مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 الأمريكيون يطلبون من تركيا حماية أعدائها! افتتاحية القدس العربي
ليس من دون دلالة أن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، اختار مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأثناء زيارته للدولة العبرية، لتعديل موقف رئيسه دونالد ترامب حول الانسحاب الأمريكي من سوريا، الذي قام «بلحس» تصريحاته التي يناقض كل واحد منها الآخر حول الموضوع، في إشارة واضحة أن تل أبيب قرّرت كبح «تهوّر» الرئيس الأمريكي.
ما يهمّ الأجندة الأمريكية الجديدة حول الانسحاب، حسب بولتون، هو «التأكد من أن استمرار الدفاع عن إسرائيل (والآخرين في المنطقة) هو أمر مضمون»، ولتوضيح من هم المقصودون بـ«الآخرين» طالب بولتون تركيا، بلهجة لا تخلو من التهديد، بـ«حماية الأكراد والأقليات» قائلا إن الجيش التركي لا يمكن أن يتحرك إلا بتنسيق مع واشنطن، وهو تصريح أدّى إلى فورة غضب تركيّة فورية مما أفشل زيارة بولتون إلى تركيا، والتي اقتصرت على لقاء إبراهيم قالن، الناطق باسم الرئاسة التركية بعد رفض الرئيس رجب طيب إردوغان واتهامه بارتكاب خطأ فادح.
شرح إردوغان موقف الأتراك بصراحة قائلا إن من يطالب بولتون تركيا بحمايتهم هم «إرهابيون» وأن الإرهابيين قد يكونون أكرادا أو أتراكا أو تركمانا أو عربا، و«إن كانوا إرهابيين فسنقوم باللازم بغض النظر من أين أتوا»، كما ردّ الناطق باسمه على بولتون بالقول «إن الجيش التركي لن يأخذ إذنا من أحد».
سعت زيارة بولتون للشرق الأوسط إلى حلّ مجهولين في المعادلة السورية (من أصل عشرات المجاهيل) هما أمن إسرائيل وحماية عناصر حزب العمال الكردستاني التركي العاملين في سوريا، وجاءت زيارة بولتون لإعادة ترتيب للأولويات (إسرائيل ثم حزب العمال الكردستاني…) من دون إجابة فعلية على سؤال: من سيملأ الفراغ الذي سيتركه الانسحاب؟
أحد الحلول التي حاولت إدارة ترامب بحثها هي إحلال قوات من مصر والإمارات وقد ناقشته دول عربية أخرى (بينها الأردن) ولكنه لم يصب نجاحاً يذكر لأنه سيضع هذه القوّات في مرمى نيران الجميع، من تركيا نفسها والفصائل السورية القريبة منها، إلى إيران وميليشياتها التي ستجدها فرصة لمماحكة الدول الخليجية في ساحة أخرى غير اليمن، وكذلك باقي الأطراف، كالتنظيمات الجهادية وربما روسيا والنظام السوري أيضا.
تركيا ردّت على هذا الطرح باقتراح قدّمه الرئيس التركي في مقال له في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية وتحدث فيه عن «تأسيس قوة استقرار تضم مقاتلين من أطياف المجتمع السوري كافة»، وكان اللافت في هذا الطرح أن «قوة الاستقرار» المقترحة ستضم أكراداً، في رد واضح على أن تجاهل الأمريكيين لواقع أن الأكراد ليسوا جميعهم مناصرين لحزب العمال الكردستاني.
يشير خبر بحث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مساعدة السلطات العراقية في موضوع الانسحاب الأمريكي من سوريا على مدى التخبّط الذي وصلت إليه إدارة البيت الأبيض، وكذلك مدى الابتعاد عن المنطق فيها.
قرار الانسحاب، كما كشفت وسائل الإعلام، جاء استجابة لطلب الرئيس التركي من نظيره الأمريكي حلّ مشكلة حزب العمال الكردستاني التي تؤرق الدولة التركية، ولكون هذا الحزب واجهة لإيران، التي يتعامل معها نفطيا، وللنظام السوري، الذي «نفخ» فيه من روحه، بعد الثورة السورية، وسلّمه مناطق شاسعة من البلاد لكسر التحالف الكردي ـ العربي ضد النظام، وللاستثمار في عداء الحزب لتركيا.
النتيجة أن ترامب، الذي كان قد وعد جمهوره مرات كثيرة بسحب الجيش الأمريكي من مناطق الصراع التي تستنزف الخزينة الأمريكية، وإعادة «شبابنا إلى الوطن»، وجد الفرصة سانحة لإعلان ما يتوق إليه فكان أن سارعت «الاستابلشمنت» (المؤسسة) الأمريكية في الجيش والخارجية، للتدخّل، وكذلك فعلت إسرائيل، ورأينا ترامب «يتأتئ»، ورجاله يحاولون حلّ القضية مجددا على حساب تركيا.
2 الحرب مع واشنطن ستتصاعد.. بولتون وبومبيو يتنقلان في الشرق الأوسط لشرح استراتيجية الولايات المتحدة ولتوزيع الأدوار.. وهذه تفاصيل الخطة في سورية والعراق بسام ابو شريف

راي اليوم بريطانيا

الأزمة الداخلية التي يعيشها دونالد ترامب مع مجلس النواب الاميركي لاتؤثر على توجهاته العدوانية في الشرق الأوسط ، وهذا مايدفعه لاتخاذ قرارات حساسة على الصعيدين الداخلي في الولايات المتحدة والخارجي للسير قدما في مخطط العدوان بالسلاسة والخبث الممكنين ، وهو رجل مسرحي يرتكب الجريمة بغطاء يشد الأنظار بعيدا عنها .
اقتنع دونالد ترامب بأن انتصارات الجيش العربي السوري ، وحليفه الأساسي روسيا جنبا الى جنب مع حلفائه الايرانيين ، ومعسكرالمقاومة العربية المتمثل بحزب الله ، اقتنع بأن السيطرة الاميركية الاسرائيلية على سوريا غير ممكنة ، وأن اسقاط النظام غير ممكن وأن لاهدف استراتيجي لوجود القوات الاميركية في سوريا ، ولذلك أعلن أنه سيسحب القوات الاميركية من سوريا لكنه لم يقل يسحبها الى أين ولا أعلن عن موعد لسحبها ، وترك هذين الموضوعين الهامين ميدانا حرا له يقرر مايشاء حولهما ، وبطبيعة الحال سوف يقرر على ضوءالتعديلات التي أدخلها على استراتيجيته العدوانية .
نذكر الجميع بأن التحرك الاميركي في الشرق الأوسط منذ مجيء ترامب للبيت الأبيض سخر تماما لخدمة أهداف اسرائيل كشريك امبريالي للامبريالية الأكبر الممثلة بالولايات المتحدة ، وحجم ترامب الدور الاوروبي بقدر يوازي تحجيمه لحصة اوروبا من المصالح في الشرق الأوسط ، ونذكر بأن ترامب لم يخف اطلاقا توجهاته الشرق أوسطية فقد أعلن في حملته الانتخابية مايسعى لتحقيقه الآن ، وحدد ذلك بقوله : سوف يسجل التاريخ أنني الرئيس الاميركي الذي خدم اسرائيل أكثر من أي رئيس آخر ” ، وخدع الرئيس محمود عباس الذي صدق ما كذب فيه ترامب عندما التقيا .
وبدأ خطته بتوجيه الضربات لمنظمة التحرير الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية ولعباس وبطبيعة الحال لقضية الشعب الفلسطيني ( القدس – الضفة – الدعم المفتوح وفتح أبواب الجزيرة والخليج لاسرائيل وشن الحرب على اليمن وترويع مصر والتحكم بقرارها السياسي ) .
وأعلن أنه سيطلق صفقة العصر منذ ذلك الاعلان انسحب هو ونتنياهو من اليونيسكو لأن موقفها عادل تاريخيا من الناحية الثقافية ، وألغى اعترافه بالأونروا وقطع المساعدات عنها ثم قطع المساعدات عن السلطة وأغلق مكتب م ت ف في نيويورك ، وهو بذلك يكون قد سحب اعتراف الولايات المتحدة بمنظمة التحرير وألغى توقيع الرئيس كلينتون على اتغاق واشنطن وراح يحدد الحلول التي يراها والقائمة على ضم اسرائيل لكامل الأرض الفلسطينية باستثناء غزة وكذلك الجولان السوري والفلسطيني .
كانت تلك الخطوات شن الحرب التصفوية على قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني ، وألغى كافة المواقف التي اتخذت منذ مؤتمر مدريد تماما ، كما انسحب من الاتفاق النووي الايراني ومعاهدة المناخ ، وتماما كما حدد لاوروبا دورها المحدود وأجبر دول حلف الأطلسي على دفع أجور القوات والصواريخ الاميركية في اوروبا .
من الواضح أن كل هذه الخطوات جاءت تنفيذا لطلبات الحركة الصهيونية وليس لمصلحة الولايات المتحدة . لكن الهدف الاستراتيجي الذي رسمته له الحركة الصهيونية واسرائيل كان ايران ( سلما أو حربا ) ، قتصفية قضية فلسطين كما تراها الحركة الصهيونية ترتبط ” اضافة لابتلاع الأرض وتمدد الاستيطان الصهيوني العنصري والبطش والتنكيل والارهاب المنظم من دولة الصهاينة ” ، بتدمير الدول المحيطة بفلسطين ” بشكل خاص سوريا والعراق ” ، وبغزو الجزيرة والخليج سياسيا واقتصاديا وضرب ايران ومعسكر المقاومة العربية بزعامة حزب الله .
ايران … ايران
في بداية الأمر اقترحت الحركة الصهيونية على ترامب وكذلك اسرائيل عبر كوشنر توجيه ضربات قاتلة للبنية التحتية العسكرية لايران ” المفاعلات ومصنع الصواريخ والصناعات الجوية وصناعة الدبابات والسفن الحربية ” ، لكن تحرك ايران السريع لمشاركة المقاومة الشعبية في العراق وسوريا ولبنان واليمن أجبر ترامب واسرائيل على مراجعة الموقف ، و(نلاحظ هذا الأمر بوضوح عندما ندقق في موقف نتنياهو والحكومة الاسرائيلية التي أصبح شعارها اخراج القوات الايرانية من سوريا ، وحرمان ايران من النفوذ في العراق )، لكم الهدف الرئيسي لترامب بقي واستمر : ايران فهذا أمر مرتبط بأمن الولايات المتحدة السياسي والاقتصادي ، وليس فقط بأمن اسرائيل وبرنامجها للهيمنة على نفط الخليج .
وقرر ترامب اجراء التعديلات على خطة العدوان على المنطقة ، فأعلن عن نيته سحب القوات الاميركية من سوريا ، وانهالت التحليلات من كل صوب ، ومن كل من يدعي أنه “خبير حسبما يحلو لمحطات التلفزيون” ، أن تلقب من تقابلهم .
ترامب أعلن انه سيسحيب قواته لكن قواته ستبقى فاعلة في سوريا عندما يريد ، ويحاول باعلانه هذا أن يصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد ، فقد تخلص من الجنرال ماتيس لأنه يريد وزير دفاع لايناقشه في قراراته تماما كما تخلص من وزير الخارجية ليأتي بالوزير بومبيو ( CIA) ، ومستشاره لشؤون الأمن القومي ليأتي بالسفير بولتون المعروف بأنه من اليمين المتطرف ، وصهيوني التوجه ولايمانع بأن يصدر له كوشنر تعليماته .
من ناحية اخرى اعلان ترامب أربك لوقت محدد حلفاء ترامب ” تركيا والخليج وحتى اسرائيل” ، لكنه سرعان ما أرسل بولتون وبومبيو لشرح الأهداف وتوزيع الأدوار ” من الضروري الملاحظة بأن كوشنروابنة ترامب كانا ضمن وفد بولتون وضمن وفد بومبيو للسعودية ” ، فماهي خطوة ترامب التالية ؟
اتخذ ترامب قرارا في منتصف ديسمبر من العام الماضي بأن يفرز قواعد القوات الاميركية في العراق وان ينقل تدريجيا قواته من سوريا الى العراق ( وقد جرى بحث هذه الخطوة على نطاق ضيق جدا مع مسؤولين عراقيين وأكراد ينتمون لحزب برازاني ، وجرى ارسال مجموعة من المسؤولين سرا الى اسرائيل لبحث تفاصيل عملية ، الهدف من نقل القوات الاميركية الى العراق وتعزيزالقواعد الاميركية فيها واقامة قواعد استناد في كردستان ) ،هو تحويل العراق الى قاعدة ارتكاز في حرب ترامب على ايران وضرب قواتها وضرب خط امداد قواتها في سوريا وخط امداد حزب الله .
وفاجأ ترامب العالم بزيارته ليلة عيد الميلاد هو وزوجته للقاعدة الاميركية في العراق ، وكان ” حسب المعلومات ” ، قد أجرى اتصالات مع فئة معينة من المسؤولين لابلاغهم بذلك ، الخطر الأمني في بغداد كان تبرير نزوله في القاعدة الاميركية لكن هذه الحجة كانت غطاء شكليا والهدف كان الاعلان بأن قواته هي التي تحكم العراق وأمر لاحقا قائد القوات بالسير في شارع الرشيد وشرب القهوة في مقهى شعبي ونفذ الضباط الأمر ولم يرجمهم احد بحذاء ، وصول ترامب للقاعدة وتجول الضباط في شارع الرشيد كان اعلان بداية المواجهة الاميركية للنفوذ الايراني في العراق تمهيدا لتحويل العراق الى قاعدة ارتكاز للعدوان على ايران ، وبؤرة ارهابية لتنفيذ عمليات ارهابية داخل ايران ، ولاحكام السيطرة الالكترونية على اتصالات ايران وتحركاتها العسكرية في الوقت ذاته كلف برازاني وجماعته الاتصال والتعاون مع اسرائيل وبدأ عملاء واشنطن في النظام بمد رقابهم نحوه لجس النبض للتطبيع مع اسرائيل ومواجهة النفوذ الايراني في العراق .
تعزيز الوجود العسكري الاميركي في العراق سوف يبقي القدرة الاميركية على التدخل في سوريا اذا احتاجت واشنطن ذلك دون رادع ، لكن ارضاء الحليف التركي واستخدامه في معركة ترامب واسرائيل ضد ايران سيأتي من خلال : ( موافقة واشنطن على دخول قوات انقرة شمال شرق الفرات بحجة محاربة داعش ضمن اتفاق سيناقشه بولتون بعدم قيام تركيا باطلاق النار على الأكراد ) ، فتكون واشنطن قد أرضت حليفين التركي والأكراد – جزء منهم
اذا كان تقدم معسكر المقاومة قد أجبر اسرائيل وواشنطن على التراجع ، وتغيير الخطط فان القاعدة العامة تصبح واضحة وهي أن الاستمرار في الهجوم الدفاعي سوف يجبرهم مرة اخرى على التراجع ، وتأتي هنا أهمية ربط العمل المقاوم من العراق الى فلسطين ، فحالة الاستبسال المتواصل هي التي تربك اسرائيل ، وتجعل بلع قضية فلسطين عسيرا ومستحيلا ، وهذا يتطلب تمتين العلاقة مع قاعدة اسناد المقاومة الاولى ايران وقاعدة الاسناد الثانية سوريا ، والنهوض بعمل مقاوم للوجود الاميركي في العراق ، والتصدي للمجموعات التي تسعى للتطبيع والسيرفي ركاب اميركا .
ومن الضروري أن نشير هنا الى الخبث الذي تحمله هذه المخططات والتحركات ، الخبث في العراق يكمن في تخصيص موازنات ضخمة لاحداث شرخ بين المؤيدين لقضية فلسطين والذين يتساوقون مع التطبيع وصفقة العصر، وقد ذكر ترامب أنالولايات المتحدة صرفت 6 تريليونات على حرب العراق لكنه لم يذكر عشرات المليارات التي نهبتها من ثرواته ومليارات الدولارات التي جنتها اسرائيل وتركيا من نفط الشمال.
ثانيا: في الوقت الذي تتكثف جهود ترامب لانشاء جبهة لمواجهة ايران من حلفاء اميركا واسرائيل من الدول العربية برزت المشاكل التي طغت على العلاقات الاميركية مع السعودية والعلاقات السعودية التركية، وقد أخر هذا اللقاء العلني بين اسرائيل والسعودية فاندفع ترامب بخطته لتأكيد قيادة الولايات المتحدة لدول المنطقة.
وسيبحث بومبيو مع السعودية في ترميم العلاقات الخليجية بأسرع وقت لانشاء هذا التحالف الاسرائيلي العربي الاميركي ضد ايران وحزب الله والمقاومة . كذلك نشير اى أن ترامب وضع تكتيكا مخادعا وخبيثا مع ايران باجراء اتصالات لبدء مفاوضات اميركية ايرانية رفضتها ايران بسبب أسسها التي حددها ترامب وهي أسس غير مقبولة من ايران ( منها اعادة التفاوض حول الاتفاق النووي وانهاء صناعة وتطوير الصواريخالبلاليستية وعدم الدخول ميدان الفضاء والأقمار الصناعية ) ، كذلك تحاول الولايات المتحدة خداع سوريا عبر رسائل لاقامة علاقات رفضتها سوريا ، أما فيما يتعلق بالجولان فقد شدد نتنياهو على اعلان اميركي بأن الجولان هي أرض اسرائيلية بسبب ما وصل لاسرائيل من معلومات حول اتفاق ضمني اميركي روسي حول اعتماد اتفاقية الفصل في الجولان ونشر قوات الأمم المتحدةعلى اعتبار أن الجولان هي أرض محتلة وينطبق عليها قرار 242 ، يريد نتنياهو أن يتصدى للموقف الروسي بموقف اميركي ، ووعد بولتون نتنياهو بدراسة هذا الأمر ، وحذر اسرائيل بالمقابل من ميزان التجارة المرتفع بينها وبين الصين ، خاصة في مجال الالكترونيات ” التي هي بالأساس أسرار اميركية”.