4 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 العدالة الانتقالية في العراق… متى يكون الشهيد إرهابيا؟ هيفاء زنكنة
القدس العربي

ما هو عمر العنف في العراق؟ لا اتحدث هنا عن عراق سومر وامبراطوريات بابل وآشور، وبني العباس، بل العراق الحديث، عراق تأسيس الدولة. كيف نعَرف العنف ونصنف ضحاياه اذا اردنا تأسيس هيئة للحقيقة ورد الاعتبار؟ هل هو عنف الدولة ضد المواطنين أم هو عنف الحكومات المباشر، أو غير المباشر، من خلال عدم مساءلة مرتكبي العنف من قوى غير حكومية، تنشط بغياب الدولة؟ كيف بامكاننا تحديد الحقبة التي يتوجب مراجعتها، وهناك اجماع على الاختلاف، الاختلاف حتى حول تعريف الاحداث الحاسمة في تاريخ البلد؟ فما يراه البعض ثورة يراه آخرون انقلابا، وما يراه البعض رد فعل حكومي رادع ضد من يستهدف أمن الدولة، يراه آخرون جريمة نكراء بحق الشعب، ناهيك عمن هو الإرهابي أو الشهيد.
من أين نبدأ اذا ما أردنا توثيق الحقيقة ورد الاعتبار لضحايا العنف والانتهاكات؟ ما هي نقطة البدء التي تقود إلى التخلص من الاحساس بالظلم، وما يترتب عليه من مظلومية ورغبة بالانتقام، لتقودنا إلى المصالحة بمعناها الانساني ؟ هل نبدأ من العهد الملكي الهاشمي عام 1921 أم من العهد الجمهوري في ثورة ( يسميها البعض انقلابا) 14 تموز/ يوليو 1958؟ نبدأ من حكم حزب البعث الأول عام 1963 أو القومي 64 أو البعث الثاني 64 ـ 2003؟ أو نكتفي بالتوثيق والمطالبة بتعويض البلد وأهله منذ غزوه واحتلاله عم 2003 حتى يومنا هذا؟
كل حقبة زمنية مر بها العراق منذ تأسيسه كدولة، تركت ضحايا ظلم بجروح لم تندمل. والمصيبة الاكبر ان نزيفها لم يتوقف بعد رحيل حامليها بل ورثتها الاجيال التالية، بعد ان حفرت في النفوس وتعمقت وباتت محملة بصديد الانتقام. هل نبدأ من العهد الملكي؟ من ضحايا الانتفاضات والاضرابات ضد الاحتلال البريطاني، اعدام قادة الحزب الشيوعي والاعتقالات؟
من سحل مسؤولي العهد الملكي في 14 تموز/يوليو أو سحل واعدامات القوميين، من قبل شيوعيين، بعد ذلك بشهور في الموصل وكركوك خصوصا؟ من محاولة اغتيال رئيس الوزراء عام 59 من قبل البعثيين وما تلاه من تصفيات لهم، إلى انقلاب (يسميه البعض ثورة) 8 شباط / فبراير 63 الذي قاموا خلاله بتصفية كل من اشتبهوا بانه حاول تصفيتهم من الشيوعيين؟ هل نبدأ بالعهد البعثي الثاني وتصفياته التي بدأت داخل الحزب نفسه، وعائلة أمين عام الحزب، وانتهت بابعاد من اطلقت عليهم اسم «التبعية» لأيران، وتصاعد عمليات حزب الدعوة الإرهابية (يسميها البعض استشهادية)؟ أم نترك هذا كله، ونبدأ منذ عام 2003، عام الغزو والاحتلال الانكلو ـ أمريكي (يسميه الشيوعيون تغييرا والاحزاب الإسلامية الحاكمة تحريرا)، الذي تسبب بوفاة ما يزيد على المليون مواطن، وتهجير اربعة ملايين، وتخريب مدن بكاملها، وتوفير البيئة لإرهاب الدولة والقاعدة وداعش والميليشيات؟
هل حالة الهياج والهستيريا وسحل الجثث هي بداية العنف ام انه تأسيس المجموعات المسلحة خارج سلطة الدولة على غرار المقاومة الشعبية في 1958 (الشيوعية) ام الحرس القومي في 1963 (البعثي)، او ميليشيات، ما بعد الغزو، التي يزيد عددها على 40 ميليشيا، أو منظمات القاعدة والدولة الإسلامية (داعش)؟ ماذا عن إرهاب قوات الغزو والاحتلال وقوات التحالف الدولي والقوات الإيرانية ؟
ومن هم الضحايا الذين يستحقون رد الاعتبار والكرامة وجبر الضرر؟ الشيوعي ام البعثي ام القومي أو الإسلامي، أو المبعد بحجة التبعية أو الكردي، حسب تصنيفات ما قبل الغزو، أو السني والمسيحي والايزيدي والشيعي، حسب انشطارات ما بعد الغزو؟
على الحكومة العراقية، الوطنية، المستقلة، ذات السيادة، المؤمنة بتحقيق العدالة لكل مواطنيها، مواجهة شبكة التناقضات هذه، كلها، حين تتخذ قرارا بتأسيس هيئة أو لجنة أو مؤسسة من اجل الحقيقة والمصالحة. النقطة الايجابية انها ليست الاولى من نوعها، بالعالم، لذلك بامكانها البناء على نجاحات تجارب شعوب، أخرى، وتجنب اخفاقاتها. هناك تجربة جنوب أفريقيا في تأسيس «لجنة الحقيقة والمصالحة» لكتابة التاريخ اعتمادا على قصص الضحايا، غطت فترة تقارب خمسة عقود، تحت نظام الفصل العنصري (ابارتايد). حيث قدم أكثر من عشرين ألف شخص شهاداتهم، وطلب سبعة آلاف مسؤول العفو. وتم في الارجنتين تشكيل اللجنة الوطنية للتحقيق في شأن الأشخاص المفقودين التي نجحت في التحقيق بجرائم أرتكبت، منذ ثلاثين عاما، وتم تقديم المسؤولين إلى القضاء، ورصدت تعويضات للضحايا.
عربيا، لدينا تجربة المغرب، حيث تم انشاء المجلس الاستشاري لحقوق الانسان عام 1990 للنظر بحالات الاعتقال والاضطهاد والتعذيب منذ استقلال البلاد عام 1956، ومن ثم وضع آلية لتعويض ضحايا الانتهاكات. وفي عام 2004، تم إنشاء «هيئة الإنصاف والمصالحة « التي تحملت مسؤولية الكشف عن الحقيقة حول الانتهاكات السابقة وتقديم التعويضات للضحايا وعائلاتهم وتقديم توصيات للحيلولة دون حصول انتهاكات لحقوق الانسان مجددا. وعقدت جلسات استماع علنية للاستماع إلى روايات الضحايا ولإثبات الحقيقة عن حالات عديدة من الاختفاء القسري. ولكن، لم يمنح الضحايا الحق في الإفصاح عن أسماء الجلادين الذين تغيبوا عن الجلسات، ولم تعقد أية محاكمة لهذا الغرض. وعاشت تونس تجربة تشكيل «هيئة الحقيقة والكرامة»، بمسار توثيق قضايا الضحايا، وجلسات الاستماع العلنية، والنجاح بتقديم عدد من القضايا إلى المحاكم.
الملاحظ في هذه التجارب، انها توخت، بعد تبني اسلوبها الخاص في التطبيق، «تحديد المسؤوليات وإرساء العدالة وتحقيق المصالحة»، كما في تعريف الأمم المتحدة للعدالة الانتقالية، تغطية انتهاكات حقب زمنية طويلة وتحت انظمة متعددة، منذ الاستقلال، في حالتي المغرب وتونس. كما ركزت على مسؤولية الحكومة، الحالية، أيا كانت، في وضع حد للانتهاكات، واصلاح المؤسسات، وشملت بتعريف «الضحية» كل شخص تعرض للانتهاكات.
أما ما جرى، بالعراق، سواء تحت الاحتلال المباشر او غير المباشر، فكان ولادة مشوهة لمفهوم العدالة، بكل المستويات. حيث أقتصر تصنيف «الضحية» على من عانى تحت نظام البعث، فقط، وتم تبني تصنيف «الشهيد» لضحايا الحقبة، نفسها، مما حرم عوائل آلاف الشهداء ممن ضحوا بحياتهم في الحرب العراقية ـ الإيرانية من حقوقهم. واذا كان التعويض المادي واحدا من آليات تحقيق العدالة الا انه ليس العامل الاول والأخير، كما حدث، بالعراق، اذ تم القفز على كل الآليات، والاكتفاء بتنفيذ آلية التعويض المادي المشروط بالحصول على تزكية أحد احزاب السلطة. الأمر الذي سبب، ولايزال، الحاق المزيد من الضرر بالضحايا، واستمرارية روح الانتقام، بدلا من تحقيق العدالة وجبر الضرر.
2 تشكيل الكتلة الاكبر لحكم العراق السيناريو المقترح للقضاء على المحاصصة د. محمد توفيق علاوي راي اليوم بريطانيا

هناك محورين سياسيين من الكتل الفائزة، كل محور يحاول ان يجمع حوله اطرافاً اخرى لتشكيل الكتلة الاكبر؛ محور النصر وسائرون، ومحور الفتح ودولة القانون؛ وهناك اتفاق ضمني بين المحورين ان الفائز بأغلب المقاعد سيشكل الحكومة، والطرف الآخر سيكون في المعارضة. اي بمعنى ان الحكومة ستتألف من الاغلبية البرلمانية والمعارضة ستتألف من الاقلية البرلمانية؛
وهنا يمكن ان يثار تساؤل، هل هذا السيناريو سيقضي على المحاصصة ؟؟؟
هذا السيناريو يتمثل بتشكيل الحكومة من قبل مجموعة من الاحزاب السياسية التي تمثل الاغلبية البرلمانية؛ وهذا يعني بالضرورة محاصصة بين هذه الاحزاب ضمن الكتلة البرلمانية الاكبر.
ما هي تبعات تشكيل هذه الحكومة ؟
المشكلة كانت في السابق وستكون في المستقبل هي الخشية من فساد الوزراء، فهل هذا السيناريو سيقضي على ظاهرة فساد الوزراء ؟؟ الجواب وبكل ثقة : كلا؛
فإذا افسد وزير فسيتم غض الطرف عنه من قبل الاغلبية على مبدأ ( اسكت عن فساد وزيري فأسكت عن فساد وزيرك )؛ ولكن هنا يمكن ان يقال: إن هناك معارضة في البرلمان وهي التي ستصحح مسار الحكومة؛ ولكن هذه المقولة يرد عليها بان هذه المعارضة ستكون اقلية في البرلمان، وبالتالي لا تستطيع هذه الاقلية اتهام الوزير واتخاذ اي اجراء بحقه إذا ما افسد، فالأغلبية الحاكمة ستقف الى جانب الوزير الفاسد في التصويت على اي اتهام يوجه للوزير من قبل الاقلية المعارضة، والنتيجة الغاء قرار اتهام الوزير ليس من منطلق الحق والباطل، بل من منطلق ( المحاصصة ).
قالوا: سنضع برنامجاً حكومياً متكاملاً سيمنع الحكومة من الافساد ويزيد الرقابة ويدفع الحكومة لتحقيق انجازات، وبخلافه ……….
في الحقيقة يمكن تدوين برنامج لنظام الحكم ومسيرة الدولة وتحقيق انجازات عظيمة على مستوى الاداء الحكومي وأداء الوزارات وتطوير البلد وتقدمه وازدهاره إذا ما نفذ هذا البرنامج، ولكن اقول وللأسف الشديد هناك خطورة من ان يتحول هذا البرنامج إلى مجرد حبر على ورق، كالبرامج السابقة، إن لم تتحقق اربعة مواصفات في رئيس الوزراء وجميع الوزراء، وهي:
مواصفات رئيس مجلس الوزراء والوزراء
النزاهة والاخلاص
الكفاءة
الشجاعة والاقدام
عدم الخضوع لإرادة الاحزاب السياسية او الاجندات الخارجية؛ وهذه الفقرة يمكن تعريفها بالاستقلالية؛ ولكن لا تعني الاستقلالية ان لا يكون الشخص محسوباً على احدى الجهات السياسية، بل تعني ان لا يخضع لإرادة هذه الجهة او الحزب او الجهات والاحزاب الاخرى من اجل مصالح خاصة، كما في نفس الوقت لا يعتبر الوزير التكنوقراط المرشح من قبل جهة سياسية مستقلاً، بل ان مجرد ترشيحه من قبل حزب او جهة سياسية سيكون ولاؤه لها، بل سيكون ضعيفاً ويستمد قوته من اسناد الجهة التي رشحته، ( إلا إذا كان ترشيحه غير مباشر كترشيح السيد الصدر للمرحوم مهدي الحافظ لتشكيل لجنة لترشيح وزراء تكنوقراط عام 2016 )، وسيكون هذا الوزير مرغماً على الاستجابة لمتطلبات الجهة التي رشحته وإن كانت مطالبها تتعارض مع مصلحة البلد، لأنه بخلافه ستسحب تأييدها عنه مما يؤدي الى فقدانه لمنصبه.

السيناريو المقترح للقضاء على المحاصصة
السيناريو المقترح لتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة ممكن ان تقود البلد الى التطور والتقدم والازدهار تكون باجتماع المحورين المذكورين اعلاه ؛ محور النصر وسائرون ومحور الفتح ودولة القانون ومن ثم الانتقال الى الفضاء الوطني بدعوة جميع القوائم الفائزة وهكذا ستتكون الكتلة الاكبر من جميع الكتل وتكون مسؤوليتهم جميعاً ترشيح اسم شخص ليتولى رئاسة مجلس الوزراء، وذلك ممكن ان يتم بطرح اسماء المرشحين لرئاسة مجلس الوزراء ومن ثم اختيار رئيس الوزراء الذي تنطبق عليه المواصفات اعلاه وينال تصويت اغلبية اعضاء مجلس النواب.
يقوم رئيس مجلس الوزراء المرشح بترشيح كابينته الوزارية بمفرده فقط من دون تدخل اي جهة ومن دون ترشيح اي شخص لأي منصب من قبل اي حزب او مجموعة سياسية.
هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن فيها تشكيل حكومة بعيدة كل البعد عن المحاصصة، ومن ثم يتم التصويت على الوزراء الذين تتوفر فيهم الشروط الاربعة المذكورة اعلاه. وفي هذه الحالة يمكن ان يعمل رئيس مجلس الوزراء مع كابينته الوزارية كفريق متجانس ومتفاهم، وهذه الحالة الوحيدة التي ستكون مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولية تضامنية حقيقية.
الدور الرقابي للبرلمان
لتحقيق الدور الرقابي الحقيقي للبرلمان يجب في كل اسبوع ان يستضاف احد الوزراء في مجلس النواب ليتحدث عن شؤون الوزارة وعن انجازاته والمعوقات التي يواجهها وامكانية تعاون مجلس النواب مع الوزير لتذليلها، كما يقوم مجلس النواب بالاستفسار من الوزير عن اخفاقات الوزارة وتلكؤها ومن هو المسؤول عن ذلك وللمجلس الحق في توجيه النقد إلى الوزير عن اي عجز في أدائه؛ إن قوة الوزير في حواره مع اعضاء مجلس النواب يعتمد على ثلاثة عناصر لا رابع لها، الاول نزاهته واخلاصه في عمله، والثاني كفاءته والثالث انجازاته ولا يمكن ان يعتمد على اسناد اي جهة سياسية له في مجلس النواب خلاف الحق.
وإن صار لدى مجلس النواب قناعة بفقدان الوزير لواحد من العناصر اعلاه فله الحق ان يسحب الثقة من الوزير؛ كما يجب استضافة رئيس مجلس الوزراء مع كابينته الوزارية كل ستة أشهر لنفس الغرض. فضلاً عن ذلك فبعد نهاية كل سنة يتم تقييم اداء جميع الوزراء بطريقة علمية من قبل لجنة تشكل لتقييم الاداء الوزاري من فريق من المستشارين ووزارة التخطيط والرقابة المالية وهيئة النزاهة ويتم اقالة ومحاسبة كل وزير مقصر في أدائه.
الفئة السياسية المتصدية اليوم امام مفترق طرق خلال الاسابيع القادمة
الخطوط العامة لهذا الطرح من دون التفاصيل التي ذكرت في تصوري هي الطريق الوحيد للقضاء على المحاصصة، وبخلافه فالطريق الآخر هو استمرار الحال للسنين الاربعة القادمة كما كان الحال في السنين السابقة ومعناه تكالب الاحزاب السياسية على الوزارات وانغماسها مرة اخرى في الفساد للحصول على الاموال والامتيازات بطرق العمولات والتحايل والمكر وترك المواطن في المستقبل كما ترك سابقاً من دون خدمات ومن دون امن ومن دون عمل، لا يحصل على لقمة العيش إلا بجهد جهيد، ومن دون امل بالمستقبل؛ فإني لا استبعد في هذه الحالة حصول ثورة جماهيرية كبرى على كامل الطبقة السياسية في المستقبل القريب ولا استبعد ان تنقلب المنطقة الخضراء ودوائر الدولة ومجالس المحافظات على رؤوس ساكنيها، ولا استبعد ان تتكرر احداث مشابهة لإحداث عام 1958 بحق الطبقة السياسية ؛ فقد ورد عن الامام علي عليه السلام : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه …..
أنى اضع هذه المقترحات تحت يد المتصديين من السياسيين لتشكيل الحكومة المقبلة لعلهم يأخذوا بها او ببعضها من اجل تقديم مصلحة البلد والمواطن على مصالحهم الخاصة، وبخلافه سيغرق البلد في اتون بحر من الفوضى والاضطرابات وسيتعرض المفسدون بل لعله كامل الطبقة السياسية من دون تمييز إلى ردة فعل عظيمة من قبل المواطنين في المستقبل القريب؛ ولات حين مناص …….
3 هل هلال الحكومة العراقية الجديدة رسل جمال راي اليوم بريطانيا

يتزامن هلال عيد الاضحى المبارك هذه السنة مع ولادة و ميلاد لحكومة عراقية قادمة, بدأت توضح ملامحها, بعد مخاض عسير أستمر لأشهر مضت, بين مباحثات ومداولات, واخذ ورد لم يسفر عن شيئ يذكر سوى, تحديد بعض النقاط التي اتفق عليها رؤساء الكتل الفائزة, منذ البداية وهي ان شكل الحكومة هذه المرة سيكون مختلف عن اخواتها السابقات.
(القدر ما بيقعد غير على ثلاث) مثل قديم يقٌال للأمر الذي لا يستقيم الا اذا وضعنا له دعامة او قاعدة ثلاثية, يمكنه الاستقرار عليها بشكل جيد, كذلك العملية السياسية العراقية لا تستقر الا بوجود دعامات ثلاثية تستند اليها, وهي الدعامة السنيةو الكردية والشيعية, اما باقي المكونات فلا يمكن انكار وجودها, لكن بواقعية اكثر فان وجودها برتكولي اكثر من كونه وجود مؤثر في العملية السياسية.
انه ثالثوت طائفي قومي لامهرب منه, والمشهد السياسي العراقي لا يشهد استقراراً الا بوجود هذا الثالوث !
اما الدعامة السنية والكردية فقد كانتا اكثر من استثمر الوقت ورتبا اوراقهما مبكرا وحسما أمريهما وشروط بتحالفات واضحة وضعت لها ورقة عمل تحمل شروط لرئيس الوزراء القادم, وكل ما عليه ان يضع سقوف زمنية للوفاء بها, او تقديم ضمانات لتنفيذها, وعلى الرغم من عملية هذا الاجراء, الا انه يخلو من ورح المشاركة وعمل الفريق الواحد, فكما هو متعارف عليه ان الحكومة انما هي توليفة من مختلف الاطياف, اي ان المكون السني الذي الذي يريد ان يلزم الحكومة القادمة بقائمة شروط, نسى انه سيكون جزء فاعل بهذه الحكومة وعليه , فهو يلزم نفسه بنفسه بتلك الشروط اولاً وقبل اي طرف اخر.
اما الدعامة الثالثة ( الشيعية) فهي الاكثر تشعباً وتشابكاً, وذلك بسبب وجود شخصيات او لنقل حزب يريد توريث منصب رئيس الوزراء!
ضارباً بعرض الحائط نتائج الانتخابات الاخيرة, والتي افرزت قوى سياسية جديدة,جديدرة بالتصدر وتسمية رئيس الوزراء من بين صفوفها, لذلك نادت تلك الاطراف لأجتماع حاسم, يخرج بنواة أولية لتشكيل الحكومة, ففي خضم هذه الارهاصات والتطورات في الاحداث, كل ذلك يدفع بأتجاه ولادة حكومة عراقية جديدة, لكن ولادة حذرة, تاخذ بعين الاعتبار الاجهاضات السابقة !
الشارع اليوم بحاجة لحكومة وطنية 100% قاطعة كل خيوط التدخلات الخارجية, حكومة ذكية تسخر ما يحدث حولها لصالح المواطنين فالعراق اليوم امام فرصة ذهبية لانعاش الصناعةو الزراعة, في ظل (الازمة الايرانية الامريكية) خصوصا وان الجارة ايران كانت تغرق السوق العراقية بمختلف السلع, الجيد منها والردئ العراق اليوم , يستحق (حكومة مجدولة), حكومة جادة بوضع مشاريع على قائمة مهامها, وتلزم نفسها بسقف زمني لتنفيذها.
يرى بعض الشخصيات السياسية, ان تربع البعض على كرسي رئاسة الوزراء لدورات متتالية, هي من يعيق حركة عجلة المؤسسة الحكومية, وهي احدى اسباب الفساد السياسي والاقتصادي , لذلك لابد من اجراء عملية تجميلة سياسية شاملة.
المواطن اليوم لا تعنيه تلك التفاهمات ولا تلك الاجتماعات, جٌل ما يعنيه وما يريده هو توفير خدمات, بغض النظر عن من يقدم تلك الخدمات,فالنضوج السياسي للشارع اليوم يجعل منه ورقة ضغط ومراقبة, ونقطة قوة كبيرة يحسب حسابها السياسين.
4 صدام وإيران و الأسد والخليج (4) باسل محمد السياسة الكويتية

من العام 1991 ولغاية سقوطه العام 2003، واصلت الدولة السياسية في العراق برئاسة صدام حسين، تعبئتها العسكرية وأسست جيشين،”جيش القدس” وهو رديف للجيش الشعبي الذي شارك في غزو دولة الكويت، اضافة الى “جيش فدائيي صدام”، وهي عبارة عن قوة عسكرية مدربة على حرب العصابات وليس الحروب التقليدية، كما استمر الحشد السياسي والمعنوي في صفوف حزب البعث، ومناهجه بأن هناك كرة ثانية لغزو الكويت.
أخطر من ذلك، كانت التحليلات السياسية السرية داخل صفوف حزب البعث تتحدث عن فكرة في غاية الخطورة، وهي الأتفاق مع ايران لتقاسم السيطرة على الخليج، بمعنى أن نظام صدام فكر جدياً في التواصل الستراتيجي مع النظام الأيراني لتهديد دول الخليج العربية قاطبة وليس الكويت فقط.
بغض النظر، عن ان ايران ستقبل أو ترفض، لكن النظام العراقي السابق سعى الى هذا الخيار وأتخذ خطوتين مهمتين لذلك:
الاولى: التقارب مع نظام الرئيس حافظ الأسد، وتبادل السفراء بين بغداد ودمشق أواخر تسعينات القرن الماضي. وكانت المعلومات في نطاق ضيق داخل دوائر القيادة السياسية العراقية تتحدث عن دور سوري محتمل لتحقيق تقارب بين العراق و ايران.
الثانية: التقارب بين العراق و ايران، وفتحت الحدود بينهما لجهة منفذ المنذرية بمحافظة ديالى بأتجاه بلدة خانقين الحدودية (شمال شرق بغداد)، وشكل البلدان لجنة مشتركة لتأمين زيارات ايرانية للمواقع الدينية في مدن كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية ببغداد.
كما أن نظام صدام لوح للأيرانيين بورقة “مجاهدي خلق”، هي منظمة معارضة للنظام الأيراني، والتي سمح لها صدام بالتواجد على الأراضي العراقية وساعدها بالأموال والسلاح طيلة حربه مع ايران بين عامي 1980 و1988، وكان مستعداً، اي صدام، أن يقايض أيران سياسياً بهذه الورقة مقابل مكاسب تتعلق بمشكلات العراق مع الخليج والكويت بخاصة.
وفق كلام مسؤول في “مجاهدي خلق” التي كان مقرها في ساحة الأندلس وسط بغداد، ويدعى “نعيم” قال:” ان سقوط صدام لمصلحة “خلق” رغم أنه مشكلة لنا لأن من سيأتي بعده في الحكم هم حلفاء لأيران، وسيحاربوننا”.
ثم أضاف:” كان صدام يفكر ويخطط بأستعمال “خلق” لتقارب مع ايران على حساب الخليج”.
السؤال: هل كان صدام بالفعل يخطط لتقارب عراقي- ايراني بدعم سوري في حينه لمواجهة الخليج من الناحية السياسية والتضييق الثلاثي: صدام والأسد الأب وعلي خامنئي على المصالح الأمبريالية الأميركية في المنطقة؟
من الناحية الستراتيجية، يبدو التقارب بين العراق وايران وسورية في وقته، شبه مستحيل لكن كثير من المعطيات على الأرض لا تستبعد مثل هذا التقارب، فأيران لديها مشكلات عميقة مع السعودية والخليج على خلفية حرب الثمانية أعوام مع العراق، ووقوف الخليج مع صدام، كما أن ايران لديها مشكلات قوية مع مصر، أما الأسد الأب، فكانت مشكلاته مع السعودية في لبنان، حقيقية لأن الرياض كانت تعارض التحالف السوري- الأيراني في لبنان، وظهور “حزب الله” اللبناني كقوة عسكرية طائفية.
في حين أن نظام صدام حسين، وفي ظل عقوبات دولية قاسية، كان مستعداً أن يتحالف مع الشيطان، وليس ايران والأسد فقط، لكي يخرج من العقوبات وبالفعل، الزوار الأيرانيون الشيعة، شكلوا مصدراً للعملة الصعبة للنظام العراقي وخرقاً للعقوبات.
كما أن دمشق وبغداد كانتا تدرسان اعادة تشغيل خط انبوب النفط العراقي الممتد من حقول كركوك، شمال العراق الى ميناء بانياس بمحافظة طرطوس السورية على البحر الأبيض المتوسط.
السؤال: هل كان الخليج العربي، لديه معلومات عن ان صدام يتقارب مع الأسد الأب والنظام الإيراني وأن تهديد الخليج اكتمل بالفعل، تهديد عراقي- ايراني مزدوج؟
ايضاً السؤال الأكثر أهمية: ماذا كان يريد صدام من تقاربه مع ايران والأسد؟
بالطبع، نظام صدام سوف يحسن من وضعه الداخلي بعد تحسن علاقاته الأقليمية مع أعداءه التقليديين: ايران ونظام حزب البعث ، فرع سورية بقيادة الأسد الأب.
كما أن صدام ربما يستعمل التقارب مع الطرفين وسيلة ضغط على دول الخليج العربي لقبول صلح وازالة الحصار عنه، وبالتالي اعادة انعاش نظام حكمه المخنوق.
السؤال الآخر: هل ايران والأسد كانا مع اسقاط نظام صدام أم لا؟
بالنسبة لأيران، صحيح ان من وصل الى السلطة في العراق بعد سقوط النظام العراقي هم حلفاء ايران، لكن هذه الميزة تمت بوجود قوة عسكرية أميركية جبارة على الأراضي العراقية، وهذا لازال غير مريح وغير مطمئن لطهران، كما أن ايران لا يمكنها أن تتقبل وجود هذه القوة الجبارة على حدودها، رغم أنها كسبت نفوذاً، لكن يبقى نفوذها تحت رحمة دولة عظمى مثل الولايات المتحدة.
بالنسبة لنظام الأسد الأب: أيد التقارب مع عراق صدام لحين وفاته العام 2000، واستمر أبنه بشار الأسد على السياسة نفسها، أي التقارب وتوثيق الصلات مع بغداد، وبعد اجتياح القوات الأميركية للعراق العام 2003، لم يخف الأسد الأبن دعمه للمقاومة العراقية، حتى أنه استقبل أجنحة من حزب البعث العراقي، وكانت سورية ممراً لكل من يريد أن يجاهد في العراق ضد الأميركيين بعلم السلطات السورية، وكانت ايران تدعم المقاومة الشيعية من الجهة الأخرى، بمعنى كان نظاما خامنئي والأسد يتقاربان مع نظام صدام، وكانا مستعدين لأي سيناريو لسقوطه.
كل المعلومات من داخل العراق في حينه، تؤكد أن نظامي سورية وايران لم يكونا مع سقوط صدام، ولم يشاركا في ذلك، وكانا يتقارب بجدية مع بغداد لأن تقاربهما افضل لهما، بدليل أن سورية دخلت في حرب أهلية على خلفية الوضع في العراق والأرهاب، وهي معرضة للتقسيم وايران دخلت في دوامة عقوبات وسياسات احتواء أميركية بعد مرحلة التخلص من صدام.
على الأرجح، هذه النتائج ربما كانت محل بحث بين سورية الأسد وايران خامنئي وعراق صدام قبل سقوط الأخير، بمعنى كانت تعي هذه الأطراف الثلاثة ان دور كل منهما مقبل بشكل أو اخر.
نعم، نظام صدام كان من العام 1991 ولغاية 2003 يعبىء القوات العسكرية وشعبه لحرب جديدة يشنها على الكويت، وربما تكون هذه المرة على السعودية والكويت لأن بعض الأراء المتداولة في دوائر حزب البعث كانت تردد ان الخطأ الذي ارتكبه صدام في العام 1990 هو أنه غزا الكويت فقط، ولم يغز المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية معها.
بحسابات عميقة، سقوط نظام صدام حسين في العراق، أزال احد التهديدين على الخليج العربي والكويت، وهو التهديد العراقي بزعامة صدام وقد جاءت محله، عملية سياسية عراقية جديدة معارضة تماماً لأي مشكلات مع الكويت والجيران جميعاً، وهي سياسة خارجية محترمة، لكن بقي تهديد آخر والذي تحول حروبا بالوكالة ضد دول الخليج، كما حاصل في اليمن، اي التهديد الأيراني، وهو يتحرك في الوقت الحالي بأتجاه العد التنازلي لسببين:
1- احتجاجات الشعب الأيراني على أوضاعه الأقتصادية.
2- السياسات الأميركية الجديدة بتعزيز العقوبات المالية والأقتصادية ضد نظام خامنئي، وربما تأتي نهاية هذا التهديد بالمدى المنظور أو القصير.