1 السعودية والعراق خيارات استراتيجية أمل عبد الله الهدابي البيان الاماراتية
لا شك أن أحد أسباب تنامي النفوذ والدور الإيراني في المنطقة، يتمثل في قصور الرؤية الاستراتيجية العربية طيلة سنوات طويلة مضت، وما شابها من ثغرات وانشغالات وإشكاليات نجم عنها التخلي عن العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ، وغيابها عن دائرة الفعل والتأثير العربي المشترك لأسباب واعتبارات قد يكون لها أسانيدها، ولكن غاب عنها التحسّب لعواقب هذا الغياب وتبعاته الاستراتيجية التي تعاني منها المنطقة بأكملها في المرحلة الراهنة.
وفي ضوء ما سبق يمكن القول إن التحرك السعودي الذي تمثل في زيارة وفد كبير برئاسة وزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي إلى بغداد، وما أثمر عنها من نتائج يمكن اعتبارها بمنزلة تدشين فعلي قوي لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين، ما يمثل بالفعل نقلة نوعية مهمة نحو عودة العراق إلى حاضنته الاستراتيجية العربية.
والحقيقة أن هذه العودة لم تكن لتتحقق بالوعود والكلام والتصريحات، وهذا ما أدركته الدبلوماسية السعودية جيداً، فالتحرك هذه المرة تم في إطار من المصالح المتبادلة، ضمن ما وصفه وزير التجارة والاستثمار السعودي بأنه «شارع باتجاهين يعزز العلاقات» وهذا هو الضمان الحقيقي للتقدم والتطور في اتجاه نأمل، كعرب وخليجيين، أن يسهم بالأخير في إيجاد معادل موضوعي وثقل استراتيجي مواز للثقل والدور الإيراني الذي تغلغل طيلة السنوات الماضية في أرض العراق الشقيق، فضلاً عما تمثله عودة العراق بكل ما يمتلك من ثقل استراتيجي، من قيمة مضافة كبيرة للعمل العربي المشترك في ميادين السياسة والعلاقات الدولية.
زيارة الوفد السعودي للعراق هذه المرة كان لها طابع استثنائي، ليس لأن الوفد الزائر ضم تسعة وزراء في مجالات مختلفة تشمل الاقتصاد والاستثمارات والسياسة والثقافة وغيرها، ولكن لأن الزيارة جاءت في توقيت بالغ الأهمية وتلاقت مع إرادة الجانب العراقي، التي انعكست في جولات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لإعادة توجيه بوصلة السياسة العراقية.
وهذا أمر في غاية الأهمية فالعراق بلد عربي ضخم ولا يعقل أن يبقى هكذا بعيداً عن دائرة التأثير والفعل العربي، أو أن تنظر إليه إيران باعتباره بلداً يدور في فلك سياساتها، فبلد يمتلك «حضارات لها قصة لم ترو بعد» كما قال وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان خلال جولة له في بغداد ضمن هذه الزيارة، لا يمكن إلا أن يقود ولا يقاد، ومكانه الطبيعي في صدارة الدول القائدة إقليمياً ودولياً، بما يمتلك من ثروات وموارد مادية وبشرية، وبما يتكئ عليه من حضارة وتاريخ عريق.
وعندما تعلن المملكة العربية السعودية عن تقديم منحة للعراق بمليار دولار، بموجب توجيهات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، تخصص للمساهمة في التنمية وتشمل إنشاء مدينة رياضية هدية من العاهل السعودي إلى الشعب العراقي، وافتتاح قنصلية المملكة في بغداد والإعلان عن افتتاح ثلاث قنصليات أخرى قريباً في عدد من المدن العراقية، وقرب افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين المملكة والعراق، والذي سينتهي العمل به بعد نحو ستة أشهر.
فإن الجهد السعودي يثبت جديته في التلاقي والتعاون في تنفيذ خطط إعادة إعمار العراق، والبدء بتنفيذ مشروعات التنمية، التي يمكن للشركاء الخليجيين لعب دور كبير فيها من خلال ضخ استثمارات ضخمة، وهذا ما عكسته الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي شملت مجالات الكهرباء والزراعة والنقل البحري والصناعة والثروة المعدنية والنفط والغاز والتعاون العلمي والتعليمي وحماية وتشجيع الاستثمارات.
التحرك السعودي الذي انطلق على قاعدة المصالح المشتركة يؤسس لمرحلة جديدة بالفعل في العلاقات بين البلدين، وهي مرحلة تتلاقى في المقابل مع تطلعات رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لإعادة صياغة الدور العراقي بما يتماهى مع مكانة هذا البلد العربي العريق وتاريخه، وبما يحول بينه وبين الارتباط بمحاور استراتيجية إقليمية مثلما تريد إيران، فالعراق في مرحلة إعادة البناء من مصلحته الاستفادة من شبكة علاقات دولية واسعة، وبالأخص مع الدول الخليجية والعربية، التي تمتلك قدرات اقتصادية واستثمارية يمكن أن تسهم بدور هائل في اختصار المرحلة الزمنية المطلوبة لتحقيق تطلعات الشعب العراقي.
فالتنمية والبناء يمكن أن تكون حلاً ناجعاً يسهم في القضاء على كثير من المشاكل المرتبطة بضعف التنمية والنشاط الاقتصادي ومن ثم قلة فرص العمل والبطالة وغير ذلك، فمستقبل العراق وضمان أمنه واستقراره بات رهن قدرته على بناء توازنات استراتيجية في محيط إقليمي يموج بالصراعات، وعلى الجانب الآخر من مصلحة دول مجلس التعاون والعرب جميعاً أن يعود العراق قوياً معافى إلى دائرة العمل العربي المشترك، التي تئن تحت وطأة غياب أدوار دول مؤثرة مثل العراق وسوريا وغيرهما.
2 وزير الثقافة في بغداد
يعقوب محمد إسحاق المدينة السعودية
قبل أسبوع من هذا اليوم أرسلت المملكة وفدًا للعراق مكونًا من ستة وزراء ضمن المجلس التنسيقي السعودي العراقي، وكان من ضمنهم سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة لتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين الشقيقين تهدف إلى رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية والاستثمارية والثقافية بين المملكة والعراق لخدمة مصالح البلدين وتبادل الخبرات والزيارات بينهما، كان من أهم نتائجها الرسمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالتبرع للعراق بمليار دولار لمساعدته على مواجهة المشاكل الناتجة عن غزو داعش لبعض المدن العراقية وتدمير بنيانها وتشريد أهاليها وقتل الآلاف من المواطنين العراقيين بالإضافة إلى التبرع بتكاليف إنشاء مدينة رياضية شاملة في العراق.
وحيث إن وزارة الثقافة أمل المبدعين في بلادنا لتحقيق آمال حبيب الشعب ورائد الحداثة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الذي يعود إليه الفضل في رؤية 2030.
وحيث إن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان قام مع معالي وزير الثقافة والسياحة في العراق بجولة ثقافية لأهم ملامح مدينة بغداد وزيارة شارع المتنبي الذي يضم بين جوانحه الكتب التراثية والجديدة والموسوعات والمخطوطات النادرة..
أطرح على سموه فكرة دعوة الناشرين العراقيين للاشتراك في معرضي الكتاب في الرياض وجدة ابتداءً من أول فرصة قادمة وأن يشترك الناشرون السعوديون في معرض الكتاب في بغداد..
كما أتمنى أن يكون سمو وزير الثقافة قد زار مقهى الشابندر في بغداد الذي يرتاده المثقفون والمبدعون العراقيون للحوار وتبادل الآراء في أعمالهم الفنية والفكرية.
وليته زار مدينة بغداد التاريخية التي تمتاز بيوتها التراثية بالشناشيل التي تشبه الرواشين في بيوت مدينة جدة التاريخية..
وأخيرًا أرجو من سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان أن يتوسط لدى الجهات المختصة للإذن للمثقفين والمفكرين والمبدعين على الأقل لزيارة العراق لحضور وزيارة شارع المتنبي لإثراء مكتباتهم بالكتب العراقية المميزة.
3 الشعب في خدمتهم.. وهم في خدمة مصالحهم صباح علي الشاهر راي اليوم بريطانية
رؤساؤنا، ووزارؤنا، ونوابنا، ومسؤولينا الكبار، كلهم – وبلا إستثناء- أتوا من قعر القاع ، وكلهم وبلا إستثناء فقراء مدقعون ، لا يملكون شروى نقير ، وهم عرضة للمبتزين ، والفاسدين وقطاع الطرق ، ولا يمكن أن يواجهوا مصيرهم حفاة عراة ، لذا قرر نظامنا الموقر ، النظام الديمقراطي العادل ، ولغرض حماية كرامة العراق والعراقيين قررت القيادة الآتية من وراء البحار :
1-تخصيص قصور الدولة سكناً للقادة الذين هم فقراء الحال ، وبلا دار سكن، على أن يتمتعوا بها هم وعوائلهم ، ومن إنتسب لهم ، طيلة مدة تحملهم ثقل المسؤلية ، وما بعد إنقضاء خدمتهم، وحيث أن القصور لا تكفي لإسكان القادة الذين يتكاثرون تكاثر الجراد ، فقد تقرر منح مخصصات سكن لمن لم يتسنى لهم الحصول على قصر أو مربع أمني ، ومن أجل تحقيق العدالة ، فقد تقرر أن لا يزيد بدل السكن عن أربعة أمثال الراتب الشهري للأستاذ ” مربي الأجيال” .
2-ولأنهم فقراء الحال لا يملكون سيارة خاصة يمكنهم ان يستعملوها لقضاء حاجياتهم لذا تقرر تخصيص عدد من الجيسكارات ، يتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، على أن تتكفل الدولة بنفقات السواق، والصيانة والوقود ، ومن أجل كرامة العراق ، والوظيف الحكومي فقد قررنا قطع الطرق عند مرور موكب المسؤول .
3-ولأنهم بلا حول ولا قوة ، وبلا عزوة ، أو حزب، أو تنظيم يحميهم، وكيلا يصبحوا عرضة للتحرش أو الإختطاف ، أو إبتزاز الفاسدين في الأرض ، فقد تقرر تخصيص حماية يتناسب حجمها مع حجم المسؤولية ، على أن تجهز الحماية بأحدث الأسلحة وأفضل السيارات المصفحة، ولا بأس أن تكون الحمايات من إخوان وأقارب المسؤول ، فهم أحرص على لحمهم من الأغراب ، ويمنح المسؤول ميزانية يصرفها هو على من يختارهم لحمايته ، أما نفقات الحماية الأخرى ، من أسلحة وذخيرة ووقود فتتكفل الدولة بها حصراً.
4-وحيث أن المسؤل بمختلف مواقعه يحتاج إلى التواصل مع الناس ، ويحتاج أحياناً إلى تمشية بعض إمورهم ، وبالأخص المادية ، فقد تقرر تخصيص بضعة ملايين من الدولارات شهرياً ، كمنافع أو خدمات يصرفها وفق مشيئته ، ومن دون تقديم فواتير حفاظاً على كرامة المستفيدين منها ، وهم غالباً من المتعففين ، ثم أن أغلبية المسؤولين هم من الذين حرمهم النظام الديكتاتوري البائد من التواصل مع الناس ، لذا فإن إطلاق يد المسؤول في الصرف سيجلب له العديد من المريدين والمؤيدين ، وبالتالي يتمكن من خلق قاعدة إنتخابية له ، تجعله يعود كل مرة إلى المناصب القيادية ، من دون أن يفارق مصدر القرار ، وبهذا تتم الديمومة والإستمراية للنظام الديمقراطي، الحر ، الأبي ، المستقل 5-وحيث أن تطبيق الديمقراطية في نظام تعود على الأنظمة الديكتاتورية سيتعرض لهزات ، وربما لغضب بعض قصيري النظر ، والذين لا يستطيعون إدراك الإمور على حقيقتها ، مما يدفعهم للتعبير عن الغضب بهذا الشكل أو ذاك ، لذا تقرر مصادرة الإحتجاجات والغضب ، وجعلها تحت السيطرة بحيث تكون تحت هيمنة وإشراف القوى السياسية ذاتها ، فعلى الكل أن يكون معارضة وحكم في آن واحد ، ضد الفساد وفاسد في نفس الوقت ، ضد إهدار المال العام وممن يهدرونه بلا حساب ، مع أمريكا وضدها ، مع إيران وضدها، يغازل السعودية والخليج وضدهما.
6- وحيث إننا وضعناكم قادة للعراق ، فمهمتكم التي ينبغي أن لا تنسونها هي الإنفاق ، لا تسألوا ما جدوى الإنفاق ، فالشعب الذي عانى الحصار وظلم الديكتاتورية التي حرمته من كل شيء، عليكم أن توفروا له كل شيء ، كل ما ينتجه الآخرون ، ولا تخدعكم السياسة الإحمائية فما هي سوى عودة للنظم الشمولية ، دعوا الحرية الكاملة للسوق ، حتى إذا إقتضى الأمر غلق مصانعكم ، المهم توفير البضاعة الرخيصة للمشتري ، ولا يهم مصدرها ، وحتى نوعها . إقتصاد السوق عملية صعبة ، ومكلفة ، لكنه في نهاية المطاف سيمنح الناس ما يحتاجونه .
ولأجل هذا عليكم ، عملياً تسخيف ما اعتاد الناس على سماعة ، كالوطنية ، والإستقلال والسيادة الوطنية ، والتنمية ، والقطاع العام ، وحتى المختلط ، ولا تنسوا التشكيك بالقضية المركزية التي كانت وسيلة الديكتاتوريات في الهيمنة على مقدرات الشعب، فلا قضية مركزية ومقدسة سوى مصالحكم ، وتطمين هذه المصالح.
الطريق إلى الأقصاد الحر ، صعب ووعر ، فقد عودت الأنظمة الشمولية الناس على الإتكال بحجة أن نفط الشعب للشعب ، في حين أن النفط مصلحة كونية ، لكل شعوب الأرض ، فأنت لا تستخرج النفط لتشربه ، بل لتبيعه لمن يحتاج إليه ، ومن يشتري النفط منك يبيعك المنتجات التي تحتاجها ، وعليكم تسهيل مهمة التبادل هذه ، وجعلها سهلة ، مرنة ، ميسرة ، ولا يتم هذا إلا بالقطيعة مع قيم الماضي الخاطئة والكاذبة ، والمختلقة ، وبالأخص قوانينه الاقتصادية .
7-إذا تميزت ميزانيتكم بالعجز ، والتي ينبغي أن تكون تشغيلية في المراحل الأولى ، كي لا يكون العجز ثقيلاً ، فإننا سنوعز لبنك الإعمار الدولي بسد العجز ، بفوائد ميسرة ، وشروط هي في مصلحة البلد بالمقام الأول ، تلك الشروط تعود الناس على الإعتماد على أنفسهم وترك الإتكالية ، فالدولة ليست مؤسسة خيرية توزع المكاسب بالمجان ، لا دعم للغذاء والدواء ، ولا دراسة مجانية ، ولا طب مجاني ، ولا دعم للمنتج الوطني ، فهؤلاء التنابلة ” الصناعيون المحليون” يسرقون الشعب ، ثم يقدمون له بضاعة رديئة .
ستتحولون ، مثلما حدث لغيركم ، إلى دولة تسقطب الأجانب ، سنوزع المجمعات السياحية في طول البلد وعرضها ، لكن هذا يستوجب قوانين إستثمار تطمن المستثمر الأجنبي ، فرأس المال جبان ، وهو لا يغامر ، وعليكم فتح الطريق أمامه ، وكلما توسعت الأنشطة الاقتصادية المعروضة على الإستثمار كلما كان هذا أحسن وأنجح ، وأكثر جذبا للمستثمر .
كل هذا يستوجب القطيعة مع الماضي ، وقطع جذور التخلف ، والإنفتاح على العالم ، كل العالم ، بلا إستثناء ، إنغمسوا فيما يرضي الناس من ممارسات ، كونوا في الصدارة ، كي يشعروا بأنكم منهم ، ولكن إعملوا لتحقيق ما ذكر إعلاه ، وعندها سيبدأ عصر جديد لكم ولبلدكم ..
تصبحون قدوة ، ويصبح العراق إنموذج العهد الأمريكي الجديد ..
4 العراق إلى أين؟ هشام الهبيشان البناء لبنان
ما زال العراق الجريح منذ 16 عاماً من غزو التحالف الأميركي الصهيوني وبشراكة من بعض العرب، غارقاً بالفوضى والفساد والصراع الداخلي المدعوم بأجندة خارجية، ولم نر حتى الآن تلك الوعود الأميركية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والأمن إلخ… واليوم بعد 16 عاماً نرى ببساطة تلك الوعود الأميركية تتحقق من خلال حالة رهيبة من الفساد والظلم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق.
اليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أميركا وبعض حلفائها الذين شاركوا بمؤامرة إسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أنّ استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها تقسيم العراق وإنْ أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث، والسؤال أين كان العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم!؟ وهنا طبعاً لأميركا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتية التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ أميركي بالمنطقة العربية.
وبالعودة إلى الشق الإنساني بالداخل العراقي وهم الأهمّ ومحور حديثنا هنا، فما زال مسار الصراع على الأرض العراقية منذ 64 عاماً يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكلّ تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتوية، فما زالت نار الحرب تضرب بقوة بمجموعها كلّ مقوّمات العيش بحدّه الأدنى للمواطن العراقي وبخاصة بمناطق غرب وشمال غرب وجنوب العراق، والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، ففي العراق اليوم هناك مدن بأكملها لا يوجد فيها لا ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وانْ وجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمّى «بتجار الأزمة أو بتجار الحرب العراقيين» لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا، فالواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 16 عاماً، انّ الخاسر الوحيد منه ومن كلّ ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط.
وهنا يمكن القول إنه من الواضح بعد 16 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني للعراق وبشراكة من بعض العرب أنّ مؤامرة الحرب على العراق قد حققت الكثير من أهدافها للأسف، وهذه الأهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها في العراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيو – سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «إسرائيل» والطاقة وجملة مواضيع أخرى، وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي.
ختاماً، انّ تطورات الأحداث في العراق منذ 16 عاماً، تؤكد بما لا يقبل الشك انّ مسار وتداعيات مؤامرة إسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيين وعلى المنطقة العربية والإقليم بمجموعه، والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني، وهنا أودّ أن أطرح سؤالاً ليترك برسم الإجابة عند العراقيين، ومضمون السؤال هنا موجه لكلّ مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق الى أين يتجه بعد 16 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني؟ وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والاستقرار التي وعدتكم بها أميركا…
5 العلاقات السعودية العراقية.. الدوافع والتحديات! سعد بن عبدالقادر القويعي الجزيرة السعودية
النقلة النوعية التي تشهدها العلاقات -السعودية العراقية- على أكثر من صعيد، ومد جسور من الثقة بين الدولتين، ستعيد تشكيل العلاقات بين البلدين، وسيسهم في عودة العراق لعمقه العربي -في المرحلة القادمة-؛ كونه منعطفا مهما، سيكون له الأثر الكبير في استقرار دول المنطقة؛ باعتبارهما من قوى الإقليم الكبرى، والتي تمتلك مقومات لعب ذلك الدور، بما يحمله العراق من إرث حضاري، وتاريخ، وقدرات، وإمكانات، ستعزز ثقل الوجود العربي، -خصوصا- بعد توجه كلمات صانع قراره السياسي نحو الخارطة العربية الخالصة، وبوصلة ساسته باتجاه السعودية.
دلالات الحدث من حيث التوقيت، والظرف الإقليمي تشهد بأن السعودية تقف على مسافة واحدة من كافة القوى السياسية العراقية دون تحيزات، أو استقطابات دينية، أو طائفية، -إضافة- إلى التقارب بين الدولتين على مسار محاربة الإرهاب على المستوى الثنائي، واستحقاقات المصالح، والتحديات الأمنية، والولوج إلى باب الاستثمار الاقتصادي غير المحدود، وإعادة الإعمار، على أن يشكل حجر الأساس في العمل المشترك، والتخطيط المتوسط، وبعيد المدى، وتلك دلالات -في تقديري- تفرض على قيادة الدولتين تطبيع علاقاتهما، وتطويرها، بما يعود بالإيجاب على البلدين، وشعبيهما، وحصول العراق على شرعية إقليمية فعالة في محيطها العربي، يحقق لها الاستقرار، والمصالح المشتركة.
تحقيقا للمصالح العليا، فإن العراق جار إقليمي مؤثر، طالما استخدمته إيران كساحة نفوذ ضاغطة على دول الخليج العربي؛ بسبب اختلاف الأجندة، والمواقف السياسية في العلاقة مع إيران، وساحات الصراع في سوريا، واليمن، ولبنان. وقد أثمر العمل -خلال الثلاث سنوات الماضية- عن فتح السفارة السعودية في العراق من جديد، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين -على عدة مستويات-، أهمها: الأمني، والسياسي، والعمل على مواجهة تحديات هذه المرحلة، وبناء الثقة، ومن ثم التطوير، وتعزيز التعاون، والتي ستعتبر خطوة في استعادة الحسابات من جديد، والاتفاق على تجديد شرايين الأصالة العربية نحو علاقات أكثر استقرارا.