّب هؤلاء النفط من خلال المنافذ بالتعاون مع موظفِين فاسدِين”.

وتابع المصدر: “وبحسب المعلومات، فإن 40 جهة مسلحة تسهم في عمليات التهريب، من خلال مناطق نفوذها باستخدام أساليب مختلفة، وتمول هذه الجهات أنشطتها من خلال ملايين الدولارات من العائدات اليومية”.

واستدرك المصدر بالقول، إن “الأحزاب والفصائل المسلحة آنفة الذكر تستخدم المنافذ الجنوبية والغربية لتهريب النفط باتجاه الإمارات. أما المنافذ الشمالية فتستخدمها 6 جهات كردية في تهريب النفط من آبار الشمال بكركوك وفي إقليم كردستان باتجاه إيران”.

المصدر أشار إلى أن “المخابرات العراقية توصلت إلى أن معظم النفط المهرَّب عبر الجنوب يذهب إلى الإمارات، ومن جهة الشمال يذهب إلى إيران وتركيا، حيث يباع برميل النفط بأقل من 36 دولاراً للبرميل”.

وبيَّن المصدر، أن “عمليات التحري أوصلت المحققين العراقيين إلى وثائق تظهر عليها أختام موانئ وشركات إماراتية على النفط العراقي المهرب”.

وكشف، أن “معظم الأموال المحصَّلة من التهريب تودع في بنوك بإمارة دبي، وحكومة عبد المهدي بدأت بالتواصل مع الجانب الإماراتي بهذا الخصوص دون إعلان ذلك، لعدم إثارة الجهات السياسية التي يمكن أن تضغط لوقف جهود التحقيق كما فعلت في السنوات الماضية”، على حد تعبيرها.

صراع دامٍ على الموارد

وأكملت الصحيفة قائلة، إن “مدينة البصرة تشهد صراعاً دامياً بين الأحزاب والميليشيات المتنفذة بين الفينة والأخرى، في إطار سعيها للحصول على حصةٍ أكبر من موارد التهريب”، بحسب هادي الفريجي، الأكاديمي والباحث البصري.

الفريجي قال ايضاً، إن “تهريب النفط في المدينة أدى إلى نشوء مافيات تضم المهربين والوسطاء والمتعاونين ضمن وزارة النفط والجمارك. كما تؤدي بعض العشائر دوراً محورياً في الوساطة بين مختلف الأطراف، بحكم مناطق نفوذها التي تمر منها الخامات المستخرجة من الآبار”.

طرق تهريب النفط

وعن الكيفية التي يتم من خلالها تهريب النفط، كشفت الصحيفة نقلاً عن مصدرها أن “عمليات التهريب تتم في الغالب باستخدام زوارق خشبية لصيد الأسماك توجد في مياه شط العرب”.

وأوضح، أن “وِجهتها تكون المياه الدولية في الخليج العربي، ومن هناك تتجه الشحنات إلى موانئ الإمارات العربية، التي تتغاضى عن عمليات التهريب”.

ويستطرد بالقول: “هناك طريقة أخرى يعتمد عليها المهربون في الحصول على الخام، من خلال تتبُّع الشبكات الناقلة للنفط، حيث يحصلون على خرائطها التفصيلية من موظفين من داخل وزارة النفط، وفي الأماكن النائية تُثقب الأنابيب ويُحصر الخام في أحواض من الرمل على شكل آبار اصطناعية، ومنها تأتي السيارات الحوضية لنقل الخام”.

وكشف أن عمليات التهريب الكبرى ينفذها حيتان التهريب المرتبطون بالأحزاب المتنفذة، حيث يتم التحايل على العدّادات التابعة لوزارة النفط بالتعاون مع كبار الموظفين.

وأشار إلى أنه “تتم تعبئة زوارق محلية، حمولتها لا تتجاوز 20 طناً، وهذه بدورها تذهب بالنفط إلى باخرة إماراتية خارج المياه الإقليمية العراقية، حيث يباع الخام لها، ويتم تسلُّم المال إما مباشرة وإما بإيداعه في حسابات بإمارة دبي”.

واختتمت الصحيفة بالقول، إن “البواخر التي تنقل النفط المهرَّب لا تملك أوراقاً رسمية بحمولتها، وتحمل نفطاً غير شرعي بحسب القانون الدولي، لذلك يعد استقبال الموانئ الرسمية إياها مخالفة قانونية، وشكلاً من أشكال القرصنة”.