1
الإرهاب لا وطن له.. لكن له ولاية
حامد الكيلاني العرب بريطانيا
الرئيس الإيراني حسن روحاني لا يجد ما يردّ به على ردود الفعل الأميركية تجاه نتائج زيارته الأخيرة للعراق سوى أن العلاقات بين البلدين راسخة ولا يمكن المساس بها. التصريحات الأخرى توزعت من قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري الذي أكد على نقل الخبرات الإيرانية إلى الحشد الشعبي في الإعداد والتنظيم، وسارع علي رضا رشيديان، متولي الزيارات الدينية، إلى تثبيت موعد العمل بإلغاء رسوم تأشيرة الدخول حسب الاتفاق الجديد اعتبارا من 5 أبريل المقبل.
إيران وهي تخضع للعقوبات الأميركية غير مصابة بالقلق من انجراف النظام السياسي في العراق نحوها بالمزيد من الإجراءات الاقتصادية والمالية رغم أنها تتصرف معه كمنصة مناورة لكسر العقوبات المفروضة عليها، أي أن إيران تفرط بالمنفذ العراقي قياسا إلى ما تريده من توصيل حقيقة تبعية القوى السياسية والقرار الحكومي والميليشياوي لإرادة ولاية الفقيه. وهذا ما نجحت به أثناء زيارة روحاني من خلال مواقف وإجراءات أظهرت اصطفاف العراق وانحيازه الواضح إلى جانب النظام الإيراني ضد العقوبات.
نتفهّم اللعب بالنار من جانب ميليشيات الحشد، لكن كيف نتفهّم لعب النظام السياسي بمصير العراقيين بهذه المهزلة من توقيع الاتفاقات التي دفعت بعضهم إلى استشعار الخطر بعد ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من استمرار دعم واشنطن لحكومة عراقية حرة “أقل تورطا” بما يجري في إيران. أكيد أن المقصود لا علاقة له بحكومة عادل عبدالمهدي المتورطة بمزاجها العقائدي في مصيدة كسر العقوبات ومحاولات تقييد العراق بمأزق ولاية الفقيه.
اللجنة المالية في مجلس النواب دعت إلى أخذ التحذيرات الأميركية على محمل الجد وتجنيب وضع العراق في دائرة خطر العقوبات، وسط جو من عدم التفاؤل في واشنطن لتجاهل العراق ما يحيط بالنظام الإيراني من سياسات تطويق وعزل في المنطقة وفي الداخل الإيراني، وهذا ما تطرّق إليه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي اتهم إيران بالإعداد لمجازر جديدة بسبب طموحاتها الإقليمية، أما المبعوث الإيراني الخاص بإيران برايان هوك فقد ذهب إلى وجوب امتثال العراق للعقوبات الأميركية.
نظام الملالي في سعيه لتوثيق العراقيين بحزمة من أغلال الاتفاقات على المستوى الرسمي تحت سقف الدبلوماسية يجرّ العراق إلى مستنقع بدأ باستخدام كل ما له صلة بالعراق لتنفيذ أجندات المشروع الإيراني الطائفية في المنطقة، لينتهي واقعا بالزج به في معالجات الأزمة الداخلية، سواء بردم بعض مستويات التضخم والفقر ومعضلة رواتب المتقاعدين والموظفين الإيرانيين، أو بلجم اندفاعات الجوع بقوانين تبدو الآن سطحية وبأبعاد أوهام وهواجس في الداخل العراقي لكنها مثل كل القوانين أو تعديلاتها بعد الاحتلال تستهدف جسّ النبض وامتصاص الغضب، ثم الرهان على الصراع الطائفي في فرض الأمر الواقع، ولو بعد حين، كما جرت وقائع التصويت بالمساومات أو بالتسكيت، على قانون الحشد الميليشياوي.
النظام المالي في العراق مازال يرتبط بآلية مصرفية لبنوك أميركية ولم يغادر إلى سقف التعاملات الحرة والسيادة الكاملة، والولايات المتحدة توجه تحذيرات مستمرة للنظام الحاكم في العراق من مغبة الانسياق الأعمى لإملاءات الانغلاق المذهبي مع الملالي، دون الالتفات إلى توجهات السياسة الأميركية مع إيران أو في تجاهل حقائق الاحتلال وما وهبه من نعم للذين يتنكّرون لها من أجل الولاء للمرشد أو من الذين يقفون في منطقة التردد بين الدولة العظمى ودولة الملالي.
يتحدثون عن وحدة هدف ووحدة مصير مع النظام الإيراني متناسين احتمال وحدة فرض العقوبات لاعتبار العراق محافظة إيرانية كما ورد في التنبيه الأميركي، وتلك الكارثة تتزاحم ملامحها في أفق الكوارث التي تضع العراق كسوق أو كمنطقة حرة لبيع المنتجات الإرهابية لنظام وقع في الفخ بعد 40 سنة من المراوغة وإشاعة أجواء من الكراهية تمتد على مساحة العالم.
عند كل مجزرة إرهابية تقع من هذا الطرف أو ذاك لأسباب سياسية أو دينية أو عنصرية، يتوجه العقلاء إلى صهر نواياهم الحسنة في إدانة التطرف وأهمية محاربة الإرهاب أينما كان في غاية تتجمّع حولها ضمائر الإنسانية. لكننا دائما لا نجيب على أسئلة تتعلق بأنشطة على مدى 40 سنة من صادرات المشروع الطائفي الإيراني الذي أسس قاعدة للكراهية في منطقة الشرق الأوسط.
الإرهاب لا دين له ولا وطن، إنها شهادة براءة لكل الأديان والأوطان والشعوب من الجرائم، لكننا على يقين بأن ثمة ولاية للإرهاب ودينا خاصا بها يترعرع منذ سنة 1979 ويستظل في غفلة السياسات الدولية بنظام دولة يستغل الحروب والفتن والتشدد وحوادث التاريخ لنشر أهدافه التوسعية.
هناك دولة ترعى الإرهاب وتموّله بمختلف الاتجاهات وتستثمر بالمقابل في النتائج والمآسي وفي جنون ردات الفعل. حان للحرب على الإرهاب أن تختصر مهمتها بقطع أذرع الإرهاب الإيراني في الدول ذات الاستهداف المعلن، أو ما يندرج تحت مهمة الإعداد للكوارث في لعبة لا تنتهي من تقاطعات السياسة تمرر فيها ولاية الفقيه ظلاميتها وطموحاتها وهي ضامنة أن الإرهاب لا وطن له ولا دين، بمعنى أن لا أحد يشير إليها بجرأة تطيح بصادرات وتمويل وتمكين وحماية وعبور الإرهاب وغموضه أحيانا.
هناك عالم يتغذى على نسبة كبيرة من منتجات الإرهاب الإيراني في السياسة الدولية والإقليمية كأنما شعاره “الإرهاب يجمعنا”، رغم المعاناة الإنسانية الأممية أو ما صارت إليه أوضاع العراق أو سوريا، ومنها ما تتعرض له الشعوب في إيران وما يلتحق بها من دول المنطقة، لذلك فإن الاتفاقات الأخيرة مع العراق ووجود بعض المساعي لوضع آليات أوروبية تفسد العقوبات الأميركية، يصبان في مصلحة النظام الإيراني كما لو كانت مرحلة إرضاع جوي لإدامة واستمرارية مشروع ولاية الإرهاب.
2 بدأوا بالعراق وسوريا وعينهم على الأردن وفلسطين
شهاب المكاحله راي اليوم بريطانيا
إن التطورات التي تعرضت لها المنطقة منذ العام 1980 وإدخال شعوبها في صراعات طائفية تارة ودينية تارة أخرى ما كان الهدف منها سوى اللعب على تفتيت الوحدة الوطنية للدول العربية وخصوصاً دول الجوار الإسرائيلي ومنها الأردن وسوريا والعراق ولبنان وهي التي تشكل العمق الحقيقي للقضية الفلسطينية. ونشر الإشاعات عن آلية الحكم في بعض الدول ومنها الأردن والمغرب والجزائر وسوريا والسودان عبر تسريبات مدروسة لمعرفة ردة الفعل لدى الشارع.
ونظرا لترابط بلاد الشام اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً أكثر من غيرها فإن ما جرى العمل عليه هو البدء بالعراق ليكون الضحية من ثم الإتيان بسوريا لإسرائيل كهدية ومن بعدها يتم تمييع القضية. فمع احترامي للجيوش العربية كلها، فإن إسرائيل ما كانت يوماً تحسب حساباً إلا لدول تحيطها كالسوار لأنها لا تخشى الطائرات فسلاحها الجوي كفيل بذلك بل تخشى القوات البرية لأنه سينهي تلك الأسطورة. وللحيلولة دون ذلك، تمكنت استخبارات عالمية من عمل دراسة مستفيضة ومُفصلة منذ مدة تفيد بأن الخطر الأكبر على إسرائيل يأتي من العراق ثم من سوريا.
كانت تلك الدراسة توصي بالبدء أولاً بالجيش العراقي الذي كان يصل تعداد قواته البرية إلى اكثر من 400,000 مقاتل والجيش السوري الذي يبلغ عدد قوات المشاة فيه الى 200,000 جندي. فكان التحايل بإدخال العراق في أتون معركة خاسرة نظراً لأعداء الداخل المتربصين به السوء ناهيك بأعداء الخارج الذين وجدوا في بترول العراق وموارده كنزاً ثميناً لعقود. فاستفاد من دمار العراق بعض دول المنطقة التي أثرَت على حسابه ولا تزال تُحارب عودة العراق قوياً معافى إلى سابق عهده. ومن بين تلك الدول التي حرضت على العراق إسرائيل التي لها ثأر قديم معه نظراً لتهجير العديد من اليهود من العراق إلى دول الشتات حسب ما تقوله مصادر إسرائيلية إضافة إلى استهداف المدن الإسرائيلية بصواريخ عراقية قبل عدة أعوام.
وبعد ان استتب لهم الأمر في العراق وسيطروا عليه وعلى موارده، جاء الدول على ثاني تلك الجيوش المحيطة بإسرائيل قوة: الجيش السوري. فكان إنهاكه في حرب مع الإرهاب والتنظيمات المسلحة التي بلغ عددها قرابة 90 مجموعة بأعداد تزيد على 120,000 مقاتل من كافة الدول مدعومين إقليمياً ودولياً وإسرائيلياً.
والسؤال المطروح هنا: كيف أثر ذلك على الأردن وعلى فلسطين؟ وكيف يمكن أن يجد البلدان حلاً لمشاكلهما التي تسبب بها القريب قبل الغريب؟
هنا لا بد من تشخيص الحالتين بدقة نظراً لارتباطهما العضوي معاً. فأين تقف القضية الفلسطينية الآن في ظل صفقة القرن أو ما كان يُصطلح عليه في الماضي باسم “خطة الحسم”؟
في الفلسفة السياسية، تتقدم الدول بوحدتها الوطنية وتتراجع كلما تراجعت تلك المعايير. لذلك نرى أن تراجع أهمية الأردن وفلسطين في المرحلة الحالية يعود إلى تراجع الوحدة الوطنية التي لعبت عليها ماكينات إعلام غربية وإقليمية حاولت وتحاول تفكيك النسيج الاجتماعي بكافة السبل للوصول إلى صيغة: التجويع ثم التركيع ثم التوقيع. نعم، هي مؤامرة من صديق وقريب؛ كان علينا أن نعرف تلك المؤامرة منذ العام 1991 لأن الكثير من الشواهد عليها لا زالت باقية.
فلسطين بعد الانتخابات الإسرائيلية في الشهر القادم على موعد مع نكبة ثالثة تتمثل في ما يلي: ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل أو القسم الأكبر منها، واستمرار سيادة إسرائيل من النهر إلى البحر، وفرض حكم ذاتي في مناطق نائية وبعيدة عن بعضها للسلطة الفلسطينية وفصل غزة تمهيداً للإعلان عن صفقة القرن المتوقع في نهاية الصيف عقب صراع بين إيران وحزب الله من جهة والولايات المتحدة واسرائيل وحلفائها الاقليميين والدوليين من جهة أخرى.
فعندما تعلن واشنطن فصل “السلطة” عن “حماس” وتعمل على ذلك وهي تعرف بأن لا دولة فلسطينية دون موافقة الولايات المتحدة، فإن كلاً من الأردن وفلسطين على المحك. ومن المرجح أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن حتى مع إعلان واشنطن عن صفقة القرن.
ولو استعنا بالخوارزميات واللوغارتمات لوجدنا أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية حتى الآن حوالي 900,000 مع عزم الحكومة الإسرائيلية على زيادة الوحدات الاستيطانية لتستوعب اكثر من مليون مستوطن في السنوات القادمة، معظمهم في القدس.
وإذا استمر التهجير الإسرائيلي للعرب وإحلال اليهود في السنوات العشر القادمة فسيصل عدد اليهود إلى أكثر من 25 مليون نسمة، يسفر عن تهجير قسري للفلسطينيين إلى دول الجوار ومنها الأردن.
وإذا ما تتبعنا خطة أفيغدور ليبرمان حول تبادل الأرض والسكان، وكذلك خطة جيورا آيلاند حول ضم 720 كيلو متراً مربعاً من سيناء لغزة، ناهيك بخطة مردخاي كيدار حول ما أطلق عليه بـ”الإمارات السبع″، وخطة الأردن الوطن البديل”، أو ما سمى بالخيار الأردني من حيث الكونفدرالية أو الفيدرالية، لوجدنا أن الحل ليس في العواصم العالمية لإرجاع المكانة السياسية للسلطة والأردن بل يكمن في الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي رفضاً لتلك الإملاءات الخارجية.
فصفقة القرن جاءت وفق ما أراده حزب “ميرتس”: دولة فلسطينية مقابل تبادل أراضٍ ليس وفق حدود 1967 وقد بدأ هذا بقانون القومية اليهودية تمهيداً لإقامة إسرائيل الكبرى.
لذلك فمن المتوقع أن يبقى الوضع على ما هو عليه لأعوام قادمة ما يعني استمرار تداعيات الوضع الاقتصادي والسياسي سوءاً على الأردن وفلسطين ما لم يتمكن الشعب من كسر الهيمنة الدولية على سياسته.
يبدو أن الحل يكمن فقط في التلاحم الوطني الأردني الفلسطيني ضد تلك المخططات التي تُسوق لها القوى الدولية مع تعزيز العلاقات الأردنية سياسياً مع الدول التي لها تاثير إقليمي وحفظ التوازنات وهي استراتيجية يجيد الأردن لعبها منذ عقود.
3 الصراع على العراق بين مشروعين صلاح التكمه جي
راي اليوم بريطانيا
الأول هو مشروع يحقق الأمن القومي لدولة إسرائيل و الذي ترفع رايته أمريكا
و يرتكز على تعريف الرسمي للأمن القومي الإسرائيلي وهو
إسرائيل هي القوة الرادعة القوية في المنطقة و ما يحيطها من دول، يجب أن تكون ضعيفة لا توازي القوة الرادعة الإسرائيلية
و أركان هذا المشروع
١: صناعة اللا دولة في العراق
٢:احتواء الإرهاب
٣: مشروع تقسيم العراق
٤: صناعة الفوضى الخلاقة
٥: صناعة الفشل و الإحباط و الفساد
و بهذا المشروع الأمريكي حقق العراق الرقم القياسي بان يكون الدولة الأولى في العالم من حيث الفشل حسب إحصاءات المنظمات الأمريكية
المهم خلاصة هذا المشروع
أن هناك دولة واحدة قوية ( إسرائيل)و يحيطها دول ضعيفة
اما المشروع الثاني هو
تشكيل دول الأقوياء او دول نمور على غرار غرب اسيا
هذا ما عرفه السيد ظريف في رؤيته لعلاقات إيران بدول الجوار
وقال : إيران لن تستطيع أن تنهض الا بدول جوار قوية مثل العراق و تركيا و باكستان و أذربيجان و. سوريا
فإذن الصراع في العراق بين مشروعين
بين مشروع الدولة القوية ( إسرائيل والدول البقية ضعيفة( العراق ، ايران، سوريا، الاردن، مصر، لبنان)
و مشروع الدول القوية المتعاونة ( العراق،إيران،سوريا،تركيا،باكستان)
و بلاشك جميع العقلاء و الحكماء و على رأسهم المرجع السيد السيستاني يرغب ان ينتصر مشروع الدولة القوية في العراق المتعاونة مع جيرانها دول و هذا ما يريده المشروع الإيراني و التركي و السوري
اما أصدقاء المشروع الأمريكي مثل السعودية و الإمارات فهم يريدون المشروع الإسرائيلي المنفذ في العراق إلا وهو
إسرائيل القوية و العراق دولة (لا دولة ) الضعيفة الفاشلة يستمر فيها الفوضى مادامت أمريكا ترغب باحتواء الإرهاب في العراق
ولكم الخيار أيها القراء بالتفاعل مع أي من المشروعين
4 شهادات عن الغزو الأمريكي للعراق 2003 الذي تم تحت “عملية حرية العراق” د. محمد عبدالرحمن عريف
راي اليوم بريطانيا
هي أيضًا معركة الحواسم، كذلك فهي حرب الخليج الثالثة (حرب العراق أو احتلال العراق أو حرب تحرير العراق أو عملية حرية العراق)، هذه بعض من أسماء كثيرة استعملت لوصف العمليات العسكرية التي وقعت في العراق سنة 2003، استمرت من 19 آذار/ مارس إلى 1 آيار/ مايو 2003, والتي أدت إلى احتلال العراق عسكريًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدة دول أخرى مثل بريطانيا وأستراليا وبعض الدول المتحالفة مع أمريكا حسب تعريف مجلس الأمن لحالة العراق في قانونها المرقم 1483 في 2003, وانتهت الحرب بسيطرة الولايات المتحدة على بغداد.
من الأسماء الأخرى التي أطلقت على هذا الصراع هي “حرب العراق” وحرب الخليج الثالثة و”عملية تحرير العراق” وأطلق المناهضون لهذه الحرب تسمية “حرب بوش” على هذا الصراع أو حرب احتلال العراق. وبدأت عملية غزو العراق في 20 آزار/ مارس 2003، من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين وكان هذا الائتلاف يختلف اختلافًا كبيرًا عن الائتلاف الذي خاض حرب الخليج الثانية لأنه كان ائتلافًا صعب التشكيل واعتمد على وجود جبهات داخلية في العراق متمثلة في خلق مشكلة جنوب العراق بزعامة رجال الدين، وكذلك الأكراد في الشمال بزعامة جلال طالباني ومسعود برزاني.
من الأراء ضد الغزو في كانون الثاني/ يناير 2003 استفتاء شبكة سي بي اس التليفزيونية، 64% من الاميركيين وافق للقيام بعمل عسكري ضد العراق، لكن 63% يريدون بوش إلى ايجاد حل دبلوماسي بدلاً من الذهاب إلى الحرب، و62% يعتقدون أن خطر الارهاب ضد الولايات المتحدة بسبب الحرب.
يبقى أن غزو العراق واجهت معارضة شديدة من قبل بعض حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك حكومات ألمانيا وفرنسا ونيوزيلندا. قادتهم القول بأنه لا يوجد أي دليل على وجود اسلحة دمار شامل في العراق وأن غزو البلاد لم يكن مبررًا في سياق لجنة الامم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش في 12 شباط/ فبراير 2003، وفي 15 شباط/ فبراير2003، أي قبل شهر من الغزو، كانت هناك احتجاجات عالمية ضد الحرب على العراق، بما في ذلك حشد من ثلاثة ملايين شخص في روما، وهي المذكورة في كتاب غينيس للارقام القياسية بإعتبارها أكبر مسيرة مناهضة للحرب.
الفرنسي دومينيك Reynié الاكاديمية، الفترة من 3 كانون الثاني/ يناير إلى 12 نيسان/ ابريل 2003، 36 مليون شخص في جميع انحاء العالم شارك في ما يقارب 3000 احتجاجات ضد الحرب على العراق.
سبق الغزو غارة جوية لسلاح الجو الأمريكي على القصر الرئاسي في بغداد في 19 اذار/ مارس 2003، وفي اليوم التالي، شنت القوات البرية الأمريكية عملية توغل في محافظة البصرة من حشد قريبة من الحدود (العراقية – الكويتية)، بينما شنت القوات الخاصة هجوماً برمائياً من الخليج لتأمين البصرة والمناطق المحيطة بها وحقول البترول فيما توغل الجيش الأمريكي في جنوب العراق لإحتلال المنطقة ودخل في الناصرية في 23 اذار/ مارس، وحدثت ضربات جوية واسعة في جميع انحاء البلاد ضد مواقع عسكرية ومدنية عراقية ولم تقاوم القوات العراقية أو تشتبك مع الجيش الامريكي، وفي 26 اذار/ مارس, الكتيبة الأمريكية 173 المحمولة جوًا قد انزلت بالمظلات قرب مدينة كركوك الشمالية حيث انضموا إلى قوات المتمردين الاكراد وهربت وانسحبت العديد من ألوية الجيش العراقى وسيطر الجيش الأمريكي على الجزء الشمالي من البلاد.
من بين تبريرات الحرب حسب الإدارة الأمريكية احتلال العراق قدمت الإدارة الأمريكية قبل وأثناء وبعد سقوط النظام السابق في بغداد في 9 نيسان/ أبريل 2003 مجموعة من التبريرات لإقناع الرأي العام الأمريكي والعالمي بشرعية الحرب ويمكن تلخيص هذه المبررات بالتالي: استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عدم تطبيقها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة بمزاولة أعمالها في العراق، من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت موعداً نهائياً لبدأ العمليات العسكرية بينما كانت فرق التفتيش تقوم بأعمالها في العراق استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتصنيع وامتلاك “أسلحة دمار شامل” وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق 19 قراراً للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من “أسلحة الدمار الشامل”.
كذلك احداث 11 أيلول سبتمبر بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 والنجاح النسبي الذي حققه الغزو الأمريكي لأفغانستان تصورت الإدارة الأمريكية أن لديها التبريرات العسكرية والدعم الدولي الكافيين لإزالة مصادر الخطر على “أمن واستقرار العالم” في منطقة الشرق الأوسط وأصبح واضحاً منذ أواخر عام 2001 أن الإدارة الأمريكية مصممة على الإطاحة بحكومة صدام حسين.
هي تبريرات الحرب حسب مناهضيها تعرضت التبريرات التي قدمتها الإدارة الأمريكية إلى انتقادات واسعة النطاق بدءاً من الرأي العام الأمريكي إلى الرأي العام العالمي وانتهاءً بصفوف بعض المعارضين لحكم صدام حسين ويمكن تلخيص هذه التبريرات بالتالي: الهيمنة على سوق النفط العالمية ودعم الدولار الأمريكي حيث أن صدام حسين كان قد اتخذ قراراً في عام 2000 باستعمال عملة اليورو كعملة وحيدة لشراء النفط العراقي.
مع ضمان عدم حصول أزمة وقود في الولايات المتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، كذلك هي المصالح الشخصية لبعض شركات الأعمال وشركات الدفاع الكبرى في الولايات المتحدة. مع دعم واستمرار الشعبية التي حظي بها الحزب الجمهوري الأمريكي ابان احداث أيلول/ سبتمبر 2001 بغية استمرار هيمنة الحزب على صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة.
بعد سقوط بغداد قام الرئيس الأمريكي بإرسال فريق تفتيش برئاسة ديفد كي الذي كتب تقريراً سلمه إلى الرئيس الأمريكي في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2003 نص فيه أنه “لم يتم العثور لحد الآن على أي أثر لأسلحة دمار شامل عراقية” وأضاف ديفد كي في استجواب له امام مجلس الشيوخ الأمريكي أن بتصوري نحن جعلنا الوضع في العراق أخطر مما كان عليه قبل الحرب، وفي حزيران/ يونيو 2004.
في سابقة هي نادرة الحدوث أن ينتقد رئيس أمريكي سابق رئيسًا أمريكياً بعده، قال كلنتون في مقابلة له نشرت في مجلة تايمز Time Magazine أنه “كان من الأفضل التريُّث في بدء الحملة العسكرية لحين إكمال فريق هانز بليكس لمهامه في العراق. ولكن جورج و. بوش قال في 2 آب/ أغسطس 2004 “حتى لو كنت أعرف قبل الحرب ما أعرفه الآن من عدم وجود أسلحة محظورة في العراق فإني كنت سأقوم بدخول العراق”. كذلك ففي 12 كانون الثاني/ يناير 2005 تم حل فرقة التفتيش التي تشكلت من قبل جورج و. بوش بعد فشلهم في العثور على أسلحة محظورة.
يرى الكثيرون أن الحملة العسكرية كانت مخالفة للبند الرابع من المادة الثانية للقوانين الدولية والتي تنص على أنه “لا يحق لدولة عضو في الأمم المتحدة من تهديد أو استعمال القوة ضد دولة ذات سيادة لأغراض غير أغراض الدفاع عن النفس ومن الجدير بالذكر ان السكرتير العام للامم المتحدة كوفي عنان صرح بعد سقوط بغداد ان الغزو كان منافيًا لدستور الأمم المتحدة وكان هذا مطابقًا لرأي السكرتير السابق للامم المتحدة بطرس بطرس غالي، وفي 28 نيسان/ أبريل 2005 اصدر وزير العدل البريطاني مذكرة نصت على أن أي حملة عسكرية هدفها تغيير نظام سياسي هو عمل غير مشروع.
لقد انتهى الاحتلال الامريكي للعراق رسميًا في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2011، بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2011. وحسب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير مهمة التحالف “تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل, ووضع حد للدعم الذي يقدمه صدام حسين إلى الارهاب وتحرير الشعب العراقى”. وكذلك محادثات البنتاغون ويسلي كلارك القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو ورئيس هيئة الأركان المشتركة مدير الاستراتيجية والسياسة يصف في كتابه الصادر عام 2003 بفوزه على الحروب الحديثة محادثته مع ضابط عسكري في البنتاغون بعد وقت قصير من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر عن خطة لهجوم سبع دول شرق اوسطية في الاعوام الخمسة الماضية: “عدت إلى البنتاغون فى تشرين الثاني/ نوفمبر 2001, وهو أحد كبار ضباط الأركان العسكريين، نعم مازالت مستمرة, لانه يسير ضد العراق. لتبقى هي شهادات عن الغزو الأمريكي للعراق 2003 الذي تم تحت “عملية حرية العراق”.
5
أين أنت يا صدام؟
كرم جبر راي اليوم بريطانيا
»لو» دفعوا لصدام حسين »قرشين»، لفكر ألف مرة قبل غزو الكويت، فقد كان هو الوحيد القادر علي ردع إيران وتأديبها وتهذيبها، ولم يصدقوا أنه يحمي البوابة الشرقية للعرب، وأن سقوطه يفتح المنطقة علي مصراعيها لإيران وأطماعها ونفوذها.
» لو » تفتح عمل الشيطان، ولم »يدفعوا» وحدثت الكارثة، وجاء الغزو والعدوان والاجتياح الأجنبي، واستيقظ الشيطان الأكبر »إيران» ليستكمل خطة التهام دول المنطقة.
لعلهم صدقوه الآن، فمنطقة »الهلال الخصيب» التي تمتد من العراق وسوريا حتي لبنان، تحولت إلي »هلال شيعي»، لا يستطيع أحد صده، حتي أمريكا التي تناصب إيران العداء »علناً»، تربطهما مصالح استراتيجية »سراً».
إيران أنهكت »صدام» واستنزفت موارده وأفقرت شعبه، في حروب طويلة، ولم تسعفه دول الخليج بالدعم الكافي، فلجأ إلي خطيئة احتلال الكويت، مرتكباً جريمة كبري، قضت عليه وعلي بلده وعلي المنطقة.
لا يعرف شراسة إيران إلا من يجاورها أو يكتوي بنارها، ولا تترك خرم إبرة يمكنها النفاذ منه إلي المنطقة، وإذا تمكنت توطنت، وأصبح مستحيلاً التخلص منها، وتنشر مذهبها وتجند أتباعها.
إلي أين وصلنا ؟
رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري واخد المنطقة »رايح جاي» وكأنها جبهة بلاده الأمامية، من سوريا للعراق ومن العراق لسوريا، ويرأس الاجتماعات الأمنية لتوطيد النفوذ ونشر القوات وتأمين الطرق من البلدين إلي طهران.
إيران لها في سوريا 100 ألف مقاتل، ولها في العراق مثل هذا العدد، فأصبحت الأكثر نفوذاً في الدولتين، وأقوي من التواجد الأمريكي والروسي والغربي، فقواتها علي الأرض، بعكس الآخرين الذين يؤدون ألعابا بهلوانية بالطائرات الحربية، لا تغير كثيراً في حقيقة الأوضاع علي الأرض.
إيران بينها وبين روسيا تفاهمات مشتركة، وكل منهما يغض الطرف عن الآخر، ورغم أن موسكو تتحدث عن ضرورة خروج القوات العسكرية من سوريا بما في ذلك القوات الإيرانية، إلا أن مثل هذا الحلم لن يري النور، لأن إيران جاءت لتبقي، تنعشها أمجاد إمبراطورية فارس، واستعادة الهيمنة والنفوذ.
أمريكا لا تستطيع أو لا تريد أن تقلم أظافر إيران، ولا تصدقوا تهديدات ترامب، فلولا إيران ما أصبح هناك »بعبع» يخيف دول الخليج، فتفتح خزائنها بسخاء لتشتري الأسلحة والعتاد، بمئات المليارات من الدولارات، تحسباً لحرب مع إيران، فالخطر جاثم وإن كانت الحرب مستبعدة.
إيران لا تعبد إلا إيران، وعندما كانت مصالحها مع إسرائيل، اعترف بها الشاه سنة 1950، ولم تطلق رصاصة واحدة في الحروب العربية الإسرائيلية، رغم خطابهم التحريضي الثوري الكاذب، وعندما أرادت دغدغة مشاعر العرب والمسلمين، قطعت علاقاتها بإسرائيل بعد حكم آيات الله سنة 1979.
التاريخ لا تكتبه الحقائق، بل الأكاذيب والمؤامرات، وإيران لم تكن يوماً في ظهر العرب أو داعمة لقضاياهم، بل شوكة تستنزف قواهم، ولم يصدق العرب أن »صدام»، هو حارس البوابة الشرقية، ولما انهارت دخلت إيران.
6 قائد الحرس الثوري الإيراني يعترف بجرائم الحرب
فاطمة عبدالله خليل
الوطن البحرينية
عندما زرت مدينة لاهاي في هولندا نهاية أغسطس 2017، لم يتسنَ لي زيارة محكمة العدل الدولية هناك، وهي الجهاز الوحيد من بين الأجهزة الستة للأمم المتحدة الذي لا يقع في نيويورك. لكن يبدو أنني سأحظى بزيارتها قريباً لحضور محاكمة أغبى من أُدين بجرائم الحرب والانتهاكات لقوانين الحرب – أو القانون الدولي، هذا الغبي هو القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، الذي اعترف وأكد هذا الأسبوع في مقابلة أجراها مع مجلة «سروش» ونشرتها وكالات إيرانية، أن الحرس الثوري قام بتجنيد 200 ألف عنصر في العراق وسوريا. متناسياً أن ما قام به إنما هو جريمة حرب، وكونه هو من جندهم يعني أنه شريك لهم.!! فحين نتذكر ما فعلته الميليشيات التي شكّلها نتذكر سهولة حصر عملياتهم في العراق وسوريا، فقد اقترفوا جرائم ضد السلام، وشاركهم الحرس الثوري الذي يقوده بالتخطيط والتجهيز والإعداد لشن حرب عدوانية، وخرق للمعاهدات والاتفاقيات الدولية. كما شارك ميليشياته التي يفتخر بها في اقتراف جرائم ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة للسنة في العراق وسوريا والتعذيب والتهجير والإبعاد والاستبعاد والإرهاب والاعتقال غير الشرعي والاضطهاد.
لقد أكّد جعفري في غطرسة تتحدى العدالة الدولية، أن هذا الإجراء من ضمن سياسات إيران في دول المنطقة، وإن كانت كما يقول لمحاربة «داعش» و«النصرة» والمعارضة السورية. كما اعترف بدعم وتمويل عدد كبير من هذه الميليشيات التي عاثت فساداً في كل من سوريا والعراق. فهل نسي الجنرال جعفري أن الولايات المتحدة ودول الخليج قد صنفت هذه الميليشيات على أنها «إرهابية»؟!! وكان آخرها حركة النجباء التي تعتبر أحد أذرع السياسة الإيرانية في العراق. هذا غير الحوثيين و«حزب الله»، وفصائل طائفية أحضرتها من أفغانستان وباكستان تحت عناوين لواء زينبيون وكتائب فاطميون. كل ذلك تحت غطاء أن محور المقاومة يطالب إيران بالدعم العسكري وهي تقود محور المقاومة. يجعلنا هذا نتساءل عن أية مقاومة يتحدث، حيث مازال فيلق القدس يقتل أهل العراق وسوريا دون أن يجد طريقه إلى القدس منذ الحرب العراقية الإيرانية قبل 40 عاماً؟ ولا نعلم لماذا يعول العالم على تركيع إيران للشرعية الدولية عن طريق العقوبات ضد نشاطها الصاروخي والنووي فقط، بينما جرائم النظام تكاد لا تعد ولا تحصى؟
* اختلاج النبض:
اعترفت إيران على لسان قائد الحرس الثوري بمشاركتها لمنظمات موصوفة بالإرهابية، ولو فتحت محكمة العدل الدولية ملف هذه القضية لوجدت أن السبيل لإزالة هذا النظام الباغي يمكن أن يتم عبر جرائم أذرعه التي يعترف بتجنيدها ويداها ملطخة بجرائم ضد الإنسانية.
7 لعبة روحاني..العراق المرقد وليس الدَّولة
رشيد الخيّون
الاتحاد الاماراتية
زار الرئيس الإيراني حسن روحاني العِراق(11مارس 2019)، وكانت زيارة رسمية، وليست دينية للمراقد. فقد جرت العادة في الزيارات الرسمية أن يُستقبل الضيف رفيع المستوى استقبالاً رسمياً، عند وصوله، وتُعلن الزيارة عبر الإعلام إذا لم تكن سرية، وحتى في الزيارة السرية يُستقبل الضيف رسمياً لكن روحاني أسرع مِن المطار إلى زيارة مرقد الإمام موسى بن جعفر الكاظم ببغداد، مختصراً الدَّولة العراقية بالمرقد، وكأنه يريد أن يقول: لنَّا العراق عبر المراقد. إنها محاولة لكسب عاطفة المجتمع الشيعي بهذه الحركة. يمكن أن يحصل هذا لو كانت الزَّيارة سياحة دينية، وليست رسمية لدولة يفترض أن لها رئيساً وحكومة.
يريد روحاني استعراض قوة الوجود داخل العراق عبر المرقد، الذي اُفرغ له من الزائرين للحماية، وهو تأكيد للعلاقة بالأحزاب الدِّينية، التي طالما استغلت المراقد عبر مواكبها الحسينية، لجذب عاطفة الجمهور. فمن السذاجة أن يُفسر تصرف روحاني، والذي لم يكن بعيداً عن اللعبة السياسية، على أنه أمر عادي، وأن تقاليد الاستقبالات الرَّسمية بدعة، وأن تجاوز الرَّئيس الإيراني (الثوري) لها لا يُقصد به مغنماً سياسياً، بينما يكشف التَّجاوز هذا عن رسالة صارخة، ليس المقصود بها تكريم مرقد الإمام، بقدر ما هو استغلاله تماماً، وهي محاولة لإعادة الاعتبار لنظام ولاية الفقيه في ظل النفور الشيعي العراقي منه، الذي عبر عنه البصريون قبل شهور، وتقوية معنوية لميليشيات النظام المذكور داخل العراق. والمعنى علاقتنا مع المرقد وليس الدَّولة، لهذا كان المرقد قبل الدَّولة.
عُقدت خلال الزيارة اتفاقيات، رفعت التبادل التِّجاري مِن اثني عشر ملياراً في العام إلى عشرين ملياراً، ويبدو التبادل في ظروف العراق الحالي، المعطل صناعياً وزراعياً، من طرف واحد، إيران تنتج وتصدر، والعراق يستورد ويستهلك، بما فيها استيراد الكهرباء والوقود، ورفع التأشيرة بين البلدين، وهذه كذلك يفيد طرفاً واحداً، فعدد الزائرين الإيرانيين للعراق يضاعف عدة مرات الزائرين العراقيين، وهذا ربح لإيران وخسارة للعراق، ناهيك عن التأكيد على معاهدة مارس1975، التي عقدها النظامان السابقان بالعراق وإيران، وأخذت إيران فيها الحصة الكبرى من مجرى شط العرب.
كان على العراق- إذا كانت هناك حكومة غير مرتهنة للجمهورية الإسلامية، وهو أمر طبيعي للأحزاب الدِّينية التي تشكل موقع القوى فيها- أن يجري التفاوض على حقوق العراق المائية، ورفض تلك المعاهدة المجحفة بحق العراق، والأكثر من هذا، لو كانت هناك حكومة في نيتها التَّخلص من وجود الميليشيات ذات التأسيس والإشراف والدعم الإيراني، والمرعية مِن قِبل الحرس الثوري ومكتب الولي الفقيه مباشرة، لجعلت حل الميليشيات والدعم الإيراني لها في مقدمة شروط الصفقة الاقتصادية، ولتفاوضت على غلق مكتب قاسم سليماني ببغداد، وأن يكون التفاوض بين طرفين متساويين.
أما التَّجاوز الآخر، خلال زيارة روحاني، فهو لم يحدث لأي دولة بالدُّنيا، أن يُفتش، أو يُستعرض، حرس الدَّولة المضيفة مِن قِبل الضيف مرتين، الأولى عندما استقبله رئيس الجمهورية، والثانية عندما استقبله رئيس الوزراء، وعلى ما يبدو أن رئاسة الوزراء لم تكتف بحفاوة الرئيس برهم صالح، لأنه لا يمثل القوى الدِّينية، ولابد أن تنفرد هذه القوى، ممثلة بعادل عبد المهدي، باستقبال خاص. لم يكن هذا التصرف عابراً، أو خطأ غير مقصود، فالزائر قادم ممَن يملك أمر العراق، وهو الولي الفقيه، فكلمته الفصل بتعيينات الرؤساء الثلاثة.
لم يفكر مسؤول عراقي، لا من المتدينين ولا سواهم، أن يفرض حقوق العراق في المياه، ومنع التدخل المفضوح، والوقوف ضد جر العراق إلى مناطق نزاعات إيران الثورية. إلا مرجعية النّجف أشارت خلال استقبال آية الله علي السِّيستاني لروحاني إلى الدّعم الإيراني لفوضى السّلاح داخل العراق، وأن المساعدة في دحر «داعش» لا يجب أن تكون سبباً للتصرف بشؤون العراق، وأن تتسم سياسة الدول الإقليمية بالاعتدال، وهي إشارات لإيران قبل غيرها.
يفهم ذلك مما جاء في البيان الصادر بخصوص اللقاء بين روحاني والسيستاني، والمنشور على موقع المرجعية الرَّسمي: «أهم التحديات التي يواجهها العراق في هذه المرحلة وهي مكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة، وحصر السلاح بيد الدولة وأجهزتها الأمنية، مبدياً أمله أن تحقق الحكومة العراقية تقدماً مقبولاً في هذه المجالات. وعلى ضرورة أن تتسم السياسات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحساسة بالتوازن والاعتدال، لتجنب شعوبها مزيداً من المآسي والأضرار».
أقول: لو كان الإمام الكاظم نفسه رئيساً، ما سُمح له زيارة مرقد ولده الرِّضا مِن قِبل إيران، إذا جرت على طريقة روحاني. لكن هذا زمن العمائم السِّياسية، فأين موقع صديقنا العزيز الرئيس برهم ومدنيته منها، والكلام لجرير الخطفي(ت110هـ): «يا أيّهَا الرّجُلُ المُرْخي عِمامَتَهُ/ هذا زمانكَ إني قدْ مضى زمني/ أبلغْ خليفتنا إنْ كنتَ لاقيهِ/أنيَّ لدى البابِ كالمصفودِ في قرنِ»(الدِّيوان). لهذا بطل استقبال الرئيس برهم للضيف المعمم، فجُدد، على شاكلة تجديد الوضوء، مِن قبل مَن يُجيد السَّير وراء عمائم الإسلام السِّياسي، العابرة للجغرافيا والحدود الوطنية، فكل الأرض جمهورية إسلامية بعرفها، حيث ترسيخ فكرة الولاية والمرقد مكان الدَّولة.
8 السيستاني والبراغماتية نديم قطيش
الشرق الاوسط السعودية
كتابة التاريخ الفعلي للعراق، منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، ستظل ناقصة من دون السيرة السياسية لآية الله السيد علي السيستاني.
فالرجل الذي يطرق أبواب التسعين قضى معظم حياته في العراق، متصدراً بعد وفاة معلمه آية الله أبو القاسم الخوئي صيف عام 1992، حوزة النجف، المستمرة في وجدان الشيعة منذ ألف عام.
هل أصاب الكاتب الأميركي توماس فريدمان عام 2005 حين رشحه في مقالة مثيرة بصحيفة «نيويورك تايمز» لنيل جائزة نوبل؟ هل أصاب حين جعله صنواً لنيلسون مانديلا وميخائيل غورباتشوف وكل منهما نجح في الهبوط الآمن ببلده؛ الأول منهياً حكم التمييز العنصري في جنوب أفريقيا بلا دماء، والثاني معلناً وصول الاتحاد السوفياتي إلى محطته الأخيرة بلا انهيارات كبرى؟! أم أصاب من رأى في فتوى السيستاني عام 2014، داعياً العراقيين للتطوع في الجيش العراقي المنهار بعد خسارة الموصل لصالح «داعش»، تشريعاً لهيمنة الميليشيات المذهبية على الدولة؟
بين الحدّين؛ حد «نوبل للسلام»، وحد الداعية المذهبي، تترجح السيرة السياسية المعقدة للسيستاني.
فبعكس تواضعه الشخصي، وهو المكتفي بسكن زاهد في إحدى الأسواق الشعبية الداخلية في النجف، والحريص على أن تغطى أرض داره بالسجاد الرخيص، والذي لا تتجاوز ضيافته كؤوساً من الشاي المختمر، له نصيب غير متواضع من القرار بشأن مصير العراق. وبعكس هدوئه وصوته الذي يخرج همساً، فصوت فتاواه يدوّي من شرق آسيا إلى لبنان، رغم أنه ليس من كبار علماء الشيعة علماً وتأليفاً ومكانة، إذا ما قورن بالسيد الخوئي مثلاً!
ما كان ممكناً للسيد السيستاني أن يبلغ ما بلغه من عمر، لولا تحليه بأعلى درجات البراغماتية، خلال وضعه تحت الإقامة الجبرية في عهد صدام حسين، الذي شهد اغتيال وتعذيب عدد من كبار علماء الشيعة ومراجعهم. وهي براغماتية فاقمت صعوبة فهمه، وزادت الالتباس حول موقعه وموقفه، لا سيما أن السيد السيستاني لا يدلي بمواقفه في الإعلام ولا يشرح أفكاره في مقابلات!
وصفته صحيفة «لوموند» الفرنسية بأنه الحصن في وجه إيران، ورأى فيه خصومه أنه «ولاية فقيه من نوع آخر»، خالية من رعونة النسخة الإيرانية.
رغم أصله الإيراني، فإن علاقته بإيران الخميني اتسمت بالسلبية المضبوطة، مفضلاً على المستوى العقائدي، الحوزةَ الصامتة، ودور الظل لرجال الدين، على الحوزة الناطقة التي انتهجها الخميني جاعلاً الحوزة هي الدولة… ولطالما لمح السيستاني، الذي تعنيه إيران بمقدار ما يعنيه العراق، إلى ميوله لمن يسمون «الإصلاحيين» في الداخل الإيراني، كما ظهر مؤخراً في استقباله الرئيس الإيراني حسن روحاني، بصفته أول رئيس إيراني يحظى بمثل هذا اللقاء، رافضاً قبلاً استقبال الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. وكان استقبل الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني حين كان خارج سدة الرئاسة.
نطقت حوزة السيستاني مراراً في مفاصل أساسية من تاريخ العراق… فغداة الاجتياح الأميركي طلب من الشيعة الاعتصام بالهدوء (خلافاً لفتوى مقاومة الاجتياح قبل سقوط صدام)، ثم أصر على أن تغير واشنطن خطتها لمستقبل العراق فارضاً على الجميع أن تكون كتابة الدستور بيد عراقيين منتخبين، لا بيد الأميركيين أو بيد هيئات شكّلها الاحتلال، مهدداً بفتوى مضادة. لكن فتواه الأكثر إشكالية ستظل هي فتوى «الجهاد الكفائي»؛ أي التطوع الشعبي في الجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة «داعش». تصر المرجعية على عدم استخدام مفردة «الحشد الشعبي»؛ بل استخدام «المتطوعين»، لا سيما أن الفتوى استغلت من ميليشيات موالية لإيران، معظمها تشكّل قبل الفتوى، واستخدمت رافعةً لهيمنة إيران فيما بعد على تشكيل «الحشد الشعبي»، وتأطير وتشريع الفعل السياسي للميليشيات.
مرجعية السيستاني التي بدت مهددة بالتهميش عامي 2006 و2007، إبان احتدام الاقتتال المذهبي في العراق، لصالح صعود العمامات الشابة؛ لا سيما مقتدى الصدر، ولصالح التقدم السياسي لإيران، عادت لتتصدر المشهد السياسي منذ انحيازها عام 2013 إلى الحراك الشعبي، ورمي وزنها خلف الإطاحة بعودة المالكي لولاية ثالثة لرئاسة الحكومة في 2014، ودعمها في انتخابات 2018 أطراً سياسية متباينة مع المالكي ومع «الحشد»؛ مثل حيدر العبادي ومقتدى الصدر، الذي كان أعاد تعريف موقعه السياسي أكثر من مرة!
تبدو المرجعية اليوم في أفضل ظروفها، في ضوء الانهيار التام لسمعة الأحزاب الدينية، وفي ظل قدرتها على النطق باسم العراقيين بشكل أوضح في وجه الأطماع الإيرانية في العراق، وهو ما بدا واضحاً في بيان السيستاني بعد لقاء روحاني وتضمينه رسائل مباشرة وحازمة منتقدة السياسات الإيرانية في العراق. لكنها أيضاً أعجز من تشكيل أمل أفضل للعراقيين. واقعها لا يخلو من تحديات كبيرة؛ أبرزها اليوم فشل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في مواجهة الضغوط الإيرانية واستكمال تشكيل حكومته، وهو فشل سيحسب على المرجعية. الأخطر أن هذا الأمر يحدث في ظل نضوب النادي السياسي الشيعي من نخبة ما بعد صدام، رغم فوزهم بالانتخابات بدفع من المرجعية، وصعود إما نخبة عمائم؛ كالحكيم والصدر، لطالما حاولت المرجعية إبقاءها بعيدة عن السياسة، وإما نخبة جديدة من رحم «الحشد الشعبي» معروفة بولائها المطلق لإيران.