3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 إيران في غرف نوم العراقيين
باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

انشغل الشارع العراقي منذ نهاية الأسبوع الماضي بخبر يفيد بأن ميليشيا حزب الله العراقي نقلت سجلات تسعة ملايين مواطن عراقي حصلوا على البطاقة الشخصية الموحدة إلى إيران.
لم يبدد بيان تكذيب الخبر الذي أصدرته وزارة الداخلية العراقية القلق الذي عمّ المجتمع العراقي، فقد عد العراقيون البيان بمرتبة إبرة تخدير رسمية لمواجهة الضجة الإعلامية التي قوبل بها الخبر، خصوصا وأن العراقيين وضعوا وزارة الداخلية، منذ عام الاحتلال، في دائرة الشبهات وفقا للجرائم المنسوبة إلى أفرادها، كما أن البيان لم يقدم دليلا على صدق الوزارة. بيان الوزارة زعم أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال تحميل البيانات بشكل خارجي”، وأشار إلى أن “حاسبات منظومة البطاقة الوطنية محمية بأكثر من جدار ناري ذكي وهذا ما يمنع الولوج إليها وسحب أي معلومة منها”.
ولا تبقى أهمية لأسطورة الجدران النارية، التي أوردها بيان الوزارة، إذ كان فنيون قد نبهوا إلى أن “خطورة الأمر تكمن في أن هذا النظام يعمل على الإنترنت وهي بيئة التواصل وليست شبكة داخلية مما يساعد على اختراق هذا النظام والعبث فيه”.
ويأتي هذا ضمن مخطط إيراني ليس جديدا يستهدف إخضاع العراقيين لسلطة طهران، وهذه الكارثة كشفت عنها مصادر أمنية عراقية لقناة الحدث وقالت إن ميليشيا حزب الله في العراق نقلت نحو 9 ملايين ملف شخصي لمواطنين عراقيين أصدرت لهم الدوائر المختصة في وزارة الداخلية البطاقة الوطنية الموحدة، مؤكدة أن هذه العملية تمت بعد نهاية ولاية رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ووزير الداخلية قاسم الأعرجي، بعد رفض العبادي تعيين أحد الضباط المقربين من ميليشيا حزب الله في العراق، وقد استغلت الميليشيا الفراغ الوزاري الذي خلفه صراع الأحزاب على المنصب، وتم الضغط على العاملين في قسم الحاسبات في دوائر الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية للحصول على بطاقات المواطنين وقاعدة البيانات الإلكترونية. وحذرت تلك المصادر من إمكانية استغلال إيران للمعلومات الشخصية لتنفيذ مخططاتها في العراق.
أحمد الجلبي اتهم لاتهامه بتزويد إيران بمعلومات سريةأحمد الجلبي اتهم لاتهامه بتزويد إيران بمعلومات سرية
والمعلوم أن نظام البطاقة الوطنية الموحدة تم العمل به سنة 2016 وتتميز هذه البطاقة باحتوائها على معلومات غير قابلة للتزوير مثل بصمة قرنية العين وبصمات أصابع اليد وتاريخ الشخص وعائلته مما يمكن استخدامها في المطارات العالمية.
ولذلك يسود تصور أن قواعد المعلومات هذه عبرت إلى إيران هي وما قبلها وما تلاها، فلم يعد سرا أن إيران جهدت للحصول على قاعدة معلومات متكاملة عن العراق، منذ أول يوم لاحتلاله، وإذا عدنا إلى سنة 2004 نجد أن الإدارة الأميركية نفضت يدها من أحمد الجلبي عضو المجلس الانتقالي، لاتهامه بتزويد إيران بمعلومات سرية، وذهب الأميركيون في العراق إلى حد اقتحام منزل الجلبي في بغداد ومصادرة وثائق في خطوة تلت وقف المساعدات التي كانت تقدمها إلى حزبه المؤتمر الوطني العراقي. وكان الغرض من المساعدات تمكين المؤتمر الوطني من جمع معلومات تهم الأميركيين، وتبين أن المعلومات، التي كان يقدمها الجلبي، غير صحيحة في معظمها، لكنها استخدمت من الإدارة الأميركية لتسويغ الحرب علي العراق.
اتفقت إيران مع الجلبي على الاستحواذ على قاعدة المعلومات التي كانت متوفرة في الأجهزة الأمنية وفي جهاز المخابرات العراقية خصوصا، بغية الحصول على أسماء العاملين في هذه الأجهزة، وكل ما يتعلق بإيران مما هو متوفر في مديرية إيران في جهاز المخابرات، وكذلك أسماء المتعاونين مع الجهاز. وكان تسليم الجلبي المعلومات المذكورة لإيران ورقة اعتماده لديها، كما أصبح تسليم النص الكامل لمخطوطة التلمود البابلي، الذي كان محفوظاً في مخازن جهاز المخابرات، إلى إسرائيل ورقة اعتماده لديها.
وإذا كان استحواذ ميليشيا حزب الله العراقي على سجلات 9 ملايين مواطن عراقي ونقلها إلى إيران تم سنة 2018، فقد سبقته محاولة أخرى لإيران سنة 2017، عندما أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عن مباشرة اللجنة المشتركة من وزارات الهجرة والداخلية والخارجية بإصدار المستمسكات الثبوتية العراقية للمتواجدين في إيران بحجة أنهم كانوا يملكون هذه المستمسكات وأسقطت عنهم في عهد النظام السابق.
إن امتلاك إيران قاعدة معلومات كاملة، عملت على الاستحواذ عليها من خلال أحزابها الدينية وميليشياتها المسلحة منذ أول يوم لاحتلال العراق، يعني أن غرف نوم العراقيين أصبحت مكشوفة أمامها وما كان خاصا من شؤونهم أصبح عاما.
2 مسعى إيراني لتلغيم العراق عبد الوهاب بدرخان الاتحاد الاماراتية

خلال زيارة للعراق استغرقت خمسة أيام ركّز وزير الخارجية الإيراني على محورَين: الوجود العسكري الأميركي وضرورة إنهائه، ومسألة إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب على تنظيم «داعش». وشملت محادثات محمد جواد ظريف مسؤولين حكوميين إلا أن جانبها الأهم كان مع قادة فصائل «الحشد الشعبي»، وسط توقّعات متزايدة بأن العراق سيكون ساحة المواجهة الإيرانية – الأميركية على خلفية العقوبات الاقتصادية والمالية المشدّدة، كذلك الحملة الدبلوماسية التي تشنّها واشنطن على إيران وسعيها إلى بناء تحالف دولي – إقليمي ضدّها. وفيما تجد طهران أن نفوذها في سوريا بات تحت ضغط ضربات إسرائيلية مرشّحة للتصاعد، وأن الوجود الروسي لا يضمن لها تحصيل مكاسب من الانسحاب الأميركي، فإنها لا تشعر بأي تهديد لهيمنتها على العراق لكنها تريد تطويرها لاستباق أي مفاجآت.
تعوّل إيران بشكل خاص على أحزاب المكوّن الشيعي للدفع في اتجاه قانون يُلزم الحكومة بطلب انسحاب القوات الأميركية، فالخلافات بين تلك الأحزاب لا تمنع اصطفافها ضدّ الولايات المتحدة وتعاطفها وولائها لإيران، لكن الأخيرة تعوّل أيضاً على اختراقاتها الواسعة للمكوّنين الكردي والسنّي وانقساماتهما، كذلك على دور إيراني رئيسي كان حاسماً في اختيار رؤساء المناصب الثلاثة الأعلى في الدولة. ومن هذا المنطلق قد لا تكون هناك عقبة تُذكر أمام إقرار قانون لجدولة انسحاب القوات الأجنبية، خصوصاً الأميركية. يجري العمل بهدوء لكن بشيء من السرعة لتحضير هذا التشريع، وقبل ذلك يُفترض استكمال ملء الشواغر في حكومة عادل عبد المهدي بحسم الجدل والخلاف على حقيبتي الداخلية والدفاع.
سلسلة تطوّرات حثّت طهران على إرسال ظريف إلى بغداد، أبرزها هبوط الرئيس الأميركي في قاعدة عين الأسد في الأنبار غرباً وتأكيده أن الانسحاب من سوريا لا يسري على العراق، وبالطبع أثارت زيارة دونالد ترامب وعدم لقاؤه مع أي مسؤول عراقي جدلاً داخلياً سُلّط فيه الضوء على مسألة السيادة. ثم جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي لبغداد وأربيل لمزيد من «الطمأنة» إلى عدم الانسحاب. ولم يكن في الكلام العلني لمايك بومبيو ما يفاجئ، لكن ما عُرف بعده كان فيه ما يستفزّ إيران. فمن جهة دعت واشنطن إلى تعاون وثيق بين الجيش العراقي و«البشمركة» الكردية، ومن جهة أخرى طلبت حلّ نحو تسعة وستّين فصيلاً منضوياً في «الحشد الشعبي» باعتبارها جيشاً موازياً للجيش الوطني وتشكّل خطراً واضحاً ومباشراً على الدولة ومؤسساتها. والواقع أن المطلَبين منطقيّان إذا ما أريد للدولة أن تفرض سلطتها، إلا أن تلبيتهما تبدو صعبة إن لم تكن مستحيلة.
يواصل الجنرال الإيراني قاسم سليماني شبه المقيم في المنطقة الخضراء عمله البعيد عن الأضواء، وتتكامل مهمته مع مهمة الوزير ظريف في تنظيم الردّ الإيراني على واشنطن، تحديداً بتكريس الاعتماد على فصائل «الحشد» كرأس حربة عسكرية في مناوئة الأميركيين وكنواة التحرك السياسي ضدّهم وجعل انسحابهم استحقاقاً داخلياً. لم يكتفِ ظريف باعتبار أن «الحشد» هو الذي حقّق النصر على «داعش»، بل حاجج أيضاً بأن الحرب على الإرهاب انتهت، أي أن السبب الذي دفع الحكومة عام 2014 إلى طلب المساعدة الأميركية لم يعد قائماً. لكن هذا التقويم لأنشطة «داعش» يتناقض مع الوضع على الأرض، ولا يتوقّف على الإيرانيين وأتباعهم فحسب بل يتطلّب قراراً حكومياً بعد التشاور مع الجانب الأميركي. وتشهد الوقائع الميدانية أن ثمة مرحلة حسّاسة في القضاء على قدرات التنظيم وتجري حالياً في منطقة تداخل الحدود العراقية – السورية، وتضغط واشنطن بقوّة لاستبعاد «الحشد» عنها لأنه يريد استغلالها للسيطرة على الحدود من الجانبين.
تُدار حالياً حملة تواقيع للضغط على البرلمان والحكومة من أجل انسحاب الأميركيين. وقد شدّد ظريف على «عدم السماح لأميركا بالتدخّل في علاقتنا مع العراق» حتى إنه قال «نحن أهل الأرض». وفي إطار ترويجه لاستعداد إيران للمساهمة في إعادة الإعمار ولضرورة منح الشركات الإيرانية أولوية «بعد انتهاء المعارك ضد داعش»، قدّم ظريف مبررات مستهجنة، منها مثلاً قلّة التكاليف وعدم حاجة الشركات الإيرانية «للحماية»، ومنها أيضاً أن تلك الشركات تأتي إلى الإعمار «حبّاً بالإمام الحسين». لكن نُقل عنه أن مسؤولين عراقيين «يخشون التعامل معنا خوفاً من الأميركيين». هذا يعيد الأهداف الإيرانية إلى الواقع الذي فرضته العقوبات، إذ أن طلب انسحاب الأميركيين، إذا حصل، لن يكون من دون تداعيات سلبية على الاقتصاد العراقي عموماً وعلى مشاريع إعادة الإعمار خصوصاً.

3 اسرار حرب العراق 1991 ، أليكس فيشمان يديعوت أحرونوت
بالاعتماد على المصادر الاستخباريّة ومحاضر الاجتماعات العسكريّة تفاصيل جديدة، عن خطة إسرائيل لغزو واحتلال بغداد أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991.
ولفت التقرير إلى أنّ إن قادة الكيان السياسيين والعسكريين وجدوا أنفسهم أمام تحدّي الردّ على قصف إسرائيل بصواريخ سكود العراقية، بأوامر من صدّام حسين، زاعمًا أنّ الدروس المُستفادة من تلك الأيام ما زالت تلقي بظلالها الآن فيما يتعلق بردٍّ إسرائيليٍّ على التهديد الإيرانيّ.
وأضاف أنّ الإيرانيين قد ينشروا الصواريخ في غرب العراق، وهي تقريبًا نفس المنطقة التي أطلقت منها صواريخ سكود بعيدة المدى على إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى، في الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) 1991، وإجمالاً تمّ إطلاق 40 صاروخًا من العراق، دون ردٍّ إسرائيليٍّ، مؤكّدًا على أنّ تل أبيب ما زالت تدفع ثمنًا نفسيًا-معنويًا حتى اليوم، وحتى حماس تجرؤ على إطلاق الصواريخ على تل أبيب وما زال التهديد قائمًا، حيث خلقت حرب الخليج “روح ضبط النفس″، التي أصبحت في السنوات التي مرّت عقيدة إسرائيل، والذاكرة التاريخية هي أنّ إسرائيل أوقفت، ولم تُهاجِم بسبب الضغوط الأمريكيّة الثقيلة، لكن هذا فقط نصف الحقيقة.
هيئة الأركان العامّة آنذاك تصرّفت تمامًا كمثيلتها بعد 28 عامًا بقيادة أيزنكوت، التي تعاملت مع إمكانية القيام بمهاجمة المشروع النووي الإيرانيّ،، حيث فضلّت أيضًا أنْ يحلّ الأمريكيون المشكلة نيابةً عن إسرائيل لكنهم لم يكونوا واثقين من أن الأميركيين سيقومون بهذه المهمة بطريقة مرضية ، لذلك اتفقوا جميعا على أنه إذا أطلق العراق صواريخ على المراكز السكانية الرئيسية ، فلن يكون أمام “إسرائيل” خيار سوى الرد.
وتابع التقرير: قيّم قائد الأركان بأنّ جيشه لم يكُن لديه القدرة على تدمير سلاح الجو العراقيّ، كما أنّه لم يكن لديه القدرة على منع أوْ وقف إطلاق الصواريخ بالكامل على إسرائيل، ولذلك، فإنّ الأولوية القصوى للجيش تتمثل في كيفية ردع العراق عن إطلاق المزيد من الصواريخ.وشدّدّ التقرير على أنّ هذه الديناميكيّة في التحوّل السريع من الحماس إلى البرود، والذي نشأ في واقع الأمر عن عدم الاستعداد، كانت موجودة حتى نهاية الأزمة، والجيش نفسه لم يفهم ما يريد، وبدأ بخطط عمليات كوماندوز صغيرة، وانتقل إلى استعداداتٍ مكثفةٍ لغزو غرب العراق باستخدام مئات من الجنود الذين سيبقون في الميدان لعدة أيام دون توقفٍ، وانتهى الأمر بلا شيء.
وأكّد التقرير على أنّ وزير الأمن، موشيه آرنس، طلب دراسة خيار مهاجمة السدود على نهري دجلة والفرات في العراق، وفحصت دائرة الاستخبارات تداعيات تدمير اثنين من السدود الثلاثة: حديثة وصدام (المعروف الآن باسم سد الموصل) وسامراء، وتقرّرّ أنْ تقوم مجموعة الاستخبارات بجمع معلومات حول سبعة سدود في العراق، وقد تمّ اتخاذ هذه القرارات على الرغم من حقيقة أنّه قبل أسبوعين ونصف، أعلن قائد سلاح الجو أنّه ليس لديه القدرة على تنفيذ هذه الهجمات.
يعتبر التقرير أنّ حرب الخليج هي سابقة سيئة، واليوم ، بينما يقوم آفيف كوخافي بإعداد الجيش لحقبة ما بعد الحرب الأهلية في سوريّة، يجب عليه أنْ يأخذ في الحسبان حقيقة أنّ إسرائيل ستخضع دائمًا لضغوطٍ سياسيّةٍ من قبل قوّةٍ قد تحرمها من حرية التصرف، سواءً كان الأمريكيون، في إيران أوْ الروس في سوريّة.
درس آخر من حرب الخليج، شدّدّ المُحلّل العسكريّ، هو أنّ جيش إسرائيل لم يكُن مستعدًا لتغيير التهديدات الإقليميّة، وتمّت صياغة الخطط في وقت الحرب، وحتى الجيش نفسه لم يكُن مقتنعًا بأنّهم يستطيعون الصمود، ومن أجل تحمل الضغط ، كان على القيادة السياسيّة أنْ تكون متأكّدةً من أنّ لديها جيشًا ذا قدرة حقيقية، أوْ أنّ المعركة الدبلوماسية ستضيع أيضًا.
ونتيجة أخرى، تابع التقرير، كانت مخصصةً بشكلٍ رئيسيٍّ لجيران إسرائيل: في حرب الخليج، أعدّت إسرائيل إجراءات عقابيّة قاسيّة بشكلٍ خاصٍّ، لم تُنفذّها لأنّها لم تكُن جاهزةً من وجهة نظرٍ سياسيّةٍ أوْ عمليّةٍ أوْ استخباراتيّةٍ، لكنّ استعدادها لإلحاق الضرر بالمدنيين من أجل إلحاق ضررٍ هائلٍ بدولةٍ مُعاديةٍ، لا يزال قائمًا حتى اليوم، والقدرات الاستخباراتيّة والتشغيليّة طويلة المدى موجودةً أيضًا.
وخلُص التقرير إلى القول إنّه على العدوّ أنْ يعلم أنّ الشيء الوحيد الذي يمنع إسرائيل من ضرب المدن الكبرى ردًا على الهجمات على مدنييها هو استعداد القيادة السياسيّة للقيام بذلك بالفعل، على حدّ تعبيره، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ القيادة الأمنيّة، العسكريّة والسياسيّة كانت تخشى من قيام العراق بضرب مفاعل ديمونا النوويّ.