6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الثلاثاء

1 عراقيون في العراء
د. باهرة الشيخلي العرب بريطانيا

كتب أحد الظرفاء مطلع هذا الأسبوع “كنت أظن أن العراق سيشهد اليوم 9 – 12 بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد فضح بعض الفاسدين وإلقاء القبض على واحد منهم على الأقل لكن ساعات النهار مرّت من دون أي كلمة عن المكافحة.. قلت في نفسي ربما لم يعد في العراق فساد فرجعت إلى المنظمات الدولية وتأكدت أننا مازلنا في أعلى درجات الفساد بين دول العالم ونحن نحتل الرقم 167 لا ينافسنا في شرف الفساد عربياً إلا الصومال وجنوب السودان وسوريا واليمن والسودان وليبيا.. وكل عام والفاسدون بخير”. بات واضحا أن الفساد بدأ يستوطن أرض العراق منذ احتلاله سنة 2003 وتتنامى مظاهره وتسفر في كل مناحي الحياة، وظهور العشوائيات في أرض وادي الرافدين مظهر واحد من تلك المظاهر، وهي واحدة من تداعيات الاحتلال وفساد حكوماته المتعاقبة، وتشكل ظاهرة أخرى، إلى جانب ظواهر الجوع والبطالة والفقر وما تحته ووراءه. من المفارقات الإنسانية الموجعة في زمن ما بعد 2003 أن تعيش كتل سكانية عراقية تحت خط اللامأوى في العراء وتحت السماء، في حين أن وادي الرافدين، تاريخيا، صمّم ليكون ملاذا آمنا للإنسان. هناك في العراق، اليوم، عشرات العشوائيات، التي استحدثها الإملاق في أطراف العاصمة والمدن الأخرى، وهذه العشوائيات خالية من كل مظهر من مظاهر الحياة، فلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات وحرم أبناؤها من التعليم ومن الحياة، وغالبية أولاد من يسكنون هذه العشوائيات يقتاتون على القمامة ويبحثون في المزابل عن طعام.
وأظهرت نتائج إحصاءات أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية العام الماضي، أن نحو 13 بالمئة من سكان العراق يعيشون في العشوائيات، ولم يشمل الإحصاء سكان محافظات إقليم كردستان العراق الثلاث (أربيل، دهوك، السليمانية)، كذلك استثنى المحافظات (نينوى، الأنبار، صلاح الدين) نظرا للأوضاع الأمنية المضطربة فيها.
واستنادا إلى بيانات الوزارة نفسها، فإن عدد تجمعات السكن العشوائي بلغت في 12 محافظة 3 آلاف و687 تجمعا عشوائيا. احتلت العاصمة بغداد (8 ملايين نسمة) مرتبة الصدارة فيها بواقع 1000 منطقة عشوائية، تلتها محافظة البصرة (نحو 3 ملايين نسمة) بواقع 700 منزل عشوائي. فيما كانت محافظتا النجف وكربلاء الأقل من حيث وجود التجمعات العشوائية، وبلغ عددها 89 منطقة فقط.
وقدّر مسح وزارة التخطيط عدد سكان العشوائيات، بالقياس إلى عدد الوحدات السكنية البالغ عددها 522 ألف وحدة بـ3 ملايين و300 ألف مواطن، يشكلون ما نسبته 13 في المئة‏ من سكان العراق. وتشير بيانات التخطيط إلى أن 88 في المئة من التجمعات العشوائية نشأت في أرض تعود ملكيتها للحكومة، فيما بلغ حجم العشوائيات على الأراضي التي تعود ملكيتها إلى القطاع الخاص 12 في المئة.
وشهد العراق انتشارا واسعا لتجمعات السكن العشوائي بعد سنة 2003، باستيلاء كثير من الفقراء على الأراضي المتروكة وتشييد مباني سكنية عليها، واستولت جماعات مرتبطة بأحزاب وميليشيات مسلحة على مساحات واسعة من أراضي الدولة واستثمرتها وبنت مجمعات تجارية عليها، أو وزعت بعضها على الفقراء لكسب أصواتهم في الانتخابات. وجاءت مشكلة موجات النزوح بعد صعود داعش سنة 2014 لتزيد الأمور تعقيدا، حيث عمدت آلاف الأسر النازحة إلى بناء بيوت متواضعة لها على مساحات الأرض المتروكة.
ومقابل العشوائيات هناك تخريب متعمّد وتشويه للمدن، وخصوصا بغداد، من خلال السماح بتقسيم البيوت ذات المساحات الكبيرة إلى مساحات صغيرة جدا وبناء بيوت عليها، أو الاستيلاء على جزرات الطرق وتشييد مبان عليها، بل وصل الأمر إلى التجاوز على محرمات الأنهار وبناء دور عليها في عشوائية يغذيها الفسادالمستشري دون حدود.
2 سوريا لابد من طرد الغزاة.. والحذر من سيناريو العراق بسام ابو شريف راي اليوم بريطانيا

– ماتهيئه واشنطن وتل ابيب والرياض هو تحويل ادلب الى بؤرة عدوان لتدمير انجازات الجيش العربي السوري .
– لابد من تدمير الارهاب في ادلب ” أدوات واشنطن وتل ابيب والرياض “
قمتان ناقش فيهما الرئيسان الروسي والتركي ، مقترح الرئيس اردوغان لتهدئة الوضع في ادلب ضمن تعهد تركي باخلاء المدينة من سلاح ثقيل تفرض من خلاله التنظيمات الارهابية ” أدوات القوى الخارجية المعادية لسوريا ” ، سيطرتها ليس على ادلب فقط بل على مناطق أوسع ذلك أن هذا السلاح ” ومن ضمنه صواريخ تحمل رؤوسا للمواد السامة” ، تستطيع أن تضرب حلب وغيرها .
وأكدت وزارة الدفاع الروسية وجود أدلة قاطعة على استخدام ” العملاء ” ، للمواد السامة في حلب ، ولم تقم الدنيا وتقعد لاستخدام هذا السلاح كما أقامتها الولايات المتحدة عندما اتهمت زورا دمشق باستخدام المواد الكيماوية ، ولم تقم روسيا بدك مواقع مطلقي المواد السامة كما فعلت الولايات المتحدة عندما دكت مواقع الجيش السوري بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا ردا على الادعاء بأن سوريا استخدمت الكيماوي !!! ، وطلب اردوغان بحث الوضع في قمة ثالثة !! لكن الأمور أصبحت واضحة ، فالأشهر التي مضت منذ قمة سوشي واتفاق الاستانة استخدمت من قبل الأعداء .. أعداء سوريا لتزويد الأدوات الاهابية في ادلب بصواريخ جديدة مضادة للطائرات ، وأسلحة كيماوية جعلت هذه الأدوات ” أوقح ” ، فيما تطرحه من مواقف ، من الواضح أن هنالك تسريع اميركي مع حلفائها لتغيير الوضع في سوريا بالانقضاض على الانجازات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفائه ، فهنالك ماتقوم به الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا ، وهو بناء تحتي لدولة انفصالية للأكراد وماتقوم به في جنوب سوريا وماتقوم به في ادلب .
وهذه الأشهر هي خسارة كبيرة لسوريا ولحلفائها ذلك أنها تجعل من أي معركة قادمة ” ، وهي قادمة لامحالة ” ، أصعب وستكلف أكثر فماذا تنتظر القوى المتصدية للارهاب ؟
الاستراتيجية الاميركية بدأت تأخذ زمام المبادرة ، وماقاله قائد قوات التحالف مؤخرا يشكل دليلا على توجهات الحلف المعادي ، فقد هدد ياستنساخ ” سيناريو العراق ” ، وتطبيقه في سوريا وهذا ” اعتراف باحتلال القوات الاميركية للعراق والتحكم بقرارات بغداد وثروات العراق ” ، وأكد كلامه بتصريح اعترف فيه بما كانت تخفيه واشنطن دائما تحت شعار محاربة الارهاب ، فقد قال : ” ان وجودنا في سوريا لايستهدف داعش فقط بل هنالك أهداف اخرى للولايات المتحدة ” ، وتدرس واشنطن مع تل ابيب والسعودية – التي أصر وزير الدفاع الاميركي ماتيس على موقف الدعم الاميركي للسعودية وحروبها الارهابية رغم مناقشات الكونغرس وبحثه لعقوبات ضد السعودية ” ، يدرسون التصعيد على كل الجبهات ، وتقوم الولايات المتحدة باتخاذ خطوات عسكرية تمس اتفاقات دولية و” عالمية التأثير ” ، للجم الحركة الروسية في سوريا ، ومن تلك الخطوات اثارة موضوع اوكرانيا وارسال مدمرة صاروخية نحو قاعدة بحرية روسية في المحيط الهادئ ، والتلويح بالخروج من اتفاق الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى .
المعركة في سوريا جوهرية ، ليس للعرب فقط وليس لمحور المقاومة فقط ، بل هي جوهرية لروسيا وسعيها لاعادة ترتيب ميزان القوى في العالم حتى لايبقى قائما على ساق واحدة ، هي الساق الاميركية وان التوازن والاستقرار لايتم في العالم دون أن يكون قائما على قرارات جماعية وليس أحادية من قبل قوة عظمى واحدة هي واشنطن .
الميدان السوري هو ميدان الحسم وليس اوكرانيا ولا المحيط الهادئ ، ففي الميدان السوري تقرر قضايا الشرق الأوسط وهي التي تمس جوهر الاستقرار والأمن في العالم .
ولابد لمحور المقاومة من اقناع روسيا بأن هنالك ضرورة لتغيير التكتيكات لتصبح هجومية ودون توقف ، ونعني هنا الهجوم الدفاعي كما حصل في حلب ودمشق ، ولابد من فتح الحدود العراقية السورية ، ولابد من تحويل الجيب الاميركي الى هدف لأنه احتلال .
3 «طوفان إيراني» من المخدرات واللاجئين والقنابل الإرهابية عبدالمنعم ابراهيم
اخبار الخليج البحرينية

حين تريد إيران ابتزاز الدول الأوروبية للوقوف معها ضد المقاطعة الاقتصادية والعقوبات الأمريكية، فإنها (تخوّف) هذه الدول من مخاطر تمس أمنها في أوروبا، وهذا ما ذهب إليه الرئيس الإيراني (حسن روحاني) مؤخرًا حين قال: (أحذر من يفرضون هذه العقوبات، أنه إذا تأثرت قدرة إيران على مكافحة المخدرات والإرهاب، فلن تكون في مأمن من طوفان المخدرات والساعين إلى اللجوء والقنابل والإرهاب)!
كلنا يعلم الدور الإيراني الكبير في صنع كل هذه المظاهر السياسية ومخاطرها في الشرق الأوسط والعالم، فهي ليست (جدار سد) ضدها بل صانع لها أصلاً فمنذ أسبوعين تقريبًا تحدث مسؤول أمني عراقي في مدينة البصرة أن معظم المخدرات التي تنتشر في البصرة تصل من إيران، وحليف إيران (حزب الله اللبناني) متورط في تجارة مخدرات في أمريكا ودول أخرى في أمريكا اللاتينية.
كما لا يمكن تبرئة إيران من إسهامها في التسبب بطوفان المهاجرين وطالبي اللجوء في أوروبا جراء دورها التدميري في الحرب السورية، ودعمها للمليشيات المسلحة الموالية لها في العراق، بل إنها سبب الهجرة اليمنية لدعمها للانقلابيين الحوثيين وتزويدهم بالسلاح والصواريخ لإطالة أمد الحرب هناك. إذن.. إيران هي المصدر الأساسي للهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى أوروبا.
أما تحذير أوروبا من طوفان القنابل، فهذه صناعة إيرانية بامتياز، وللتذكير فقط، منذ شهرين تقريبا أحبطت المخابرات الفرنسية خلية إيرانية تورط فيها دبلوماسيون إيرانيون كانوا يخططون لتفجيرات ضد مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، كما ضبطت بلجيكا دبلوماسي إيراني متهم بالتخطيط لعملية إرهابية ضد معارضين إيرانيين هناك.
إذن ما قاله الرئيس الإيراني (روحاني) مؤخرًا ليس تحذيرًا للغرب، بل إنه ما تقوم به إيران في أوروبا ودول العالم منذ سنوات طويلة، إنه طوفان إيراني من المخدرات واللاجئين والقنابل الإرهابية.
4 كيف تجاوز «داعش» الخط الأحمر مُجدّداً في العراق؟ عدنان حسين
الشرق الاوسط السعودية
لمناسبة مرور سنة على هزيمة تنظيم داعش في العراق وطرده منه، أعلنت الحكومة العراقية المناسبة التي تصادف اليوم، العاشر من ديسمبر (كانون الأول)، عيداً وطنياً تتعطّل فيه المؤسسات الحكومية. لكن ثمة بعض التضليل في هذا الإعلان، فـ«داعش» استعاد بعض نشاطه في الأشهر الأخيرة في عدد من المناطق التي طُرِد منها، وما عاد الكلام عن عودة هذا النشاط خفيضاً ومقتصراً على عدد من الكتّاب الصحافيين والخبراء الأمنيين والناشطين السياسيين والمدنيين، فقد انضمّ أخيراً قادة كتل سياسية وأحزاب متنفّذة في الدولة إلى المُحذّرين من هذه العودة المُنذرة بالأخطار.
آخر هؤلاء هو رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، الذي حذر في مؤتمر صحافي، أخيراً، من أن «(داعش) لم ينتهِ، وقد عاد إلى مناطق بشكل أسوأ من ذي قبل، وخطره أكثر من السابق»، لافتاً إلى أن التنظيم «عاد بقوة لأن الأسباب التي أدّت إلى ظهور (داعش) و(القاعدة) لم تُعالج».
قبل بارزاني بأسبوع كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد نبّه في تغريدة له على موقع «تويتر»، إلى أن «الموصل في خطر، فخلايا الإرهاب تنشط، وأيادي الفاسدين تنهش. #أنقذوا_الموصل».
شهدت المناطق المحرّرة، خصوصاً في محافظة نينوى، في الأشهر الأخيرة، سلسلة من الهجمات وأعمال التفجير والقتل والخطف وقطع الطرق التي نُسِبت إلى «داعش»، وامتدّ نطاقها جنوباً إلى محافظة صلاح الدين وشرقاً إلى محافظة ديالى. وتحت ضغط الاستغاثات من سكان هذه المناطق اضطر مجلس النواب العراقي إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن الخروقات الأمنية التي حدثت في الموصل وامتدت إلى عدة محافظات غربية أخرى.
من الواضح أن هذه العودة لا ترجع إلى قوّة التنظيم الذي تشير إحصاءات عراقية رسمية إلى أن عدد عناصره الذين قُتِلوا في الحرب لاستعادة المناطق التي احتلها منذ يونيو (حزيران) 2014 قد تجاوز العشرين ألفاً، فضلاً عن مئات الأسرى الذين وقعوا في أيدي القوات العراقية، فيما تُحصي مصادر التحالف الدولي مقتل 80 ألفاً من عناصر التنظيم في العراق وسوريا.
سرّ عودة نشاط «داعش» يكمن في الدولة العراقية التي لم تنجح حتى الآن في إعادة الأوضاع في المناطق المُحرّرة إلى طبيعتها، فما زال عشرات الآلاف من العائلات التي فرّت من المدن والقرى غير قادرة على العودة إلى مناطقها، وتعيش حياة بائسة في مخيمات النازحين، وذلك لعدم تمكّن الدولة من إعادة إعمار المناطق المتضرّرة برغم تخصيص أموال لهذا الغرض، معظمها تبرّعت بها دول عربية وأجنبية غنية. ويُعزى السبب في ذلك إلى تلكؤ الدوائر الحكومية في المباشرة بعمليات إعادة الإعمار، بل ثمة اتهامات صريحة تُوجّه إلى المسؤولين في هذه الدوائر بأنهم يستحوذون على النصيب الأكبر من أموال الإعمار بالتواطؤ مع المقاولين والشركات التي كان من المفترض أن تنهض بعمليات الإعمار. هذه مشكلة عامة شاملة في العراق، إذ يزيد عدد المشروعات الاستثمارية المتعطّلة على 30 ألفاً، بحسب المصادر الرسمية، وإلى الفساد يعود السبب الرئيس في هذا التعطّل. في الموصل، وهي أكبر المدن التي اجتاحها التنظيم وجعل منها عاصمة لـ«الدولة الإسلامية» المزعومة التي أعلن عنها في 2014 لم تظهر أي علامة على الشروع ببرنامج حكومي لإعادة الإعمار، وكل ما أمكن إعادة بنائه من مساكن ومؤسسات في المدينة أُنجزه السكان المحليون بمبادراتهم وجهودهم الذاتية وبدعم متواضع من منظمات خيرية محلية وأجنبية.
سبب آخر ساعد «داعش» في استئناف نشاطه يتمثّل في أن بعض القوى العسكرية والأمنية المكلّفة حماية وتأمين المناطق المّحررة، لم تؤد مهامها على النحو المطلوب بما يجعلها تكسب رضا السكان المحليين وتعاونهم معها، بل إن رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في الدورة السابقة، حاكم إلزاملي، صرّح أخيراً بأن «انشغال بعض القطعات العسكرية الماسكة للأرض بالقضايا المادية وبيع الأراضي والأتاوى والرشى وتهريب السكراب (الخردة) والمخدرات والبضائع وتهريب النفط، هو ما سهّل عودة بعض المجاميع الإرهابية إلى مدينة الموصل وأطرافها». هذا ما يعيد إلى الذاكرة ما كانت عليه الأمور في الموصل وغيرها من المدن والمناطق الغربية قبل اجتياح «داعش» لها، فمثل هذه الممارسات كانت سائدة أيضاً، ما سهّل لـ«داعش» إنجاز الاجتياح بسرعة فائقة.
وطبقاً لمعلومات نشرتها وسائل إعلام محلية، فإن مسؤولين في بعض الفصائل المسلحة التي شاركت في تحرير الموصل قبل سنة، خلعوا البدلات العسكرية وارتدوا بدلات رجال الأعمال، وبدأوا بالسيطرة على سوق النفط والعقارات والمزادات في المدينة. وتنخرط في هذه العمليات أحزاب متنفّذة شكّلت «لجاناً اقتصادية» لتنظيم هذ العمليات، وهو ما حمل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على الإعلان، أثناء اجتماعه بنواب محافظة نينوى منذ ثلاثة أسابيع، عن أنه سيعمل على حلّ هذه «اللجان الاقتصادية» الحزبية.
وبالطبع، فإن حال الانغلاق السياسي القائمة في بغداد على خلفية تشكيل الحكومة الجديدة التي لم يُعيّن فيها حتى الآن وزيران للدفاع والداخلية، تُلقي بآثارها الثقيلة على الأوضاع العامة في البلاد، فهي تعرقل عودة الاستقرار اللازم لانطلاق عمليات الإعمار في المدن المتضررة وإعادة النازحين إلى مناطقهم ليكونوا عوناً للقوات العسكرية والأمنية في مواجهة التنظيم الإرهابي الذي يضغط الآن لاستعادة وضعه السابق، مستعيناً بخلاياه النائمة في مدن ومناطق عدة وبمجاميعه المسلّحة المتحرّكة بقدر غير قليل من الحرية. والواقع أن بقاء الأوضاع على الحال الراهنة يشّجع «داعش» على توسيع نطاق عملياته وتصعيدها مستقبلاً، فيما الطبقة السياسية المتنفّذة في بغداد مستغرقة في صراعاتها على مناصب الحكومة.
5 ابتلاء المدن السنّية في العراق مشرق عباس الحياة السعودية

جرفت السيول اخيراً مخيمات النازحين والقرى الخربة، جارت على ماتبقى من انسانيتها التي كانت عبثت بها المزايدات والمغامرات السياسية، وقست على حياة اطفالها وشيوخها ونسائها، اؤلئك الذين مازالت تفتتح باسمهم كل يوم بورصة بيع وشراء المناصب والمكاسب، وتغلق على وقع مأساتهم حرب الاتهامات والمواقف مدفوعة الثمن.
عانى العراق كله من نتائج ارتزاق اطراف سياسية مختلفة ومن تكالب احزابه على الاساءة الى اسمه، ورخص بعض الواجهات الدينية والعشائرية المزيفة التي تصدرت مشاهده الدامية، لكن البلاء الذي اصاب المدن السنية وسكانها الفقراء الذين تحولوا الى وقود لمعارك سياسية ممتدة يجهلون حتى معناها، واسبابها، لايشبه بلاء آخر.
فتح الاطفال اعينهم على تهمة البعث تلاحق مجتمعاً كاملاً، لاحقوا آباءهم الى طوابير البحث عن منفذ من ضغط الاتهامات ولقمة عيش والسجون، ثم الى جيوش الغرباء المدججين بالكراهية تتقاسم مضافات عشائر ومجالس نخب سياسية وتجار دفعت بهم المصادفات والفراغ السياسي ومآسي ابناء مدنهم الى الواجهة.. اصبحوا مراهقين عندما صفقوا لزعماء جدد وسابقين يتحدثون للمرة الاولى بلغة “سنية” خالصة، استهوتهم لحظة البوح السني الشاملة، التي فشل حكام بغداد بفهمها وربما فهمها بعضهم واصر على تمكين الخراب، حتى استحالت منصات التظاهر الى ساحة حرب طاحنة ومؤلمة، وتحولت المطالب حول “المظلومية السنية” الى خريطة دولة افتراضية جديدة يحكمها متطرفون تجمعوا من شتات الارض في قلب العراق التاريخي، يستبيحون ذاكرته، ويطيحون بمعاني التعايش التي تأسس عليها.
لحظة قرر “داعش” انهاء العراق، هي الحقيقة الموجعة لفتية فهموا للمرة الاولى جوهر زعامات عشائرية ودينية وسياسية ركبت كل الامواج الممكنة لضمان مصالحها، وغامرت بارواح الناس واموالهم ومدنهم رافعة كل شعار متاح، فيما كانت تفاوض في الغرف السرية، وتعرض بضاعتها في سوق المصالح الاقليمية المفتوح.
في محنة التهجير، ووحشة خيم النزوح، وذلها، وهوانها، وعلى اطلال خرائب المدن التي دمرتها الحرب، وامام الاف القصص عن العائلات التي تدمرت، والكرامة التي استبيحت، والسنوات التي اهدرت، والانتخابات التي اصبح زعماء النكسات مختصين في تزويرها، ولد وعي جيل جديد مختلف تماماً، عن ذلك الذي كانت تهز مشاعره خطبة تحريضية في مسجد، او نخوة مدعية في مضيف عشيرة، او بيان مدلس من حزب.

لايمكن قراءة مشهد العراق المقبل، من دون فهم جيل المدن السنية الجديد، اؤلئك الذين يراقبون بصبر وربما بنفاذ صبر، صلافة ماتبقى من حرس الصفقات السابقة، يتصارعون على مناصب ومكاسب بغداد، يغيرون جلودهم كل يوم، ويحاولون اثبات حنكة سياسية مثيرة للسخرية عبر التنقل بين الخنادق.
يتسمر الشاب الذي لم يفق بعد من ترنح الضربات التي وجهت بلا ذنب الى حياته طوال السنوات السابقة، امام سياسي يريد ان يشرح له سبب ارتمائه في احضان من كان يشيطنهم امس ويبالغ في تسميم العقول عن دوافعهم ومذهبهم وانتمائهم: “انها البراغماتية ياصديقي.. ساقودك وعائلتك في المخيمات والخرائب غدا، بعد ان شاركت بعنجهية وانتهازية في الدفع بكم اليها امس!”. سيول الموصل والانبار وديالى، تكشف صدأ حكامها وممثليها والمتحدثين باسم همومها، تماما كما كشف جفاف البصرة صدأ احزاب ساقت خيرة شبابها الى المجازر وعجزت عن توفير مقعد دراسة لم تنهشه السرقات المعلنة، وتحت رماد المنازل المهدمة والكرامة المهدرة، هناك جمر يتقد بلا هوادة في قلوب جيل مهيب من الشباب في مدن الجنوب، جمر في قلوب شباب كردستان، وجمر في مدن “الغربية” لايمكن اطفاء جذوته باستعادة منولوج الدفاع عن المذهب او القومية، لا بالخطب الرنانة، ولا باستدعاء نصرة الغرباء، ولا بصنع المزيد من وسائل الاعلام لترويج خطاب مدلس وقادة مزيفين.
الزمن القادم ليس هيناً في العراق، والحال لاينبئ بتعلم المنظومات السياسية من سيرة الاحتجاج الشعبي المتواصل، وشباب الانبار سيحملون الشعارات نفسها التي حملها شباب البصرة، منددين بالفساد الحزبي والسياسي، ومطالبين بدولة تليق بتضحياتهم، وبالسنوات التي استبيحت من اعمارهم الغضة، دولة تحمي احلامهم، وتصون لحمهم الحي، وتضمن المستقبل لابنائهم.. دولة لاتشبه سيرك تقاسم المنافع وتهافت المواقف المنعقد في بغداد هذه الايام.
6 مبدع في “وسائل التواصل الاجتماعي”
وليد الزبيدي
الوطن العمانية
الشاعر والإعلامي العراقي الأستاذ سامي مهدي يتواجد في وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدا في الفيس بوك، وينشر مقالات وآراء وأفكار بصورة يومية، قد يكون الأمر طبيعيا، فهو صوت إبداعي كبير، له تاريخه الحافل والمتميز في كل حقل طرقه وكتب فيه، لكن ما أريد التنويه عنه في هذا المكان، أن الأستاذ سامي مهدي يخالف جمهرة واسعة جدا من الشعراء والكتاب الذين انسحبوا من هذا العالم دون أن يقدموا تفسيرا واقعيا لذلك، ربما يعتقد البعض أن هذه المساحة لا تناسب مكانتهم، والرد على ذلك في غاية السهولة، فالكاتب والمبدع طالما فتش عن أي وسيلة وجدار يستطيع من خلاله الوصول إلى الآخرين، وهذه المساحات المتاحة أفضل طريق لتحقيق ذلك في الوقت الحالي، قد يرى البعض أنها مساحة للهواة، وهذا لا يمنع المبدع من التواصل مع الجيل الجديد، فالفرصة ذهبية ليرى إبداعك آلاف القراء ومن بينهم “هواة” بدأوا مشوارهم في ميدان إبداعي ما، وثمة من يتصور أن الكتابة قد أصبحت بلا جدوى، وطالما ردد المبدعون أنهم سيكتبون ويبدعون ولن يتوقفوا على الإطلاق، وبما أن المساحة متاحة لبث الإبداع وأن هذه المساحات بالمجان، عليه مالمانع من قول الكلمة والمضي في الطريق.
يتفق الكثيرون أن المتغيرات هائلة في وسائل النشر وكيفية الوصول بأفكارك وطروحاتك إلى الآخرين وكيفية طرح القضايا التي تؤمن بها، على سبيل المثال تراجع حضور الصحف الورقية في البيوت وتكاد تخلو منها الدوائر وأماكن العمل، في حين كان لوجود تلك الصحف والمجلات السبيل الأوسع للتعريف بنتاجات المبدعين، وفي الوقت الذي تتقلص فيه فرص وصول النتاجات الإبداعية للآخرين تتاح فرص واسعة لتحقيق ذلك الهدف، ورغم ذلك لا يستثمر ذلك الغالبية العظمى من المبدعين.
من بين الفوائد الجمة للحضور المتميز للمبدع سامي مهدي في هذه الواحات الكبيرة، أنه يتيح الفرص ليتعلم الجيل الجديد من الكبار، يأخذون دروسا مباشرة وغير مباشرة في الحفاظ على العربية السليمة وفي كيفية التنقيط واستخدامات الهمزة وغير ذلك، وقبل كل ذلك أن يجد القراء الشعر الجميل والانتقادات السريعة والدراسات النقدية الجادة لظواهر شعرية وإبداعية في مجتمعنا، أنا شخصيا أحرص على قراءة كل ما يكتبه الأستاذ سامي ويقع بين يدي، وفي كل مرة أشعر بفرح غامر، فهو يشعرنا جميعا بمسؤولية الكتابة، وأنها رسالة لا ترتبط بحقبة ولا بزمن محدد، وأن الرسالة يجب أن تستمر، أما على الطرف الآخر، وللأسف الشديد، نجد الكثير من الأقلام قد انكمشت واختفت، وربما خلال فترة قصيرة لم يعد باستطاعة الكثيرين تذكرهم، وهذا بطبيعة الحال لايلغي على الإطلاق الإرث الذي تركه هؤلاء وسيبقى فاعلا ومؤثرا وإن كان في حدود وصوله إلى الآخرين.
بالتأكيد يتواجد في صفحات التواصل الاجتماعي الكثير من المبدعين، لكن أجد في تجربة أستاذنا المبدع سامي مهدي ما يميزها عن سواها.