1 تركيا لا تريد لأكراد سوريا ما حصل عليه أكراد العراق! هدى الحسيني
الشرق الاوسط السعودية
يوم الأربعاء قبل الماضي كان رجب طيب إردوغان في موسكو للتنسيق مع فلاديمير بوتين حول منطقة أمنية عسكرية تسيطر عليها تركيا في سوريا. هناك قال، إن الولايات المتحدة الأميركية عبّرت عن موقف إيجابي، ولا يعتقد أن هناك مشكلة مع روسيا في هذا الشأن.
ما يقترحه إردوغان هو منطقة بطول 250 كلم وعرض 32 كلم في شمال شرقي سوريا، والهدف – حسب إردوغان – حماية الحدود التركية من «وحدات حماية الشعب»، أي المقاتلين الأكراد السوريين الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوات السورية الديمقراطية (قسد) المتعددة الأعراق التي هزمت «داعش»، بمساعدة الولايات المتحدة.
من ناحيتهم، أكد المسؤولون الأكراد السوريون دعمهم إنشاء منطقة عازلة إذا أدارتها الأمم المتحدة أو التحالف الذي تقوده أميركا.
ليست هناك معلومات كافية، إذا ما أقيمت المنطقة العازلة، عن كيفية منع الولايات المتحدة تركيا من مهاجمة وتدمير «قسد». وهذا هو لب الموضوع؛ لأن تركيا ترى في المنطقة العازلة، أن يسيطر الجيش التركي على المراكز السكانية الكردية الرئيسية في شمال شرقي سوريا. إن أغلبية قوات «قسد» تأتي من هذه المناطق، وهي مستعدة أن تحارب الأتراك ولا تتفكك. ثم إنها تدرك أن تركيا تهدد الوجود الحياتي للأكراد.
لذلك؛ من الصعب إقامة منطقة عازلة كما تتصورها تركيا في شمال شرقي سوريا؛ لأنه يجب إقناع روسيا، وإيران، والولايات المتحدة والكثير من أعضاء المجتمع الدولي بذلك، خصوصاً أنه ليس لدى تركيا الوسائل لإقناع «قسد» بالانسحاب سلمياً من هذه المناطق؛ إنها مناطقهم. تهدد تركيا بأنها ستلجأ إلى القوة العسكرية ربما كي تضغط على الولايات المتحدة لحملها على إجبار «وحدات حماية الشعب» الكردية بالموافقة. لكن – كما يقول أحد الخبراء القانونيين – إذا كانت هذه المنطقة ستنشأ فيجب أن تتمتع بالشرعية الدولية، وبالتالي أن يصدر قرار من مجلس الأمن بذلك، ويعني هذا أنه يجب إقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بذلك، أي أميركا، وروسيا، وفرنسا والمملكة المتحدة.
هناك هدفان من إصرار تركيا على إقامة منطقة عازلة داخل سوريا من دون تدخل مجلس الأمن:
أولاً ـ هي تخشى من إنشاء منطقة مشابهة لتلك التي برزت بعد حرب الخليج عام 1991، التي أدت إلى حصول أكراد العراق على الحكم الذاتي. تعتبر تركيا هذا بمثابة كابوس؛ لأنها تعارض بشدة ظهور أي نوع من الكيانات الكردية شمال سوريا.
ثانياً ـ يرى الرئيس التركي أن المنطقة التي يدعو إلى اقامتها، لا توفر الأمن فقط إنما هي فرصة لتخفيف عبء اللاجئين السوريين في تركيا مع الصعوبات الاقتصادية المتزايدة.
صار معروفاً أن هناك قدراً كبيراً من السخط في تركيا حول السوريين، وينظر فقراء «حزب العدالة والتنمية» الحاكم إلى اللاجئين السوريين كمنافسين في الحصول على الدعم المحدود، وهذه مشكلة كبيرة لإردوغان.
إن تدهور الوضع الاقتصادي في تركيا يفاقم استياء الأتراك من السوريين، خصوصاً أن الكثير من رجال الاقتصاد يتوقعون أن تدخل تركيا في الركود هذا العام، وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نفوذ «حزب العدالة والتنمية» بقيادة إردوغان يتآكل بسرعة أمام منافسيه قبيل الانتخابات المحلية المهمة في شهر مارس (آذار) المقبل.
وفي محاولة منه لتحريك الاقتصاد كشف إردوغان هذا الشهر عن خطط لمشروعات إسكان كبرى للسوريين العائدين إلى المنطقة العازلة التي اقترحها في سوريا. وقال إن المنطقة العازلة ستعيق الهجرة تماماً. هناك من يعتقد في تركيا بأن الاتحاد الأوروبي سيمول مشروعات البناء؛ لأن أميركا لن تساهم في إعادة بناء سوريا طالما ظل بشار الأسد رئيساً.
كانت صناعة البناء في تركيا من أكثر القطاعات تضرراً من جراء التباطؤ الاقتصادي إلى درجة وصلت إلى حالة من الجمود التام. إنها تمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من حيث العمالة، وتنشيطها ضروري جداً، كما أنها واحدة من أعمدة النمو الاقتصادي، ويعرف الاقتصاديون أن قطاع الإنشاءات في تركيا قد يبقى في حالة ركود طوال عقد من الزمن بسبب الديون الثقيلة التي تورط فيها القطاع مع وجود الكثير من إنشاءاته غير المبيعة؛ لذلك تعتقد أنقرة أن المشروعات في سوريا قد تكون قادرة على تعزيز صناعة البناء في تركيا المهددة. ويقول أحد الصناعيين الأتراك: لا شك أنه يجب إعادة إعمار سوريا، وستكون المساهمة التركية هائلة.
يتذكر أن الوضع كان كذلك في السابق حتى عام 2010، عندما كانت تركيا تبني الفنادق في سوريا، وتشق الشوارع، وتنشئ محطات للقطار، «لماذا لا نبدأ من جديد؟» ثم يقترح مصالحة مع سوريا من الناحية الاقتصادية، «فهذه ستكون مثالية لتركيا».
لكن، أي مشروعات إعادة إعمار كبرى تتطلب عودة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق؛ وهذا ما يرفضه حتى الآن إردوغان بانتظار أن يتنازل الأسد عن السلطة.
يحق لتركيا أن تخطط ويحق للأطراف الأخرى أن تواجه هذه الخطط. ومن المرجح أن ترفض أوروبا تقديم الدعم المالي الكبير لمشروعات إردوغان في المنطقة العازلة من دون تدخل سوري، وقبل أن تحصل على مصادقة دولية من الأمم المتحدة.
من ناحية الواقع، قد لا تكون المشروعات التركية في سوريا كافية لدعم قطاع البناء التركي. وكما يقول عارفون، إنه من الممكن لـ«شركة التشييد التركية» بناء المدن، لكن تركيا يتم فيها بيع 600 ألف وحدة جديدة سنوياً، وفي سوريا ستحصل على عُشر ذلك في سنة. ثم من يرغب من اللاجئين السوريين في مغادرة مدينة مثل إسطنبول والعودة إلى دولة مدمرة مثل سوريا؟
في المقابل، سوف تستغل «وحدات حماية الشعب» المنافسة بين أميركا وروسيا لمنع إقامة منطقة آمنة تركية، وفي حال اتفقت تركيا وروسيا، هناك النظام السوري، والتوجه الكردي إليه يسبب حالة إزعاج لتركيا.
ما يربط تركيا وروسيا وإيران هو معارضتهم الوجود العسكري الأميركي في سوريا. فكل طرف يرى فيه عقبة أمام نفوذه.
في موسكو أكد بوتين على استعداد روسيا لاحترام مصالح تركيا في سوريا، لكنه شجع إردوغان على بدء الحديث مع الحكومة السورية للمساعدة في استقرار المناطق الحدودية. روسيا تريد أن يتمدد الجيش السوري النظامي ويغطي كل الأراضي السورية؛ ولذلك تبدو متحمسة لرعاية محادثات دمشق مع الأكراد على أمل أن تمدد مكاسب الحكومة السورية وتزيد هي من قبضتها على البلاد.
من هنا، فمن المؤكد أن موسكو تستطيع أن تقوّض ليس فقط إنشاء المنطقة الآمنة، بل منع أو عرقلة الخطوات التي تتخذها تركيا، أو الحكومة السورية وأي لاعب آخر في تلك الساحة.
بعد كل هذا، هل يمكن اعتبار إردوغان رجل دولة صاحب استراتيجية صائبة؟
2 في العراق.. أميركا تكافح نفوذ إيران برجال إيران! حسام الطائي
الحياة السعودية
صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو حول مكافحة النفوذ الإيراني في العراق ومساعدته ليكون مستقلاً بالقرار السياسي. كلام جميل في الإعلام صعب التطبيق على أرض الواقع، فكيف للولايات المتحدة أن تتعاون مع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي المقرب جداً من إيران، ففي مرات كثيرة صرح بشكل ديبلوماسي أن العراق بعيد عن العقوبات الأميركية ولا يتفق مع حصار الدول وهذه إشارات على عدم توافقه مع الموقف الأميركي، علما أنه من الأعضاء السابقين للمجلس الأعلى الإسلامي المحسوب على الجانب الإيراني وحليف لحزب الدعوة برئاسة رئيس الوزراء السابق المقرب لإيران نوري المالكي، إضافة إلى أن المؤثرين على عبدالمهدي هم من المقربين إيرانياً مثل رئيس كتلة البناء هادي العامري أو من المعادين للتواجد الأميركي مثل رئيس تحالف سائرون مقتدى الصدر، وكلاهما توافق لوضع عبدالمهدي في منصب رئيس الوزراء. البرلمان العراقي هو الآخر منقسم إلى محورين؛ الأول يسمى: «محور إيران» الذي يقف بالضد من بقاء القوات العسكرية الأميركية وكل ما تقدمه للعراق حتى في الحرب على داعش، كان هذا المحور يتهم الولايات المتحدة دوما بدعم داعش على حساب الجيش العراقي.
أما المحور الثاني فهو «المحور العراقي» ممثلاً بكتلة الاصلاح والاعمار والتي يترأسها تحالف سائرون لمقتدى الصدر والنصر لحيدر العبادي والحكمة لعمار الحكيم والوطنية لاياد علاوي، وباقي الكتل تميل إلى عدم التوافق مع الجانب الأميركي، على رغم أن إياد علاوي وحيدر العبادي لديهما فكر منفتح على الجميع، لكن مقتضيات العملية السياسية تتطلب عدم التقارب مع الولايات المتحدة، خاصة وأنها لا تملك خطا سياسيا ثابتا، بل متغيرا بتغير الحكومات، بالتالي التحالف معها يعتبر مخاطرة كبيرة بالمستقبل السياسي.
النفوذ الإيراني في مؤسسات الدولة العراقية له دور كبير أيضا، فالمؤسسات الحكومية العراقية من رئاسة الوزراء ووزارات الدولة ومؤسساتها وصانعي القرار في العملية السياسية يخضعون لنفوذ وضغوط إيرانية ضمن خطة للتغلغل في مؤسسات الدولة العراقية منذ ٢٠٠٣ وحتى اليوم.
من جهة أخرى، الولايات المتحدة لا تملك صديقا داخل الحكومة العراقية، ففي السابق كان الراحل أحمد الجلبي رجل أميركا في العراق، لكنه انقلب بعد عام ٢٠٠٣ ليتقارب مع إيران، أما إياد علاوي فكان يحسب على الجانب الأميركي، لكنه خرج من هذا الموقع ليحسب على الجانب العراقي.
إذن، من سيساعد الولايات المتحدة للحد من نفوذ إيران، من هم حلفاؤها في الحكومة العراقية والبرلمان؟ الذراع الإعلامية الإيرانية لها دور في تأجيج الشارع العراقي ضد المخططات الأميركية؛ فإيران تمول أكثر من ٥٠ قناة عراقية تنشر خطابها ومواقفها، إضافة إلى محطات راديو وصحف ومواقع إلكترونية إخبارية ومنظمات إنسانية جميعها تقف بالضد من التحرك الأميركي.
من وجهة نظر عراقية، المسؤولون الأميركيون في العراق لا يمكن الوثوق بهم، فمبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق بريت ماكورغ لم يملك صلاحيات واسعة أو عروض سياسية يقدمها للكتل السياسية ليقربهم إلى الولايات المتحدة، بدليل أن رئيس البرلمان العراقي السابق محمود المشهداني (المعتقل من قبل الأميركان سابقا لدعمه المقاومة ضدهم) قالها صراحة ان قاسم سليماني كان له سلطات داخل العراق وإيران وأن الاتفاق معه أسهل من المبعوث الأميركي ماكورغ، والذي لم يقدم تأكيدا أو وعدا لارتباطه بمؤسسات صناعة القرار وتأثيرات «الكونغرس» و«مجلس الشيوخ» و«البيت الأبيض»، أما الضربة القاضية كانت عندما صرح الرئيس الأميركي بأنه لا يعرف بريت ماكورغ وكان مبعوث الرئيس السابق اوباما وليس مبعوثة، كذلك القنصل الأميركي في البصرة الذي قدم برامج تنموية وتطويرية للشباب تم القضاء على مشاريعه بتهديد الشباب من قبل المليشيات الإيرانية في البصرة.
أيضا العراقيون يتذكرون جيداً الانسحاب الأميركي في ٢٠١١ أو «تسليم السيادة العراقية» والتي تورط بها من عمل معهم من مترجمين ومدراء عامين وغيرهم فقد تركوا من دون حماية إلى المليشيات الإيرانية، فمنهم من اغتيل والبعض الآخر هرب إلى خارج العراق ليعيش في فقر مدقع بعد ترك عمله وبلده وأملاكه، وهذا المثل تكرر بالانسحاب الأميركي من سورية وترك قوات سورية الديموقراطية فريسة للنظام السوري والمليشيات الايرانية والطيران الروسي وإرهابيي داعش.
في النهاية، تصريحات الإدارة الأميركية لم تقدم خطة للتخلص من نفوذ إيران أو مدة زمنية لتحقيها، بالتالي يمكن اعتباره تصريحا إعلاميا لا أكثر، أما واقعيا فلا يمكن الاعتماد على رجال إيران للحد من نفوذ إيران.