ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير نشرته (الثلاثاء 18 كانون الأول 2018)، أن فتح المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد اقلق سياسيي العراق وارعب ابنائهم.
وبدأت الصحيفة، في تقريرها بالحديث عن كريم طلال، والذي شارك مرتين في عمليات إزالة الجدران الكونكريتية المحيطة بالمنطقة الخضراء وسط بغداد، إحدها في العام 2016 عندما كان وسط آلاف من المتظاهرين الغاضبين الموالين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذين اقتحموا المنطقة المحصنة التي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، اما الثانية فتعتبر شرعية هذه المرة، حيث كان طلال جزءاً من فريق عمال تابعين لأمانة بغداد الذين رفعوا الحواجز الكونكريتية الإثنين الماضي تمهيداً لإعادة فتح الجانب المركزي من المنطقة بشكل جزئي”.
ونقلت الصحيفة عن طلال قوله، إن “هذه التغييرات ليست كافية حيث يجب ان تكون المنطقة الخضراء كغيرها من مناطق وأحياء بغداد، كما يجب ان تفتح الشوارع للجميع، وأن أكون قادراً على العيش في منزل مجاور لمنزل وزير.”
وبينت الصحيفة، انه “منذ الغزو الاميركي للعراق عام 2003 والمنطقة الخضراء محجوبة عن معظم السكان، حيث أصبحت المنطقة رمزاً للنفوذ الاميركي والتمايز المتنامي بين قادة العراق ومن انتخبهم من الجماهير”، مبينة أن “القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لفتح أجزاء من المنطقة المحصنة جاء بالتزامن مع الذكرى السنوية الاولى لنصر الحكومة على داعش، في إشارة الى أن العراق يتمتع بمرحلة من الاستقرار النسبي”.
وشوهدت احتفالات متقطعة قام بها البعض في ليلة إعادة افتتاح المنطقة، ولكن بالنسبة لكثير من العراقيين فإن عودتهم بشكل جزئي لهذا المكان من مدينتهم جاء متأخراً جدا، بحسب الصحيفة، فطلال وأصدقاؤه الخمسة يعيشون على بعد ميلين من المنطقة الخضراء لكن ثلاثة منهم لم تطأ أقدامهم المنطقة الخضراء أبداً”.
وقال أحد اصدقاء طلال ويدعى عباس فتحي، متهكماً: “السياسيون مسترخون في الداخل، فهم ينامون على وسائد من مال، إنهم يتمتعون بكل شيء والأحياء الأخرى من بغداد تفتقر لكل شيء.”
النائب حنين القدو، انتقل الى المنطقة الخضراء في العام 2011 مع زوجته وأطفاله الثلاثة، يقول للصحيفة، انه “فضلا عن كون المكان فيه رفاهية فإن انتقالته إليه كانت ذات ضرورة لحماية عائلته بعد أن تلقى تهديدات”.
وأضاف قدو قائلا: إنه “أشبه بكونك تعيش داخل سجن. فهم بحاجة لباجات خاصة للدخول والخروج، في حين يجب الحصول على موافقات خاصة للخروج أثناء الليل أو نقل أثاث أو شراء أجهزة إلكترونية أو اي شيء يمكن ان يستخدم لتصنيع أو تركيب أداة تفجير”.
ابنته، آية تذهب خارج المنطقة الخضراء للالتحاق بالجامعة ولكنها لم تخبر أي أحد من أصدقائها في الصيف عن مكان عيشها.
وتقول اية للغارديان “أنا لم أخبرهم لسبب أمني، وكذلك لكي لا ينظروا إلي بشكل مختلف”، “وبينما رحبت العائلة بالفتح الجزئي للمنطقة الخضراء، فان آية تخشى من احتمالية استغلال الإرهابيين لهذه الفرصة ويقومون بتنفيذ هجمات.
واشارت بقولها: “قد يحصل هناك المزيد من الانفجارات والسيارات المفخخة.”
بالنسبة للمهندس المعماري ونائب امين بغداد السابق للشؤون الهندسية هشام المدفعي، فان “مفهوم وجود أجزاء آمنة من المدينة في حين هناك أجزاء أخرى غير آمنة هو مصدر يدعو لإثارة التوتر بين العراقيين”.
ويشير المدفعي للغارديان، بقوله “نحن نكره فكرة وجود منطقة آمنة ضمن المدينة. هذا يعني ان الحكومة في مأمن بينما الشعب ليس آمناً.”
وبينت الصحيفة، انه “خلال العقود السابقة من خدمته العامة كان المدفعي مسؤولا عن تنفيذ خطط استراتيجية للعاصمة.
وتضيف ان كرادة مريم، هو الاسم الحقيقي للمنطقة الخضراء الذي يفضل المدفعي استخدامه، وكان من المفترض ان تكون منطقة سكنية تتخللها مبانٍ حكومية، ولكنّ حزب البعث أغلق بعض الطرق فيها بعد تسنمه للسلطة عام 1968. وفي العام 2003 أغلقت القوات الاميركية مداخل المنطقة وغيرت معالم بغداد بشكل دائمي”.
ويقول المدفعي، “سكان المنطقة الاعتياديون اضطروا لتركها”، مشيرا الى ان “مغادرتهم لها لم يكن قسرياً بل باختيارهم لأنهم سئموا من تقييدات حركتهم التي جعلت من حياتهم اليومية مستحيلة”.
وأكدت الصحيفة، أن “البغداديين لم يشعروا بعد بتأثير فتح المنطقة الخضراء الجزئي، فخلال ساعات دوام الصباح وعند انتهاء ساعات العمل بعد الظهر تبقى جميع شوارع وجسور بغداد تغص بالسيارات وتشهد زحاماً مرورياً شديداً.
طلال وأصدقاؤه في هذه الاثناء ينتظرون ما هم يتوقون إليه أكثر من حكومة عبد المهدي الجديدة من توفير فرص عمل وخدمات، بحسب الصحيفة.
وقال طلال: “إذا لم يلبّوا مطالب الشعب، سنقتحم المنطقة الخضراء مرّة أخرى. وسندخل بيوت الوزراء وستكون هناك مشكلة.”