مقالان عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 العراق قاعدة للإرهاب الإيراني.. إلى متى؟!
السيـــــــد زهـــــــره اخبار الخليج البحرينية

ليس لأحد أن يستغرب ما فعله نوري المالكي وما ارتكبه من جرم شنيع في حق البحرين حين قام برعاية افتتاح مكتب لجماعة إرهابية وتطاول على البحرين.
نوري المالكي هو أكبر عميل لإيران في العراق. وليس له من مهمة في العراق إلا تنفيذ الأجندة الإيرانية حتى لو كانت تعني خراب البلاد. ولهذا، السبب يعتبر المالكي، وبحسب العراقيين أنفسهم، هو المسؤول الأول عن إغراق البلاد في الطائفية وفي الفساد وفي نهب ثروات الشعب وسرقتها.
إذا كان يفعل هذا ببلاده ومستعد لأن يضحي بها وبشعبها في سبيل إيران ومشروعها الطائفي الإرهابي التوسعي، فكيف نستغرب أن يفعل هذا ويرتكب هذا الجرم بحق البحرين؟
ومع هذا، فإن ما حدث يعتبر تطورا خطيرا يجب التوقف عنده.
افتتاح مكتب لجماعة إرهابية في العراق ورعاية عميل إيران الأول للافتتاح، يعني أن التآمر الإيراني على البحرين لم يتوقف ولم يتراجع، بل مازال في أوجِّه.
وأيضا ليس هذا بالأمر الذي نستغربه. نحن نعرف جيدا أن النظام الإيراني هو الراعي الأول والأكبر لكل جماعات الإرهاب في البحرين وعديد من الدول العربية. ونعرف جيدا أنه لم يفكر يوما في التخلي عن مخططاته الإرهابية ضد البحرين وغيرها، وأنه لا يتردد لحظة في تقديم كل الدعم والمساندة لعملائه الإرهابيين.
الكارثة الكبرى هنا هو أن النظام الإيراني يحول العراق إلى قاعدة لإرهابه ضد الدول العربية، ولتنفيذ مخططاته الإجرامية المعروفة. وكذلك الحال بالنسبة إلى لبنان أيضا عبر حزب الله.
نعرف أن الأمر ليس قصرا على أن يكون العراق مقرا للجماعات الإرهابية مثلما حدث في افتتاح المكتب الأخير، وإنما أبعد وأخطر من هذا بكثير.
التحقيقات التي تجريها السلطات المسؤولة في البحرين منذ سنوات طويلة مع الإرهابيين الذين نفذوا عمليات إرهابية في البلاد وتم تقديمهم للمحاكمة ـ، تؤكد كل مرة، وبناء على اعترافات هؤلاء، أنهم جميعا تلقوا التدريب لتنفيذ عملياتهم الإرهابية إما في إيران، وإما في العراق ولبنان. أيضا، وفي حالات كثيرة ضبطت السلطات المسؤولة شحنات أسلحة للإرهابيين مصدرها العراق.
إذن، بالنسبة إلى البحرين ودول عربية أخرى، أصبح العراق قاعدة للنظام الإيراني لتنفيذ مخططاته الإرهابية.
باختصار، العراق بهذا الشكل أصبح عمليا مصدرا لتهديد الأمن القومي العربي والتآمر الإيراني على الدول العربية.
ولهذا الذي يجب لومه ومساءلته ليس شخصا مثل نوري المالكي. هذا عميل سافر معروف أمره. الذي يجب أن يساءل هو الحكومة العراقية.
كيف سمحت الحكومة العراقية أصلا بافتتاح مكتب لهذه الجماعة الإرهابية في العراق؟.. ألم تعرف أن هذا تدخل إجرامي سافر في شؤون البحرين، وبمثابة تآمر عليها وتحريض على تقويض أمنها واستقرارها؟.. ألم تضع لعلاقاتها مع البحرين أي اعتبار؟.

بل إنه حتى بعد أن احتجت البحرين رسميا على ما حدث واستدعت الخارجية القائم بالأعمال العراقي، لم نسمع من حكومة العراق أي إدانة أو توضيح من أي نوع.
قد يقول البعض إن الحكومة العراقية مغلوبة على أمرها أصلا، وإنها هي نفسها خاضعة للأوامر والإملاءات الإيرانية، ولا تستطيع بالتالي أن تردع إيران أو تمنعها من استباحة أراضيها وفعل ما تشاء.
لكن هذا لا يمكن أن يكون مبررا مقبولا لاستمرا هذا الوضع.. لا يمكن أن يكون مبررا لاستمرار العراق قاعدة للإرهاب الإيراني وتهديد الأمن العربي.
الأمر بحاجة إلى وقفة عربية عامة وليس من البحرين وحدها.
لقد كتبنا مرارا أن عودة العراق إلى ساحة أشقائه العرب هي مصلحة عربية. لكن لا يمكن أن يكون مقبولا أن يعود العراق، أو يظل هكذا، خنجرا في قلب الأمن العربي.
2 حيدر العبادي… الجريمة والعقاب
مصطفى فحص الشرق الاوسط السعودية
«جرائم» سياسية كثيرة ارتكبها رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي استدعت قراراً إيرانياً عاجلاً بمعاقبته، فلم تتردد طهران وموردوها في العراق بالمطالبة بإنزال أقصى العقوبات بحقه جرّاء ما ارتكبه من قرارات وما اتخذه من خطوات تصب أولاً في المصلحة الوطنية العراقية، التي من الطبيعي جداً أن تشكل تهديداً فعلياً لمصالح الأمن القومي الإيراني ومشاريع نفوذه الخارجية، خصوصاً الهيمنة على العراق سياسياً اقتصادياً، ثقافياً وعقائدياً. فمنذ توليه السلطة عام 2014 وحتى إبعاده ومن ثم تصفية تركته، لم يتردد حيدر العبادي خلال فترة ولايته الدستورية في رئاسة مجلس الوزراء وقيادته القوات المسلحة، ومن خلال فريق عمله السياسي والعسكري والأمني، في مواكبة تطلعات الشارع العراقي خصوصاً الشيعي الخارج على الهويات الفرعية؛ مذهبية كانت أم إثنية، والساعي إلى إعادة الاعتبار لهويته الوطنية من خلال وعي جماعي عراقي تبلور بعد الانتصار على «داعش» وفشل انفصال الشمال الكردي، ما أتاح أمام النخب العراقية الثقافية والاجتماعية وما تبقى من أبناء الطبقة الوسطى التفكير في إمكانية إعادة تعويم فكرة الدولة الكلاسيكية العراقية التي كانت تستمد قوتها منذ تأسيسها على قاعدة «جيش قوي واقتصاد متين»، فقد شكل هاجس الدولة التي تملك الحد الأدنى من السيادة على قراراتها في هذه المرحلة أكبر تحدٍ للطبقة السياسية العراقية التي أعادت قراءة العملية السياسية ما بعد سقوط نظام صدام حسين، التي اعتبرها العبادي أنها تواجه ثلاثة تحديات؛ أولها التأثيرات الخارجية في صناعة القرار العراقي التي وصلت، حسب قول العبادي، إلى حد الضغط باتجاه فرض وزراء من قِبل جهات خارجية. أما التحدي الثاني فقد لخصه العبادي في استمرار انتشار السلاح غير الشرعي لمجاميع مسلحة لا ترتبط بالأجهزة الأمنية الرسمية ولديها رؤية مختلفة عن رؤية الدولة والحكومة، أما التحدي الثالث فهو إشارته إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة نتيجة انخفاض أسعار النفط وعدم وجود بيئة آمنة تساعد في استقطاب الاستثمارات الخارجية.
لم تكن حركة العبادي ومساعيه بعيدة عن عيون طهران، لكنها انتظرت اللحظة المناسبة للانقضاض على خصم جدي يتبلور وسط بيئة من المفترض أن تكون موالية لها بأكملها، إلا أن المهندس البغدادي الذي يتمتع بمزايا الطبقة المتوسطة الساعية إلى حياة مدنية والذي ينتمي إلى جماعة حزبية تحميه من التشكيك في انتمائه الديني أو العقائدي، بات يشكل قلقاً قابلاً للتوسع داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها ووصل تأثيره إلى الشارع المحتقن القابل للانفجار في أي لحظة، لذلك خططت طهران لمعاقبة العبادي مباشرة بعد الانتخابات البرلمانية عبر أجنحة سياسية وعسكرية داخل مراكز صنع القرار الإيراني، استفادت من مجموعة أحداث أمنية واقتصادية ومطلبية، أغلبها مفتعل، أسهمت مباشرة في إبعاده عن موقعه. فقد حقق حادث إحراق القنصلية الإيرانية المفتعل في البصرة لهذا الفريق مبتغاه، ودفع الرأي العام الإيراني إلى التشكيك في نيات حيدر العبادي تجاه بلاده، كما أن الحريق أنهى الجدل بين عدة وجهات نظر مختلفة على كيفية التعاطي مع العبادي بعدما أجمعت مراكز صنع القرار الإيرانية المرتبطة بالعراق على اعتباره مُقصِراً في حماية مصالحها في العراق وأن حرق القنصلية برهان على موقف العبادي المبطن، وهو رسالة لمن يهمه الأمر في طهران بأن العبادي لن يمنع حصول أحداث مماثلة تطول مصالح طهران على طول الجغرافيا العراقية. كما تمكن هذا الفريق الإيراني – العراقي المشترك من تحميل العبادي مسؤولية الإهمال والفساد الذي تتعرض له محافظة البصرة، وقد تم استدراج العبادي إلى جلسة برلمانية مفتعلة لمناقشة الوضع الحياتي المتردي في العاصمة الاقتصادية للعراق. أثناء الجلسة فوجئ العبادي بوجود محافظ البصرة داخل الجلسة ويحمل لائحة من الاتهامات بوجه العبادي الذي لم يحسن الدفاع عن نفسه. بعد الجلسة تعالت الأصوات المدعومة من طهران بضرورة تحَمُل العبادي مسؤولية الأوضاع السيئة التي تمر بها البصرة وباقي المحافظات العراقية، وكانت الفرصة الذهبية لطرح فكرة منعه من الوصول إلى ولاية ثانية، وهو مطلب طهران الجوهري الذي يتقاطع مع خصوم العبادي السياسيين الساعين للخلاص منه والذي يعني الخلاص من حزب «الدعوة» الذي يحكم العراق منذ 2004.
عوقب العبادي على سعيه لقرار عراقي مستقل، وعلى حمايته لخريطة عراق موحد، وعلى قراره الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية ورغبته في بناء مؤسسات الدولة.