برامج تجسس إسرائيلية تساعد الحكومات على تعقب وقمع المُنشقين والأقليات

وجد التحقيق الذي أجرته “هآرتس” أن الشركات الإسرائيلية تواصل بيع منتجاتها إلى الحكومات حتى عندما يكون هناك دليل على سوء الاستخدام

وأصبحت إسرائيل واحدة من الدول الرئيسية المُصدرة لبرامج التجسس وتقنيات سيبرانية أخرى، وفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس” يوم الجمعة. في الوقت الذي تعرض فيه الشركات الإسرائيلية المنتجات كأدوات لمكافحة الإرهاب أو لمكافحة الجريمة المنظمة، في كثير من الحالات، فقد استُخدمت أيضا من قبل الأنظمة الديكتاتورية للتجسس على المُنشقين والمعارضين.

على سبيل المثال، ساعدت صناعات شركة “فيرينت” الإسرائيلية السلطات في موزامبيق في مكافحة موجة من عمليات الاختطاف، وفي بوتسوانا في القتال ضد الصيد غير المشروع. لكن وفقا لموظفين سابقين في العديد من الشركات الذين تحدثوا مع الصحيفة، في بلدان مثل إندونيسيا، ساعدت برامج التتبع الحكومة على تجميع قضايا جنائية ضد المثليين والأقليات الدينية الذين واجهوا بعد ذلك اتهامات بالمثلية والبدعة، وهذه تعتبر جرائم ارتكبتها السلطات المحلية.
إن بعض البرامج، مثل برنامج حصان طروادة “بيغاسوس” الذي تنتجه شركة “هرتسليا بيتوح”، تعتبر معروفة. يحيث سمح برنامج بيغاسوس للحكومات باختراق هواتف مواطنيها المحمولة والاستماع إلى المكالمات، بل وحتى المحادثات التي تجري بالقرب من الهواتف.

توصل التحقيق، الذي يستند إلى 100 مصدر في 15 دولة، بما في ذلك العديد من الموظفين الحاليين والسابقين في الشركات الإسرائيلية التي تنتج المنتجات الإلكترونية، إلى أن الهيئات التنظيمية الإسرائيلية التي من المفترض أن تضمن عدم استخدام الصادرات لأغراض غير قانونية أو غير أخلاقية من قبل الحكومات المشترية لا توقف التصدير حتى عندما يكون هناك دليل واضح على سوء الإستخدام.

تشير بعض الدراسات حول انتشار برامج التجسس الإسرائيلية ووجودها الآن في 130 دولة، بما في ذلك بعض الدول التي ليس لها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، مثل دول الخليج العربية، قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وكذلك دول مع سجلات سيئة لحقوق الإنسان مثل سوازيلاند وجنوب السودان وأنغولا.

“لا أستطيع أن أقيّد تصرفات المستهلك”، قال أحد الموظفين مع الإسم المستعار “روعي” لإبقاء هويته سرية. “لا يمكنني بيع سيارة مرسيدس لشخص ما ثم أخبره أن يقود فقط 100 كلم في الساعة. والحقيقة هي أن الشركات الإسرائيلية لا تعرف كيف سيتم استخدام نظامها بمجرد بيعها”.

الموظف السابق الآخر، “تال”، ناقش كيفية أن ظهور سؤال نظري في تمرين تدريبي تبيّن أن له عواقب غير أخلاقية في العالم الحقيقي.

قائلا: “كنت أدرّب الزبائن حول استخدام برنامج فيرينت في أذربيجان. في أحد الأيام، جاء المتعلمون إليّ خلال فترة الاستراحة وسألوني كيف يمكنهم [استخدام البرنامج] لتحديد الهوية الجنسية لشخص ما على فيسبوك. في وقت لاحق فقط، عندما قرأت عن هذه القضية، اكتشفت أن البلد يشتهر باضطهاد المجتمع المثلي. فجأة إرتبطت الأشياء معا”.

وقال مصدر أن البرمجيات الاسرائيلية مشهورة لدى حكومات الخليج. “إنهم يعرفون أن أفضل التكنولوجيات تأتي من إسرائيل”.

براعة إسرائيل التكنولوجية ليست مصادفة. لقد صاحب انفجار فقاعة التكنولوجيا العالية في عام 2000 بداية الانتفاضة الثانية، ما أدى إلى أزمة متزامنة في صناعة التكنولوجيا الخاصة إلى جانب زيادة في الإنفاق الدفاعي الإسرائيلي. هذا المزيج قام بتوجيه كبار المبرمجين نحو الصناعات الدفاعية، وساعد في بناء صناعات الإنترنت الهجومية الدفاعية الإسرائيلية الرائدة في العالم.

ليس من الواضح ما إذا كان بوسع المنظمين الإسرائيليين وقف التدفق إن أرادوا ذلك. لقد فتحت العديد من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية فروعاً أوروبية لبيع التقنيات الحساسة في دول مثل قبرص وبلغاريا.