3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 صنعاء شهيدة “تصدير الثورة” الإيرانية
خيرالله خيرالله العرب بريطانيا

سيمرّ بعد أيام شهران على توقيع اتفاق ستوكهولم بين “الشرعية” في اليمن من جهة والحوثيين من جهة أخرى. لم يتحقق أيّ تقدم حقيقي حتّى اللحظة باستثناء أن الحوثيين، أي “أنصارالله” حصلوا من الاتفاق على يريدونه. هذا هو فهمهم للاتفاق الذي جعل منهم “الشرعية الأخرى” في اليمن بعد استبعاد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث أي أطراف أخرى عن المفاوضات. اختزل الأزمة اليمنية بـ”الشرعيتين” الممثلتين بالرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي وعبدالملك الحوثي.
بعثت المفاوضات، التي جرت أخيرا بين ممثلي الشرعيتين على سفينة مرابطة قبالة ميناء الحديدة، بإشارات عدة. من بين هذه الإشارات أنّ “أنصارالله” باقون في الحديدة ويرفضون إخلاء المدينة والميناء والمناطق المحيطة بهما.
كلّ ما يهمّ الحوثيين هو تثبيت أمر واقع في اليمن. من جملة ما يريدون تثبيته وقف إطلاق النار في الحديدة. ليس سرّا أن تصرفات الحوثيين لم تعجب الضابط الهولندي باتريك ماكيرت الذي تخلى عن موقع قائد قوة المراقبين التي يفترض أن تشرف على انسحاب “أنصارالله” من الحديدة.
هؤلاء يريدون البقاء في المدينة وفي الميناء من أجل تكريس وجود لإيران على البحر الأحمر. هذا كلّ ما في الأمر. هناك استخدام إيراني للأمم المتحدة من أجل خلق أمر واقع جديد في اليمن يكون فيه كيان حوثي عاصمته صنعاء ويمتلك موقع قدم، في غاية الأهمّية، على البحر الأحمر هو ميناء الحديدة.
في خضم ما يشهده اليمن حاليا، هناك تجاهل كامل للوجود الحوثي في صنعاء المحتلة منذ الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. يجري إلهاء المجتمع الدولي بالحديدة ومستقبل الحديدة في حين لا كلام عن الموضوع الأساسي الذي يتمثل في وجود “أنصارالله” في العاصمة.
ماذا يفعل الحوثيون في صنعاء التي وضعوا يدهم عليها بسبب أخطاء كثيرة ارتكبتها “الشرعية” التي حصرت مهمّتها في مرحلة معيّنة في التضييق على علي عبدالله صالح الذي دفع في نهاية المطاف ثمن الحروب الست التي خاضها مع الحوثيين بين 2004 و2010 والتي رفض حسمها في إحدى المرّات عندما سمحت له الظروف بذلك.
الأكيد أنّ من يخطّط للحوثيين ليس عبدالملك الحوثي. هناك من يفكر بدلا عنهم في إيران وفي بيروت. ليس سرّا عمق العلاقة القديمة والعميقة، في آن، بين “أنصارالله” و”حزب الله”. تقوم الإستراتيجية الحوثية على مقولة “خذ وطالب”. هذا ما يفعله “حزب الله” في لبنان. وهذا ما تفعله إيران في العراق. وهذا هو الأمر الذي لم يتنبه إليه أولئك الذين استخفوا منذ البداية بمدى التعاون والتنسيق بين النظام السوري من جهة وإيران وأدواتها من جهة أخرى. ليس القرار الاتهامي الذي أصدرته المحكمة الدولية في لاهاي التي تنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005 سوى دليل على ذلك.
أكان في اليمن أم العراق أم لبنان، تسعى إيران إلى تحقيق اختراقات في كلّ الاتجاهات. عندما وضع الحوثيون يدهم على صنعاء تحركوا في اتجاه تعز والجنوب اليمني. ما زالوا موجودين في تعز، حيث هناك جيب زيدي. لكن ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام أن لديهم أيضا مؤيّدين في صفوف أهل تعز وهم شوافع وأن المدينة لا تزال إلى الآن تعاني من الحلف غير المعلن القائم بين الحوثيين والإخوان المسلمين، أقلّه مع قسم من هؤلاء يرون أن لديهم مصلحة في اقتسام اليمن بين الجانبين.
يصعب فصل الوضع اليمني عن المشروع التوسعي الإيراني الذي يقوم أساسا على سياسة النفس الطويل وتفتيت المجتمعات والمؤسسات في الدول العربية. شئنا أم أبينا، خرج الحوثيون المنتصر الأوّل والأخير، ربّما، من الثورة الشعبية التي قامت ضد نظام علي عبدالله صالح في العام 2011
لولا التحالف العربي الذي خاض وما زال يخوض حربا من أجل إخراج إيران من اليمن، لكان “أنصارالله” ما زالوا في عدن التي سيطروا عليها لفترة قصيرة وفي ميناء المخا الذي يمكن التحكّم من خلاله بمضيق باب المندب.
أقام “أنصارالله” تحالفات مع مجموعات في جنوب اليمن. هناك اليوم جنوبيون في الحكومة التي شكلها الحوثيون في صنعاء. ما يحصل حاليا هو فصل آخر من المعركة مع إيران في اليمن حيث يستغلّ الحوثيون أي ثغرة تبرز أمامهم من أجل الوصول إلى مرحلة يصبح فيها الكيان الخاص بهم واقعا لا يمكن تجاوزه.
يصعب فصل الوضع اليمني عن المشروع التوسعي الإيراني الذي يقوم أساسا على سياسة النفس الطويل وتفتيت المجتمعات والمؤسسات في الدول العربية. شئنا أم أبينا، خرج الحوثيون المنتصر الأوّل والأخير، ربّما، من الثورة الشعبية التي قامت ضد نظام علي عبدالله صالح في العام 2011. لم يدرك الإخوان المسلمون الذين ركبوا موجة الاحتجاجات الشعبية وقتذاك والذين حاولوا عبر أذرعتهم اغتيال الرئيس السابق في الثالث من حزيران – يونيو من تلك السنة أن كلّ ما يفعلونه يصبّ في مصلحة إيران.
مضت إلى الآن أربع سنوات ونصف سنة على سيطرة الحوثيين على صنعاء. ما شهدناه طوال هذه المدّة هو تراجع للمشروع الإيراني في اليمن بفضل “عاصفة الحزم” من جهة مع تثبيت له في جزء من اليمن من جهة أخرى. إنّ أي صيغة جديدة لليمن لا يمكن إلّا أن تأخذ في الاعتبار وجود كيان حوثي بات يحظى بغطاء دولي، خصوصا بعد الضغوط التي مورست من جهات دولية عدّة على التحالف العربي منذ شهر أيّار – مايو الماضي من أجل تفادي أي حسم عسكري في الحديدة.
عاجلا أم آجلا، سيتبين هل هناك جدّية أميركية حقيقية في مواجهة إيران. المؤسف أن تجربة اليمن لا توحي بذلك. هناك سياسة قضم إيرانية تمارس حيث توجد أدوات لطهران. ليس صدفة أن لا حكومة عراقية مكتملة على الرغم من وجود رئيس للوزراء ومن أن الانتخابات النيابية أجريت في الثاني عشر من أيّار – مايو 2018، أي منذ ما يزيد على ثمانية أشهر.
في سوريا، حصل تغيير ذو طبيعة مرتبطة بالتركيبة السكانية في مناطق عدّة، خصوصا في دمشق ومحيطها وعلى طول الحدود الدولية بين لبنان وسوريا. وفي لبنان، لم تتشكل حكومة الرئيس سعد الحريري إلّا بعد تأكد إيران من أنّها اخترقت السنّة والدروز بعد اختراقها الواسع للمسيحيين الذي عمره عمر الاتفاق الذي وقعه ميشال عون مع حسن نصرالله في السادس من شباط – فبراير 2006.
في انتظار معرفة هل سيحصل التغيير في إيران ومدى تأثير العقوبات الأميركية على سلوكها خارج حدودها، سيلحق مزيد من الأذى باليمنيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين. هذه ثورة حقيقية قامت قبل أربعين عاما أطاحت بنظام الشاه، لكنّها لم تستطع جعل إيران والإيرانيين في وضع أفضل. أقامت هذه الثورة نظاما في حال هروب مستمرّة إلى خارج حدوده. ليست صنعاء سوى شهيد من شهداء شعار “تصدير الثورة” الذي لم يكن سوى تصدير للخراب والدمار والتخلّف والفتن المذهبية والطائفية لا أكثر…
2 سيناريوهات جديدة لكركوك.. هل تواطأ عبد المهدي مع بارزاني؟ د. فاضل البدراني
راي اليوم بريطانيا

في أعقاب القرار الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قبل أيام بسحب قوات جهاز مكافحة الارهاب من مدينة كركوك ذات المكونات المختلطة والمشكلة من العرب والكرد والتركمان، وأقليات أخرى متعددة، ونشر قوات من اللواء 61 من الفرقة الخاصة في المدينة الغنية بالنفط والغاز، أثارت مخاوف لدى أوساط برلمانية وسياسية وشعبية من العرب والتركمان بالعراق، من احتمالية تواطؤ رئيس الحكومة عبد المهدي مع الكرد الذي تربطه بهم علاقة تاريخية وطيدة، نحو اعادة كركوك ضمن مسؤوليتهم، بعد ان دخلتها القوات العراقية في 16 اكتوبر 2017 بعد انسحاب قوات البيشمركة في أعقاب اجراء الاستفتاء على الاستقلال.
وتقول حكومة بغداد أن القرار لا يعدو ان يكون سوى إجراء طبيعيا، لتقييد تحركات الجهاز الامني الخاص بمهام حساسة خاصة تتعلق بتعقب الخلايا اليقظة لتنظيم داعش. لكن هذا الوضع الذي يحتمل التأويل والتوقعات ،فأن مصادر سياسية خاصة كشفت عن لقاءات أجرتها السفارة الأميركية ببغداد مع ممثلي المكونات العربية والتركمانية والكردية قبل ايام ،كل على انفراد، ضمن مسؤولية اعادة التوازن بين المكونات الرئيسة الثلاث للمدينة، افاد بأن الجانب الاميركي يميل الى صيغة اعادة نشر قوات البيشمركة الكردية الى جانب قطعات الجيش العراقي ،مع توجه بإبعاد عناصر الحشد الشعبي من المدينة الغنية بمواردها النفطية والغازية.
وبدت خطوات عبد المهدي المعروف بانه بعيد من حيث التوجهات عن سياسة الولايات المتحدة الاميركية ،وقريب من ايران، تزعج القيادات العراقية، ومنهم رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي الذي قال ” ما تحقق في زمان حكومتنا بشأن الوضع بكركوك ، أخشى ان نفقده في زمن حكومة عبد المهدي”، وهذه التحولات تبعث الفرح لدى القيادات الكردية وتحديدا لدى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني الصديق المقرب لعبد المهدي. لكن رئيس الحكومة الذي لا يمتلك كتلة كبيرة تدعمه في البرلمان ،بدأ يتعرض حاليا لانتقادات ومعارضات من كتل برلمانية عربية وتركمانية ،لا يستبعد ان تؤثر على مصير حكومته .
ومثل هكذا نوايا لإجراء تغيرات في واقع مدينة كركوك، أمنيا وسياسيا واداريا واقتصاديا، تخضع لتفسير واحد يتعلق بتأثير العلاقة التاريخية والوطيدة بين عادل عبد المهدي، وبرزاني ،واستعداد رئيس الاول لمجاملة الكرد ، حتى انه منحهم من حصة موازنة 2019 بحدود 20 بالمئة من موارد النفط العراقي المصدر، كما وردت في تصريحات عدد من النواب والسياسيين، بخلاف سلفه العبادي الذي خفض حصة الأقليم من 17 بالمئة الى 12 بالمئة ،ومقابل ذلك طموح الكرد في العودة لكركوك ومحاولة اخضاعها لإدارتهم، مستغلين عاطفة أقرب اصدقائهم في رئاسة الحكومة، لكن ذلك يصطدم بنظرية التوازنات الدولية، وبرفض تركي واصرار على ان تكون كركوك تحت وصايتهم، لحماية الاقلية التركمانية الموالية لهم، والحفاظ على هوية كركوك التركمانية بحسب تصريحاتهم المتكررة، وما الزيارات التي قام بها مسؤولون اترك في الخمس سنوات الماضية لكركوك، التي جاءت من دون أخذ موافقة حكومة بغداد، ولا حكومة الاقليم الكردي، ما هي إلا رسالة تمسك من أنقرة بأهمية هوية كركوك التي يتصارع عليها العرب والتركمان والكرد.
3 أسبوع «داعش» الأخير
د. جبريل العبيدي
الشرق الاوسط السعودية
هل سيكون هذا أسبوع «داعش» الأخير ونهاية دولة البغدادي التي أطلق عليها «دولة الخلافة» المزعومة وفق تصريحات الرئيس الأميركي، الذي قال: «لم تعد لهم أراضٍ، إنه عامل كبير، لم تعد لهم أراضٍ»، خصوصاً أن «داعش» أصبح محاصراً في بضعة كيلومترات لا تتعدى العشرات بعد أن كان يتمدد من الموصل في العراق إلى الرقة في سوريا ليعبر البحر إلى درنة وسرت الليبيتين، ولا يقف عند سيناء المصرية، بل يخترق مالي عبر سفهاء «بوكو حرام» (التعليم حرام)، وينشر ذئابه المنفردة في عواصم العالم يوقظهم متى شاء البغدادي، لينشر الرعب، كمشاهد الذبح التي نفذها «داعش» بتقنية سينمائية عالية تنافس هوليوود والتي قام بها عند شواطئ سرت الليبية عندما ذبح الإرهابي الجازوري وصبيانه 21 قبطياً، بغير ذنب ارتكبوه، إلا أن حظهم العاثر أوقعهم بين أيدي سفهاء البغدادي، ليأمر بذبحهم ليشبع سادية القتل عنده ولدى أتباعه ويصور بهم فيلماً سينمائياً يعجز هيتشكوك عن إخراجه؟
«داعش» محاصر في مساحة أقل من واحد في المائة من مساحة دولة البغدادي التي جعل نفسه أميراً عليها، والتي ابتلع فيها أكثر من نصف مساحة العراق، في زمن قصير، بعد أن انهزمت أمامه قوات المالكي، التي كانت تتجاوز في عددها عشرات الآلاف، تاركة أسلحتها الثقيلة وحتى بنادقها، أمام عشرات المقاتلين من «داعش» لم يتجاوزوا في عددهم أربعمائة مقاتل.
«داعش» المحاصر الآن في بضعة كيلومترات يعاني من انشقاقات داخل صفوفه، التي كانت تتمتع بالطاعة العمياء والمطلقة للبغدادي، الذي قالت عنه صحيفة «الغارديان» إنه نجا من محاولة انقلاب، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في مخبئه بسوريا، تزعمها أبو معاذ الجزيري.
إن سبب ظهور تنظيم داعش هو مشروع هيلاري كلينتون لتوطين جماعات الإسلام السياسي، في الشرق الأوسط، وبالتعاون مع جماعة «الإخوان»، التي أفرخت كل هذه التنظيمات الإرهابية، وخرجت من تحت عباءتها، واستخدمتها في مشروع المرشد؟
وجراء هذا اتهم ترمب نفسه، أثناء حملته الانتخابية، أوباما وهيلاري كلينتون قائلاً: «باراك أوباما مؤسس تنظيم داعش»، ووصف هيلاري كلينتون بالشريك في صناعة «داعش» ووصفهما بأنهما «أكثر اللاعبين قيمة» بالنسبة لتنظيم داعش.
أسبوع «داعش» الأخير، يتناقض مع وجود آلاف الإرهابيين يعبرون الحدود التركية، إلى سوريا، ولهذا يرى البعض أن إعلان ترمب المبكر عن نهاية «داعش»، جاء لدعم قراره سحب قوات بلاده من سوريا، الأمر الذي يعارضه الكونغرس، ولهذا قد يكون الإعلان مجرد حديث موجه للأميركيين.
تنظيم داعش امتهن الدم والخراب ونشر الفزع والرعب، وصبَّ جامَّ فعله على إشباع غرائز مقاتليه، بالجنس والمال، بعد أن أغرقهم بفتاوى الدجالين، ووعد المنتحرين منهم بالجنة وحور العين، بينما اختبأ إبراهيم عواد السامرائي الملقب بالبغدادي، هارباً من الموت، الذي أطعمه لأصحابه قبل أعداء تنظيمه.
أياً كان من صنع «داعش»، فإنه يبقى صفحة مظلمة في التاريخ العربي والإسلامي، لكونه صفحة ملطخة بدماء المسلمين قبل غيرهم، ولكون فكر التنظيم الشرس كان مبنياً على قتل المسلمين قبل غيرهم مستبيحاً دماءهم بحكم الردة، الذي حكم به سفيه «داعش» على جميع المسلمين خارج بيعته، لدولته المزعومة، التي جعل الغاية والهدف فيها الذبح والقتل والسحل، وانتهاك الحرمات، بالسبي و«جهاد النكاح»، ليدفع بمزيد من المهووسين بالقتل بين صفوف مقاتليه.
أسبوع ترمب الأخير لـ«داعش» يكاد ينجلي، ولا أظن ترمب جاداً فيما قال، فـ«داعش» يبقى فكراً متطرفاً، لا بد من محاربته بفكر مستنير، والعمليات العسكرية، ليست إلا مرحلة من مراحل الحرب على التطرف، ولكنها ليست النهاية.