مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم الاحد

1 جيمس جيفري.. دبلوماسي بملفات عسكرية
الدكتور حسن مرهج راي اليوم بريطانيا

الدبلوماسي الذي كلفته واشنطن بملف سوريا جيمس جيفري، يؤمن بفكرة أن يدفع الجميع وأن تبقى أمريكا هي القوية، و هو بذلك لا تختلف توجهاته عن توجهات ترامب بخصوص إيران وبخصوص الحصول على أموال من الدول الأخرى، لذا اختاره لهذه المهمة، ففي وقت سابق و تحديدا في 18 آب العم المنصرم، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تعيين سفيرها الأسبق في العراق جيمس جيفري، مستشارا خاصاً لوزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” لشؤون التسوية في سوريا، كما أعلنت واشنطن بتاريخ 4 كانون الثاني أن المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري سيتولى مسؤولية المبعوث الأميركي للتحالف الدولي، و لعل المهام التي سيحملها جيفري في حقيبته ستتمحور في بحث جميع جوانب الصراع السوري، والعمل على تنسيق عملية الحل السياسي في سوريا.
مما لا شك فيه ان تعين جيفري مبعوثا خاصا للتحالف الدولي إلى سوريا، يحمل الكثير من الدلالات إذا ما نظرنا إلى الوقائع و المستجدات التي ينطوي عليها الشأن السوري، فالتطورات الحاصلة أرخت بظلالها على إدارة ترامب، و بات البحث عن مخرج يجنب واشنطن الهزيمة المعلنة في سوريا، هاجس أروقة و مكاتب البيت الأبيض، و لا شك أيضا بأن جيفري يملك شخصية سياسية كسبها من خلال عمله الدبلوماسي في سفارات أمريكا في العالم، أو من خلال الأبحاث التي يقوم بنشرها في معهد واشنطن للشرق الأدنى، حيث ان اليوم الخريطة التي تلخص المشهد السوري باتت سياسية أكثر منها عسكرية، فالميدان بات بيد الجيش السوري، و هذا ما تدركه واشنطن جيدا، فالانتصارات التي حققتها الدولة السورية و جيشها، أجربت جميع الأطراف إلى المطالبة بالتسويات السياسية، خاصة أن معركة إدلب توشك على البدء، وبالتالي عودة آخر معاقل الجماعات الإرهابية إلى حضن الدولة السورية، فيما بدأت تعترف الدوائر الغربية بانتصار الرئيس الأسد، وهنا تدرك أمريكا أنها لن تستطيع تطبيق سياساتها في سوريا، كونها خاسرة وليست رابحة في الحرب.
السياسي المخضرم جيمس جيفري مبعوثا للتحالف الدولي إلى سوريا، و هنا التأكيد الأمريكي بأن الحل سيكون سياسيا في سوريا، و باختصار فإن الرئيس الأسد اسس لمنهج أجبر واشنطن و أدواتها على الانصياع و البحث عن حلول توفق دمشق، فالجلي أن مسار أستانا هو المسار الفاعل في وضع حل للأزمة السورية، مع تراجع مسار جنيف باعتماده حلا للأزمة السورية، و عليه فإن المساعي الروسية الرامية إلى إعادة الإعمار و عودة اللاجئين إلى سوريا، هو المسعى الذي تحاول أيضا واشنطن الاعتراف به، من خلال تعيين جيفري مبعوثا للتحالف الدولي الى سوريا، يضاف إلى ذلك، أن التوترات الي أفرزتها الأزمة السورية، بين حلفاء الأمس، دخلت مرحلة حساسة و لابد من حلحلة الكثير من القضايا، فالتوترات الأمريكية التركية أجبر الأخيرة على تعزيز علاقاتها مع روسيا، و هنا لابد من تصحيح هذا المسار برعاية جيفري، كما أن الاكراد بات لديهم تخوف دائم من واشنطن، و هنا أيضا سيكون لـ جيفري مهمة إعادة بناء جسور الثقة مع الأكراد، من هنا بات واضحا أن جيفري تم تكليفه بهذه الملفات و هو صاحب مناصب سياسية في الدول المحيطة بسوريا كسفير سابق في كل من العراق وتركيا، وهو يعرف المنطقة جيداً لا سيما وأنه يعمل كباحث في معهد واشنطن للشرق الأدنى، وهو المعهد المعني بالاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية لأمريكا في الشرق الأوسط مع تركيز خاص على تركيا والعراق وإيران.
يعتبر جيفري من أكثر المنتقدين لسياسة ترامب تجاه ايران و روسيا، و ينحاز إلى تحسين العلاقات مع تركيا، كما تعوّل واشنطن عليه في إدارة مفاوضات حازمة مع الأطراف الإقليمية المختلفة وكذلك ما تبقّى من فصائل مسلحة في سوريا، بما يضمن لواشنطن حصة من النفوذ في سوريا والمنطقة، كما يعرف عن جيفري معارضته لانسحاب القوات الأمريكية من العراق في العام 2011، إذ اعتبر وقتها أنه “من دون وجود بصمة على الأرض عبر بقاء القوات الأمريكية، فإن تأثير أمريكا ونفوذها سيتحجّم لمصلحة إيران”، ما ينبئ بأن جيفري سيدعم بقاء القوات الأمريكية في سوريا، لكن هذا الأمر مشروط بقدرته على نسج تفاهمات على الأرض لحماية هذه القوات من هجمات قد تتعرض لها سواء من المقاومة العشائرية التي كونتها سوريا، أم الفصائل المقاومة التي تعمل تحت إشراف المستشارين الإيرانيين.
الواضح أن جيمس جيفري سيفتتح صفحة جديدة من التطورات السياسية في سوريا، و الواضح أيضا أن إعادة تسخين الكثير من الملفات في الشرق الأوسط، هو مصلحة أمريكية، و بالتالي بقدر ما ستكون مهمة جيفري صعبة، سيكون للدولة السورية و حلفاؤها، مهمة سهلة، و هذا ما أثبتته الكثير من الوقائع في الشأن السوري، فـ سوريا انتصرت، و على جيفري و غيره الدخول في معادلة الانتصار التي فرضتها الدولة السورية، و إلا ستكون الهزيمة السياسية من نصيبه كما كانت من نصيب رئيسه.
2 الطاقة الإنتاجية العراقية حوالى 5 ملايين برميل يومياً وليد خدوري
الحياة السعودية
يتضح أن أهداف العراق في تصدير أربعة ملايين برميل يومياً وإنتاج خمسة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، أصبحت أمراً ممكناً وواقعياً. على رغم الصعوبات والتحديات التي ماتزال تواجه قطاعي الإنتاج والتصدير، بحسب نشرة أبحاث الطاقة الشهرية للشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب) في عددها الأخير بأن الحكومة الفيديرالية الحديثة العهد تعمل على تحقيق واستدامة هذه الأهداف الإنتاجية والتصديرية بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والقلاقل التي أدت الى تأخير تطور الصناعة النفطية العراقية.
سجل الإنتاج العراقي 4.65 مليون برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بحسب نشرة «ابيكورب». وعلى رغم العراقيل والحصار الدولي خلال التسعينات وما تلى ذلك من هزات داخلية مستمرة خلال العقدين الماضيين، استطاع العراق زيادة طاقته الإنتاجية من حوالى مليوني برميل يومياً في عام 2003، إلى اكثر من أربعة ملييين برميل يومياً في الوقت الحاضر، ما يضعه في المرتبة الإنتاجية الثانية بعد السعودية في «أوبك»، وتدل هذه الزيادات الإنتاجية، على رغم الأوضاع الصعبة، على طاقات العراق النفطية الكامنة.
كما هو معروف؛ تكمن احتياطات العراق المهمة في جنوب البلاد، وخصوصاً في محافظة البصرة، القريبة من موانئ التصدير. وبلغت طاقتها التصديرية 3.6 مليون برميل يومياً خلال عام 2018.
وكدليل على إمكانية زيادة الطاقة الإنتاجية العراقية خلال الفترة المقبلة، تشير نشرة «ابيكورب» إلى الإنتاج الراهن من الحقول الجنوبية التالية: الناصرية (تديره شركة ذي قار العراقية): 90 ألف برميل يوميا، والغراف (تديره شركة بتروناس البرازيلية) 87 ألف برميل يومياً، وحلفايا (تديره شركة النفط الوطنية الصينية) 250 ألف برميل يومياً، ومجموعة حقول ميسان: (تديرها شركة سنووك الصينية) 230 ألف برميل يومياً، والزبير: (تديره شركة ايني الإيطالية) 454 ألف برميل يومياً، والرميلة (تديره شركة بريتش بتروليوم) 1.475 مليون برميل يومياً، وغرب القرنة -1 (تديره شركة اكسون الأميركية) 455 ألف برميل يومياًَ.
وتدل المعلومات المتوافرة أن الطاقة الإنتاجية المستدامة لهذه الحقول الجنوبية تقدر بأكثر من ضعف مستوى إنتاجها الحالي. إضافة إلى الطاقات الإنتاجية الكامنة في الحقول قيد التطوير، الأمر الذي يشير إلى الطاقات الإنتاجية الإضافية المتوافرة للعراق.
وهناك الإنتاج من الحقول الشمالية، وصادرات كلاً من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان عبر ميناء جيهان في تركيا، وهناك إمكانية لزيادات الصادرات في حال التوصل، بعد الخلافات العديدة بين الطرفين، حول مسؤولية الإنتاج من حقل كركوك. وهناك مسودة اتفاق بين وزير النفط السابق ورئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي وحكومة الإقليم لانتاج وتصدير الأخيرة 100 ألف برميل يومياً من كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها. وهناك محادثات لزيادة الطاقة التصديرية لخط أنبوب الإقليم من 700 ألف برميل يومياً إلى مليون برميل. وتم الاتفاق بين شركة نفط الشمال وشركة «بريتش بتروليوم» لتطوير الطاقة الإنتاجية لحقل كركوك من 750 ألف برميل يومياً، هذه الطاقة التي انخفضت خلال السنوات الأخيرة إلى النصف تقريباً، واعادتها إلى 750 ألف برميل ثانية، بل زيادتها إلى مليون برميل يومياً.
يجمع المراقبون لصناعة النفط العراقية، أن التحدي الرئيس للبلاد هو ليس زيادة معدل الإنتاج النفطي فقط، بقدر ما هو مواجهة تحديات عدة في قطاع النفط وبقية المرافق الاقتصادية العراقية (الموازنة العامة، والتعيينات الحكومية). ومن التحديات المهمة تحسين أداء دوائر الدولة وموظفيها حيث ان الأداء مايزال متخلفاً ومعرقلاً. وتفشي الفساد الذي أصبح الهم الأكبر عند الرأي العام المحلي، والذي تكلم عنه بعض السياسيين أنفسهم عبر وسائل الإعلام المحلية. والأمر البارز في الفساد المستشري في العراق هو ليس فقط شيوعه في معظم أجهزة الدولة، وبالذات القطاع النفطي، بل حجم المبالغ التي تتم سرقتها من خلال مناقصات القطاع العام، أو تهريب النفط الخام. وبما ان قطاع النفط الخام هو أكبر واهم قطاع اقتصادي في البلاد، فقد شاع الفساد فيه أكثر من غيره، وبالذات من قبل الأطراف السياسية المتنفذة. من الصعب عودة البلاد إلى الحداثة واكتساب احترام الرأي العام المحلي أو الدول الأجنبية والمؤسسات المالية العالمية، من دون حملة قوية لمكافحة الفساد من خلال محاكمة المسؤولين عنه واستعادة بلايين الدولارات المنهوبة.
وينصب اهتمام المراقبين ثانياً على ضرورة تنفيذ خطط البنى التحتية لقطاع النفط من خطوط أنابيب ومحطات ضخ وخزانات في الحقول الجنوبية ومرافئ التصدير لتحقيق الزيادة المبتغاة في الطاقة الإنتاجية والتصديرية. الأمر الذي يعني ان مسألة استمرار زيادة التصدير هي قضية وقت إلى حين استكمال تشييد البنى التحتية اللازمة.
كما تبقى هناك ثالثاً مسائل نفطية عالقة ذات أبعاد سياسية داخلية مهمة. الأولى تتعلق بأهمية توجيه مخصصات أكبر للمحافظات عموما، فلم تخصص الأموال اللازمة لها، وصاحب ذلك سوء إدارة محلية وفيديرالية ما فاقم الأمور، وما المظاهرات المستمرة في البصرة منذ أوائل الصيف الماضي الا دليل على فقدان الثقة بين أهالي المحافظات. أن استمرار مظاهرات البصرة لفترة أطول سيشكل تدريجياً خطراً على الصناعة النفطية، في حال استمرار إهمال مطالب المحافظات.
والمسألة الرابعة العالقة من دون نتائج ترضي الأطراف المختلفة هي الخلافات السياسية مع إقليم كردستان (علاقة مصير الاكراد بالدولة العراقية) والاقتصادية (نفطية ومالية). أن ترك هذا التحدي مفتوحاً من دون حلول خلق شرخاً كبيراً في الدولة العراقية، وأدى إلى تشكيل نظام نفطي منفصل تقريباً عن نظام ومؤسسات الدولة النفطية.
خامساً، نشبت خلافات جديدة حول نظم وطريقة تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية. الأمر الذي قد يؤدي الى بروز خلافات عدة وعراقيل متعددة أمام هوية صناعة النفط العراقية في المستقبل القريب والبعيد، إذ ماتزال هذه الخلافات حول الشركة الوطنية أمام القضاء.
أخيراً، يبقى هناك التحدي الأهم، وهو إعادة استقلال العراق من الاحتلالات الأجنبية والتدخل الإقليمي في شؤونه الداخلية، التي افقدت قدرته على تبني سياسات تعكس مصالحه الأمنية والاقتصادية، وعلى تعيين الوزراء وتشكيل الحكومات من دون تدخل سافر من الأطراف الأجنبية.