ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
1 | الناتو العربي وتكرار خطيئة الحرب العراقية الإيرانية | حسين البناء | راي اليوم بريطانيا |
قامت الثورة الإيرانية على (نظام الشاه البهلوي) عام 1977 – 1979 بعد أن بلغ (الاستبداد و الفقر و التهميش و الفساد) مستويات قياسية لم يَعُد فيها الشعب الإيراني قادرًا على الاستمرار أكثر، هو الشاه الذي لعب دور (شرطي المنطقة) و حارس المصالح الغربية فيها، آنذاك كانت إيران بنظامها ذاك هي الصديق لغالبية الأنظمة العربية في الشرق الأوسط، حيث تلتقي المصالح حَوْل محور (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الاتحاد السوفييتي و معسكر (وارسو) الشيوعي. قامت الثورة الإيرانية، وعاد (آية الله الخميني) من فرنسا ليؤسس نظامًا راديكاليًا جديدًا يتسم بالمحافظة و اليمينية المتشددة، و ليُعلنه نظامًا ثوريًا إسلاميًا ممانعًا للغرب و هيمنة أميركا على العالم و سطوة إسرائيل على المنطقة، وبهذا باتت (جمهورية إيران الإسلامية) تُجسّد مشروعًا قوميًا طموحًا في المنطقة، يعاكس بالكليّة نموذج إيران الشاه السابق. هنا، كان لا بُدّ من تحرك غربي بهدف كبح روح الثورة و توسعها و التغيير في الشرق الأوسط، حيث أن المصالح الغربية في (أمن إسرائيل و تدفق النفط) هي غير قابلة للنقاش، و بات من الواضح بأن (إيران الجديدة) قد تُشّكل خطرًا إقليميًا على تلك المصالح، حيث أن (مساحة إيران و تعداد سكانها و مواردها النفطية و مخزونها الفارسي التأريخي و موقعها على خارطة الجيوبوليتيكس) جميعها أبعادٌ لا يمكن الاستهانة بها على مستوى الإقليم. توجّهت الأنظار إلى الجار الأقرب لإيران، العراق، والذي سيقوده (صدام حسين) بدءًا من عام 1979 بالتزامن مع نجاح الثورة في طهران، العراق هو الآخر بَدأ في التقدم بِخُطًی حثيثة باتجاه تطوير الدولة و ترسيخ القواعد العلمية و الصناعية الحديثة، مِمّا جعل العراق كذلك مدعاة للقلق، فالعراق القوي مَثَلِهِ كمثل إيران القوية؛ فكلاهما قد يشكل مشروعًا بديلًا في المنطقة يكون مغايرًا للمشروع الصهيوني. تَوَرّط كلا البلدين (العراق و إيران) في حرب عقيمة من ثمان سنين (1980 – 1988) ، قُتِل فيها ما يقارب المليون إنسان، و دُمّرت المدن و البنى التحتية، و أُنفِق على السلاح ما يناهز المئتي مليار دولار، و خرج الجميع خاسرًا، لكن صناعة الأسلحة في الدول الموردة للطرفين هي الرابح الوحيد من تلك الحرب. لم تكن مبررات الحرب مقنعةً حقًا لأحدٍ؛ فاتفاقية (الجزائر 1975) كان يُفترض بها حل الخلاف الحدودي، و ادعاءات (تصدير الثورة) ما كانت لتكون مؤثرة لولا توافر المظلومية و التعاطف الشعبي مع أفكارها، و اتهام (حزب الدعوة) بمحاولة اغتيال (طارق عزيز) ما كان ينبغي أن يخرج عن نطاق المحكمة، وكان من الممكن التفاهم مع بريطانيا قبل انسحابها من جزر (طنب و ابوموسى) على المُلكية أو الاحتكام للعدالة الدولية، و كان من الممكن تأمين سفن النفط الكويتية بدون استحضار الجيش الأمريكي للخليج. لقد كان من الوارد تجنب تلك الحرب المدمرة بثمن أقل و بمزيد من الحكمة و العقلانية. في بلاد العرب دائمًا التاريخ يُعيد نفسه، و لا يرغب الكثيرون في التعلّم من دروسه القاسية، فما تَعالي الدعوة لتشكيل تحالف غربي-عربي (Arab NATO) لمواجهة إيران سوى دعوة للدخول في حربٍ لن تؤدي لهزيمةٍ كاملةٍ لإيران، ولا نصرٍ كاملٍ للعرب، بل ستكون فرصةً مربحةً لصناعة الدفاع الأمريكية و الأوروبية لبيع ما تَكدّس و ما يرغبون في تجربته من سلاح جديد على لحوم المدنيين و العسكريين من الطرفين، وهذا من شأنه زيادة حجم اليأس و الفقر و إجهاض نوايا التنمية و التحرر في المنطقة، و خسارة (بضع تريليونات من الأموال) مِن الأولى أن تُنفق على تنمية الإنسان و كرامته و النهوض بنوعية الحياة و التقدم العلمي و الصناعي لسكان المنطقة. إذا كانت إيران بمشروعها الحالي تمثل تهديدًا (لإسرائيل و مصالح الغرب) فلا يجب على العرب الانجرار ثانيةً في صراع عقيم ليسوا طرفًا فيه، و إذا كانت الدول العربية المجاورة لإيران تتلمس تهديدًا مباشرًا من إيران و ثورتها و توظيفها لملف (الطائفية) فعلى العرب التحدث مباشرةً و بوضوح مع طهران عن هواجسهم، بالتزامن مع تقديم نموذج عربي حضاري تقدمي ديمقراطي و إنساني، بحيث يكون أفضل طرحًا و قبولًا من (ثورة الملالي) تلك. مع ذلك أيضًا فإنه ينبغي على طهران التوقف عن ممارساتها المُريبة في المنطقة، و تقديم رسائل تطمين و حسن نوايا باتجاه الجميع دفعًا لسوء الظن. إيران هذه (و بجميع أشكالها المرغوبة أو المرفوضة) هي جارتنا الأزلية في الإقليم، و يجمعنا بها من الجوامع أكثر ما يُفرّق، حيث ذات التاريخ و المُعتقد و الثقافة و الحَرف و ذات التحديات. أما اختلاف المصالح و وجهات النظر، فمحلها الحوار و المحافل الدولية، لا الحروب ذات الخاتمة الموسومة بخاسرٍ – خاسرٍ . |
|||
ت | عنوان المقالة او الافتتاحية | اسم الكاتب | مكان النشر |
2 | المستقبل ومحركات التغيير | وليد الزبيدي | الوطن العمانية |
يرى آل غور ( نائب الرئيس الأميركي الاسبق 1993 -2001) أن مستقبل البشرية تتحكم به ستة محركات، وقبل الخوض في العناوين الجوهرية لهذه المحركات، لا بد من التوقف عند الحقبة التي شغل فيها الرجل منصبا حساسا وحيويا خلال العقد الاخير من القرن العشرين، وهذا العقد شكل البوابة الاوسع للولوج بقوة إلى القرن الحادي والعشرين، فقد تسلم المنصب في الفترة التي سارت فيها المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية وتمخضت عن اتفاقية اوسلو ، وتم التوقيع عليها في الولايات المتحدة في العام 1993 ، وسبق ذلك اجتماعات ولقاءات معلنة وسريّة للوصول إلى البنود العامة لهذه الاتفاقية، وبدون شك أن العقود التي سبقت هذه الاتفاقية كانت زاخرة بالصراعات والتحركات الدبلوماسية والصدامات العسكرية، ومن جانبها واصلت الزعامات الأميركية وفي مختلف الحقب العمل الجاد والحيوي والواسع لضمان أمن ” إسرائيل” كما أعلن ذلك قادة البيت الأبيض في مناسبات عديدة. و قبل اوسلو كان هناك انهيار جدار برلين 1989، الحدث الذي رسم افاق مرحلة جديدة توقع الكثيرون أنها ستستمر لعقود وربما قرون ، وتعززت تلك القناعات عندما تم الإعلان رسميا عن “موت الاتحاد السوفيتي ” في العام 1991 ، و لم يكن هذا الحدث مجرد عملية وفاة لجسد هرم متعب، إذ أن تلك الوفاة جاءت بعد صراع طويل وعميق بين القوتين اللتان تسيطران على العالم ، وهما الاتحاد السوفيتي- والولايات المتحدة ، وقد تواصل منذ خمسينات القرن العشرين ولما يقرب من الخمسة عقود، وبالتزامن مع تلك الاحداث كانت الحرب الأميركية على العراق في العام 1991 ، التي تمخضت عن تدمير واسع للبنية التحتية وللقوة العسكرية العراقية، وبدأت حقبة الحصار القاسي والواسع. وكما قلنا ، أن الحديث عن المستقبل لا يمكن اقتصاره على ما يجري في الشرق الأوسط دون الخوض في غمار البحث في الاقتصاديات المتنافسة في المشرق والمغرب وفي قلب اوربا ، وصعود شركات الإنترنت العملاقة في حقبة التسعينات التي سرعان ما اصبح لها الحضور الاقوى والاوسع لها في الاقتصاد الدولي. لم يقع آل غور تحت تأثير سحر السلطة عندما بحث في محركات التغيير العالمي، ليس لأن السلطة الأميركية ليست مغرية له ولغيره، لكن يبدو أن الاحلام التي تناثرت فوق رؤوس قادة البيت الأبيض وزعامات المحافظين الجدد عشية انهيار الاتحاد السوفيتي وخلال عقد من ذلك التاريخ، لم تتمكن تلك الاحلام من الانتقال إلى الحيز الذي رسموه لها في مخيلة الكثيرين، لأنه وباختصار، لم يتمكن الأميركيون من الوثوب صوب القرن الجديد ليصبح ” قرنا أميركيا” كما حلموا بذلك، فقد شهدت بداياته انتكاسات كبيرة في مقدمتها نتائج الغزو الأميركي لكل من افغانستان 2001 والعراق 2003 . المتغيرات العديدة دفعت بالأميركي آل غور إلى النظر إلى المستقبل من خلال المحركات الأساسية التي تفرض وجودها على البشرية وليس من خلال الفرضيات السياسية، وهذا ما ناقشه وبحث في جوانبه من خلال عناوين رئيسية اسماها، شركة الأرض والعقل العالمي وميزان القوى، وبدون شك قدّم آل غور رؤية عميقة في نظرته إلى المستقبل، التي تضمنها كتابه، الذي صدرت ترجمته عن عالم المعرفة الكويتية بعنوان “المستقبل – ستة محركات للتغيير العالمي”.
|