4 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاحد

1 تدهور شعبية إيران في العراق
د. محـمـــــد مـبــــارك
اخبار الخليج البحرينية

أجرى منقذ داغر، باحث عراقي، مسحًا واسعًا على عينة تمثيلية من شيعة العراق، محاولاً دراسة شعبية النظام الإيراني بالنسبة إليهم، وخصوصًا بعد حوالي خمس عشرة سنة من الغزو الأمريكي للعراق. أجرى الباحث مقابلات مباشرة (وجهًا لوجه) مع عينة تتراوح بين 2500 و3500، وتكررت هذه المقابلات مرتين إلى ثلاث مرات على مدى العقد الماضي مع الأشخاص أنفسهم بشكل سنوي. إنه مسح استغرق وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا، هذا فضلاً عن صعوبته التي تتمثل في العودة لاستفتاء العينة ذاتها أكثر من مرة سنويًا ولعدة سنوات.
على أي حال، وإذا ما اعتبرنا أن طريقة الاستفتاء والأسئلة كانت سليمة من الناحية العلمية، فإنه باستعراض النتائج يتبين أن ثمة تغيير جذري كبير يحدث الآن في المجتمع العراقي.
لقد وجد الباحث أنه بعد أن كانت شعبية النظام الإيراني تتصاعد منذ عام 2003 حتى عام 2014، فقد باتت هذه الشعبية تتراجع بشكل كبير، بل وشهدت تدهورًا في الأوساط الشيعية. على سبيل المثال، تناقص عدد العراقيين الشيعة الذين كانوا ينظرون إلى إيران بشكل إيجابي من 88% في عام 2015 إلى 47% في 2018. وبشكل مماثل، تضاعف عدد العراقيين الشيعة الذين ينظرون إلى إيران بشكل سلبي من 6% إلى 51%، ويستنتج الباحث أن غالبية العراقيين الشيعة باتوا يحملون مواقف سلبية تجاه النظام الإيراني، وخصوصًا أن عدد العراقيين الشيعة الذين باتوا يعتبرون النظام الإيراني خطرًا على بلادهم -وفق الاستطلاع- قد قفز من 25% إلى 58%، كما يستنتج الباحث أيضًا أن تطور مواقف العراقيين السنة تجاه الجماعات المتطرفة التي انتشرت في العراق هو مشابه تمامًا لتطور مواقف الشيعة تجاه إيران.
ويرى الباحث أن تدهور شعبية النظام الإيراني في أوساط الشيعة مرده إلى ما تسبب به النظام الإيراني من مشاكل كبرى في العراق على مدى السنوات القليلة الماضية، من فساد الحكومات التي يدعمها النظام الإيراني والتي تسيطر عليها الجماعات الدينية الشيعية، إلى قطع المياه عن العراقيين، إلى إغراق الأسواق العراقية بأكثر البضائع والمواد رداءة، إلى التدخل في القرار السياسي ومحاولة السيطرة على تشكيل الحكومة العراقية مؤخرًا، وهو ما بات واضحًا للعيان.
2 عروبة العراق و«استثمار» إعادة الإعمار
عدنان كريمة
الاتحاد الامراتية

قبل أن يبدأ رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح جولته الخليجية في الكويت والإمارات والتي تشمل السعودية والأردن ثم إيران، وربما تركيا، أكد «أن مصلحتنا الوطنية تكمن في حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض سياسة المحاور، والتمسك بالدور العراقي المحوري في بناء منظومة أمن إقليمي، يستند الى الإحترام المتبادل للسيادة، وحقوق شعوب المنطقة».
وفي الوقت الذي أشار فيه إلى «روابط علاقات متينة بين العراق وإيران، ونطمح إلى تنميتها»، وكذلك إلى «علاقات مميزة تربط العراق بتركيا، تحمل آفاقاً مفتوحة للتطور»، أكد فخامته «أن العراق يسعى إلى بناء أفضل العلاقات مع عمقه العربي والخليجي، مع أشقائه، في إرساء قواعد حسن الجوار والتكامل الإقتصادي والنهوض الثقافي المشترك». لاشك في أن عروبة العراق قديمة جداً وراسخة في التاريخ القديم والحديث، ويمتد «عمقه الاستراتيجي» في الوطن العربي كله من المحيط إلى الخليج، وكان بين ست دول أسست جامعة الدول العربية في أربعينيات القرن العشرين، وموقعه الجغرافي مع محيطه، يساعده على تحقيق مصالحه في الاستقرار السياسي والأمني والنهوض الاقتصادي والاجتماعي. لذلك من الطبيعي أن يأتي موقف الرئيس برهم صالح، ضمن سلسلة جهود وخطوات إيجابية، سبق أن أنجزتها الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي منذ نحو أربع سنوات، وأسهمت في ترطيب العلاقات وتعزيزها مع السعودية، وفي 21 أكتوبر 2017، تميز معرض بغداد الدولي بجناح كبير للمملكة، ومشاركة كثيفة ضمت أكثر من 60 شركة تجارية وصناعية. وفي فبراير 2018، سجل مؤتمر الكويت لإعادة الإعمار، نجاحاً كبيراً بحضور دولي كثيف، ومشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، و51 صندوقاً تنموياً ومؤسسة مالية، و107 منظمات غير حكومية، إضافة إلى أكثر من 1580 شركة استثمارية من جنسيات مختلفة، تعكس رغبة عربية ودولية للاستثمار في العراق، وقد بلغ إجمالي التعهدات والمنح العربية نحو 7,5 مليار دولار، منها خمسة مليارات من أربع دول خليجية (الكويت، السعودية، الإمارات، وقطر)، من أصل 30 مليار دولار تعهدت بها الجهات المانحة، كما تعهدت تركيا بـ 5 مليارات دولار قروضاً وتسهيلات ائتمانية، في حين أن إيران التي شاركت في المؤتمر بصفة مراقب، لم تعلن عن أي مساهمة في مشروع إعادة إعمار العراق.
وتواجه الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبدالمهدي، تحديات كثيرة لإصلاح الأوضاع في العراق بعد الفساد والدمار، وهدر أموال قدرت بنحو تريليون دولار خلال عشر سنوات ( 2004 ـ 2014)، منها 800 مليار من موازنات النفط و200 مليار دولار، منح ومساعدات، ومنذ ذلك التاريخ بدأ يتراكم العجز المالي سنوياً، حتى بلغ 11 مليار دولار في موازنة العام الحالي، وسيرتفع إلى نحو 19 مليار دولار في موازنة العام المقبل، على رغم ارتفاع معدل تصدير النفط إلى 3,88 مليون برميل يومياً. الأمر الذي يتطلب مزيداً من القروض والاستثمارات لتمويل مشروع إعادة الإعمارالذي قدرت تكلفته بنحو 100 مليار دولار، وتأمين هذا المبلغ دونه صعوبات في ظل أجواء الفساد، وحالة الاضطراب الأمني والسلاح المتفلت، وتأثير نفوذ إيران على «موقع بغداد» في اتخاذ القرار العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وإذا كان العراق يسعى إلى تطوير استثمارات شركات النفط العاملة حالياً، ومضاعفة صادراته تدريجياً ليصل الرقم إلى 8 ملايين برميل يومياً، من أجل مضاعفة عائداته المالية، فإن تنفيذ ذلك يجب أن يسبقه تنفيذ الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، وتشغيل خطوط الأنابيب الممتدة من العراق الى تركيا وسوريا ولبنان والسعودية، والإسراع في إنجاز خط الأنابيب المقرر إلى ميناء العقبة في الأردن.
3 عدنان مندريس وحلف بغداد
محمد السعد الوطن السعودية

من الضروري تحصين الرأي العام العربي من الغزو الثقافي المكثف القادم من تركيا، التي لم ولن تتوقف عن تكوين التحالفات السياسية، التي تضمن لها موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع التطورات التي تلت هذه الحرب، وانقسام العالم إلى معسكرين: شرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، وغربي بقيادة الولايات المتحدة، ازدادت أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للدول الغربية، فقد أكد دوايت آيزنهاور -خلال الحملة الانتخابية الرئاسية عام 1951- أهمية الشرق الأوسط قائلا: «أما فيما يتعلق بالأهمية السياسية لهذه المنطقة، فليست هناك منطقة في العالم لها أهمية من الناحية الإستراتيجية أكثر مما للشرق الأوسط».
كانت تركيا في تلك الفترة تعيش حالة عزلة شديدة عن الشرق الأوسط، مفضلة الابتعاد عن الشؤون الشرق أوسطية، وعن أي أحلاف إقليمية تضعها في دائرة الضوء، أو تلقي عليها بمهام أو أدوار سياسية في منطقة الشرق الأوسط.
فمنذ سقوط الدولة العثمانية، وقيام الجمهورية التركية بزعامة أتاتورك، أدارت تركيا ظهرها للشرق الأوسط، وقام أتاتورك بتوحيد الأتراك حول القومية التركية، وهذا الالتفاف والتعلق بالقومية التركية كان من نتائجه أن انكفأت تركيا على الداخل، وكفت عن التطلعات الخارجية نحو العالم العربي.
ولكن مع قدوم عدنان مندريس، وفوز حزبه في الانتخابات البرلمانية، وتشكيل حكومته عام 1950، أعلنت حكومة مندريس اتخاذ خط جديد مخالف لخط معلمه الأول «أتاتورك» الذي خرج من تحت عباءته، فقرر إقحام تركيا في شؤون الشرق الأوسط، فكان أول حلف أسسه هو حلف بغداد عام 1955، ضم هذا الحلف إضافة إلى بعض الدول الغربية «تركيا والعراق وإيران» بداعي الوقوف في وجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط، ولم تدخل الولايات المتحدة في الحلف علانية، لتبقى في مظهر المحايد بين الدول العربية، ولكنها كانت تدير اللعبة من خلف الستار.
كان حزب عدنان مندريس يلعب دور التائب من العلمانية الأتاتوركية، فقد قام برفع شعارات دينية في سبيل كسب تعاطف الرأي العربي والإسلامي، ومن هذه الشعارات: إعادة الأذان باللغة العربية، والتسامح مع الحجاب، والتظاهر بالاهتمام بالمساجد وترميمها، وهذه الإجراءات معتادة عندما ترغب تركيا في إقحام نفسها في شؤون العالم العربي، مع أن مندريس آنذاك لم يصرح بأنه إسلامي أو مؤيد للإسلاميين، بل على العكس من ذلك فقد قذف بتركيا في قلب العالم الغربي، حينما انضمت تركيا في عهده إلى حلف شمال الأطلسي، وقد أقام مندريس علاقات قوية ومتينة مع الدول الغربية، وكانت تركيا في عهده تمثل رأس حربة وحصان طروادة لمواجهة الخطر الشيوعي المزعوم، وساند مخططاتها في المنطقة وخارجها، بما في ذلك إرسال قوات تركية إلى كوريا، فقد حاولت تركيا -آنذاك- استغلال هذه الحرب للتقرب من الدول الغربية، تحت غطاء تمسكها بمبادئ السلام العالمي.
وحين وصل عدنان مندريس عام 1955 إلى بغداد، حيث أعلن أن تركيا والعراق قررا عقد اتفاق عسكري بينهما، يرمي إلى تحقيق التعاون والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، ويدعو الدول العربية للانضمام إليه، وكان الدافع الرئيس لها في الإلحاح على تأسيس حلف بغداد، هو ضمان حصولها على المساعدات الأميركية، فقد استقبلت تركيا في عهد مندريس دعما ماليا أجنبيا غير معهود في مجالات اقتصادية متعددة، لذلك حرصت تركيا على الدوام على تعزيز دورها، ومحاولة التصرف كوكيل في المنطقة لدول حلف الناتو.
اصطدم حلف بغداد بمعارضة عربية قوية، فقد كان هناك موقف مشترك بين السعودية في عهد الملك سعود -رحمه الله- ومصر في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وكان هذا الموقف رافضا -وبقوة- هذا الحلف، نظرا لأنه يهدد تماسك الدول العربية، ولأن هذا الحلف كان منذ البداية موجها ضد مصالح الدول العربية وشعوبها.
ولكن حلف بغداد لم يستطع مقاومة الرفض العربي الذي تشكل على هيئة حملات إعلامية مكثفة، ورفض شعبي عارم، أسفر في نهاية المطاف عن إسقاطه، وهذا الحلف الذي لم يكن في حقيقته إلا حلفا سياسيا استخباراتيا، لم يكن الأخير في سلسلة الأحلاف والمشاريع السياسية في الشرق الأوسط، التي تلعب فيها تركيا دائما دور الوكيل لمصالح دول حلف الناتو.
واليوم، عادت تركيا مجددا لعملية التحالفات الإقليمية. بالأمس كان حلف بغداد وأطرافه هم «تركيا والعراق وإيران»، واليوم أجهض حلف جديد يجمع «حزب العدالة والتنمية، وإيران، والإخوان المسلمين»، ولكن هذه المرة نجح جزئيا حزب العدالة والتنمية في تسويق صورته أمام الرأي العام العربي عن طريق وسائله الناعمة، وأهمها كانت الدراما التركية المدعومة ماليا من الحكومة التركية، والتي تحظى بإشراف مباشر من المسؤولين السياسيين الأتراك، فضلا عن بعض الوسطاء العرب من النخب الدينية والإعلامية، الذين عن طريقهم تم خلق دعاية منظمة مبنية على منهجية معينة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورموز الدولة العثمانية، ولا شك لدينا في أن حزب العدالة والتنمية قد حصل على نوع من التعاطف في فترة ما من الشارع العربي، لأن الدعاية الموجهة كانت تصور الرئيس التركي وكأنه تائب جديد من العقيدة الأتاتوركية العلمانية، مثل سلفه السابق عدنان مندريس.
وهذه الدعاية الإعلامية حاولت ربط تاريخ الدولة العثمانية بسياسة حزب العدالة والتنمية، كنوع من إضفاء البعد التاريخي على الحزب، حتى يظهر لعامة الشعوب العربية وكأنه حزب متمرد على علمانية أتاتورك المتطرفة.
مثل هذه الرسائل ذات الطابع السياسي، والموجهة إلى العقل الجمعي العربي، غالبا ما تنطوي على كذب وخداع، ولها مفعول السحر على المتلقي العربي، لذلك، أصبح من الضروري تحصين الرأي العام العربي من هذا الغزو الثقافي المكثف القادم من تركيا، التي لم ولن تتوقف عن تكوين التحالفات السياسية التي تضمن لها موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط.
4 الرئيس العراقي في الرياض عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط السعودية

بين العاصمتين تتأرجح التطلعات بين أقصى نقطة في التعاون الشامل، وأدناها بالاكتفاء بالدبلوماسية التقليدية. لهذا؛ يجيء للرياض الرئيس العراقي الجديد، الدكتور برهم صالح، في وقت تنتظر العلاقات تنشيطها، انسجاماً مع تحرك الأوضاع الإقليمية، وحتى العراقية الداخلية. هذه إطلالته الأولى منذ انتخابه من قِبل البرلمان العراقي. الرياض مسك ختام جولته، مع أن أحد مساعديه قال كانت الرياض المحطة الأولى لولا أن الزيارات الملكية لمناطق المملكة كانت قد برمجت. لهذا؛ فهو يصل إلى السعودية ولديه اطلاع مباشر على مواقف الدول في محيط العراق.
الرئاسة العراقية تبدأ عهدها والوقت يدعو للتفاؤل لإكمال رحلة عبور الجسر فوق الهاوية، التي نجحت الرئاسة السابقة في تفادي السقوط فيها، حيث ألغام إيران وسوريا والإرهاب. الرئيس برهم صالح ينشد تضامن دول الجوار مع بلاده، واحترام الجميع لسيادتها وسلامة أراضيها، ولا تكون ممراً للجيوش، ولا ساحة للاحتراب الإقليمي.
وأزمات الصيف المنصرم بينت تنوع التحديات التي تواجه حكومة بغداد الجديدة، عدا عن ميليشيات إيران العابرة للحدود، والعراقية الممولة من إيران، وبقايا تنظيم داعش المنكسر، وفلوله الهاربة من حرب سوريا… عدا عن كل هذه القضايا الخطيرة فقد عصفت بالحكومة السابقة أزمات لا تقل خطورة، انفجر الغضب الشعبي بسبب تلوث المياه وانقطاع الكهرباء. الحكومة الجديدة تواجه الأزمات نفسها؛ العلاقات الملوثة مع طهران مع المياه الملوثة، وستحتاج إلى جهد سياسي كبير لتأمين الأمن والاستقرار والخدمات المعيشية، والبدء في التنمية.
السعودية، بين الدول الست المجاورة، أقدر على مساعدة السلطات العراقية في أن تتحول نحو التنمية الاقتصادية. وقد سمى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته في مؤتمر الاستثمار الأخير، العراق بين الدول التي تنبأ لها بالنجاح الاقتصادي الإقليمي.
على الأرض وعلى الخريطة، العراق بين جارين متنافسين؛ السعودية وإيران. والعلاقة الثلاثية بين الرياض وبغداد وطهران متشابكة ومعقدة. ويبقى الخيار للمسؤولين في العراق، في أن يقرروا كيف يريدون ترتيبها والتعامل مع الحكومتين. السعودية وإيران، كلتاهما تعتبر العراق امتدادها الجغرافي السياسي، وخطها الدفاعي الأول، ويمكن أن يكون مصدر الاستقرار مثلما يمكن أن يكون مصدر الاضطراب. ورغم التشابه في الرؤى تبقى الفوارق واضحة في تناقض الممارسات. السعودية تريد العراق ممراً إلى سوريا وتركيا ووسط آسيا، تعبر منه حافلات الحجاج والمعتمرين والشاحنات الغذائية والمنتجات الصناعية. أما إيران فتريد استخدام العراق طريقاً سريعة لنقل المقاتلين والسلاح وتمويل حروبها في المنطقة. الرياض تريد العراق بلداً مستقراً وناجحاً مثلما ترى مصر، تستطيع أن تتكئ عليه لتأمين حدودها، وتزدهر التجارة معه. أما نظام إيران فيريد أن يبقي على العراق بقرة حلوباً لتحدي الحصار الاقتصادي الغربي، وتمويل نشاطات «فيلق القدس» و«حزب الله» وغيرهما في سوريا ولبنان. هذه ممارسات نظام المرشد الأعلى في أفغانستان وباكستان، يصدّر إليهما الفوضى والمقاتلين والسلاح.
تستطيع السعودية أن تكون شريكاً اقتصاديا كبيراً، وتساهم في نهضته، وتعزز استقرار سلطته المركزية حتى لا تكون تحت إدارة جنرالات الحرب في إيران. والعراق لاحقاً ربما يستطيع أن يلعب دوراً في مرحلة ما بعد العقوبات الاقتصادية الأميركية، بدفع طهران نحو الاعتدال وليس فتح الحدود لها للتخريب وشن الحروب.
الرئيس برهم صاحب تجربة سياسية وحكومية مميزة، عرفناه رمز العراق الموحد، والعراق الحديث. عاش حياته السياسية نظيفاً بعيداً عن الصراعات الطائفية والعرقية، معظم أفكاره تحولت إلى مشروعات على الأرض في التنمية والتعليم والتعايش. فقد تشرفت بالعمل معه عن قرب، في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في كردستان التي فتحت أبوابها لكل العراقيين، أسست ومارست نشاطاتها في أوج مراحل الإرهاب والتنازع المحلي.