1 لماذا غابت فلسطين عن كلمة البابا؟ اسيا العتروس راي اليوم بريطانيا
خلال زيارته التي وصفت بالتاريخية الى الامارات دعا بابا الفاتيكان إلى وقف الحرب في اليمن وسوريا والعراق وليبيا , بل ان البابا استبق وصوله الى ابوظبي بالدعوة الى انهاء الحرب في اليمن و انهاء معاناة الشعب اليمني و ما يواجهه أطفال اليمن من جوع والم وتشرد وضياع و في ذلك الحقيقة موقف انساني يحسب له وهو رجل الدين الذي يمثل اكثرمن مليار مسيحي من اتباعه في العالم يستمعون بجدية لصوته ودعواته وهو الصوت الذي لا يمكن لصناع القرارفي العالم تجاهله اوعدم الاصغاء اليه خاصة عندما يأتي من الجزيرة العربية …
ولا شك ان زيارة البابا الاولى من نوعها الى منطقة الخليج العربي تكتسي في هذه المرحلة أهمية لا يستهان بها وتحمل في طياتها رسالة مشتركة باهمية أن يعلو خطاب السلام عاليا وأن يكون لرجال الدين من الفاتيكان الى الازهرولم لا الزيتونة الصوت الاكثر حضورا لتفعيل شعارات الاخوة في الانسانية و الدين والخروج بها من دائرة الندوات والمؤتمرات و اللقاءات التي تكتسي هالة اعلامية ولكنها سرعان ما يزول وقعها وتأثيرها السحري بزوال الحدث.
صحيح ان الامارات نجحت في الاعداد لهذه الزيارة الحدث بمختلف تفاصيلها وجعلتها موضوع متابعة في مختلف وسائل الاعلام في الغرب وهي التي تنافست في نقل اللقاء الحميمي للبابا فرنسيس بلباس الكهنة والامام الاكبر للازهر بجلبابه وعمامته وذلك خلال المؤتمرالذي انتضم تحت شعار” الاخوة والانسانية” وهو شعارفضفاض يحتمل اكثرمن قراءة وأكثرمن ترجمة في ابعاده وأهدافه … وقد توقعنا فيما كان البابا يدعوالى وقف الحرب في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، ويدعو امام العالم للتصدي لسباق التسلح .. ويشدد على انهاء الحرب في اليمن ورفع المعاناة عن الشعب اليمني وانقاذ اطفال اليمن من الجوع والقصف والتشرد ان يتوقف لحظة عند اطفال فلسطين وشعب فلسطين الواقع بين مطرقة الاحتلال وسندان التشرد … ربما اعتبر الكثيرون أن البابا لم يجانب الصواب في دعوته إنهاء هذه الحرب القذرة و لكنه وقع في المحظور بتجاهله مجرد الإشارة إلى معاناة الشعب الفلسطيني التي تتجاوز كل الخطوط الحمر و تدخل عملية ابادة بطيئة للشعب الفلسطيني تحت انظار العالم .
وسواء كان ذلك عن وعي أودون وعي فمن شأن ذلك أن يثيرأكثر من نقطة استفهام حول هذا الاستثناء الذي لا يمكن تبريره تحت أي غطاء كان …و قد كان على البابا أن يجعل رسالته عن السلام و الأخوة شاملة عادلة فوق كل الحسابات … و لكن يبدو ان البابا اختار تفادي ذلك و جنب نفسه غضب واشنطن ولعنة تل ابيب و لا ندري ان كان تعرض لضغوطات أو دعي لتجنب الاشارة الى القضية الفلسطينية في الوقت الذي تسير فيه عملية التطبيع على قدم و ساق ..اذ لا يمكن باي حال من الاحوال ان تسقط فلسطين من ذاكرة البابا الذي قال في خطابه أمام شخصيات دينية وسياسية “إن الأخوّة البشريّة تتطلّب منّا، كممثّلي الأديان، واجبَ حظر التسلح و هو ما يستوجب شجاعة خارقة و إرادة صادقة لتخليص شعوب العالم من شر صناعة السلاح و شبكات التهريب و تأجيج الأزمات و شن الحروب.
والاكيد أن الالاف تابعوا الزيارة التاريخية غير المسبوقة لبابا الفاتيكان الى الجزيرة العربية و توقيع ما سمي “بوثيقة الاخوة الانسانية ” مع شيخ الازهر والتي تتضمن قائمة من البنود لتعزيز الحوار والتقارب بين الديانات المختلفة بما يعيد الى الاذهان زيارة البابا السابقة الى مصر و حديثه قبل سنتين عن اهمية التعايش السلمي بين الشعوب و الاديان و هو أيضا ما كان توقف عنده الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما في خطابه الشهير حول حوار الحضارات و الاديان بعد انتخابه رئيسا والامال العريضة التي بنيت في حينه على ذلك الخطاب لوضع حد لصراع الحضارات والاديان الذي احتد بعد هجمات 11 سبتمبر و ما أفرزته من احتقان و من كراهية و احقاد بين المسلمين و غير المسلمين … سيكون من السذاجة الانسياق وراء الاعتقاد بان لقاء ابوظبي يمكن ان يكون محطة جديدة لتكريس ثقافة السلام و التعايش الامن بين الشعوب فتلك مسألة تتجاوز رجال الدين بكل معتقداتهم و ستظل مرتبطة بصناع القرارالمال و الاعلام و المتحكمين باعادة رسم النظام العالمي الجديد و لعبة المصالح التي تحدد اين تقف و اين تتمدد الحروب و اين يصنع السلام و اين تحقن الدماء و اين تستنزف و أي الشعوب تدفع ثمن لعبة المصالح و أي شعوب أيضا تستفيد من تجارة السلاح و صناعة الحروب
2 كل هذا الدمار في العراق ولم يشفَ غليل إيران حامد الكيلاني
العرب بريطانيا
احتفى معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الحالية بالروائي والأكاديمي علاء مشذوب الذي اغتالته قبل أيام رصاصات لم تكن طائشة أو مجهولة.
هذه الرصاصات هي رسالة بليغة من الميليشيات إلى الشعب مضمونها أن الحكم والتنفيذ لا يحتاجان إلى دولة، إنما إلى قرار من أي زعيم في أي فصيل مسلح يرى في إدانة نظام ولاية الفقيه ما يستحق إنزال عقوبة بالموت.
بهكذا عقلية تكون الدولة بالمطلق خاضعة لسلاح الميليشيات وفقهها؛ وهكذا أيضا تتصرف الدولة بتحاشي البحث في جذور الأزمة وإشكاليتها لتحفظ بعضا من ماء وجهها أو لتحميه، فمصدر السلطات هو السلاح العقائدي المدعوم بفتوى المرجعية المذهبية التي طرحت أثناء اللقاء مع المبعوثة الأممية الجديدة في العراق جينين هينيس ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
الحشد الشعبي، بميليشياته ومن هو خارجه، يستظل أولا بالفتوى إن لمقلدي المرجعية في النجف أو لمقلدي مرجعية ولاية الفقيه؛ أي أن السند المذهبي متحقق بداية بفتوى الجهاد الكفائي الذي أسس للحشد. هذا يعني قدرة المرجعية على إصدار فتوى لحل الميليشيات والحشد منها لانتفاء الحاجة بوجود قوات مسلحة نظامية ومدربة يفترض إنها لا تخضع لإملاءات طهران إنما لإرادة وطنية خالصة.
منظور الزيارات الأممية الأخيرة وانفتاحها على المرجعية المذهبية، يؤكد التوجه الأممي والدولي ومنها الأميركي في توصيل رؤية الدولة العاجزة عن التوصيل بسبب انتمائها العقائدي والسياسي، ولعجزها عن مواجهة متطلبات الدولة الحديثة التي تتعارض بالمطلق مع وجود أي ميليشيا أو سلاح خارج صلاحياتها أو وظيفتها كسلطة قانون لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتجمل بالصبر في معاملة مشروع يستهدف جوهر وجودها، وبذات الطريقة في تصفية الحساب مع الدكتور علاء مشذوب، لكن بالجملة وليس المفرد.
مصالح إيران في العراق تتقدم على مصالح العراقيين، والعقوبات على النظام الإيراني تمضي بالسياسيين من كل الجهات على شفرة السكين بما يوجب عليهم التحرك بحذر في التصريحات والمواقف، تحسبا لردود فعل الميليشيات أو المرشد الإيراني أو جنراله قاسم سليماني.
ليس بالإمكان خوض أي حوار وطني مع سلاح غير وطني تحمله أياد وعقول لا تحتفي إلا بولاية الفقيه، لذلك مقالة علاء مشذوب لا تقابلها مقالة أو رأي أو مناظرة ثقافية؛ لذا الحديث عن جدوى تقييد الميليشيات الإيرانية بواجبات سياسية داخل الدولة لا يرقى إلى مسؤولية دولة المواطنة في مصارحة شعبها بالمأزق التاريخي الذي وجدت نفسها فيه بإرادتها، بما يفسر اللجوء المتأرجح مرة باتجاه القوات الأميركية ومرة إلى المنظمات الأممية لتخفيف الضغط على بقايا مقومات الدولة التي صادرتها الميليشيات بعد زلزال الاحتلال.
أكثر من مليون عراقي، من بينهم علاء مشذوب، ضحية عقدة هزيمة الخميني في الحرب مع العراق، دون أن تشفي تلك الأرقام المأساوية غليل الميليشيات في الانتقام، تحديدا من هؤلاء الذين لم يتورطوا في المشروع الطائفي لأسباب ثقافية وحضارية وإنسانية أملت عليهم قول الحقيقة رغم فداحة الثمن.
بعد الاحتلال الأميركي انتشرت في العراق ثقافة الموت التي طالت بمنهجية مسبقة خيرة العقول العراقية وضباط الجيش الأكفاء بالتصفيات المستمرة، وظهرت لأول مرة في الشوارع فكرة ارتداء الأكفان في إشارة بالغة الدلالة على الانقياد الأعمى للزعماء الدينيين والمراجع المتعددة، لفرض الخوف والإرهاب وإظهار الولاء المطلق للعقيدة.
كان ذلك نقطة الشروع في صياغة دولة الفوضى والميليشيات التي ضربت الحياة العامة والعلاقات بأخلاق العصابات والسرقات والخطف والإتاوات والسيطرة الوهمية ومحاسبة الناس على نمط خصوصياتهم، والقيام بتصفيات تحتفظ بها ذاكرة العراقيين إلى أن تضخمت تحت رعاية الدولة باحتكار العنف الطائفي والتفنن في إذكاء الفتنة.
وهيّأ هذا الوضع للميليشيات فرصة تولي مسؤوليات الدولة من نقاط التفتيش إلى الاعتقال والتعذيب ومصادرة العقارات إلى القتل على الهوية، وصولا إلى استلام مهمات القوات النظامية والسلطة التشريعية ومناصب مهمة في السلطة التنفيذية منها وزارة الثقافة.
ثقافة الأكفان لا تعترف بالكتب ومعارضها ولا بعلاء مشذوب ولا بسياسة النأي بالنفس لإبعاد العراق عن شبح الصراعات الدولية، فالأهم لديها الإبقاء على العراق منصة إطلاق متقدمة لمشروع ولاية الفقيه وصادراته إلى المنطقة العربية وتقليل آثار العقوبات على النظام الإيراني.
مراجعة أرقام البطالة والفقر وإحصاءات المشردين وحالات الانتحار التي سجلت في عامين فقط وبثلاث محافظات، تكشف أن أكثر من 700 حالة انتهت بالموت مع تسجيل وقائع استثنائية في خروقات إنسانية تحيلنا إلى انحطاط في مبدأ الدول الراعية لمواطنيها في سلوكيات تقف عاجزة أمام تفشي ظاهرة الولاء الميليشياوي للنظام الإيراني. الولاء الذي أطبق على الحياة بتعليمات وإجراءات حكومية تنطوي على الكثير من التعسف لصالح دولة دينية على مقاسات تنظيم دولة الخميني التي مازالت ترى في العراق بعد 40 سنة، ورغم كل ما جرى في سنوات الاحتلال، ما يدفعها للانتقام من أهل العراق وعروبتهم.
3 الانسحاب الأميركي أو الاحتلال الإيراني: لماذا على العراقيين أن يختاروا؟ العرب بريطانيا
بدا واضحا في الأسابيع القليلة الماضية، وعقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سحب قوات بلاده من سوريا، أنه لم يعد أمام النظام الإيراني أي خيار للتخفيف من حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من واشنطن سوى الدفع بميليشياته -لا في العراق فقط بل في المنطقة برمتها- إلى التصعيد ضد التواجد العسكري في العراق. لأجل ذلك جندت طهران قوات الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في إيران لشن حملة إعلامية ضد وجود القوات العسكرية في العراق تحت مسوغات الحفاظ على السيادة الوطنية العراقية، لكن السؤال المطروح في هذا الملف الشائك هو: عن أي سيادة تتحدث هذه الميليشيات والحال أن إيران تواصل تدنيس العراق منذ 16 سنة تاريخ سقوط نظام صدام حسين؟
بغداد- أثار تقديم طلب لمجلس النواب العراقي يقترح إعادة تنظيم وتحديد التواجد الأميركي في العراق جدلا في الأوساط العراقية، خاصة وأن المسألة لم تطرح من زاوية توافقات عراقية – عراقية بمختلف طوائفها وأحزابها بل تدفع إلى تمريرها أطراف شيعية معروفة بولائها للنظام الإيراني.
رغم إجماع طيف واسع من العراقيين -بمختلف انتماءاتهم السياسية والدينية والطائفية- على وجوب مغادرة كل القوات الأجنبيةِ العراقَ لضمان سيادته المستباحة منذ سنوات وتحديدا من الجانبين الأميركي والإيراني على حد السواء، فإن التصريح المفاجئ الذي أدلى به رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي والذي قال فيه إن بغداد لن تقبل العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد طهران يسيل الكثير من الحبر حول مأتى تطور نسق الدعوات المطالبة بمغادرة القوات الأميركيةِ العراقَ.
ويرى مراقبون أن هذا التصريح الحكومي يفقد عبدالمهدي شرعيته ويجعله رهين إملاءات القوى السياسية الموالية لإيران لأنها هي التي منحته الشرعية لنيل منصبه الحالي وبالتالي بإمكانها سحب البساط من تحت أقدامه وقت ما تشاء.
وترجح العديد من المراجع السياسية أن هذه التطورات الأخيرة قد تضع العراق أمام خيارين أحلاهما مر؛ فإما المرور بقوة القانون والتصويت ضد بقاء القوات الأميركية في العراق وهو ما يتيح لإيران المزيد من التوسع على أراضيها، وإلا ستتحوّل البلاد إلى ساحة حرب بين واشنطن وطهران قد تُسهم في إنهاك العراق وتُعمّق انقساماته.
وللمضي قدما في تنفيذ مخططها، لم تتوان إيران في لعب أهم أوراقها المرتكزة على تحريض ميليشياتها في العراق لترويج فكرة سحب القوات الأميركية، حيث حتم عليها الأمر أيضا الاستنجاد بمواقف المرجعية الدينية التي نشرت بيانا حثّت فيه القوات الأميركية على الانسحاب.
وقال المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني وفق تقارير لم تثبت صحة مصداقيتها، إن العراق “يرفض أن يكون محطة لتوجيه الأذى لأي بلد آخر”، في إشارة إلى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده تبقي وجودها العسكري في العراق، لمراقبة إيران.
حسن روحاني: الولايات المتحدة لن تصل أبدا إلى أهدافها تجاه جمهورية إيرانحسن روحاني: الولايات المتحدة لن تصل أبدا إلى أهدافها تجاه جمهورية إيران
وتسعى إيران إلى لعب ورقة العراق تجنّبا لأي هجوم عسكري قد تنفذه القوات الأميركية ضدها من على الأراضي العراقية، ويستند أصحاب هذا الموقف الأخير إلى تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني التي قال فيها الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لن تصل أبدا إلى أهدافها تجاه إيران. ودعا روحاني إلى إنهاء وجود القوى الأجنبية وتدخلاتها في المنطقة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة سخرت كل إمكانياتها على مدار 40 عاما لإخضاع إيران مجددا، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك.
وفي الوقت الذي يضع فيه العراقيون على الطاولة مجددا لائحة الأولويات لتحديد المهمة المقبلة في علاقة بالتواجد الأميركي، دخل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لنصرة النظام الإيراني، بقوله إن إيران هي أكبر مستهدف من الولايات المتحدة، مؤكدا أن طهران لن تكون وحدها في حال شنّت عليها واشنطن غارات.
وتقف فصائل شيعية عراقية مقربة من إيران في موقع المنتظر لانسحاب أميركي تام ونهائي، وفي جعبتها سلاحان، الأول برلماني والثاني يتمثل في المواجهة. رغم أن الميليشيات التابعة لإيران ترتكز في مقارباتها على أن مهمة الجيش الأميركي في العراق قد انتهت بعد القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، فإن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أكد لدى تلقيه طلب تنظيم التواجد الأميركي في بلاده أن العراق لن يستغي عن الدور الأميركي لما تقدمه واشنطن من مهام كبرى في مكافحة الإرهاب.
وبعيدا عن حسابات إيران وميليشياتها في العراق، فإن التذبذب منذ ما قبل حرب الخليج الأولى، كان عنوانا بارزا في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة. بعد حصار خانق مع بداية التسعينات ثم غزو لإسقاط نظام صدام حسين، وانسحاب في نهاية عام 2011، عاد الأميركيون عام 2014 إلى العراق كشركاء في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي استوطن حينها في ما يقارب ثلث مساحة البلاد.
وبعد دحر الجهاديين، عادت القوات الأميركية لتصبح “قوة احتلال” غير مرغوب فيها في العراق. وفي حال عارضت تلك القوات الرحيل، سـ“يحق للشعب العراقي مواجهتها بأي شكل من أنواع المواجهة”، حسب قول المتحدث الرسمي لكتائب حزب الله العراقية محمد محيي.
وإذا قررت واشنطن الذهاب بعيدا، يؤكد الأمين العام لـ“عصائب أهل الحق” الشيخ قيس الخزعلي “نحن حاضرون”. لكن قبل الوصول إلى تلك المرحلة، في بلد قتل فيه 4500 جندي أميركي بين العامين 2003 و2011 خصوصا في مواجهات مع فصائل شيعية، يؤكد محيي أن على البرلمان أن يقول كلمته في بادئ الأمر.
وقد تم تقديم مشروع قانون في البرلمان، وفي صورة نادرة، قد يكون هناك إجماع عليه من قبل أكبر كتلتين في المجلس، الأولى بقيادة مقتدى الصدر الذي يسعى ليكون صانع استقلال العراق، والثانية المقربة من إيران والتي تضم قدماء مقاتلي الفصائل التي أسهمت في دحر تنظيم الدولة الإسلامية.
قلق أميركي
يشير الخبير في السياسة العراقية والباحث في معهد “تشاتام هاوس” ريناد منصور إلى أن “التنافس في البرلمان منذ ثلاث سنوات، هو بين القوى الشيعية”. ويضيف “ هؤلاء لا يمكنهم الاتفاق على وزير، ولكنهم يلتقون عند نقطة واحدة، وهي أن التجربة الأميركية في العراق كانت سيئة”.
تتمثل المفارقة في أن من أعاد بث الروح في هذا المقترح الذي يرمي إلى جدولة الانسحاب الأميركي من العراق، هو الرئيس دونالد ترامب نفسه، فقبل عدة أيام أعلن ترامب في مقابلة مع شبكة “سي.بي.أس” الأميركية أنه يريد إبقاء قواته في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق لـ”مراقبة إيران” المجاورة، وهو ما أثار استياء العديد من القوى في العراق.
لكن النفور العراقي ليس وليد اليوم، بل برز قبل أكثر من شهر، حين زار ترامب جنوده في العراق بشكل سري ومفاجئ، أربك المشهد السياسي في بغداد، خصوصا وأن زيارته كانت بُعيد إعلانه سحب قواته من سوريا. وكان الرئيس الأميركي قد أكد خلال تلك الزيارة أنه لا ينوي “إطلاقاً” سحب قواته من العراق، بل يرى “على العكس” إمكانية لاستخدام هذا البلد “قاعدة في حال اضطررنا إلى التدخل في سوريا”.
ولهذا، فإن الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين في العراق “قلقون جدا” ويعملون حاليا على “تقليص أضرار” تلك التصريحات، بحسب منصور. وذلك لأن ترامب كشف عن الوجه الحقيقي للتواجد العسكري الأميركي، وهو ليس بغرض مساعدة العراق وإنما هو بمثابة منصة للاعتداء على دول الجوار، بحسب الخزعلي.
رغم أن دونالد ترامب يشدد على إبقاء قوات بلاده في العراق، فإن إعلانه عن سحب قوات بلاده من سوريا ومن ثمة تأكيده أيضا أمام الكونغرس أن “الوقت حان” لوضع حد للحرب في أفغانستان بعد 17 عاما من العنف، يثيران مخاوف الأميركيين ويزيدان في شكوكهم بشأن السياسات الخارجية للولايات المتحدة التي يرون أنها عبدت الطريق لقوى أخرى كي تزيد في نفوذها بمنطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها إيران وتركيا.
مواجهة مرتقبة
يحاول النظام الإيراني من جهته الظهور في موقع القوي المستنجد بميليشياته في المنطقة وفي العراق، منذرا بأنه مستعد في أي وقت للمواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة. وقال الخزعلي إن “ترامب حتى الآن لم يفهم، لم يدرك جيدا، لم يستوعب الدرس؛ أن هذا البلد العراق بلد قوي الآن”، مشددا على أنه “لو أراد ترامب، التاجر، أن يذهب بعيدا في هذا القرار، فعليه أن يعلم علم اليقين أن تكلفة هذا القرار ستكون باهظة جدا”.
وسيكون القانون في البرلمان “الخطوة الأولى” كما يوضح محيي، لكنه يلفت إلى أن “الولايات المتحدة ستتحدى هذه الإرادة الشعبية من جديد”، وبالتالي فإن حزبه سينتقل إلى “المرحلة الثانية”، وهي مواجهة “قوات احتلال”. ويستطرد الخزعلي بالقول “اليوم فصائل المقاومة وكتائب حزب الله لديها من الإمكانات والقدرات والخبرات التي حصلت عليها في مواجهة عصابات داعش، ما يمكنها من مواجهة أي قوة عسكرية ربما تهدد أمن العراق وسيادته”.
في كل الأحوال، يرى محيي أن “على القوات الأميركية أن تغادر العراق وأن تجنب البلد وشعبه إراقة دماء وأزمات جديدة، وتجنب أيضا الجنود الأميركيين أن يذهبوا بتوابيت من خشب مرة أخرى إلى الولايات المتحدة”. ويعتبر مراقبون ل أن سياسات ترامب تمنح فرصة هامة للميليشيات المسلحة للتوحّد ضد تهديد واشنطن ويقول ريناد منصور “هذه الموجة ستسمح للقوى الشيعية بـ“إيجاد تهديد خارجي تتوحد ضده، بدلا من الانقسام حول مشاكلها الداخلية”.
4 أمان لكنائسهم وشعائرهم
رشاد أبو داود البيان الاماراتية
عشت في الخليج ثلث عمري، خمس عشرة سنة في الكويت، ست في الإمارات، وأربع في البحرين. كنا صحافيين عرباً من مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق والسودان واليمن وموريتانيا والمغرب العربي.
مسلمون ومسيحيون، لم نكن نفرق بين مسلم ومسيحي ولا كانت الدولة تفرق، معاملة واحدة للجميع.
الأمر كذلك بالنسبة للمسيحيين غير العرب، ففي يوم الجمعة العطلة الرسمية ترى آلاف الوافدين وأغلبهم من الهنود والفلبينيين والسريلانكيين يتجمعون في محيط كنائسهم، ويؤدون صلاتهم بكل حرية.وقد شكلت زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية للإمارات والتي تزامنت مع عام التسامح نقلة نوعية في العلاقة بين الإسلام والمسيحية في الخليج العربي.
كما كان لتواجد البابا فرنسيس وأحمد الطيب شيخ الأزهر في الإمارات دلالة رمزية مهمة على روح التسامح الإسلامي المسيحي.
كيف لا والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكنيسة مهد المسيح عليه السلام جاران متجاوران في القدس الشريف. لقد وفد إلى منطقة الخليج مع ظهور النفط الكثير من الأجانب وكان من بينهم مسيحيون. وتشير التقديرات إلى أنه يوجد في الإمارات نحو مليون مسيحي ونحو 45 كنيسة موزعة بين أبوظبي ودبي والشارقة.
نزل الإسلام العظيم في الجزيرة العربية وقد ترك لأهلها حرية الاختيار بين الدخول فيه والبقاء على دينهم.
ولكونهم جزءاً أساسياً لا يتجزأ من المجتمع، شغل مسيحيون كويتيون مناصب عدة في بلدهم، ومنهم من ذكرهم الكاتب حمزة عليان في كتابه «المسيحيون في الكويت»، أمثال سعيد يعقوب الشماس، الذي شغل منصب سفير لدولة الكويت في نيويورك عام 1963، وروسيا (الاتحاد السوفييتي آنذاك) عام 1967، وفرنسا عام 1969، وكينيا عام 1972.
في البحرين تعتبر «الكنيسة الإنجيلية الوطنية» أقدم كنيسة تبنى في الخليج، إذ أسست في عام 1906م أبان الاحتلال البريطاني علي أيدي مبشرين إنجيليين أميركيين، ومنذ ذلك التاريخ بُني في البحرين كنائس أخرى للكاثوليك والأرثوذكس يقارب عددها 30 حالياً. ويقول رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين د. عيسى أمين:
إن غالبية من مسيحيي البحرين وفدوا من العراق مع شركات النفط، التي بدأت في التنقيب عن البترول في عشرينيات القرن العشرين. وقد جرى تمثيل المسيحيين في أول مجلس بلدي أنشئ في البحرين في العام 1920 جنباً إلى جنب مع ممثلين عن المواطنين البحرينيين من السنة والشيعة، وممثلين عن المسلمين الهنود والهندوس أيضاً.
ويضم مجلس الشورى البحريني الآن امرأتين ممثلتين للطائفة المسيحية. يقول التاريخ: إن بعض القبائل العربية التي كانت على صلة بمركز المسيحية في الحيرة بوسط العراق ربما أسهموا في انتشارها في الخليج، كم أن اضطهاد النساطرة في الإمبراطورية الفارسية بين عامي 309 و379 دفع المسيحيين للهجرة خارج الإمبراطورية ربما إلى الخليج.
إن لنا في رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة في احترام الديانات السماوية الأخرى، ففي عام الوفود قدم وفد من نصارى نجران يلبسون جبباً وأردية، فدخلوا على النبي وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلون، فقال رسول الله لأصحابه: دعوهم، فصلوا إلى المشرق.
هكذا كان تعامل الرسول الكريم مع غير المسلمين، أتاح لهم إقامة شعائرهم حتى في مسجده الشريف، وبذلك جاءت السنة النبوية الشريفة بمنع هدم الكنائس والاعتداء عليها؛ فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم: «إن لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ألّا يُغَيَّرَ أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه؛ ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم، غيرَ مُثقَلين بظلم ولا ظالمين».
وعلى هذا النهج سار الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام، فقد كتب الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عهداً إلى المسيحيين في بيت المقدس عام 15 هجرية، فيما يسمى العهدة العمرية، قال فيها: «ﺑِﺴْﻢِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺍﻟﺮّﺣْﻤَﻦِ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻢِ، ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺮ ﺃﻣﻴﺮﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺇﻳﻠﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻥ – ﻭﺇﻳﻠﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ- ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ ﺃﻣﺎﻧﺎً ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ.
ﻭﻟﻜﻨﺎﺋﺴﻬﻢ ﻭﺻﻠﺒﺎﻧﻬﻢ، ﻭﺳﻘﻴﻤﻬﺎ ﻭﺑﺮﻳﺌﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﻠﺘﻬﺎ، ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﺴﻜﻦ ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ ﻭﻻ ﺗﻬﺪﻡ، ﻭﻻ ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺰﻫﺎ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺻﻠﻴﺒﻬﻢ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳُﻜﺮَﻫﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳُﻀَﺎﺭّ ﺃﺣﺪٌ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺴﻜﻦ ﺑﺈﻳﻠﻴﺎﺀ ﻣﻌﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ».