6 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

1 شبه انتصار عراقي وشبه هزيمة إيرانية
خيرالله خيرالله العرب بريطانيا

من الصعب الدفاع عن الراحل صدّام حسين وعن الحرب التي شنّها ابتداء من الثاني والعشرين من أيلول- سبتمبر 1980 على إيران، وهي حرب لم تنته إلا صيف العام 1988 بعد خسائر ضخمة لحقت بالبلدين واضطرار آية الله الخميني، في نهاية المطاف، إلى تجرّع “كأس السمّ”.
من الواضح، بعد ثمانية وثلاثين عاما على اندلاع تلك الحرب العبثية، التي كشفت إلى أي حدّ كان صدّام متهورا وعلى غير معرفة بشؤون المنطقة وشجونها، أن ليس ما يشير إلى أنّ شيئا تغيّر أيضا داخل إيران نفسها. لم يتعلم العراق من تجارب حرب السنوات الثماني ودروسها، ولا يبدو أن إيران مستعدّة لأن تتعلّم على الرغم من شبه الهزيمة التي لحقت بها وشبه الانتصار الذي حقّقه العراق.
مع اندلاع تلك الحرب، كان العراق يقول إنها بدأت في الرابع من أيلول- سبتمبر 1980، في حين ترى إيران أنها بدأت في الثاني والعشرين منه، بهجوم برّي عراقي على محاور عدّة وبغارات على القواعد الجويّة الإيرانية لم تؤد النتائج المتوخاة.
كانت هناك تحرشات إيرانية بالعراق منذ انتصار “الثورة الإسلامية” بقيادة الخميني الذي رفع منذ البداية شعار “تصدير الثورة” من منطلق أن العراق، الذي فيه أكثرية شيعية، يعتبر الحلقة الضعيفة بين الدول القريبة من إيران. لم يكن مستغربا أيضا أن تصل هذه التحرّشات إلى محاولة اغتيال طارق عزيز بصفة كونه مواطنا مسيحيا وصل إلى موقع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في العراق. كان الهدف من محاولة الاغتيال هذه في جامعة المستنصرية التي سبقت الحرب الشاملة بين البلدين إظهار امتلاك إيران لعناصر موالية لها داخل العراق. عناصر قادرة على تنفيذ محاولات اغتيال تستهدف مسؤولا ينتمي إلى الديانة المسيحية، وذلك كي تظهر النظام في العراق، الذي كان نظريا بقيادة حزب البعث، في مظهر النظام الكافر.
ارتكب صدّام حسين بشنه حربا شاملة على إيران كلّ الأخطاء التي يمكن لرجل سياسي، يظنّ أنّه يعرف أيضا في العلوم العسكرية، أن يرتكبها. سمحت الحرب للنظام الجديد في إيران بإثارة الروح الوطنية الفارسية. كذلك، سمحت للخميني بإرسال الجيش الذي كان مشكوكا بولائه لـ”الجمهورية الإسلامية” إلى الجبهات بعيدا عن ثكناته في محيط المدن الكبرى. بدل أن تؤدي الحرب إلى إضعاف النظام في إيران، ساعدت في تقويته وفي تمكين المحيطين مباشرة بالخميني، من المؤمنين بقيام نظام “ولاية الفقيه”، من استبعاد كلّ من ينادي بجمهورية على النسق الحديث تعتمد دستورا مدنيا متطورا في ظلّ تعددية حزبية تسمح بالتداول السلمي للسلطة. باختصار، سمحت الحرب لأنصار الخميني بارتكاب كلّ المجازر التي أرادوا ارتكابها في حقّ معارضيهم من يساريين وعلمانيين وليبيراليين يؤمنون بقيام دولة حضارية.
بعد ثماني سنوات من حرب كانت أقرب إلى حرب الخنادق، أي إلى الحرب العالمية الأولى بين 1914 و1918، لم يدرك العراق أنه لم ينتصر ولم تعترف إيران بأنها هُزمت، لكنّ هزيمتها لم تكن كاملة، وأنّ إطالتها الحرب صبّت في إضعافها وإنهاكها هي والعراق في الوقت ذاته، فضلا بالطبع عن استنزاف ثروات دول المنطقة.
السلوك الإيراني لم يتبدل بعد انتهاء الحرب مع العراق على العكس من ذلك، زاد هذا السلوك سوءا خصوصا بعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة من أجل التخلص من صدّام حسين في العام 2003
لم يتعلّم العراق شيئا من الحرب. لم يستوعب أنّ المستفيد الأول منها كان غريمه البعثي الآخر حافظ الأسد الذي عرف كيف يستغلّ الفخ الذي أوقع الرئيس العراقي نفسه فيه كي يعمّق من تحالفه مع إيران ويزيد من قدراته على ابتزاز أهل الخليج في الوقت ذاته وزيادة نفوذه في لبنان.
لم يستوعب صدّام حسين في آخر الحرب لماذا اضطرت إيران إلى وقف القتال على الرغم من أن الخميني كان مصمما على الذهاب إلى النهاية في اقتلاع النظام العراقي. لم يعرف أن الفضل في ذلك يعود إلى عوامل عدّة، في مقدّمها أن دول الخليج دعمته. لكن العامل الحاسم كان القرار الأميركي بإجبار إيران على وقف الحرب مستخدمة وسائل مختلفة، آخرها إسقاط صاروخ انطلق من مدمّرة في الخليج اسمها “فينسنز” على طائرة ركاب إيرانية من طراز “آرباص” ومقتل جميع ركابها.
دفع صدّام حسين سريعا ثمن عدم تعلمه شيئا من حرب السنوات الثماني. ارتكب الخطأ القاتل المتمثل باحتلال الكويت في العام 1990. لا داعي إلى سرد الأحداث التي تلت تلك المغامرة المجنونة التي أوصلت العراق إلى ما وصل إليه الآن. في المقابل، لم تدرك إيران أن الولايات المتحدة كانت وراء الحؤول دون إلحاق الهزيمة الكاملة بها إنْ في عهد جيمي كارتر، الذي كان في نهايته لدى اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، أو في عهد رونالد ريغان الذي لم يتخذ في أي لحظة موقفا حازما من إيران. وصل الأمر بريغان إلى التغاضي عن تفجير مقر “المارينز” قرب مطار بيروت في تشرين الأوّل- أكتوبر 1983، على الرغم من معرفة إدارته بتفاصيل عملية التفجير تلك والدور الإيراني في التخطيط لها. فوق ذلك كله، تغاضت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل لإيران بأسلحة وقطع غيار كانت في أشدّ الحاجة إليها خلال الحرب.

يمكن إعطاء عشرات الأدلة على إصرار الولايات المتحدة على دعم إيران في مرحلة ما بعد سقوط الشاه. كان بوب إيمز المسؤول عن الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) أول من حذّر الإيرانيين في العام 1980 من أن صدّام ينوي مهاجمة إيران. من يريد معرفة المزيد عن هذا التحذير يستطيع العودة إلى كتاب “الجاسوس الطيّب” لكاي بيرد عن حياة بوب إيمز الذي قتل في تفجير السفارة الأميركية في بيروت في نيسان- أبريل 1983 والذي لم تكن إيران بعيدة عنه أيضا.
لم يتبدل السلوك الإيراني بعد انتهاء الحرب مع العراق. على العكس من ذلك، زاد هذا السلوك سوءا خصوصا بعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة من أجل التخلص من صدّام حسين في العام 2003.
من لديه أدنى شكّ في ذلك يمكنه الاستعانة بالكلام الصادر عن الرئيس حسن روحاني والذي يحذر فيه الولايات المتحدة من مصير صدّام حسين. جاء كلام روحاني في اليوم الذي كانت إيران تتذكر فيه بداية حربها مع العراق في 1980، وفي وقت كان هناك من يطلق النار على عرض عسكري في الأحواز أدى إلى مقتل عشرات من “الحرس الثوري”. من الواضح أن إيران لا تريد أن تتعلّم شيئا بعد ثمانية وثلاثين عاما من حربها مع العراق. لا تريد أن تعرف أن من أسقط صدّام حسين كان الولايات المتحدة وليس “الجمهورية الإسلامية” وأن إيران بعد تسعة وثلاثين عاما على سقوط الشاه ما زالت عاجزة عن التصالح مع نفسها. لا تزال إيران في حال هروب مستمرة إلى الأمام رافضة الاعتراف بأن ليس من حقها احتقار أهل الأحواز لمجرد أنهم عرب. هل من مستقبل لبلد يحتقر مواطنيه ويبحث عن قوى خارجية يلقي عليها مسؤولية ما جرى في الأحواز بدل أن يسأل نفسه لماذا لا يوجد في طهران من يريد استيعاب أن هناك الكثير مما يمكن تعلمه من حرب 1980 – 1988… بدءا بأنّ الولايات المتحدة ولا أحد غيرها كانت وراء الحؤول دون الهزيمة الكاملة لإيران في تلك الحرب!
2 هل من دواء للصراع بين المسلمين ابتداء من العراق ومرورا بالسودان وانتهاء بالسعودية؟ د. كمال الهلباوى
راي اليوم بريطانيا

من أخطر التحديات التى تواجة الأمة، وكل الأمم، يقفز إلى الذهن الصراع، سواء بين فردين أو أسرتين أو أبناء الوطن الواحد أو قطرين أو كان عالميا. وهذا الأسوأ ونتيجته محزنة للمهزوم أو المنتصر، لما يفقده الطرفان أو الأطراف وخصوصا من الدماء والقتلى أو الشهداء.
هناك من يقدر الصراع ويحسب له حساباته ، وهناك من يقدم عليه أو يقع فيه عنوة أو جهلا أو خبلا أو عبثا. زادت سوءات الصراع مع تقدم التكنولوجيا واستخدام أحدثها فى الصراع الظاهر أو الباطن، ومن لا يشترك فى الصراع مباشرة ويظن أنه قد نجأ يشعر على الأقل ، بعدم الاستقرار، ولا يهنأ بالعيش حتى بعد أن يضع الصراع أوزاره إن حدث.
توقفت أمام الصراع فى عدة بلدان كلها من بلاد المسلمين، وشاهدت عن قرب أطراف الصراع فوجدت عجباً!. الصراع أخطر من الأعاصير والرياح العاتية ومن أمواج المحيطات والبحار ،وأحيانا يكون أخطر من الرعد والزلازل لأنه من صنع أيدينا، وكثيرا ما يكون من قلة العقل وأحيانا ينغمس فيه من لا يشعر بخطورة نتائجه وخصوصا إذا أدمن الصراع.
البلدان المسلمة التى توقفت عندها لدراسة الصراع فيها أو معها هى، أفغانستان والسودان والصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر وتركيا وماليزيا والجزائر وتونس، ومؤخرا قطر والبحرين والسعودية والامارات وغيرها. بعض هذه البلاد حكمها الاسلاميون وشاركوا فى الصراع طوعا أو كرها، ويظل السؤال قائما، ماذا تغير فيها عندما حكمها الاسلاميون ؟.
شاهدت بل وشهدت عن قرب، بعض أحداث ووقائع الصراع (الجهاد) فى أفغانستان بل أهمها. وفرحت الأمة – فى معظمها بهزيمة السوفيات، وخروج الاحتلال وهزيمة الشيوعية. وحكم الاسلاميون أفغانستان ، سواء الشيخ مجددى فى الفترة الانتقالية لمدة شهرين بعد خروج السوفيات ثم برهان الدين ربانى رحمهما الله تعالى، ولم يتوقف الصراع، ولم تتوقف الصواريخ من بعض المجاهدين والشيوعيين على كابل – تنافساً على السلطة – حتى سقط حكم ربانى (المجاهدين ). وجاء طالبان الى الحكم، واستمر الصراع ولم يتوقف حتى اليوم . وأخطر ما فى الدور الأمريكى أنهم كانوا يخططون ويرتبون من الخلف لافغانستان، وفرضوا خطتهم فرأينا كرازاى رئيسا ثم أشرف غنى من خارج صفوف المجاهدين وطالبان، وإستمر الصراع الدامى حتى اليوم وغدا للاسف الشديد .
فى السودان – إختصارا- قامت ثورة الإنقاذ 1989 أو الانقلاب الاسلامى ضد حكومة منتخبة ديموقراطية برئاسة الصادق المهدى، وهو أيضا اسلامى، ثم استمر الصراع بين أطراف الأنقاذ أنفسهم، وحدثت مجازر دارفور وغيرها ووقع إنفصال الجنوب، كل هذا فى عهد الاسلاميين، واستمر الصراع ولايزال ولم يجتمع شمل الاسلاميين بعد.
أما الصراع الدامى فى العراق – حديثا منذ 1990– فقد بدأ مع غزو صدام حسين للكويت، ولم يكن صدام إسلاميا، وكان من نتيجة ذلك التدخل الامريكى والفتوى الشاذة من العلماء والشيوخ بالاستعانة بغير المسلمين لحماية الكويت، واخراج صدام حسين، فكان تدمير العراق ،ونقل السلطة الى الاسلاميين من الشيعة والسنة الذين حكموا وجاء بعضهم مع بريمر، ولم يتوقف الصراع حتى بعد أن غادر بريمر.
واستمر الصراع حتى اليوم، بل حتى بين بعض فصائل من الشيعة. الصراع على الحكم والسلطة والثروة. ماذا فعل الاسلاميون منذ خمسة عشر سنة فى العراق؟! للأسف شهد العراق دمارا وخرابا لم يلمسه من قبل حتى أيام صدام حسين كما يقول بعضهم اليوم.
كانت المغرب وخصوصا بعد رحيل محمد الخامس ، أقل صراعا داخليا، من غيرها من البلاد العربية ( وخصوصا شمال افريقيا) مثل الجزائر وليبيا وتونس. وفى السنوات العشر الأخيرة تولى الاسلاميون الحكم فيها، ويظل السؤال قائما ماذا تغير بالفعل من التحديات العديدة التى تواجه الحكومات فى تلك الدول مثل البطالة والانتاج والاستيراد والنهضة والخروج من التخلف والفساد والعنف الذى يقع أحيانا، رغم الهدوء والاستقرار النسبى فى المغرب.
أما الصراع فى السعودية فأمره عجيب، وخصوصا مع تولى الأمير محمد بن سلمان السلطة وليا للعهد فى عهد أبيه الملك سلمان الذى غير النظام التقليدى المعهود فى شأن ولاية العهد، وبدأ أخطر صراع داخل الاسرة المالكة منذ توليها الحكم ، وإنتهازها فرصة وجود الحرمين الشريفين تحت الادارة السعودية لتروج أنها الدولة الراعية للاسلام ،وأحيانا الدولة الوحيدة التى تقوم على الاسلام الصحيح وفق تصور الاسرة المالكة والعلماء الذين ساروا فى درب وفهم الشيخ ابن عبدالوهاب فقط لا غير.
ولما كان من سمات الصراع أنه يتسع بمرور الايام فى مثل هذه البيئات ، فقد اتسع الصراع ولم يقتصر فى السعودية على الأسرة المالكة بل شمل العلماء والأمراء المعترضين، وامتد الصراع إلى اليمن ، وبالتنسيق مع الامارات ، وامتد الصراع متمثلا فى حصار قطر الدولة الخليجية الشقيقة ،بل وكانت السعودية ، كما ذكرت المصادر الأمريكية الأعرف بما يدور فى السعودية ، على وشك غزو قطر كما فعل صدام مع الكويت لولا التدخل الأمريكى من جانب وزير الخاريجة السابق تيلرسون، الذى استطاع أن يوقف أو يؤجل هذه الخطة الخبيثة التى تزيد الصراع صراعاً والدمار دماراً. كل صراع له ثمن ، ويحصل عليه بلا تعب من يخطط له وليس من يقع أو يخوض فيه .
هذه بعض نماذج من الصراع، ولايزال الصراع مستمرا وكذلك فى الصومال حتى عندما حكمها الاسلاميون فى عهد الشيخ عبدالرشيد. أما فى مصر فلايزال الصراع مستمرا على جبهات عديدة، سواء إختلف أصحاب الصراع بشأن 30 يوينو أكان ثورة أم كان إنقلابا. وليس هناك من يدرى كيف يتوقف الصراع، أو من يعمل لذلك، مع علم الجميع أن المستفيد الوحيد منه هو الصهيونية واسرائيل والهيمنة والتخلف والفساد والارهاب. وقس على ذلك الصراع فى بقية البلدان مع إختلافات شكلية ونتائج دائما كارثية .
من مشاكل الصراع فى بلادنا أنه عندما يقوم أو ينشب، فإنه يتسع ولا يتوقف ، لأن التخطيط والمخطط للصراع أو المستفيد منه، هو الذى يعرف كيف ومتى يوقف هذا الصراع . والصراع باهظ التكاليف ومدمر، ونحن جميعا نرى ذلك – اسلاميون وعلمانيون -ونقع فيه، وأحيانا نتهم غيرنا ونبرئ أنفسنا . أليس عجيبا ان تستمر فتنة الصراع من آخر أيام الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم وأرضاهم حتى هذا اليوم متمثلا فى فتنة السنة والشيعة، رغم أن العدو الحقيقى فى النهاية لن يترك السنة ولا الشيعة.
فى الخاتمة نقول: هل يتعلم العرب والمسلمون المنغمسون فى الصراع، الحوار بدلا من الصراع. هل يتعلم العرب حتى من الكوريتين، تحاورا وتجاوزا الصراع وطلبت كوريا الجنوبية من أمريكا سحب قواتها وقواعدها العسكرية فأنقذت نفسها من الاستغلال الأمريكى وأنقذت كوريا الشمالية نفسها من المواجهة والابتزاز. وللحديث صلة. وبالله التوفيق
3 السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من مستقبل مجهول ومخيف د. محمد توفيق علاوي راي اليوم بريطانيا

قبل حوالي الأربعة اشهرالتقيت ضمن ندوة خاصة مع مجموعة من الاقتصاديين؛ مستشارون لرئيس الوزراء، وكلاء وزارات، أساتذة جامعات، كادر متقدم في مجال الاستثمار وغيرهم؛ وطرحت لهم الواقع التالي والحقته بالاستفسار منهم؛ فقلت: إن هناك توجهاً عالمياً متمثلاً باغلب الدول الأوربية وأميركا والصين والهند وغيرها من الدول لاستخدام الطاقة الكهربائية النظيفة والرخيصة لاستبدال الوقود السائل بالبطاريات لوسائط النقل من سيارات وشاحنات وغيرها ، وقامت هذه الدول بتشريع قوانين ملزمة بمنع تصنيع وبيع السيارات العاملة على الوقود اغلبها بحدود عام 2030، فجميع التقارير الاقتصادية العالمية في هذا المجال تشير إلى هبوط الطلب على النفط إلى اقل من النصف خلال بضع سنوات ( حيث ان 68٪ من الانتاج النفطي العالمي اليوم يستخدم كوقود للسيارات) وهذا الهبوط في الطلب سيؤدي إلى هبوط الأسعار بين 15 الى 25 دولار للبرميل الواحد استناداً الى الكثير من الدراسات الصادرة عن الكثير من مراكز الدراسات الاقتصادية العالمية؛ لقد كان الدخل المترتب من بيع النفط عام 2017 للموازنة العراقية حوالي 60 مليار دولار وهذا اقل ب 20 مليار دولار عن الحد الادنى المطلوب توفيره للموازنة (80 مليار دولار) فنضطر ان نستدين بحدود 20 مليار دولار سنوياً كما كان الامر للأعوام 2015 و 2016 و 2017لتغطية العجز في الموازنة، ولكن فضلاً عن واقع زيادة الدين العام نتيجة تراكم الديون الآن،فبعد بضع سنوات سيكون الوارد من النفط بحدود 15 مليار دولار سنويا استنادا للواقع أعلاه، اي سيكون النقص بحدود 65 مليار دولار، فما الذي أعددتموه لهذا اليوم الخطير والمخيف والقادم لا محالة؟
للأسف لم أجد اي جواب، فلا يوجد هناك اي تخطيط لمواجهة ذلك اليوم؛كما ان ما هو متعارف عليه على مستوى عالمي بالسياسة الاقتصادية نجده مفقوداً بشكل كامل من قبل هذه الفئة من الاقتصاديين، ولعل فيهم من عليه المعول لرسم خطوط السياسة الاقتصادية للبلد؛ لقد تحدث البعض منهم، فقالوا: الحل الأمثل هو الاستثمار؛ فقلت: نعم أؤيدكم في مقولتكم تلك، ولكن ما الذي فعلتموه في مجال الاستثمار؟ لقد اقمتم مؤتمراً للاستثمار في الكويت، فما الذي حققتموه من هذا المؤتمر؟قالوا: للأسف لم نحقق شيئاً، ولسببين؛ السبب الأول ان اغلب الشركات التي قدمت طلباً للاستثمار ليست بشركات رصينة، كما إن الذي يقدم طلباً للحصول على إجازة الاستثمار على سبيل المثال لا ينالها قبل اقل من ستة أشهر بالحد الادنى، الى سنة ونصف او أكثر، لذلك لا يوجد هنالك اندفاع للاستثمار في العراق من قبل المستثمرين من خارج العراق…….
ان أكثر دولة متميزة في مجال الاستثمار في العالم العربي هي الامارات العربية المتحدة وبالذات امارة دبي؛ بل لعل دبي هي المنطقة الاولى في العالم القادرة على تحقيق أكبر انجاز في استقطاب اموال الاستثمار من كافة انحاء العالم …..
كيف استطاعت دبي الوصول الى هذا المستوى؟ ما هي المقومات التي تملكها؟ ولو تمت المقارنة بين العراق ودبي، فما هي المقومات التي نفتقدها؟يمكن المقارنة بين البلدين من خلال ثلاث زوايا:
1.الانسان والسوق:نمتلك الانسان المثقف والمتعلم في العراق القادر على توفير كافة متطلبات الاستثمار في هذا المجال، فأعداد المهندسين والتقنيين المتخصصين في كافة المجالات تفوق ما تمتلكه دبي بمئات المرات، لذلك تضطر دبي إلى استيراد الانسان المثقف والمتعلم في كافة التخصصات من كافة انحاء العالم لمجاراة مخططات الاستثمار، كما يتوفر في العراق سوق استهلاكي لحوالي الاربعين مليون مواطن، اما سكان دبي فلا يتجاوز عددهم الربع مليون مواطن، وعدد الوافدين من غير المواطنين بحدود المليوني شخص، لذلك لا يمكن مقارنة سوق دبي بسوق العراق …
2.الطاقة والمعادن: لا تمتلك دبي الآن مصادر الطاقة النفطية أو الغازية (حيث النفط والغاز ينتج الآن فقط في امارة ابوظبي)، أما العراق فيعتبر الدولة الثانية في العالم من حيث الخزين النفطي فضلاً عن الغاز، كما تتوفر في العراق الكثير من المعادن لإنشاء مشاريع صناعية في الكثير من المجالات، كالفوسفات والكبريت والحديد والألمنيوم والنحاس والرصاص وكبريتات الصوديوم والكلس ورمل الزجاج (السيليكا) والفلس بار لصناعة السيراميك فضلا عن امكانية الصناعات البتروكيمياوية من النفط وغيرها
3.الماء والتربة والتنوع البيئي: مع قلة الماء الآن في العراق ولكن لا يمكن مقارنة نهري دجلة والفرات بمياه الخليج ذو الكلفة العالية لتحليتها،كما لا يمكن مقارنة تربة العراق الخصبة بالتربة الرملية لإمارة دبي، فضلاً عن التنوع البيئي الواسع في العراق، من السهول الى الصحارى إلى التلال الى الجبال والاهوار والبحيرات، هذا التنوع وفر بيئة سياحية فضلاً عن سياحة المدن الدينية وسياحة الآثار والمدن التاريخية، اما في دبي فهناك صحراء فقط، شديدة الحرارة اغلب أيام السنة وعالية الرطوبة لوقوعها على البحر
ولكن مع كل ذلك فالاستثمار في العراق شبه معدوم وفي تراجع مستمر والفرق الوحيد بيننا وبين دبي هو توفر البيئة الاستثمارية في دبي …..
فما هي البيئة الاستثمارية وكيف يمكن توفيرها؟
البيئة الاستثمارية غير موجودة في العراق لسببين، وهما:
1.القوانين والتعليمات والبيروقراطية:نحتاج إلى إعادة دراسة كافة القوانين والتعليمات لتسهيل الاستثمار والقضاء على البيروقراطية لتوفير بيئة استثمارية جاذبة، وفي الواقع فان هذا الأمر يمكن تحقيقه بكل سهولة؛ للأسف الحكومة تتصور أنهم لو استطاعوا إقناع الشركات العالمية في مؤتمر الكويت للاستثمار في العراق فقد حققوا المطلوب، إن المشكلة ليست في الخارج في مؤتمر الكويت بل هي بأيدينا في الداخل، في تغيير القوانين والتعليمات والقضاء على البيروقراطية …..
2.الفساد وفقدان الأمن: وهي الطامة الكبرى والعنصر الأول الذي يمنع المستثمرين العالميين من الاستثمار في العراق، فلا يمكن النهوض بالاستثمار قبل القضاء على الفساد وإعادة الامن، حيث أهم أسباب فقدان الأمن هو استشراء الفساد على كافة المستويات..
فإذا تمكنا من اجراء تعديلات على القوانين والتعليمات وأزحنا الفاسدين عن منظومة الاستثمار فيمكننا حينئذٍ توفير بيئة استثمارية جاذبة، ويمكن تحقيق مستوى أعلى من دبي في مجال الاستثمار لامتلاكنا للمقومات الأخرى المفقودة في دبي، ولكن ذلك الأمر يحتاج إلى فترات زمنية طويلة لإعادة الثقة العالمية بالاستثمار في العراق، فما الذي يمكن ان نفعله نحن لبلدنا لإيجاد نهضة حقيقية في البلد في اقل فترة زمنية في هذه الأجواء وضمن هذه الظروف قبل مجيء المستثمرين أو حتى في حالة عدم مجيئهم سواء من داخل او من خارج البلد…..
هناك ثلاثة أصناف من المشاريع، مشاريع صناعية ومشاريع زراعية ومشاريع خدمية سأتطرق اليها ببعض التفصيل لاحقاً، ولكن كيف يمكن توفيرالاموال لتحقيق نهضة اقتصادية، في هذه المجالات الثلاث بأقل فرصة زمنية ….
لقد كان هناك مؤتمر الكويت للاستثمار الذي فشل بدون تحقيق اي نتيجة، لقد قالوا ان المؤتمر وفر ثلاثين مليار دولار كقروض وبقيت هذه الأرقام حبراً على ورق ولم يتحقق اي شيء، واني استطيع ان أقول بكل ثقة لو ان المؤتمر قد حقق 100 مليار دولار كمنح فإني اعتبر الأمر غير مجدياً،حيث أننا حققنا لعدة سنوات موازنة سنوية فاقت ال 140 مليار دولار سنوياً ولم نستطع ان نوفر الكهرباء (الذي لا يحتاج أكثر من 17 مليار دولار لتوفير حاجة العراق من 23 الف ميغاوات، في حين انه تم صرف 47 مليار دولار للكهرباء ولم نحقق أكثر من 10 ألاف ميغاوات أضافي) فضلاً عن الفشل في توفير الماء الصالح للشرب في مدينة البصرة على سبيل المثال، وتوفير الامن والقضاء على البطالة وتوفير السكن وتحقيق الأعمار وأحداث نهضة صناعية وزراعية بسبب الفساد…..
إذاً كيف يمكن النهوض بالبلد؟استطيع ان أقول إن الحصول على الأموال هو العنصر الأسهل والأبسط في المعادلة، ان توفير المال لا يشكل أكثر من نسبة 5٪ كعائق، اما العوائق الأخرى فتشكل نسبة 95٪ وهي افتقادنا للبيئة الاستثمارية، فإننا نستطيع بكل سهولة ان نحصل على مئات المليارات من الدولارات لإحداث نهضة صناعية وزراعية وفي قطاع الخدمات ولكن ذلك يتطلب توفر شرطين؛ الأول توفير بيئة استثمارية كما ذكرنا والثاني عمل دراسات جدوى من قبل مؤسسات استشارية عالمية كبرى ومتخصصة في هذا المجال لمختلف أصناف المشاريع؛ حيث تتوفر في المصارف العالمية مئات المليارات من الدولارات الفائضة وهم مستعدون لتوفير اي مبلغ كقرض وبكل سهولة إذا كانت أرباح المشروع تغطي أقساط القرض وتغطي الفوائد اعتماداً على واقع البلد وعلى دراسات الجدوى الأنفة الذكر؛ ولا نخشى من مثل هذا القروض لإنها ليست تراكمية بل تغطي نفسها بنفسها مع تحقيق أرباح صافية كبيرة،اما الفوائد العالمية فتحتسب استناداً إلى المؤشر العالمي للقروض بين الدول بما يسمى بال (ليبور)
(LIBOR – London Interbank Offered Rate)
حيث الفوائد على القروض في مؤشر (ليبور) تتراوح بين 2٪ في السنة لفترة خمس سنوات إلى 3.5٪ في السنة لفترة 20 سنة، وكما هو معلوم فإن المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية، تتراوح فوائدها السنوية بين 20٪ الى 30٪ في الدول النامية كالعراق، وهذا يغطي الإقساط السنوية والفوائد ويوفر فرص العمل لملايين الشباب إن توفرت البيئة الاستثمارية وعملت دراسات الجدوى من قبل مؤسسات عالمية كبرى وتوفر الإخلاص في العمل وابعد المفسدون عن منظومة الاستثمار التي يجب تشكيلها لإنشاء هذه المشاريع، وشارك القطاع الخاص كمالك وكشريك أساسي في الإدارة وعرضت الأسهم للمواطنين كشركاء في الأرباح وفي اختيار الادارة، وأعطي العاملون في المشروع اسهماً في نفس هذه المشاريع …..
إن العراق يستطيع إن توفرت المتطلبات أعلاه ان يستقطب سنوياً بين خمسين الى مئة مليار دولار سنوياً لمثل هذه المشاريع، كما يمكن بكل سهولة الحصول على قروض بفوائد ميسرة منبعض الدول، بل ان بعض الدول لا تأخذ اي فائدة بالمرة إن تم استيراد مكائن المصانع منها كإيطاليا مثلاً؛ إن مثل هذا التوجه يمكن العراق خلال بضع سنوات من الاستغناء عن حاجته لموارد النفط، ويمكنه مواجهة اليوم الذي سيفقد فيه النفط قيمته الحالية، كما يمكن القضاء الكامل على البطالة، بل لعل البلد قد يحتاج الى العمالة الخارجية ان تحرك بالشكل الصحيح والمدروس حيث يمكن أحداث نقلة نوعية في البلد ونهوضه وتطويره وازدهاره خلال بضع سنوات …..
يمكن الاطلاع على مقابلة حية بشأن الموضوع اعلاه مع التطرق الى مساهمة العاملين في هذه المشاريع وذكر بعض المشاريع الصناعية وفي قطاع الخدمات
4 العراق إذ يغرق في دوامة الحروب الأهلية خالد غزال الحياة السعودية

كثر الحديث أخيراً عن أخطار انزلاق العراق إلى حرب أهلية مذهبية، بعد التظاهرات التي انطلقت في أكثر من منطقة عراقية، ضد الحكم القائم وضد إيران أيضاً، على قاعدة مطالب اجتماعية تتصل بتأمين الماء والكهرباء والخبز. والجديد في الحراك الأخير كونه انطلق من منطقة ذات طابع مذهبي شبه كامل، ذي طابع شيعي، اعتبرتها إيران قاعدة انطلاقها للهيمنة على البلد. بدا المشهد مقبلاً على حرب أهلية شيعية– شيعية، وهو ما استنفر القيادة الإيرانية بشكل مذهل، فانطلقت أبواقها منددة بالمؤامرة الأميركية– الإسرائيلية، التي تريد إخراج ايران من العراق.
في العودة إلى تاريخ العراق الحديث، يمكن القول انه كان يعيش دوماً حرباً أهلية، كامنة في مراحل معينة، ومندلعة ساخنة في مراحل أخرى. في العصور التي تلت انقلاب عام 1958، الذي انهى الحكم الملكي، خضع العراق لسلطات ديكتاتورية، حكمته بالدم والنار والقتل والسحل، ووحدت النسيج العراقي بالقوة. تحت هذا التوحيد كانت السلطات القائمة تمارس تمييزاً طائفياً قام في شكل خاص ضد المكوّن الشيعي، وإثنياً ضد الأكراد في شكل خاص وسائر المجموعات الموجودة على أرض العراق.
تكرّس هذا التمييز طوال حكم البعث الذي استمر إلى عام 2003 زمن الاحتلال الأميركي. غلّفت السلطات الديكتاتورية سلطتها بخطاب أيديلوجي سمته القومية العربية والوحدة واستعادة فلسطين. ساعد هذا العامل الايديولوجي الممزوج بالقمع العاري، في منع التنافضات من الانفجار على السطح.
تشكل مرحلة الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 تاريخاً مفصلياً، ما يزال يلقي بثقله على البلد حتى اليوم. بمجرد انهيار حكم البعث، انفجرت التناقضات العراقية الكامنة أصلا. واندلع صراع كان في بعض طروحاته الأيديولوجية يستعيد صراعاً بين الفرق الإسلامية في الزمن الغابر، صراع حول الخلافة، مقترناً بصراع على الموارد. استعيدت طروحات ترى ضرورة الثأر عن خلاف عمره 1400 سنة، يريد أصحابه تسويته الآن. لعب الاحتلال الأميركي دوراً مركزياً في تأجيج هذه الصراعات وإدارتها. وهو مهد لها في الأصل عبر حل الدولة العراقية، سواء عبر تسريح الجيش أو الإدارات. كما رعى الاحتلال إنشاء ميليشيات مذهبية تقوم بعمليات االثأر ومصادرة الأملاك وتهجير السكان، في إطار سياسة تعيد تركيب البلد في مناطق طائفية صافية، قدر الامكان. وتلك سياسة بدأت عام 2003 ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
لم تكن الولايات المتحدة وحيدة في تأجيج نار الحرب الأهلية، بل دخلت ايران، ومنذ اليوم الأول للاحتلال وعلى حاملة الدبابات الاميركية، لتقطف ثمار الاحتلال. كانت إيران ولا تزال صاحبة مشروع يقوم على إلحاق العراق بها، خصوصاً أنه المدى الحيوي الأهم لها. في بلد عادت أقسام واسعة من مكوناته قروناً إلى الوراء لتتموضع في زمن حروب القبائل على السلطة والموارد، أتى المشروع الإيراني ليلهب هذا الحنين إلى الماضي، ويشحنه بقوة أيديدلوجية ومادية مسلحة. دخلت إيران إلى جميع مرافق الدولة واستولت على معظم مفاصلها، من العسكرية والأمنية والاقتصادية والمالية… وغيرها. مارست سياسة احتلال وقهر حقيقيين ضد العراقيين، ولم تأخذ في الاعتبار وجود حساسيات قومية. فالعراق، ذو الأصل العربي والمشبع بعروبته يواجه القومية الفارسية المحكومة بعقدة خسارة امبراطوريتها عل يد العرب في القرون الغابرة. وهو ما جعل العراقيين، خصوصاً من أبناء الطائفة الشيعية مذهولين من الممارسات الإيرانية ضدهم وبالجملة. أما سائر المكونات العراقية من سنية وكردية ومسيحية، فحدث ولا حرج عن الاضطهاد والتهميش لها. هذا الواقع دفع الصراعات الأهلية خطوات متسارعة.
شكل احتلال «داعش» لمناطق عراقية، خصوصاً الموصل، محطة نوعية في تعميق الصراع الأهلي. كان «داعش» صنيعة النظام العراقي والإيراني على السواء. وكان له مهمة تدمير مناطق محددة في العراق ذات طابع مذهبي محدد، يرى فيها النظام الايراني والقوى الصاعدة في العراق خطراً سياسياً وديموغرافياً على المشروع الطائفي المذهبي لنظام طهران. تم تسهيل احتلال هذه المناطق من قبل الحكومة العراقية بقيادة رجل طهران نوري المالكي. وبعدها، جرى التهويل بدور «داعش» في امكان احتلال البلدان العربية واقامة الخلافة عليها، ما استدعى تحالفاً دولياً بقيادة الولايات المتحدة لإنهاء موقع هذا التنظيم الإرهابي الذي تشاركت قوى اقليمية ودولية في رعايته.
عامل إضافي لعب دوراً ولا يزال في إغراق العراق بدوامة الحرب الأهلية، إنه القوى السياسية التي استولت على الحكم في العراق وحكمته برعاية اميركية وإيرانية. أثبتت هذه القوى انعداماً في الاهلية السياسية والوطنية.
تواطأت مع الاحتلالين الأميركي والإيراني في نهب ثروات العراق، ومنع إعادة إعماره، وإهمال الخدمات الضرورية لسكانه، بحيث استشرى الفساد في شكل رهيب، لم يعرفه العراق يوما في حياته على هذا المثال، حيث يكثر الحديث عن البلايين المتراكمة لهذا السياسي او ذاك.
لذا لم يكن غريبا ان يتصدر شعار محاربة الفساد ضد الجميع من القوى، رأس المطالب في الحراك الاخير. لم يكن للاحتلالين أن ينجحا في الهيمنة والعبث بموارد البللاد وإفقار العراق، لو لم يتأمن لأميركا وإيران هذه الممرات والقنوات الداخلية.
إذا كان المشهد العراقي يتوقف اليوم على استعادة إيران النفوذ وتركيب السلطة لصالحها، بعد الحراك الأخير، فإن هذا المشهد يبقى رجراجاً ومحكوماً بالتطورات المقبلة على صعيد الصراعات بين القوى السياسية.
بعد الحراك، تسود حملة اعتقالات ضد المتظاهرين، كما تنفّذ تصفيات جسدية. والحشد الشعبي، وهو ميليشيات تقودها إيران، أعلن عن تجنيد عشرة ألوية للوقوف وفي وجه التظاهرات ضد إيران. هي مؤشرات دالة لا تبشر بسلم أهلي قادم بمقدار ما توحي بتجدد للحرب الساخنة.
5 «انتخابات شو!» مشرق عباس الحياة السعودية

عرض البرنامج الكوميدي العراقي «البشير شو» صورة عن جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي التي أجريت قبل أيام داخل أروقة المجلس، ليكشف من خلال التدقيق في تفاصيل عملية الاقتراع «السري» عن ممارسات غريبة مثل تصوير نواب ورقةَ الاقتراع الخاصة بهم، وتجول قرابة 5 نواب في الأقل لمراقبة نمط تصويت زملائهم، والضغط عليهم بطريقة مباشرة لانتخاب مرشح معين، ناهيك بالفوضى وتصويت نواب أكثر من مرة!
مضى الأمر، لأنه يمثل في الذاكرة العراقية صورة مستنسخة لـ «الاقتراع النموذجي»، مقارنة بمستويات عالية ومباشرة من الضغط والتأثير والتهديد وشراء الأصوات التي تشهدها الانتخابات العامة في العراق، وهذا ما جعلها عقيمة في نتائجها، وعرضة لمقاطعة شعبية متصاعدة.
القضية لا تخص حصراً محاولة نواب يميلون إلى مرشح معين لرئاسة البرلمان، التأثير في مسار الاقتراع وسط ضعف إدارة رئيس السن، وافتقاره إلى الموقف الحاسم لمنع الفوضى، وربما لم تكن نتائج التصويت لتتغير كثيراً من دون اللجوء إلى هذه الممارسات المهزوزة، بل تتعلق بالثمن الذي يدفعه الشعب العراقي نتيجة الطعن بمغزى الانتخابات وغاياتها، وهي المكسب المفترض الوحيد من «الديمقراطية» التي جردت من كل سماتها الأخرى في التجربة العراقية. وهذا الثمن باهظ، وكان من بين نتائجه فشل الحكومات والممثليات التي أفرزتها الانتخابات في إقناع الأهالي بشرعيتها، وهي تتعرض كل يوم إلى التشكيك والتنكيل والاتهام وحرق المقار الحزبية، على غرار أحداث الجنوب العراقي الأخيرة.
ولو أن الأحزاب والقوى التي وصلت إلى مواقعها عبر آليات وقوانين انتخاب معترض عليها شعبياً، قد اهتمت بتنفيس الغضب الشعبي عبر اختيارات موفقة لهيئاتها الحكومية ورئاساتها لكان في الإمكان تصور منجز في الإمكان الدفاع عنه، لكنها تسعى كما يبدو إلى المجازفة بإشعال السخط، ومواجهة الشارع، بصلافة لا يمكن حتى الصمت عنها.
وقد طرح منذ اليوم الأول لإغلاق صناديق الاقتراع وسط حملة تشكيك واتهامات غير مسبوقة، مقترح تشكيل حكومة مهنية من خارج الأحزاب، تكرس اهتمامها خلال فترة انتقالية معلومة إلى تطوير العملية السياسية والتأسيس لخريطة طريق قانونية قابلة للتطبيق يمكنها إقناع الجمهور المقاطع والناقم بجدوى العملية الانتخابية.
لكن مسارات انتقال السلطات ابتداء من فوضى البرلمان، لا تنبئ باحتمال تحقق هذا الهدف الذي تبناه المرجع الديني الأعلى علي السيستاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وعدد كبير من الشخصيات الفكرية والثقافية والاجتماعية والفاعليات الشعبية على امتداد العراق.
قررت الأوساط الحزبية ابتداء، أن الترحيب الشعبي الاستثنائي الذي تلقاه ترشيح السياسي الكردي برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، ليس بذي قيمة، وأن رغبة العراقيين في رئيس قادر على مساعدة الحكومة لتجاوز محنة البلد، ليست أولوية، وأن على الجميع القبول مجبرين، بما يفرض عليهم من سلة «المحاصصة الحزبية» التي تدار في غالبيتها خارج البلد.
ومن ثم تمضي تلك القوى نفسها إلى التعاطي مع مطالب الناس بحكومة قادرة على النهوض بالبلاد من وضعها الاقتصادي والخدمي والقانوني المزري، عبر لعبة التسويف، والمراوغة، وجس النبض، وصولاً إلى ترشيح قادة الأحزاب والفصائل المسلحة وأصحاب الشركات الحزبية وزراء للنفط والمال والبلديات والكهرباء والصناعة، وتسريب قوائم هنا وهناك تمهيداً لإعلان الحكومة الجديدة!
لا أحد يمكنه أن يتكهن في شكل دقيق بمآلات مسارات العراق وسط هذه العنجهية الحزبية، لكن الأمور لا تتجه إلى منطقة آمنة، فالأحزاب لا تريد خسارة أي جزء من مكاسبها المالية ولا التضحية بجزء من نفوذها وسطوتها للمصلحة العامة، بل وتستعد كما يبدو إلى مواجهة دموية مع الشارع، فتدرب مجموعات مسلحة على التصدي للتظاهرات المتوقعة، وترفع عمولاتها في صفقات الدولة، ولن تتوانى عن اتخاذ الصراع الإقليمي والدولي مبرراً لضرب الأمن السلم الاجتماعيين!
6 التقرير الأميركي عن الإرهاب جهاد الخازن الحياة السعودية

أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي عن أعمال الإرهاب حول العالم عام 2017، تشير فيه إلى 8584 عملاً إرهابياً العام الماضي قتِل فيها أكثر من 18700 شخص ربعهم من الإرهابيين.
السفير ناثان سيلز المسؤول عن مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية قال إن الحوادث الإرهابية العام الماضي كانت 27 في المئة أقل منها في 2016، ومن أهم الأسباب تحسن الوضع الأمني في العراق.
التقرير يشير إلى أن أكثر من نصف العمليات الإرهابية في العالم كان مسرحه أفغانستان والهند والعراق وباكستان والفيليبين، إلا أن 70 في المئة من القتلى في العمليات الإرهابية كانوا في أفغانستان والعراق ونيجيريا والصومال وسورية.
الوضع الأمني في أفغانستان يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، والجماعات الإرهابية هناك كثيرة منها شبكة حقاني، وقد نفذت هجمات كثيرة من معاقل للإرهابيين في باكستان ما زاد حدة التوتر في العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد.
الدول التي ترعى الإرهاب، وفقاً للتقرير الأميركي، هي إيران وكوريا الشمالية وسورية والسودان، فلا أستبعد أن تتحرش الولايات المتحدة عسكرياً بإيران قريباً.
طبعاً الولايات المتحدة تركز في الشرق الأوسط على إيران وتتهمها بالاعتداء على حكومات بلدان حليفة لواشنطن مثل أفغانستان والبحرين والعراق واليمن.
التقرير يفيد بأن إيران خسرت كثيراً من قدرتها على الإرهاب بعد تقلص المساحة التي تسيطر عليها في العراق وسورية، إلا أنها تمارس الإرهاب عن طريق أفراد يؤيدونها، وقد وقعت أعمال إرهابية لهؤلاء في مانشستر بإنكلترا وبرشلونة في إسبانيا ونيويورك.
وجاء فيه أيضاً إلى جماعات مثل بوكو حرام في غرب أفريقيا والجيش الجمهوري الإيرلندي في إيرلندا الشمالية وجيش محمد في باكستان وكذلك الأشقر الطيبة.
طبعاً تقرير أميركي لا يمكن أن يهمل حماس وهو يزعم أنها تسعى لإعادة بناء قدرتها العسكرية لمهاجمة إسرائيل. كانت إدارة ترامب أوقفت كل المساعدات للفلسطينيين، بما في ذلك التعليم والمستشفيات، ولعلها تعتقد أن الفلسطينيين سيقبلون عرضها السلام مع إسرائيل، وهو عرض إسرائيلي لا يمكن أن يقبل به فلسطيني أو عربي أو مسلم.
العالم في وادٍ ودونالد ترامب في وادٍ آخر، ووزير خارجية إسبانيا جوزف بوريل قال إن ترامب اقترح عليه أن تبني إسبانيا جداراً في الصحراء الغربية في أفريقيا. بوريل قال في جلسة عامة إن ترامب قارن بين الوضع في شمال أفريقيا والوضع في الشرق الأوسط بالوضع على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وعندما اقترح بناء حائط في الصحراء قال له بوريل إن الوضع مختلف جداً عنه في المكسيك ورد ترامب معارضاً وقال إن جداراً في الصحراء لا يمكن أن يكون أطول من جداره المقترح على الحدود مع المكسيك.
إسبانيا تعاني مع تدفق اللاجئين من أفريقيا بعد إغلاق ممر لهم من ليبيا إلى إيطاليا. قرأت أن إسبانيا استقبلت حوالى 33 ألف لاجئ حتى الآن عام 2018، أو ما يعادل ثلاثة أضعاف مَنْ استقبلت في الفترة ذاتها من العام الماضي. اللاجئون لا يذهبون إلى إسبانيا للإقامة فيها وإنما هم يتطلعون إلى إكمال هجرتهم شمالاً إلى دول أوروبا الغربية القادرة على استيعابهم.
وأختتم بداود كتّاب، الصحافي والمفكر الفلسطيني، فجريدة «واشنطن بوست» نشرت له مقالاً يؤيد وقف دونالد ترامب تمويل برامج للتعاون بين الفلسطينيين وإسرائيل. لا أعتقد أن ترامب يريد شيئاً غير إرغام الفلسطينيين على قبول إسرائيل في أرض فلسطين كلها أو الهجرة إلى خارج بلادهم. ترامب نصير الإرهابي بنيامين نتانياهو فيجب أن يعامله الفلسطينيون كما يعاملون حكومة الإرهاب والقتل والاحتلال في بلادهم.