6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم السبت

1 رئاسات العراق: ثلاثة لإيران وصفر لأمريكا؟ افتتاحية القدس العربي

تداول ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي في العراق جملة 3 لإيران 0 لأمريكا وذلك بعد انتهاء المخاض السياسيّ الطويل جداً الذي تبع إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في أيار/مايو من هذا العام، واختتم في يوم واحد بإعلان انتخاب برهم صالح رئيسا للعراق وتكليفه عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة، وذلك بعد انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب في منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي.
والأغلب أن السير المهنية للرؤساء الثلاثة المذكورين وشخصياتهم لا تقدّم ولا تؤخر كثيراً في التقييم المذكور، فبرهم الحاصل على شهادات عليا من جامعات بريطانيا لم يتمكن حين تنافس على المنصب عام 2014 من الفوز لأن حسابات إيران وحلفائها العراقيين، في ذاك العام، ارتأت أن يذهب المنصب إلى فؤاد معصوم، المحسوب على حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الأقرب إلى طهران، الذي كان برهم صالح مسؤولا كبيرا فيه.
التفسير أسهل طبعا فيما يتعلق بعلاقة عادل عبد المهدي الحميمة مع إيران، فهناك وثائق مصورة تظهره مع عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي وهو يدرب قوات إيرانية أثناء الحرب مع العراق، ومحمد الحلبوسي الذي كان مرشح تحالف «الحشد الشعبي» وقياديه المعروف هادي العامري مع كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وإضافة للتقلّبات العديدة التي طبعت حياته السياسية كنائب ومحافظ للأنبار، فإن إشاعات قوية واتهامات له بالفساد وبعقد حلفاء إيران صفقات لتمرير وصوله لمنصب الرئاسة.
استخدمت إيران وحلفاؤها للوصول إلى هذه النتيجة طريقا معقدة تجمع بين استعراضات القوّة كما فعلت نهاية شهر آب/أغسطس بإعلان مسؤولين فيها ومصادر في المخابرات العراقية استقدام صواريخ باليستية لجماعات شيعية حليفة لها، كما بتدخّلها المباشر في الشبكة المعقدة للقوى الشيعية والسنية والكردية، ولكن، وبالخصوص، محاولتها فرض قرارها بطريقة دبلوماسية، على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وذلك، حسب موقع «مونيتور»، بجمعه في لبنان مع قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، لتمرير مرشّحي خصميه السياسيين، نوري المالكي وهادي العامري، على أن يبدو الأمر برضاه.
لا يعني ذلك طبعا أن إيران تمكّنت من جسر خطوط التنافسات الحزبية والعداءات الشخصية المريرة ولكنّها أثبتت أن الجميع مضطرون لأخذ موافقتها ونيل رضاها ثم تسديد الأثمان المطلوبة منهم، فأول تصريحات الحلبوسي بعد انتخابه كانت إعلانه معارضة الحصار على إيران، وتبع ذلك تهنئة طهران له على انتخابه، كما أن برهم صالح، الذي يعتبر ليبراليا وقريبا من الغرب، أعاد تثبيت أركان علاقته مع حزب جلال طالباني الحليف لإيران وكان ذلك جزءا من تسعيرة وصوله المظفر لكرسي الرئاسة.
لكن أين غاب التأثير الأمريكي المفترض قويّا على شؤون العراق؟
ما تؤكده الأحداث الأخيرة أن الحديث عن التأثير الأمريكي في تشكيل سياسات العراق أمر مبالغ فيه، فالحقيقة أن النفوذ السياسيّ والأمني والماليّ لإيران أكبر بكثير من أي تأثير أمريكي، وهناك ما يشبه التسليم في واشنطن بعدم قدرتها على فرض المرشحين الذين تفضّل فوزهم، فالتنافس كان مقتصرا بين حلفاء إيران المتشددين، كالمالكي والعامري، وبين حلفائها الأقلّ تشددا، كحيدر العبادي ومقتدى الصدر، وبالتالي فلا وجود حقيقيا لمرشحين فعليين قادرين على تأمين المصالح الأمريكية أو مراعاتها.
لا عجب طبعا أن يعلق السيناتور الجمهوري وليد فارس معقبا على مقالة لصحيفة «واشنطن بوست» تعتبر أن الصراع بين إيران وأمريكا في العراق لم يؤد إلى رابح واضح بالقول إن الاستنتاج خاطئ كليا وأن الرابح الكبير في كل ما حصل هو إيران.
… أما وقد اتضح مفعول الضربة الثلاثية الإيرانية والفشل الأمريكي «المربع» فبماذا نصف النتائج التي تمخضت عنها المراهنات الساذجة التي راهنتها السعودية للتأثير على المشهد السياسي العراقي؟
2 هل هناك شأن عراقي حقا؟
فاروق يوسف
العرب بريطانيا

أين يقع ذلك الشأن إذا كان موجودا على أرض الواقع؟
ما هو مؤكد أن هناك ملفا عراقيا في واشنطن وطهران، عاصمتيْ البلدين اللذين يديران العراق معا، من غير أن يرتطم أحدهما بالآخر بالرغم من أن عداءهما يسمح بأكثر من ذلك. وهو ما يشكل واحدة من معجزات العراق الجديد الذي لا تزال عجينته تُشوى على نار هادئة.
القوتان المختلفتان على كل شيء إلا في المسألة العراقية التي تحظى باتفاقهما، لا تنظران إلى العراق من جهة كونه دولة مستقلة ذات سيادة، يعيش فيها شعب له تاريخ عميق في العيش المشترك، ويملك في ماضيه القريب مبادرات ومحاولات جادة عبّر من خلالها عن رغبته في بناء دولة حديثة تقوم على أساس نظام سياسي قوي، ونوع مبسط من العدالة الاجتماعية التي تم تجسيدها عن طريق التعليم والأنظمة الصحية والقطاعين الزراعي والصناعي والنقل والمواصلات وبنية تحتية متينة في ظل شعور مطلق بالأمن.
إنهما لا تلتفتان إلى ذلك العراق الذي مضى في سبيله بعد أن طوى الاحتلال الأميركي صفحة دولته التي أُثقلت بالحروب بكل ما حملته من هزائم عسكرية وخسائر اقتصادية وانقراض لمقومات وعناصر البنية التحتية. لقد كان جليا أن المطلوب منذ عام 2003 أن يُجرّدَ العراق من ملامحه ليلتحق بركب الدول الفاشلة التي ليس لها طعم أو لون أو رائحة. عراق بلا صفات، تؤهله لدخول العصر الحديث. سيكون عليه أن يعيش زمنه الخاص الذي يُفرض عليه بقوة الشركات الأمنية الأميركية والميليشيات الإيرانية والوكلاء المحليين الذين فُتحت أمامهم الطريق للجلوس على كراسي السلطة، من غير أن يُلزموا بتوقيتات للمغادرة أو بواجبات الوظيفة على الأقل.
لا يزال مجلس الحكم الذي أسسه الحاكم المدني لسلطة الاحتلال بول بريمر عام 2003 يحكم في العراق. اختفى عدد من أعضائه بحكم الموت، غير أن وجوه الأحياء لا تزال تشكل حبات السبحة التي تلعب بها أصابع العدوين اللدودين، الولايات المتحدة وإيران. أكثر من خمس عشرة سنة ولم تحدث إلا تغيرات طفيفة في مشهد السلالة الحاكمة. أربع دورات انتخابية مرت مثل غيوم متخيلة، لم تُسقط مطرها، غير أن آثار الفيضانات التي أحدثتها تلك الأمطار كانت مدمرة.
لقد حلم الشعب من خلال إقباله على عمليات الاقتراع بالتغيير، ولكنه في كل مرة كان يصطدم بالتعيين القائم على تسوية أميركية – إيرانية مريبة، لا ترى في الشعب العراقي شيئا يستحق أن يُرى.
حكام العراق، بالرغم مما ينالون من غنائم مالية هائلة عن طريق الفساد، هم مجرد واجهات لمشروع إيراني – أميركي. من خلال تلك الواجهات أنجز العراقيون التابعون فصولا من الخراب ما كان في إمكان الولايات المتحدة وهي دولة الاحتلال أن تنجزها. انتهى عصر نوري المالكي الأسود بملايين النازحين والمهجرين الذين كانوا ضحايا حرب أهلية قُتل فيها الآلاف وبظهور داعش بعد هزيمة الجيش العراقي المخزية.
أما عصر حيدر العبادي فقد شهد تدمير واحدة من أعظم مدن العراق وهي الموصل وإبادة الآلاف من سكانها وظهور الحشد الشعبي التابع لإيران.
وها نحن اليوم نقبل على عصر عادل عبدالمهدي الذي يخبئ، بالتأكيد، كارثة عظمى ستصيب العراقيين في مقتل، كون بلادهم صارت في مرمى النيران الأميركية بعد أن جرى تسليمها إلى إيران.
من كل هذا يبدو واضحا أن العراق هو مجرد كرة يتداولها لاعبان، استسلما لشعورها بلذة إذلال الشعب العراقي وإهانته وخذلانه وسحق قيمه وشرذمة خبراته ووضعه تحت طائلة العقوبات الأبدية والحيلولة دون استعادته لشيء من عافيته. شعب مريض، لا شأن له سوى البحث عن مسكنات مؤقتة لألمه الذي صار واضحا أن لا أحد يعينه على معالجة أسبابه، في ظل قصوره الذاتي بعد أن تم إقحامه في كهف الطائفية المظلم.
الشأن العراقي كذبة يتم تداولها فمصير العراق كله لم يعد شأنا عراقيا.
3 بعد ان قُسِمٓت المناصب حسب المحاصصة في دولة العراق.. ترى ما هي حصة الشعب العراقي منها؟ د. سعد ناجي جواد
راي اليوم بريطانيا

الان وبعد ان اكتملت التسميات والاختيارات والترشيحات للمناصب الرئيسة الثلاثة، رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية وتكليف رئيسا للوزراء، وحسب اُسلوب المحاصصة المقيت، من حق العراقيين ان يسألوا عن ماذا سينوبهم من هذه التركيبة الجديدة التي ستبقى معهم وتدير بلادهم لمدة أربعة سنين قادمة. لقد اخذ بعض المحللين على عاتقهم مهمة زف البشرى للعراقيين بعهد جديد وبداية جديدة تبشر بالخير، وبانها بداية صحيحة وتبعث على التفاؤل . في حين ان اخرين بداوا بتعداد ايجابيات الشخصيات الثلاث وإمكانياتها وقدراتها على إنجاز مالم ينجزه الذين سبقوهم خلال اكثر من خمس عشرة سنة خلت. ونسوا بل وتناسوا ان هذه الشخصيات كانت جزءا من النظام الذي اوجده الاحتلال، وأنهم، اوعلى الأقل اثنين منهم، السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح ورئيس الوزراء المرشح السيد عادل عبد المهدي، قد تمت تجربتهم منذ بداية الاحتلال، ولم يظهروا أية قدرات على إنجاز ما يمكن ان يسجل في صالحهم ولمصلحة العراق اولتطوير حياة ابناءه. ربما يستطيع المسؤول الثالث رئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي ان يفخر بما انجزه خلال عمله كمحافظ لمحافظة الأنبار، ولكن مهمته كرئيس لمجلس النواب، السلطة التشريعية وسلطة مراقبة عمل الحكومة، هي اكبر من مهمته السابقة وتحتاج الى إمكانيات وقدرات مختلفة. كما نسى غالبية المتفائلين، اوتناسى بعضهم، حقيقة ان عددا لابأس به من اعضاء مجلس النواب، الذين صوتوا على هذه الأسماء، قد وصلوا عن طريق التزوير الكبير الذي شاب عملية الانتخابات الاخيرة، وان عدم أمانة بعضهم قد ظهرت في عملية انتخاب رئاسة المجلس. والامر الأهم ان الثلاثة قد نسبت اليهم تهم فساد، صحيح انها تهم وشبهات، وان القضاء لم يبت بها، ولكنها تبقى تهما حتى يصدر من القضاء قرارات تبرئهم منها.
على كل حال فان السادة الثلاثة لديهم فرصة جديدة لإثبات عكس ما قيل عنهم. انا لا اريد ان أكون متشائما قبل ان يبدأ المسؤولون الثلاثة ممارسة مهامهم الرسمية. وأحب ان أفكر ولكن بصوت مسموع، شأني شان اي مواطن عراقي بسيط، عن ما يجب ان يقدموه للشعب، وان يلتزموا بما وعدوا به في كلماتهم التي القوها بمناسبة تسنمهم مناصبهم. فالثلاثة اتفقوا على ان هناك فسادا كبيرا في العراق وأنهم مصممون على محاربته، وهذا شيء مفرح، خاصة وانهم يمتلكون من الصلاحيات ما يمكنهم من فعل ذلك.
فالسيد رئيس مجلس النواب يستطيع ان يفعل ذلك بسهولة في المجلس، الذي اثبت الغالبية العظمى من أعضائه السابقين بأنهم اثروا على حساب الشعب العراقي واستغلوا مناصبهم بصورة بشعة، وذلك عن طريق مراقبة النواب الحاليين، وان يسارع الى رفع الحصانة عن اي نائب يثبت تورطه في عملية فساد، اوعن اي نائب توجد عليه ملفات فساد سابقة سجلتها عليه اي جهة من جهات النزاهة. وان لا يعيده الى منصبه الا بعد ان تتم تبرئته من القضاء. وان يحرص على ان يكون المجلس مُراقِبا نزيها لعمل الحكومة ويبادر لمحاسبة اي وزير تثبت عليه تهمة الفساد، لا ان يتعامل مع من هم من كتلته بطريقة تختلف عمن اختلف معه. مثل هذا العمل فقط يمكن ان يكون البداية الصحيحة ويعطي مصداقية على وعده. اما السيد رئيس الجمهورية فلا يكفي ان يخبرنا بانه سيكون رئيسا لكل العراقيين، وهذا تصريح مفرح وجميل، ولكن عليه ان يطبق ذلك عملا، وان لا بجعل من رئاسة الجمهورية حكرا لمكوّن معين، سكرتاريةً ومتحدثين رسميين وغيرهم. وان يبادر الى تعيين عراقيين من مكونات اخرى الى جانبه، ويا حبَّذا لو اختار عراقيا تركمانيا وعراقيا مسيحيا من الاكفاء ليكونا على راس طاقمه الاداري والاستشاري. كما عليه ان لا يكون حبيس مكتبه، وان يذهب الى البصرة ونينوى اولا ليطلع على معاناة ابناءها ويحث ويراقب العمل على تحسين احوالهم، واحوال بقية المحافظات، اكثر مما يتردد على كردستان العراق. ان هذا العمل هوالذي سيجعل العراقيين يشعرون بانه رئيسا لكل العراقيين.
اما قوله بان سيلتزم بالدستور فهذا سلاح ذوحدين اذ ان الدستور الذي سيستند عليه هوسبب اغلب المصائب التي حلت بالعراق، ولا اريد ان اتحدث بتفصيل اكثر حول هذا الموضوع لاني اعتقد ان كلامي واضح، يكفي ان اقول ان قٓسٓمٓ رئيس الجمهورية المثبت في الدستور، والذي اداه السيد رئيس الجمهورية الجديد، خلا من عبارة (الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية)، ولوللإنصاف فانه قالها في كلمته بعد اليمين، في حين أكد القسم على كلمة الدولة الاتحادية التي قال عنها بعض القادة الاكراد بانها ثبتت عمدا وقصدا للانفصال عن العراق. اما السيد المرشح لمنصب رئاسة الوزراء فعليه اولا وقبل كل شيء ان يلتزم بالمذكرة التي وضع فيها شروطه للقبول بهذا المنصب، وهي ان لا يسمح للأحزاب ان تتدخل في اختياراته للوزراء الذين سيعملون معه، وان يعمل على حصر السلاح بيد الدولة، وان يقضي على المليشيات التي تمعن في ارهاب وقتل واختطاف المدنين الأبرياء.
ولكي يثبت للعراقيين انه جاد فيما ذكره في مذكرته فعليه ان يتوجه، وبأسرع وقت ممكن، الى السيد رئيس مجلس النواب طالبا منه رفع الحصانة عن النائب الذي قال عنه انه وقبل ان يؤدي اليمين الدستورية قام بالاتصال باحد المسؤولين طالبا منه المصادقة على عقود تحوم حولها شبهات فساد. ان عمل مثل هذا هوالذي يضفي مصداقية كبيرة على وعده بمحاربة الفساد وسيمثل البداية الصحيحة لعمله كمسؤول تنفيذي اول. وان يعتمد الكفاءة والنزاهة والوطنية والاخلاص للعراق في اختيار الوزراء العاملين معه. وأخيرا وليس اخرا فان السادة الثلاثة مطالبون بان يفكروا كعراقيين وان يعملوا كعراقيين وان يضعوا مصلحة العراق نصب اعينهم وليس مصلحة دول جوار اودولا إقليمية اودولية لا تريد خيرا للعراق. واذا ما فعلوا ذلك عند ذاك يمكن للعراقيين ان يتفاءلوا بهذه البداية. ارجوان يعذرني السادة الثلاث عن صراحتي، وأتمنى ان يتقبلوا كلامي كتذكير لهم بما وعدوا به خشية ان تنسيهم فرحة تسنم مناصبهم الكبيرة ذلك.
4 داعش “باقية وتتمدد” في إيران! فاطمة عبدالله خليل الوطن البحرينية

كشفت خارطة النفوذ العسكري عن سيطرة القوات السورية على منطقة اتخذها تنظيم داعش -في وقت سابق- معقلاً له، هذا وقد عمل النظام السوري على توسيع نطاق سيطرته ببادية السويداء على حساب داعش، إذ خسر الأخير مزيداً من مناطق النفوذ خاصته لتتقلص المساحة التي يسيطر عليها من «3.8%» الشهر الماضي إلى «2.4%». ويعني هذا زوال شعار «باقية وتتمدد» الذي رفعه تنظيم داعش فيما مضى. وداعش أو الدولة الإسلامية في العراق والشام تنظيم مسلَّح، يهدف لإعادة «الخلافة الإسلامية»، بسط نفوذه بشكل أساسي في العراق وسوريا، لكنه انهار منذ عام مضى لينهار معه شعار «باقية وتتمدد». لكن السؤال.. هل يقصد تنظيم داعش بالبقاء والتمدد إيران هذه المرة؟!!
في السابع من يونيو من العام الماضي، نفذ داعش هجوماً ضد البرلمان الإيراني وشنّ هجوماً آخر متزامناً معه على ضريح الخميني، إذ أسفر الهجومان عن مقتل 17 شخصاً وإصابة 40 بجروح. وفي الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي كانت عملية الأحواز التي تعد المرة الثالثة التي ينفذ فيها داعش هجومه بالعمق الإيراني، وأسفر عنها مقتل 30 فرداً أغلبهم من الحرس الثوري. وجدير بالذكر هنا أن لداعش ثأراً مع إيران، وليس لشيعية إيران وسنية التنظيم أي دخل في ذلك، فرغم أن داعش كان قد هاجم السنة أكثر مما هاجم الشيعة، بل إن داعش كان قد هاجم المسلمين ولم نجد له ثمة هجوم على إسرائيل..!!
من المهم القول أيضاً إن الثأر مع إيران يعود إلى فشل التحالف الدولي في إسقاط داعش إلى أن تدخل قاسم سليماني وقوات الحشد الشعبي محاصرين التنظيم بالموصل ما هيأ الفرصة لقوات التحالف بالقضاء عليه، يعني هذا أن مرجع الثأر مع إيران كامن في التدخل العسكري الطهراني في العراق وسوريا، ودوره في سقوط «دولة الخلافة». وظهر شعار «باقية وتتمدد» في إيران لكسب الشعبية في العالم العربي، وهز ثقة الشعب الإيراني في حكومته، لا سيما عقب عملية الأحواز التي خلفت جرحاً غائراً في حكومة روحاني التي لطالما تباهت بقدرتها على الحفاظ على استقرار إيران الداخلي وصد أي هجمات إرهابية تخترقه من حدودها مع العراق وأفغانستان، هذا فضلاً عن اقتحام برلمان وضريح وعرض عسكري على التوالي. ويمكن القول إن إيران قد أصبحت «هدفاً مشروعاً» لداعش بدليل العملية الأخيرة.
* اختلاج النبض:
إسقاط النظام الإيراني أصبح هدف داعش جرّاء سقوط «الخلافة» المزعومة، لكن داعش أعاد خلط الأوراق، فما يقوم به مؤخراً إنما يخدم أعداءه «أي أعداء داعش» الأمريكان، الذين دأبوا على هزّ عرش النظام الإيراني الطاغي، ويبدو أن داعش قد غفلت أيضاً احتمالية تشكيل تحالف عالمي لمقاومته كما فعل حين دعم الأسد.
5 عودة الهدوء إلى العراق د. عبدالله جمعة الحاج الاتحاد الاماراتية

بعد شد وجذب سياسي مطوَّل منذ انتهاء الانتخابات العراقية العامة لعام 2018، وعقد البرلمان لجلساته، تمكن البرلمان من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو برهم صالح مرشح حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وهو سياسي عراقي – كردي من مواليد السليمانية بشمال العراق وذو دور ناشط في الحياة السياسية منذ سقوط نظام «البعث» وتقلد مناصب قيادية، منها رئاسة حكومة إقليم كردستان، وقد حصل على عدد الأصوات المطلوبة وفقاً لنص الدستور البالغة 165 صوتاً من أصل 329 صوتاً هو عدد أصوات أعضاء البرلمان الإجمالي.
بهذا الانتخاب يكون العراقيون قد قطعوا شوطاً لا بأس به في طريقهم نحو حل المشكلة السياسية أو بالأحرى الدوامة التي يعيشها العراق منذ إجراء الانتخابات.
والواقع أن استقرار العراق السياسي أمر يهم كثيراً دول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت والبحرين، فبالنسبة لهذه الدول يشكل عدم الاستقرار في العراق منبعاً للقلق ولعدم الاطمئنان عليه كدولة عربية – خليجية متماسكة، خاصة أن الانقسامات فيه هي وفقاً لخطوط طائفية ومذهبية وعرقية خطيرة تهدد الدولة العراقية بخطر التشظي والانقسام إلى دويلات ضعيفة وفقاً لتلك الخطوط.
ولو حدث ذلك للعراق، فإن عرب الخليج العربي يعلمون بأنهم سيخسرون عمقاً استراتيجياً بعيد المدى وحليفاً مستقبلياً هو مفصلي في العلاقات العربية – العربية والخليجية – العربية، وبأن بقاء العراق بشكل مهلهل وبلا سلطة مركزية قوية وقادرة وحكومة وحدة وطنية يتفق عليها جميع العراقيين ويدعمونها بجميع مذاهبهم وطوائفهم وأعراقهم وأجناسهم، وتتكون من شخصيات نزيهة قادرة على القيادة هو أمر ليس في صالح العراق ذاته أو في صالحهم كدول محيطة بالعراق أو قريبة من حدوده جغرافياً.
إن الغريب في الأمر، هو أن هذه الأزمات السياسية باتت تتكرر وتضرب العراق بعد كل انتخابات عامة تجري منذ الغزو الأميركي، وبعد ذلك الانسحاب الأميركي المتسارع منه. لذلك فإن العراق يقف على مفترق طرق خطير لمنظومتين من الصراعات، هما داخلية وخارجية، ويتوجب على الساسة العراقيين حلها: داخلياً عن طريق الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وفرض الأمن والنظام بسلطة الدولة وقوتها، وخارجياً عن طريق العمل على إبقاء الفاعلين الإقليميين بعيداً عن الشأن العراقي الداخلي، خاصة إيران التي تغلغلت في الشأن العراقي حتى النخاع، مع العمل على إقناع منظومة شركاء العراق وحلفائه العالميين والإقليميين، وبالتحديد الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ودول الاتحاد الأوروبي بالقيام بدعم جهود العراق والعراقيين لإعادة اللحمة الوطنية إلى سابق عهدها وتحقيق الأمن والاستقرار في وطنهم.
إن خاتمة القول، هي أن الحلول لأزمات العراق تتحقق فقط بعمل وجهود العراقيين وحدهم إذا ما تآخوا وتآزروا واتحدوا وعادوا إلى طبيعتهم الأساسية التي تتمحور حول كونهم جميعاً عراقيين بغض النظر عن المذهب، أو الطائفة، أو العرق، أو اللون، أو المنطقة، أو القبيلة، أو العشيرة التي ينتمي إليها كل واحد منهم، أو كل ما يمكن أن يكون مفرقاً لهم ومخلاً بوحدتهم ولحمتهم الوطنية.
هذا هو المدخل الأساسي لعودة العراق إلى ما كان عليه قبل عام 1990.